النظام القانوني للسفينة والحقوق الواردة عليها

النظام القانوني للسفينة والحقوق الواردة عليها

النظام القانوني للسفينة والحقوق الواردة عليها

تتميز السفينة عن غيرها من المنقولات والعقارات من حيث النظام القانوني الذي يحكما والحقوق المدنية الواردة عليها٬ وهذا بسبب أهميتها الاقتصادية وطبيعتها القانونية الخاصة ولذلك يشترط في مفهومه ووصف السفينة شروطا محدد.

المطلب الأول: مفهوم السفينة:

يتحدث المفهوم القانوني للسفينة ببيان الشروط التي يعرف بها وصف السفينة٬ بطبيعتها القانونية من بين الأشياء.

الفرع الأول: تعريف السفينة

تكثر في هذا العصر أنواع الآليات والمنشآت والعمارات العائمة ذات الاستخدامات المتعددة٬ كالقوارب الهوائية والدرّاجات البخارية المائية والألواح الشراعية والمطاعم والفنادق العائمة ومناصب الحفر والتنقيب والمحطّات والمصانع العائمة٬ وقد أثير التساؤل حول إمكانية اعتبار هذه الأشياء سفنًا لأنّ السفينة لها أحكام خاصّة تميزها عن غيرها من المنشآت.

وقد قيل الكثير بشأن تعريف السفينة في الفقه والقضاء في ظل عدم اهتمام التشريعات بالتعاريف.  حيث قدّم الفقه والقضاء تعاريف كثيرة مختلفة للسفينة٬ لكنّها تشترك جميعها في أنّ السفينة هي كل منشأه عائمة تقوم أو تخصّص للقيام بالملاحة البحرية على وجه الاعتياد وتكون صالحة لتحمّل مخاطر البحر.

وجاءت المادة 13 من ق بح ج بتعريف يتطابق مع هذا التعريف "السفينة هي كل عمارة بحرية أو آلية عائمة تقوم بالملاحة البحرية إمّا بوسيلتها الخاصة وإمّا عن طريق قطرها بسفينة أخرى " فالنّص يمنح العمارة البحريّة أو الآلية العائمة وصف السفينة في حالتين:

حالة القيام الفعلي بالملاحة البحرية٬ وحالة التخصيص للملاحة البحرية.

أ) حالة القيام بالملاحة البحرية: حتىّ تعتبر العمارة البحرية أو الآلية العائمة سفينة في مفهوم المادة 13 يشترط شرطان: أن تقوم فعلا بالملاحة البحرية وعلى وجه الاعتياد وأن تكون صالحة للقيام بالملاحة البحرية:

1)  شرط الاعتياد على القيام الفعلي بالملاحة البحرية: حتى لو كانت بين الحين والحين تقوم بملاحة نهرية أو داخلية٬ ولا تعتبر المركب التي اعتادت على الملاحة النهرية سفينة حتّى لو كانت تقوم بالملاحة البحرية بين آن وآخر.

فالقيام بالملاحة البحرية يعني مواجهة مخاطر البحر وهو ما يميز السفينة عن المنشآت الأخرى التي تطفو فوق سطح البحر. وينتهي وصف السفينة عن المنشآة بعدولها نهائيًا عن القيام بالملاحة البحرية.

الأصل في بعض العمارات البحرية أنّها ليست مخصّصة للملاحة البحرية٬ كالفنادق العائمة والمدارس العائمة والمنازل العائمة والمصانع العائمة٬ لكن إذا قامت فعلًا بالملاحة البحرية على سبيل الاعتياد فإنّها تعتبر سفنًا. وفي الأصل كذلك أنّها لا تعتبر سفنًا الآليات العائمة في التي تعمل داخل الميناء ولا تبرحه كالأرصفة العائمة والرافعات العائمة والمواعين والبراطيم والزوارق وقوارب الغطّاسة٬ لكن إذا قامت بالملاحة البحرية فإنها تعتبر سفنًا.

وبالتالي تخضع هذه العمارات والآليات العائمة لنفس أحكام السفينة كالإسم والجنسية والتسجيل ورفع العلم وحمل أوراق السفينة أثناء الرحلة.

2) شرط صلاحية السفينة للملاحة البحرية: يشترط في السفينة أن تكون صالحة للقيام بالملاحة البحرية٬ وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتبار الجسم الذي يتحرّك في عمق البحر ولا الطائرات العائمة سفينة٬ لأنّها غير صالحة للملاحة البحرية فلا ينطبق عليها القانون البحري بل القواعد العامّة للقانون التجاري.

فحتّى تكون صالحة يجب أن يراعى في بناء السفينة قدرته على تحمّل مخاطر البحر سواء كانت هذه القدرة كامنة فيها هي بذاتها أم في وسيلة قطرها٬ إلّا أنّ الفقه يشترط استقلالية السفينة في قدرتها على الإبحار ولا تكون تابعة لغيرها.

- يبدأ الوصف القانوني للسفينة من الوقت الذي تصبح فيه صالحة للملاحة البحرية وينتهي هذا الوصف بالنسبة للسفينة من اللحظة التي تفقد فيها صلاحيتها للملاحة نهائيا.

- يمتد الوصف القانوني للسفينة إلى كلا القسمين اللذين يشكّلان الأوصاف المادّية للسفينة وهما الهيكل والتوابع.  فالهيكل هو الأصل الذي تخرج به السفينة من ورشة البناء٬ ثمّ فيما بعد تلحق به التوابع بحسب نوع الوظيفة المناط بها٬ حيث تُعتبر ملحقات أو توابع السفينة جزءًا منها سواء من الناحية التقنية أو القانونية فتسري عليها كل التصرّفات الواردة على السفينة لأن السفينة لا تستطيع القيام بوظيفتها الملاحية دون ملحقاتها.

وقد نصت المادة 52 من ق ب ح على هذا المعنى بقولها "تصبح توابع السفينة بما في ذلك الزوارق والأدوات وعدّة السفينة والأثاث وكل الأشياء المخصصة لخدمة السفينة الدائمة ملكًا للمشتري". لكن هذا النّص قاعدة مكمّلة يمكن مخالفتها.

ب) حالة التخصيص للملاحة البحرية: في هذه الحالة إذا كانت السفينة أثناء بنائها قد خُصصت للقيام بالملاحة البحرية يمنح القانون للمنشأة البحرية وصف السفينة دون أن تقوم بالملاحة فعلا٬ وهو حكم استثنائي ويبرّر ذلك بالظروف الاقتصادية وضرورة تدعيم الائتمان البحري٬ لأنّ صلاحية السفيه للملاحة البحرية شرط أساسي.

وحسب تعريف المادة 13 يمكن اعتبار المنشأة سفينة وهي في ورشة البناء قبل اكتمال بنائها٬ ومن ثم تخضع لأحكام القانون البحري٬ ويمكن أن تكون محلًا لبعض التصرفات القانونية كالرهن البحري أو التأمين البحري م 56 ق بح ج٬ ولكن إذا حوّلت بعد انتهاء البناء إلى الملاحة الداخلية أو النهرية فإنها تزول عنها صفة السفينة.

الفرع الثاني: الطبيعة القانونية للسفينة

تعدّ السفينة بطبيعتها مالًا منقولًا لأنها ثروة٬ وتنتقل من مكان لآخر دون تلف٬ ينطبق عليها تعريف المال المنقول في المادة 683 ق م ج وتعدُّ كذلك من النَاحية القانونية٬ بصريح المادّة 56 ق بح ج على أنّه "تعدُّ السفن والعمارات البحرية الأخرى أموالًا منقولة".

- ويترتّب على ذلك خضوع السفينة للقواعد العامة الخاصّة بالمنقولات في القانون المدني٬ فإذا أوصى مالك السفينة بجميع أمواله المنقولة دون تخصيص فإنّ الوصيّة تشمل السفينة٬ وكذلك الرّهن الحيازي الوارد على السفينة يخضع لأحكام رهن المنقول. كما أنّ بيع السفينة لا يخضع لأحكام الغبن ولا لأحكام الشفعة المتعلّقة بالعقار.

لكن ظهر أنّ النظام القانوني للمنقول بصفة عامّه لا يتناسب مع طبيعة السفينة نظرًا لما لها من قيمة اقتصادية قد تفوق قيمة العقار بكثير ولأنّها تمثل ثروة بحرية هائلة٬ (حتّى سمّيت بالعقارات البحرية Immeubles de mer) ولذلك اتفقت كل التشريعات على اعتبارها مالًا منقولًا ذو طبيعة خاصّة لوجوب إخضاعها لبعض أحكام العقار٬ ومنها مثلا:

1. ضرورة تحرير محرّر رسمي لنقل ملكية السفينة (م 49 ق بح ج).

2. وجوب شهر التصرفات الواردة عليها في سجلّها المقيّد بمكتب التسجيل.

3. تقرير حقوق الامتياز عليها يترتّب بموجبها للدّائن الممتاز حق التتبع.  وجواز رهنها رهنًا رسميًا.

4. إخضاع السفينة لإجراءات الحجز الشبيهة بالحجز العقاري.

5. استقرّ الفقه والقضاء على استثناء السفينة من قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية المنصوص عليها في المادة 835 من القانون المدني لأنّ السفينة لا تدخل في عداد المنقولات سريعة التداول٬ فحتّى لو استوفت شروط الحيازة في المنقولة فلابدّ من سبب قانوني من أسباب كسب الملكيّة.  كما أنّها بعكس القواعد العامّة للمنقول تتمتّع بعناصر تعيّن ذاتيتها.

المطلب الثاني: عناصر شخصية السفينة

نصّت المادة 14 من ق.ب.ج على أنه تتكون العناصر المتعلقة بشخصية السفينة من الاسم والحمولة وميناء التسجيل والجنسية٬ فهي من هذه الناحية تشبه الأشخاص لكنّها ليست شخصًا يتمتع بالشخصية القانونية. لكنّ المادة 49 من القانون المدني الجزائري واضحة لا تذكر السفينة ضمن الأشخاص الاعتبارية٬ ولأن السفينة لا تملك ذمّة مالية بل هي التي تشكّل مالًا يدخل في الذمّة المالية لمالكها.

الفرع الأوّل: العناصر الوطنية لشخصية السفينة:

أوّلًا: إسم السفينة Le Nom Du Navire م 16 ق بح ج

- يجب أن تحمل كل سفينة بمجرّد انتهاء بنائها إسمًا خاصًّا بها يميزها عن العمارات البحرية الأخرى٬ ويعيّنها تعيينًا ذاتيًّا٬ لأنّ كل التصرفات القانونية الواردة عليها تكون دائمًا مرتبطة بهذا الاسم.

- يُشترط في إسم السفينة أن لا يكون مستعملًا من قبل٬ ولا يخالف النظام والآداب العامّة. ويخضع منحه وتغييره لموافقة السلطة الإدارية البحرية المختصة حمايةً لحقوق الغير المتعلقة بها.

- يجب أن يوضع إسم السفينة على كل طرف من مقدمة السفينة باللغة العربية واللاتينية بلون مغاير للون السفينة٬ ويجوز أن تحمل السفينة رغم تسجيل عوضًا عن الإسم إذا كانت حمولتها أقل من 10 طن.

ثانيا: موطن السفينة Le Port D'attache م ٬17 34-48 ق بح ج:

- هو ميناء تسجيلها ويجب أن يُكتب على السفينة مع الإسم وباقي العلامات المميّزة بالأحرف العربية واللاتينية م 15 ق بح. ج. قد يكون هو نفسه الميناء الذي تمارس فيه نشاطها أوقد يكون مختلفًا عنه٬ على أن لا يكون ميناء التسجيل أجنبيًا (م 34 ق بح ج).

كما لا يمكن أن تكون مسجّلة في ميناءين في نفس الوقت.

- تفتح إدارة الميناء لكل سفينة دفتر التسجيل (م 34 ق بح ج).  بطلب المالك٬ تُدوّن فيه البيانات المتعلّقة بها حسب ما تنصّ عليه المواد 35 و 44 من ق بح ج كزمان ومكان بناء السفينة وما ترتّب عليها من رهون أو حجوز. ويُرفق بالوثائق اللازمة لإثبات عناصر حالتها المدنية٬ وينتهي التسجيل بالشطب من دفتر التسجيل وذلك عند فقدانها لمدة تزيد عن 3 أشهر أو عند تلفها وعدم قابليتها للتصليح٬ أو إذا غرقت أو تحطمت٬ وإذا فقدت خاصيتها كسفينة٬ أو إذا بيعت في الخارج.

- تكمن أهمية الموطن في أنّه بواسطته يمكن لذوي المصلحة التعرّف على المركز القانوني للسفينة٬ حيث هو المكان الذي تشهر فيه المعلومات القانونية المتعلقة بحالتها المدنية وفيه تسجّل التصرفات الواردة على السفينة كنقل ملكيتها ورهنها ويتم فيه تلقّي الإعلانات والإخطارات بالحجز. ويتحدّد به اختصاص المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها بالجرائم المرتكبة على متنها٬ وله فائدة إحصائية لدولة الموطن وتقدير مدى إمكاناتها في التصدير والاستيراد.

ثالثا: حمولة السفينة Le Tonnage م 18- 23 ق بح ج

تتمثل في الطاقة أو السعة الداخلية للسفينة وتقاس بالطنّ الحجمي الذي تساوي 2.83 متر مكعب٬ وتكمل أهمّية الحمولة في تقدير الرسوم الجمركية ورسوم الإرشاد والقطر والإسعاف والتأمين وأجرة النقل ومقابل الإيجار٬ وفي تقدير حجم الأسطول. ويميّز القانون الجزائري بين الحمولة الإجمالية والحمولة الصافية التي تشمل الفراغات المستعملة للبضاعة أو الأشخاص المسافرين فقط أي بعد خصم المساحات الخاصة بالماكينات والمعدات والبحارة. وتُمنح شهادة الحمولة بعد المُعايرة.

رابعا: درجة السفينة La Cote:

تتفاوت السفن من حيث درجتها٬ المقدرة على أساس مواصفات بنائها.  وتقوم بتقدير درجة السفينة هيئات خاصة تعرف بهيئات الإشراف أو شركات تصنيف العالمية.  اشترط المرسوم 174/72 المؤرخ في 05/ 10/ 1972 بأن تكون معترفًا بها بقرار وزاري٬ وأكثرها شهرة مثل شركة فيري تاس الفرنسية٬ (المعتمدة في الجزائر بالقرار الوزاري في 02/ 01/ 1973) شركه الليودز الانجليزية (المعتمدة في الجزائر بالقرار الوزاري في 22/ 10/ 1977) وتقدير درجة السفينة هو الذي يمنحها قيمتها الفنّية٬ ويكون بالتالي في اعتبار المتعاقدين في مختلف المعاملات البحرية.

كما تُعد شهادة هيئات الإشراف قرينة على صلاحية السفينة للملاحة.  وحتّى تحافظ السفينة على درجتها يجب أن تقوم بزيارات دورية كلّ سنة لشركات التصنيف والخضوع لفحوص مفتّشي شركات التصنيف٬ أو الزيارات الاستثنائية بعد حوادث التصادم البحري الذي قد تتعرّض لها٬ ومن بينها كذلك الهيأة الأمريكية للملاحة والسجل الإيطالي٬ وتتحمّل هذه الهيآت مسؤولية أخطاء خبرائها في المعاينة والتقدير مسؤولية عقدية تجاه المتعاقد معها سواء مالك السفينة أو مجهّزها أو مؤمنها٬ وقد جرت العادة على تضمين العقد إعفاء الشركة من المسؤولية٬ أمّا مسؤوليتها تجاه الغير فهي مسؤولية تقصيرية.

الفرع الثاني: العنصر الدولي لشخصية السفينة (الجنسية) المواد 27- 33 ق بح ج

جنسية الشخص من النّاحية السياسية رابطة الولاء بينه وبين الدّولة التي يحمل جنسيتها٬ وهي من النّاحية القانونية رابطة تميّز المواطن عن الأجنبي من حيث الحقوق والالتزامات والتكاليف العامة في الدّولة٬ وتعطيه الحماية الدبلوماسية حال وجوده خارج إقليم دولته.

رغم إنكار البعض لهذا العنصر عن السفينة على أساس أنّ الجنسية تمنح فقط للشخص القانوني الطبيعي أو الاعتباري فقد اتفقت غالبية الفقه وأجمعت كافّة التشريعات على ضرورة تمتّع السفينة بالجنسية٬ نظرًا لما يوجد من رابطة قوية بينها وبين الدّولة٬ ونظرًا لتنقلها بين موانئ الدول عبر أعالي البحار. حيث تكون في أمسّ الحاجة إلى نظام قانوني يحدّد مركزها ويقدّم لها الحماية من طرف دولتها في السلم والحرب. لكنّ السفينة على خلاف الأشخاص٬ فإن أساس جنسيها شخصي وليس إقليمي. وكذلك لا يجوز بالنسبة لها تعدّد الجنسيات.

- تثبت جنسية السفينة٬ بشهادة الجنسية التي تصدرها السلطات الإدارية البحرية المختصّة في موطن السفينة بعد تسجيلها في سجل قيد السفن م 29 ق بح ج. وتتضمّن شهادة الجنسية البيانات التالية: إسم ونوع السفينة ومواصفاتها الرئيسية. مكان تسجيلها والمعلومات المدرجة في سجل قيد السفينة.

أولا: شروط اكتساب جنسية السفينة

تشترط التشريعات بصفة عامة لمنح جنسية السفينة شرطي الأساسيين يؤدي الإخلال بأحدها إلى فقدان الجنسية٬ وهما شرط الملكية وشرط الطاقم الوطني. وكانت بعض الدول التي توجد بها صناعة السفن٬ تشترط البناء الوطني. أي أن تكون السفينة مبنية في الدّول مانحة الجنسية٬ مثل فرنسا التي تخلت عنها سنة 1966 لارتفاع تكاليف صناعة السفن. وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية٬ لاستقرار صناعة السفن فيهما.

أ) شرط الملكية الوطنية:

يقصد بهذا الشرط أن تكون السفينة مملوكة كلّيًّا أو جزئيًّا لأشخاص وطنيين من رعايا الدّولة سواء كانوا أشخاصًا طبيعيين أو معنويين. حيث اشترطت المادّة 28 ق بح ج الملكية الكاملة للجزائريين بنسبة 100% بعدما كان يشترط في النّص القديم قبل تعديل 1998 الملكية الجزائرية بنسبة 51%. ويشترط النّص توفر هذه النسبة في شركات الأشخاص على الشركاء المتضامنون أو الموصون وفي الشركات ذات المسؤولية المحدودة على المالكين لأغلبية الحصص. وفي شركات المساهمة على الرئيس المدير العام وأغلبية أعضاء مجلس الإدارة أو الهيأة المديرة وأغلبية مجلس المراقبة عند الاقتضاء٬ والمالكين لأغلبية رأس المال٬ وفي الجمعيات على المسيّرين والمنخرطين.

ب) شرط الطاقم الوطني:

يقصد به استخدام نسبة معيّنة من الوطنيين للعمل على ظهر السفينة حمايةً لليد العاملة الوطنية من المنافسة الأجنبية٬ وضمانًا لسلطة الدّولة على السفينة لأنّ الربّان وضباط الملاحة والمهندسين والبحّارة تتركّز بيدهم قيادة السفينة وإدارتها. وتتوقف نسبة الوطنيين من الطاقم على مدى توافر الخبرة والكفاءة المؤهلة للعمل على ظهر السفينة في الجزائر حيث يشترط التقنين البحري الوطنيين بنسبة 100% بموجب الم 413 ق بح ج٬ وأجاز للوزير المكلّف بالبحرية أن يحدد نسبة من الأجانب للاشتراك في تشكيل الطاقم٬ أو لترخيص لبحار أجنبي بالإبحار لخدمة السفينة الجزائرية. أو في حالة الضرورة والاستعجال من طرف الربان.

ثانيا: أثار اكتساب السفينة للجنسية

يترتّب على منح السفينة جنسية الدّولة أثار اقتصادية وسياسية وقانونية:

أ) الآثار الاقتصادية: هي حصول السفينة على مزايا دولتها: ومنها المزايا المالية المتمثلة في الإعانات والقروض في مواجهة منافسة السفن الأجنبية٬ والمزايا الملاحية المتمثّلة في ممارستها للملاحة التجارية الساحلية والصّيد.

ب) الآثار السياسية: تتمثل في - حصول السفينة على حماية الدولة من خطر انعدام الجنسية المتمثّل في التعرّض للاستيلاء من قبل سفن قرصنة في أعالي البحار٬ والحماية في المياه الإقليمية للدولة التابعة لها وكذلك في الدولة الأجنبية من قبل قنصل دولتها.  وفي زمن الحرب تحتمي السفينة المحايدة بعلمها من خطر الاستيلاء عليها كغنيمة بحرية عند وجودها في أعالي البحار. ولذلك يعتبر رفع العلم هو القرينة عن الجنسية وهو حقّ للسفينة حسب الم 27 ق بح ج والتزام في نفس الوقت حسب الم 25 ق بح ج وعدم رفع العلم في عرض البحر يعرّض السفينة لمعاملتها كسفينة قرصنة وهي جريمة دولية.

ج) الآثار القانونية: تتمثل في:

1) خضوع السفينة لقانون الدولة مانحة الجنسية: وذلك يعني تطبيق القانون في تنظيم مجتمع السفينة وسلوك الأفراد المتواجدين على متنها. وكذلك يعني ممارسه سلطه الرقابة والإشراف على السفينة تحقيقا للمصلحة العامة٬ مثل مراقبة السفينة والترخيص بالملاحة ومنح شهادة السلامة لسفن الركاب م 189 ق بح ج. والتّأكد من شروط كفاءة الطاقم المواد 386 وما بعدها ق بح ج. كما يتوجّب حمل أوراق السفينة على متنها أينما ذهبت٬ يتعلّق بعضها بإثبات حالتها المدنية وبعضها الآخر بالوثائق الخاصّة بنظام التجارة البحرية. نصّت على هذه الأوراق المواد من 189 إلى 209 من ق بح.ج. تحت عنوان شهادة الملاحة ووثائق السفينة المحمولة على متنها. من بينها شهادة الجنسية وشهادة الملاحة ودفتر البحّارة ورخصة المرور. وثائق أخرى هي شهادة الحمولة٬ شهادة الرتبة٬ شهادة الصلاحية للملاحة٬ شهادة الأمن٬ الشهادة النظامية للمعاينة المفروضة٬ دفتر السفينة٬ يوميات الماكينة والراديو٬ والوثائق الجمركية والصحّية.

2) تحديد القانون الواجب التطبيق في حاله تنازع القوانين: تعتبر الجنسية ضابط إسناد في تحديد القانون الواجب التطبيق على الوقائع والتصرّفات الحادثة على متنها أثناء وجودها في موطنها أو في أعالي البحار أو مياه دولة أجنبية.

- بالنسبة لسفن الملاحة العامّة فإنها تمثل سيادة الدّولة التي تحمل جنسيتها فيطبق بصددها في المواد الجنائية قاعدة القانون والاختصاص القضائي لدولة العلم أينما وجدت.

- أما الملاحة الخاصة سواء كانت سفن تجارية أو غير تجارية إذا كانت في أعالي البحار يطبّق عليها في المسائل المدنية والجنائية قانون جنسية السفينة واختصاص محكمة العلم. وإذا كانت السفينة الجزائرية في ميناء أجنبي أو مياه إقليمية لدولة أخرى ففي المسائل الجنائية يطبّق قانون دولة الميناء.  استنادًا لقاعدة المعاملة بالمثل لأنّ المشرع الجزائري يأخذ بتطبيق القانون الجزائري على الجرائم المرتكبة على متن السفينة الأجنبية إذا كانت راسية في ميناء جزائري (م590 ق إج) ولم يبيّن موقفه بخصوص باقي الحالات.

وتأخذ انجلترا بفكرة اختصاص القانون والقضاء الإقليمي أي قانون وقضاء دولة الميناء الذي ترسو فيه السفينة والمياه الإقليمية.  وتأخذ فرنسا بفكره قانون جنسية السفينة ما عدا في حالات معيّنة تأخذ بقانون الإقليم الذي تتواجد فيه السفينة وذلك إذا امتدّت آثار الجريمة المرتكبة على متن السفينة إلى رصيف الميناء ومسّت بمصالح أحد الوطنيين أو تسبّبت في الإخلال بالنظام العام للميناء٬ أو إذا طلب ربّان السفينة تدخل السلطات المحلية.

- وفي المسائل المدنية فإنّه ينبغي الرّجوع إلى قواعد القانون الدّولي الخاص٬ لكن في المسائل المتعلّقة بطاقم السفينة٬ فالاتجاه العام يرجّح تطبيق قانون علم السفينة٬ مثلا على عقد العمل البحري٬ والرّهن وحقوق الامتياز البحريّة.

المطلب الثالث: الحقوق العينية الواردة على السفينة

إضافة إلى القواعد العامّة تتميّز السفينة باعتبارها مالا بنظام خاص فيما يتعلّق بالحقوق المدنية العينية الواردة عليها. سواء في الملكية كحق أصلي٬ أو في الرّهن والامتياز كحقوق عينية تبعية.

الفرع الأوّل: الحقوق الأصلية الواردة على السفينة (ملكية السفينة)

 السفينة ليس فيها حق الارتفاق وحق الانتفاع وحق السكنى٬ ولذلك لا يبقى فيها من أنواع حقوق الأصلية إلا حقّ الملكية.  ونظام ملكيتها تتنوّع أحكامه بين أحكام المنقول والعقار٬ من حيث تعدّد أسباب الملكية٬ ومن حيث صور الملكية.

أوّلا: طرق اكتساب ملكية السفينة

تمتلك السفينة حسب القواعد العامّة بالعقد والوصية والميراث٬ ولا يجوز تملّكها بالاستيلاء والحيازة٬ ولا تنطبق عليها أحكام الالتصاق والشفعة. ورغم كون السفينة مالا منقولا لكنّها مستثناة من قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية أما التقادم المكسب المنصوص عليه في الم 827 ق م فقد اختلف الفقه فيه بالنسبة للسفينة. ويعرف القانون البحري طرقًا أخرى لكسب ملكية السفينة وهي البناء والتخلّي والاغتنام البحري.

أ) الملكية عن طريق عقد البناء:

يتّخذ بناء السفينة إحدى صورتين هم البناء المباشر أو الاقتصادي٬ والبناء الجزاف:

1) البناء المباشر (الاقتصادي): يتولّى المجهّر بنفسه بناء السفينة باقتناء المعدّات اللازمة والتعاقد مع مهندسين وفنّيين وعمّال يختارهم لإتمام عملية البناء تحت إدارته٬ وبذلك يكتسب ملكيّة السفينة مباشرة ومنذ البداية٬ حيث يجوز له رهنها وهي في مرحلة البناء وإذا أفلس كانت السفينة من ضمن موجوداته فيشملها الحجز لمصلحة الدائنين.

2) البناء بثمن جزاف (الحساب): يتعاقد المجهّز مع إحدى الشركات المتخصّصة في بناء السفن٬ من أجل بناء سفينته بمواصفات محدّدة لقاء ثمن معيّن٬ فتكون الشركة متعهّدة البناء هي المتكفّلة بشراء المواد والمعدّات والمهندسين والعمال والفنّيين. وهذا العقد هو عقد بيع لشيء مستقبلي محقق٬ ولذلك يوصف بأنّه عقد جزافي. وأثناء مرحلة البناء تبقى ملكية السفينة لشركة البناء ولا تنتقل إلى المجهّز طالب البناء إلا بعد تسليمها وتنفيذ الالتزام بنقل الملكية٬ ويلتزم متعهد البناء بضمان العيوب الخفيّة. وإذا هلكت قبل تسليمها للمجهّز وقعت مسؤولية الهلاك على متعهد البناء٬ ويحق للمجهّز عندئذ استرجاع ثمن البناء المدفوع مسبّقًا٬ وإذا رتّبت شركة البناء على السفينة رهنًا فإنّها تنتقل ملكيتها إلى المجهز مثقلة بالرهن.

ب) ملكية السفينة عن طريق عقد البيع:

تكتسب ملكية السفينة بشرائها بموجب عقد بيع بين مالكها والمشتري الراغب في ملكيتها بعد الحصول على ترخيص من السلطات الإدارية البحرية٬ ويشترط في العقد توفّر الأركان العامة وهي الرضا والمحل والسّبب وركن الشكلية المتمثلة في المحرّر الرّسمي حسب المادّة 49 من ق بح ج إلا إذا بيعت السفينة في الحجز فلا يشترط المحرّر الرّسمي.

الملكية الشائعة للسفينة: حالة الشيوع في ملكية السفينة إمّا أن تكون بسبب الميراث٬ أو بسبب تعدّد المشترين نظرًا لضخامة قيمة السفينة ونشاطها الذي أصبح يفوق المقدرة المالية للفرد. والشيوع البحري في الجزائر هو شيوع عادي٬ يخضع لأحكام القانون المدني في المادة 716 والقانون البحري في المادّة 59 التي تقرّر قاعدة الأغلبية في إدارة الشيوع.

على خلاف الفقه والقضاء في فرنسا الذي اعتبر حالة الشيوع شركة من نوع خاص لها الشخصية القانونية المعنوية.

الفرع الثاني: الحقوق العينية التبعية الواردة على السفينة (الرهن والامتياز)

يستلزم الاستغلال البحري في الوقت الحالي أموالا طائلةً من أجل تجهيز السفينة وتمويل الرحلة البحرية٬ فغالبًا ما يكون المجهّز مضطرًّا لاقتراض الأموال٬  ولهذا كان الائتمان ضروريًا  بالنسبة للاستغلال البحري٬ حيث لا يمكن الحصول على القروض المالية ما لم يوفّر لأصحابها ضمانات تطمئنهم على استرداد ديونهم٬ بسبب ما يحفّ النشاط  الملاحي التجاري من مخاطر الملاحة البحرية.

ومن أهمّ هذه الضمانات٬ التي حرص التشريع البحري على تنظيمها نجد الحقوق العينية التبعية٬ والتي قد تكون تأمينات اتفاقيه هي الرهون البحرية٬ أو تأمينات قانونيه هي الامتيازات البحرية٬ هذا بالإضافة إلى النظام المتطوّر للتامين البحري ضدّ المخاطر.

أولا: الرهن البحري L'hypothèque maritime. المواد 55- 71 ق بح ج

تُرهن السفينة رهنًا رسميًا٬ يشبه الرهن العقاري لانّ أحكام رهن المنقول لا تتماشى مع الطبيعة الخاصّة للسفينة٬ لانّ انتقال السفينة إلى الدّائن المرتهن كعين مرهونة يتسبّب في عرقلة النشاط البحري.

أ) التعريف بالرهن البحري:

1) مفهوم الرهن البحري: عرّفت الم  55 ق بح ج الرهن البحري بأنّه "يكون الرهن البحري تأمينًا  اتفاقيًّا يخوّل الدّائن  حقًّا عينيًّا على السفينة " فالرهن البحري هو تأمين عيني يكرّسه عقد بين المدين الرّاهن وهو مالك السفينة أو مجهّزها والدّائن المرتهن٬ يرتّب لهذا الأخير ضمانًا لدينه يكون محلّه السفينة٬ يخوّله حق التتبع  للعين المرهونة إذا انتقلت إلى مالك جديد قبل انتهاء أجل الرهن٬ فهي تنتقل محمّلة ومثقلة بالرهن٬ وتخوّله حق الأفضلية على الدّائنين العاديين عند حلول أجل الدّين٬ من ثمن بيعها الجبري إن عجز مالكها عن تسديد الدّيون.

2) محلّ الرهن:

- السفينة محلّ الرهن: (م 58) السفينة ذاتها بقسميها الهيكل واللّواحق٬ هي محل الرّهن٬ كما يمكن ترتيب الرهن البحري أثناء بناء السفينة٬ باتفاق الأطراف حيث يكون محلّ الرهن ليس السفينة المستقبلية ولكن المعدّات والتجهيزات والمواد المستعملة في البناء. ولا يجوز أن تكون محلًا للرهن سفن الدولة والجماعات المحلّية المخصصة لأغراض غير تجارية.

- العناصر التي تحلّ محلّ السفينة في الرّهن: (م 62 ق بح ج) إن تعرّضت السفينة للمخاطر البحرية يضعف الضمان لدى الدّائن ولذلك قرّر المشرّع الحفاظ للدّائن على هذا الضمان٬ بتحديد عناصر تقوم مقام السفينة بعد الفقدان والهلاك والتضرر

1. تعويضات التّأمين على هيكل السفينة المرهونة.

2. التعويضات المستحقة لمالك السفينة عن الأضرار المادية التي تصيب السفينة٬ وذلك بموجب الدّعوى المباشرة أو دعوى الحلول ضدّ المتسبب في الضرر.

3. التعويضات المستحقّة لمالك السفينة٬ عن الإسعاف أو الإنقاذ الذي قدّمه لسفينة أخرى.

4. التعويضات المستحقّة عن الخسائر المشتركة اللاحقة بالسفينة المرهونة٬ يدفعها الشاحنون الذين أنقذت بضائعهم.

3) إنشاء رهن: ينشأ الرهن عن طريق الاتفاق بإبرام عقد الرهن٬ وأركان عقد الرهن٬ هي نفس الأركان التي تقررها قواعد العامّة للقانون المدني بالنسبة لرهن العقار. أي الرضا والمحل والسبب والكتابة الرسمية٬ ويضاف لهذه الأركان بعض الخصوصيات بالنسبة للسفينة:

1. تشترط الأهلية التجارية في طرفي العقد لأنّ الرهن البحري حسب الم 2 و3 من الق التح يعتبر عملًا تجاريًا.

2. يشترط قيد الرهن في دفتر قيد السفينة٬ بمكتب التسجيل.

3. إذا كانت السفينة مملوكة على الشيوع يجب موافقة أغلبية المالكين الشركاء على الرّهن٬ ويحق لكلّ مالك رهن حصّته.

4) انقضاء الرّهن البحري: ينقضي الرّهن البحري بالأسباب التالية:

1. عدم تجديد قيد الرهن قبل 10سنوات من تاريخ تسجيله الم 66. أو ينقضي بتنازل الدائن المرتهن عنه.

2. انقضاء الدّين الأصلي عن طريق الوفاء به ضمن آجاله٬ أو عن طريق التطهير القضائي بالبيع الجبري بالمزاد العلني٬ أو التطهير الاختياري من قبل المشتري في حدود ثمنها٬ أو من تؤول إليه الملكية بأسباب أخرى٬ حيث يتولّى دفع كل الدّيون التي على السفينة (م 68 ق بح ج).

ب) آثار الرهن البحري:

للرهن البحري آثار تترتب بالنسبة لطرفي عقد الرهن٬ المدين الراهن والدّائن المرتهن:

1) بالنسبة للمدين الراهن: تبقى حيازة السفينة المرهونة في يد مالكها المدين الرّاهن٬ له فيها حق الاستعمال والاستغلال والتصرّف بالبيع وغيره٬ إلا أنّه لا يجوز له بيعها لأجنبي لأنّها ستفقد جنسيتها فتخرج من نطاق القانون والقضاء الجزائري٬ فيصعب على الدّائن تتبع حقّه فيها م 71 ق بح ج.

2) بالنسبة للدائن المرتهن:

1. حق التتبع: (م 67 بح ج) الرهن يتبع السفينة مهما كان الشخص الذي آلت إليه ملكية السفينة المرهونة٬ وليس لمشتري السفينة أن يتمسّك بحسن النّية لافتراض علمه بالرهن المرتّب عليها٬ لأنّ بإمكانه الإطلاع على كل التصرفات والحقوق الواردة على السفينة٬ في دفتر تسجيل السفينة.

2. حق الأفضلية: رهن السفينة يخوّل للدائن حق الأولوية والتقدّم في استفاء الدّين من ثمن السفينة عن باقي الدائنين العاديين والدّائنين الممتازين التالين له في المرتبة٬ والدّائنين المرتهنين اللاحقين له في تقييد رهونهم.

ثانيا: حقوق الامتياز البحرية  Les privilèges maritimes (م 72- 91 ق بح ج)

نظرًا لأهمّية الديون البحرية ودعمًا للائتمان البحري٬ فإن كل التشريعات في العالم تقرّر حقوق امتياز على السفينة لعدد من الدّائنين٬ فما هو الامتياز البحري وكيف نظمت الحقوق البحرية الممتازة في القانون البحري؟

أ) التعريف بالامتياز البحري:

نتعرّف على الامتياز البحري ببيان مفهومه ومحلّه وأنواع الديون البحرية الممتازة

1) تعريف الامتياز البحري:

عرّفته المادّة 72 من القانون البحري الجزائري بأنّه "تأمين عيني قانوني يخوّل الدّائن حق الأفضلية على الدائنين الآخرين نظرًا لطبيعة دينه". فهو ضمان يقرّره القانون على السفينة إذ لا امتياز بغير نص٬ يجعل لصاحبه امتياز التقدّم على غيره من الدّائنين البحريين في استيفاء الديون المتزاحمة٬ ويُرتّب لصاحبه تتبع حقه عند انتقال ملكية السفينة.

2) محل الامتياز البحري:

يشمل السفينة التي نشأ الدين بسببها بقسميها الهيكل واللواحق٬ ولا يشمل الحمولة.

وإذ فقدت السفينة أو هلكت فليس هناك عناصر تحلّ محلّها لأداء حقوق الامتياز٬ رغم أنّ معاهدة بروكسل قرّرتها بالنسبة للامتياز البحري. ولعلّ مقصود المشرّع من تقريرها في الرهون دون الامتيازات هو تقوية ضمانات الدائنين المرتهنين لأنّها متأخرة في ترتيبها٬ فهي تأخذ المرتبة السابعة بعد حقوق الامتياز.

3) إنقضاء الامتياز البحري:

ينقضي الامتياز البحري بالأسباب التالية م(84.87) ق بح ج:

أ) مرور سنة من تاريخ نشوء الدّين٬ وهو سقوط للحق وليس تقادمًا٬ فهو أجل قصير ليس فيه أحكام الانقطاع٬ قصد به المشرّع أن يحمل الدائنين على الإسراع في المطالبة بديونهم منعًا لتراكمها. لكن الدّائن الذي انقضى امتيازه بهذه المدّة٬ يمكن أن يحتج بالدّين بموجب القواعد العامّة٬ لأنّ السقوط يمس حق الامتياز وليس الدّين. حيث يصبح دينًا عاديا يتزاحم فيه مع الدائنين العاديين من غير أصحاب الرهون والامتيازات البحرية.

ب) البيع الاختياري للسفينة وهو تطهير إجباري على المشتري في أجل 3 أشهر٬ بعكس الرهن يكون التطهير اختياريًا.

ج) مصادرة السفينة من طرف الدولة.

د) البيع الجبري القضائي في المزاد العلني.

ه) الامتياز المذكور في الفقرة (و) من الم 73 ينقضي بانتهاء حيازة المنشئ أو الصانع.

ب) أنواع الديون الممتازة ومراتبها:

حصرت المادّة 73 ق بح ج الدّيون المضمونة بامتياز بحري في ثمانية أنواع وقسّمتها المادّة 75 من نفس القانون إلى طائفتين٬ الأولى لها أفضلية على الرّهن البحري وهي الواردة في الفقرات (أ)٬ (ب)٬ (ج)٬ (د)٬ (ه)٬ (و) من المادّة 73 والثانية تلي الرّهن البحري في الترتيب وهي المذكورة في الفقرات (ز)٬ (ح) من نفس المادّة.

1) أنواع الديون الممتازة:

1- الديون الممتازة التي تتقدّم الرهن البحري:

(أ) أجور الطاقم البحري والمبالغ الواجبة بموجب عقد استخدام على متن السفينة.

(ب) رسوم الموانئ والقنوات وجميع طرق الملاحة ورسوم الإرشاد.

(ج) الدّيون الناجمة عن الإصابات الجسمانية والوفاة الحاصلة برًّا أو بحرًا لأسباب لها علاقة مباشرة باستغلال السفينة.

(د) الدّيون غير المثبتة بعقد٬ الناجمة عن المسؤولية التقصيرية عن ضرر أو فقدان مال بسبب الحوادث الحاصلة برًّا أو بحرًا تكون لها علاقة مباشرة باستغلال السفينة. ما لم تكن بسبب مواد إشعاعية أو سامّة أو متفجّرة أو محروقات نووية.

(ه) الدّيون الناشئة عن الإسعاف والإنقاذ وسحب الحطام والخسائر المشتركة٬ والمصاريف وبيعها وتوزيع ثمنها.

(و) الديون الناتجة عن إنشاء السفينة وإصلاحها.

2- الديون الممتازة اللاحقة للرهن البحري:

(ز) الدّيون الناجمة عن العقود المبرمة أو العمليات المنفذة من طرف الربّان خارج ميناء التسجيل من أجل الاحتياجات الضرورية لحفظ السفينة ولاستمرار الرّحلة البحرية.

(ح) الدّيون الناشئة في ذمّة المالك بصفته ناقلاً في عقد النقل البحري. عن الفقدان أو الخسائر اللاحقة بالحمولة والأمتعة.

2) قواعد ترتيب الديون الممتازة:

نظرًا لكثرة أنواع الحقوق الممتازة على السفينة فقد عملت التشريعات البحرية على ترتيبها من حيث الأولوية عند عدم كفاية ثمن السفينة لتغطية كلّ الدّيون٬ وقد وضع المشرّع أربع قواعد لترتيبها:

القاعدة الأولى: نصّت عليها المادّة 77 من ق بح ج وهي الترتيب وفق النظام الذي ورد في فقرات المادّة 73.

القاعدة الثانية: نصّت عليها المادة 79 وهي تقضي بأنّه في حالة تعدّد الرحلات يكون ترتيب الديون مرتّبًا ترتيبًا عكسيًّا٬ حيث تكون الأولوية دائمًا للرحلة الأخيرة عن الرحلة السابقة٬ باستثناء عقود الاستخدام الخاصّة برجال السفينة إذا كان الإستخدام بعقد واحد لكلّ الرحلات فإنّها تأتي كلّها في نفس الرتبة مع آخر الرحلات.

القاعدة الثالثة: نصّت عليها المادّة 77 وهي ترتيب خاص بنوع واحد من الحقوق الممتازة وهو الوارد في الفقرة (ه) من الم 73 والمتعلّقة بديون الإسعاف والإنقاذ ورفع الحطام والخسائر المشتركة٬ حيث تكون لها الأفضلية على كل الامتيازات الأخرى لحين استعمال هذه العمليات. إذ لولا هذه العمليات لما أمكن الوفاء بأي دين. وأسبقية ديون الفقرة (ه) مشروطة بأن يكون تاريخ نشوئها متأخرًا عن بقية الدّيون٬ أمّا لو نشأت قبلها فالترتيب يبقى كما هو في نصّ المادّة 73.

القاعدة الرابعة: نصّت عليها المادّة 79 وتتعلّق بترتيب الحقوق الواردة في الفقرة الواحدة بأنّها تكون متزاحمة تقسم على أصحابها قسمة غرماء٬ باستثناء ديون الفقرة (ه) فهي لا تتنافس بل أولويتها ترتّب ترتيبا عكسيًّا لتاريخ نشوئها.

المرجع:

  1. د. روابح فريد، محاضرات في القانون البحري، جامعة سطيف (2) محمد الأمين دباغين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، سطيف، السنة الجامعية 2013-2014، ص31 إلى ص48. 

google-playkhamsatmostaqltradent