جنسية الشركة

جنسية الشركة

للشركة بصفتها شخص معنوي جنسية تربطها بدولة معينة كما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي، إلا أن جنسية الشخص الطبيعي تثبت بمراعاة نسبة (حق الدم) أو بمراعاة مكان ولاداته أو توطنه في إقليم الدولة (حق الإقليم)، إلا أن جنسية الشركة كشخص معنوي لا تحدد إلا بموطنها أي بالدولة التي تتخذ فيها الشركة مركز إدارتها الرئيسي الفعلي، هذا وللشركة جنسية واحدة بالضرورة مستقلة عن جنسية الشركاء أو جنسية القائمين على الإدارة، فإذا فقدت الشركة جنسيتها لسبب من الأسباب دون أن تكتسب جنسية أخرى، وجب حلها وتصفيتها وتقسيم أموالها، فبخلاف الشخص المعنوي الذي قد تكون له إلا جنسية واحدة، فالشخص الطبيعي قد تكون له أكثر من جنسية واحدة أو يكون عديم الجنسية أصلا، وهكذا فيجب أن تتصف الشركة بصفتها شخص معنوي بدولة واحدة معينة فتكتسب جنسية هذه الدولة ويطبق عليها قانون الدولة التي اكتسبت جنسيتها وذلك فيما يتعلق بتأسيسها وإدارتها وانحلالها وتصفية أموالها، هذا وقد يحدث بأن تباشر الشركة نشاطها في دول متعددة، كما هو الحال عليه خاصة بالنسبة للشركة البترولية وشركة النقل برا أو جوا، وقد جرت العادة على تسمية هذه الشركات على أنها شركة متعددة الجنسية، مع العلم أن الشركات كما قدمنا لا تكتسب إلا جنسية بلد واحد ولكن هذا لا يمنع من أن تكون عابرة للقارات، وإذا باشرت شركة أجنبية نشاطا لها في ضمن القطر الجزائري فيطبق عليها التشريع الجزائري، وهكذا فإن المشرع الجزائري قد حسم في مشكل تنازع القوانين في المكان بقوله بأن التشريع الجزائري دون غيره هو الذي يطبق على الشركات الأجنبية والتي تباشر نشاطها داخل القطر الجزائري، هذا وتتحدد جنسية الشركة في موطنها كأصل عام كما جاء ذلك في المادة 547 تجاري، بمعنى أن الشركة تكتسب كأصل عام جنسية الدولة التي يوجد بإقليمها مركز إداراتها الرئيسي الفعلي ذلك لأن هذا المركز هو بمثابة العقل المحرك للشركة وبه يتركز عادة نشاطها وينعقد إدارة الشركة ويقع الإشراف على هذه الإدارة، والعبرة في هذا الشأن كما قدمنا بمركز الإدارة الرئيسي الفعلي فإذا توزعت الإدارة فيعتد بالمركز الرئيسي دون مراكز الإدارة المحلية أو الفرعية، كما يعتد بمركز الإدارة الرئيسي الفعلي، والمركز الفعلي لإدارة الشركة هو الذي تجري به إدارة الشركة فعلا فإذا ما كانت الشركة شركة مساهمة يكون مركز إدارتها الرئيسي الفعلي في المكان الذي ينعقد فيه فعلا مجلس إدارة الشركة وجمعية المساهمين ومراقبوا حسابات الشركة ويكون فيه المدير العام للشركة، فلا يعتد بالمركز الذي تتخذه الشركة في بلد أجنبي والذي ينص عليه في عقدها التأسيسي إذا ما كان صوري لا يتفق مع حقيقة الواقع، إذا ما كان مركز إدارة الشركة الرئيسي الفعلي بالمعنى المتقدم في القطر الجزائري كانت الشركة شركة جزائرية وخضعت بالتالي لأحكام القانون الجزائري دون غيره، وكذلك تخضع لأحكام القانون الجزائري دون غيره الشركات الأجنبية إذا ما باشرت نشاط في القطر الجزائري حتى وإن كان مركز إدارة الشركة الرئيسي الفعلي في خارج القطر الجزائري وذلك لحماية الدولة الجزائرية اقتصاديا وسياسيا، إن معيار تحديد جنسية الشركة يختلف باختلاف الدول كما يختلف تبعا للمكان كما يختلف تبعا لاختلاف الزمن، وهكذا فإن أغلبية الدول الأوروبية ودول أمريكا اللاتينية أخذت كما هو الحال في التشريع الجزائري بمعيار مركز إدارة الشركة الرئيسي الفعلي لتحديد جنسية الشركة، وأما الدول الأنجلوسكسيونية والدول الاسكندينافية أخذت بمعيار مكان تأسيس الشركة أو مكان التجنيد أو بمعيار المراقبة والإشراف لتحديد جنسية الشركة، وأما التشريع الفرنسي فأخذ بمعيار الموطن في تحديد جنسية الشركة وذلك في نص المادة 3 من قانون الشركات الجديد لعام 1996.

المرجع :


  1. أ.عمورة عمار، شرح القانون التجاري الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2016، من ص 157 إلى ص 158.
google-playkhamsatmostaqltradent