هيئات الضبط الإداري

هيئات الضبط الإداري 

هيئات الضبط الإداري

إن عبارة هيئات البوليس الإداري تثير معنيين مختلفين هما الأشخاص الذين يتولون سلطة التنظيم، أي الأشخاص الذين حددتهم النصوص القانونية والذين يكونون أهلا لممارسة واتخاذ الإجراءات المتعلقة بالبوليس الإداري. وإذا كان هذا هو الذي تثيره عبارة هيئات البوليس الإداري، فإننا لا نقوم هنا بدراسة المعنى الثاني، وإنما سنبين فقط المعنى الأول وعليه سنقوم بتحديد الهيئة المخولة قانونا اتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على النظام العام وبالإضافة إلى ذلك، فإننا لن نقوم بدراسة هيئات البوليس الإداري الخاص، لأن هذه الهيئات لا يمكنها أن تمارس اختصاصاتها إلا إذا وجد نص خاص يحددها ويبين اختصاصاتها.

على أن هيئات البوليس الإداري المخولة ممارسة اختصاصات البوليس الإداري الضرورية للحفاظ على النظام العام، تمارس اختصاصاتها تلك إما على المستوى الوطني، أو على المستوى المحلي، وذلك على النحو التالي.

المبحث الأول: هيئات الضبط الإداري المحلية

يمارس الضبط الإداري العام على المستوى المحلي كل من رئيس المجلي الشعبي البلدي على مستوى البلدية، والوالي على مستوى الولاية، وذلك على النحو التالي:

المطلب الأول: رئيس المجلس الشعبي البلدي طبقا للقانون 11/10 المتعلق بالبلدية

طبقا لقانون البلدية يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للدولة جملة من الصلاحيات ذات العلاقة بالنظام العام ورد تعدادها في المادة 94 منه إذ جاء فيها "يكلف رئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار احترام الحقوق وحريات المواطنين على الخصوص بما يلي:  

- السهر على المحافظة على النظام العام وسلامة وامن الأشخاص والممتلكات.

- التأكد من الحفاض على النظام العام في جميع الأماكن العمومية التي يجري فيها تجمع الأشخاص.

- المعاقبة على كل مساس بالسكينة العامة والراحة العمومية وكل الأعمال المخلة بها.

- تنظيم ضبطية الطرقات المتواجدة على إقليم البلدية مع مراعاة الأحكام الخاصة بالطرقات ذات الحركة الكثيفة،

- السهر على حماية التراث التاريخي والثقافي ورموز ثورة التحرير الوطني،

- السهر على احترام المقاييس والتعليمات في مجال العقار والسكن والتعمير وحماية التراث الثقافي المعماري،

- السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية،

- السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل المؤقت للأماكن التابعة للأملاك العمومية والمحافظة عليها،

- اتخاذ الاحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة الأمراض المتنقلة أو المعدية والوقاية منها،

- منع تشرد الحيوانات المؤذية والضارة،

- السهر على سلامة المواد الغذائية الاستهلاكية المعروضة للبيع،

- السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط وحماية البيئة،

- ضمان ضبطية الجنائز والمقابر طبقا للشعائر الدينية والعمل على دفن كل متوفى بصفة لائقة دون تمييز للدين أو المعتقد. 

ولقد مكن قانون البلدية رئيس المجلس الشعبي البلدي من الاستعانة بالشرطة البلدية بغرض أداء مهامه طبقا لما نصت عليه المادة 93 من قانون البلدية ويمكنه طلب تدخل قوات الشرطة أو الدرك المختصة إقليميا للتحكم خاصة في المسائل الأمنية.

المطلب الثاني: الوالي طبقا للقانون 12/07 المتعلق بالولاية

نصت المادة 114 من قانون الولاية على أن "الوالي مسئول عن المحافظة على النظام والأمن والسلامة والسكينة العامة" وبغرض مساعدته على القيام بمهامه في مجال الضبط وضع القانون مصالح الأمن تحت تصرفه وهذا ما نصت عليه المادة 118 من قانون الولاية وتزداد صلاحية الوالي سعة في الحالات الاستثنائية إذ بإمكانه تسخير تشكيلات الشرطة والدرك لضمان سلامة الأشخاص والممتلكات.

ولقد أناط قانون الولاية بالوالي توفير كل تدابير الحماية خدمة للنظام العام بمختلف عناصره واعترف قانون البلدية بموجب المادة 101 منه للوالي بممارسة سلطة الحلول بالنسبة لجميع بلديات الولاية أو جزء منها عندما لا تقوم السلطات البلدية بذلك. وتزداد ذات الصلاحية سعة إذ تعلق الأمر بالحالات الإستعجالية ومن أحكام الحلول الواردة في قانون البلدية نستنتج أن المشرع خرج عن مبدأ الاختصاص في أداء العمل الإداري بغرض خدمة النظام العام. فلو طبقنا القواعد العامة لتعين على رئيس المجلس الشعبي وحده القيام بما يلزم من أجل المحافظة على الأمن العام داخل حدود البلدية. غير أنه إذا لم يبادر إلى ذلك واتبعت الإجراءات المحددة قانونا، تعين على الوالي أن يحل محله فيتخذ كل الإجراءات لضمان حماية الأشخاص والممتلكات.

المبحث الثاني: هيئات الضبط الإداري العام على المستوى الوطني

طبقا لما جاء في المادة 125/1 من الدستور الجزائري الصادر سنة 1996، فإن رئيس الجمهورية هو الذي يمارس الإختصاصات المتعلقة بالبوليس الإداري العام على المستوى الوطني. فالمواد التي تكلمت عن اختصاص السلطة التشريعية ( 122/1-123-وبعض المواد المتفرقة في الدستور) حددت اختصاص هذه السلطة على سبيل الحصر، كما أنها لم تتضمن مسألة المحافظة على النظام العام. ومن هنا فإن هذه المسألة تدخل في مجال السلطة التنظيمية العائد لرئيس الجمهورية عن طريق إصدار المراسيم الرئاسية.

على أنه طبقا لنص المادة 87 من نفس الدستور، يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض هذا الإختصاص.

ومع ذلك يجوز للوزير الأول أن يمارس الإختصاصات المتعلقة بالصحة العامة، لأن تحديد القواعد المتعلقة بالصحة العامة يدخل في اختصاص البرلمان طبقا للمادة 122/17، وأن تنفيذ القواعد المتعلقة بالصحة العامة يدخل في المجال التنظيمي العائد للوزير الأول، والذي يمارسه بواسطة لإصدار المراسيم التنفيذية.

وبالإضافة إلى ذلك، يجوز للوزير الأول- خارج الحالات الإستثنائية- أن يلجأ إلى وحدات الجيش الشعبي الوطني وتشكيلاته، من أجل حماية النظام العام، وذلك بموجب قرار يتخذه بعد الإستشارة المسبقة لوزير الداخلية والجماعات المحلية، ووزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش. على أن هذا القرار يتخذه الوزير الأول بعد الإستخدام الفعلي للوسائل المخصصة عادة لمهام الحماية المدنية في مجال النجدة والإسعاف (حماية السكان ونجدتهم -الأمن الإقليمي- حفظ الأمن)، ويكون ذلك لمدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد عن سنة. على أن المسؤولية عن الإجراءات والأعمال المتخذة في هذا الصدد تتحملها السلطة المدنية (الوالي في المقام الأول على مستوى دائرة اختصاصه، ووزير الداخلية والجماعات المحلية في المقام الأخير على المستوى الوطني) على أن التعويض يكون على عاتق الدولة.

أما الوزراء، فإنهم لا يشكلون ضباطا إداريين، إلا إذا تلقوا تفويضا من رئيس الجمهورية أو الوزير الأول في الإختصاصات التي يتمتعان بها في مجال المحافظة على النظام العام. 

ومع ذلك فقد يتولى الوزراء بعض سلطات البوليس الإداري الخاص. فوزير السياحة مثلا يعتبر مختصا في مجال حماية الآثار والنصب التذكارية، ووزير الفلاحة والصيد البحري في مجال بوليس الصيد...

أما وزير الداخلية فإنه لا يستطيع اتخاذ إجراءات البوليس الإداري العام، إلا أنه يستطيع أن يصبح هيئة بوليس إداري بطريقة غير مباشرة. فباعتباره الرئيس الإداري للولاة، بإمكانه أن يأمرهم كل في ولايته باتخاذ إجراء متعلقا بالنظام العام.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن المرسوم المنظم لصلاحيات وزير الداخلية والجماعات المحلية (المرسوم التنفيذي رقم 91-01 المؤرخ في 19 جانفي 1991) قد نص في مادتيه 2 و3 على أنه بإمكان وزير الداخلية أن يتخذ إجراءات البوليس الإداري، وفي هذا مخالفة صارخة لمواد الدستور لأن مسألة ممارسة اختصاصات البوليس الإداري على المستوى الوطني جعلها الدستور- كما رأينا من اختصاص رئيس الجمهورية أساسا، وفي الوزير الأول في المسائل المتعلقة بالصحة العامة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يوجد أي قانون صدر في هذا الصدد يسمح للوزير الأول – رئيس الحكومة سابقا- بإصدار ذلك المرسوم التنفيذي.

المرجع:

  1. د. بن عودة حسكر مراد، محاضرات في مقياس سلطات الضبط الإداري، جامعة أبو بكر بلقايد، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية: 2017-2018، ص34 إلى ص36.

google-playkhamsatmostaqltradent