النظرية العامة للتنفيذ

النظرية العامة للتنفيذ

النظرية العامة للتنفيذ

يلجأ الأشخاص الى القضاء لحل نزاعاتهم والمطالبة بالحقوق التي يعتبرونها ملكهم، و يكون ذلك عبر دعاوى مختلفة نضمها القانون حسب طبيعة النزاع دعوى مدنية، عقارية، تجارية ... الخ أمام القضاء العادي، و قد تكون إدارية ترفع أمام القضاء الإداري، وقد تكون دعوى استعجالية اذا توفر عنصر الاستعجال. 

تنتهي الدعاوى القضائية بصدور أحكام و قرارات تفصل في النزاعات، فتمنح أو تقرر حقوق للبعض ،و ترتب التزامات على البعض الآخر، و لكن هذه الحقوق لا تصبح فعلية و ملموسة ، إلا إذا دخلت هذه الأحكام و القرارات حيز التنفيذ.

المبحث الأول: أركان التنفيذ

يشمل التنفيذ الإجراءات القانونية التي تجمع طالب التنفيذ و المنفذ عليه تحت إشراف المحضر القضائي مع تدخل أشخاص و هيئات كرئيس المحكمة ،وكيل الجمهورية ،و حتى القوة العمومية ،و بالتالي فان التنفيذ أو طرق التنفيذ هي تلك الإجراءات القانونية التي تسمح للمستفيد من سند تنفيذي الذي يمنحه حقوق او امتيازات أن يضعه حيز التنفيذ ،أي التجسيد المادي للحكم او القرار القضائي أو أي سند تنفيذي ،لتمكين حامله من التمتع بحقه الممنوح له.

المطلب الأول: أشخاص التنفيذ

تجمع عملية التنفيذ أشخاص معينين ،أولهم المستفيد من السند التنفيذي و هو طالب التنفيذ و في الجهة المقابلة نجد المنفذ عليه و هو الشخص المطالب بتنفيذ السند التنفيذي ،و يسهر طرف ثالث على القيام بالإجراءات القانونية للتنفيذ و هو المحضر القضائي،  كما تتدخل أطراف أخرى كمحافظ البيع بالمزاد العلني و رئيس المحكمة و وكيل الجمهورية ،و حتى عناصر القوة العمومية أن اقتضى الأمر.

الفرع الأول: المنفذ له والمنفذ عليه

يعتبر المنفذ له المحرك الأول لعملية التنفيذ بحيث يباشر المحضر القضائي عملية التنفيذ بطلب من المنفذ له او ممثله القانوني او الإتفاقي، و يعتبر المنفذ له الطرف الثاني في عملية التنفيذ و هو خاسر الدعوى والملزم بتنفيذ موضوع منطوق السند التنفيذي.

الفقرة الأولى: المنفذ له

يعد المنفذ له الطرف الأول في عملية التنفيذ والمحرك الأول لها، بحيث تنطلق عملية التنفيذ وإجراءاته بعد تقديمه طلب بذلك الى المحضر القضائي.

أولا: تعريف المنفذ له

المنفذ له هو كل دائن له دين ثابت حتى و لو لم يكن  يحمل سند تنفيذي بحيث يحق له توقيع حجز تحفظي على أموال مدينه ، لكن اذا أراد التنفيذ عن طرق  الحجز التنفيذي توجب عليه أن يكون حاملا لسند تنفيذي المذكورة على سبيل الحصر، كأحكام المحاكم و قرارات المجالس القضائية النهائية او الابتدائية المشمولة بالنفاذ المعجل او الأوامر الإستعجالية.

ثانيا: الشروط الواجب توفرها في المنفذ له

يشترط في طالب التنفيذ أن يكون كامل الأهلية أي يتمتع بأهلية الأداء ،عند قيامه بطلب التنفيذ أمام محضر قضائي و اذا كان ناقص الأهلية أثناء مجريات الخصومة يكون ممثلا من طرف وصيه .كما انه لا فرق بين طالب التنفيذ العادي او الحائز لتامين عيني او تامين شخصي.

ثالثا: أنواع المنفذ له

يمكن أن يكون طالب التنفيذ شخص معنوي، سواء شخص معنوي خاضع للقانون الخاص كالشركات المدنية او التجارية او الجمعيات او النقابات او أي شخص معنوي يخضع للقانون الخاصـ، كما يمكن أن يكون شخصا معنويا خاضعا للقانون العام كالبلدية او الولاية ،و يكون في كلتا الحالتين ممثلا من طرف ممثله القانوني أو من ينوب عنه.

في حالة وفاة طالب التنفيذ ،و كان له ورثة شرعيين ،يتواصل التنفيذ لفائدتهم ،فورثة طالب التنفيذ المتوفي يعدون من خلفه العام أي أنهم يخلفونه في كامل ذمته المالية، و بالتالي فإنهم يخلفونه في ما حكم به لفائدة المورث على أن يكون التنفيذ مالي او عيني يمكن أن ينتقل الى الورثة ـفلا يمكن تخيل مثلا تنفيذ حكم بإعادة  إدماج في منصب العمل لصالح ورثة العامل المتوفي.

الفقرة الثانية: المنفذ ضده

تتخذ إجراءات التنفيذ في مواجهة الطرف السلبي لإجباره على القيام بالوفاء بالدين الثابت بالسند التنفيذي. 

أولا: تعريف المنفذ ضده

يعتبر المنفذ عليه كل مدين بمبلغ مالي او كل من عليه التزام عيني ،او كل خاسر للدعوى إذ يترتب على خسران الدعوى التزامات مالية او عينية.

وتعتبر عبارة من يجري التنفيذ ضده أوسع وقد تشمل الكفيل ،الكفيل العيني ،حائز العقار المرهون، كما يمكن أن يكون المنفذ ضده الخلف العام للمدين كورثته عند وفاته قبل البدء في إجراءات التنفيذ ،أو عند البدء فيها وعدم إتمامها يمكن للتنفيذ أن يكون ضد الخلف الخاص للمدين كحالة حوالة الدين ،أو حالة الموصى له. 

ثانيا: الشروط الواجب توفرها في المنفذ ضده

يشترط في المنفذ ضده توفر أهلية الأداء، فإذا كان المنفذ ضده قاصرا أو مجنونا فينفذ على وصيه ،و إن لم يكن له وصي يجوز لطالب التنفيذ طلب تعيين وصي من المحكمة المختصة يكون التنفيذ إما على شخص طبيعي كما يمكن أن يكون ضد شخص معنوي.

ثالثا: التنفيذ على الشخص المعنوي

من المعروف أن الشخص المعنوي "وهم قانوني"، فهو نتيجة وصنيعة رجال القانون لإعطاء إطار أو وعاء قانوني ينظم توجه إرادة عدة أشخاص طبيعية (أو معنوية) نحو تحقيق هدف معين يجمعها. 

واذا كان الشخص المنفذ عليه شخص معنوي فيجوز التنفيذ عليه لكن يجدر بنا التفريق بين التنفيذ على الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام والتنفيذ على أشخاص القانون الخاص.

أ- حالة التنفيذ على الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام:

تعد الدولة والجماعات المحلية الأشخاص المعنوية للقانون العام وكذلك المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري كالمستشفيات والجامعات وبصفة عامة كل الهيئات العمومية.

يمكن التنفيذ على الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام ،لكن لا يمكن التنفيذ الجبري عليها في أي حل من الأحوال، فأموالها غير قابلة للحجز، فلا يجوز الحجز الأموال العامة المملوكة للدولة، أو للجماعات الإقليمية، أو للمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".

أي انه لا يصوغ لرئيس المحكمة إصدار أوامر بالحجز على أموال الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام سواء كانت الموال منقولة او عقارية ،او أرصدتها ،و بصفة عامة كل أموالها مهما كانت طبيعتها. 

ب- التنفيذ على الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص: 

يمكن التنفيذ على الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص، كالجمعيات مهما كان موضوعها كالجمعيات الرياضية، او المهنية أو الثقافية ...الخ ، أو الوداديات، التعاضديات، كما يمكن التنفيذ على الشركات المدنية أو الشركات التجارية سواء كانت شركات أشخاص حيث تعتبر بصفة عامة أموال الشريك ضامنة لديون الشركة أي أنها قابلة للحجز اذا لم تكفي أموال الشركة للوفاء بديونها ،كما يمكن التنفيذ على شركات الأموال و تكون في هذه الحالة أموال الشركة وحدها ضامنة لديونها ،أي انه لا يمكن التنفيذ على أموال الشركاء. 

رابعا:- التنفيذ على الشركة التجارية المفلسة

يقصد بشهر إفلاس الشركة أن تعلن الشركة التجارية أنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين، وحينها تقوم الشركة بتصفية كل أملاكها وحساباتها البنكية لتسدد أكبر قدر ممكن من هذه الالتزامات، ويكون ذلك بعد صدور حكم بإفلاس الشركة. 

بعد صدور حكم بشهر إفلاس الشركة يعين مصفي يكلف بهمة جرد ما تدين به الشركة للغير وللشركة عند الغير و تتوقف إجراءات الحجز ضد الشركة منذ تاريخ صدور حكم بشهر إفلاسها أي أنه لا يمكن الحجز على أموالها و على دائني الشركة الحاملين لسند تنفيذي أن يكلفوا الشركة بالوفاء عن طريق محضر قضائي حيث يتم تسجيلهم في قائمة دائني الشركة و يتم دفع مبلغ الدين عن طريق المصفي أثناء عملية التصفية. 

خامسا: التنفيذ على الغير  

هو كل من لم يكن طرفا في الدعوى لكن يحوز أملاك المنفذ عليه كليا أو جزئيا و نذكر في ذلك حجز ما للمدين لدى الغير أي حجز ما يملكه المدين لكن تكون في حوزة الغير، كأموال المدين المودعة في البنوك او البريد.

الفرع الثاني: السلطات المتدخلة في عملية التنفيذ

يمكن أن تطبق مقولة "لا يحق لأحد أن يأخذ حقه بنفسه" على عملية التنفيذ كما تطبق على المطالبة بالحق عن طريق رفع الدعوى أمام القضاء، فلا يحق لأحد أن يأخذ حقه بنفسه ،فهو ملزم بالتوجه بطلب التنفيذ الى السلطة او الشخص المكلف بتنفيذ أحكام العدالة ،و قد اخذ المشرع الجزائري وبنظام المحضرين القضائيين وأناط لهم هذه المهمة، فالمحضر القضائي هو المخول قانونا بتنفيذ أحكام العدالة، و يتلى عونا سلطات أخرى حسب احتياجات عملية التنفيذ.

الفقرة الأولى: المحضر القضائي

سنتعرض أولا الى تعريف المحضر القضائي وتعيينه ،و ثانيا إلى مهامه.

أولا: تحديد المحضر القضائي  

المحضر القضائي ضابط عمومي مفوض من قبل السلطة العمومية "يتولى تسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص و تحت مسؤوليته على أن يكون المكتب خاضعا لشروط و مقاييس خاصة تحدد عن طريق التنظيم" نستخلص من نص المادة أن المحضر القضائي ضابط عمومي  أي أنه شخص طبيعي يسير مكتب عمومي بتفويض من السلطة ،و يشاركه هذه الصفة الموثق و محافظ البيع في المزاد العلني ،و يتم تعيينه عن طريق قرار وزاري من وزير العدل حافظ الأختام ،و هو بمثابة رخصة لإنشاء مكتب عمومي ،حيث يسلم للمحضر القضائي ختم الدولة الجزائرية لأداء مهامه ،يتوجب على كل طالب تنفيذ تقديم طلب بذلك للمحضر القضائي لا غير. 

ثانيا: مهام المحضر القضائي 

يتمتع المحضر القضائي بعدة صلاحيات مخولة له بموجب المادة 12 من قانون تنظيم مهنة المحضر القضائي التي تنص: " يتولى المحضر القضائي تبليغ العقود والسندات والإعلانات التي تنص عليها القوانين و التنظيمات ما لم يحدد القانون طريقة أخرى للتبليغ.

- تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية الصادرة في جميع المجالات ما عدا المجال الجزائي، وكذا المحررات أو السندات في شكلها التنفيذي.

- القيام بتحصيل الديون المستحقة وديا، أو قضائيا أو قبول عرضها أو إيداعها،

- القيام بمعاينات أو استجوابات أو إنذارات، بناء على أمر قضائي دون إبداء رأيه.

وزيادة على ذلك يمكن انتدابه قضائيا أو بالتماس من الخصوم للقيام بمعاينات مادية بحتة، أو إنذارات دون استجواب، أو تلقي تصريحات بناء على طلب الأطراف".

ويتعين على المحضر القضائي أن يحرر العقود والسندات باللغة العربية، كما يتعين عليه توقيعها ودمغها بخاتم الدولة تحت طائلة البطلان.

الفقرة الثانية: محافظ البيع بالمزاد العلني

سنتعرض أولا الى تعريف محافظ البيع بالمزاد العلني وتعيينه وثانيا إلى مهامه.

أولا: تحديد محافظ البيع بالمزاد العلني

محافظ البيع بالمزاد العلني هو موظف عمومي يتم تعيينه بموجب قرار من وزير العدل ويمارس مهامه بمكتب ينشأ لهذا الغرض يتولى تسييره لحسابه الخاص و تحت مسؤوليته ويخضع لرقابة وكيل الجمهورية التي يقع مكتبه في دائرة اختصاصه.

يعمل محافظ البيع بالمزاد العلني لحسابه الخاص و يتقاضى أتعابه مباشرة من زبائنه حسب التعريفة الرسمية، كما يمكن أن يتقاضى أتعابه من خدماته لدى المحاكم والمجالس القضائية غير انه لا يمكن الجمع بين تقاضي الأتعاب بالطريقتين.

ثانيا: مهام محافظ البيع بالمزاد العلني

تتمثل مهامه أساسا في تقييم و بيع المنقولات لا العقارات ويتم انتدابه قضائيا أو بطلب من الخواص أو بالتخلي الصريح من المحضر القضائي القائم بحجز تنفيذي على منقولات بتسليمه المنقولات المحجوزة لمحافظ البيع بالمزاد العلني للقيام ببيعها بدلا عنه.

الفقرة الثالثة: النيابة العامة

تلعب النيابة العامة دورا في عملية التنفيذ، وذلك بتدخل وكيل الجمهورية على وجه الخصوص، في توفير القوة العمومية لمساعدة المحضر القضائي في بعض التنفيذات العينية.

أولا: تحديد النيابة العامة

تمثل النيابة العامة أمام المجلس القضائي بالنائب العام و النواب العامين المساعدين، وعلى مستوى المحاكم بوكيل الجمهورية ووكلاء الجمهورية المساعدين، فعضو النيابة العامة يعد من سلك القضاة، ويعينون بموجب مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية.

ثانيا: دور النيابة العامة في التنفيذ

يلعب وكيل الجمهورية دور في التنفيذ الجبري عن طريق تسخير القوة العمومية عند تلقيه طلب من المحضر القضائي لمقتضيات التنفيذ الجبري كما يدخل في عملية التنفيذ المالي عن طريق تحديد مدة الإكراه البدني وتوقيعه وهذا فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام الجزائية في شقها المدني.

الفقرة الرابعة: رئيس المحكمة

يلعب رئيس المحكمة دورا في عملية التنفيذ في حالات معينة وفي الحجوز بصفة عامة.

أولا: تحديد رئيس المحكمة

يحمل رئيس المحكمة صفة القاضي يعين كباقي القضاة بموجب قرار صادر من رئيس الجمهورية وهو يتقاسم مهمة تسيير المحكمة مع وكيل الجمهورية ويتمثل مجال تدخله في إصدار الأوامر بالحجز والفصل في إشكالات التنفيذ ودعاوى وقف التنفيذ.

ثانيا: دور رئيس المحكمة في التنفيذ

يظهر تدخل رئيس المحكمة من خلال إصدار أوامر الحجز فعند مرور الأجل القانوني الممنوح للمنفذ ضده للتنفيذ اختياريا أي 15 يوم من تاريخ تبليغ التكليف بالوفاء و في حالة عدم امتثاله، يوجه طالب التنفيذ  طلب الى رئيس المحكمة المختص إقليميا لاستصدار أمر بالحجز على أموال المنفذ ضد طبقا لقاعدة " كل أموال المدين ضامنة لدينه" و بالتالي يصدر رئيس المحكمة أولا أمر بالحجز على منقولات المنفذ ضده، و في حالة عدم وجود او عدم كفاية المنقولات، يصدر رئيس المحكمة أمر بالحجز على عقارات المنفذ ضده و بناء على طلب المنفذ له، كما يمكن إصدار أوامر أخرى تتعلق بأموال أخرى سنتعرض لها لاحقا في الجزء المخصص للحجوز بأنواعه.

عليه لا يمكن للمحضر القضائي توقيع حجز على أموال المنفذ ضده إلا بموجب أمر صادر عن رئيس المحكمة لإضفاء نوع من الرقابة على عمل المحضر القضائي وتفادي أي تعسف قد يصدر منه.

كما يظهر دوره في الفصل في إشكالات التنفيذ حيث يختص في الفصل في إشكالات التنفيذ التي يثيرها المحضر القضائي عبر محضر أشكال في التنفيذ أثناء عملية التنفيذ، كما يفصل في دعاوى وقف التنفيذ التي يرفعها أطراف التنفيذ فيفصل بمواصلة التنفيذ او إيقافه بنفس الطريقة التي يفصل فيها في إشكالات التنفيذ. 

علاوة على إصدار الأوامر بالمعاينة والاستجواب يأمر بطلب من يهمه الأمر بتعيين محضر قضائي المختص إقليميا للانتقال الى مكان معين و إجراء معاينة مادية تتعلق بواقعة مادية وإعطاء صورة على ما عاينه كما يمكن أن يكون محل الأمر استجواب شخص او أشخاص معينين حول واقعة او إجراء معين سواء تعلق بهم او بأشخاص آخرين.

الفقرة الخامسة: عناصر القوة العمومية

قد تحتاج عملية التنفيذ الجبري الى مد يد المساعدة للمحضر القضائي وذلك عبر تدخل عناصر القوة العمومية.

أولا: التعريف بالقوة العمومية

قد يحتاج المحضر القضائي الى مساعدة القوة العمومية المتمثلة في عناصر الأمن سواء كانت من عناصر الشرطة او قوات الدرك الوطني مع مراعاة الاختصاص الإقليمي لعناصر الأمن و يكون ذلك بطلب من المحضر القضائي يوجه الى وكيل الجمهورية المختص إقليميا والمرتبط بمكان التنفيذ.  

ثانيا: دور القوة العمومية في التنفيذ

يأمر وكيل الجمهورية -عن طريق تسخيرة للقوة العمومية -عناصر الأمن بمد يد المساعدة للمحضر القضائي أثناء عملية التنفيذ و إن اقتضى الأمر باستعمال القوة ضد المنفذ ضده لإرغامه على الامتثال للحكم او القرار القضائي ـكالأحكام التي موضوعها طرد من مسكن او محل أو حجز على منقولات او جلب أشياء محجوزة.

المطلب الثاني: محل وسبب التنفيذ

يلجأ الدائن إلى شتى أنواع الحجوز لاستيفاء حقه و كل حجز يتعلق بمال معين لكن لا يمكن التنفيذ إلا إذا حاز الدائن على سند تنفيذي يسمح له بمباشرة عملية التنفيذ.

الفرع الأول: محل التنفيذ

يمكن ان يتم التنفيذ على أموال المدين ويجب أن تكون الأموال محل التنفيذ قابلة للحجز عليها.

الفقرة الأولى: تعريف محل التنفيذ

يعتبر محل التنفيذ الأموال التي يجوز التنفيذ عليها كالأموال المنقولة او العقارية للمدين القابلة للحجز كما يمكن أن تكون أموال نقدية كالحجز على الرصيد او الأرصدة البنكية او البريدية المملوكة للمدين.

الفقرة الثانية: شروط محل التنفيذ

يجب أن تتوفر في محل التنفيذ أي الأموال المراد الحجز عليها شروط قانونية و إلا بطلت عملية الحجز.

أولا: قابلية الحجز

يجب ان تكون الأموال محل التنفيذ قابلة للحجز، لأن القانون يمنع الحجز على بعض الأموال وهي الأموال الآتية:

- الأموال العامة المملوكة للدولة، أو للجماعات الإقليمية، أو للمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك،

- الأموال الموقوفة وقفا عاما أو خاصا، ماعدا الثمار والإيرادات،

- أموال السفارات الأجنبية،

- النفقات المحكوم بها قضائيا إذا كانت قيـمتها لا تتجاوز ثلثي (3/2) الأجر الوطني الأدنى المضمون،

- الأموال التي يملكها المدين ولا يجوز له التصرف فيها،

- الأثاث وأدوات التدفئة والفراش الضروري المستعمل يوميا للمحجوز عليه ولأولاده الذين يعيشون معه، والملابس التي يرتدونها،

- الكتب اللازمة لمتابعة الدراسة أو لمهنة المحجوز عليه في حدود مبلغ يساوي ثلاث مرات الأجر الوطني الأدنى المضمون، والخيار للمحجوز عليه في ذلك،

- أدوات العمل الشخصية والضرورية لأداء مهنة المحجوز عليه والتي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف دينار (100.000 دج) والخيار له في ذلك،

- المواد الغذائية اللازمة لمعيشة المحجوز عليه ولعائلته لمدة شهر واحد.

- الأدوات المنزلية الضرورية، ثلاجـة، مطبخة أو فرن الطبخ، ثلاث قارورات غـاز، والأواني المنزلية العادية الخاصة بالطهي والأكل للمحجوز عليه ولأولاده القصر الذين يعيشون معه،

- الأدوات الضرورية للمعاقين،

- لوازم القصَّر وناقصي الأهلية

- ومن الحيوانات الأليفة، بقرة أو ناقة أو ست نعاج أو عشر عنزات، حسب اختيار المحجـوز عليـه، وما يلـزم من التبن والعلف والحبوب لغـذائها لمدة شهر واحد وفراش الإسطبل".

ثانيا: أن تكون الأموال محل التنفيذ مملوكة للمدين 

ا- يجب أن تكون الأموال محل التنفيذ مملوكة للمدين او كفيله لا أن تكون مملوكة للغير، فلا يجوز مثلا التنفيذ على أموال وجو المدين او أولاده او اي احد من أفراد عائلته.  

و اذا كان التنفيذ ضد شركة أموال فلا يجوز التنفيذ على أموال شركائها، وهذا لآن الذمة المالية للشركة الأموال منفصلة عن الذمة المالية لشركائها.

ب- أن تكون الأموال محل التنفيذ مالا عينيا او شخصيا: يجب التنفيذ على أموال المدين العينية او الشخصية كالمنقولات، العقارات، الحصص في الشركات، أو الأرصدة البنكية ولا يجوز التنفيذ على الحقوق اللصيقة بشخصية المدين كاسمه و لقبه جسمه، فلا يجوز الإكراه البدني أي التنفيذ عن طريق حبس المنفذ ضده في مؤسسة عقابية إلا في حالات معينة كتنفيذ الأحكام الجزائية.

لكن بعض حالات التنفيذ تقتضي التنفيذ جسديا على المدين ،كحالات تنفيذ الأحكام بالطرد سواء من المساكن او المحلات التجارية او من القطع الأرضية ،ففي هذه الحالة يجوز استعمال القوة العمومية حتى و إن رفض المنفذ ضده الامتثال للتكليف بالتنفيذ بعد انقضاء مدة 15 يوم القانونية و واصل شغل الأماكن المطلوب منه إخلائها، أو في حالة بيع العقار بالمزاد العلني ،حيث يتوجب على شاغل او شاغلي العقار الذي تم بيعه بالمزاد العلني تسليم العقار للراسي عليه المزاد و إخلاء الأماكن.

الفرع الثاني: السندات التنفيذية

تعتبر فكرة السند التنفيذي من أهم الأفكار الأساسية في التنفيذ الجبري، لما يلعبه السند التنفيذي من دور هام في حماية الحقوق، حيث لا يمكــــن إجراء التنفيـــــذ الجبري لاقتضاء هـــــذه الحقوق ما لم يوجـــد سند تنفيذي. وتهدف هذه الفكرة إلى التوفيق بين اعتباريـن متناقضين بحيــث لا يطـــغى أحدهما علـى الآخر:

- الاعتبار الأول: هو مصلحة الدائن في تنفيذ سريع وفوري لحَقهّ دون عنت، وهذه المصلحة تتطلب أن لا يهتم الموظف القائم بالتنفيذ بأي اعتراضات يبديها المدين.

والاعتبار الثاني: هو اعتبار العدالة التي تقتضي عدم السماح بالتنفيذ إلا لصاحب الحق الموضوعي، والسماح للمدين بالمنازعة في التنفيذ قبل بدئه؛ إن كان لهذه المنازعة مبرر، لما للتنفيذ من آثار وخيمة بالنسبة له تصل إلى حد نزع ماله وبيعه جبرا عنه ولا يجوز التنفيذ إلا اذا كان طالب التنفيذ يحوز على سند تنفيذي.

الفقرة الأولى: تعريف السنـدات التنفيذيـة

يعرف السند التنفيذي على انه "عمل قانوني يتخذ شكلا معينا يتضمن تأكيدا لحق الدائن الذي يريد الاقتضاء الجبري". كما يعر ف انه "عمل قانوني محدد مكتوب صادر وفقا للأوضاع القانونية، يتضمن حقا مؤكدا في وجوده معينا في مقداره حال الأداء، لطرف قبل الآخر، يفترض فيه حسم كل نزاع سابق على صدوره حول الحق الثابت فيه وحول صفته، يحتم على الجهة المختصة عند الطلب منها اقتضاء الحق الوارد فيه جبرا عن المدين". 

الفقرة الثانية: أنواع السندات التنفيذية تشمل السندات التنفيذية كل من: 

- أحكام المحاكم التي استنفذت طرق الطعن العادية والأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل و يقصد بالأحكام القرارات التي تصدر للفصل في خصومة بناء على إجراءات صحيحة لكن بشرط أن تكون قد استنفذت طرق العادية و هي الاستئناف و المعارضة وإن تكون مشمولة بالنفاذ المعجل.

والتنفيذ المعجل هو تنفيذ الحكم قبل الأوان العادي لإجرائه وهو استثناء من أصل التنفيذ.

- الأوامر الإستعجالية، والتنفيذ المعجل هو تنفيذ الحكم قبل الأوان.

- أوامر الأداء، فخلافا للقواعد المقررة في رفع الدعاوى، يجوز للدائن بدين من النقود، مستحق وحال الأداء ومعين المقدار وثابت بالكتابة، لاسيما الكتابة العرفية المتضمنة الاعتراف بدين أو التعهد بالوفاء أو فاتورة مؤشر عليها من المدين، تقديم طلب في شكل عريضة على نسختين ،إلى رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها موطن المدين ،و هي تصدر من رئيس المحكمة بطلب من الدائن دون انعقاد خصومة او تكليف المدين بالحضور وهذا بموجب سلطات الرئيس الولائية وهي قابلة للمعارضة أمام الجهة المصدرة.

- الأوامر على العرائض، و الأمر على عريضة أمر مؤقت، يصدر دون حضور الخصم ولا تمس بحقوق الأطراف، تقدم إلى رئيس الجهة القضائية المختصة، ليفصل فيها خلال أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ إيداع الطلب.

- أوامر تحديد المصاريف القضائية، القاعدة أنه يذكر في الحكم أو الأمر الذي فصل في النزاع مقدار المصاريف ،اذا تعذر تقديرها فيكون بأمر من القاضي بعد ذلك و يرفق بيان تقديرها بمستندات الدعوى. 

- قرارات المجالس القضائية وقرارات المحكمة العليا المتضمنة التزاما بالتنفيذ،

- أحكام المحاكم الإدارية وقرارات مجلس الدولة،

- محاضر الصلح أو الاتفاق المؤشر عليها من طرف القضاة والمودعة بأمانة الضبط،

- أحكام التحكيم المأمور بتنفيذها من قبل رؤساء الجهات القضائية والمودعة بأمانة الضبط،

- الشيكات والسفاتج، بعد التبليغ الرسمي للاحتجاجات إلى المدين، طبقا لأحكام القانون التجاري،

- العقود التوثيقية، لاسيما المتعلقة بالإيجارات التجارية والسكنية المحددة المدة ،وعقود القرض والعارية والهبة والوقف والبيع والرهن والوديعة،

- محاضر البيع بالمزاد العلني، بعد إيداعها بأمانة الضبط،

- أحكام رسو المزاد على العقار،

كما تعتبر سنـدات تنفـيذية العـقود والأوراق الأخـرى التي يعـطيها القــانون صفة السند التنفيذي.

المبحث الثاني: أنواع التنفيذ

لا يكفي الادعاء بوجود دين كي يستفيد المدين من التنفيذ على أموال المدين بل يجب عليه ان يحوز سند تنفيذي الذي يمكن ان يأخذ شكلين: التنفيذ الاختياري وكذا التنفيذ الجبري.

المطلب الأول: التنفيذ الاختياري

يمكن أن يكون تنفيذ السند التنفيذي بطلب من المنفذ ضده ويأخذ في هذه الحالة شكل عرض وفاء كما يمكن أن يكون التنفيذ بطلب من المنفذ له و يأخذ في هذه الحالة شكل تكليف بالوفاء.

الفرع الأول: عرض الوفاء

اذا اختار المنفذ له أن يبادر بالتنفيذ تجاه المنفذ سيأخذ هذا التنفيذ شكل عرض وفاء ،و هو الآلية التي نظمها قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

الفقرة الأولى: تعريف عرض الوفاء

عرض الوفاء هو استعداد المدين بإرادته المنفردة للوفاء بما التزم به من أداء اتجاه الدائن والإيداع هو تسليم ما عرض المدين الوفاء به للدائن تسليما صحيحاً بإيداعه لدى المحضر القضائي او في صنــــدوق المحكمة او تسليمه الى شخص ثالث تعينه المحكمة.

الفقرة الثانية: إجراءات تقديم عرض الوفاء

يقدم عرض الوفاء بواسطة محضر قضائي في الموطن الحقيقي أو المختار للدائن، ويبلغ رسميا وفقا لأحكام هذا القانون. يتضمن محضر العرض ما يلي:

- اسم ولقب المدين وموطنه،

- اسم ولقب الدائن وموطنه الحقيقي أو المختار،

- وصف الشيء المعروض بحيث لا يمكن استبداله بغيره، وإن كان الشيء المعروض نقودا يحدد مقدارها ونوعها،

- ذكـر أسباب العرض،

- رفض أو قبول الدائن للعرض،

- توقيع الدائن أو الشخص المبلغ له العرض، أو الإشارة إلى رفض التوقيـع أو عدم قدرته على ذلك،

- تنبيه الدائن بأنه في حالة رفض العرض سيتم الإيداع في المكان واليـوم والساعة المحددة في طلب العرض، وأنه سيسقط حقه في المطالبة به، بعد مضي سنة واحدة تسري من تاريخ الإيداع

المشرع أوكل للمحضر القضائي مهمة تحرير و تبليغ عرض الوفاء يتضمن محضر العرض بيانات أهمها وصف الشيء المعروض، فان كان مبلغ مالي فيحدد مقداره و إن كان مال عيني فيتم وصفه، مثل أغراض الزوجة بعد صدور حكم الطلاق او الخلع او التطليق ،او مسكن او محل حكم بالطرد.

كما يجب تنبيه الدائن بأنه في حالة رفض العرض سيتم الإيداع عن طريق الطالب لدى المحضر القضائي بالخزينة بحساب الودائع المهني للمحضر القضائي أو بأمانة ضبط المحكمة، وفي هذه الحالة يسقط حقه في المطالبة به بعد مضي سنة واحدة تسري من تاريخ الإيداع ويترتب على الإيداع سقوط حق الدائن في مطالبة المدين من تاريخ إيداع العرض وفيما يخص استرجاع المدين المبلغ المعروض بعد إيداعه فلقد أجاز له المشرع استرجاع المبلغ بعد انقضاء أجل سنة واحدة من تاريخ الإيداع ولكن بناء على أمر على ذيل عريضة.

الفرع الثاني: التكليف بالوفاء

يعد التكليف بالوفاء شرط ضروري لقبول طلب إصدار أمر الأداء والذي يطلب بموجبه طالب التنفيذ من المحكمة السير في إجراءات التنفيذ.

الفقرة الأولى: تعريف التكليف بالوفاء

التكليف بالوفاء هو إجراء رسمي يصدر عن محضر قضائي بموجبه يلزم المستلم بالامتثال وبالتالي سداد دينه، و يعرف أيضا انه هو تصرف يقوم به المحضر القضائي يطلب من خلاله من المدين المتماطل بدفع ديونه، بحيث يتضمن التكليف بالوفاء تقييم شامل لديون الدائن، وفي حالة عدم سداد الدين في غضون المهلة الزمنية، يمكن للدائن اتخاذ إجراءات ضد المدين.

الفقرة الثانية: إجراءات تنفيذ السند التنفيذي

قبل إجراء التنفيذ الجبري، يجب كقاعدة عامة، إعلان السند التنفيذي يقصد بإعلان السند التنفيذ إحاطة المدين بالصورة التنفيذية للسند قبل البدء في التنفيذ الجبري، و هو التبليغ الرسمي للسند التنفيذي و تكليف المنفذ عليه بالوفاء بما تضمنه السند التنفيذي عن طريق المحضر القضائي وإمهاله مدة للاستجابة وهي خمسة عشر يوما والغرض من وجوب إعلان السند قبل البدء في التنفيذ هو ما يلي:

- تفعيل مبدأ المواجهة بمعنى ان يكون الخصم الذي يتخذ إجراءات ضده على بينة منه حتى يستعد له، فالقانون يستبعد فكرة المباغتة فالدائن حتى و لو كان مزودا بصورة تنفيذية من السند التنفيذي لا يستطيع مباشرة التنفيذ دون علم مسبق من المدين و ٕإمهاله لإحتمال إستجابة المدين وديا ويقوم بالوفاء إختيارا بمجرد إعلان السند مما يجنب الطرفين إجراءات التنفيذ الجبري بالمقاصة لكون المنفذ عليه دائن لطالب التنفيذ بموجب سند تنفيذي آخر، كذلك نفقات التنفيذ الجبري او لاحتمال ان يكون للمدين دفاع في هذا الشأن فيستعد به ليتقي التنفيذ.

- تسجيل واقعة امتناع المدين عن الوفاء الاختياري بالتزامه و من ثم تأكيد حق الدائن في الحماية التنفيذية، باعتبار أن المدين لا يعتبر مخلا بالتزامه او متأخرا في الوفاء به، وفقا للقواعد العامة إلا من تاريخ إعذاره و يجب أن يعلن المدين بالصورة التنفيذية للسند التنفيذي، فتبليغ السند التنفيذي لابد أن يتم بمقتضى الصورة التنفيذية للسند موضوع التبليغ، أي الصورة الموضوع عليها الصيغة التنفيذية، وذلك لان الغرض من تبليغ السند التنفيذي هو تبليغ المدين بحق الدائن في التنفيذ الجبري لكي يتمكن المدين من الوفاء بالحق تفاديا لإجراءات التنفيذ.

الفقرة الثالثة: آجال تنفيذ السند

تطبق في التبليغ الرسمي للتكليف بالوفاء أحكام المواد 406 الى 416 من ق.ا.م.ا، والمتعلقة بالآجال و عقود التبليغ الرسمي و تبقى حقوق صاحب المصلحة في التنفيذ ثابتة ومحفوظة بموجب السند التنفيذي لكنها قابلة للسقوط بالتقادم إذا لم يقم بالإعلان، لان الحقوق تتقادم بمضي بمضي خمسة عشر سنة كاملة ابتداء من تاريخ قابلية السندات التنفيذية للتنفيذ.

وبعد انقضاء اجل الخمسة عشر القانونية الممنوحة لمدين للامتثال و التنفيذ طواعية، و اذا لم يمتثل يحرر المحضر القضائي محضر امتناع عن التنفيذ، و يشرع بعد ذلك في إجراءات التنفيذ الجبري.

المطلب الثاني: التنفيذ الجبري

التنفيذ الجبري هو التنفيذ القسري الذي يتم دون رضى المنفذ عليه وهو نوعين التنفيذ المالي والتنفيذ العيني. 

الفرع الأول: التنفيذ المالي

يتعلق التنفيذ المالي بالتزام مالي أي مبلغ مالي وهو يتم بكل أنواع الحجوز التي نظمها المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإداري.

الفقرة الاولى: الحجز التحفظي

الحجز التحفظي هو إجراء وقائي يلجأ إليه الدائن عند الضرورة حفاظا على حقه في الضمان العام أي الضمان الذي لكل دائن على أموال مدينه، و قد نظمه المشرع الجزائري في الباب الخامس المعنون الحجوز  ،الفصل الثاني في الحجوز التحفظية من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فيحق  للدائن بدين محقق الوجـود، حـال الأداء، أن يطلب بعريضة مسببة، مؤرخـة وموقعـة منه أو ممن ينـوبه، استصدار أمر بالحجز التحفظي على منقولات أو عقارات مدينه، إذا كان حاملا لسند دين أو كان لديه مُسَ وّغات ظاهرة ترجح وجود الدين، ويخشى فقدان الضمان لحقوقه.

الفقرة الثانية: الحجز التنفيذي على المنقول

إذا لم يقم المدين بالوفاء بعد انقضاء أجل خمسـة عشـر يوما من تاريخ تكليفه بالوفاء يجوز للمستفيد من السند التنفيذي، الحجز على جميع المنقولات المدين.

أولا: تحديد المنقولات

يقصد بالمنقول كل ما يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف، وقد تكون المنقولات مادية أو معنوية كالإسم التجاري، وأفكار المؤلفين، قد يكون المنقول بطبيعته، وهو كل شيء يمكن نقله من مكان لآخر دون أن يتلف، سواء كان ذلك التحرك تحركا داخليا ذاتيا كالحيوان أو خارجيا بإرادة شخص آخر كالسيارة مثلا، و قد يكون المنقول حسب المآل، وهي عقارات في الأصل متصلة بالأرض، ولكن القانون ينظر إليها باعتبار ما ستؤول إليه، لأنها ستصبح منقول في وقت قريب مثل المباني المقرر هدمها، والأشجار التي يراد قطعها، ويجب أن يفصل هذا العقار عن أصله لكي يسري عليه قانون المنقولات و يكون المنقول معنوي و يقصد بها كل شيء غير مادي مثل الأفكار والمخترعات، فهي قد اكتسبت صفة المنقول بحكم القوانين.

ثانيا: مراحل الحجز

ويتم على مراحل، المرحلة الأولى استصدار الأمر بالحجز المرحلة الثانية تبليغ المرحلة الثالثة تحرير محضر الحجز والجرد.

المرحلة الأولى: استصدار الأمر بالحجز

بعد انقضاء اجل الخمسة عشر يوما القانونية التي منحها المشرع للمنفذ عليه ليقوم بالإمتثال و تنفيذ التزاماته وديا ،يحق للمنفذ له ،بعد تحرير المحضر القضائي لمحضر الامتناع عن التنفيذ تقديم أمر على عريضة إلى رئيس المحكمة التي توجد في دائرة اختصاصها الأموال المراد حجزها، وعند الاقتضاء، في موطن المدين، وذلك بناء على طلب الدائن أو ممثله القانوني أو الاتفاقي كالمحامي او المحضر القضائي القائم بالتنفيذ .يتم اذا توجيه الطلب الى السيد رئيس المحكمة ويكون الطلب مرفقا بالوثائق التالية:

- السند التنفيذي الذي بموجبه يقوم المحضر القضائي بعملية التنفيذ.

- محضر تبليغ السند التنفيذي.

- محضر تبليغ التكليف بالوفاء.

- محضر التكليف بالوفاء.

- محضر امتناع عن التنفيذ.

وبعد تأكد رئيس المحكمة من توفر شروط استصدار الأمر بالحجز ،يسلم الأمر بالحجز إلى المنفذ له او ممثله القانوني أو الإتفاقي.

المرحلة الثانية: تبليغ الأمر بالحجز يتم التبليغ الرسمي لأمر الحجز إلى المحجوز عليه شخصيا أو إلى أحد أفراد عائلته البالغين المقيمين معه، إذا كان شخصا طبيعيا، ويبلغ إلى الممثل القانوني أو الاتفاقي إذا كان شخصا معنويا، ويتم التبليغ الى المحجوز عليه شخصيا او الى احد افراد عائلته واذا كان المحجوز عليه شخصا معنويا ،فيبلغ امر الحجز الى ممثله القانوني او الاتفاقي.

المرحلة الثالثة: تحرير محضر الحجز و الجرد بعد تبليغ الأمر بالحجز يقوم المحضر القضائي على الفور بجرد الأموال وتعيينها تعيينا دقيقا مع وصفها وتحرير محضر حجز وجرد لها و يجب ان يتضمن محضر الحجز و الجرد على البيانات التالية تحت طائلة البطلان.  

- بيان السند التنفيذي والأمر الذي بموجبه تم الحجز،

- مبلغ الدين المحجوز من أجله،

- اختيار موطن للدائن الحاجز في دائرة اختصاص المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها مكان التنفيذ،

- بيان مكان الحجز وما قام به المحضر القضائي من إجراءات، أو ما لقيه من صعوبات أو اعتراضات أثناء الحجز، وما اتخذه من تدابير،

- تعيين الأشياء المحجوزة بالتفصيل مع تحديد نوعها وأوصافها ومقدارها ووزنها ومقاسها وقيمتها بالتقريب.

ويختم المحضر بالتوقيع عليه مع المحجوز عليه إن كان حاضرا أو التنويه عن غيابه أو رفضه التوقيع.

و إذا خلا محضر الحجز والجرد من أحد هذه البيانات، كان قابلا للإبطال خلال أجل عشرة أيام من تاريخه، و يرفع طلب الإبطال من كل ذي مصلحة عن طريق الاستعجال، يفصل فيه رئيس المحكمة خلال أجل أقصاه خمسة عشر يوما.

فيقوم المضر القضائي عمليا بتحرير محضر الحجز و الجرد تعيين الأشياء المحجوزة بالتفصيل مع تحديد نوعها وأوصافها ومقدارها ووزنها ومقاسها وقيمتها بالتقريب، فإذا كان الشيئ المحجوز سيارة مثلا ،يقوم المحضر القضائي بوصفها عن طريق تحديد نوعها و لونها و قوتها والرقم التسلسلي لها و إذا كان الشيء المحجوز  ثمار متصلة أو مزروعات قائمة قبل نضجها، ويجب أن يتضمن محضر الحجز، موقع البستان والأرض واسمهما ورقم المسح إن وجد ومساحة الأرض التقريبية وحدودها ونوع الثمار والمزروعات أو نوع الأشجار المثمرة وعددها والمقدار التقريبي لما يمكن أن يحصد أو يجنى أو ينتج منها وقيمته على وجه التقريب.

وإذا كان الشيئ المحجوز مصوغات أو سبائك ذهبية أو فضية أو حلي أو أحجار كريمة أو معادن نفيسة أخرى، تطبق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 665 أي يجب على المحضر القضائي، أن يبين في محضر الحجز نوع المعدن والوزن الحقيـقي وأوصافه وتقدير قيمته بمعرفة خبير يعين بأمر على عريضة، أومن طرف الإدارة المكلفة بدمغ المعادن الثمينة، وهذا بحضور المـدين أو ممثله القانوني، أو بعد صحة تكليفه بالحضور.

وفي كل الأحوال، يرفق تقرير الخبير الخاص بالتقدير والوزن بمحضر الحجز، ويجب بعد الوزن والتقييم، أن توضع في حرز مختوم ومشمع، وأن يذكر ذلك في محضر الحجز مـع وصف الأختام وإيداعها بأمانة ضبط المحكمة مقابل وصل.

إذا وقع الحجز على لوحات فنية أو أشياء ذات قيمة خاصة، وجب وصفها وتقييمها بمعرفة خبير يعين بموجب أمر على عريضة.

إذا وقع الحجز على مبالغ مالية موجودة في مسكن المدين أو في محله التجاري، يجب على المحضر القضائي أن يبين مقدارها في محضر الحجز، ويقوم على الفور بالوفاء بقيمة الدين للدائن الحاجز مقابـل وصل، وإذا وقع الحجز على مبالغ مالـية بعملة أجنبية قابلة للتداول، يجب على المحضر القضائي أن يبين نوعها ومقدارها، ويقوم بتحويلها في بنك الجزائر مقابل قيمتها بالدينار، ويفي بقيمة الدين والمصاريف للحاجز.

إذا وقع الحجز على حيوانات، يجب تعيين نوعها وفصيلتها وعددها ووصف سنها وقيمتها التقريبية، وتبقى في حراسة المحجوز عليه.

المرحلة الرابعة: حراسة الأشياء المحجوزة  

يعين المحضر القضائي، بعد الحجز، المحجوز عليه حارسا على الأموال المحجوزة وعلى ثمارها إذا كانت في مسكنه أو في محله التجاري.

إذا كانت الأشياء المحجوزة في غير المحل أو المسكن ولم يجد في مكان الحجز من يقبل الحراسة، و لم يأت الحاجز و لا المحجوز عليه بشخص مقتـدر، وجب تكليف المحجوز عليه بالحراسة مؤقتا إن كان حاضرا ولا يعتد برفضه، وإن لم يكن حاضرا كلف الحاجز بالحراسة مؤقتا للمحافظة على الأموال المحجوزة. 

في الحالات المنصوص عليها في الفقرة السابقة، يرفع المحضر القضائي الأمر فورا إلى رئيس المحكمة، ليقرر بأمر على عريضة، إما نقلها وإيداعها عند حارس يختاره الحاجز أو المحضر القضائي وإما تعيين الحاجز أو المحجوز عليه حارسا عليها.

الفقرة الثالثة: الحجز التنفيذي لمال المدين لدى الغير

يعتبر حجز مال المدين لدى الغير من طرق التنفيذ غير المباشرة، فهو يهدف الى تمكين المدين من استيفاء حقه من هذا المال.

أولا: تعريف الحجز التنفيذي لمال المدين لدى الغير

الحجز التنفيذي لمال المدين لدى الغير هو الحجز الذي يوقعه الدائن على ما يكون لمدينه من حقوق في ذمة الغير أو منقولات في ذمة الغير أو منقولات في حيازة هذا الغير، بقصد تجميد هذه الحقوق والمنقولات تمهيدا لاقتضاء حقه منها و من ثمنها بعد البيع، وهذا الحجز يشكل وسيلة فعالة للتنفيذ على أموال موجودة في حوزة الغير بمباغته المدين و الحائز بتوقيع الحجز على تلك الأموال و بتطبيق الإجراءات التي تؤدي إلى بيعها و استيفاء قيمة الدين من ثمنها.

عليه يجوز لكل دائن بيده سند تنفيذي، أن يحجز حجزا تنفيذيا، على ما يكون لمدينه لدى الغير من الأموال المنقولة المادية أو الأسهم أو حصص الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون، ولو لم يحل أجل استحقاقها، وذلك بموجب أمر على عريضة من رئيس المحكمة التي توجد فيها الأموال.

ثانيا: حالات الحجز التنفيذي

لمال المدين لدى الغير يتحقق الحجز التنفيذي لمال المدين لدى الغير في ثلاثة حالات:

-الحالة الأولى: و هي أن يكون للمحجوز عليه أموال منقولة لدى الغير، (سيارات) او التاجر او الشركة التي تضع سلعها في مستودعات او حظائر مملوكة للغير لحراستها ، فيقوم المحضر القضائي بحجزها و هي بحوزة الغير.

- الحالة الثانية: وهي أن يكون محل الحجز حصص او أسهم او أرباح لدى الشركات و يتعلق الأمر في هذه الحالة بالمدين المحجوز عليه الذي يملك حصص ،أسهم ،أو أرباح بصفته شريك او مساهم لدى الشركات.

- الحالة الثالثة: هي الأكثر شيوعا في الميدان العملي ،و يتعلق الأمر  بأموال المدين المودعة لدى البنوك أو المؤسسات المالية، حيث يقوم المحضر القضائي بحجز الرصيد أو الأرصدة المفتوحة من طرف المدين سواء كان شخص طبيعي او معنوي. 

ثالثا: إجراءات حجز ما للدين لدى الغير

تمر عملية الحجز التنفيذي لمال المدين لدى الغير بجملة من الإجراءات كما يلي:

- المرحلة الأولى: استصدار الأمر بالحجز و يتم بنفس الطرقة لاستصدار أمر بالحجز التنفيذي على منقول أي بعد انقضاء اجل الخمسة عشر يوما القانونية التي منحها المشرع للمنفذ عليه ليقوم بالامتثال ،يقوم المنفذ له بتقديم أمر على عريضة إلى رئيس المحكمة التي توجد في دائرة اختصاصها الأموال المراد حجزها، وعند الاقتضاء، في موطن المدين، وذلك بناء على طلب الدائن أو ممثله القانوني أو  الاتفاقي كالمحامي او المحضر القضائي القائم بالتنفيذ.

- المرحلة الثانية: تبليغ أمر بالحجز و محضر حجز ما للمدين لدى الغير حيث يبلغ أمر الحجز إلى الغير المحجوز لديه شخصيا إذا كان شخصا طبيعيا، وإذا كان شخصا معنويا يبلـغ إلى الممثل القانوني، مع تسليمه نسخـة من أمر الحجز والتنويه بذلك في المحضر.

يقوم المحضر القضائي على الفور بجرد الأموال المراد حجزها وتعيينها تعيينا دقيقا في محضر الحجز والجرد، و يعينّ المحجوز لديه حارسا عليها وعلى ثمارها، إلا إذا فضّل هذا الأخير تسليمها للمحضر القضائي فينـوّه في هذه الحالة عن ذلك في المحضر.

يجب أن ينوّه في محضر الحجز على إعذار المحجوز لديه بعدم التخلي عن الأموال المحجوزة وعدم تسليمها إلى المدين أو غيره، إلا بصدور أمر مخالف.

و عمليا يقوم المحضر القضائي بتبليغ محضر أمر بالحجز و محضر حجز ما للمدين لدى الغير، تبلغ للغير الحائز لأموال المدين، يتضمن مبلغ الدين ،و تنبيه الغير على عدم التخلي عن الأموال المحجوزة الى المحجوز عليه. 

يتوجب على الغير المحجوز لديه تقديم تصريح عن الأموال المملوكة للمدين والمودعة لديه ،حيث يعتبر التبليغ الرسمي لأمر الحجز إلى المحجوز لديه في الحــالة المنصوص عليها في المادة 674 بمثابة إنذار له وأن عدم التصريح في الآجال المنصوص عليها في المادة 677، يرتب المسؤولية المهنية والمدنية للمحجوز لديه بما تسبب فيه من ضرر مادي لحق بالدائن.  

وعليه يجب على المحجوز لديه أن يقدم تصريحا مكتوبا عن الأموال المحجوزة لديه ،يسلمه إلى المحضر القضائي أو إلى الدائن الحاجز خلال أجل أقصاه ثمانية أيام التالية من تبليغه الرسمي لأمر الحجز، مرفقا بالمستندات المؤيدة له، ويبين فيه جميع الحجوز الواقعة تحت يده إن وقعت، مرفقا بنسخ منها.

إذا كان الحجز متعلقا بأموال منقولة مادية، يجب على المحجوز لديه أن يقدم تصريحا مكتوبا يبين فيه قائمة المنقولات الموجودة لديه، الخاصة بالمحجوز عليه.

وإذا كان الحجز متعلقا بدين للمحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه، يجب أن يبين في التصريح مبلـغ الدين ومحله وأسباب انقضائه إذا كان قد انقضى.

وإذا كان الحجـز متعلقا بمبلغ مالي مودع في حساب جاري أو بنكي أو وديعة، يجب أن يبين التصريح مقدار المبلغ المالي الموجود أو انعدامه.

وإذا كان الحجز متعلقا بالأسهم أو حصص الأرباح أو السندات المالية، يبين التصريح قيمتها ومكان إصدارها وتاريخ استحقاقها. 

إذا لم يصرح المحجوز لديه بما عنده كما هو مبين في المادة 677 أو قدم تصريحا بغير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب إيداعها لتأييد التصريح، جاز الحكم عليه بالمبلغ المحجوز من أجـله لصالح الدائن الحاجز الذي حصل على سند تنفيذي، وذلك بدعـوى استعجالية.

ويجب في جميع الأحوال إلزام المحجوز لديه بالمصاريف القضائية، ويمكن الحكم عليه بالتعويضات المترتبة على تقصيره أو تأخيره في تقديم التصريح.  

- المرحلة الثالثة: يجب أن يتم التبليغ الرسمي لمحضر الحجز إلى المـدين المحجـوز عليه خـلال أجل ثمانية  أيـام التـالية لإجراء الحجز، مرفقا بنسخة من أمر الحجز مع التنويه على ذلك في محضر التبليغ، و إلا كان الحجز قابلا للإبطال.

رابعا: مآل حجز ما للمدين لدى الغير

إذا كان الحجز تنفيــذيا يتعلق بمنقولات مــادية أو سندات مالية أو أسهــم أو حصص الأرباح المستـحقة ولم يحصـل الوفـاء بأصـل الديـن والمصاريـف خلال عشرة أيام التالية للتبليغ الرسمي للحجز إلى المحجوز عليه، تباع الأموال المحجوزة وفقا لإجراءات بيع المنقول المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

وفي جميع الأحوال، يجب أن تسلم نسخة من محضر الحجز والجرد إلى المحجوز عليه في أجل أقصاه ثلاثة أيام، وإذا رفض الاستلام ينوه عنه في المحضر.

بعد انقضاء مدة 10 أيام يقوم المحضر القضائي بجلب الأشياء المحجوزة ،يحرر قائمة شروط البيع وبعد ذلك يرع في إجراءات بيع المنقولات بالمزاد العلني، ويسلم المنقولات إلى محافظ البيع بالمزاد العلني للقيام بإجراءات البيع بالمزاد العلني.

وإذا تعلق المحجوز بمبلغ مالي ،يتعين على المحضر القضائي استدعاء الأطراف أمام رئيس المحكمة لموطن المحجوز عليه كالبنك مثلا بحيث يحضر الأطراف الثلاثة أمام السيد بالتاريخ والساعة المحددة لجلسة التخصيص فإذا تأكد رئيس المحكمة من توفر مبلغ يغطي الدين ومصاريف التنفيذ والحجز و الحقوق التناسبية للمحضر القضائي كليا او جزئيا، وبعد تأكده من احترام المحضر القضائي لإجراءات الحجز يأمر بتخصيص المبلغ المحجوز عبر أمر التخصيص و يسلم الأمر إلى المحضر القضائي ليبلغ إلى المحجوز لديه ليصرف المبلغ للدائن الحاجز.

كما يحتوي أمر التخصيص على الأمر برفع الحجز عن رصيد المحجوز عليه اذا كان المبلغ المحجوز يغطي كافة مبلغ الحجز و مصاريف التنفيذ و الحجز و الحقوق التناسبية للمحضر القضائي أما إذا كان المبلغ لا يغطيها فيأمر رئيس المحكمة بإبقاء الحجز قائما إلى غاية تكملة باقي المبلغ و كذلك الأمر إذا كان الرصيد فارغا لا يحتوي على مبلغ مالي.

الفقرة الرابعة: الحجز التنفيذي على عقارات المدين

يلجا الى الحجز التنفيذي على عقارات المدين استيفاء لديونه، في حالة عدم وجود منقولات او عدم كفايتها.

اولا: تعريف الحجز التنفيذي على عقارات المدين

حسب المادة "يجوز للدائن الحجز على العقارات و/أو الحقوق العينية العقارية لمدينه، مفرزة كانت أو مشاعة، إذا كان بيده سند تنفيذي وأثبت عدم كفاية الأموال المنقولة لمدينه أو عدم وجودها".

غير أن الدائن المرتهن أو صاحب حق الامتياز الخاص على عقار أو صاحب حق التخصيص على عقار الذي بيده سندا تنفيذيا، يجوز له الحـجز عـلى العقارات أو على الحقوق العينية العقارية لمدينه مباشرة حتى لو انتقلت ملكيتها إلى الغير.

يجوز اذا للدائن الحجز على العقارات و أو الحقوق العينية العقارية لمدينه، مفرزة كانت أو مشاعة، إذا كان بيده سند تنفيذي و أثبت عدم كفاية الأموال المنقولة لمدينه أو عدم وجودها.

غير أن الدائن المرتهن أو صاحب حق الامتياز الخاص على عقار أو صاحب حق التخصيص على عقار الذي بيده سندا تنفيذيا، يجوز له الحـجز عـلى العقارات أو على الحقوق العينية العقارية لمدينه مباشرة حتى لو انتقلت ملكيتها إلى الغير.

ثانيا: إجراءات الحجز التنفيذي على العقارات المشهرة وغير المشهرة

يمر الحجز التنفيذي على العقارات المشهرة وغير المشهرة بعدة مراحل قد يودي عدم احترام هذه المراحل الى بطلان كل إجراءات البيع بالمزاد العلني.

المرحلة الأولى: استصدار أمر الحجز

يحق للدائن الحاجز استصدار أمر بالحجز تنفيذي على عقارات إلا أجرى إجراءات الحجز التنفيذي على منقولات فإذا لم تك؛ للمحجوز ضده منقولات قابلة للحجز وأنها لا تكفي  لتغطية مبلغ الدين، فيحرر المحضر القضائي محضر عدم وجود محجوزات أو محضر عدم  كفاية محجوزات.

و إذا تحقق هذا الشرط يحق للدائن الحاجز أو من ممثله القانوني أو الاتفاقي، أن يقدم طلب حجز عقار او عقارات المحجوز عليه أو الحقوق العينية العقارية إلى رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها العقار، ويتضمن الطلب على الخصوص:

- اسم ولقب الدائن وموطنه الحقيقي وموطنه المختار في دائرة اختصاص المحكمة التي يوجد فيها العقار و/أو الحق العيني العقاري.

- اسم ولقب المدين وموطنه،

- وصف العقار و/أو الحق العيني العقاري المطلوب حجزه، مع بيان موقعه، وأية بيانات أخرى تفيد في تعيينه، طبقا لما هو ثابت في مستخرج سند الملكية،

يجوز للدائن أن يستصدر أمرا على عريضة، يسمح للمحضر القضائي بدخول العقار للحصول على البيانات اللازمة لوصف العقار ومشتملاته، وهذا الأمر غير قابل لأي طعن. 

يرفق طلب الحجز المشار إليه في المادة 722 أعلاه، بالوثائق الآتية:

- نسخة من السند التنفيذي المتضمن مبلغ الدين، ونسخة من محضر التبليغ الرسمي والتكليف بالوفاء،

- محضر عدم كفاية الأموال المنقولة أو عدم وجودها بالنسبة للدائن العادي،

- مستخرج عقد الرهن أو أمر التخصيص على عقار أو مستخرج من قيد حق الامتياز، بالنسبة لأصحاب التأمينات العينية،

- مستخرج من سند ملكية المدين للعقار،

- شهادة عقارية.       

إذا لم يرفق الطلب بإحدى هذه الوثائق، رفض طلب الحجز، ويمكن تجديده عند استكمال الوثائق المطلوبة. 

المرحلة الثانية: تبليغ أمر الحجز 

يقوم المحضر القضائي بالتبليغ الرسمي لأمر الحجز إلى المدين، وإذا كان العقار و/أو الحق العيني العقاري مثقلا بتأمين عيني للغير، كما يجب القيام بالتبليغ الرسمي لأمر الحجز إلى هذا الأخير مع إخطار إدارة الضرائب بالحجز.

يقوم المحضر القضائي بإنذار المدين بأنه إذا لم يدفع مبلغ الدين في أجل شهر واحد من تاريخ التبليـغ الرسمي، يباع العقار و/أو الحق العيني العقاري جبرا عليه.

يقوم المحضر القضائي على الفور بإيداع أمر الحجز، أو في اليوم الموالي للتبليغ الرسمي كأقصى أجل في مصلحة الشهــر العـقاري التابع لها العقــار، لقيد أمـر الحجز، ويعد العقار و/أو الحق العيني العقاري محجوزا من تاريخ القيد.

المرحلة الثالثة: إعداد قائمة شروط البيع 

إذا لم يقم المدين المحجوز عليه بالوفاء خلال أجل ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ الرسمي لأمر الحجز، يحرر المحضر القضائي قائمة شروط البيـع ويودعها بأمانة ضبط المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها العقار المحجوز.

في حالة تعدد العقارات و/أو الحقوق العينية العقارية المحجوزة، تودع قائمة شروط البيع في أمانة ضبط المحكمة التي يوجد فيها أحد هذه العقارات.

أ- يجب أن تتضمن قائمة شروط البيع، فضلا عن البيانات المعتادة، ما يأتي:

- اسم ولقب كل من الدائنين المقيدين والحاجز والمدين المحجوز عليه، وموطن كل منهم،

- السند التنفيذي الذي تم الحجز بمقتضاه ومبلغ الدين،

- أمر الحجز وتاريخ تبليغه الرسمي وقيده، وتاريخ إنذار الحائز أو الكفيل العيني إن وجد،

- تعيين العقار و/أو الحق العيني العقاري المحجوز، تعيينا دقيقا، لاسيما موقعه وحدوده ونوعه و مشتملاته ومساحته ورقم القطعة الأرضية واسمها عند الاقتضاء، مفرزا أو مشاعا ،وغيرها من البيانات التي تفيد في تعيينه، وإن كان العقار بناية، يبين الشارع ورقمه وأجزاء العقارات،

- تحديد شاغل العقار وصفته وسبب الشغل، أو أنه شاغر،

- شروط البيع والثمن الأساسي والمصاريف،

- تجزئة العقار إلى أجزاء، إن كان في ذلك فائدة أفضل عند البيع، مع تحديد الثمن الأساسي لكل جزء، وتوضيح الترتيب الذي سيجري فيه البيع، عند الاقتضاء، وإذا كان محل الحجز وحدة استغلال اقتصادية أو مجموعة فلاحيــة، لا يجوز تجزئتها،

- بيان المحكمة التي سيتم أمامها البيع.

يؤشر رئيس المحكمة المختص إقليميا على محضر إيداع قائمة شروط البيع، ويحدد فيه جلسة للاعتراضات وجلسة لاحقة للبيع وتاريخ وساعة انعقادهما.

ب- إذا خلت قائمة شروط البيع من أحد هذه البيانات، كانت قابلة للإبطال بناء على طلب كل ذي مصلحة خلال أجل أقصاه جلسة الاعتراضات وإلا سقط حقه في حالة إلغاء قائمة شروط البيع، يعاد تجديدها على نفقة المحضر القضائي.

المرحلة الرابعة: التبليغ الرسمي لقائمة شروط البيع  

يجب على المحضر القضائي خلال خمسة عشر يوما الموالية لإيداع قائمة شروط البيع بأمانة الضبط، أن يبلغ رسميا الأشخاص الآتية:

- المدين المحجوز عليه،

- الكفيل العيني والحائز للعقار و/أو الحق العيني العقاري إن وجدا،

- المالكين على الشيوع إن كان العقار و/أو الحق العيني العقاري مشاعا،

- الدائنين المقيدين كل بمفرده،

- بائع العقار أو مقرض ثمنه أو الشريك المقاسم أو المقايض به، إن وجد،

في حالة الوفاة، يكون التبليغ الرسمي إلى ورثة هؤلاء بصفة جماعية، دون تحديد الأسماء والصفات، في موطنهم، فإن لم يكن لهم موطن معروف ففي موطن المتوفى.

كما يقوم المحضر القضائي بتبليغ محضر التبليغ الرسمي لقائمة شروط البيع، ويتضمن محضر تبليغ  فضلا عن البيانات المعـتادة، ما يأتي: تاريخ إيداع قائمة شروط البيع ،تعيين العقارات أو الحقوق العينية العقارية المحجوزة بالإجمال، و الثمن الأساسي المحدد جملة أو لكل جزء، و تاريخ و ساعة الجلسة المحددة للنظر في الاعتراضات المحتملة، و تاريخ وساعة جلسة البيع بالمزاد العلني، كما يتوجب على المحضر القضائي إنذار المبلغ لهم بالاطلاع على قائمة شروط البيع لإبداء الملاحظات والاعتراضات المحتملة، وإلا سقط حقهم في التمسك بها.

المرحلة الخامسة: تقديم الاعتراضات على عملية البيع

يحق للأطراف المعنيين بعملية بيع العقار بالمزاد العلني تقديم اعتراضاته كتابيا إن رأو فائدة من ذلك، ويكون تقديم الاعتراض منطقيا من طرف المنفذ عليه او المنفذ عليهم، لأنه ليس من المنطق ان يعارض طالب التنفيذ على عملية البيع لأنه المستفيد الأول من الأموال التي ستحصل من بيع  العقار.

وبالتالي  تقدم الاعتراضات بعريضة إلى رئيس المحكمة، قبل جلسة الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل، وإلا سقط حقهم في التمسك بها، تسجل العريضة في سجل خاص بعد دفع الرسوم حسب تاريخ ورودها، وتعقد جلسة الاعتراضات في غرفة المشورة بحضور المعترض والحاجز والمحضر القضائي وتبلغ للأطراف. 

يفصل رئيس المحكمة في الاعتراضات، بأمر غير قابل لأي طعن، في أجل أقصاه ثمانية أيام، من تاريخ انعقاد جلسة الاعتراضات.

إذا لم يقدم أي اعتراض بالجلسة، يؤشر أمين الضبط بذلك في السجل الخاص به ويشرع المحضر القضـائي في إجراءات الإعـلان عن البـيع بالمـزاد العلني.

المرحلة السادسة: إجراءات الإعداد لجلسة البيع في المزاد العلني

إذا لم يقدم الأطراف اعتراضات على عملية البيع وفي حالة تقديمهم اعتراضات و رفضها من طرف رئيس المحكمة او قاضي لبيوع العقارية وفي حالة عدم تحديد جلسة البيع في محضر إيداع قائمة شروط البيع ،يقدم المحضر القضائي او أي طرف في الحجز بموجب أمر على عريضة توجه الى رئيس المحكمة او قاضي لبيوع العقارية يصدر رئيس المحكمة الأمر بعد التحقق من الفصل في جميع الاعتراضات التي سجلت.

يخطر المحضر القضائي جميع الدائنين المقيدين والمدين المحجوز عليه والحائز والكفيل العيني إن وجد، بتاريخ وساعة ومكان جلسة البيع بالمزاد العلني، ثمانية أيام قبل الجلسة على الأقل. 

يقوم بعدها المحضر القضائي بنشر مستخرج من هذه القائمة في جريدة يومية وطنية والتعليق في لوحة الإعلانات بالمحكمة خلال ثمانية أيام التالية لآخر تبليغ رسمي بإيداع القائمة وترفق صورة من الإعلان في الجريدة ونسخة من محضر التعليق مع ملف التنفيذ.

يحرر المحضر القضائي قبل جلسة البيع بالمزاد العلني بثلاثين يوما على الأكثر وعشرين يوما على الأقل، مستخرجا من مضمون السند التنفيذي وقائمة شروط البيع موقعّا منه، ويقوم بنشر الإعلان عن البيع بالمزاد العلني على نفقة طالب التنفيذ. يتضمن المســتخرج، فـضلا عن البيانات المعتادة ما يأتي:

اسم ولقب كل من الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه والحائز والكفيل العيني إن وجد وموطن كل منهم، و تعيين العقار كما ورد في قائمة شروط البيع، والثمن الأساسي لكل جزء من العقار و/أو الحق العيني العقاري، وتاريخ وساعة البيع بالمزاد العلني، وتعيين المحكمة التي يجري فيها البيع أو أي مكان آخر للبيع. 

و بعد ذلك يقوم المحضر القضائي بتعليق ونشر الإعلان عن البيع بالمزاد العلني عبر محضر يحرر لهذا الشأن على باب أو مدخل كل عقار من العقارات المحجوزة أرضا أو مباني، وفي جريدة يومية وطنية أو أكثر حسب أهمية العقار المحجوز، وفي لوحة الإعلانات بالمحكمة التي يتم فيها البيع، وفي لوحة الإعلانات بقباضة الضرائب والبلدية التي يوجد فيها العقار، وفي الساحات والأماكن العمومية، وفي أي مكان آخر يحتمل أن يضمن جلب أكبر عدد من المزايدين، ويثبت نشر وتعليق الإعلان بتقديم صورة من الجريدة، أو تأشيرة الموظف المؤهل على هامش الإعلان المنشور ويرفق مع ملف التنفيذ.

يحق للدائنين الحاجزين والدائنين المتدخلين في الحجز، والمدين المحجوز عليه، والحائز والكفيل العيني ،تقديم عريضة إلى رئيس المحكمة لطلب إلغاء إجراءات النشر والتعليق قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل، وإلا سقط حقهم في ذلك، يفصل رئيس المحكمة في طلب الإلغاء يوم البيع وقبل افتتاح البيع بالمزاد العلني، بأمر غير قابل لأي طعن.

إذا قرر إلغاء إجراءات النشر والتعليق، أجل البيع إلى جلسة لاحقة وأمر بإعادة هذه الإجراءات على نفقة المحضر القضائي، وإذا فصل برفض طلب الإلغاء، أمر بافتتاح البيع بالمزاد العلني فورا.

المرحلة السابعة: جلسة البيع بالمزاد العلني وإجراءاتها 

تجرى جلسة البيع بالمزاد العلني برئاسة رئيس المحكمة وعمليا برئاسة قاضي البيوع العقارية الذي يعينه لهذا الغرض بمقر المحكمة التي أودعت فيها قائمة شروط البيع، في التاريخ والساعة المحددين لذلك، وتكون بحضور المحضر القضائي وأمين الضبط ،وحضور الدائنين المقيدين والمدين المحجوز عليه والحائز والكفيل العيني إن وجد، أو بعد إخبارهم بثمانية أيام على الأقل قبل تاريخ الجلسة، وحضور عدد من المزايدين لا يقل عن ثلاثة أشخاص في الجلسة الأولى. 

بعد افتتاح جلسة البيع، يقوم الرئيس بالتحقق من حضور أو غياب أطراف الحجز وإتمام إجراءات التبليغ الرسمي والنشر والتعليق من طرف المحضر القضائي، وإذا تحقق القاضي من صحتها، يأمر بافتتاح المزاد العلني، ويذكر بشروط البيع ونوع العقار أو الحق العيني العقاري المعروض للبيع، والثمن الأساسي والرسوم والمصاريف، ثم يحدد مبلغ التدرج في المزايدة حسب أهمية العقار و/أو الحق العيني العقاري، و في جميع الأحوال لا يقل عن عشرة آلاف دينار في كل عرض.

إذا لم يتوفر النصاب من المزايدين أو كان العرض أقل من الثمن الأساسي للمزايدة، أو لم يتقدم أحد بأي عرض خلال خمس عشرة دقيقة، أثبت الرئيس ذلك في سجل الجلسة، وقرر تأجيل البيع إلى جلسة لاحقة بذات الثمن الأساسي.

في الجلسة الجديدة، وبغض النظر عن عدد المزايدين، إذا كانت العروض أقل من قيمة الثمن الأساسي وغير كافية لقيمة الدين والمصاريف، قرر الرئيس تأجيل البيع وإنقاص عشر الثمن الأساسي مع إعادة النشر والتعليق.  

في الجلسات الموالية، يباع العقار أو الحق العيني العقاري لمن تقدم بأعلى عرض ولو كان أقل من الثمن الأساسي، إلا إذا قبل الدائن الحاجز أو أحد الدائنين المتدخلين في الحجز استيفاء الدين عينا بالعقار أو الحق العيني العقاري، بالثمن الأساسي المحدد له.

يجب على الراسي عليه المزاد أن يدفع حال انعقاد الجلسة، خمس الثمن والمصاريف والرسوم المستحقة، ويدفع المبلغ الباقي في أجل أقصاه ثمانية أيام بأمانة ضبط المحكمة أمام رئيس كتاب الضبط، و إذا لم يودع الراسي عليه المزاد باقي الثمن كاملا في المدة المحددة، يتم إعذاره بالدفع خلال خمسة أيام، وإلا أعيد البيع بالمزاد العلني على ذمته. 

المرحلة الثامنة: صدور حكم رسو المزاد وآثاره

بعد رسو المزاد على من قدم أعلى ثمن يصدر حكم برسو المزاد ،و يشترط على الراسي عليه المزاد ان يدفع مبلغ رسو المزاد كاملا و مصاريف الحجز و التنفيذ و كذا الحقوق التناسبية للمحضر القضائي ،و كذا كل رسوم التسجيل على مستو الضرائب.

تنقل إلى الراسي عليه المزاد كل حقوق المدين المحجوز عليه التي كانت له على العقارات أو الحقوق العينية العقارية المباعة بالمزاد العلني، وكذلك كل الارتفاقات العالقة بها، ويعتبر حكم رسو المزاد سندا للملكية، كم يتعين على المحضر القضائي قيد حكم رسو المزاد بالمحافظة العقارية مـن أجل إشهاره خلال أجل شهرين من تاريخ صدوره.

الفرع الثاني: التنفيذ العيني

بعد أن تطرقنا الى التنفيذ المالي وأنواعه وشروطه، سنتطرق الى النوع الثاني من التنفيذ ألا وهو التنفيذ العيني، فالتنفيذ العينى يعتبر الأصل في تنفيذ الالتزامات أي تنفيذ المدين بعين مع التزم به ومن شروط التنفيذ العينى أن يكون التنفيذ ممكنا وألا يكون التنفيذ العينى مرهقا للمدين و اعذار المدين بالتنفيذ العينى. 

الفقرة الأولى: الالتزام بنقل حق او إنشائه

وضع المشرع طريقه للتنفيذ العينى وهي أن يكون الالتزام بنقل او أنشاء حق عينى أو الالتزام بالتسليم والالتزام بعمل او الالتزام بالامتناع عن عمل وطرق التنفيذ العينى للالتزام تتوقف على الالتزام وطبيعته فالقانون يجبر فى بعض الحالات اللجوء للغرامة التهديدية لحمل المدين على تنفيذ التزامه.

أولا: تعريف الالتزام بنقل حق او إنشائه 

الالتزام بنقل حق او إنشائه هو التزام قانوني على عاتق المحكوم عليه ،بنقل او نشاء حق للغير، ومن أمثلتها تنفيذ التزام بإتمام إجراءات بيع العقار إذا التزم مالكه بوعد بالبيع لصالح الغير.

ثانيا: أمثلة عن الالتزام بنقل حق او إنشائه

المثال الأول: التزام المدين بنقل ملكية عقار أو حق عيني آخر على عقار, ولا ينشأ الحق العيني إلا بعد التسجيل في السجل العقاري, وهذه قاعدة سارية في معظم التفنينات.

المثال الثاني: التزام المستأجر بدفع الأجرة

الفقرة الثانية: الالتزام بالتسليم شيء

يترتب من العقد بالبيع التزامات متبادلة بين البائع والمشتري وأول التزام يترتب على عاتق البائع هو الالتزام بالتسليم بنوعيه:

أولا: تعريف الالتزام بالتسليم شيء

الالتزام بالتسليم شيء قد يترتب عليه اما التسليم المادي وهو الذي يصاحبه استيلاء المشتري مادياً على المبيع و تسلم المبيع يتم حسب طبيعته، فإذا كان المبيع عقاراً فإن تسليمه يكون بالتخلي عن حيازته لتمكين المشتري من الاستيلاء عليه من خلال إفراغه من الأثاث والأمتعة وتسليم المفاتيح للمشتري أما إذا كان منقولاً فهنا يتم التسليم بالمناولة اليدوية أما التسليم المعنوي هو الذي لا تنتقل فيه حيازة المبيع المادية فعلاً من البائع إلى المشتري. وسواء تخلف البائع عن التسليم المادي او المعنوي، فهذا ما يجعل المشتري ملزم برفع دعوى قضائية ضد البائع لإلزامه بالتسليم دون الاخلال في حقه في طلب التعويض، كما يحق له المطالبة بتوقيع غرامة تهديدية عن كل يوم تأخير عن التسليم اذا امتنع البائع عن التسليم رغم صدور حكم يلزمه بذلك وتكليفه بالوفاء عن طريق محضر قضائي و انقضاء اجل 15 يوم القانونية للوفاء وديا.

ثانيا: أمثلة عن الالتزام بتسليم شيء

المثال الأول: الطرد من المسكن او المحل التجاري او من القطعة الأرضية قد يكون موضوع التنفيذ طرد المحكوم ضده من عين تتمثل في مسكن كشقة او فيلا ،او محل تجاري ،او من قطعة ارض غير مبنية او فلاحية ،وهذا يكون في حالة شغل المحكوم ضده للعين بصفة غير شرعية أي شغله للعين بدون أي سند قانوني و دون رضى المالك او المالكين، فيحق في هذه الحالة للمالك او المالكين رفع دعوى طرد ،و بعد صدور الحكم النهائي ،يقوم المحضر القضائي بإلزام المحكوم ضده بإخلاء الأماكن، وفي حالة امتناعه عن التنفيذ يمكن إلزامه عن طريق القوة العمومية بعد تسخيرها من طرف وكيل الجمهورية المختص إقليميا بطلب من المحضر القضائي، فيلم المنفذ عليه بتسليم العين إلى المالك او الملكين عنوة.

يمكن تطبيق نفس المبدأ على المستأجر الذي يتجاوز مدة الإيجار المتفق عليها في العقد، فيحق للمؤجر في هذه الحالة أن يستصدر الصيغة التنفيذية لعقد الإيجار من الموثق المحرر للعقد ،و الاتجاه نحو محضر قضائي الذي يكلف المستأجر بالوفاء ،وفي حالة امتناعه عن التنفيذ بعد انقضاء مدة 15 يوم القانونية، يمكن إلزام المستأجر على تسليم العين المؤجرة باستعمال القوة العمومية بعد طلب تسخير القوة العمومية الموجه لوكيل الجمهورية.

المثال الثاني: الالتزام بتسليم الطفل 

يترتب عن الحكم بفك الرابطة الزوجية سواء عن طريق الطلاق، والتطليق ، ولخلع، الحق للأب بزيارة الأبناء، ويترتب على ذلك التزام الأم أي الزوجة الطلقة بتسليمهم لوالدهم أي طليقها في الأيام و الساعات المحددة لذلك.

وفي حالة امتناع المطلقة من تسليم الأطفال فيمكن إلزامها جبرا ماعدا اللجوء إلى القوة العمومية، فيحق للمطلق أن يرفع دعوى جزائية لعدم تسليم الطفل المعاقب عليها بموجب المادة 328 من قانون العقوبات  كما يمكن نظريا اللجوء إلى توقيع غرامة تهديدية لإجبار المطلقة على التنفيذ، ويمكن تطبيق نفس الشيء في حالة الحكم بإسقاط الحضانة.

الفقرة الثالثة: الالتزام بالقيام بعمل

تنفيذ الالتزام بعمل يختلف بحسب طبيعة العمل الذي يلتزم به المدين وهذا الالتزام يجب الوفاء به عينا.

أولا: تعريف الالتزام بالقيام بعمل

الالتزام بعمل هو ذلك الالتزام الايجابي للمدين المحكوم عليه ،لا يتعلق بمبلغ مالي ،و الأمثلة عن ذلك كثيرة و لم يذكرها قانون الإجراءات المدنية صراحة و لم يخصص لها أجزاء ،لكن يمكن أن نستنبطها من الأرض الواقع.

ثانيا: أمثلة عن الالتزام بالقيام بعمل من أمثلة الالتزام بالقيام بعمل نذكر:

المثال الأول: القيام بإصلاحات في شقة يصدر منها تسرب مياه إلى الشقة او الشقق التي تقع أسفلها ،فيلزم المحكوم ضده بعد أن يثبت ذلك خبير معين من طرف المحكمة ،و صدور حكم يكرس ذلك.

المثال الثاني: التزام عامل بعمل لدى صاحب العمل.

الفقرة الرابعة: الالتزام بالامتناع عن عمل

الالتزام بالامتناع عن عمل هو الامتناع عن عمل يسمح به القانون أي القيام بعمل كان يحق له القيام به لو لا وجود هذا المنع.

أولا: تعريف الالتزام بالامتناع عن عمل

الامتناع عن العمل هو أن يحكم على الشخص بان يسلك سلوك سلبي أي عكس السلوك الايجابي أي القيام بعمل و الأمثلة عن ذلك كثيرة و لم يذكرها قانون الإجراءات المدنية صراحة و لم يخصص لها أجزاء ،لكن يمكن أن نستنبطها من الأرض الواقع.

ثانيا: أمثلة عن الالتزام بالامتناع عن عمل من أمثلة الالتزام بالامتناع عن القيام بعمل:

المثال الأول: القيام هي إحدى الحالات الصعبة التنفيذ، وهي الأمر بوقف الأشغال.

المثال الثاني: التزام العامل بعدم منافسة صاحب العمل بعد انتهاء عقد العمل.

الفرع الثالث: إشكالات التنفيذ

أثناء مباشرة التنفيذ كثيرا ما يواجه المحضر القضائي او المحكوم له حواجز أي إشكالات تعيق عملية التنفيذ والتي تصدر من المحكوم عليه او الغير.

الفقرة الأولى: تعريف إشكالات التنفيذ

تعد إشكالات التنفيذ دعوى قضائية وقتية ترفع قبل الإتمام النهائي لإجراءات التنفيذ، وهي عقبات قانونية أو مادية ميدانية قد تعيق المحضر المحضر القضائي أثناء تأديته لمهامه وهي دعوى استعجالية لا تمس بأصل الحق وترفع دعوى إشكالات التنفيذ بموجب محضر يحرره المحضر القضائي إذا ما ارتأى وجود عقبة قانونية او مادية تحول دون إتمام إجراءات التنفيذ وبالتالي هو ملزم في هذه الحالة بتحرير ما يسمى "محضر إشكال في التنفيذ".

الفقرة الثانية: محضر الإشكال في التنفيذ

محضر الإشكال في التنفيذ هو محضر يحرره المحضر القضائي يشرح فيه بصفة مفصلة العقبة القانونية او المادية التي تعيق عملية التنفيذ.

أولا: العقبات المادية

العقبات المادية هي التي تعيق المحضر القضائي من التنفيذ في ارض الواقع، أي التي يقابلها أثناء تنقله إلى أماكن التنفيذ ومعاينتها ماديا.

ومن أمثلة العقبات المادية أن يعاين المحضر القضائي اختلاف بين منطوق الحكم  والعناصر الموجودة فعلا في ارض الواقع في مكان التنفيذ، كأن يكون منطوق الحكم متعلق بالطرد من قطعة أرضية في حين انه في الواقع مبنية و شيد عليها بناية او بنايات، او كان يكون موضوع التنفيذ يتعلق ببناية تتكون من طابق ارضي لكن في ارض الواقع البناية تتكون من عدة طوابق او كان يكون الحكم بالطرد يتعلق بشخص او أشخاص مذكورين اسميا في منطوق او ديباجة السند التنفيذي ولكن المحضر القضائي يعاين أثناء التنفيذ أن العين مشغولة من طرف أشخاص من الغير و غير مذكورين في السند التنفيذي، والأمثلة عديدة لا يمكن ذكرها كلها، او حصرها.

ثانيا: العقبات القانونية

العقبات القانونية هي أشكال في التنفيذ ذو طابع مؤقت يثيره كل من له مصلحة سواء كان المنفذ له أو المنفذ عليه ،و هذا بغرض الحصول على حكم يقضي بمواصلة التنفيذ إذا رفع الإشكال القانوني من المنفذ أو بوقف التنفيذ اذا رفع الإشكال من المنفذ عليه وقد تتمثل العقبة القانونية عمليا في تقديم او إظهار المنفذ عليه وثيقة او وثائق من شئنها ان تؤثر على عملية التنفيذ بحيث تحدث لبس في القضية رغم وجود سند تنفيذي ممهور بالصيغة التنفيذية، وهذا ما "يجبر" المحضر القضائي على تحرير محضر الإشكال في التنفيذ ،و وقف التنفيذ الى غاية فصل رئيس المحكمة المختص في الإشكال في التنفيذ.

الفقرة الثالثة: آثار رفع دعوى وقف التنفيذ

يترتب على رفع دعوى وقف التنفيذ اثرين هامين وقف التنفيذ وصدور امر استعجالي.

أولا: وقف تنفيذ السند التنفيذي الى غاية الفصل في دعوى وقف التنفيذ

على المحضر القضائي وقف إجراءات التنفيذ ابتداء من التاريخ و الدقيقة التي يتم تبليغه رسميا من طرف محضر قضائي بواسطة محضر رسمي للتكليف بالحضور لجلسة استعجالية من ساعة لساعة أمام القاضي الاستعجالي و يكون محضر التبليغ مرفق بعريضة وقف التنفيذ من ساعة لساعة مرفوعة أمام القسم الاستعجالي للمحكمة المختصة إقليميا أي المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التنفيذ.

ثانيا: الأمر الاستعجالي بوقف او مواصلة التنفيذ

يصدر رئيس المحكمة بعد رفع دعوى رفع الإشكال في التنفيذ او دعوى وقف التنفيذ أمر غير قابل لأي طعن وفي مدة أقصاها خمسة عشر يوما، أما بوقف التنفيذ لمدة أقصاها ستة أشهر او الأمر بمواصلة التنفيذ بحيث تصبح العقبة المادية او القانونية مرفوعة او غير جدية وبالتالي يواصل المحضر القضائي عملية التنفيذ.

خلاصة الفصل الثاني

تنتهي الدعوى القضائية بعملية التنفيذ لوضع في حيز التنفيذ ما جاء به السند التنفيذي، وقد حاول المشرع تدارك النقائص التي كانت تحد من عملية التنفيذ عبر أحكام  القانون رقم 08 -09 وذلك بتبسيط بعض الإجراءات، واستحداث حجوز لم يعرفها قانون الإجراءات المدنية الملغي، كالحجز على العقارات غير المشهرة ، وهذا بهدف التوسيع من دائرة الأموال الضامنة للدين، ومنح الدائن فرص أكثر لاستيفاء حقه.

لكن القانون رقم 08-09 لا يخلوا من النقائص فالشخص الأول في عملية التنفيذ المحضر القضائي يعاني من تقييد سلطاته فمنح المحضر القضائي سلطة الحجز دون المرور على استصدار الأمر بالحجز قد يسرع من وتيرة الحجز وتجنب خضوعه الآلي لرقابة رئيس المحكمة نفس الشيء بالنسبة للتنفيذات المالية والعينية التي تحتاج الى تدخل القوة العمومية، فخضوع تسخير القوة العمومية لأمر وكيل الجمهورية يبطئ أحيانا عملية التنفيذ و منح المحضر القضائي أكثر استقلالية في تسخير القوة العمومية و جعلها بطلب يقدمه المحضر القضائي مباشرة لسلطات القوة العمومية –على الأقل في بعض حالات التنفيذ –قد يجعل عملية التنفيذ أسرع. 

لكن القانون لا يخلو من الايجابيات كمنح المنفذ عليه حق رفع دعوى وقف التنفيذ عن طريق رفع دعوى استعجالية من ساعة لساعة، لتفادي أضرار قد تلحق به وأمواله لا يمكن تداركها اذا تمت عملية التنفيذ وضمانة قانونية إضافية للمدين لمواجهة تعسف محتمل للمحضر القضائي القائم بالتنفيذ الذي قد لا يحرر محضر إشكال في التنفيذ. كما قلص القانون رقم 08-09 من الأجل القانوني للتنفيذ الاختياري من 20 يوم الى 15 يوم وهذا ما يخدم مصالح المنفذ له الذي ينتظر في غالب الأحيان مدة طويلة قبل استيفاء حقه.

نأمل في المستقبل أن يدخل المشرع تعديلات أخرى من شأنها تحسين عملية التنفيذ.

المرجع:

  1. د. فرندي نبيل، طرق الإثبات والتنفيذ، مطبوعة مقدمة لطلبة السنة الثالثة قانون خاص، جامعة أكلي أولحاج البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، من ص 45 إلى ص79. 

google-playkhamsatmostaqltradent