الأركان الموضوعية العامة بعقد الشركة
وهي الأركان التي يلزم توفرها في العقود بصفة عامة، وتتمثل في وجود الرضا
بأهلية المتعاقدين والمحل والسبب.
المطلب الأول: الرضا
لا ينعقد عقد الشركة بغير رضا أطرافه، ويتم هذا الرضا عن طريق إيجاب وقبول
صادر من المتعاقدين على كافة بنوذ العقد، كما يجب أن يكون الرضا سليما صحيحا خاليا
من العيوب كالإكراه والتدليس والغلط وإلا كان العقد قابل للإبطال، إلا أن الإكراه
نادر الوقوع في عقد الشركة، أما التدليس فكثير الحدوث ويلجأ إليه المؤسسون لحمل
غيرهم على الاشتراك في الشركة ولكنه لا يبطل العقد إلا إذا كان التدليس صادر من
أحد المتعاقدين على متعاقد آخر أو كان صادر عن الغير بشرط إثبات أن المتعاقد كان
يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم به، وكان التدليس هو السبب الذي دفع المتعاقد
المدلس عليه للاشتراك في الشركة، فإذا ما اكتتب شخص بعدد من أسهم الشركة بسبب
انخداع مؤسسي الشركة وتبين له فيما بعد أنه دلس عليه حق لهذا المتعاقد المدلس عليه
أن يتمثل بالتدليس في مواجهة مؤسسي الشركة وفي مواجهة باقي الشركاء، أما بالنسبة
للغير فلا يجوز له الدفع به، وأما الغلط فيجعل العقد قابلا للإبطال إذا كان جوهريا
يبلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا
الغلط، ويأخذ الغلط صور مختلفة فقد يقع الغلط في شخص الشريك نتيجة تشابه الأسماء
وقد يقع الغلط على نوع الشركة وماهيتها، كما إذا اعتقد الشخص أنه يشترك في تكوين
شركة ذات مسؤولية محدودة في حين أنها شركة تضامن، وكذلك يكون العقدى قابلا للإبطال
إذا وقع الغلط في شخص الشريك وكانت شخصيته محل اعتبار ملحوظ في العقد، كما هو
الشأن في شركات الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي.
المطلب الثاني: الأهلية
ولا يكفي وجود الرضا للقول بصحة عقد الشركة بل ينبغي أيضا أن يكون هذا
الرضا صادرا عن ذي أهلية، أي يجب ان تتوافر الأهلية للشركاء لانعقاد عقد الشركة،
فالأهلية تمنح للشخص حق التصرف والالتزام، فإذا بلغ المتعاقد سن الرشد وهو سليم
العقل لم يحجر عليه كان أهلا لإبرام عقد الشركة، أما إذا تبين أنه مجنون فيكون عقد
الشركة باطلا بالنسبة إليه، وتختلف الأهلية اللازمة في الشريك باختلاف نوع الشركة،
فإذا ما تعلق الأمر بانعقاد شركة يسأل فيها الشريك عن ديون الشركة مسؤولية محدودة
حق للقاصر أن يكون شريك في الشركة كما هو الحال عليه بالنسبة لشركة المساهمة
والشركة ذات المسؤولية المحدودة، مع الإشارة أن فيما يتعلق بهذه الشركة الأخيرة لا
تبطل الشركة كأصل عام بسبب عدم أهلية الشركاء فهي لا تبطل إلا في حالة إذا ما كان
جميع مؤسسي الشركة غير أهلا للتعاقد، وهذا أمر نادر الوقوع في العمل، ويحق للقاصر
أن يكون شريك في شركة التضامن والتي يسأل فيها الشركاء جميعا عن ديون الشركة
مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة إذا ما أهل للقاصر الاتجار بحيث يكون بسبب هذا
التأهل بحكم الراشد، ويؤهل القاصر للاتجار إذا ما تحققت ثمة شروط نصت عليها المادة
الخامسة من القانون التجاري الجزائري والتي سبق وأن ذكرنها، وهي كما يلي:
- يجب أن يرشد القاصر،
- يجب أن يكون قد اكتمل الثامنة عشر 18 سنة من عمره،
- يجب أن يؤذن له بالاتجار إما من قبل أبيه وإما من قبل أمه وذلك في حالة
وفاة الأب أو غيابه أو تجريده من السلطة الأبوية أو عدم تمكنه من ممارسة هذه
السلطة بسبب من الأسباب وإلا فيأذن للقاصر للاتجار بمقتضى قرار صادر من مجلس
العائلة مصدق عليه من طرف المحكمة وذلك في حالة وفاة الأب والأم أو في حالة تجريد
كلاهما من السلطة الأبوية،
- يجب أن يقدم الإذن الكتابي بالاتجار مرفقا بطلب تسجيل في السجل التجاري
وذلك حماية لمصلحة من يتعامل مع القاصر، فإذا ما توفرت هذه الشروط حق للقاصر أن
يكون شريكا في شركة التضامن وأن يكتسب صفة التاجر، أما بالنسبة للمرأة المتزوجة
فلم يمنع القانون التجاري الجزائري من إبرام عقد شركة بين الزوجين أو فيما بينهما
وبين الغير.
المطلب الثالث: المحل والسبب
1- المحل: هو النشاط الاقتصادي الذي قامت الشركة من
اجله، اي المشروع التجاري الذي تسعى لتحقيقه، وهو يختلف عن محل التزام كل شريك
تجاه الشركة هو تقديم حصة عينية أو نقدية أو بالعمل، ويجب أن يكون النشاط
الاقتصادي الذي تلتزم الشركة بتحقيقه مختصا بموضوع محدد عملا بمبدأ الاختصاص
الإلزامي للشخص المعنوي، فلا يجوز التعاقد على إبرام شركة للاشتغال بالتجارة من
غير تحديد لنوعها، كما يجب أن يكون محل الشركة ممكنا أي قابل للتحقيق وجائزا
قانونيا للشريك، فإذا ما وجد مانع قانوني أو مادي يحول دون ذلك فإن الشركة تكون
باطلة، ومثل الاستحالة القانونية احتكار الدولة لصناعة الأسلحة ومثل الاستحالة
المادية كأن تتكون شركة لاستغلال منجم ويتبين بعد أنه غير قابل للاستغلال، وأن
يكون محلها أو غرضها مشروعا غير مخالف للنظام العام أو للآداب، فإذا تكونت شركة
للاتجار بالمخدرات أو تهريب البضائع أو تزوير العملات أو إدارة محل للدعارة فإنها
تكون باطلة بطلانا مطلقا لعدم مشروعية المحل.
2- السبب: إن محل الشركة يختلف عن سببها، فمحل الشركة
هو النشاط الاقتصادي الذي قامت الشركة من أجل تحقيقه والذي يعجز كل شريك عن تحقيقه
بمفرده، وأما سبب الشركة فهو يتمثل في إنجاز محلها بغية تحقيق الأرباح واقتسامها
فيما بين الشركاء عن طريق القيام بمشروع مالي واستغلال فرع من فروع النشاط التجاري
أو الصناعي.
المرجع :
- أ.عمورة عمار، شرح القانون التجاري الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2016، من ص 128 إلى ص 131.