انتهاء علاقة العمل

انتهاء علاقة العمل

انتهاء علاقة العمل

يمكن أن تصل علاقة العمل إلى حالة لا يمكن الاستمرار فيها و وجوب إنهائها لأسباب عديدة ومختلفة، منها ما يتعلق بالحالات الإرادية للأطراف المتعاقدة وأخرى خارجة عن إرادة كل من العامل وصاحب العمل، هذا ما سنتناوله من خلال ما يلي:

  • المبحث الأول: الحالات الإرادية لإنهاء علاقة العمل.
  • المبحث الثاني: الحالات اللاإرادية لإنهاء علاقة العمل.

المبحث الأول: الحالات الإرادية لانتهاء علاقة العمل

بما أن عقد العمل يخضع لإرادة طرفي العلاقة، فقد يرغب أحد الأطراف في إنهاء علاقة العمل ووضع حد لها، سواء برغبة من العامل كما في حالة الفسخ والاستقالة أو يكون بإرادة رب العمل عندما يتخذ التسريح التأديبي أو اتخاذ إجراءات تسريح العمال.

المطلب الأول: إنهاء علاقة العمل بإرادة العامل

يمكن للعامل إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة، وذلك من خلال انتهاجه أسلوب الاستقالة (الفرع الأول) أو المبادرة بفسخ العقد والتحرر من التزاماته، مع ضرورة احترام جميع الإجراءات المعمول بها (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الاستقالة

تعتبر الاستقالة أو إنهاء علاقة العمل بإرادة العامل من الحقوق المعترف بها له إذ تضمنها قانون علاقات العمل في مادته 66 الفقرة 3 منه، حيث يمكن للعامل إبداء رغبته في فسخ علاقة العمل مع الهيئة المستخدمة طبقا لنص المادة 68 من القانون 90-11، فيقدم استقالته كتابيا ويغادر منصب عمله بعد مهلة إشعار مسبق وفقا للشروط التي تحددها الاتفاقيات والاتفاقات الجماعية، وإذا أخل بهذا الالتزام يمكن للمستخدم مطالبته بدفع تعويض عن الأضرار التي ألحقها به بسبب أنه لم يترك له مهلة ليوظف من يستخلفه في منصب عمله.

وتقدم الاستقالة للهيئة المؤهلة قانونا لاستقبالها في شكل طلب كتابي، ولا يسري مفعولها إلا بعد قبولها من طرف المستخدم، فلا يترتب تصريح العامل عن استقالته أمام هيئة غير مؤهلة ولا مختصة للنظر فيها آثارا هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها رقم 420 235 الصادر في 29-03-2002 ، ولا يمكن الاعتراض على حق العامل في إبداء رغبته في فسخ علاقة العمل.

الفرع الثاني: الفسخ

يمكن لأحد الطرفين في عقد العمل المبادرة بفسخ العقد في حالة استحالة تنفيذ التزاماتهم العقدية، كحالة فقدان العامل لحريته بسبب حكم قضائي مع ضرورة احترام إجراءات الفسخ كالإعلان المسبق بالرغبة في الفسخ و يمكن للفسخ أن يخضع للرقابة القضائية اللاحقة، حيث يتحمل الطرف المبادر بالفسخ مسؤولية إثبات السبب المشروع، وإذا تخلف شرط الإخطار المسبق تحول إلى فسخ فجائي يترتب عليه دفع تعويض للطرف المتضرر، أما في حالة الفسخ التعسفي الذي يقصد منه عدم استناد الفسخ على سبب جدي و حقيقي كفسخ العقد بسبب مزاولة العامل لنشاط نقابي أو انتمائه لحزب معين، فيمكن للعامل رفع دعوى قضائية للمطالبة بإلغاء القرار أو التعويض عن الضرر اللاحق من جراء ذلك.

المطلب الثاني: إنهاء علاقة العمل بإرادة رب العمل

نصت المادة 66 من القانون 90-11 على الحالات التي تنتهي بها علاقة العمل ومن ضمنها العزل، غير أنه تم تعويض هذا المصطلح بمصطلح التسريح في المادة 73 من نفس القانون وعلى عكس قانون 82/06 فان القانون 90-11 أشار إلى التسريح مجردا ولم ينص على التسريح التأديبي، والى جانب التسريح لأسباب اقتصادية المنظم بموجب المرسوم التشريعي 94/09 يوجد في القانون الجزائري نوع واحد من التسريح هو التسريح التأديبي.

الفرع الأول: التسريح التأديبي

يعترف لصاحب العمل بحق إيقاف وفصل العامل الذي يثبت في حقه ارتكاب الخطأ الجسيم أثناء تأديته لعمله أو بمناسبة ذلك، وهذا قصد حماية مصالحه، وضمان استقرار وفعالية النظام في المؤسسة المستخدمة وذلك وفقا لنص المادة 73 من القانون 90-11 المتعلق بعلاقات العمل.

أولا: مضمون التسريح التأديبي: تتمتع المؤسسة المستخدمة بحق إيقاف وفصل العامل عند ارتكابه لخطأ جسيم أثناء قيامه بعمله أو بمناسبة ذلك، حيث حدد المشرع الأخطاء الجسيمة ليمنح ضمانات للعامل ضد تعسف أصحاب العمل في استعمال حقه في التسريح وذلك في نص المادة 73 فقرة 1:يتم التسريح التأديبي في حالة ارتكاب العامل أخطاء جسيمة.

وتتمثل الأخطاء الجسيمة في تلك المحددة في التشريع الجزائي والتي ترتكب أثناء العمل، وكذا الأخطاء المحددة في المادة 73 فقرة 2 والمتمثلة فيما يلي:

1. رفض العامل لتنفيذ التعليمات المرتبطة بالتزاماته المهنية دون عذر مقبول والتي قد تلحق أضرارا بصاحب العمل.

2. إذا أفشى معلومات مهنية تتعلق بالتقنيات والتكنولوجيا، وطرق الصنع والتنظيم أو وثائق داخلية للهيئة المستخدمة، إلا إذا أذنت له السلطة المعنية بذلك أو أجازها القانون.

3. إذا شارك في توقف جماعي وتشاوري عن العمل خرقا للأحكام التشريعية الجاري بها العمل في هذا القانون.

4. إذا قام بعمليات عنف.

5. إذا تسبب عمدا في أضرار مادية تصيب البنايات والمنشآت والأدوات والمواد الأولية التي لها علاقة بالعمل.

6. إذا رفض تنفيذ أمر التسخير الذي تم تبليغه وفقا لأحكام التشريع المعمول به.

7. إذا تناول مخدر أو كحول داخل مكان العمل.

ثانيا: إجراءات الفصل التأديبي والضمانات المقررة للعامل: حسب نص المادة 73-1 من القانون رقم 90-11 المتعلق بعلاقات العمل على المستخدم أن يراعي أثناء تحديد الخطأ الجسيم الظروف التي ارتكب فيها الخطأ ومدى اتساعه ودرجة خطورته والضرر الذي ألحقه، وكذا سيرة العامل حتى تاريخ ارتكابه الخطأ.

يجب على صاحب العمل احترام إجراءات التسريح المنصوص عليها في نص المادة 73-2 المتعلق بعلاقات العمل، فيجب احترام الإجراءات المحددة في النظام الداخلي، كما يجب تبليغ العامل كتابيا على قرار التسريح واستماع المستخدم للعامل المعني، ويكون ذلك بحضور شاهد مختار من بين العمال التابعين للهيئة المستخدمة.

وتتسم هذه الإجراءات بطابع الإلزامية و أي خرق لها يعتبر التسريح تعسفيا وذلك حسب نص المادة 73-3 المتضمن قانون علاقات العمل، و تقوم المحكمة بإلغاء قرار التسريح ابتدائيا و نهائيا بسبب عدم احترام الإجراءات، وتمنح العامل تعويضا ماليا على نفقة المستخدم و الذي لا يقل عن الأجر الذي يتقاضاه.

الفرع الثاني: التسريح لأسباب اقتصادية

يقصد به تسريح أكثر من عامل دفعة واحدة أو وفق جدول زمني محدد بصفة متلاحقة نظرا لأسباب اقتصادية، وهو إجراء يتخذه صاحب العمل عندما يتعرض لصعوبات مالية أو تجارية أو تقنية تفرض عليه التخفيف أو التقليل من عدد العمال كحل وحيد لإعادة توازنه الاقتصادي والمادي، وقد نصت عليه المادة 69 فقرة 1 من القانون 90-11 والتي نصت على ما يلي: يجوز للمستخدم تقليص عدد المستخدمين إذا بررت ذلك أسباب اقتصادية.

أولا: الآليات القانونية للتسريح لأسباب اقتصادية: لقد عمل المشرع الجزائري على إحاطة عملية التسريح لأسباب اقتصادية بعدة آليات وتدابير يستوجب على صاحب العمل القيام بها كخطوة أولى قبل اللجوء إلى التسريح والمتمثلة فيما يلي:

أ:إعداد ملف متكامل حول أسباب ودوافع اللجوء إلى التسريح لأسباب اقتصادية: وذلك وفقا لنص المادة 10 من المرسوم التشريعي 94-09 المؤرخ في 26 ماي 1994 المتضمن الحفاظ على الشغل وحماية الأجراء الذين قد يفقدون عملهم.

ب: إتخاذ التدابير الأولية للمحافظة على مناصب العمل: يمكن للإدارة المستخدمة وفقا لما نصت عليه المادة 7 من المرسوم التشريعي 94-09 المتضمن الحفاظ على الشغل وحماية الأجراء الذين قد يفقدون عملهم، بحيث أن تتخذ إجراء واحد أو عدة إجراءات أو كل الإجراءات حيث نصت المادة على ما يلي:

تشمل المرحلة الأولى من الجانب الاجتماعي إجراء واحد أو عدة إجراءات أو كل الإجراءات الآتية:

- تكييف النظام التعويضي ولا سيما العلاوات والتعويضات المرتبطة بنتائج العمل.

- إعادة دراسة أشكال مرتب العمل ومستوياته، بما فيه مرتبات الإطارات المسيرة أو تجميد الترقية.

- تنظيم عمليات التكوين التحويلي للأجراء الضرورية لإعادة توزيع العمال.

- إلغاء تدريجي للجوء إلى العمل بالساعات الضافية.

- إحالة الأجراء الذين بلغوا السن القانونية على التقاعد وأولئك الذين يمكنهم الاستفادة من التقاعد المسبق.

- إدخال تقسيم العمل والعمل بالتوقيت الجزئي.

-عدم تجديد عقود العمل لمدة معينة.

ثانيا: التفاوض حول الملف الاجتماعي: في هذا الجانب نصت المادة 10 من المرسوم التشريعي 94-09 على أنه: يعرض المستخدم أو ممثله محتوى يشمل مجموع التدابير المقررة في الجانب الاجتماعي بمجرد المصادقة عليها على لجنة المساهمة والمنظمات النقابية التمثيلية لعمال المؤسسة في إطار اجتماعات منفصلة تعقد خصيصا لهذا الغرض.

يرفق الاستدعاء بوثيقة تتضمن محتوى الجانب الاجتماعي.

وأضافت المادة 11 من القانون نفسه على أنه :تهدف الاجتماعات المنصوص عليها في المادة 10 أعلاه، على الخصوص، إلى تهيئة الظروف الملائمة للتشاور حول مضمون الجانب الاجتماعي و شروط تنفيذه بحيث تسمح:

- للأطراف أن تؤكد على إرادتها في اللجوء إلى المصالحة و الوساطة وعند الاقتضاء إلى التحكيم لحل كل نزاع يطرأ في هذا المجال.

- لممثلي الهيئة المستخدمة أن يوضحوا و يعرضوا الوضع الاقتصادي والمالي وكذا مضمون الجانب الاجتماعي.

- لممثلي العمال أن يعبروا عن أرائيهم واقتراحاتهم و ملاحظاتهم وتوصياتهم حول مضمون الجانب الاجتماعي.

تشكل هذه الاجتماعات و المشاورات الإطار الذي يتم فيه التفاوض في شكل لجان مشتركة متساوية الأعضاء بهدف التوصل إلى اتفاق خاص بالمسائل العملية والإجرائية و المالية و المهنية المترتبة على إجراء التسريح، وتنتهي بتحرير محضر يوقعه الطرفان ويثبت نقاط الاتفاق وعند الاقتضاء المسائل التي تكون محل تحفظ أو اختلاف وذلك حسب نص المادة 13 من القانون السالف الذكر.

وفي حالة استمرار الاختلافات حول عنصر أو عدة عناصر من الجانب الاجتماعي وقبل تنفيذ المستخدم له، يمكن للأطراف اللجوء إلى المصالحة أو التحكيم حسب الشروط المنصوص عليها في التشريع المعمول به، وهو ما نصت عليه المادة 14 المرسوم المتعلق بالحفاظ على الشغل وحماية الأجراء الذين يفقدون عملهم بصفة لا إرادية.

ولا يطبق الجانب الاجتماعي الذي تم الاتفاق عليه إلا بعد إيداع المستخدم له لدى كتابة ضبط المحكمة و مفتشية العمل المختصتين إقليميا، وفقا للآجال والكيفيات المتفق عليها وفي ظل احترام أحكام هذا المرسوم التشريعي احتراما صارما وهو ما نصت عليه المادة 15 من المرسوم السالف الذكر.

ليشرع بعد ذلك في تنفيذه وفق الجدول الزماني والآجال والإجراءات المتفق عليها إلا أن استكمال مختلف هذه المراحل والعمليات لا تسمح للمؤسسة المستخدمة الشروع في تنفيذ برنامج التسريح المتفق عليه مع ممثلي العمال إلا إذا أثبتت المؤسسة المعنية بأنها قد سددت أو تسدد بانتظام مساهمة واشتراكات الضمان  الإجتماعي بما فيها اشتراكات التأمين على البطالة والتقاعد المسبق وهو ما نصت عليه المادة 20 من القانون 94-09 السالف الذكر.

المبحث الثاني: الحالات اللاإرادية لإنهاء علاقة العمل

على الرغم من أن عقد العمل يخضع لإرادة الأطراف المتعاقدة، إلا أنه في بعض الحالات تنتهي علاقة العمل لأسباب خارجة عن إرادة العمال وصاحب العمل وهذا ما سندرسه في هذا المبحث من خلال التطرق إلى حالة إنهاء علاقة العمل بقوة القانون (المطلب الأول)، كما قد يرجع سبب الإنهاء إلى استحالة تنفيذ علاقة العمل (المطلب الثاني).

المطلب الأول: انتهاء علاقة العمل بقوة القانون

تتمثل حالات انتهاء علاقة العمل بقوة القانون في حالة الحالة على التقاعد (الفرع الأول) وانتهاء مدة العقد (الفرع الثاني) وقد تكون في حالة مخالفة أحكام القانون نتيجة تخلف أو عدم صحة أحد أركان عقد العمل التي تؤدي إلى بطلانه (الفرع الثالث).

الفرع الأول: الإحالة على التقاعد

يعتبر التقاعد حسب المادة 66 من القانون 90-11 في فقرتها 8 كسبب من الأسباب التي تؤدي إلى إنهاء علاقة العمل بسبب وصول العامل إلى سن معينة يستفيد فيها بالضمانات التي تخول له الحق في تقاضي منحة مقابل اشتراكات دفعها طيلة حياته المهنية، وحسب المادة 06 من القانون 83/12 المتعلق بالتقاعد فإن علاقة العمل تنتهي وجوبا ببلوغ الرجل سن ستين سنة وللمرأة ببلوغ خمس وخمسين سنة.

وقد تخفض السن القانونية بالنسبة لبعض مناصب العمل الناتج عنها ضرر خاص أو بالنسبة لبعض فئات المجتمع ونصت المادة 70 من القانون 90-11 على إمكانية إحالة العامل على التقاعد المسبق ونظمها المرسوم التشريعي 94/10 المتعلق بإحداث التقاعد المسبق.

ومن شروط استفادة العامل من التقاعد:

- بلوغ سن 60 سنة من العمر بالنسبة للرجال و 55 سنة بالنسبة للنساء.

- قضاء مدة 15 سنة من العمل على الأقل، وإذا تخلف شرط المدة تضاف 5 سنوات إلى المدة المنصوص عليها في الشرط الأول.

الفرع الثاني: انتهاء مدة العقد

تضمنته المادة 66 الفقرة 2 من القانون المتعلق بإنهاء علاقة العمل المعدل المتمم على إنهاء علاقة العمل بسبب انقضاء أجل  مدة عقد العمل المحدد المدة، بحيث أنه ننتهي علاقة العمل بانتهاء مدة العقد إذا كان محدد المدة، بما يعني أن هذا العقد ينصب على إنجاز أعمال ذات طبيعة مؤقتة أو موسمية أو الأشغال التي تقتضي مدة محدودة لإنجازها.

ويتعين على صاحب العمل إخبار العامل رغبته في عدم تجديد المدة باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، وإذا وقع الإنهاء قبل حلول الأجل تعين الالتزام ببعض الإجراءات القانونية كتوجيه الإخطار المسبق للطرف الأخر في حالة الاستقالة أو في حالة تسريح العامل دون خطأ ،و التعويض عن التسريح.

الفرع الثالث: البطلان

يتحقق البطلان في حالة مخالفة أحكام القانون نتيجة تخلف أو عدم صحة أحد أركان عقد العمل أو إخلال ببنود العقد بمقتضيات القانون التي تفرض شروط صحته تحت طائلة البطلان كتشغيل الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن 16 سنة، ووفقا لنص المادة 9 من القانون المتعلق بعلاقات العمل المعدل و المتمم فإن البطلان لا يتعلق بالجانب الشكلي للعقد بل يتعلق بالجانب الموضوعي للعقد و ذلك حسب المواد 135 إلى 137، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 135 من القانون نفسه على أن لا يؤدي البطلان إلى حرمان العامل من تقاضي أجره عن فترة العمل المنجز استنادا إلى صفة الاستمرار و التتابع لعقد العمل.

كما أنه وفقا لنص المادة 136 من القانون المتعلق بعلاقات العمل حتى و لو كانت بعض بنود العقد مخالفة للأحكام التشريعية و التنظيمية يبقى العقد قائما و صحيحا و يقتصر البطلان على البنود المخالفة للأحكام التشريعية و التنظيمية، كما تنص المادة 137 من القانون نفسه: يكون باطلا و عديم الأثر كل بند في عقد العمل يخالف باستنقاصه حقوقا منحت للعمال بموجب التشريع و الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية

المطلب الثاني: انتهاء علاقة العمل لاستحالة التنفيذ

هناك حالات تستوجب إنهاء علاقة العمل دون تدخل إرادة الأطراف المتعاقد لكونها تتعلق بوضعيات يستحيل فيها تنفيذ الالتزامات العقدية وهذا ما سندرسه في المطلب من خلال تخصيص الفرع الأول لدراسة العجز الكلي عن العمل وفي الفرع الثاني نتناول فيه حالة انتهاء النشاط القانوني للمؤسسة وفي الفرع الثالث نتطرق فيه لحالة الوفاة.

الفرع الأول: العجز الكلي عن العمل

يعتبر العجز الكلي عن العمل من الأسباب التي تؤدي إلى إنهاء علاقة العمل لاستحالة تنفيذ العقد، ويكون العجز الكامل عندما لا يستطيع العامل ممارسة النشاط الذي وظف من أجله لإصابته بعجز كلي سواء كان جسديا أو عقليا.

وفي هذه الحالة فالعامل يخضع لقوانين الضمان الاجتماعي والتأمينات التي وضعت إجراءات تحمي العمال بشرط إثبات العجز ونسبته وسببه من طرف خبير أخصائي وعرض الملف على لجنة مختصة على مستوى صندوق التأمينات الاجتماعية.

الفرع الثاني: انتهاء النشاط القانوني للمؤسسة

نصت المادة 66 فقرة 7 من القانون المتعلق بعلاقات العمل المعدل والمتمم على انتهاء النشاط القانوني للمؤسسة كسبب لإنهاء علاقة العمل، وذلك بسبب تدهور الوضع الاقتصادي مما أدى إلى حل وتصفية المؤسسات التي أصبحت عاجزة عن دفع الديون المتراكمة عليها، وفي هذه الحالة يزول محل العقد وتنتهي علاقة العمل بسبب تعرض المؤسسة إلى الإفلاس وانتهاء نشاطها القانوني.

ويمكن للعامل في هذه الحالة أن يدعي على أن التوقف عن النشاط غير شرعي، وبالتالي يتعين على المستخدم أن يثبت شرعية التوقف عن النشاط، أما في حالة تغيير وضعية المؤسسة فإن حقوق العامل تبقى قائمة كاحتفاظه بحقه في الأقدمية وذلك وفقا لنص المادة 74 من القانون المتعلق بعلاقات العمل المعدل والمتمم.

وهذا ما تضمنته المواد 141 ،142 من الأمر رقم 74-103 المتضمن قانون الخدمة الوطنية فقد ورد في المادة 141 على ما يلي: في حالة تعديل النظام التشريعي للمؤسسة التي كان يشتغل فيها العامل أو المتدرب حين ذهابه، فإن عقد العمل تستمر صلاحيته مع صاحب المؤسسة الجديد بدون القيام بأي إجراء من طرف العامل أو المتدرب، وفي نص المادة 142: في حالة مخالفة أحكام المواد السابقة من طرف رب العمل فإن للعامل أو المتدرب الحق في تعويض يساوي أجرة ثلاثة أشهر على أساس المرتب الرئيسي المناسب لمنصبه السابق دون المساس بالتعويضات التي يستحقها من جهة أخرى.

الفرع الثالث: الوفاة

باعتبار شخصية العامل من العناصر الجوهرية في علاقة العمل فإنه بوفاته تنتهي هذه العلاقة، ووفقا لنص المادة 66 من قانون علاقات العمل فإن المقصود بالوفاة وفاة العامل وليس المستخدم.

ففي حالة وفاة العامل وكانت واقعة الوفاة طبيعية فلا يقع أي إلتزام على صاحب العمل إلا فيما يتقرر بموجب قوانين الضمان الاجتماعي، أما في حالة الوفاة بسبب حادث عمل أو مرض مهني تبقي آثار علاقة العمل سارية المفعول لصالح ذوي الحقوق (معاش الوفاة).

أما في حالة وفاة صاحب العمل فلا تنتهي علاقة العمل بل تنتقل إلى ورثته أو من يحلون محله، يمكن أن تؤدي وفاة صاحب العمل إلى إنتهاء علاقة العمل وذلك في حالة حل المؤسسة بعد الوفاة.

المرجع

  1. د. معزيز عبد السلام، محاضرات في قانون العمل، جامعة عبد الرحمان ميرة – بجاية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، الجزائر، السنة الجامعية: 2015-2016، ص66 إلى ص80.

google-playkhamsatmostaqltradent