أركان عقد الایجار اثباته ونفاذه

أركان عقد الایجار اثباته ونفاذه

الایجار عقد رضائي یتم بمجرد ارتباط القبول بالإیجار والاتفاق على البدل والمنفعة المقصودة من العقد، فعقد الایجار ككل العقود یخضع في تكوینه للأحكام العامة في نظریة العقد، إلا أن المشرع أفرد أحكاما خاصة تتعلق بكل من التراضي والمحل والشكلیة في عقد الایجار، أما السبب في هذا العقد فتركه للأحكام العامة.

واذا توفرت هذه الأركان سوف یبرم عقد الایجار الذي سیتم اثباته بوسائل قانونیة نص علیها المشرع، كما یكون نافذا في حق المتعاقدین والغیر.

فمن خلال هذا المبحث نتطرق في (المطلب الأول) الى أركان عقد الایجار ثم في (المطلب الثاني) نتناول إثبات عقد الایجار أم (المطلب الثالث) یكون حول نفاذ عقد الایجار بالنسبة للغیر.

المطلب الأول: أركان عقد الایجار

تشترط القواعد العامة في عقد الایجار حتى یكون صحیحا ومرتبا للاثار القانونیة ان تتوفر فیه اركانه مثله مثل العقود الاخرى، وهي الرضاء والمحل والسبب بالاضافة الى الشكل الذي یجب ان یفرغ فیه المتعاقدان اتفاقهما، وهذا طبعا بالنسبة للعقود التي تتطلب الشكلیة، وبالتالي تشترط الاهلیة اللازمة للتعبیر عن رضا المؤجر والمستأجر، وان یكون فیه تطابق للارادتین حول المسائل الجوهریة والتفصیلیة المتعلقة بعقد الایجار.

وبالنسبة للمحل في عقد الایجار یكمن في المنفعة ودفع بدل الایجار ولكل منهما شروطا یجب توافرها طبقا للقواعد العامة. اما السبب فهو نفسه الركن المطلوب في كل العقود وبنفس شروطه المعمول بها في القواعد العامة الا ان الباعث في السبب یختلف باختلاف طبیعة العقد، وبالاضافة الى هذه الاركان، هناك ركن الشكلیة التي أصبحت معتمدة في عقد الایجار.

نتناول ركن التراضي في (الفرع الأول) ثم في (الفرع الثاني) نتعرض للمحل في عقد الایجار أما الشكلیة سوف تكون ضمن (الفرع الثالث).

الفرع الأول: التراضي في عقد الایجار

یعد التراضي ركنا جوهریا في العقد ولا یتصور قیام عقد بتخلف هذا الركن غیر أنه لا یكفي وجود هذا التراضي حتى یكون العقد صحیحا بل یجب أن یكون التراضي صحیحا، أي أن یتمتع كل من المؤجر والمستأجر بالأهلیة اللازمة لإبرامه وأن تكون ارادتاهما خالیتان من العیوب (أي الإكراه، والغلط والتدلیس والاستغلال وذلك طبقا المواد من 81 الى91 من القانون المدني) كما یجب أن یكون هناك اتفاق على المسائل الجوهریة والثانویة في العقد.

لذا سوف نتطرق للأهلیة في عقد الایجار والأشخاص الذین یحقوا لهم إبرام عقد الایجار (اولا)،ثم المسائل الواجب الاتفاق علیها لإبرام عقد الایجار (ثانیا).

أولا: الأهلیة في عقد الایجار والأشخاص الذین یحقوا لهم إبرام عقد الایجار

1- الأهلیة في عقد الایجار  

إن الأهلیة المطلوبة لإبرام عقد الایجار هي أهلیة القیام بأعمال الإدارة، فیجب ان یكون المتعاقد ذو أهلیة كاملة، لأنه یبطل التأجیر والاستئجار من عدیم الأهلیة، ویكون التأجیر والاستئجار موقوفا على الاجازة إذا صدر من ناقص الأهلیة، ومن فيحكمه.

2- الأشخاص الذین یحقوا لهم ابرام عقد الایجار

یعد عقد الایجار من عقود تمكین المنفعة ولیس من العقود الناقلة للملكیة وبالتالي یجب على المؤجر تملیك المستأجر في هذه المنفعة لمدة معینة، ثم كي ینعقد العقد صحیحا یجب أن تكون كل من إرادة المؤجر والمستأجر خالیتین من العیوب وتتوفر فیهما أهلیة التأجیر والاستئجار عند إبرام العقد.

- المؤجر أو نائبه:

إن كان المؤجر هو مالك الشيء، فیقوم بتأجیره ولكن بشرط أن تكون مدة الایجار محددة، وبالتالي بعد ابرام العقد یكون ساریا مفعوله بالنسبة للمتعاقدین وبالنسبة للغیر مع اخضاعه العقد للشهر العقاري طبقا لما نصت علیه المادة 17 من الأمر 75-74 وبطبیعة الحال إن العقد لا یكون سریا مفعوله بین هؤلاء الأطراف وبالنسبة للغیر إذا لم یشهر.

مع العلم أن المادة 896 من القانون المدني الجزائري جعلت المدة تزید عن 9 سنوات فیما یتعلق بالدائن المرتهن، إن كان محل الایجار عقارات، أما إذا كانت منقولات، یسري هذا الایجار في حق الكافة إن صدر من متعاقد كامل الأهلیة حتى لو جاوزت مدته أكثر من 9 سنوات.

 لكن إذا ما كان المؤجر ناقص الأهلیة، فبالضرورة عقده یكون موقوفا على اجازةالولي أو الوصي ،وهذا امتثالا لنص المادة 83 من القانون الاسرة الجازئري(1) ،وفيحالة كون المؤجر قاصار غیر ممیز أو من في حكمه سوف یمثله نائبه القانوني، ویتم ذلك بما نص علیه القانون.

وحق المؤجر المالك بتأجیر ملكه لا یقتصر على الحالة التي تكون ملكیته فیها بسیطة، بل یتمتع بهذا الحق حتى لو كانت ملكیته معلقة على شرط واقف أو شرط فاسخ، وینتقل هذا الوصف إلى عقد الایجار الذي یبرمه.

فالإیجار قد یكون معلقا على شرط واقف كما لو علق المؤجر ایجار الدار التي یسكنها المشتري على شرط أن یشتري دارا أخرى أو أن یكون الایجار معلقا على شرط فاسخ، كما لم علق المستأجر استئجاره للدار على أن لا یشتري دارا أخرى، ولذا سواء أكان الشرط واقفا أو فاسخا، فإنه لا یكون له أثر رجعي، وذلك خلافا للقواعد العامة في الشرط.

- الایجار الصادر من المالك على الشیوع:

الملكیة الشائعة هي إحدى صور الملكیة حیث یكون فیها الشيء مملوكا لعدة أشخاص حددت حصة كل منهم بطریقة رمزیة أو حسابیة في الحق ذاته وبحسب الأصل تكون إدارة المال الشائع بواسطة ایجاره من جمیع الشركاء ما لم یوجد ما یخالف ذلك، وهذا ما نصت علیه المادة 715 من القانون المدني الجزائري: " تكون إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعین ما لم یوجد اتفاق یخالف ذلك".

عادة وبحسب المتعارف علیه یتم التأجیر من قبل جمیع الشركاء أو قد یتم من قبل واحد من الشركاء بشرط أن لا یكون اعتراض الباقین في شأن ذلك من قبل بقیة الشركاء، فیكون مدیرا و وكیلا ضمنیا عنهم عن تسییر عقد الایجار.

وفي حالة عدم تعیین وكیلا لتأجیر المال الشائع أو لم تكن هناك أغلبیة، فباستطاعة كل شریك على الشیوع مطالبة المحكمة بمعاینة وكیلا منهم أو تقوم بتعیینه من الغیر.

كما أنه في حالة ما إذا قام أحد الشركاء بتأجیر المال الشائع دون أن یكون وكیلا عن بقیة الشركاء على الشیوع الأخرین، فهنا یعد ایجاره غیر نافذ في حق جمیع الشركاء وتجاه المستأجر الحائز على العین، فكل هؤلاء متعرضون قانونیا لهؤلاء الشركاء.

ویمكن القول أن حق المستأجر هنا معرض للزوال إذا ما اعترضوا الشركاء على الشیوع له، وفي هذه الحالة ما علیه إلا إخبار المؤجر الشریك على الشیوع (ان كان وكیلا عنهم) بذلك حتى یوقف تعرض الشركاء له، أو یطالبه بفسخ عقد الایجار مع التعویض.

ثم في حالة ما إذا وقعت القسمة في المال الشائع من قبل الشركاء على الشیوع، فلا مشكلة في ذلك ینفذ الایجار في جزء المؤجر،اي في نصیبه.

كما أن في حالة ما إذا كان التأجیر في جزء أو نصیب أحد الشركاء انتقل حق المستأجر إلى نصیب أو جزء المؤجر، فلا یحق للمستأجر المطالبة بفسخ العقد إلا إذا كان لا یعلم أن المؤجر لا یملك العین المؤجرة مفرزة، وهذا ما نصت علیه المادة 714/2: " ... إذا كان التصرف منصبا على جزء مفرز من المال الشائع ولم یقع هذا الجزء عند القسمة في نصیب المتصرف ینقل حق المتصرف الیه من وقت التصرف الى الجزء الذي ال الیه المتصرف بطریق القسمة. وللمتصرف إلیه الحق في إبطال التصرف إذا كان یجهل أن المتصرف لا یملك العین المتصرف فیها مفرزة".

لكن في حقیقة الأمر هذه المادة تخالف مضمون المادة 469 مكرر 3 القانون المدني الجزائري حیث جاء فیها: "إذا انتقلت ملكیة العین إرادیا أو جبار یكون الایجار نافذا في حق من انتقلت إلیه الملكیة".

هذا، وقد یتعرض التأجیر إلى تغییر أو تعدیل جوهري في الغرض الذي أعد له المال الشائع، ففي هذه الحالة لا یجوز لأحد الشركاء أن یأتي من أعمال التأجیر تكون خروجا بالمال المشترك عن تخصیصه حتى ولو عاد ذلك بالنفع على كل الشركاء فمثلا تأجیر العین لمدة تزید على ثلاث سنوات، ولذا اشترط المشرع موافقة أغلبیة الشركاء المالكین لثلاثة أرباع المال الشائع.

- الایجار الصادر من أحد المتعاقدین (البائع أو المشتري) قبل شهر عقد البیع:

إن ملكیة العقار لا تنتقل إلى المشتري في عقد البیع إلا بالشهر في المحافظة العقاریة وذلك عملا بنص المادة 793 ق م ج وكذا المادة 15 من الأمر 75-74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسیس السجل العقاري.

إلا أنه قد یقوم المشتري والبائع بإبرام عقد ایجار في مرحلة هي ما بین تحریر العقد ووقوع التوقیع النهائي له.

في هذه الحالة یستطیع المشتري بهذا العقد الابتدائي تأجیر العین لكون ان العقد الابتدائي دلیل اثبات ویعد عقدا صحیحا یرتب إلتزامات على عاتق هذا المشتري التي یجب تنفیذها إزاء المستأجر ولا یمكن للمشتري التعرض له، بل یمكن للمستأجر مطالبة البائع بتسلیمه العین باسم مدینه برفع دعوى غیر مباشرة علیه.

وفي نفس المسألة، فالبائع في عقد بیع لم یتم شهره، یبقى مالكا للعین، فیستطیع تأجیره إن لم یقم بتسلیمه للمشتري إلا أن هذا الأخیر سوف یطالب البائع ببدل الایجار الذي قبضه من طرف المستأجر لأن ثمرات العین المبیعة تستحق من وقت البیع حتى لو لم یتم شهره.

أما إذا تم شهر عقد البیع، مباشرة تنتقل الملكیة للمشتري الذي یملك حریة التصرف فیها، والملاحظ أن المشرع الجزائري قد نص في المادة 469 مكرر 3 على ما یلي: "إذا انتلقت ملكیة العین المؤجرة إرادیا أو جبار یكون الایجار نافذا في حق من انتقلت إلیه".

- الایجار الصادر من مالك حق الانتفاع:    

یعد حق الانتفاع من الحقوق المتفرعة عن الملكیة، فیخول صاحبه باستعمال الشيء المنتفع به، ولا یجوز أن یبقى بعد موت المنتفع طبقا للمادة 469 من ق م ج.

وبذلك یستطیع صاحب حق الانتفاع أن یؤجر حقه في الانتفاع بشرط أن لا یتجاوز المدة التي یبقى فیها حق الانتفاع قائما، فإذا تجاوزها فإن الایجار عن المدة الزائدة یكون موقوفا على اجازة مالك العین لأن حق الانتفاع یعود إلى مالك الرقبة عند انتهاء مدته.

والقانون المدني قد أعطى للمنتفع في المادة 847 حق إدارة المال بالإیجار فقط وأن لا یتعدى ثلاث سنوات واذا كان أكثر من ذلك ینخفض إلى 3 سنوات بقوة القانون.

وعلى ذلك إن الایجار الصادر من مالك حق الانتفاع ینتهي بإنقضاء مدة الانتفاع، أو بانتهاء مدة الایجار أو بموت المنتفع مع احترام المدة المقررة لذلك وهي ثلاث سنوات فقط.

- الایجار الصادر من مالك زال سند ملكیته بأثر رجعي:

قد یحدث أن یصدر ایجارا من مالك وبعد ذلك زالت ملكیته بأثر رجعي، مثلا كالموهوب له الذي قام بتأجیر أرض وهبت له ثم تراجع الواهب عن هبته، أو كالمشتري الذي فسخ عقده لعدم الوفاء بالثمن في عقد البیع.

فهذا الایجار یقع صحیحا ونافذا في حق المالك الجدید طالما كان المستأجر من المالك الذي زالت ملكیته بأثر رجعي حسن النیة، وكان تاریخ صدور الایجار قبل زوال الملكیة، أي قبل تحقیق الشرط الفاسخ أو تخلف الشرط الواقف، كما أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن، أي المؤجر الذي زالت ملكیته تبقى نافذة رغم تحقق الشرط، وهنا الشرط هو الشرط الفاسخ. 

- الایجار الصادر من صاحب حق عیني بالاستعمال أو السكن:

إن حق الاستعمال وحق السكن محدودان بحاجة صاحب الحق وأسرته فقط وهذا ما نصت علیه المادة 855 ق م ج: "نطاق حق الاستعمال وحق السكن یتحدد بقدر ما یحتاج إلیه صاحب الحق وأسرته لخاصة أنفسهم وذلك دون الاخلال بالأحكام التي یقررها السند المنشئ للحق" ومن ذلك یمنع صاحب هذا الحق تأجیره وهذا ما نصت علیه المادة 469 مكرر من القانون المدني: "لا یجوز لصاحب حق الاستعمال وحق السكن ان یعقد ایجارا ما لم ینص العقد المنشىء لحقه صراحة على ذلك".

ینتهي اذن حق الایجار بقوة القانون بانتهاء حق الاستعمال أو حق السكن وذلك طبقا لما نصت علیه المادة 469 مكرر من القانون المدني.

- الایجار الصادر من المستأجر:

المستأجر له حق شخصي على العین المؤجرة وبالتالي لا یجوز له التنازل عن الایجار والتأجیر من الباطن ما لم یوافق المؤجر بإذن كتابي على ذلك وهذا ما نصت علیه المادة 505 من القانون مدني جزائري: "لا یجوز للمستأجر أن یتنازل عن حقه في الایجار أو یجري ایجارا من الباطن دون موافقة المؤجر كتابیا ما لم یوجد نص قانوني یقضي بغیر ذلك".

على العموم إن حدث هذا النوع من الایجار من الباطن، یحق للمؤجر مطالبة المستأجر الأصلي إخراج المستأجر الفرعي من العین المؤجرة وفي حالة عدم قبوله یستطیع فسخ العقد نتیجة إخلاله بتنفیذ التزامه ومطالبته بالتعویض.

إلا أنه خروجا عن ما تقرره القواعد العامة في القانون المدني بمنع التنازل عن الایجار والتأجیر من الباطن بدون علم المؤجر، ففي بعض النصوص التنظیمیة الخاصة المنظمة للایجار، فقد یقوم المستأجر الأصلي بتأجیر العین لمستأجر فرعي ویبرم عقدا یسمى ب:"عقد حارسة" الذي یحرره الموثق، علما أن هذا العقد، أي "عقد الحارسة" صحیح من الناحیة القانونیة، وهذا ما ورد في المرسوم التنفیذي رقم 76-147 والمرسوم التنفیذي رقم 08-142.

- ایجار الدائن المرتهن رهنا حیازیا:

إن الایجار الصادر من الدائن المرتهن رهنا حیازیا ینفذ في حق الراهن إذا تم تأجیره للغیر، وینفذ كذلك في حق الغیر إن تم تأجیره للراهن بحیث یكون محل الرهن الحیازي عقارا، وهذا ما نصت علیه المادة 967 من القانون المدني الجزائري: "یجوز للدائن المرتهن لعقار ان یؤجر العقار الى الراهن دون ان یمنع ذلك من  نفاذ الرهن في حق الغیر. فاذا اتفق على الایجار في عقد الرهن، وجب ذكر ذلك في العقد ذاته.

واذا اتفق علیه بعد الرهن وجب ان یؤشر به في هامش القید. ولا یكون هذا التأشیر ضروریا اذا جدد الایجار تجدیدا ضمنیا". فهذا كان معمولا به قبل صدور المرسوم التشریعي رقم 93-03 لكن بعد ذلك، فلا مجال للعمل بالتجدید الضمني لعقد الایجار.

والدائن المرتهن له حق تأجیر العین المرهونة لمدة ثلاث سنوات وذلك طبقا لما نص علیه المادة 958 من القانون المدني الجزائري، فهو عقد ادارة فقط.

- الایجار الصادر ممن له حق إدارة المال:

أصلا یثبت حق إدارة المال لصاحبه، أي للمالك واستثناءا قد یمارس هذا الحق من قبل الغیر نیابة عن المالك، وقد تكون هذه النیابة قانونیة أو اتفاقیة، ویشمل هذا الوصف الحارس القضائي ووكیل التفلیسة وممثلي الشركات وغیرهم من الاشخاص الممنوح لهم ذلك.

وعلى ذلك لقد قید القانون سلطة من یملك حق إدارة المال في التأجیر بمدة لا تزید عن ثلاث سنوات لا أكثر، وهذا ما نصت علیه المادة 468 من القانون المدني.

واذا تم عقد الایجار لمدة أطول من ذلك یتم تخفیض المدة إلى ثلاث سنوات.

- الایجار الصادر من غیر المالك:

ان الایجار الصادر من غیر المالك، هو ایجار معروف بایجار ملك الغیر، فمؤجر هذا الشيء او العقار لا یعد نائبا ولا وكیلا عن ادارة هذا الشيء او العقار، یرى البعض ببطلان هذا الایجار بقیاسه على حكم بیع ملك الغیر لسبب ان المؤجر هنا لا یستطیع تمكین المستأجر من الانتفاع بالعین المؤجرة لعدة ملكیته لها.

یرى جانب من الفقه وهو الرأي الغالب ان الایجار الذي یصدر من غیر المالك یكون صحیحا فیما بین طرفیه حتى ولو كان المؤجر عالما بعدم ملكیته للعین المؤجرة.

كما یرى بعدم قیاسه على بیع ملك الغیر الذي نص المشرع بطلانه بموجب احكام خاصة، فلا ینبغي التوسع في هذه الاحكام لتعمم على عقد الایجار.

كما یرى البعض انه لا مناص من الرجوع الى القواعد العامة للحكم على صحة هذا العقد من عدمها، وهي تقضي بقابلیة العقد للابطال اذا وجد في رضاء المتعاقد عیب من عیوب الارادة او نقص في اهلیته فقط. نرجح الرأي الغالب حمایة للمستأجر ان كان حسن النیة، اي لا یعلم ان المؤجر لیس بالمالك الحقیقي للعین المؤجرة.

یرتب هذا الایجار بعض الاثار القانونیة سواء بالنسبة للمؤجر او المستأجر وكذلك بالنسبة للغیر (المالك الحقیقي)، فبالنسبة للمؤجر او المستأجر یعد العقد بینهما صحیحا ویرتب جمیع اثاره القانونیة، أي الالتزامات المفروضة علیها طبقا للقواعد العامة، غیر انه في حالة علمه بأنه وقع في الغلط الجسیم او الجوهري، وهو متمثل في تعامله مع مؤجر لا یملك صفة التأجیر، فله حق المطالبة بابطال العقد للغلط المنصوص علیه في المادة 81 و82 من القانون المدني، كما له الحق في المطالبة بفسخ عقد الایجار ان لم یتمكن المؤجر بتسلیم العین المؤجرة له للانتفاع بها. له كذلك حق المطالبة بالتعویض ان كانت لدیه حسن النیة.

أما بالنسبة لعلاقة المؤجر بالمالك الحقیقي، فان أقر هذا الاخیر بعقد الایجار الواقع بین المؤجر والمستأجر، سوف ینفد العقد في حقه، وبالتالي یحل المالك الحقیقي محل الموجر في كل ما یرتب العقد من التزامات وحقوق، غیر انه ان لم یقر بهذا الایجار، له ان یرجع على المؤجر بدعوى الاثراء بلا سبب المنصوص علیها في المادة 141 من القانون المدني، كما له المطالبة بالتعویض على اساس المسؤولیة التقصیریة طبقا للمادة 124 من القانون المدني.

وبالنسبة للاثار المترتبة بین كل من المستأجر والمالك الحقیقي، فان اقر المالك عقد الایجار یبقى ساري المفعول ویبقى المستأجر منفذا لالتزاماته، الا انه ان لم یقره المالك الحقیقي، یرى البعض انه یستطیع تأجیر العین لمستأجر أخر وتكون الاولویة للمستأجر من المالك على المستأجر من غیره حتى لو تسلم هذا هذا الاخیر العین ولا مجال لتطبیق المادة 485 من القانون المدني التي تعطي الاولویة لمن كان عقده سابقا او كان قد حاز الامكنة لأن حكمها ینطبق فقط على المستأجریة لعین واحدة ومن ذي صفة.

ثانیا: المسائل الواجب الاتفاق علیها لإبرام عقد الایجار

یشترط لانعقاد عقد الایجار تطابق رضاء المؤجر والمستأجر على المسائل الجوهریة (الأساسیة) والمسائل التفصیلیة (الثانویة) المنصوص علیها في المادة 65 من القانون المدني.

1- الاتفاق على المسائل الجوهریة في عقد الایجار

یشترط في عقد الایجار التراضي على المسائل الجوهریة ،وهي متمثلة في طبیعة العقد، ومحل العقد وكذا الثمن، وبالتالي لابد أن یتفق المؤجر والمستأجر على طبیعة العقد المارد إبرامه، اي هنا لا بد ان یتضح من ایجاب المتعاقد الاول انه یرید ابرام عقد ایجار، ویصدر رد من المتعاقد الثاني یفید قبول الایجاب على الایجار، ثم یجب الاتفاق على محل التعاقد إن كان عقارا أو منقولا أو ملكیة معنویة.

كما یتعین أیضا الاتفاق على الثمن في العقد، أي أن یحدث تطابق بین ایجاب المؤجر وقبول المستأجر للثمن (وهو البدل) المعروض علیه في عقد الایجار. وزیادة على هذه المسائل لقد اشترط المرسوم التشریعي رقم 93-03 اتفاق كل من المؤجر والمستأجر على مدة الایجار.

2- الاتفاق على المسائل التفصیلیة

تتمثل المسائل التفصیلیة في عقد الایجار في شكل العقد، اي كیفیة كتابة عقد الایجار (كتابة عرفیة ورسمیة) وعلى كیفیة اثبات هذا العقد، ویكون ذلك طبقا للمادة 333 من القانون المدني، وقد یتم اثباته بوسائل اخرى.  ومسألة تفسیر العقد إذا كانت عبراته غامضة تعد أیضا من المسائل التفصیلیة، وهذا طبقا للمادة 111 و112 من القانون المدني.

الأصل أن الاتفاق على المسائل الجوهریة جد ضروریة من أجل إبرام العقد، أما المسائل الثانویة فإن عدم الاتفاق علیها لا یؤثر على انعقاده ما لم یتفق المتعاقدان على أنه في حالة عدم الاتفاق علیها لا ینعقد العقد، كأن یتفقا على أن العقد لا ینعقد في حالة عدم الاتفاق على المدة التي تتم فیها مراجعة بدل الایجار، لكن من الاحسن الاتفاق كذلك على المسائل التفصیلیة، لأن اغلبیة المنازعات المطروحة في عقد الایجار تتضمنها. 

الفرع الثاني: المحل في عقد الایجار

یتمیز المحل في عقد الایجار بالازدواجیة، فهو بالنسبة للمؤجر المنفعة من العین المؤجرة، وبالنسبة للمستأجر البدل الذي سوف یتم دفعه للمؤجر مقابل انتفاعه بهذه العین. لقد ثار خلاف فقهي بصدد المحل في عقد الایجار إن كان هو الشيء الذي تم تأجیره، أم الحق الوارد على هذا الشيء، أي المنفعة. ذهب الرأي الأرجح في ذلك إلى أن الشيء المأجور لیس هو الشيء المؤجر، بل هو الحق الذي یكون للمؤجر على هذا الشيء، لأن الشيء المؤجر ما هو إلا محل أداء المؤجر، وان المعقود علیه في الایجار هو المنفعة، ویتحقق تسلیمها بتسلیم محلها، وبذلك تعتبر المنفعة محلا في عقد الایجار، وهي العنصر الاول في محل عقد الایجار ویقابلها البدل الذي یعد العنصر الثاني لمحل هذا العقد. فمن خلال هذا الفرع، نتطرق للمنفعة كمحل التزام المؤجر وشروطها (أولا) ثم نتناول البدل كمحل التزام المستأجر (ثانیا).

أولا: المنفعة كمحل التزام المؤجر وشروطها

إن المنفعة في عقد الایجار محل جوهري في العقد، فیشترط على المؤجر تمكین المستأجر من الانتفاع التام بها، وحتى یحدث الانتفاع الصحیح لهذه المنفعة، فلابد أن تتوفر فیها الشروط القانونیة المطلوبة وكذا بالشيء الخاضع للتأجیر والذي من خلاله تمارس المنفعة.

1- الشروط الواجب توافرها في المنفعة

وفقا للقواعد العامة یشترط في محل العقد أن یكون موجودا أو قابلا للوجود، أن یكون معینا أو قابل للتعیین، أن یكون مشروعا وغیر مخالف للنظام العام والآداب العامة، وتطبق نفس الشروط على المنفعة باعتبارها محلا لعقد الایجار.

- أن تكون المنفعة موجودة أو قابلة للوجود

إن كان الشيء المأجور موجودا فبالضرورة المنفعة موجودة، أما إذا كانت غیر موجودة وقت ابرام العقد ولا بعد العقد، فالعقد یعد باطلا طبقا للمادة 93 من القانون المدني التي تنص على استحالة المحل.

إن هلك الشيء المأجور كلیا قبل ابرام عقد الایجار فیستحیل إبرامه لاستحالة المحل، لكن إن أبرم العقد وهلك الشيء المأجور یبطل العقد، غیر أنه إذا وقع هلاك جزئي للشيء المأجور، فهنا للمستأجر الخیار بین إبقاء العقد مع ما یتناسب مع المنفعة من أجرة أو یفسخ العقد.

- إذا وقع الهلاك الكلي بعد ابرام عقد الایجار (بالسبب الأجنبي) فیستحیل تسلیم العین المؤجرة للمستأجر، فالعقد یعد مفسوخا بقوة القانون، غیر انه اذا وقع الهلاك الجزئي للشيء المأجور، للمستأجر الخیار بین فسخ العقد أو إبقائه مع المطالبة بإنقاص بدل الایجار وهذا طبقا لما نصت علیه المادة 481 من القانون المدني.

- وفي حالة ما إذا اتفق المؤجر والمستأجر على أن یقع الایجار على محل مستقبلي، فیجب أن یكون هذا المحل محقق الوجود طبقا لما نصت علیه المادة 92 من القانون المدني وذلك وقت تنفیذ عقد الایجار والا كان العقد المبرم بینهما باطلا.

- أن یكون الشيء المؤجر معینا أو قابلا للتعیین

هذا ما نصت علیه المادة 94 من القانون المدني الجزائري، ولذا فسوف یتم تعیین محل الایجار بموقعه أو صفاته أو مساحته أو بذكر طبیعته أو بذكر ملحقاته ان كان له ملحقات والى غیرها.

- أن تكون المنفعة صالحة للتعامل فیها

استنادا لهذا الشرط إذا كان الشيء مما یخرج عن التعامل بحسب طبیعته أو بمقتضى القانون أو كان التعامل فیه غیر مشروع، فإن الایجار یكون باطلا، ومن أمثلة ذلك لا یجوز ایجار مسكن مهددا بالانهیار أو تأجیر الأماكن أو المرافق العامة.

- أن تكون المنفعة مشروعة

یقصد بذلك أن تكون غیر مخالفة للنظام والآداب العامة وبالتالي یمنع أن یكون محل الایجار منزلا لممارسة الرذیلة ولعب القمار وغیر ذلك.

- وأن یكون الشيء المؤجر من الأشیاء غیر القابلة للاستهلاك

لا یجوز أن یرد الایجار على الأشیاء التي تستهلك بمجرد الاستعمال، لأن عقد الایجار یخول للمستأجر الانتفاع بالشيء المؤجر على أن یتم إعادته أو رده للمؤجر بعد انتهاء مدة الایجار ویتم رده بالحالة التي سلم بها وهذا عملا بنص المادة 502و503 من القانون المدني.

2- مدة المنفعة

نصت المادة 467 من القانون المدني الجزائري أن الانتفاع بشيء بمقتضى عقد الایجار یكون لمدة محددة، ولذا یجب تحدید هذه المدة سواء من طرف المؤجر والمستأجر، أو قد یتم تحدید مدة المنفعة من قبل القانون، كما نص كذلك المرسوم التشریعي 93-03 على تحدید هذه المدة.

أ- حالة تحدید مدة المنفعة بواسطة الاتفاق

إذا ما أبرم كل من المؤجر والمستأجر عقد الایجار، فإنهما بالضرورة یتفقان على تحدید مدة الانتفاع بهذا الایجار، وبالتالي یسري الایجار ابتداء من هذا التاریخ.

لكن قد یتفق المتعاقدان أن یبدأ سریان العقد في وقت غیر محدد، فإن سریان مدة المنفعة لا تبدأ إلا من الیوم الذي یتفقا علیه.

ب- حالة تحدید مدة المنفعة بواسطة القانون

یتولى القانون تحدید مدة المنفعة في عقد الایجار إذا لم یقم المتعاقدان بتحدیدها، واستنادا لذلك نجد أن المدة القصوى حددت في التشریع الفرنسي ب ـ 99 سنة، أما بالنسبة للتشریع الجزائري لم یحدد المدة القصوى لعقد الایجار، وفي نفس الوقت منع أن یكون عقد الایجار مؤبدا باعتبار هذا الحق هو حق شخصي ینتهي بأحد الأسباب القانونیة المقررة لذلك.

رجوعا إلى المادة 474 من القانون المدني الملغاة بموجب القانون رقم 07-05 نجدها قد نصت على أن في حالة عدم الاتفاق على مدّة الإیجار أو عقد مدته غیر محددة أو تعذر إثبات المدة یكون لأي من الطرفین أن ینهي العلاقة الإیجاریة وفقا للآجال المحددة في نص المادة 475 الملغاة، وذلك بإرسال تنبیه بالإخلاء قبل شهر على الأقل بالنسبة للمساكن التي تحتوي على أثاث وثلاثة أشهر بالنسبة للمساكن والمحلات ذات الصفة المهنیة أو الصناعیة التقلیدیة وستة أشهر بالنسبة للمساكن المنفصلة.

إلا أنه لقد تم إلغاء كل من المادة 474/1 والمادة 509 من القانون المدني أصبح حق البقاء غیر قانوني، ولا یمكن المطالبة به في التعدیل الجدید للقانون المدني (2007)، كما ألغي كذلك بموجب المرسوم التشریعي رقم 93-03.

نلاحظ أن الإیجارات التي تم إبرامها بعد تعدیل القانون المدني كلها محددة المدة وذلك امتثالا لنص المادة 2 من نموذج عقد الإیجار المصادق علیه بموجب المرسوم التنفیذي 94-69، بحیث لا تتجاوز 3 سنوات بالنسبة لنص المادة 04 من المرسوم التنفیذي رقم 97-35، بالإضافة للمادة 44 من المرسوم التنفیذي رقم 08-142.

كما حدد المرسوم التنفیذي رقم 91-454 الشروط الواجب توافرها لإدارة الأملاك العامة للدولة بحیث تحتوي هذه الشروط على تحدید المدة المقدرة بـ 09 سنوات كحد أقصى.

وبهذا یكون تدخل القانون في تحدیده مدة الانتفاع من المسائل الجد هامة في تنظیم عقود الإیجار في التشریع الجزائري.

ثانیا: البدل كمحل التزام المستأجر

یعتبر عقد الإیجار من عقود المعاوضة ویستوفي بموجبه المؤجر ببدل الإیجار من المستأجر وذلك مقابل انتفاع هذا الأخیر بالعین المؤجرة وبذلك یعد البدل ركنا أساسیا في العقد وعنصرا جوهریا لانعقاد عقد الاتجار.

إذا أغفل المتعاقدان الاتفاق على البدل ممكن تحدیده ببدل المثل في مكان إبارم العقد، لكن إذا حاولا الاتفاق على تحدید البدل ثم فشلا في ذلك، فیبطل الإیجار ویمكن اعتبار هذا العقد عقد إعارة أو هبة، فالبدل هو العوض المالي التي یلتزم المستأجر بتقدیمه للمؤجر لقاء تمكینه من الانتفاع بالعین، وهي محل التزام المستأجر. فقد یكون محددا بالاتفاق بین المتعاقدین أو یحدد قانونا.

1 - تحدید بدل الإیجار بالاتفاق بین المتعاقدین

الأصل إذا تم تحدید البدل في عقد الإیجار، فلا بد أن یكون مقدرا أو قابلا للتقدیر واذا كان البدل نقدا، فهو المطلوب، فیجب أن یكون محددا بالكامل، كما یجب تحدیده إذا كان  یدفع في فترات زمنیة معینة. غیر أنه إذا كان البدل قیمي، یجب أن یكون هذا الشيء معینا أو قابلا للتعیین، كما یشترط أن یكون البدل موجودا أو قابلا للوجود.

ثم إذا كان بدل الإیجار عبارة عن تقدیم عمل من طرف المستأجر، كترمیم البناء مثلا في العین المؤجرة أو غیرها، فلا بد من تقییم ذلك العمل وتثمینه حتى لا یكون هناك استغلال من قبل المؤجر في تحدید بدل الایجار على حساب المستأجر.

وبالإضافة لكل ذلك، یشترط في بدل الإیجار أن یكون متناسبا والمنفعة المعطاة للمستأجر، أي أن لا یكون بدل الإیجار تافها أو صوریا أو بخسا، لأن البدل التافه لا یتناسب إطلاقا مع المنفعة، كأن یتم إیجار منزلا بأربعة غرف بـ 300دج شهریا، فیعد ذلك بمثابة انعدام بدل الإیجار، وبالتالي یصنف هذا الإیجار بكونه عقد إعارة، والملاحظ أنه لا یوجد معیارا محددا لتقدیر البدل التافه، ففي هذه الحالة فما على قاضي الموضوع عند نشوب نزاع حول هذا البدل الا محاولة التقدیر بین المنفعة المقدمة ومدى تناسبها بالبدل المدفوع من قبل المستأجر، وهذا ما اتجه إلیه الفقه الفرنسي، حیث یعتبر هذا البدل منعدما مما یؤدي إلى بطلان عقد الإیجار. بل نقول ان المتعاقدین براما عقد اعارة فحسب.

أما عن البدل الصوري، فهو بدل یذكر في العقد لكنه لا یدفع من قبل المستأجر مما یؤدي بنا للقول أن البدل منعدم كذلك، ویكون المتعاقدین بصدد عقد عاریة في صورة إیجار، وتطبق أحكام المادة 198 من القانون المدني الجزائري على هذه الصوریة وجاء فیها: "إذا أبرم عقد صوري فلدائني المتعاقدین وللخلف الخاص متى كانوا حسن النیة أن یتمسكوا بالعقد الصوري" فما على هؤلاء إلا إثبات الصوریة بمختلف الطرق واثبات غش المستأجر إزاء مصلحة الضرائب حتى لا یدفع رسوم ذلك.

كما یمكن أن یكون بدل الإیجار بخسا وهو ما یقل عن بدل المثل بدرجة كبیرة یتجاوز فیها المألوف، ولذا نجد أن المشرع یعتبر هذا الإیجار صحیحا، وقد یطعن فیه بدعوى الاستغلال المنصوص علیها في المادة 90 من القانون المدني.

هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخرى قد یقوم المتعاقدان بالاتفاق على تعیین بدل الإیجار وذلك بتعیین الأسس التي تمكنهم من تحدیده، كما إذا اتفقا على أن یكون بدل الإیجار هو بدل المثل أو یكون ثلث غلة العین المؤجرة ان كانت ارض زراعیة مثلا.

كما قد یتفق كذلك على تعیین شخص من الغیر یدعى "المفوض" لتحدید بدل الإیجار فقد یقبل المتعاقدان به شریطة امتثال هذا المفوض بالحیاد والموضوعیة في تحدید البدل لهما.

2 - تحدید بدل الإیجار بواسطة القانون

قبل تعدیل القانون المدني بقانون رقم 07-05، فإنه إذا لم یتم الاتفاق بین المتعاقدین على مقدار أو كیفیة دفع بدل الإیجار، فإن العقد یظل صحیحا مادامت نیة المؤجر والمستأجر متجهة لدفع البدل من طرف المستأجر، وقبضه من قبل المؤجر، وكان المشرع قد تكفل بهذه المسألة من خلال المادة 471 الملغاة، لكن بصدور القانون رقم 07-05 ،أوجب المؤجر على الاتفاق على البدل لأن إذا لم یكن هناك اتفاقا على تحدید البدل یؤدي ذلك إلى بطلان العقد بطلانا مطلقا، وهذا ما جاء به نص المادة 467: "الایجار عقد یمكن المؤجر بمقتضاه المستأجر من الانتفاع بشيء لمدة محددة مقابل بدل ایجار معلوم". وكذلك نص المادة 3/1 من نمودج عقد الإیجار المصادق علیه بموجب المرسوم التنفیذي رقم 94-69.

كما یلاحظ أن المشرع في المرسوم التشریعي رقم 93-03، قد تسرع لما نص على عدم تطبیق بعض النصوص المتعلقة بعقد الإیجارات اللاحقة لصدور هذا المرسوم دون وضع بدیل لها، فهناك فراغ قانوني في هذه المسألة في حالة ما إذا كان الإیجار المبرم بعد صدور المرسوم التشریعي 93-03 في شكل غیر مكتوب.

یفهم من ذلك أن العقد یعد صحیحا ویسري لمدة سنة من یوم اكتشاف عدم كتابته متى ملك المستأجر وصلا، لكن هذا الوصل قد لا یدل على دفع المستأجر بدل الإیجار، في هذه الحالة كیف یمكن تحدید بدل الإیجار إذا اختلف المتعاقدین حوله؟

من أجل الإجابة على ذلك یستوجب التمییز بین الإیجارات السابقة على هذا المرسوم 93-03 والإیجارات اللاحقة له، بالنسبة للإیجارات السابقة كان تنظیمها في مضمون المادة 472 و473 من القانون المدني وطبقا لذلك تجوز مراجعة الأجرة (بدل الإیجار) الذي تم الاتفاق علیه، وان لم یتفقا علیه في أجل شهرین من یوم إعلان النزاع، تعین المحكمة بدلا جدیدا طبقا للمادة 471/5 مدني .كما اشترط المشرع مدة معینة للمنازعة في بدل الایجار تقدر ب 06 اشهر من یوم تعیینه طبقا للمادة 472/1من القانون المدني.

لكن المادة 473/1 من القانون المدني الملغاة نصت على انه، یجوز لأي من الطرفین ان یطلب مراجعة سعر الایجار الجدید اما من یوم شغل محل السكن، واما من یوم الایجار الجدید أو من تاریخ سریان سعر الجدید المحدد في نص المادة 482 من القانون المدني.".

أما فیما یخص الإیجارات اللاحقة للمرسوم التشریعي رقم 93-03 اتضح أن المشرع قد ألغى النصوص المتعلقة بمسألة مراجعة بدل الإیجار والمنازعة فیه (أي المواد من 471 إلى غایة المادة 473) وترك الأمر في ذلك لحریة المتعاقدین لتحدید أو تعدیل بدل الإیجار.

كما تضمنت المادة 03/3 من نموذج عقد الإیجار مراجعة بدل الإیجار ویتم ذلك بواسطة تعیین المتعاقدان شروطا وكیفیة لذلك، وبالتالي فإن حددا هذه المسألة ضمن شروط العقد فتطبق ،وان لم یذكر ذلك في العقد واتفقا مراجعتها لاحقا، سوف یطبق الاتفاق اللاحق.

وفیما یتعلق بموطن دفع بدل الإیجار ومیعاده، فهو منصوص علیه في المادة 498 من القانون المدني وجاء فیها: "یجب على المستأجر أن یقوم بدفع الإیجار في المواعید المتفق علیها، فإذا لم یكن هناك اتفاق، وجب الوفاء ببدل الإیجار في المواعید المعمول بها في الجهة ویكون دفع بدل الإیجار في موطن المستأجر ما لم یكن اتفاق أو عرف یقضي بغیر ذلك".

هذا وبالرجوع للمادة 3/2 من نموذج عقد الإیجار المتضمنة بدل الإیجار قد نص على تحدید دوري لدفع بدل الإیجار، وقد یكون الدفع في وقت محدد، أي كل شهر أو شهرین، وتبین كذلك أن نص المادة 10/ 5 من نفس النموذج ذكر فیها بأن مبلغ الإیجار واجب الدفع في الیوم الخامس كأقصى حد من الشهر الموالي، لذا یجب احترام هذه المواعید والا تجرأ المؤجر للمطالبة بفسخ العقد بعد إعذار المستأجر 3 مرات بذلك طبقا المادة 10 في فقرة 6 والفقرة 10.

أما بالنسبة لمكان دفع بدل الإیجار هو موطن المستأجر طبقا لما جاء في نص المادة 498/2 من القانون المدني إلا إذا اتفق المتعاقدان على ما یخالف ذلك.

الفرع الثالث: الشكلیة في عقد الإیجار

یعد عقد الإیجار من العقود الرضائیة، أصلا إلا أنه نظرا للمنازعات التي یمكن أن یرتبها هذا العقد بین المؤجر والمستأجر وحتى بالنسبة للغیر خضع هذا العقد في انعقاده الى نوع من الشكلیة التي سوف یتم الاعتماد علیها كحجة لانعقاد العقد واثباته.

نحاول من خلال هذا الفرع التطرق الى الشكلیة في ظل المرسوم التشریعي رقم 93-03 (أولا) ثم الشكلیة في ظل قانون رقم 07-05 (ثانیا).

أولا - الشكلیة في ظل المرسوم التشریعي رقم 93 -03

تضمن المرسوم التشریعي رقم 93-03 ،المادة 21/1 التي نصت على ركن الشكلیة في عقد الإیجار، فجاء فیها على ضرورة إفراغ عقد الإیجار في نموذج كتابي ویحدد عن طریق التنظیم. وفي حالة عدم الامتثال لهذا النموذج، یبطل العقد لأن الشكلیة المطلوبة غیر موجودة فیه، وكما سوف یتعرض المؤجر للعقوبات المقررة في المادة 459 من قانون العقوبات، وهي توقیع غرامة مالیة تتراوح بین 30 و100 دینار ویمكن حبسه لمدة 3 أیام إن خالف المراسیم أو القرارات المتخذة قانونا من طرف السلطة الإداریة إذا لم تكن الجرائم الواردة معاقبا علیها بنصوص خاصة.

ویبدو من خلال هذه المادة أن المشرع اعطى حمایة للمستأجر لأن عدم كتابة عقد الإیجار یرجع لخطأ المؤجر وهذا السلوك قد یكون عن قصد او مجرد خطأ أو قد یرجع كذلك لتهرب المؤجر عن دفع رسوم التسجیل وغیر ذلك من المصاریف.

ودائما في مسألة الشكلیة في عقد الایجار، یلاحظ أن المرسوم التشریعي رقم 93-03 لم یعرف تطبیقا فعلیا إلا بعد سنة من صدوره (أي بموجب المرسوم التنفیذي رقم 94-69) وبالتالي فإن الأحكام المتعلقة ببطلان من یحوز أي وصل یثبت به الإیجار، فإنها لا یمكن تطبیقها إلا من تاریخ صدور المرسوم التنظیمي 94-69، فلا یسري هذا المرسوم بأثر رجعي وبالتالي ،فیمكن لشاغل الأماكن أن یثبت عقد إیجاره بوصل الغاز أو الماء أو الكهرباء...في حالة عدم كتابة العقد.

ثانیا: الشكلیة في ظل قانون رقم 07-05

تضمن القانون رقم 07-05 إلزامیة كتابة عقد الإیجار إذ نصت المادة 67 مكرر4 على ذلك: "ینعقد الإیجار كتابة ویكون له تاریخ ثابت والا كان باطلا".

یتضح من خلال هذه المادة أن موقف المشرع لم یكن واضحا فیما یخص نوع الكتابة في عقد الایجار، هل هي كتابة عرفیة أو رسمیة، وفي نفس هذه المادة لقد ألزم المتعاقدین على أن یكون تاریخ العقد ثابت، أي أن إذا كنا بصدد عقد عرفي أو رسمي فكلیهما یجب أن یكون فیهما تاریخ ثابت حتى یكون حجة علیهما وعلى الغیر حتى یتم تنفیذه بعد ذلك.

فهذا یفید أنه إذا أبرم المتعاقدین إیجارا عرفیا، فلا یمنعهما إفراغ هذا العقد في الطابع الرسمي بواسطة اللجوء إلى الموثق، حیث أشارت المادة 3 من قانون رقم 06-02 إلى مهمة الموثق في ذلك "...وكذا العقود التي یرغب الأشخاص إعطاؤها الصیغة الرسمیة".  

ومن خلال هذا التوثیق یتحصل المتعاقدان في الإیجار على نسخة تنفیذیة وفقا للمادة 11 من قانون التوثیق، ویتم تسجیل العقد ثم شهره لدى مصلحة الشهر العقاري.  

المطلب الثاني: إثبات عقد الإیجار

یتمیز الإثبات بأهمیة واسعة في عالم القانون والقضاء، ویقصد به إقامة الدلیل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونیة متنازع علیها في الدعوى.

فموضوع الإثبات في عقد الإیجار ذو أهمیة كبیرة لأن الإیجار أصبح في الآونة یرتب عدّة مشاكل ومنازعات قانونیة على مستوى الجهات المختلفة للمحاكم وللقضاء، خاصة بعد بروز أزمة السكن ولجوء الناس إلى التعاقد ببدل الإیجار المرتفع.

فمسألة تنظیم الإثبات في عقد الإیجار تخضع للقواعد العامة التي تسري على كل العقود، وهذا ما كان معمولا به في ظل الأمر 75-58 المتضمن القانون المدني المعدل بالقانون رقم 07-05, فتضمن هذا التعدیل الأخیر بعض النصوص القانونیة الجدیدة لتنظیم عقد الاتجار، فنحاول التطرق إلى إثبات عقد الإیجار وفقا لما ورد في ظل الأمر رقم 75-58 المتضمن القانون المدني (الفرع الأول) ثم إثبات عقد الإیجار في ظل القانون رقم 07-50 المتضمن تعدیل أمر رقم 75-58.

الفرع الأول: إثبات عقد الإیجار في ظل الأمر رقم 75-58

تناول المشرع الجزائري مسألة الإثبات ضمن المواد من 323 إلى غایة 345 من القانون المدني رقم 75-58 فنصت المادة 333/1 على: "في غیر المواد التجاریة إذا كان التصرف القانوني تزید قیمته على 100.000 دینار جزائري أو كان غیر محدد القیمة، فلا یجوز الإثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه ما لم یوجد اتفاق أو نص یقضي بغیر ذلك".

رجوعا إلى عقد الإیجار الذي یعد تصرفا قانونیا، فلا بد أن یستند إلى أدلة الإثبات ومن بینها العقد القائم بین المؤجر والمستأجر وما یتضمنه من اركان، فإذا كان بدل الإیجار فیه یساوي أو یفوق 100.000 دینار أو كان غیر محددة القیمة، فلا بد من الاعتماد على الكتابة في الإثبات إلا أن هذه الكتابة لم تتضح إن كانت رسمیة أو عرفیة.

هذا، وقبل صدور المرسوم التشریعي 93- 03 لم یكن المشرع یشترط الكتابة في عقد الإیجار، وبالتالي كان الإیجار شفوي یشترط لإثباته بوصولات بدل الإیجار التي یسلمها المؤجر للمستأجر.

ولقد اتضح من خلال المرسوم رقم 93- 03 أن الإیجار الشفوي یبقى مستمرا لمدة سنة من اكتشاف عدم كتابته إن كان شاغل الأمكنة یجوز الاثبات بأي وصل مثل وصل الغاز أو الكهرباء أو الماء.

الفرع الثاني: إثبات عقد الإیجار في ظل القانون رقم 07-05

یخضع إثبات عقد الإیجار لأحكام المادة 467 مكرر وفقا للقانون رقم 07-05 التي تنص على: "ینعقد الإیجار كتابة ویكون له تاریخ ثابت والا كان باطلا".

یفهم من ذلك أن الإثبات في عقد الإیجار أصبح بالكتابة وهذه الأخیرة تعد شرط انعقاد ودلیل إثبات،

ـ فكل العقود التي أبرمت أو التي مازالت تبرم في ظل هذا القانون، فهي خاضعة للكتابة والا كانت باطلة ،وهذا من اجل تقلیص النزاعات المختلفة في عقود الإیجار من جهة ،ومن جهة أخرى تكلیف المتعاقدین تحمل مسؤولیتهما عند إبرام وتنفیذ العقد وامكانیة مواجهة ادعاءات الغیر على العقد.

إضافة لكل ذلك یجب تحریر عقد الإیجار في الشكل الرسمي كما نصت علیه المادة 324 مكرر 5 من القانون المدني یعتبر حجة یثبت تزویره، أما إذا تم تحریره في ورقة عرفیة (أي عقد عرفي)، طبقا لنص المادة 328 من القانون المدني سوف یكون حجة على الغیر إذا ما احتوى على تاریخ ثابت، وثبوت التاریخ یكون من یوم تسجیله، أو من یوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام، أو من یوم التأشیر علیه على ید ضابط عام مختص أو من یوم وفاة أحد الذین لهم على العقد خط أو إمضاء.

وبالتالي إن لم یكن ثابت التاریخ سوف یكون باطلا طبقا لنص المادة 467 مكرر.

المطلب الثالث: نفاذ عقد الإیجار في حق الغیر

إن أبرم عقد الإیجار بطریقة صحیحة، فإنه مباشرة یرتب آثار قانونیة على المؤجر والمستأجر وبالتالي تنصرف هذه الآثار إلى الخلف العام، هذا ما نصت علیه المادة 108 من القانون المدني الجزائري، دون الإخلال بقواعد المیراث. كما یمكن أن یكون عقد الإیجار نافذا في حق الغیر إذا ما توفرت الشروط القانونیة في ذلك.

سوف نتطرق إلى تعریف الغیر وشروط الإحتجاج على عقد الإیجار (الفرع الأول) أما (الفرع الثاني) نتعرض فیه الى أصناف الغیر وأحكام نفاذ الإیجار في مواجهتهم.

الفرع الأول: تعریف الغیر وشروط الاحتجاج على عقد الإیجار

لقد عرف عبد الرزاق أحمد السنهوري الغیر بأنه: "كل من لم یكن طرفا في عقد الإیجار ولا ممثلا فیه، وهو من یحتج علیه بالورقة العرفیة إذا أثبت صحة تاریخها، بحیث یضار في حق تلقاه من أحد طرفي هذه الورقة أو یضار في حق تلقاه من القانون".

فالغیر اذن هو (الشخص الاجنبي تماماً عن العقد، بمعنى اخر الشخص الذي لم یكن لا طرفاً في العقد ولا خلفاً عاماً او خاصاً لأحد المتعاقدین ولا دائناً لأي منهما، وهو من اكتسب حقا سابقا على العین المؤجرة، فهو من یحتج على العقد بالورقة العرفیة إذا أثبت صحة تاریخها.

وعقد الإیجار لا یحتج به على الغیر الا إذا كان صحیحا ومحتویا على الشروط القانونیة التالیة:

أولا- أن یكون المؤجر مالكا لمنفعة الشيء المؤجر

ثانیا- أن یكون الإیجار ثابت التاریخ، وسابقا على تاریخ تلقي الغیر حقه ،وهذا طبقا ما نصت علیه المادة 328 من القانون المدني.

ثالثا- أن یكون الغیر حسن النیة ،أي لا یعلم بوجود عقد إیجار على الحق الذي اكتسبه على العین المؤجرة، إلا أن مبدأ حسن النیة مفترض فیه إلى غایة إثبات عكس ذلك.

الفرع الثاني: أصناف الغیر وأحكام نفاذ الإیجار في مواجهتهم

حسب الفقه یشمل الغیر الخلف الخاص وهو كمشتري العین المؤجرة ومن كسب علیها حق انتفاع أو رهنا حیازیا، وكل صاحب تأمین عیني، ومن هبت له العین المؤجرة والموصي له بها، وكذلك الدائن عندما یتخذ اجراء یجعل حقه متعلقا بمال من أموال الدین، كما لو حجز على منقول لدى المدین أو حجز على ما للمدین لدى الغیر أو قام بالتنفیذ على عقار المدین أو طعن بالدعوى البولیصیة، أو طلب شهر إعسار المدین أو إفلاسه.

فكل هؤلاء هم من اصناف الغیر وتطبق علیهم أحكام النفاذ في عقد الایجار، وفي ذلك سوف نحاول ذكر بعض أحكام النفاذ المطبقة على:

أولا: نفاذ الایجار في مواجهة الدائن المرتهن رهنا حیازیا

إن الدائن المرتهن رهنا حیازیا له الحق في إدارة العقار المرهون طبقا للمادة 958 من القانون المدني، فلا یحتج بحق المستأجر قبل الدائن المرتهن، رهنا حیازیا إلا إذا كان الایجار ثابت التاریخ قبل نشوء الرهن الحیازي.

ثانیا: نفاذ الایجار في مواجهة الدائن المرتهن رهنا رسمیا المسجل للتنبیه بنزع الملكیة

الدائن المرتهن رهنا رسمیا لا یملك الحق في استغلال العقار الرهون، بل له الحق في ثماره من یوم تاریخ تسجیل التنبیه بنزع الملكیة ،وهذا طبقا لما ورد في المادة 888 من القانون المدني:" توقف وتوزع ثمار العقار المرهون وایراده مثلما یوقف ویوزع ثمن العقار ابتداءا من تسجیل الذي هو بمثابة الحجز العقاري".

كما لا یحتج علیه بالتصرفات المضرة به الصادرة من المدین وذلك من یوم تسجیل التنبیه بنزع الملكیة، إذ أن الایجار الصادر من المدین لا یحتج به على الدائن المرتهن، ولا یكون نافذا في حقه إلا إذا كان ثابت التاریخ وقبل تسجیل التنبیه بنزع الملكیة طبقا للمادة 896 من القانون المدني وجاء فیها:

"الایجار الصادر من الراهن لا ینفذ في حق الدائن المرتهن إلا إذا كان ثابت التاریخ قبل تسجیل تنبیه نزع الملكیة، أما إذا لم یكن الایجار ثابت التاریخ على هذا الوجه، أو كان قد عقد بعد تسجیل التنبیه ولم تعجل فیه الأجرة (البدل)، فلا یكون نافذا إلا إذا، أمكن اعتباره ضمن أعمال الإدارة الحسنة.

واذا كان الایجار السابق على تسجیل التنبیه تزید مدته على تسع سنوات (9) فلا یكون نافذا في حق الدائن المرتهن إلا لمدة تسع سنوات، ما لم یكن قد أشهر قبل قید الرهن".

فمن ذلك یلاحظ أن الایجارات الثابتة التاریخ قبل قید أو تسجیل تنبیه نزع الملكیة لا تزید مدته عن 9 سنوات یكون نافذا في مواجهة الدائن المرتهن طبقا للمادة 896 من القانون المدني، لكن إذا أثبت غش المدین  المحجور عنه أي المستأجر في عقد الایجار یمكن ابطال لعقد وفقا للمادة 731 من قانون الإجراءات المدنیة والإداریة، وهذا ما نصت علیه المادة 384/2 من قانون الإجراءات المدنیة والإداریة.

ثالثا: نفاذ عقد الایجار في مواجهة الخلف الخاص

لقد نصت المادة 469 مكرر 3 من القانون المدني على: " إذا انتقلت ملكیة العین المؤجرة إاردیا أو اجبر یكون الایجار نافذا في حق من انتقلت إلیه الملكیة ".

وبالتالي حتى یكون حق مشتري العقار نافذا في مواجهة المستأجر یجب شهر عقد البیع لأن الملكیة العقاریة لا تنتقل إلا بالشهر، ولا أثر في ذلك في مواجهة الغیر إلا من تاریخ الشهر، إلا أن عقد بیع العقار بعقد رسمي یعد حجة مطلقة طبقا لنص المادة 325 مكرر5 وهذا طبعا ما لم یطعن بتزویره.

فالرسمیة تعطي للبیع تاریخا ثابتا ویكفي للاحتجاج به في مواجهة المستأجر إلا أن المادة 469 مكرر 3 من القانون المدني تشترط أن تكون الملكیة قد انتقلت إلیه حتى لا یكون هناك احتجاج بعقد الایجار في مواجهة المشتري.

لذا یجب شهر العقد لیتمكن المشتري من رفع دعوى عدم النفاذ، والملاحظ أن عقدالایجار الثابت تاریخه والواقع ما بین فترة البیع والشهر یكون إضررا بحق المشتري إذا ما حدث هناك تواطؤ بین المؤجر والمستأجر للأضرار به أو قد یكون نتیجة غش المؤجر.

وان كان غیر ثابت التاریخ وكان في الفترة (ما قبل صدور القانون رقم 07-05 المعدل للقانون المدني)، تطبق القواعد العامة، أي تفضیل من وضع الید على العین المؤجرة دون غش.

المرجع

  • د. معزوز دليلة، محاضرات في مقياس العقود الخاصة – عقد الإيجار، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثالثة ليسانس، تخصص قانون خاص، جامعة آكلي محند أولحاج – البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم قانون خاص، السنة الجامعية: 2020/2021، الجزائر، من ص23 إالى ص54.

google-playkhamsatmostaqltradent