مذكرة ماستر : عقوبة الإعدام بين المؤيدين لها والمعارضين

مذكرة ماستر: عقوبة الإعدام بين المؤيدين لها والمعارضين

مذكرة ماستر : التقدير القضائي للتعويض في مجال المسؤولية المدنية
نظرة عامة:
جامعة محمد خيضر – بسكرة –
مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق

الموضوع : عقوبة الإعدام بين المؤيدين لها والمعارضين

تخصص : قانون جنائي
إعداد الطالب : فيصل مغازي
الموسم الجامعي : 2014/2015
مقدمة
لاطالما اعتبر موضـوع الإعـدام لكثیـر مـن دارسـي علـم الإجـرام والعقـاب وكـذلك الباحثین في العلـوم الاجتماعیـة والإنسـانیة مثـار جـدل واسـع، فكانـت وجهـات نظـر الفقهـاء فیــه تختلــف بــاختلاف البیئــة التــي عایشــوها أو الاتجــاه الــدیني الــذي اتبعــوه أو الأفكــار الفلسفیة التي اعتنقوها.
والإعدام باعتباره عقوبة قانونیة فهو یعتلي هرم العقوبـات التـي تقررهـا معظـم الشـرائع الدنیویة والسماویة علـى حـد السـواء، لجسـامتها وخطورتهـا ومساسـها بحـق مقـدس هـو الحـق في الحیاة .والحكم بهذه العقوبة عادة ما یثور النقاش حـول مشـروعیتها مـن جهـة و جـدواها من جهة أخرى.
ویكتسي هذا الموضوع أهمیة خاصة في المجتمعات التي تعاني مـن تفشـي الظـاهرة الإجرامیة ، بحیث تصبح الحیاة العامة فیها معرضة في كل وقت للهـزات والصـدمات التـي من شأنها أن تعرقل سیر العجلة الاقتصـادیة كمـا تـؤثر علـى العلاقـات الطبیعیـة، والأخطـر مــن كــل هــذا أن تســعى المجتمعــات النامیــة بالــذات لإعــادة التــوازن المــذكور عــن طریــق وسـائل عنیفـة وفــي مقـدمتها عقوبــة الإعـدام ولعــل لجوءهـا إلــى تلـك العقوبــات مـرده رضــا الـرأي العـام فیهـا، رغـم أن الحكـم بالإعـدام أصـبح الیـوم موقـف یتنـاقض تمامـا مـع دعـوات الإصلاح الاجتماعي الحدیثة التي ترى أن مكافحة الإجرام لا تكون بتشـدید العقوبـات بـرأي الـبعض لأنـه مـن الصـعب كمـا یقـول مونتیسـكو ) تبـدیل عقائـد الشـعوب بـالقوة وإنمـا یجـب دفعهم إلى تبدیل عاداتهم وقوانینهم بذاتهم ( وهي عملیة تتطلب الكثیر مـن حسـن التخطـیط والدراســات المعمقــة والبدایــة العملیــة عــن صــعید التطبیــق الیــومي وفــي مختلــف المجــالات المتاحة لتحقیق الأهداف المرجوة.
وعلیـه أصـبح حكــم الإعـدام -كمـا ســبق ذكـره- محــل نقـاش حـاد مــن حیـث مــدى نجاعـة العقوبـة فـي كـبح الجریمـة وتحقیـق الغایـة المرجـوة منهـا طبقـا للمبـدأ الحـدیث الـذي تقوم علیه السیاسة الجنائیة وحسب ما یراه الاتحاد الدولي الجنائي من مدلول هذه الأخیرة.
وتتعالى الأصوات في الآونة الأخیرة للمطالبة بإلغاء عقوبـة الإعـدام مـن القـوانین والدسـاتیر العربیة، تبعاً لما هو معمول به في الدول الغربیة المتقدمة احترامـاً لقـوانین وحقـوق الإنسـانة على غرار ما طالب به ناشـطون حقوقیـون فـي الجزائـر مـن الحكومـة بإلغـاء أحكـام الإعـدام من قانون العقوبات كما جاء على لسان رئیس الرابطة الجزائریة للدفاع عن حقوق الإنسـان نور الدین یسعد بتاریخ  3دیسمبر  2014أن الجزائر مطالبة بتنفیذ التزاماتها الدولیة بشـأن إلغـاء حكـم الإعـدام مـن المنظومـة العقابیـة ، بعـد توقیـع الجزائـر علـى لائحـة الأمـم المتحـدة المتعلقة بتجمید تنفیذ أحكام الإعدام عام 1993وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر إقلیمـي حـول (التخلي عن عقوبة الإعدام في الشرق الأوسط وشمال إفریقیا).
ولعل ابرز ما أعاد إثارة هذا الموضوع فـي الجزائـر ازدیـاد قضـایا اختطـاف الأطفـال وقـتلهم بطریقة بشعة وعنیفة وإبراز وسائل الإعلام المختلفـة لمـا یسـمونه فشـل النظـام القضـائي فـي ردعها وإنهائها،ولعل النظم القانونیة المقارنة قد شهدت هذا الجدل منذ زمـن لـیس بالقلیـل و إن لم یحسم في الكثیر منها إلا انه یبقى موضوعا جدیرا بالمناقشة والبسط.
إن هــذا الجــدل نــتج عنــه تیــاران أحــدهما معــارض لعقوبــة الإعــدام والآخــر مؤیــد لهــا وینادي بإبقائهـا ونظـرا لتعلـق هـذا الجـدل بـأهم الحقـوق الفردیـة –ألا وهـو الحـق فـي الحیـاة- فقد أخذ طابعـا دولیـا كـان لـه بـالغ الأثـر علـى موقـف التشـریعات الجنائیـة الحدیثـة فـي تبنـي أحـد الـرأیین أخـذا بحكـم الإعـدام أو إلغائـه نصـا وتطبیقـا ، فهـل تعتبـر عقوبـة الإعـدام حـلا ناجعا لكبح جماح الإجرام أو على الأقل التخفیف مـن حدتـه ومنـه یتوجـب الإبقـاء علیهـا أو مشكلة تهدد حق الفرد في الحیاة وبالتـالي لا بـد مـن التوقـف عـن النطـق بهـا نهائیـا وإلغائهـا نصا وتطبیقـا ؟
ولقد ارتأینا أن نعالج موضـوعنا مـن هـذا المنطلـق وفقـا للخطـة التالیـة والتـي تتكـون مـن فصــلین یكــون الأول فیهمــا فصــلا مفاهیمیــا نبــین مــن خلالــه عقوبــة الإعــدام وتطورهــا التاریخي، أما الفصل الثاني فقد خصصناه لدراسة الجدل القائم حول إبقـاء أو إلغـاء عقوبـة الإعـدام وموقـف الفقـه الجنـائي منهـا وانتهینـا فیـه إلـى موقـف المشـرع الجزائـري ، وقـد مهـدنا لهـذا الحـدیث بمبحـث تمهیـدي تناولنـا فیهـا ماهیـة العقوبـة فـي حـد ذاتهـا لعلـه یكـون  اعـم للفائدة واستهلالا مناسبا للموضوع.
التحميـل
google-playkhamsatmostaqltradent