الولاية على القاصر في التشريع الجزائري

الولاية على القاصر في التشريع الجزائري 

يحتاج القاصر في كثير من الأحيان إلى من ينوب عنه سواء تعلق الأمر برعاية مصالحه أو بإدارة أمواله، وعلى هذا الأساس كان لابد من الضروري وضع نظام قانوني يحقق هذا الهدف، وقد اهتم المشرع الجزائري بهذا الموضوع إذ تناوله بالتفصيل في قانون الأسرة، وكما أعطى عناية فائقة للمنازعات المتعلقة بالولاية وأسهب في تبيان إجراءاتها ضمن مواد قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فلا بد من التطرق إلى تعريف الولاية (الفرع الأول)، ثم شروطها (الفرع الثاني)، وكذا بيان أقسامها (الفرع الثالث). 

الفرع الأول: تعريف الولاية 

إن الولاية كما سبق القول هي تلك السلطة التي يتمتع بها الشخص للقيام بتصرفات قانونية على نفس الغير أو ماله، وهذه التصرفات تنتج آثارها في حقهم وذلك بغرض حماية المولى عليه في ماله ونفسه الذي يكون غير قادر على ذلك بسبب نقص الأهلية أو انعدامها، ويختلف تعريف الولاية بين التعريف اللغوي (أولا) والاصطلاحي (ثانيا). 

أولا: تعريف الولاية لغة 

يكون بكسر الواو، السلطة والحكم ومنها السلطات أي الوالي أو الحاكم، حاكم البلد من يتولى شؤون السلطة، وتكون بكسر وفتح الواو موالاة ناصر، تابع، صادق. 

ثانيا: تعريف الولاية اصطلاحا 

تعرف الولاية في الفقه الشرعي أنها تنفيذ القول على غير الإشراف على شؤونه ورعاية مصالحه، والمقصود بالغير قوله تعالى: فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ.

وهناك من يعرفها أيضا أنها سلطة شرعية بموجبها يكون الولي على المولى عليه ولاية النفس والمال معا، أو النفس فقط، أو المال فقط، بغرض الحفظ والصيانة المشروعة، وهي إما عامة أو خاصة. 

ثالثا: تعريف الولاية قانونا 

لم يعرف المشرع الجزائري الولاية بل اكتفى ببيان أحكامها في قانون الأسرة الجزائري وذلك من خلال المواد 81 إلى غاية 91، كما تناول إجراءاتها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية من خلال المواد من 453 وما بعدها و464 وما بعدها. 

ليتضح لنا من خلال المادة 81 من قانون الأسرة أن الولاية هي سلطة قانونية تمنح لشخص معين لمباشرة التصرفات القانونية لحساب شخص آخر ناقص أو عديم الأهلية، كما بين لنا من جهة أخرى وفي نص المادة 87 من نفس القانون كيفية انتقال ولاية القصر من الأب إلى الأم بعد وفاته أو في حالة غيابه أو حصول مانع له، إذ حدد المشرع في نص المادة السالفة الذكر أن ولاية الأم تكون في الأمور المستعجلة والمتعلقة بالأولاد وكذا تكون لها في حالة الطلاق وٕإسناد الحضانة لها. 

الفرع الثاني: الشروط الواجب توفرها في الولاية 

لم ينص المشرع الجزائري على الشروط الواجب توفرها في الولاية، وبذلك لابد من الرجوع إلى نص المادة 222 من قانون الأسرة التي تحيلنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي تبين لنا الشروط الواجب توفرها في الولي وهي: 

أولا: البلوغ والعقل

البلوغ هو انتهاء مرحلة الصغر ودخول القاصر مرحلة كمال الأهلية وذلك بظهور مجموعة من العلامات الطبيعية، هذه الأخيرة التي لم يأخذ بها المشرع الجزائري في نصوصه، ويكون الشخص كامل الأهلية لبلوغه سن الرشد وهو 19 سنة في القانون الجزائري أي متمتعا بأهلية أداء كاملة، أما العقل فهو كذلك شرط لابد من توفره في الولي. 

ثانيا: الإسلام والقرابة 

أهم شرط الواجب توفره في الولي أن يكون متحدا في الدين مع القاصر أو المولى عليه، فلا تثبت الولاية لغير المسلم على المسلم، ويستثنى من هذا الحكم القاضي، حيث أنه لا يشترط فيه اتحاد الدين بينه وبين المولى عليه، باعتبار أن ولاية القاضي ولاية عامة فهو ولي من لا ولي له. 

أما القرابة فهي الرابطة الدموية وصلة الرحم التي تربط بين الأفراد، إذ لا يمكن منح الولاية على مال أو نفس المولى عليه لشخص غريب عنه ولا تربطه به أية صلة، فالأقرباء هم أولى الناس لرعاية شؤون القاصر وحفظ أمواله. 

ثالثا: الأمانة والعدل وحسن التصرف 

يقصد بالأمانة هو عدم خروج الولي عن حدود السلطة الممنوحة له، فأداء مهامه وواجباته تكون على الوجه المطلوب لحسن سير أمور المولى عليه ويستوجب النزاهة والعدل في العمل.

وعلى الولي أن يتصرف في أموال القاصر بالمعروف، فلا تثبت الوصاية على شخص مشكوك فيه بطمعه في مال القاصر، فيجب أن تكون له نية حسنة تجاه المولى عليه وأمواله. 

الفرع الثالث: أقسام الولاية 

إن الولاية وكما سبق الإشارة إليه هي سلطة شخص راشد وهو الولي على شخص غير رشيد وهو المولى عليه، في تدبير شؤونه الشخصية وذلك كالتربية والعلاج...الخ، وتسمى بالولاية على النفس، وهي أيضا تدبير شؤونه المالية المتعلقة بالعقود ومختلف التصرفات ذات صلة بأمواله وتسمى بالولاية على المال، وبالتالي فالولاية أهم وأشمل من النيابة والقوامة والوصاية والوكالة. 

أولا: الولاية على نفس القاصر 

تشمل كل ما يحتاجه القاصر من عناية ورعاية، وهي القيام والإشراف على مصالح المولى عليه فيما يختص بنفسه منذ ولادته حتى بلوغه والتزويج ويدخل في نطاقها ثلاثة أنواع، فهناك ولاية الحفظ والرعاية وتسمى الحضانة، ولاية التربية والتأديب والتهذيب، ولاية التزويج. 

فالولاية على نفس القاصر تثبت للأب على أولاده القصر بحكم القانون ولا يحتاج إلى إذن أو حكم ما دام على قيد الحياة وما دامت لم تنزع منه أو تسقط عليه لسبب من الأسباب وما دام لم يحجر عليه، لذلك فإن سلطة الولاية المسندة للأب أو الأم بعد وفاته هي مسندة إليهما بنص القانون ولا يحتاج إلى استصدار حكم قضائي، كما أسلفنا القول. 

وبالرجوع إلى نص المادة 87/1 المعدلة بموجب الأمر رقم 05-02 من قانون الأسرة فإن سلطة الولاية على الابن القاصر هي مبدئيا تكون للأب وفي حالة وفاته تنتقل الولاية على نفس القاصر بحكم القانون للأم دون حاجة لها أن تستصدر حكم لذلك، كما أنها تحل محل الأب في حالة غيابه أو حصول مانع له في القيام بالأمور المستعجلة المتعلقة بالأولاد، واستثناءً لما سبق تسند الولاية بموجب حكم في حال الطلاق أو المنازعة وهذا ما تناولته المادة 87/1 من نفس الأمر. 

لم تكن المادة 87 من قانون الأسرة قبل التعديل تنص على منح الولاية لمن أسندت له الحضانة، وكان هناك إشكال بخصوص من المسؤول عن الأفعال التي يرتكبها الولد المحضون هل أمه التي لها الحضانة أم والده بصفته متولي الرقابة، وذلك طبقا لنص المادة 135 من القانون المدني، وذلك قبل إلغائها أيضا سنة 2005، ولكن بعد تعديل نص المادة 87 من قانون الأسرة بموجب الأمر رقم 05-02 لم يعد الإشكال مطروحا، إذ وفقا لهذه المادة فإنه يجب على القاضي وفي حالة صدور الحكم بالطلاق عليه إذا قضى بالحضانة يمنح الولاية لمن أسندت له الحضانة، فإسناد الحضانة للأم مثلا دون منحها الولاية يعد خرقا للقانون، وهذا ما قضت به المحكمة العليا في أحد قراراتها. 

تبعا لذلك فإن الولاية قبل تعديل المادة 87 من قانون الأسرة لم تكن تتبع إسناد الحضانة للأم، إذ جاء في أحد قرارات المحكمة العليا ما يلي "الحاضنة ليست لها الولاية على ابنها القاصر قبل تعديل المادة 87 في 27 فبراير 2005 لا تعد الحاضنة مسؤولة مدنيا على تحمل عبء التعويض المدني عن فعل ضار اقترفه المحضون". 

ثانيا: الولاية على مال القاصر

لم يعرف المشرع الجزائري الولاية على المال كما هو الحال بالنسبة للولاية على النفس أيضا، سواءً كان ذلك في قانون الأسرة، أو في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، إذ اكتفى في المادة 87 من قانون الأسرة ببيان لمن تثبت الولاية وهو الأب والحالات التي تنتقل فيها للأم، ومع ذلك يمكن تعريف الولاية على المال على أنها الإشراف على شؤون القاصر بحفظ ماله المتحصل عليه سواء من تجارة أو هبة أو وصية أو من أي مصدر آخر، وذلك بحفظه وتنميته، واستيفاء حقوقه وصرفه لحسابه والإنفاق عليه بما تقتضيه مصلحته وحاجاته، وليس بإمكان القاصر أن يعترض على هذه الولاية أو يلغيها حتى بعد بلوغه سن الرشد، وفي حالة عدم وجود ولي فإن الحاكم بنفسه أو بواسطة غيره هو من يمثله، وهو ولي من لا ولي له.

المرجع:

  1. د. ربيع زهية، إجراءات التقاضي في شؤون الأسرة، محاضرات موجهة لطلبة السنة الثانية ماستر، تخصص قانون أسرة، جامعة أكلي محند أولحاج – البويرة – كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية: 2020-2021، ص101 إلى ص106.

google-playkhamsatmostaqltradent