المحل التجاري | التعريف والخصائص عناصره وحمايته من المنافسة الغير مشروعة
إذا كان المحل
التجاري لا يقصد به العقار المستغل لتأدية النشاط التجاري كان لابد من التعرف على
المقصود منه وتبيان الخصائص التي تميزه عن مصطلحات قريبة منه (المطلب الأول)،
ولأنه يجمع بين عدة عناصر مختلفة يغلب عليها الطبيعة المعنوية أي أنها عناصر غير
ملموسة وهو أمر غير مألوف وجب تحديد هذه العناصر (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تعريف وخصائص المحل التجاري
لم يكن من
السهل إعطاء تعريف واضح وشامل للمحل التجاري وإنما غالبا ما ورد تعداد للعناصر
المكونة له (الفرع الأول)، ومن خلال التعريف به يمكن استخلاص الخصائص الخاصة به
لإبعاد أي خلط مع مفاهيم مقاربة له (الفرع الثاني).
الفرع الأول: تعريف المحل التجاري
حاول الفقهاء
وضع تعريف للمحل التجاري في غياب تعريف قانوني له، فوردت عدة تعريفات نزرد البعض
منها من بينها:
- "المحل
التجاري كتلة من الأموال المنقولة تخصص لممارسة مهنة تجارية وتتضمن بصفة أصلية بعض
العناصر المعنوية، وقد تشتمل على عناصر أخرى مادية".
- أو في تعريف
آخر: "هو مجموع أموال مادية ومعنوية تخصص لمزاولة نشاط تجاري".
- أو هو: "مجموع
عناصر منقولة مادية ومعنوية يجمعها التاجر وينظمها ليستغلها في ممارسة نشاطه
التجاري وحقه في الاتصال بعملائه أهم هذه العناصر".
مهما اختلفت
التسميات التي تطلق على المحل التجاري كالمتجر أو المؤسسة التجارية إلا أنها تتفق
في تعريفه على أنه مكان معدّ لممارسة التجارة وهو مال منقول معنوي بالدرجة الأولى
مستقل عن مكوناته المادية والمعنوية ويخضع لأحكام قانونية خاصة.
نظم المشرع
الجزائري أحكامه من خلال الكتاب الثاني للقانون التجاري في المواد من 78 إلى 214
قانون تجاري، لكنه لم يتعرض لتعريفه واكتفى بذكر بعض العناصر الإلزامية لاستغلاله
في المادة 78 قانون تجاري إلى جانب بعض العناصر الأخرى في نصوص متعددة ومتفرقة،
حيث تنص المادة أعلاه على ما يلي: "تعد جزءا من المحل التجار ي الأموال
المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري ويشمل المحل التجاري إلزاميا عملاءه و شهرته.
كما يشمل أيضا
سائر الأموال الأخرى اللازمة لاستغلال المحل التجاري كعنوان المحل والاسم التجاري
والحق في الإيجار والمعدات والآلات والبضائع وحق الملكية الصناعية والتجارية كل
ذلك ما لم ينص على خلاف ذلك".
الفرع الثاني: خصائص المحل التجاري
يتميز المحل
التجاري بخصائص تجعله مستقلا في مفهومه عن ما يقاربه من مصطلحات وهي ثلاث خصائص
مال منقول، ومال منقول معنوي، وأخيرا مال ذو طبيعة تجارية.
أولا- مال منقول
يتكون المحل
التجاري من عناصر تتصف بالطبيعة المنقولة مادية كانت أو معنوية كالبضائع والمعدات
وحق الاتصال بالعملاء وحقوق الملكية الصناعية...الخ، والعنصر الوحيد الثابت هو
العقار الذي لا يشمله مفهوم المحل التجاري لأنه تحكمه القواعد الخاصة بالعقار سيما
التصرف فيه.
ثانيا- منقول معنوي
رغم كون المحل
التجاري يتكون من عناصر مادية إلى جانب عناصر معنوية إلا أنها عناصر تتحد لتشكل
وحدة معنوية لها خصائصها المميزة عن كل عنصر من عناصرها، فضلا عن كون طبيعة
العناصر المعنوية هي الغالبة فيه وبالتالي يعدّ المحل التجاري مالا منقولا معنويا
لا يمكن تطبيق القواعد الخاصة بالمنقول عليه كالحيازة سند للملكية فهو يخضع لقواعد
خاصة.
ثالثا- مال ذو طبيعة تجارية
يتكون المحل
التجاري من مجموعة من العناصر رصدت لغرض الاستغلال التجاري وعليه لا يعتبر المحل
تجاريا إلا إذا تمت مباشرة أعمال تجارية به وتستبعد بذلك الأنشطة الحرفية والمهن
الحرة حتى ولو كان لها زبائن ذلك أن ارتباطهم هنا يكون بشخص صاحب العمل لا المحل
في ذاته.
المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للمحل التجاري (التكيف القانوني للمحل التجاري)
ينشأ المحل
التجاري نتيجة تآلف عناصره المادية والمعنوية من أجل تخصيصها للاستغلال التجاري
وهذا من شأنه جذب العملاء للمحل والاحتفاظ بهم، وفي نفس الوقت يمنح قيمة لهذا
المحل، إلا أنه يبقى الجدل قائما حول طبيعة هذا الكيان المستقل أو الوحدة المتميزة
من طرف الفقهاء الذين اختلفوا في تحديد طبيعته، فقال بعضهم بنظرية المجموع
القانوني، والبعض الآخر بالمجموع الواقعي، فيحين اتجه فريق ثالث إلى اعتباره ملكية
معنوية.
الفرع الأول:
المجموع القانوني (أو نظرية الذمة المستقلة)
تبنى الفقه
الألماني هذه النظرية معتبرا المحل التجاري بمجموع قانوني من الأموال يشتمل على
الحقوق والديون الناشئة عن النشاط التجاري لهذا المجموع، وأن هذا المجموع يتمتع
بذمة مالية مستقلة عن صاحب المحل التجاري، كذلك تظهر عليه مقومات الشخصية المعنوية
من خلال امتلاكه لاسم تجاري وعنوان تجاري وعلامة تجارية.
لكن وجهت
انتقادات عديدة لهذه النظرية منها انه لا يمكن إضفاء الشخصية المعنوية على المحل
التجاري نتيجة تمتعه بذمة مالية مستقلة لأن هذه الأخيرة أثر لاكتساب الشخصية
المعنوية.
هذا التوجه لا
تأخذ به العديد من التشريعات ومنها الجزائري الذي يعترف بمبدأ وحدة الذمة المالية التجارية وبالتالي فإن جميع
أموال التاجر ضامنة لديونه تجارية أو مدنية وهذا ما يستفاد من نص المادتين 188
فقرة 1 قانون مدني و216 قانون تجاري.
الفرع الثاني: نظرية المجموع الواقعي (أو الفعلي)
اعتبر شق من
الفقهاء أن المحل التجاري نشأ من تآلف مجموعة من العناصر المادية والمعنوية التي
بمقتضاها يحصل الاستغلال التجاري، بمعنى آخر، أنّ المحل التجاري هو وحدة عناصر
فعلية بوصفه كتلة من الأموال تتجاذب عناصرها وتتعاون لأجل غرض مشترك دون أن يكون
لها ذمة مالية مستقلة.
أسست هذه
النظرية تفاديا للانتقادات التي وجهت لنظرية المجموع القانوني، لكنها لم تسلم هي
الأخرى من الانتقادات ولم تلق قبولا ذلك أنها لم تحدد الطبيعة القانونية للمحل
التجاري رغم اعترافها بطبيعته الخاصة مكتفية بإثبات حالة واقعة تفتقر إلى مدلول
قانوني يوضح الأحكام المطبقة على المحل التجاري.
الفرع الثالث: نظرية الملكية المعنوية (الرأي الأرجح)
يأخذ الرأي الراجح بنظرية الملكية المعنوية
للمحل التجاري، والتي تستند إلى اعتبار أن حق التاجر على المحل التجاري يرد على
شيء غير مادي له ذاتية متميزة عن عناصره، وأن موضوع هذا الحق هو الاحتفاظ بالعملاء
دون ممارسة احتكار وأن قيمة المحل تزداد مع زيادة عدد العملاء الخاصين بهذا المحل
التجاري.
يترتب على
الأخذ بهذه النظرية التي تبناها الفقيه الفرنسي "جورج روبير" أنه يمكن
الاحتجاج بهذه الملكية المعنوية في مواجهة الغير، كما أنها محل حماية عن طريق دعوى
المنافسة غير المشروعة وأن للتاجر حق على كل عنصر من عناصر المحل يختلف عن حقه
عليها مجتمعة.
يبدو تأثر
المشرع الجزائري بهذه النظرية واضحا في نص المادة 78 قانون التجاري حيث اعتبر أن
عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية من العناصر المعنوية الإلزامية للمحل
التجاري.
عناصر المحل التجاري
يتكون المحل التجاري من تآلف عناصر مختلفة منها
المادية وأخرى معنوية لغرض استغلاله متفاوتة في الأهمية حسب النشاط التجاري المزاول
فيه وليس من الضروري تواجدها في كل محل عدا البعض منها وهذا ما ذهبت إليه المادة
78 قانون تجاري كما يتضح أن المشرع الجزائري ركز على إظهار العناصر الإلزامية في
المحل التجاري إلى جانب عناصر أخرى وهي نوعين مادية (المطلب الأول)، وعناصر معنوية
(المطلب الثاني).
المطلب الأول: العناصر المادية للمحل التجاري
يتكون المحل
التجاري من عناصر ذات طبيعة مادية أوردتها المادة 78 قانون تجاري المذكورة سابقا
معدة للاستغلال التجاري وقد جاءت على سبيل المثال لا الحصر وهي الآلات والمعدات (الفرع
الأول)، إلى جانب البضائع (الفرع الثاني).
الفرع الأول: الآلات والمعدات
يقصد بها تلك
المنقولات المخصصة للاستغلال التجاري وتسهيل القيام به، ومثال ذلك الآلات (الماكينات)
المستخدمة في الصناعة إذا ما كان المحل مستغلا لنشاط صناعي، أو تجهيزات المكاتب (الأثاث)،
والسيارات المخصصة لاستغلال المتجر... إلخ وليست مخصصة للبيع، كما أن وجود آلات
ومعدات يعتمد على طبيعة النشاط الممارس ومن ثم تظهر أهميتها.
اعتبر المشرع
الجزائري تطبيقا لنص المادة 683 فقرة 2 قانون مدني أن الآلات والمعدات تعتبر عقارا
بالتخصيص إذا ما وضعت في عقار ملكا للتاجر مخصص لممارسة التجارة (دون أن تفقد
خاصيتها كمنقول) وبالتالي يتم رهنها شريطة فصلها عن العقار (حسب المادة 119 قانون
تجاري)، أما إذا كان المحل مؤجرا فإن تلك الآلات والمعدات تعتبر منقولات.
القاعدة
العامة هي استبعاد العقارات بطبيعتها في تكوين المحل التجاري لأنها تخضع لقواعد
شكلية آمرة عند التصرف فيها (نقل ملكيتها)، وحتى وإن أدى الأمر إلى استحالة مواصلة
النشاط التجاري بها عند التصرف في المحل التجاري، كذلك تخرج من العناصر المادية
المنقولة للمحل التجاري الدفاتر التجارية المستعملة.
الفرع الثاني: البضائع
يقصد بالبضائع
تلك المنقولات المخصصة للبيع سواء كانت سلعا كاملة الصنع أو نصف مصنعة أو مواد
أولية.
تختلف أهمية
البضائع تبعا لنوع النشاط الممارس، فقد تكون جوهرية في بعضها (كالبيع بالتجزئة)،
ولا أهمية لها في نشاطات أخرى كمحل يقدم خدمات مثل البنوك ومكاتب الأعمال...الخ.
ولما كانت
البضائع عرضة لتقلبات الأسعار فإن رهن المحل التجاري أو بيعه لا يشملها، بل يمكن
التصرف فيها سواء بالبيع أو الرهن بشكل مستقل عن أي تصرف قد يرد على المحل التجاري
وهذا ما يفهم من خلال المادة 119 قانون تجاري لأنها تحتفظ بطبيعتها كمال منقول
شريطة أن تكون موجهة للبيع لا جزء من المحل التجاري.
الفرع الثالث: عناصر مادية مستبعدة
هناك عناصر
مادية تخدم المحل التجاري لكنها مستبعدة في تكوينه رغم وجود خلاف فقهي بشأنها وهي:
1- الـعـقـارات: التصرف
الواقع على العقار يخضع للقواعد العامة حتى ولو اتفق الأطراف على اعتبار العقار
ضمن عناصر المحل التجاري لان تقسيم الأموال إلى عقارات ومنقولات من النظام العام.
2- الدفاتر
التجارية: لا تعتبر من العناصر المادية للمحل التجاري وبالتالي لا
تنتقل إلى المشتري عند بيع المحل وإنما يمكنه الإطلاع عليها لمعرفة الوضعية
المالية لبائع المحل فيعتبر حق الاطلاع على الدفاتر من الحقوق المكونة للعناصر
المعنوية للمحل التجاري.
المطلب الثاني: العناصر المعنوية للمحل التجاري
أولى المشرع
الجزائري أهمية خاصة لبعض العناصر المعنوية المشكلة للمحل التجاري في المادة 78
قانون تجاري نظرا لأهميتها وهي عنصر الاتصال بالعملاء والشهرة التجارية كعناصر إلزامية
(الفرع الأول)، مع وجود عناصر أخرى وردت بنص المادة 119 قانون تجاري كبراءة الاختراع،
الرخص... إلخ (الفرع الثاني).
الفرع الأول: العناصر المعنوية الإلزامية
تتفق جلّ
التشريعات على ضرورة وجود عملاء للمحل التجاري وأيضا شهرة تجارية وينعدم المحل
التجاري بانعدام هذين العنصرين، وهو ما ذهب إليه المشرع الجزائري.
أولا: عنصر الاتصال بالعملاء (الحق في العملاء Clientèle)
يقصد بالعملاء
أو الزبائن الأشخاص الذين اعتادوا على التعامل مع المتجر لاقتناء منتجات معينة أو
تلقي خدمات يتم عرضها، وهو عنصر يحدد قيمة المحل عند التصرف فيه.
يعدّ هذا
العنصر جوهريا بالنسبة لأي محل تجاري مهما كان نوع نشاطه إلى حد اعتبار البعض أن
المحل هو عنصر الاتصال بالعملاء، ولهذا السبب يسعى التاجر بكل وسيلة مشروعة إلى
جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن أو الاحتفاظ بهم وذلك بتقديم أفضل العروض، هذا لا
يعني أنه له حق احتكار على العملاء لكنه محل حماية قانونية عن طريق دعوى المنافسة
غير المشروعة إذا ما استعملت وسائل غير قانونية لجذب الزبائن أو عن طريق رفع دعوى
للمطالبة بالتعويض على أساس الضرر (المسؤولية التقصيرية).
ينقسم العملاء
إلى نوعين:
1- عملاء
دائمون وهم من اعتادوا التعامل مع المتجر بسبب جودة البضائع والخدمات التي يقدمها
ونزاهته.
3- عملاء
عرضيون أو عابرون وهم من يجتذبهم موقع المحل أو وسائل الدعاية المستعملة.
ثانيا: الشهرة التجارية (Achalandage)
يرى أغلب
الفقهاء أنه لا وجه للتمييز بين عنصري الاتصال بالعملاء والشهرة التجارية (أو
السمعة التجارية أو المركز التجاري) لأنهما عنصرين متلازمين فكلاهما يؤدي إلى
استغلال المحل التجاري وجذب الزبائن.
لكن استعمال
المشرع للمصطلحين معا دفع إلى إيجاد الاختلاف القائم بهما، فذهب بعض من الفقهاء
إلى اعتبار أن عنصر الاتصال بالعملاء يعتمد على مزايا مرتبطة بشخص صاحب المحل
التجاري وقدرته على جذب الزبائن كطريقة المعاملة والنزاهة، أما عنصر السمعة
التجارية فترتكز على قدرات المحل في ذاته كطريقة بنائه أو موقعه الجغرافي.
الفرع الثاني: عناصر معنوية أخرى للمحل التجاري
تتفاوت أهمية
هذه العناصر حسب النشاط التجاري الممارس ولها أهميتها فلو لا تكامل العناصر الإلزامية
وبعض من العناصر التالية لا مجال للحديث عن محل تجاري وهي الاسم والعنوان التجاري،
والعلامة التجارية، وحقوق الملكية الصناعية، وحقوق الملكية الأدبية، والفنية،
والتراخيص والإجازات، وأخيرا الحق في الإيجار.
أولا: الاسم التجاري
يعني تلك
التسمية المميزة التي يتخذها التاجر تميزا لمحله عن محلات أخرى، وقد يكون الاسم
مبتكرا (مثلا ملابس زهرة الخليج للمحجبات)، أو اسم صاحب المحل (مقهى الحاج محمود
مثلا)، وفي حالة شخص معنوي (شركات) فإنها تخضع لأحكام محددة، وعندئذ يصبح الاسم
التجاري حقا ماليا ويكون محل حماية عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة ويمكن
التصرف فيه تبعا لأي تصرف يقع على المحل التجاري.
ثانيا: حقوق الملكية الصناعية والتجارية والأدبية
1- حقوق
الملكية الصناعية والتجارية: تنقسم بدورها إلى عدة حقوق نوجزها فيما يلي:
أ- براءة
الاختراع: يقصد بالاختراع في المفهوم القانوني كل ابتكار جديد
قابل للاستغلال الصناعي أو يخص منتجات صناعية جديدة أو وسائل صناعية مستحدثة أو
تطبيق جديد لطرق صناعية، ويقصد ببراءة الإختراع تلك الشهادة التي تمنحها الدولة
لمخترع ما لمنحه الحق في احتكار استغلال ابتكاره لمدة معينة وبشروط محددة ليصبح
بعد ذلك ملكا للجميع.
تنتقل حقوق براءة
الاختراع باعتبارها منقول معنوي بكل أسباب نقل الملكية (الإرث، والبيع، والهبة) أو
يمنح ترخيصا لاستغلالها أو التنازل عنها كما قد تنتقل ملكيتها مع المحل التجاري أو
مستقلة عنه.
ب- الرسوم أو
النماذج الصناعية (أو التصاميم): يقصد بها كل ترتيب
للخطوط أو أي شكل مجسم بألوان أو بغير ألوان من أجل استخدامه في الإنتاج الصناعي
بوسيلة آلية أو يدوية أو كيميائية ومن أمثلتها النماذج الصناعية للأشكال
الانسيابية للسيارات وهي جزء من المحل التجاري تنتقل ملكيتها مع نقل ملكية المحل
التجاري إلا إذا وجد اتفاق مغاير لذلك.
جـ- العلامات
التجارية: هي كل إشارة يضعها التاجر على المنتجات التي يقوم
بصناعتها أو بيعها وذلك تمييزا لها عن السلع الأخرى.
تعتبر
العلامات التجارية منقولا معنويا لصيق بالمحل التجاري ولا يمكن التصرف فيها بمعزل
عنه عكس براءة الاختراع التي يمكن التصرف فيها بصفة مستقلة والغاية من ذلك هو
حماية الجمهور الذي وثق بعلامة محل تجاري معين.
2- حقوق
الملكية الأدبية والفنية: ترتبط حقوق الملكية الأدبية والفنية بحقوق
المؤلفين على مصنفاتهم المبتكرة في الآداب والفنون وقد تشكل الحقوق الأدبية عنصرا
جوهريا من العناصر المعنوية للمحل التجاري كما هو الحال بالنسبة لدور النشر
والمسارح.
ثالثا- حق الإيجار
يعتبر الحق في
الإيجار من العناصر الهامة المكونة للمحل التجاري بالنظر إلى موقعه ومدى قدرته على
جذب الزبائن أو العملاء، لذا أولاه المشرع الجزائري الاهتمام من خلال تنظيم أحكامه
بشكل مفصل في المواد من 169 إلى 202 إلى جانب تنظيم قواعد إيجار التسيير في المواد
من 203 إلى 214 قانون تجاري.
يجدر التنويه
أن حق الإيجار مكفول للتاجر المستأجر دون المالك لذا عمد المشرع إلى حماية هذا
الحق بتقرير تعويض عادل يقدمه المؤجر الذي يرفض تجديد عقد الإيجار عند انتهاء مدته
دون مبرر هو تعويض الاستحقاق، ويحق التنازل عن حق الإيجار عند بيع أو رهن المحل
التجاري ما لم يرد في العقد ما يمنع التنازل عنه وحتى الإيجار من الباطن.
يجب أن تتوفر
بعض الشروط للتمتع بحق الإيجار نص عليه المشرع الجزائري وهي:
1- أن يكون
الإيجار واردا على العقارات المذكورة بالمادة 169 قانون تجاري وبالتالي استبعاد
العقارات المملوكة للتاجر والتي يستغلها لممارسة نشاطه التجاري.
2- أن يكون
الإيجار من اجل ممارسة نشاط تجاري.
3- أن تكون
مدة الإيجار سنتين فأكثر سواء بعقد مكتوب أو شفهي بعدها كانت لمدة أربعة (04)
سنوات إذا كان الإتفاق شفاهة.
رابعا- التراخيـص (أو الإجازات)
تصدرها جهات إدارية معينة تمنح لأشخاص يرغبون في مزاولة
أنشطة تجارية محددة كرخصة استغلال مقهى أو بيع مشروبات (خاصة المشروبات الكحولية) أو
صناعة معينة وبدون الرخصة لا يمكن ممارسة النشاط وقد ذكرت بصدد تنظيم أحكام رهن
المحل التجاري من خلال المادة 119 قانون التجاري، ولها عمليا عدة تسميات كالتراخيص
أو الاعتماد حيث تمنح للمعني مقابل توفر شروط محددة سلفا.
حماية المحل التجاري من المنافسة غير المشروعة
تزدهر التجارة
بتوفر محيط من المنافسة بين التجار في مختلف الأنشطة الذي ينعكس بشكل ايجابي على
اقتصاد الدولة ويرفع من مستوى جودة الخدمة المقدمة أو نوعية السلعة المعروضة للبيع
وعلى الأسعار ويجذب العملاء، والأصل أن المنافسة الحرة هي من الأعمال المشروعة
مادامت تتم في جو من الشرف والنزاهة والصدق لكن إذا خرج التاجر عن الأسلوب النزيه
في المنافسة وألحق ضررا بالمنافس وبالتالي بالمحل التجاري فرض المشرع الجزائري
حماية من مثل هذه التصرفات عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة، فما هو مفهوم
المنافسة غير المشروعة؟ (المطلب الأول)، وكيف ترفع هذه الدعوى؟ (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مفهوم المنافسة غير المشروعة
تعتمد التجارة
على المنافسة ومن اجل حمايتها وضع المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات وسائل
وآليات قانونية تكفل هده الحماية مع ذلك قد يلجأ بعض التجار إلى طرق أخرى غير
قانونية في المنافسة ومثل هذه التصرفات وضحها المشرع حتى يضع حدا فاصلا بين ما هو
مشروع وما هو غير مشروع حماية للمحل التجاري رغم صعوبة ودقة الموضوع في إطار ما يعرف
بالمنافسة غير المشروعة من حيث التعريف بها (الفرع الأول) وتحديد صوّرها (الفرع
الثاني).
الفرع الأول: تعريف المنافسة غير المشروعة
يقصد
بالمنافسة غير المشروعة استخدام التاجر لطرق ووسائل منافية للقوانين أو الأعراف أو
العادات التجارية وهي تختلف عن المنافسة الممنوعة التي يقصد بها غياب عنصر
المنافسة على الإطلاق سواء تم استعمال وسائل مشروعة أو غير مشروعة، فالمنافسة
الممنوعة أو المحظورة هي المنافسة الممنوعة بقوة القانون أو باتفاق الأطراف.
1- المنافسة
المحظورة بقوة القانون: حيث يرد نص قانوني يحظر القيام بنشاط تجاري
معين إلا بتوفر شروط أو مؤهلات خاصة تتطلبها طبيعة النشاط الممارس، كما يمكن أن
يكون النشاط حكرا للدولة فلا مجال للمنافسة بنص قانوني كالتجارة بالأسلحة.
2- المنافسة
المحظورة باتفاق الأطراف: حيث تكون ممنوعة بناءا على اتفاق بين الأطراف،
وتأخذ صوار مختلفة:
- اتفاق مؤجر
العقار بعدم منافسة المستأجر.
- التزام
البائع بعدم منافسة المشتري.
- اتفاق
التوزيع الحصري أي أن يتفق التاجر على شراء السلع التي ينتجها المصنع المتعاقد معه
دون غيره من المصانع التي لها نفس السلعة أو أن يبيعه منتوجات ما للتاجر دون سواه
شريطة أن يكون هذا الاتفاق محددا في الزمان والمكان.
- الاتفاق على
تنظيم الإنتاج من حيث الكمية وتحديد الأسعار دون أن يكون الغرض منه خلق احتكار أو
التحكم في الأسعار.
الفرع الثاني: صور المنافسة غير المشروعة
يتعين لقيام
منافسة غير مشروعة أن يكون كلا من الفاعل والمضرور يقومان بنشاط مماثل أو متقارب
وتأخذ هذه المنافسة صوّر هي:
أولا: تشويه سمعة التاجر
يهدف القائم
بهذه الأعمال إلى الطعن في سمعة التاجر المنافس أو في ائتمانه للمساس بمركزه وسط
التجار أو بالطعن في جودة البضائع التي ينتجها أو يبيعها حتى ينصرف عنه العملاء.
ثانيا: إحداث خلط بين المؤسسات أو المنتجات
تتخذ هذه
الممارسات الغير قانونية أشكالا مختلفة منها:
- استعمال نفس
الاسم التجاري أو العنوان التجاري لمحل تجاري أخر له نفس النشاط.
- تقليد
العلامات التجارية أو النماذج والرسوم المملوكة لمحل تجاري منافس.
- وضع بيانات
غير صحيحة ومعلومات مزيفة على المنتجات المعروضة.
- تقليد
المظهر الخارجي والديكورات التي اتخذها محل تجاري سابق لتغليط الجمهور بإعتقاده
أنه نفس المحل السابق.
ثالثا: إحداث الفوضى أو الاضطراب في مشروع المنافس
يحتاج أي
مشروع للاستقرار من أجل بناء سمعة تمنحه مكانة في السوق وائتمان، وزعزعة مثل هذا
الإستقرار من طرف مشروع منافس بطريقة منافية لقواعد المنافسة يعدّ عملا غير مشروع
كالسعي إلى كشف أسرار منافسه أو تحريض العمال على عدم العمل أو التأثير عليهم وإغرائهم
بمناصب أفضل أو بدفع أجور أعلى خاصة أصحاب المهارات التي لها أثرها في نشاط
المشروع تحديدا في اجتذاب العملاء.
رابعا: تعمد تخفيض الأسعار لجذب العملاء
يعتبر البيع
بسعر أقل من سعر الغير عملا مشروعا طالما لم يكن لفترة طويلة -أي ليس من البيوع
الموسمية- ولم تلازم البيع عملية اشهارية تشير إلى انخفاض الأسعار ومقارنتها
بأسعار الغير لتحطيمهم والتأثير في عملائهم ولم يكن السعر أقل من سعر التكلفة أو
يكون البيع بسعر أقل مما هو متفق عليه وإلا أعتبر هذا النوع من البيوع من
الممارسات المحظورة.
المطلب الثاني: دعوى المنافسة غير المشروعة
يملك المتضرر
نتيجة المنافسة الغير مشروعة أن يطالب بحقوقه أمام القضاء عن طريق رفع دعوى بذلك
والسؤال المطروح هو على أي أساس ترفع دعوى المنافسة غير المشروعة؟ (الفرع الأول)
ومتى يمكن رفعها، أي ما هي شروط رفع دعوى المنافسة غير المشروعة؟ (الفرع الثاني)
وما هي أثار هذه الدعوى؟ (الفرع الثالث).
الفرع الأول: أساس دعوى المنافسة غير المشروعة
اختلف الفقهاء
في تحديد الأساس القانوني لرفع دعوى المطالبة بجبر الضرر الحاصل نتيجة ممارسات
تجارية غير قانونية واعتمدوا أسسا مختلفة.
أولا: على أساس المسؤولية التقصيرية
تستند دعوى
المنافسة غير المشروعة حماية للمحل التجاري على نفس أساس دعوى المسؤولية التقصيرية
التي نص عليها المشرع الجزائري في المادة 124 قانون مدني وذلك بتحقق الضرر كنتيجة
مباشرة للفعل الغير مشروع المرتكب.
ثانيا: على أساس التعسف في استعمال الحق
يرى جانب أخر
من الفقه أن أساس الدعوى هو التعسف في استعمال الحق وليست المسؤولية التقصيرية ذلك
أن المنافسة أصلا عمل مشروع في النشاط التجاري فإذا انحرف التاجر عن السلوك
المشروع فلا يعدّ مرتكبا للخطأ الذي يتوجب قيام المسؤولية التقصيرية وإنما تعسف في
استعمال حق مقرر له قانونا ومعمول به في الأعراف التجارية وعادات التجارة.
ثالثا: من الدعاوى العينية
من منطلق
الانتقادات التي وجهت للأساسين السابقين يرى جانب أخر من الفقه أنّ التاجر الذي
يقوم بأعمال منافسة غير مشروعة يهدف بالدرجة الأولى إلى إلحاق الضرر بمنافسه أو
تحقيق مصالح غير مشروعة لا ترقى إلى درجة الضرر الذي يلحق بالغير.
يرى بالمقابل
اتجاه أخر أنه لا عبرة بالأساسين أي المسؤولية التقصيرية أو التعسف في استعمال
الحق فالغاية منها هو التعويض فقط بينما دعوى المنافسة غير المشروعة المرفوعة
حماية للمحل التجاري تتجاوز مجرد الحصول على تعويض عن الضرر الحاصل إلى فرض حماية
منعا لوقوع ضرر في المستقبل فهي وسيلة حماية وقائية وليست مجرد وسيلة تعويضية
غايتها أيضا حماية المحل التجاري من الاعتداء عليه وذلك بالمحافظة على العملاء من
اجل استمرارية نشاطه.
الفرع الثاني: شروط دعوى المنافسة غير المشروعة
ترفع دعوى
المنافسة غير المشروعة بتوفر نفس شروط رفع دعوى المسؤولية التقصيرية وهي:
أولا- وجود منافسة غير مشروعة
يقتضي الحكم
بوجود منافسة غير مشروعة إتيان فعل ينطبق عليه ذلك الوصف وهو بمثابة الخطأ في قيام
المسؤولية التقصيرية ويجب أن يكون المتنافسين ينشطان في نفس المجال أو متقاربين
بحيث يسهل تحويل العملاء عن المحل المستهدف.
يشترط أيضا
لوجود منافسة غير مشروعة أن يكون النشاطان المتنافسان قائمين وقت إرتكاب الأفعال
غير المشروعة أو مشروع قائم واخر قيد الإنشاء.
ثانيا: تحقق الضرر
تقوم دعوى
المنافسة غير المشروعة على عنصر الضرر مثل دعوى المسؤولية التقصيرية، ويستوي أن
يكون الضرر حاصلا فعلا أو إحتماليا حسب رأي الفقه وهنا يقع وجه الاختلاف بين الضرر
الحاصل في دعوى المنافسة غير المشروعة ودعوى المسؤولية التقصيرية إذ يمكن رفع
الدعوى من اجل حماية المحل التجاري من المنافسة غير المشروعة ليس نتيجة ضرر حاصل
فعلا لكن قد يشكل تهديدا بالنسبة للمستقبل فهذه الدعوى ليست دعوى تعويض وجبر الضرر
فقط لكن لها دور وقائي.
ثالثا: علاقة السببية
يشترط وجود رابطة
السببية بين الخطأ الحاصل المتمثل في الفعل غير المشروع المرتكب من طرف المنافس
وبين الضرر الواقع المؤدي للمطالبة بالتعويض الضرر مستقبلا.
المرجع
- د. شتوان حياة، محاضرات في مقياس القانون التجاري، موجهة لطلبة السنة الثانية نظام ل م د جذع مشترك – السداسي الثالث، جامعة آكلي محند أولحاج، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، من الصفحة 85 إلى ص100.