المنظمة العالمية للتجارة

المنظمة العالمية للتجارة 

المنظمة العالمية للتجارة

إن الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم دفعت بالدول الكبرى الى ضرورة البحث عن اليات لتنظيم التجارة الدولية، وهذا عن طريق انشاء منظمة عالمية أقوم بهذا الدور، وسنقوم في هذا الفصل بدراسة مفهوم المنظمة (المبحث الأول)، ثم سنحاول البحث في أهم الاتفاقيات التي تمخضت عنها، ومسار انضمام الجزائر اليها (المبحث الثاني).

المبحث الأول: مفهوم المنظمة العالمية للتجارة

سنحاول في هذا المبحث دراسة نشأة المنظمة العالمية للتجارة وتعريفها (المطلب الأول)، ثم دراسة الهيكل التنظيمي للمنظمة ومهامها (المطلب الثاني)، وأخيرا سنبيّن المبادئ التي أقوم عليها المنظمة (المطلب الثالث).

المطلب الأول: نشأة وتعريف المنظمة العالمية للتجارة

سنقوم بدراسة نشأة المنظمة (الفرع الأول) ثم بتعريفها (الفرع الثاني).

الفرع الأول: نشأة المنظمة العالمية للتجارة

تعد جولة الأورغواي 1986-1993 من الجولات الأخيرة وأطولها مدة في إطار اتفاقية الجات، وقد انتهت في سنة 1993 بمراكش، وقد تم في هذه الجولة التعرض إلى قطاعات لم تكن محل اهتمام الجات سابقا وخاصة المفاوضات حول المنتجات الزراعية وقطاع المنسوجات والملابس الجاهزة وقطاع الخدمات وأخيرا موضوع الملكية الفكرية، وهذه الجولة هي الإطار الأساسي لنشوء المنظمة العالمية للتجارة.

الفرع الثاني تعريف المنظمة العالمية للتجارة

أنشئت المنظمة العالمية للتجارة في أول جانفي 1995، وهذا لتحل محل الجات، فهي معاهدة متعددة الأطراف تطبق على أساس مؤقت أما المنظمة العالمية للتجارة لها الشخصية القانونية كمنظمة كاملة الأهلية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، ولكنها مثل الجات ليس لديها الوضع الرسمي كوكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة رغم إقامة الروابط معها، فهي تهدف إلى زيادة الإنتاج والتجارة والاستثمار وتشجيع المشاركة النشيطة للبلدان النامية في التجارة العالمية.

وأهم ما يلاحظ على المنظمة العالمية للتجارة أنها إضافة تجارة السلع التي كانت سابقا الإطار الوحيد الذي تمارس فيه الجات مجالها توسع مجال هذه السلع وأصبح يشمل أيضا المنتجات الزراعية والمنسوجات ثم إضافة التجارة أو المبادلة في الخدمات وحقوق الملكية الفردية.

يبلغ عدد موظفيها في الوقت الحالي 500 موظف، وتقدم المنظمة العالمية للتجارة إطار مؤساسا فريدا من الحقوق والواجبات في البضاعة والخادمات ولبعض الجوانب الملكية الفكرية تفرزها قواعد وإجراءات لتسوية النزاعات.

المطلب الثاني: الهيكل التنظيمي للمنظمة العالمية للتجارة ومهاهما

سنبرز الهيكل التنظيمي للمنظمة أولا ثم تحديد مهامها ثانيا:

الفرع الأول: الهيكل التنظيمي للمنظمة العالمية للتجارة

للمنظمة هيكل تنظيمي يسهر على تنفيذ مهامها وطريقة سير عملها واتخاذ قراراتها، وفي هذا الإطار ستقوم المنظمة العالمية للتجارة بأداء وظائفها من خلال عدة أجهزة منها:

أولا- المؤتمر الوزاري: يتألف من ممثلين عن جميع الأعضاء، ويجتمع مرة على الأقل كل سنتين، ويضطلع المؤتمر الوزاري بمهام المنظمة ويتخذ الإجراءات اللازمة لهذا الغرض، وتكون للمؤتمر الوزاري سلطة اتخاذ القرارات في جميع المسائل التي ينص عليها أي من الاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف، إذا طلب أحد الأعضاء ووفقا للمقتضيات الخاصة بصنع القرار المشار إليها في الاتفاقية، وفي اتفاق التجارة متعددة الأطراف ذي الصلة.

ثانيا- المجلس العام: يتألف من ممثلين عن جميع الأعضاء، ويجتمع تسع مرات في السنة على الأقل ويضطلع بمهام المؤتمر الوزاري في الفترات التي تفصل بين اجتماعاته، ويكون بمثابة الجهاز لتسوية المنازعات المشار إليها في وثيقة التفاهم الخاصة بذلك، وكذلك مهام مراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء.

ثالثا- المجالس المختصة: ينشأ مجلس لشؤون للتجارة في السلع ومجلس الشؤون التجارية في الخدمات، ومجلس الشؤون حماية الملكية الفكرية، وتنعقد اجتماعاتها حسب الضرورية للقيام بمهامها وتعمل هذه المجالس تحت إشراف المجلس العام.

وتضطلع بالمهام التي تعهد بها إليها الاتفاقات الخاصة بكل منها، والمهام التي يحددها المجلس العام لها وتضع كل من هذه المجالس قواعد إجراءاتها وتخضع هذه القواعد لموافقة المجلس العام.

رابعا- اللجان الفرعية: ينشأ المؤتمر الوزاري لجنة "التجارة والتنمية" ولجنة لقيود ميزان المدفوعات، ولجنة الميزانية والمالية والإدارة، كما ينشأ لجانا أخرى كلما دعت الحاجة لذلك وتقوم هذه اللجان بالمهام الموكلة إليها بموجب الاتفاقات متعددة الأطراف وبما يعهد المجلس العام من مهام إضافية، وتكون العضوية في هذه اللجان مفتوحة لجميع من يرغب من الدول الأعضاء.

خامسا- السكرتارية: يتضمن هيكل المنظمة سكرتارية يرأسها مدير عام عينه المؤتمر الوزاري ويحدد له سلطاته وواجباته، وشروط خدمته، وفترة شغل منصبه ويعين المدير العام أعضاء موظفين السكرتارية، ويحدد واجباتهم وشروط عملهم وفقا للقواعد التي يعتمدها المركز الوزاري، وتكون مسؤولية المدير العام والموظفين من حيث طبيعتها مسؤوليات دولية بحتة، وعلى الدول الأعضاء في المنظمة أن يحترموا الطابع الدولي لمسؤوليات المدير العام، وموظفي السكرتارية وأن لا يحاولوا التأثير عليهم في آداء واجباتهم.

الفرع الثاني: مهام المنظمة العالمية للتجارة

أولا- تنفيذ الاتفاقيات وإدارتها وتشغيلها: تشمل هذه المنظمة تنفيذ وإدارة أعمال هذه الاتفاقية، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطرف، وتعمل على دفع أهدفها، كما توفر الإطار اللازم لتنفيذ وإدارة أعمال الاتفاقيات التجارية عديدة الأطراف.

ثانيا- منبر للمفاوضات: توفر المنظمة محفلا للتفاوض فيما بين أعضائها بشأن العلاقات التجارية متعددة الأطراف في المسائل التي تتناولها الاتفاقيات الواردة في ملحقات هذه الاتفاقية، والمنظمة كذلك توفر محفلا لمزيد من المفاوضات فيما بين أعضائها بشأن علاقتهم التجارية متعددة الأطراف وإطار لتنفيذ نتائج مثل هذه المفاوضات على النحو الذي يقرره المؤتمر الوزاري.

ثالثا- تسوية النزاعات: تشرف المنظمة على سير وثيقة التفاهم المتعلقة بالقوانين والإجراءات التي تنظم تسوية المنازعات.

رابعا- التعاون مع المنظمات الدولية الأخرى: بغية تحقيق قدر أكبر من التناسق في وضع السياسة الاقتصادية تتعاون المنظمة على النحو المناسب مع صندوق النقد الدولي للإنشاء والتعمير، والوكالات التابعة لها.

المطلب الثالث: مبادئ المنظمة العالمية للتجارة

تقوم المنظمة العالمية للتجارة على المبادئ التالية:

الفرع الأول: حماية الصناعات المحلية بواسطة التعريفات الجمركية

إن المنظمة العالمية للتجارة تؤيد التجارة الحرة، ورغم ذلاك إلا أنها تقر بأن البلدان الأعضاء تختار في مواجهة المنافسة الأجنبية إلى حماية إنتاجها المحلي بشرط أن تبقى تلك الحماية في حدودها الدنيا، وإن توفرها من خلال التعريفات الجمركية، وعمليا لكي تضمن المنظمة تطبيق هذا المبدأ فإنها تحضر فرض قيود كمية على البلدان الأعضاء إلا في عدد محدود من الحالات.

الفرع الثاني: ربط التعريفة الجمركية

 لقد حثت المنظمة العالمية للتجارة على تخفيض الحماية التي تمنح للمنتجات المحلية، وعلى إلغائها حيثما أمكن، وذلك بتخفيض التعريفة الجمركية، وإزالة كل الحواجز المفروضة على التجارة من خلال المفاوضات المتعددة الأطراف.

هذه التعريفة الجمركية التي لم يتم تخفيضها، يجب ربطها وعدم زيادتها مستقبلا حتى كانت مدرجة في الجدول الوطني لكل بلد عضو، هذا الجدول يشكل جزءا من النظام القانوني لمنظمة التجارة العالمية.

الفرع الثالث: معاملة الدول الأكثر رعاية

هذه القاعدة المهمة من قواعد المنظمة العالمية للتجارة تؤكد على مبدأ عدم التمييز، وتنص على أن التعريفة الجمركية، وغيرها تطبق على السلع المستوردة أو المصدرة دون التمييز بين بلدان الأخرى، وهناك استثناءات لهاذه القاعدة منها التجارة بين البلدان الداخلية في ترتيبات إقليمية بما تقرر رسوم جمركية تفضيلية، أو لا تفرض على الإطلاق، وقد تطبق البلدان المتقدمة نسبيا تعريفة تفضيلية، وتعفى منها وارادتها من البلدان النامية.

الفرع الرابع: قاعدة المعاملة الوطنية

هذه القاعدة تحفز على البلدان التمييز بين المنتجات المستوردة، ومثيلاتها المنتجة محليا، سواء فيما يتعلق بالضرائب المحلية المفروضة عليها، أو بالأنظمة المحلية المعروضة عليها، أي لا يجوز لأي بلد فرض ضريبة محلية على المنتج المستورد نسبية أعلى من النسبة المستحقة على المنتج المحلي بعد دخول المنتج المستورد إلى السوق ، وأخذ الرسوم الجمركية عليه.

المبحث الثاني: اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة ومسار انضمام الجزائر اليها

إن هدف إنشاء المنظمة العالمية للتجارة هو محاولة رفع نظام تجاري دولي يقوم بتنظيم السلوك التجاري للتبادلات بين الدول، حيث تقوم هذه المنظمة على مبادئ، على الدول الأعضاء إتباعها وعلى أساس هذه المبادئ يتم التعارض بشأن الموضوعات التي تحدد في شكل اتفاقيات وقوانين يجب السير عليها.

سنقوم بدراسة اتفاقيات المنظمة (المطلب الأول) ثم مسار انضمام الجزائر اليها (المطلب الثاني).

المطلب الأول: لاتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة

وللمنظمة العالمية للتجارة اتفاقيات تقوم الدول بالالتزام بتطبيقها، هذه الأخيرة انبثقت إما عن نتائج جولة الأورغواي، وبعدم قيام المنظمة العالمية للتجارة وباختصار سنحاول التطرق لأهم هذه الاتفاقيات فيما يلي:

الفرع الأول: اتفاقيات الزراعة:

يعتبر اتفاق التجارة في السلع الزراعية خطوة كبيرة على طريق تحرير التجارة في السلع الزراعية من الدعم والحماية وخصوصا الدول الأوروبية تمادت في هذا الشأن إلى درجة أنها أصبحت تعاني من تضخم أعباء الدعم والحماية التي يقدمها منتجي ومصدري السلع الزراعية.

ويمكن القول أنه وفي ختام أطول جولة (الجات)، وبعد مفاوضات طويلة تم التوصل إلى حل وسط لمشكلة الصادرات الزراعية وذلك على النحو التالي:

أ‌- استبدال نظام القيود الكمية على السلع الزراعية بالقيود التعريفية وبمعنى آخر تحويل القيود الغير جمركية (كمية، حصص)، إلى رسوم جمركية يتم تثبيتها أولا ثم تخفيضها ثانيا.

ب‌- فتح أسواق الدول الأعضاء أمام الواردات الخاضعة حاليا لقيود غير جمركية.

ج- خفض الدعم المحلي وهو دعم يوجه للإنتاج الزراعي وفي حالة ما إذا كان الدعم المحلي أقل من 5% من قيمة الإنتاج الزراعي فإن الدولة لا تلتزم بتطبيق أي تخفيضات.

د- تخفيض التعريفات الجمركية على المنتجات الزراعية، بمتوسط 36% في حالة الدول المتقدمة و24% للدول النامية ولا يلزم الاتفاق الدول الأقل نموا، بإجراء أي تخفيضات على تعريفاتها الجمركية لوارداتها من السلع الزراعية.

 هـ - تبني الدول الأعضاء لقواعد خاصة بالوقاية الصحية وحماية النباتات بشرط أن لا تتحول فيما بعد إلى سلاح حمائي.

الفرع الثاني: اتفاقيات المنتجات والملابس

لم يكن قطاع المنتجات والملابس حتى جولة أورغواي يخضاع لأحكام الجات حيث كانت التجارة في هذا القطاع تخضع لاتفاقية خاصة تعرف باسم "اتفاقية الألياف المتعددة MFA"،أي أنها تخضع لنظام الحصص الثنائية، التي يتم الاتفاق عليها بين الأطراف المعنية، وهي بذلك تتعارض مع مبدأ عدم التمييز الذي يعتبر من أهم المبادئ GATT، ويعتبر نظام الحصص الذي يحدد لكل دولة مصدرة حصة معينة لا يمكن تجاوزها، قيدا كميا صارما على قدرات البلدان النامية في التوسع في صناعتها.

ولقد كان هدف المفاوضات في هذا المجال هو تأمين إدماج قطاع المنسوجات والملابس في اتفاقيات  GATT والتخلص من نظام الحصص،

الفرع الثالث: بروتوكولات حول السلع المصنعة:

لم يكن التوصل لاتفاق بشأن تحرير تجارة السلع الصناعية على الدرجة نفسها من الصعوبة التي مرت بها المفاوضات الأخرى، لأن الدول الصناعية الكبرى المتقدمة كانت على استعداد للتوصل لاتفاق بهذا الصدد إذا ما استثنينا المنسوجات والملابس من السلع المصنعة.

وفيما يلي محصلة بالتنازلات التي تقدمت بها الدول المشاركة في المفاوضات:

‌أ- خفض تعريفات السلع المصنعة في الدول الصناعية من متوسط (6.3%) إلى متوسط ( 3.8%)، وكذلك مضاعفة الجزء من وارداتها من السلع الصناعية.

‌ب- تقليص في قيمة الواردات التي تدخل أسواق الدول الصناعية بتعريفة (15%) فأكثر من ( 7% إلى 5% ) من إجمالي الواردات في حين تخفض من (9% إلى 15% ) بالنسبة للدول النامية.

‌جـ- خفض التعريفة الجمركية 64% من إجمالي واردات الدول المتقدمة و46% من إجمالي خطوط التعريفة في الدول النامية.

 د- التزام الدول الصناعية بتوزيع تعريفات على السلع الصناعية بشرط ألا تتجاوز الواردات الخاضعة لرسوم تزيد عن 15% ونسبة 27% فيما يتعلق بالمنتجات و11% بالنسبة لواردات الجلود والمطاط والأحذية ومعدات السفر.

هـ - التزام الدول المتقدمة بخفض تعريفاتها بنسابة 40% على الأسماك والمنتجات والملابس والأحذية ومعدات النقل وبنسبة 60% على الأخشاب والورق وعجائن الورق.

الفرع الرابع: اتفاقية الخدمات

لقد كان موضوع تحرير تجارة الخدمات محل خلاف بين الولايات المتحدة من جهة والدول النامية من جهة ثانية خصوصا البرازيل والهند وهنا نرى هذه الأخيرة أن تحرير التجارة في الخادمات سوف يؤثر سلبا على عمال واستمرارية قطاع الخدمات وتم في نهاية المطاف الاتفاق حول حل وسط يتم من خلاله فصل قانوني بين الهيئة التي تفاوض على الأمور المتعلقة بتجارة السلع والهيئة التي تفاوض على الأمور المتعلقة بتجارة الخدمات، ولقد تم تحديد ثلاثة مبادئ أساسية وهي:

1- مبدأ عدم التمييز.

2- مبدأ الشفافية.

3- مبدأ التحرير التدريجي ويرتكز هذا الموضوع على النقاط الآتية:

- تحديد المقصود بالتجارة في الخدمات فهي تأخذ شكل انتقال الخدمة ذاتها من دولة المورد إلى دولة المستفيد.

- تحديد بعض الالتزامات والضوابط ومن بينها الشفافية حيث تتعهد كل دولة بنشر كل القوانين والإجراءات المرتبطة بتنفيذ هذا الاتفاق.

- وضع قواعد مناسبة لتجارة الخدمات بين الدول الموقعة بعد تحديد الخدمات المتفق عليها.

- تعهد الأعضاء بالدخول في جولات متوالية من المفاوضات تبدأ على أقصى تقدير خلال خمس سنوات من تاريخ قيام المنظمة العالمية للتجارة، لتحقيق مستويات عالية من تجارة الخدمات وفرض قرض النفاذ إلى الأسواق الدولية.

- يشمل الاتفاق حول الخدمات استثناءات مختلفة لحماية الأخلاق العامة أو حماية البيئة وحماية الأمن القومي.

الفرع الخامس: اتفاقية الاستثمار

لعب الاستثمار الأجنبي دورا كبيرا في الاقتصاد العالمي وخصوصا في العقود الأخيرة وبالذات في الدول النامية، هذا وقد أعطت معظم الدول النامية الاستثمار الأجنبي العديد من المزايا لتشجيع الاستثمار الأجنبي العديد من المزايا والإجراءات المتعلقة بالاستثمار أصبحت محور نقاش في جولة أورغواي.

حيث تم الاتفاق خلال هذه الجولة على إجراءات الاستثمار المتصلة بالتجارة، والتي يرمز لها بـ " TRIMS " ويقصد بها الشروط التي تضعها أية دولة على الاستثمارات الأجنبية.

كما يعتبر موضوع الاستثمار الأجنبي من أكثر المواضيع إثارة للجدل حيث يرى البعض أن الاستثمار الأجنبي يضر باقتصاديات الدول النامية، بينما يرى البعض الآخر أنه من أهم العوامل التي تؤدي إلى الإسراع بعمليات التنمية الاقتصادية ،وارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي.

ولقد تم الاتفاق في هاذا المجال على أنه من حق المستثمر الأجنبي أن يقوم باستيراد كافة احتياجاته من مستلزمات العملية الإنتاجية، وكذلك يتمتع بالحرية التامة في تصدير منتجاته دون الالتزام بتخصيص حصة محددة للسوق المحلي أو للتصدير.

كما يلزم الأعضاء باحترام مبدأ الشفافية وذلك بالإعلان في كافة إجراءات الاستثمار التي لها علاقة بالتجارة، ومن جهة أخرى تلتزم الأعضاء بإلغاء كافة الإجراءات المحظورة، المتفق عليها خلال سنتين بالنسبة للدول المتقدمة، بينما تصل المدة المحددة للدول النامية إلى 15 سنوات.

الفرع السادس: اتفاقية الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة

بسبب الأضرار التي لحقت بالعديد من الدول والأفراد، الذين يملكون براءات الاختراع والعلامات التجارية، ومختلف أصناف الملكية الفكرية من خلال ما يتعرضون له من اعتداءات على حقوقهم الفكرية، إما بالتقليد أو الاقتباس أو الاستخدام لمنتجاتهم الجاهزة، كان لهذه المسائل دور كبير في إصرار عدد من الدول الصناعية الكبرى، لوضع القضايا المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة على جدول المفاوضات في جولة الأورغواي.

ويقصد بالملكية الفكرية كال الجوانب التي تتعلق بالجانب الذهني والفكري شاملة الأعمال الأدبية والفنية، والابتكارات والاختراعات التكنولوجية ذات الطابع التجاري.

ولقد كان الهدف الرئيسي الذي تم الاتفاق عليه في جولة الأورغواي فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، هو وضع وتطوير القواعد اللازمة لحمايتها وذلك من خلال الإجراءات التي نلخصها فيما يلي:

‌أ- تطبيق مبدأ المعاملة الوطنية ومبدأ الدولة الأولى بالرعاية على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة، وذلك عن طريق الالتزام بمبدأ الدولة الأولى بالرعاية، مع استثناء أية سيرة ثم منحها من قبل العضو، استنادا إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتطبيق القوانين ذات الطبيعة العامة، غير المقتصرة بصفة خاصة على حماية حقوق الملكية الفكرية.

‌ب- تنطلق الاتفاقية من أن حماية حقوق الملكية الفكرية التي تساهم في تحفيز روح الابتكار التقني وتنمية القدرات التقنية الوطنية.

‌ج- تسمح الاتفاقية للأعضاء باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الصحة العامة والأمن الغذائي، وبصفة عامة تعطي لها الحق في تنظيم الممارسات التي تقف في وجاه المنافسة.

ولقد تم الاتفاق على أن يبدأ العمل لهذه الاتفاقيات، بعد مرور من إنشاء المنظمة العالمية للتجارة أما بالنسبة للدول النامية والدول التي في مرحلة التحول الاقتصادي والتي سمح لها بأن تبدأ في تطبيق الاتفاقية بعد خمس سنوات من إنشاء المنظمة العالمية للتجارة.

المطلب الثاني: مسار انضمام الجزائر الى المنظمة العالمية للتجارة

كانت الجزائر دولة مراقبة في منظمة الجات، لتقدم الجزائر بعدها رسميا العالمية للتجارة في جوان 1996، وجاء هذا الطلب في سياق تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي، في إطار اتفاقية التمويل الموسع، وتزامنا مع مرحلة تميزت بتطبيق برنامج التصحيح الهيكلي، حيث أجاب وقتها السيد وزير التجارة "بختي بلعايب" على حوالي 340 سؤال، هذه الأسئلة تمحورت حول سياسة الخوصصة والاستثمار، الأسعار المطبقة والمنافسة، أسعار الفائدة، الرسوم الجمركية والمراقبة بالإضافة إلى الواردات والصادرات، وأن أغلبية هذه الأسئلة كانت من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وكانت الإجابة على هذه الأسئلة كتابية.

وقد تم توقيف المفاوضات في عام 1999، لتستأنف بعدها عام 2000، بصورة متقطعة، مما دفع بالجزائر إلى إعادة صياغة مذكرة الانضمام في شهر جويلية عام 2001، ليعاد تقديمها من جديد، حيث طرحت أسئلة جديدة والتي تم الرد عليها في نهاية فيفري 2002 من طرف وزير الدولة وزير الخارجية "عبد العزيز بلخادم" آنذاك، وقد بلغ عدد الجولات الثنائية الأطراف التي قامت بها الجزائر إلى غاية 2004 حوالي 7 جولات، فضلا عن أربع جولات متعددة الأطراف، واجتماعين مشتركي الأطراف بين الدول والهيئات خصصت للفلاحة، وقد تلقت الجزائر أكثر من 300 سؤال مكتوب.

أما مع بداية سنة 2005 فإن الجزائر تخوض جولتها الثامنة وذلك عن طريق وفد برئاسة وزير التجارة "نور الدين بوكروح"، حيث يضم هذا الوفد مجموع رؤساء تنظيمات أرباب العمل إضافة إلى عضوين من الأمانة الوطنية للاتحاد العام للعمال الجزائريين حتى يشاركوا كملاحظين في المفاوضات، وتدور المناقشة خلال هذه الجولة حول المواضيع التالية: سياسة الخوصصة المتبعة من قبل السلطات العمومية، المقاييس الدولية الخاصّة بالاستثمارات، فضلا عن إجراء الحماية وتخصيص بعض المواد القانونية والحفاظ على سقف من التعريفة الجمركية لبعض المواد الصناعية والزراعية.

حيث بقيت هذه المسائل محل النزاع طوال الجولات المنصرمة ذلك لأن الدول المشاركة تشدد دائما على ضرورة احترام الرزنامة التي توضع فيما يتعلق بإصلاح النصوص القانونية والتشريعية وتحديد سقف الحقوق والتعريفات الجمركية، وآليات تنظيم التجارة بما في ذلك آلية ضبط السوق الموازية ومسألة الدعم الفلاحي فضلا عن قضايا تحرير القطاعات الطاقوية بما في ذلك تحرير قطاعات الخدمات، وقد اقترحت الجزائر في عرضها المقدم بتحرير 11 قطاع في مجال الخدمات و161 قطاع فرعي للمنافسة، من بينها الاتصالات السلكية وللاسلكية والفندقة، والمياه والصحة والنقل.

والمرتقب أن يرد الطرف الجزائري عن الأسئلة التي طرحت في الجولة السابقة بالموازاة مع تسليم محضر الانضمام وينتظر أن تسمح هذه الجولة كذلك بمباشرة صياغة التقرير الخاص بالمفاوضات والذي عرف تأخرًا، ليقدم بعدها إلى المجلس العام للمنظمة العالمية للتصديق عليه، وهي الهيئة التي تضم الدول الأعضاء، حيث يضل الانضمام رهين بموافقة ومصادقة كل الدول، بحيث تعمل المنظمة وفق نظام الإجماع.

المرجع:

  1. د. عسالي عبد الكريم، محاضرات في القانون الدولي الاقتصادي، لطلبة ماستر 1 -تخصص القانون العام للأعمال والقانون العقاري، جامعة عبد الرحمان ميرة -بجاية-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم قانون أعمال، السنة الجامعية: 2015-2016، الجزائر، ص38 إلى ص55.

google-playkhamsatmostaqltradent