منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية من إعداد د. لوني نصيرة

منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية من إعداد د. لوني نصيرة

منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية من إعداد د. لوني نصيرة
من إعداد : د. لوني نصيرة

منهجية التعليق على الأحكام والقرارات القضائية

مقدمة :

من بین أهم الأعمال التطبیقیة التي یجب أن یقوم بها الطالب الذي یدرس القانون، هو التعلیق على القرارات والأحكام القضائیة، وأن مثل هذا التمرین مفیدا جدا للطالب، وإذ یساعده على تطویر فكره وفق منهج تحلیلي و نقدي، ویسمح له باستیعاب الاستدلالات العامة ویفهم المشاكل المطروحة یومیا في حیاته العملیة ویعوده على كیفیة تحریره استنادا على الأحكام، خاصة على الأسلوب القانوني الذي ینفرد به، وكذلك كیفیة تنظیم دفاع المتخاصمین وتقدیمهم للأدلة والحجج والدفوع الشكلیة والموضعیة ،یتعود الطالب كذلك على فرز الوقائع وتكییفها قانونا، وكذا طرح المشاكل في قالب قانوني واضح.
والمقصود بالتعلیق على حكم أو قرار قضائي هو كل نزاع یعرض على الجهات القضائیة یؤدي إلى تحلیل مسألة قانونیة وعلیه فان منهجیة التعلیق على قرار أو حكم قضائي تتمثل في دراسة نظریة و تطبیقیة في آن واحد.
ولكي یكون التعلیق على الحكم أم القرار سلیما یجب أن یكون الباحث ملما أساسا بالنصوص القانونیة التي تحكم النزاع.
مما سبق تثور الإشكالیة التالیة: ما هي البیانات التي تتوافر في الحكم أو القرار القضائي،و ما هي المراحل التي یمر بها التعلیق ؟
للإجابة على ما تم طرحه،یقتضي الأمر منا التطرق إلى أمرین أساسیین :
- أولا: فهم كل الجوانب المتعلقة بالنزاع المطروح من وقائع وادعاءات، وحجج، والحلول التي اعتمدها القضاة، لأن الفهم الجید لوقائع النزاع یعني سهولة تكییفها قانونا، وفهم الادعاءات ومزاعم المتخاصمین یساعد على حصر وضبط بدقة المشاكل القانونیة، أما الحل القانوني، فانه یكشف عن موقف القاضي من الخلاف القائم بین المتخاصمین.
- ثانیا: تقییم الحل الذي انتهى إلیه القاضي والتعقیب علیه، والمراد بهذا هو مناقشته والتعقیب على رأي القاضي في ضوء الآراء الفقهیة المختلفة، وكذلك الأحكام القضائیة خاصة ما هو صادر من المحكمة العلیا، التي نذكر أن من بین مهامها الأساسیة مراقبة تطبیق القانون من قبل المحاكم والمجالس القضائیة والعمل على توحید الحلول القضائیة بمختلف الجهات القضائیة، كما یمكن في بعض الحالات الاستعانة بالفقه والقضاء المقارن
  • تحتوي الأحكام أو القرارات القضائیة على أربعة أجزاء رئیسیة :

1- الدیباجة : التي تشمل عبارة 'باسم الشعب الجزائري'، كما تشمل على اسم المحكمة أو المجلس مصدر الحكم أو القرار، وأسماء الخصوم وصفاتهم و مواطنهم وأسماء القضاة و عضو النیابة و كاتب الجلسة.....الخ
2- الوقائع: وهي تتمثل في تلخیص الوقائع التي أثارت النزاع بین الأطراف، كذلك ذكر كل الإجراءات التي سبقت عرض النزاع على المحكمة الحالیة، وتعرف على أنها الأحداث التي أدت إلى نشوب النزاع أي الواقعة بین الطرفین والتي لا كلاهما فیها (سبب النزاع).
3- الحیثیات: وهي تتمثل في تسبیب الحكم أو القرار من قبل القاضي و ذكر السند القانوني الذي اعتمد علیه من اجل النزاع.
4- المنطوق : وهو النتیجة النهائیة التي یصل إلیها القاضي في حكمه أو في قراره الذي یصدره حول النزاع، و یبدأ بعبارة ''و لهذه الأسباب''.
منهجیة التعلیق (عناصره)
  • بعض الملاحظات المنهجیة حول خطة التعلیق على حكم أو قرار قضائي :

تتضمن المراحل التالیة :
 - الوقائع
 - الإجراءات
 - الادعاءات
 - المشكل القانوني
 - الحل القانوني
 - وضع خطة التعلیق
أ- الوقائع :
هي كل الأحداث التي أدت إلى طرح النزاع أمام القاضي و یجب فقط على الطالب ذكر الوقائع المهمة التي أثارت النزاع و تجنب ذكر حیثیات القرار.
یتم استخراج الوقائع وفقا للتسلسل الزمني وحسب وقوعها و ترتیبها بشكل نقاط.
الابتعاد عن افتراض وقائع لم تذكر في القرار ویجب تكییف كل الوقائع تكییفا صحیحا.
ب-الإجراءات: هي المراحل القضائیة المختلفة التي مر بها النزاع على المستوى الهیئات القضائیة، الإداریة...إلى غایة صدور القرار محل التعلیق وهذه المراحل تتمثل فیما یلي:
1- دائما ترفع الدعوى أمام الجهة القضائیة المختصة
2- قد یستأنف الحكم الصادر من طرف المحكمة الابتدائیة أمام المجلس القضائي من طرف المستأنف ضد المستأنف علیه ویصدر المجلس القضائي قرارا یؤید فیه حكم المحكمة السابق أو یلغیه أو یقوم بتعدیله .
3- یحق لمن صدر القرار ضده الطعن أمام المحكمة العلیا و یسمى طالب الطعن بالنقض (الطاعن) في حین یسمى الخصم بالمطعون ضده.
ج- الادعاءات : یتمثل هذا العنصر في طلبات و ادعاءات الخصوم وكذلك الحجج والبراهین القانونیة التي یدافع بها كل طرف على طلباته وهي مجموعة الأسانید التي یتم إعتمادها بنسبة لكلا طرفي النزاع من أجل الاثبات، وغالبا ما نجدها في العبارات التالیة: (حیث صرح...، حیث إدعى...، حیث زعم ...، حیث إستند.. ونجده أیضا في عبارة عن الوجه المأخوذ...).
د- المشكل القانوني: یتمثل هذا العنصر في الإشكالیة أو مجموعة من الإشكالیات المطروحة أمام القضاة، والتي یجب علیهم الفصل فیها ونصل إلى معرفة المشكل القانوني انطلاقا من :
- من استدلالات القضاة.
- من الحل القانوني الذي یصل إلیه القضاة و هي الحیثیة الأخیرة.
و یطرح المشكل القانوني بصیغة استفهامیة انطلاقا من القرار المطلوب التعلیق علیه كما أنه یجب تجنب الأسئلة النظریة، كما یجب ان یطرح المشكل بدقة حتى یتجنب الطالب أمورا نظریة و یتقید بجوهر النزاع.
مثلا: إذا كان القرار یتعلق : بالغلط لا یمكن أبدا طرح السؤال على هذا الشكل: ما معنى الغلط.
ویجب أن یكون المشكل القانوني عاما شاملا وغیر مركبا أي بسیطا.
ه- الحل القانوني: هي الحیثیة الأخیرة والتي نجدها قبل عبارة... و لهذه الأسباب، ومن أجلها في الجزء الأخیر من القرار، وهو القرار الذي قضى به القضاة المحكمة العلیا وهو منطوق القرار.
مع صیاغة الحل القانوني بشكل واضح و مختصر، مراعیا الأمانة و الموضوعیة في بیان الحل القانوني.
و- خطة التعلیق: لا یمكن إطلاقا القیام بالتعلیق على حكم أو قرار قضائي بعد كتابة الخطة.
یجب وضع خطة تكون مناسبة للإجابة عن المشكل القانوني و التي تستلزم أن تكون نظریة و تطبیقیة في نفس الوقت بمعنى إعطاء معلومات نظریة و إسقاطها على قضیة الحال. مع مراعاة الشروط المنهجیة و ضرورة الإلمام بالموضع من اجل التوصل إلى معطیات علمیة و قانونیة تضع لنا حلا للمشكل الذي أثاره النزاع من جهة و من جهة أخرى تبین مدى إلمام الطالب بالجانب النظري و قدرته على التحلیل و التطبیق في أي إشكال قانوني كان.
یجب تجنب العناوین النظریة مثل قولنا :
المبحث الأول: مفهوم المحل
المطلب الأول: شروطه
المطلب الثاني: مشروعیته
- لانقسم الخطة بحیث یخصص المبحث الأول للقسم النظري و المبحث الثاني للقسم التطبیقي و إنما یجب أن تكون كل العناوین تطبیقیة انطلاقا من الحكم أو القرار المطلوب التعلیق علیه.
  • موضوع التعلیق:

- یقوم الطالب بالتعلیق على الحكم أو القرار القضائي انطلاقا من المعلومات النظریة التي تلقاها ویرى مدى تطبیقها على أرض الواقع لذلك لایمكن للطالب أن یحسن التعلیق إلا بعد إدراكه التام بكل المعلومات النظریة الذي یدور حوله الموضوع. یجب على الطالب إذا أمكن له ذلك أن یذكر بعض الأحكام والقرارات وكذلك إذا كان هناك اجتهاد قضائي في موضوع التعلیق كما أن ذلك یساعده على معرفة إذا كان ذلك القرار كسابقیه أو سابقة قضائیة.
- یجب على الطالب أن یعلق على الحل الذي توصل إلیه القضاة و ما موقفه من موضوع النزاع و الحل المتوصل إلیه أي هل القرار صحیح قانوني أم باطل.

خاتمة

وتتمثل في ذكر كل النقاط الأساسیة التي توصلنا إلیها من نتائج وكذلك موقفنا من القرار هل نعارض أو نؤید، مع العلم أن الخاتمة تترك فقط لعادة النقاط المهمة المتوصل إلیها من التعلیق ولا یمكن أن تذكر فیها إشكالیات جدیدة .
بخصوص التعلیق على القرارات القضائیة لیس هناك ما یلزم المعلق على ختم التعلیق، غیر انه في الحالات التي یستقر فیها رأیه على وضع الخاتمة، فإنه یمكن ان تتضمن هذه الأخیرة ما یلي:
* أن تكون الخاتمة بمثابة استنتاج للنتائج التي یرجى تحقیقها من وراء هذا التعلیق.
* أن تتضمن الخاتمة اقتراحات من المعلق.
* أن تتضمن انفتاحا مستقبلیا على حلول یراها المعلق جدیرة بالاهتمام.
* أن تتضمن طرح تساؤلات تفتح آفاق جدیدة لبحث.
* أن تتضمن نظرة شمولیة للحل المقترح.
كما یمكن للمعلق أن یبدي رأیه الشخصي على القرار، بموافقته او معارضته، كما یمكن أن یعطي تصوره المستقبلي للقرار المدروس، و مدى تماشیه مع القواعد القانونیة المعمول بها.
google-playkhamsatmostaqltradent