نظرية التنظيم الإداري

نظرية التنظيم الإداري

نظرية التنظيم الإداري

يقصد بالتنظيم الإداري تصنيف الأجهزة الإدارية في الدّولة وبيان تشكيلها وكيفية ممارستها لاختصاصاتها، ومنه تحديد نوعية الأعمال اللازمة لتنفيذ السّياسة العامة للدّولة، وتوزيعها بين أقسام الإدارة العامة وموظفيها، وبيان كيفية إنجازها باستخدام الإمكانيات المتاحة، لتحقيق الأهداف المرجوة بأقل نفقة وجهدٍ وفي أقلّ وقت ممكنٍ، وذلك بالاستناد على أسس قانونية تتمثل في الشّخصية المعنوية (المبحث الأوّل).

تعتبر الشّخصية المعنوية سنداً وأساساً لعملية تنظيم وتوزيع الوظائف والاختصاصات الإدارية بين مختلف هيآت وأجهزة الإدارة العامة، تبيّن طرق وكيفيات توزيع النّشاط الإداري في مختلف الدول، وتبرّر اعتماد الدّول على نمطٍ معيّن دون سواه أو غلبة نمط على آخر (المبحث الثاني).

المبحث الأول: أساس نظرية التنظيم الإداري

نظرا لتعقيدات الحياة المعاصرة، ولعجز الإنسان الطّبيعي عن تحقيق بعض أهداف بمفرده، فضلاً عن محدودية عمره الطّبيعي وما يمكن أن يعتريه أثناء حياته من عوارض الأهليّة، تمّ إرساء شخصٍ غير مُعَرّضٍ للانتهاء بالطّرق التّقليدية (الوفاة) يتجاوز العمر الافتراضي للشّخص الطبيعي، من خلال ما يعرف بالشّخص المعنوي، يتمتع بحقوق تسمح له بمباشرة مهامه، وتحقيق أغراضه.

تحتل فكرة الشخصية المعنوية مكانةً هامةً على مستوى نظريّة التنظيم الإداري، باعتبارها أساسها القانونيّ، (المطلب الأوّل)، حيث لا يمكن الاستغناء عنها مطلقاً، إذ يستحيل تصور اضطلاع الدولة بمهامها التّي تخولها توزيع الصلاحيات والوظائف، وتؤهلها إنشاء مختلف الهيآت المركزية منها واللامركزية القائمة على تلبية حاجات الأفراد، دون الاستناد والاعتماد على فكرة الشخصية المعنوية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأساس القانوني لنظرية التنظيم (نظرية الشخصية المعنوية)

يعود الفضل في طرح فكرة الشّخصية المعنوية إلى الفقيه "بلانيول"، ابتدعها لتفسير ظاهرة ملكية المجموعات العامة، ورغم أهميّة هذه البدعة القانونية خاصةً في مجال القانون العام ومنه، القانون الإداري، إلا أنها أحدثت انقساما بين مؤيّديها ومنكريها (الفرع الأوّل).

تتنوع الأشخاص المعنويّة العامة، وتأخذ أشكالاً تبعاً للمصلحة التي تستهدفها (الفرعٌ الثاني)، وتجسيداً لهذه الأخيرة، كان لابدّ من تخصيص الشخص المعنوي بجملة من المقومات قلما تم الاعتراف به (الفرعٌ الثالث).

الفرع الأول: التعريف بالشخصية المعنوية

الأصل أن تنسب الشّخصية القانونية للإنسان فقط، إلا أنّ عدم قدرته على تحقيق كل أهدافه بمفرده، فضلا عن حاجة المجتمع لسير المرافق العامّة باستمرارٍ وانتظامٍ، فرض الأمر الاعتراف بالأهلية لجماعات أخرى إلى جانب الأشخاص الطبيعية، من خلال منحها الشّخصية القانونية، التّي لا تزال محلّ جدلٍ فقهيٍّ  (ثانيا)، وان تمّ الاتّفاق على تعريفها (أولاً).

أولا: تعريف الشخصية المعنوية

يمكن تعريف الشّخص المعنوي، على أ نّه: "كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا، أو مجموعة من الأموال تخصص وترصد لتحقيق غرض معين، بحيث تكون وتشكل هذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال كيانا قانونيا (شخصا معنويا) مستقلا عن ذات الأشخاص وعناصر الأموال المكونة له، له أهلية قانونية مستقلة وقائمة بذاتها، يكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات".

أو هو "مجموعة من الأشخاص أو الأموال التي تهدف إلى تحقيق غرض معين، ويعترف القانون لها بالشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق هذا الغرض".

وعليه، تقوم فكرة الشّخصية المعنوية على ثلاثة عناصر أو أركان، وهي ضرورة إتحاد مجموعة من أموالٍ أو أشخاصٍ في ظلّ تنظيمٍ مترابطٍ متناسقٍ معيّنٍ تستهدف تحقيق غرض معيّنٍ مشتركٍ مع ضرورة اعتراف المشرع بهذه الشّخصية.

ثانيا: موقف الفقه من نظرية الشخصية المعنوية

نشأت نظريّة الشّخصية المعنويّة في إطار القانون الخاص، وان لم تكن بقدر أهميتها في القانون العام، باعتبار أشخاص هذا الأخير لا يمكن أن تكون إلا عامّةً، ولم تكن أسس هذه النّظرية محل إجماع لدى فقه القانون، ما جعلهم ينقسمون بين مؤيدي الفكرة (أ) وبين رافضيها ومنكريها (ب).

أ) التيار المؤيد لنظرية الشخصية المعنوية: وان اتفق أنصار هذه التيار على قيام فكرة الشخصية المعنويّة، وضرورة الاعتراف بها، إلا أنهم اختلفوا حول طبيعتها، فهناك من اعتبرها مجرد افتراض قانونيٍّ ومنحةً من المشرع بينما اعتبرها آخرون حقيقة شأنها شأن الشّخص الطّبيعي.

1) نظرية الافتراض القانوني: تسمى بالنّظرية الرومانية، بزعامة كل من الفقهاء "سافيني، بيرتملي، جيز وبونار"، وتقوم على فكرة أن الشّخصية المعنوية ما هي إلا مجرد مجازٍ وافتراض قانونيّ مخالفٍ للواقع لجأ إليها المشرع كحيلة قانونية لتمكين التجمعات البشرية والمالية من تحقيق أهدافها، على أساس أن الشّخصية القانونية مرادفة للفرد صاحب الإرادة، وأهلاً لاكتساب الحقوق ولا وجود لهذه الأخيرة ما لم توجد الإرادة، وهو ما يتحقق فقط عند الشّخص الطبيعي.

ولما كانت الجماعة في حاجة إلى تكاثف جهود الأفراد والأموال تحقيقا لمصالح مشتركة، وجب الاعتراف لها بالشّخصية المعنوية تمكيناً لها من أداء وظيفتها، وتجيز لها اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات وعليه فالمشرع من يمنحها الأهلية، بالتالي، ارتباط وجود الشخص المعنوي، ونهايته، فضلاً عن حدود أهليته بإرادة المشرع وباعتبار الشّخص المعنوي شخصاً افتراضياً فهو مجرّد من الإرادة بالنّتيجة غير مسؤول مدنيا ولا جزائيا.

انتقدت هذه النظرية على أساس أنّها بُنيّت على فكرة خاطئة، مرّدها أنّ من لا إرادة له فلا حقّ له، في حين نكون بصدد حق دون إرادة، كما في حالة عديمي الأهلية، سواء لصغر السنّ أو الجنون كما أنه لا يمكن التّسليم بها من منطلق عجزها عن تبرير وجود الدّولة باعتبارها شخصا معنويا، فمن منحها الشخصية المعنوية إذن ؟، فضلا عن أن الأخذ بها يؤدي إلى إطلاق سلطات الدولة في التحكم في مصير الجماعات، ويتعارض ووظيفة المشرع، التّي تستهدف أساساً الاستجابة للواقع الاجتماعي وليس خلق أشياء.

2) نظرية الشخصية الحقيقية: بزعامة كلّ من "كاري دي مالبيرغ، جيارك، جالينك"، مفادها أن الدّولة لا تخلق الشخص المعنوي، ولا يتجاوز تدخلها حدّ الاعتراف به، وحججهم أن مصطلح الشخص المعنوي من النّاحية القانونيّة لا يقتصر فقط على الإنسان، إ نّما يطلق على هذا الأخير وكل هيئة أو جماعة يمكن أن تكون مناطاً للحقوق والواجبات، بدليل أن بعض الأفراد رغم ثبوت ذاتيّتهم الآدمية لا يعتبرون في بعض الدّول أشخاصاً في نظر القانون، كما كان عليه الحال في فرنسا سنة 1854، بالنّسبة للأشخاص المحكوم عليهم بالموت المدني كما أن الحق هو كلّ مصلحة مشروعة يحميها القانون، لا يتوقف على وجود الإرادة، بدليل أن للمجنون حقوقاً رغم انعدام إرادته، وطبقا لهذه النّظرية توجد الشخصية المعنوية كلما وجدت مصلحة شرعية لجماعة أو هيئة، مع وجود وسيلة عن طريقها تعبر عن إرادتها.

لم تدم هذه النّظرية طويلا، لقيامها على المعتقدات والتصورات، ما أدى إلى ظهور تيار ينكر وجودها بشدة، ويرفضها رفضاً قاطعاً.

ب) التيار المنكر لوجود الشخصية المعنوية: ظهر رأي مخالف تماما للآراء السّابقة ،يرفض بشدّة الاعتراف بفكرة الشّخصية المعنويّة، بزعامة كل من اهرنج، بونار، جيز وليون دوجي، على أساس أنّها مفهوماً ميتافيزيقيّاً، ولا أهمية لها يمكن الاستغناء عنها، وتبنّي أفكار ونظريّات أخرى، تكون بديلا لها  وأكثر منطقية، فتم طرح نظريتا ذمّة التخصيص (الغرض)، والملكية المشتركة.

1) نظرية الغرض أو التخصيص: بزعامة الفقيه الألماني "بارنز"، ومفادها، ألّا أساس للشخص المعنوي في الواقع، لذلك يفترض الاستغناء عنه كليةً، أما فكرة تجمع الأشخاص والأموال التّي يفترض الاعتراف لها بذمّة مالية وجملة من الحقوق والالتزامات، تفرضها وحدة الغرض، وعليه تم استبدال الشّخصية المعنوية بفكرة الغرض.

وان يعاب على هذا الرأي، إغفاله أن الذّمة المالية والتمتع بالحقوق وتحمل الالتزامات، لا تسند إلا لشخص يعترف به القانون.

2) نظرية الملكية المشتركة: بزعامة الفقيه "إهرنغ"، اّلذي يرى أن صاحب الحقّ لا يمكن أن يكون إلاّ  شخصاً  طبيعيّاً، وانّ امتداد الحقّ في حالات إلى هذا الكيان المعروف بالشّخص المعنوي ما هو إلا امتداده للأشخاص الطّبيعيين المكوّنين له، وعليه استبدال فكرة الشّخصيّة المعنويّة بالملكيّة المشتركة.

يؤخذ على هذه النّظرية، أن الأخذ بها يرجع بالفكر القانوني إلى ما قبل ظهور فكرة الشخصية المعنوية للوجود، لانتشار فكرة الملكيّة المشتركة في الحضارات القديمة، وتخلى عنها الفقه الحديث لتجاهلها للاستقلاليّة القائمة بين الشّخص المعنويّ ومجموع الأفراد المكونين له، كما أنّ هذا الشّخص المعنوي قد لا يتعلق بالأموال المشتركة مثل الجمعيات.

- موقف المشرع الجزائري من نظرية الشخصية المعنوية:

اعترف المشرع الجزائري بالشخصية المعنوّية، باعتبارها ضرورةً حتميّةً تفرضها متطلبات السّير العادي للمرافق العامةً، حيث تنصّ الفقرة الأولى من المادة 50 من الأمر رقم 75-58، يتضمن القانون المدني على أنه: "يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان، وذلك في الحدود التي يقررها القانون"، ما يفهم منه أخذ المشرع الجزائري بنظريّة الافتراض القانونيّ.

غير أنّ ما تجدر الإشّارة إليه، هو أنّ المشرع باعترافه بالشخصية المعنويّة، فإنّه يقرّها للهيئة الإداريّة ذاتها سواء إقليمية أو مرفقية، وليس للهيآت المعبّرة عن إرادتها وعليه، في حالة حلّ المجالس المنتخبة بالنّسبة للولاية والبلدية مثلاً لا يؤدي ذلك إلى نهاية الأشخاص المعنويّة العامّة، بل يتطلب الأمر –فقط- إعادة تشكيل مجالس جديدة لمواصلة المهام والصّلاحيّات المخوّلة والمنوطة للهيئة الإدارية المعنيّة، على اعتبار أن هذه المجالس ما هي إلا أداةً للتّعبير عن إرادة الشّخص المعنويّ العام التّابعة لها، دون أن تثبت لها الشّخصية المعنوية.

الفرع الثاني: أنواع الأشخاص المعنوية

تعرّضت المادّ ة 49 من الأمر رقم 75-58، يتضمن القانون المدني، للأشخاص الاعتبارية أو المعنوية على سبيل المثال، ومنها من تخضع لأحكام القانون الخاص، كالشركات المدنية، الشركات التجارية، الجمعيات، الوقف، بالإضافة للأشخاص المعنوية العامّة التي تخضع لأحكام القانون العام –وهي محور اهتمامنا-، سواء المحلية (أولا)، أو المرفقية (ثانيا).

أولا: الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية

تعتبر أشخاصاً معنويّة إقليميّة، تلك الأشخاص التّي يتحدد نطاق اختصاصها على أساسٍ جغرافيٍّ إقليميٍّ وتشمل كلّ من الدّولة (أ) والوحدات المحلية (ب).

أ) الدولة: وهي الشّخص المعنوي الأم، منها تتفرّع الأشخاص المعنويّة الأخرى، وهي كذلك التّي تمنح الشّخصية المعنوية للهيآت والتجمعات البشرية والمالية، وتمارس الرّقابة عليها.

والدّول باعتبارها شخصا معنويا عاما، ووحدة لا تتجزأ، تشمل السلطات التنفيذية، التشريعية والقضائية.

ب) الجماعات المحلية: تتمثل الجماعات المحلية للدولة اعتبارا لنص المادة 17 من الدستور، في كلّ من الولاية والبلدية.

الولاية هي الجماعة الإقليمية للدولة، وتتمتعّ بالشّخصية المعنوية والذّمة المالية المستقلة، وهي أيضا الدائرة غير الممركزة للدولة، وتشكّل بهذه الصّفة فضاءً لتنفيذ السّياسات العمومية التضامنية والتشاورية بين الجماعات الإقليمية والدولة، وتساهم مع هذه الأخيرة في إدارة تهيئة الإقليم والتّنمية الاقتصادية، الاجتماعية والثّقافية وحماية البيئة، وكذا حماية وترقية وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين، و تُحدث بموجب قانون.

أما البلدية هي الجماعة الإقليمية اللامركزية، وتتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة، وتحدث بموجب قانون.

ثانيا: الأشخاص المعنوية العامة المرفقية

الأشخاص المعنوية العامة المرفقيةّ عبارة عن مرافق حُدّد اختصاصها على أساسٍ موضوعيّ أو إقليميّ، تنشأ لتحقيق مصالح عامة للأفراد تحت رقابة أجهزة الدولة، حصرها المشرع الجزائري في المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.

تختلف الأشخاص المعنوية العامة المرفقية عن الأشخاص المعنويّة العامّة الإقليميّة، في أنّها مقيّدة بالهدف الذي أنشأت من أجله، وتقوم على ضرورة ضمان الكفاءة الإدارية وحسن إدارة المرافق العامّة ذات الطّابع الفني، في حين تقيّد الأشخاص المعنوية العامّة الإقليمية بالحدود الجغرافية للإقليم الذي تم ثّله، وتقوم على فكرة الدّيمقراطية التي تؤكد حقّ سكان الوحدات الإقليميّة في إدارة شؤونهم المحليّة بأنفسهم.

وتنقسم إلى مؤسسات وطنية وأخرى محلية، فالمؤسسات العمومية الوطنية هي التي تحدثها الدولة وتشرف على تسييرها، ويتجاوز نشاطها حدود رقعة جغرافية أو بلدية واحدة بينما المؤسسات المحليّة، تنشأ بموجب قرار أو مداولة من الهيآت المحلية الولائية أو البلدية عادة ما يرتبط نشاطها بالتّنمية المحلية.

الفرع الثالث: آثار الاعتراف بالشخصية المعنوية

حددّت المادة 50 من الأمر رقم 75-58، يتضمن القانون المدني النتائج المترتبة على اكتساب الشخصية الاعتبارية عامةً (أوّلاً)، وان كانت الأشخاص الاعتبارية العامّة تنفرد بآثار أخرى مميّزة فرضتها طبيعتها (ثانيا).

أولا: الآثار العامة المرتبة على الاعتراف بالشخصية المعنوية 

يعامل القانون الشخص المعنوي كشخص حقيقي -إلا ما كان ملازما لصفة الإنسان- في حدود الغرض الذي أنشئ من أجله، ويجيز له التعامل ليكتسب حقوقا، ويتحمل التزامات، ليكون له خصوصا ما يلي:

أ) اسم: وهو ما يطلق على الشّخص المعنوي بغرض تمييزه عن باقي الأشخاص المعنوية الأخرى، وهو إلزامي كتسمية دولة الجزائر، ولاية تندوف، بلدية البوني...

ب) ذمة مالية: يتمتع الشّخص المعنويّ بذمّةٍ ماليّةٍ مستقلةٍ عن الذّمة المالية للشخص الذّي أنشأه، تكون وعاءً لحقوقه والتزاماته المترتبة على نشاطه، وتعتبر ضمانا لدائنيه.

ج) حق التقاضي ونائب يعبر عن إرادتها: يترتب على ثبوت الشخصية المعنوية أن يكون للشخص المعنوي العام أهلية التقاضي، بمعنى أن يكون مدعيّا أو مدعىً عليه أمام القضاء عن طريق ممثله القانوني، حيث تنصّ المادة 828 من القانون رقم 08-09، يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، على أنه:" مع مراعاة النصوص الخاصة، عندما تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا في الدعوى بصفة مدعي أو مدعى عليه تمثل بواسطة الوزير المعني، الوالي، رئيس المجلس الشعبي البلدي على التوالي، والممثل القانوني بالنسبة للمؤسسات ذات الصبغة الإدارية".

د) موطن مستقل: لكل شخص معنوي موطن يخاطب فيه، وهو عادة المكان أو المقر الذي يوجد فيه مركز إدارته.

ثانيا: الآثار الخاصة للاعتراف بالشخصية الاعتبارية التي ينفرد بها أشخاص القانون العام 

زيادة على الآثار العامّة، يُرتب ثبوت الشخصية الاعتبارية على الشّخص المعنويّ العام، بعضاً من الآثار مردّها طبيعته الخاصّة، لا يُمكن أن تثبت للأشخاص المعنوية الخاصة، يتم إجمالها فيما يلي:

- المال الذي يملكه الشخص المعنوي العام يعتبر مالاً عاماً، إذا كان مخصّصا للمنفعة العامة، وبهذه الصفة يخضع للحماية الاستثنائية المقررة قانونا للمال العام.

- يعتبر موظفوا الشّخص المعنوي العام موظفين عموميين يخضعون للقانون الإداري، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

- لا يترتب على منح المشرع الشخصية الاعتبارية للأشخاص المعنوية العامة الاستقلال التّام عن الدّولة، إنّ ما تظلّ تحت رقابتها واشرافها عن طريق نظام الوصاية الإدارية.

- تشارك الأشخاص المعنوية العامة الدّولة في السّلطة العامة، ومنه، تتمتع بجميع امتيازات السّلطة العامّة التّي يقرّرها القانون الإداري للجهات الإدارية، كما تخضع للقيود التي يفرضها عليها، ويختص القضاء الإداري في نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطها.

المطلب الثاني: الأساس الفني لنظرية التنظيم الإداري

تُقدّم الإدارة، مركزية كانت أم محلية على غرار المرفقية خدمات متعدّدة للجمهور باعتبارها وسيلة الدولة لأداء مهامها المختلفة، ما يضفي أهميّة خاصّة على القانون الإداري.

يقوم التّنظيم الإداري على أساليب فنيّة تتمثل في المركزية (الفرع الأوّل)، واللامركزية كطرق لتوزيع النّشاط الإداري بين مختلف الأجهزة والهيآت الإدارية في الدولة، ومن هنا فإن وجود اللاّمركزية نتيجة حتمية من أجل تخفيف العبء على المستوى المركزي، وضرورة يقتضيها اتّساع النّشاط الإداري للدّولة (الفرع الثاني).

الفرع الأول: المركزية الإدارية

تعبّر المركزية الإدارية عن نسقٍ إداريٍ مؤسّسٍ على الإنفراد المطلق في صيّاغة القرارات الإدارية، (أولا)، يقوم على جملة من الأركان (ثانيا).

تقوم المركزية الإدارية أساساً على صورتين (ثالثا)، يتطلب الأمر الوقوف عندها، للتوصل للقول بمدى نجاعتها كأسلوب فنيّ للتنظيم (رابعاً).

أولا: تعريف المركزية الإدارية

تعدّدت التعاريف المقترحة للمركزية، وان كانت تصّب في مجملها على معنى واحد، فعُرفت على أنها: "انفراد سلطة إدارية واحدة مقرها العاصمة بممارسة كل الوظائف الإدارية، بحيث تتولى كل المهام عن طريق تابعيها الخاضعين لسلطتها في مختلف أرجاء الدولة"، أو هي" قصر الوظيفة الإدارية في الدولة على ممثلي الحكومة المركزية، فهي تقوم على تركيز السلطة بين أيدي الإدارة المركزية مع خضوع موظفي الإدارة لنظام السلم الإداري (كرابطة عضوية)، وتركيز العلاقة بين مختلف درجات هذا السلم على مبدأ السلطة الرئاسية (كرابطة موضوعية)"

وعليه، ينصب أسلوب المركزية الإدارية عموماً، على تركيز جميع السلطات في أيدي الحكومة المركزية، التّي يعود لها أمر البثّ النّهائي في جميع القضايا الإدارية ذات الأهمية الكبرى أو الصغرى على حدّ السّواء.

ثانيا: أركان المركزية الإدارية

تقوم المركزية الإدارية على أساس التّوحيد وعدم التّجزئة، حيث تقوم السلطة التنفيذية بالسّيطرة على جميع الوظائف الإدارية من تخطيطٍ، توجيهٍ، رقابةٍ وتنسيقٍ (أ)، وما على السّلطة الدنيا في هذا النظام إلا الالتزام بالقرارات الصادرة عن السّلطة العليا، حيث تقسيم الموظفين إلى درجات تعلو بعضها بعضا في سلم إداري منتظم (ب)، تضبطهم السّلطة الرئاسية (ج).

أ) تركيز الوظيفة الإدارية بين أيدي الإدارة المركزية: يقصد بتركيز وحصر الوظيفة الإدارية في السّلطة المركزية، جَعل مرحلة اتّخاذ القرار النّهائي في يدّ السلطات الإدارية المركزية (رئيس الجمهورية، الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة، الوزارء والولاة)، دون سواها وفي جميع الشؤون الداخليّة للإدارة.

غير أنّه، لا ينبغي أن يفهم من تركيز السّلطة عدم تقسيم أراضي الدّولة إلى أقسام إدارية على أسس جغرافية، إذ لا يمكن تصوّر قيام الدّولة بتسيير كلّ أجزاء الإقليم عن طريق جهازها المركزي وحده، فلا مفرّ من توزيع العمل على إداراتها المختلفة، إنّما المقصود من ذلك هو مباشرة تلك الوحدات لعملها تحت إشرافٍ مباشرٍ وكامل للسّلطة المركزية، فليس لها وجودٌ ذاتي مستقل.

ب) خضوع موظفي السلطة المركزية لمبدأ التبعية الإدارية المتدرجة والسلطة الرئاسية: يقوم نظام المركزية الإدارية على وجود هرم أو سلم إداريٍّ متدرجٍ، يضمّ أعوان كل سلطة من السّلطات المركزية بجميع الهياكل الإدارية في هذا الإطار، متدرجين من أسفل الهرم الإداري إلى قمّته، وكذا الأعوان العاملين بكل هذه الهياكل، حيث نجد في قاعدة الهرم الإداريّ صغار الموظفين، ثم يتدرّج الهرم إلى الأعلى حيث يوجد الموظّفين الأعلى درجة حتّى نصل إلى القمّة، فالموظف الذّي يرأس الأدنى منه يعتبر في نفس الوقت مرؤوسا من الموظف الأعلى منه درجة، وفي القمّة يعتبر الوزير الرّئيس الإداري الأعلى للجميع.

ج) السلطة الرئاسية: يقوم نظام المركزية الإدارية على تدرّجٍ هرميٍّ، تسوده قاعدة جوهرية هي السّلطة الرّئاسية التّي يمارسها الموظف الأعلى درجة على الموظف الأدنى منه، بمختلف مظاهرها.

1) تعريف السلطة الرئاسية: تترجم السّلطة الرّئاسية بجملة الاختصاصات التي يتمتع بها كل رئيس في مواجهة مرؤوسيه، في إطار رابطة التّبعية والخضوع، فهي ليست امتيازا أو حقّا مطلقا للرئيس الإداري، إنّما اختصاصا مصدره القانون، تفرضه المصلحة العامة، وما تتطل به المرافق العامّة من حسن السٍّير حفاظاً على المال العام، وما يميّز السلطة الرئاسية أنّها مفترضة لا تحتاج إلى نصّ قانونيّ يقرّرها، كما أنهّا شاملةً لأشخاص وأعمال المرؤوسين.

2) مظاهر السلطة الرئاسية: يمارس الرّئيس على مرؤوسيه جملة من الاختصاصات التّي خوّله إيّاها القانون، سواء على أشخاصهم (2/1) على غرار أعمالهم (2/2).

2/1) سلطة الرئيس على شخص المرؤوس: تتمثل في ما للرئيس الإداري من صلاحيات على شخص المرؤوس طوال مشواره المهنيّ من التّعيين، الترقية، العزل، النّقل، التأديب، وباعتبارها سلطات مستمدة من القانون يمكن للمرؤوس التّظلم منها إداريا أو الطعن فيها قضائيا متى شيبت بعيب إساءة استعمال السلطة.

2/2) سلطات الرئيس على أعمال مرؤوسيه: تأخذ سلطة الرّئيس على أعمال مرؤوسه مظهرين، سلطة توجيه المرؤوس (رقابة سابقة)، وممارسة الرّقابة والتعقيب على أعماله (رقابة لاحقة).

- سلطة التوجيه:

تمارس سلطة التّوجيه عن طريق توجيه الأوامر، التّعليمات والإرشادات سواء شفاهة أو كتابياً (المنشورات، الدّوريات)، وليس للمرؤوس إلا تنفيذها متّى كانت مشروعة، وله مناقشة الرّئيس في حدود أخلاقيات الوظيفة.

ثار جدل فقهيّ حول مسألة توجيه الرّئيس لأوامر غير مشروعة، فهل على المرؤوس تنفيذها أم له الاعتراض عليها؟، وهو ما انبثقت عنه ثلاث آراء مختلفة، حيث يدّعم أصحاب الرأي الأوّل، بزعامة الفقيه "ليون دوجي"، مبدأ المشروعيّة، إذ لا يلزم المرؤوس بأوامر الرئيس غير المشروعة، وان استثنى طائفة الجنود باعتبارها آلة للإكراه محرومة من التّفكير.

وان عزّز هذا الرأي مبدأ المشروعية، إلا أنّ الأخذ به يزعزع مبدأ السّلطة الرّئاسية ويخلّ بالتّنظيم الإداري، ويعرقل الجهاز الإداري لما يتطلبه الأمر من فحص أوامر الرّئيس الإداري.

في حين منح الرأّي الثّاني بزعامة الفقيه "موريس هوريو"، لعنصر الطّاعة أولوية على الالتزام بمبدأ المشروعية، من خلال إلزام المرؤوس بأوامر الرئيس غير المشروعة.

أما الرأي الثالث، تبنى موقفا وسطاً، تصدره القضاء الفرنسي وتبنّاه الفقه الألمانيّ بزعامة "لابند"، واعتبر الأوامر غير المشروعة ملزمة في حدود معينة لكي لا تكون طاعة الموظّف للرّئيس الإداري طاعة مطلقة، وألاّ يتحوّل إلى آلة محرومة من الابتكار، وما على المرؤوس إلاّ التأكد من صدور الأوامر من سلطة مختصة، وأن تنفيذها يدخل في نطاق اختصاصه، أي التّحقق من المشروعية الشّكلية، وفي حالة عدم المشروعية ينبه الرئيس بذلك كتابة، وان أصر هذا الأخير على تنفيذ الأوامر غير المشروعة، يتحمّل المرفق العام ما قد ينجم عن تطبيقها من مخاطر.

من جهته، المشرّع الجزائري، تعرّض للمسألة بموجب المادة 129 من القانون المدني ، وألزم المرؤوس بتنفيذ الأوامر الصّادرة إليه من رئيسه متى كان تنفيذها التزاما وظيفيّا، واذا تضمّنت تجاوزات ،فالخطأ المرتكب بمناسبة تنفيذها عدّ خطأ مرفقيّاً.

بالإضافة لسلطة التوجيه، يمارس الرئيس الإداري رقابة بعدية على مرؤوسيه من خلال الرّقابة والتعقيب.

- سلطة الرقابة والتعقيب: تتج سّد سلطة الرّقابة والتعقيب باعتبارها نوعٌ من الرقابة اللاحقة، في جملة الصلاحيات المخوّلة للرّئيس وهي:

- سلطة المصادقة على أعمال المرؤوس صراحة أو ضمنيا.

- سلطة التعديل: يخول القانون للرئيس تعديل أعمال المرؤوس، للحفاظ على مبدأ المشروعية، وتحقيق أكبر قدر ممكن من المصلحة العامة (مبدأ الملاءمة).

- سلطة الإلغاء: والتي يفهم منها قيام السلطة الإدارية المختصة بإلغاء القرارات الإدارية بأثر فوري (تسري أثارها على المستقبل دون الماضي)، غير المشروعة عل غرار المشروعة، لاعتبارات الملاءمة وظروف ومعطيات العمل الإداري.

- سلطة السحب: والتّي تقوم على إعدام الآثار القانونية للقرارات الإدارية بأثر رجعي ،بالنسبة للماضي والمستقبل، ونظرا لخطورتها تقتصر فقط على القرارات الإدارية غير المشروعة دون المشروعة، على أن تمارس في مدة قانونية محدّدة.

- سلطة الحلول: يقضي المبدأ العام تولي كل إداريٍّ للمهام المنوطة به تطبيقا لمبدأ توزيع الاختصاص، رغم ذلك يمكن للرّئيس الحلول محلّ مرؤوسيه لما له من سلطة عليهم، في حالة تقاعسهم عن ممارسة اختصاصاتهم، على شرط تنبيههم بضرورة القيام بذلك.

ثالثا: صور المركزية الإدارية

يتميز نظام المركزية الإدارية بتركيز كل مظاهر السلطة الإدارية في يد السلطة المركزية، التّي تنفرد بسلطة إصدار القرارات الإدارية (أ)، وان كان لها منح بعض الصلاحيات لموظفيها عبر مختلف مناطق البلاد، في إطار عدم التّركيز الإداري (ب).

أ) التركيز الإداري: أو ما يسمى بالمركزية المتطرّفة، الوزارية ،المركزية المكثّفة، أو المركزية الوحشيّة ،المركزية المطلقة، أو المركزية الكاملة ،وهو الصور البدائية للمركزية الإدارية، يقوم على حصر وتركيز سلطة ا تخاذ القرارات في كل الشؤون الإدارية في يدّ الوزراء وحدهم بالعاصمة، ويجرد ممثلي الأقاليم والهيآت من سلطة اتخاذ أيّ قرار.

ب) عدم التركيز الإداري: أو ما يطلق عليه اللاّوزارية، اللاّمركزية المعتدلة أوالمخففة، المركزية النسبيّة، ويعرَّف على أنّه: "نقل بعض الصلاحيات والاختصاصات من المركز إلى فروع الوزارات في الأقاليم المختلفة" ، ولا يمكن اعتباره من الإدارة المحليّة، يقوم على منح بعض الموظفين في الوازرة أو الإقليم صلاحية ا تّخاذ القرار النّهائي دون الحاجة للرجوع للوزير المختصّ بالعاصمة، أو حتى تعهَد الصّلاحية لِلجان يتم استحداثها لهذا الغرض، بسبب استحالة تحكُم الوزير في جلّ متطلبات إقليم الدّولة، خاصة مع تطور الحياة ونمط المعيشة ،وتعقدها وما صاحبه من تزايد متطلبات الجمهور، وهذا الأسلوب من التنظيم الإداري لا يتعدى كونه مجرد تفويض اختصاص.

من أبرز وسائل تحقيق عدم التركيز الإداري نظام تفويض الاختصاص، الذي يقوم على نقل جانب من اختصاصات السّلطة الإدارية المركزية إلى أعوانها أو ممثليها عبر الوطن، شرط أن يسمح به القانون، دون أن يعني ذلك استقلالية المفوَّض إليه عن السلطة المركزية ويتم تحت رئاسة الرئيس الإداري صاحب الاختصاص الأصيل، وعليه فتفويض الاختصاص يقصد به "نقل أو تحويل صلاحية اتخاذ بعض القرارات الإدارية من صاحب الاختصاص الأصيل إلى غيره من المرؤوسين الإداريين، وغالبا ما تكون هذه الصلاحيات ذات أهمية بسيطة أو ذات طبيعة فنية".

ينقل تفويض الاختصاص جزء من اختصاصات الرئيس إلى المرؤوس باعتباره صاحب منصب، فهو قائم على اعتبار الصّفة بالتّالي، تغيير الشّخص لا ينهي التفويض وبالمقابل يُمنع صاحب الاختصاص الأصليّ من ممارسة الاختصاص المفوَض طيلة مدة التفويض.

يشترط في التّفويض أن يكون جزئيا، مؤقتاً، قابلاً للرّجوع فيه، والاّ عُدّ تخلياً من الرئيس الإداريّ عن اختصاصاته، ولا تفويض إلا بنصّ، ويبقى الرئيس المفوِّض مسؤولا عن الأعمال التّي فوّضها عملا بمبدأ التفويض في السلطة لا في المسؤولية والرئيس المفوَّض إليه لا يسأل عن تصرفاته بشأن السلطات المفوَّضة إليه إلاّ أمام رئيسه المباشر، دون أن تمتد المسؤولية إلى الأعلى منه، وفقا لمبدأ وحدة الرئاسة والأمر.

لا يجوز للمفوَّض إليه أن يفوّض غيره، فالتفويض لا يتم إلاّ مرة واحدة، ومخالفة هذه القاعدة تجعل القرار الإداري الصادر من المفوِّض الثاني معيبا بعيب عدم الاختصاص.

نظرا لخصوصيات التّفويض وامكانية تداخله مع بعض المصطلحات المتشابهة والقريبة منه، وجب التّمييز بينهما، خاصةً إذا تعلق الأمر بكلّ من تفويض الإمضاء والحلول.

فيختلف تفويض الاختصاص عن تفويض الإمضاء، باعتباره تفويضا شخصيّا، يقوم على العلاقة الشخصيةِ بين المفوّض والمفوَّض إليه داخل التّسلسل الإداري نفسه، وينِتهي بتغير أحد طرفيه (المفوّض أو المفوَّض إليه)، ولا يتضمّن نقلاً للاختصاص، ويظلّ المفوّض مسؤولا عن أيّ تصرف ممضي من قبل المفوَّض إليه، باعتباره صاحب الاختصاص الأصلي، وبالنّتيجة، يمكنه ممارسة نفس الاختصاص رغم تفويضه إلى جانب المفوَّض إليه.

بينما يتميّز التّفويض عن الحلول، الذي يُلجأ إليه في حالة غياب صاحب الاختصاص الأصيل ومنه، يأخذ القرار الصاّدر في تلك المدة مرتبة الأصيل الغائب، ولابدّ أن يقترن بنصّ  قانونيّ ، ما يجعل الأصيل الغائب غير مسؤول عن أخطاء الموظف الذي حلّ محله، كون مصدر الحلول هو القانون وليس الأصيل.

رابعا: تقييم نظام المركزية الإدارية 

تمثل المركزية الإدارية إحدى أساليب التنظيم الإداري، التي تستهدف حصر سلطة القرار النهائي في يدّ السلطات العليا، وان يعتبر ذلك نقطة إيجابية، باعتبارها لزامة لإرساء المساواة بين المواطنين (أ)، إلا أنّها -بالمقابل- لا تخلو من السلبيات، خاصة مع التطور المستمر للحاجات (ب).

أ) إيجابيات نظام المركزية الإدارية: يمكن إجمال إيجابيات نظام المركزية فيما يلي:

- تقوية نفوذ السلطة المركزية وتعزيز فرض هيمنتها على مختلف أجزاء الإقليم.

- تحقيق المساواة بين الأفراد المتعاملين مع الإدارة، فهو أقرب إلى تحقيق العدالة حيث يؤدي تطبيق أسلوب المركزية الإدارية إلى تحقيق وحدة أسلوب ونمط الوظيفة الإدارية في الدولة، وثبات واستقرار الإجراءات الإدارية ووضوحها ودقّتها ومنه، تعدّ المركزية سببا من أسباب القضاء على البيروقراطية.

- يُمَكن الدولة من القيام بالمشاريع الضّخمة التي قد تعجز عنها الوحدات المحلية.

- كما يعمل نظام المركزية على اقتصاد النفقات.

ب) عيوب نظام المركزية الإدارية: رغم ما للمركزية الإدارية من مزايا، إلا أنها كنظام تبقى عاجزة عن تلبية كلّ احتياجات الشّعب، وهو ما يظهر من خلال جملة السّلبيات التي أسفرت عنها، والتّي يمكن إيجازها فيما يلي:

- استبعاد وحرمان الشعب من المشاركة في عملية صنع القرار وتسيير شؤونه المحليّة.

- انتشار ظاهرة البيروقراطية بالمفهوم السّلبي بسبب كثرة الملفات، والتجاهل التام للحقائق والمعطيات المحليّة.

- يعرقل نظام المركزية السير العادي لكل دولة، ويزكّ ي البيروقراطية، ويقضي على الدّيمقراطية.

الفرع الثاني: اللامركزية الإدارية

تقوم اللاّمركزية الإدارية على توزيع الوظيفة الإدارية بين الشّخص المعنوي العام الأساسيّ (الدولة)، والأشخاص المعنوية العامّة الأخرى (أولا)، سواء الإقليمية أو المرفقية (ثانيا)، بناء على أسس تفرضها (ثالثا)، ما يجعل منها ضرورة، من خلال ما تحقّقه من إيجابيات، وان كانت لا تخلو من السلبيات باعتبارها تقوم على توزيع الصلاحيات وتعدّد المسؤولين (رابعاً).

أولا: تعريف اللامركزية الإدارية 

مع ثبوت عجز نظام عدم التّركيز عن تلبية حاجات الجمهور المتزايدة والمتطورة والمرتبطة بالتّطورات الاقتصادية، الاجتماعية، التّكنولوجية والثّقافية ظهرت الحاجة إلى منح الأقاليم جزءاً من الاختصاصات مع قدر من الاستقلال في اتخاذ القرارات، وهو ما شكّل نظام اللامركزية الإدارية.

وعليه، تقوم اللامركزية الإدارية على توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطات المركزية والأشخاص المعنوية الأخرى في الدولة، سواء المحلية (الولاية والبلدية)، أو المرفقية.

ثانيا: صور اللامركزية الإدارية

تأخذ اللاّمركزية الإدارية صورتي اللاّمركزية المحلية (أ) والمرفقية (ب).

أ) اللامركزية الإدارية المحلية: تقوم العلاقات بين الدّولة والجماعات المحلية على  مبادئ اللاّمركزية، استنادا لنصّ المادة 18 من الدستور الجزائري وتطبيقا لنص المادة 17 منه، فإن الجماعات المحلية للدولة تتحدّد في كلّ من البلدية والولاية.

وعليه تقوم اللاّمركزية الإدارية المحليّة على توزيع الاختصاص بين الدولة والولاية والبلدية، واعتراف المشرع لها بالشخصية المعنوية، يعني وجود وقيام حاجات أفراد هذه الجماعات المتميّزة عن حاجات مجموع أفراد الدولة، وأكثر خصوصية من الحاجات العامة، وهو الغرض الذي يسعى الشخص الإداري الإقليمي تحقيقه.

أضحى أسلوب اللاّمركزية الإدارية الإقليمية من أهم وأنجح أساليب التنظيم الإداري للوحدات الإدارية في الدّول المعاصرة، ومن أحد الأساليب التّي يتم بموجبها توزيع اختصاصات الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية والمجالس المحلية المنتخبة، تحت إشراف ورقابة السّلطة التنفيذية التابعة للحكومة المركزية.

ب) اللامركزية الإدارية المرفقية: يقصد باللاّمركزية الإدارية المرفقيّة، كل "مشروع تملكه الدولة، وتمنحه الشخصية المعنوية، وتديره بأساليب تختلف عن إداراتها التقليدية غايته إشباع حاجات عامة".

وبهذا فهي استقلال مرفق معين أو عدد محدد من المرافق بإدارة شؤونه بنفسه، بعيدا عن السلطة العامة التي يتبعها، وبذلك تتفق مع اللامركزية المحلية، من حيث تمتّع الشخص الإداري الإقليمي أو المرفقي بالاستقلال عن السلطات العامّة التي أنشأته، مع خضوعه في ذات الوقت لإشرافها ورقابتها.

يتم الاعتماد على اللاّمركزية الإدارية المرفقية بغية الابتعاد عن الروتين والتعقيدات المصاحبة للعمل في وزارات الدّولة، وما يترتب على ذلك من تأخيرٍ في الإنجاز، وبطء في الاستجابة للمستجدّات وظروف البيئة المحيطة، والعمل على تنمية أقاليم الدّولة التي تحتاج إلى التطوير وتحسين مستوى معيشة مواطنيها، فضلاً عن توفير المناخ المناسب لاستثمار الثّروات القومية.

ثالثا: أركان اللامركزية الإدارية

يقوم جوهر اللامركزية الإدارية على أساس وجود مصالح ذاتية متميّزة (أ)، تستقلّ بإدارتها مجالس منتخبة (ب)، خاضعة لوصاية السّلطة المركزية (ج).

أ) الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة: تطبيقا لفكرة توزيع الاختصاص تتولى الأجهزة المركزية مهام معينة، تقتصر على المهام الوطنية كالدفاع، الأمن، العدالة، التعليم ،تاركة المهام المحليّة تُسير من قبل الأجهزة المحلية، مع أن الفقه تصادم بصعوبة إيجاد معيار فاصل بين المهام الوطنية والمهام المحلية، واعتبر أ نّه كلما اتّصلت المهام بإقليم واحد عدّت شؤونا محليةً، كالمواصلات، السّكن، النّظافة...، ومتى كانت تختص كل المناطق والمواطنين فهي تدخل ضمن شؤون السلطة المركزية، ما نتج عنه على المستوى الفقهي بروز مصطلح الشؤون البلدية، الشؤون الإقليمية والشؤون الوطنية.

ب) تسيير المصالح المتميزة عن طريق مجالس منتخبة: الاعتراف بوجود مصالح محليّة مميّزة تختصّ بها الهيآت اللاّمركزية، لا يكف لتحقيق اللامركزية، ما لم تتمتّع هذه الهيآت بشخصية معنوية، متميّزة عن شخصية الدولة، تخوّلها سلطة اتخاذ القرار والبث النّهائي من غير تدخل السلطة المركزية.

تحَقق الاستقلال الإداريِّ الفعليِّ، مرهون على اختيار أعضاء المجالس التي تتولى إدارة الهيآت اللامركزية بأسلوب يضمن استقلالها وعدم خضوعها لإدارة السلطة المركزية وهو ما يمكن أن يتجسّد عن طريق نظام الانتخاب.

يعتبر الانتخاب من المفاهيم الضّرورية، ذات الأهمية القصوى في نظام اللامركزية المحلية، نظرا لتجاوبه مع الأفكار الديمقراطية، وما له من آثار في رفع درجة الوعي العام لدى الجمهور وزيادة شعوره بالمسؤولية إزاء المجتمع، وغالبا ما تكون القيادات المنتخبة أكثر إلماما ودراية بمشاكل ومتطلبات وشؤون وحدتهم الإقليمية.

ومنه، تقتصر المجالس المحلية المنتخبة التي تتولى مهمّة تسيير المصالح المحلية المتميّزة، في كلّ من البلدية، ممثلة بالمجلس الشعبي البلدي ورئيسه، إضافةً للولاية ممثلة –فقط- بالمجلس الشعبي الولائي دون الوالي باعتباره معيّنا، ويشكل صورة من صور عدم التركيز الإداري، بالتالي ليس هناك مانع من إضافة العنصر المعيّن من قبل السلطة المركزية إلى جانب العنصر المنتخب من طرف مواطني الوحدة المحليّة في تكوين السلطة الإدارية اللاّمركزية، شرط ألا يطغى بنسبته العددية أو صلاحياته على العنصر المنتخب.

ج) نظام الوصاية الإدارية: لا تمنح الوحدات اللاّمركزية استقلالاً مطلقاً يسمح لكل وحدة بانتهاج السياسة الإدارية التي تناسبها، باعتباره خطر يهدّد وحدة الدولة السّياسية، لهذا يفرض نظام اللامركزية الإدارية إخضاع الوحدات المحليّة المستقلة إلى نوع من الرّقابة، يعرف بالوصاية الإدارية (1)، بنوعيها (2).

1) تعريف الوصاية الإدارية: يُفهم من الوصاية، مجموع السلطات التي يقرّرها القانون لسلطة عليا على أشخاص الهيآت اللاّمركزية وأعمالهم حماية للمصلحة العامة فهي مركزا وسطا بين الخضوع والتبعية (العلاقة الرئاسية) وبين الاستقلال التّام المطلق عن الدولة.

وتعرف على أنّها: "الرقابة التي تمارسها الدولة على الوحدات الإقليمية، قصد المحافظة على وحدة الدولة، وتجنب آثار سوء تسيير الوحدات اللامركزية، مع ضمان تفسير القانون لصالح إقليم الدولة بأكمله، على ألا تتم إلا في الحالات المحددة قانونا، حماية لاستقلالية الوحدات المشمولة بالوصاية المذكورة".

تمتاز الرقابة الوصائية أنّها رقابة مشروعية، لابدّ أن يتحدد نطاقها، أهدافها، وسائلها، إجراءاتها والسلطات الإدارية المخوّلة للقيام بها، بواسطة القوانين والتّشريعات، لذلك لا يجوز التّوسع في تفسيرها، باعتبارها رقابة استثنائية ضيّقة.

تختلف الوصاية الإدارية عن المدنية، كون هذه الأخيرة تثبت لناقصي الأهلية، حمايةً لأموالهم الخاصة، خلافاً للوصاية الإدارية التي تفرض حمايةً للمصالح العامة وارساء نسق إداري موحّد في إطار النّشاط الإداري.

تختلف الوصاية الإدارية كذلك عن السّلطة الرئاسية، حيث لا تمارس ما لم يكن منصوصا عليها قانوناً، عملا بقاعدة لا وصاية إلا بنصّ ولا وصاية خارج النّص وهي رقابة بسيطة كونها تمارس على هيآت مستقلة، يحقّ لها الطعن قضائيا في قرار الجهة المركزية، خلافاً للرقابة الرئاسية التي تمارس بصفة تلقائية، كونها من أساسيات النّظام المركزي، تثبت لما للرئيس الإداري من صلاحيات إصدار الأوامر للمرؤوس ، ولا يمكن لهذا الأخير الطّعن قضائيا في قرارات الرئيس، الذي يبقى مسؤولا عن أعماله (المرؤوس) لما له من سلطة الرقابة والإشراف والتوجيه.

2) مظاهر الرقابة الوصائية التي تمارسها الإدارة المركزية على الإدارة اللامركزية: تقوم اللامركزية على تمتّع الجماعات المحلية بقدر من الاستقلال في ممارسة مهامها، مع بسط نوع من الرقابة الوصائية عليها، سواء تمت على الأشخاص أو الهيئة (2/1) على غرار الأعمال (2/2).

2/1) الرقابة الوصائية على الهيآت المحلية وأشخاصها: وتشمل الرقابة على الأشخاص الطبيعية الممثلة للهيئة والرقابة على الهيآت المنتخبة في حدّ ذاتها.

- الرقابة الوصائية على أشخاص الهيآت المحلية:

نميّز بين الأشخاص المعيّنين والأشخاص المنتخبين:

- الأشخاص المُعينة (الولاة):

تمارس السلطة المركزية رقابة على الأشخاص المعينين القائمين على التسيير على المستوى المحلي وهم الولاة بصفة حصرية، بما لها من صلاحية تعيينهم ونقلهم وتأديبهم.

- الأشخاص المنتخبة:

تقتصر صلاحيات السلطة المركزية على الأعضاء المنتخبين، والمتمثلين في كل من أعضاء المجلسين الشعبي الولائي والشعبي البلدي ورئيس هذا الأخير، على وقفهم أو إقصاءهم أو إقالتهم من المجالس المنتخبة وفقا للإجراءات المحددة قانونا، ونظرا لاستقلال أعضاء السّلطة اللاّمركزية عن السلطة المركزية فلا يخضعون لأوامر هذه الأخيرة وتوجيهاتها.

- الرقابة الوصائية على الهيآت المنتخبة:

يحق للسلطة المركزية دعوة المجالس المنتخبة للانعقاد في دورة استثنائية، ولها حلها أيضا حسب ما هو محدد قانوناً.

2/1) الرقابة الوصائية على أعمال الهيآت المحلية: وتأخذ إما شكل المصادقة، الإلغاء أو الحلول.

- المصادقة: 

القاعدة العامة أن القرارات الإدارية الصّادرة عن البلدية والولاية قابلة للنفاذ دون الرجوع لموافقة السلطة الوصية، واستثناء يشترط تصديق هذه الأخيرة على بعض القرارات.

قد تكون المصادقة صريحة عندما تتخذ السلطة المركزية قرارا تفصح فيه صراحة عن تزكيتها لقرار صادر عن الإدارة اللامركزية، أو ضمنية من خلال سكوت سلطة الإشراف دون إبداء أي رأي على القرار المعروض عليها.

تَطَلب تصديق السّلطة المركزية على قرارات السلطات اللاّمركزية في الحالات التي يحددها القانون، لا يؤثر على طبيعة هذه القرارات باعتبارها قرارات صادرة عن سلطة لامركزية، تتحمل نتائجها هذه الأخيرة لوحدها، نفاذ وسريان القرارات الصادرة من السلطات الإدارية اللامركزية في حدود اختصاصاتها أو بطلانها، يكون من تاريخ إصدارها وليس من تاريخ المصادقة عليها قبل السّلطات الوصية.

- الإلغاء: يعني الإلغاء، إبطال القرارات الإدارية الصادرة عن الجماعات المحلية، ويقتصر على القرارات الباطلة بطلانا مطلقا أو القابلة للإبطال التي تصدرها الهيآت المحلية وان كان للسلطة المركزية حق إلغائها إلا أنه لا يحقّ لها تعديلها.

فتعدّ باطلة بقوّة القانون مثلاً مداولات المجلس الشّعبي البلدي التّي تمّت خارج دورات المجلس الشعبي البلدي العادية والاستثنائية، والتي تنصب على موضوع لا يدخل في اختصاصه، أو مخالف للقانون، لاعتبار قواعد الاختصاص وثيقة الصلة بالنظام العام، فلا يجوز للمجلس أن يتداول حول أمر يختص مجال الدفاع مثلا أو العدالة أو المالية.

- الحلول: ويقصد به "قيام الجهة الوصية مقام الجهة اللامركزية بتنفيذ بعض التزاماتها القانونية التي لم تقم بها لعجز منها أو إهمال".

رابعا: تقييم اللامركزية الإدارية

لم تختلف اللامركزية الإدارية عن المركزية في اعتبارها سلاحاً ذو حدّين، لها إيجابيات (1) وعليها سلبيات (2).

1) مزايا اللامركزية الإدارية: تلعب اللامركزية الإدارية دورا إيجابيا من خلال:

- تجسيد التضامن والتعاون بين أفراد الجماعة الواحدة تحقيقا للتنمية المحلية.

- اعتبار النظام اللامركزي أكثر قوة على تحمل ومواجهة الأزمات بحكم استقلالية الشؤون المحلية، 

- تكريس فكرة الديمقراطية من خلال السماح بتسيير شؤون الشعب عن طريق ممثليه في المجالس المنتخبة.

- تقريب الإدارة من المواطن، وتبسيط الإجراءات، ومنه، التخفيف من أعباء السلطة المركزية.

2) عيوب اللامركزية الإدارية: يمكن حصرها في المساس بوحدة الدولة بسبب توزيع الوظائف والاعتراف باستقلالية بعض أجزاء الإقليم، ومنحها الشخصية المعنوية، رغم أنّها استقلالية نسبية لم تصل حدّ الانفصال، تظلّ تمارس عليها رقابة وصائية، وهناك من عاب على هذا النّظام أيضا، أ نّه يؤدي إلى تفضيل الشؤون المحلية على الوطنية، ويساهم في تبديد النفقات العامة إذ أن الاعتراف للهيآت المحلية بالاستقلال المالي يحمل الخزينة نفقات سنوية ضخمة.

المبحث الثاني: التنظيم الإداري في الجزائر

تنوع أساليب التنظيم الإداري، وتمتزج ببعضها البعض بنسب متفاوتة في التطبيق العملي في كل البلدان، فلا يوجد نظام مركزي أو لامركزي مطلق، وعليه، كل دولة تأخذ بغلبة أحد النظامين على الآخر حسب نظامها السياسي القائم.

تعتبر الجزائر من الدّول التي تبنّت القانون الإداري بمفهومه الضّيق الفني، القائم على جملة القواعد الاستثنائية غير المألوفة في القانون الخاص، والذي يهتم بالتنظيم الإداري سواء المركزي، ممثلا بمختلف الهيآت المركزية (المطلب الأوّل)، على غرار اللامركزي، المتجسد بموجب الجماعات المحلية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الهيآت المركزية في التنظيم الإداري في الجزائر

تتمثل السلطات الإدارية المركزية التي لها الصفة القانونية لاتخاذ القرارات النهائية فيما يتعلق بمسائل الوظيفة الإدارية، في كل من رئاسة الجمهورية والحكومة (الفرع الأوّل)، بالإضافة للولاة باعتبارهم سلطات إدارية لا تركيزية في حدود اختصاصاتهم الإدارية المركزية (الفرع ثاني).

الفرع الأول: رئاسة الجمهورية والحكومة

تجسّد السلطة المركزية المطلقة في الجزائر كلّ من رئاسة الجمهورية (أولا)، والحكومة (ثانيا).

أولا: رئاسة الجمهورية: 

تتمثل رئاسة الجمهورية في كلّ من رئيس الجمهورية في حدود اختصاصاته الإدارية (أ)، يساعده في ذلك أجهزة إدارية تنفيذية واستشارية فنيّة تابعة له وخاضعة لسلطته (ب).

أ) رئيس الجمهورية: يعتبر رئيسُ الجمهورية، رئيسَ السّلطة التنفيذية، والرئيس الإداري الأعلى في الدولة، يتولى المنصب بتوافر جملة من الشروط، ومراعاة جلّ الإجراءات المقررة قانوناً (1)، ويتمتع بصلاحيات واسعة يبرّرها منصبه السّامي (2).

1) شروط تولي منصب رئيس الجمهورية: ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام السّري المباشر، لمدة 8 سنوات، ليتم الفوز بالحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين المعبّر عنها.

يشترط في المترشح لرئاسة الجمهورية جملة من الشروط، حدّدتها المادة 87 من الدستور الجزائري، المعدل والمتمم ،وهي:

- التمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط، وتثبت الجنسية الجزائرية الأصلية للأب والأم،

- ألّا يكون قد تجنس بجنسية أجنبية، وأن يدين بالإسلام،

- أن يكون قد بلغ سن الأربعين كاملة يوم إيداع طلب الترشح، 

- كما يشترط أن يتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية،

- وعليه إثبات تمتع زوجه بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط،

- ويثبت إقامته بصفة دائمة بالجزائر دون سواها لمدة عشر سنوات على الأقل قبل إيداع الترشح، 

- كما يتعيّن عليه أن يثبت مشاركته في ثورة 1 نوفمبر 1954، إذا كان مولودا قبل جويلية 1942، 

- وأن يثبت تأديته الخدمة الوطنية أو المبرّر القانوني لعدم تأديتها،

- وعدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أوّل نوفمبر 1954 إذا كان مولودا بعد جويلية 1942، 

- ويقدم التّصريح العلني بممتلكاته العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه.

يودع التصريح بالترشح لرئاسة الجمهورية من قبل المترشح شخصيا لدى رئيس السلطة المستقلة، ويرفق بمجموعة من الوثائق حدّدتها المادة 249 من الأمر رقم 21-01، يتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.

2) اختصاصات رئيس الجمهورية: يجسد رئيس الجمهورية باعتباره رئيسَ الدولة، وحدةَ الأمّةِ، ويسهر في كلّ الظّروف على وحدة التراب الوطني والسيادة الوطنية، ويعمل على حماية الدستور ويسهر على احترامه، كما يجسد الدولة داخل البلاد وخارجها.

وبهذه الصّفة، يضطلع بمهام ومسؤوليات إدارية هامة، يمكن إجمالها في سلطة التعيين (2/1)، الحفاظ على أمن الدولة (2/2)، التنظيم (2/1).

2/1) سلطة ووظيفة التعيين: يختص رئيس الجمهورية بالتّعيين في بعض المناصب الحساسة، المدنية والعسكرية، من بينها ما يلي:

- رئيس المحكمة الدستورية وثلاث أعضاء آخرين منها، رئيس مجلس المحاسبة، ورئيس السلطة الوطنية للانتخابات وأعضائها، أعضاء الحكومة بناء على اقتراح من الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة، رئيس المجلس الاستشاري الأعلى، رئيس المجلس الوطني للبحوث العلمية والتكنولوجي.

- كما يعين رئيس الجمهورية اعتبارا لنص المادة 92 من الدّستور، الرّئيس الأوّل للمحكمة العليا، رئيس مجلس الدولة، الأمين العام للحكومة، محافظ بنك الجزائر، القضاة، مسؤول أجهزة الدولة، الولاة، الأعضاء المسيّرين لسلطات الضبط، بالإضافة لسفراء الجمهورية المبعوثين فوق العادة إلى الخارج. 

- يتولى رئيس الجمهورية أيضا، تعيين رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ورئيس محكمة التنازع، كما يعين قضاتها الآخرين، باقتراح من وزير العدل بعد أخذ الرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء.

2/2) سلطة المحافظة على أمن الدولة وسلامتها: والتي تتجلى في تقرير حالتي الطوارئ والحصار، الحالة الاستثنائية، وحالة الحرب.

- حالتي الحصار والطوارئ: يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة، حالة الطوارئ أو الحصار، طبقا للشروط المحددة في المادة 97 من دستور 1996 المعدل والمتمم.

- الحالة الاستثنائية: يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها.

- حالة الحرب: إذا وقع عدوان فعلي على البلاد أو يوشك أن يقع، يعلن رئيس الجمهورية الحرب مع مراعاة الإجراءات المحددة قانونا.

2/3) السلطة التنظيمية: يمارسها رئيس الجمهورية في شكل مراسيم، في المسائل غير المخصّصة للقانون، فهي سلطة واسعة غير مقيدة، إذ تمّ تحديدها بشكل سلبي.

يمكن لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشّعبي الوطني، أو خلال العطلة البرلمانية، كما يتولى إصدار قانون المالية بأمر، في حالة عدم مصادقة البرلمان عليه في أجل 75 يوما من تاريخ إيداعه.

تتعدّد صلاحيات رئيس الجمهورية، وتمتد لتشمل مجالات متنوعة، إضافة للصلاحيات السابقة إذ يتولى المصادقة على اتفاقيات الهدنة، ومعاهدات السلم والتحالف والاتحاد والمعاهدات المتعلقة بحدود الدولة، والمعاهدات المتعلقة بقانون الأشخاص، والمعاهدات التي يترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة، والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف المتعلقة بمناطق التبادل الحرّ والشراكة وبالتكامل الاقتصادي بعد أن يوافق عليها البرلمان صراحة.

يعتبر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية، ويتولى مسؤولية الدفاع الوطني، كما يقرر إرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي إلى خارج الوطن بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضاء كل غرفة من غرفتيه، بالإضافة لذلك يقرر السياسة الخارجية للأمن ويوجهها، يرأس مجلس الوزراء، ويوقع المراسيم الرئاسية، كما يتمتع بحق إصدار العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها، ويستدعي الهيئة الناخبة، وله أن يقرر إجراء انتخابات رئاسية مسبقة كما يتولى عملية إبرام المعاهدات الدولية والمصادقة عليها، ويسلم أوسمة الدولة ونياشينها وشهاداتها التشريفية ويوقع اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم ويرأس المجلس الأعلى للقضاء.

 ب) الأجهزة المساعدة لرئيس الجمهورية: يساعد رئيس الجمهورية في أداء مهامه باعتباره الرئيس الأعلى للإدارة المركزية، وحدات إدارية تابعة له (1)، إضافة للوحدات الاستشارية (2).

1) الوحدات الإدارية التابعة لرئيس الجمهورية: يساعد رئيس الجمهورية، أجهزة تتحدّد في كل من الأمانة العامة للحكومة، مدير ديوان، مستشار رئيس الدولة، أمانة عامة لرئاسة الجمهورية، مستشارون وكتابة خاصة بالإضافة إلى هياكل تتمثل في كلّ من المديرية العامة لأمن الاتصالات والمواصلات السلكية واللاسلكية، مديرية التشريفات، مديرية الأمن الرئاسي، مديرية الوقاية، مديرية الإدارة العامة، مديرية الدعم التقني والنقل والوسائل مديرية تسيير الإقامات الرسمية والتراث الفني، مديرية الإعلام، مديرية الإطارات والكفاءات الوطنية، مصلحة المواصلات السلكية واللاسلكية، مصلحة وسائل الإعلام الآلي، مصلحة التحليل والتلخيص والمسائل القانونية، مصلحة العلاقات العمومية، مصلحة الترجمة الكتابية والفورية، مصلحة التنظيم العام ومصلحة المحفوظات.

2) الهيآت الاستشارية المساعدة لرئيس الجمهورية: يساعد رئيس الجمهورية هيآت استشارية حدّدها الدستور في كل من، المجلس الإسلامي الأعلى (المادة 206 من دستور 1996، المعدل والمتمم)، المجلس الأعلى للأمن (المادة 208 من نفس الدستور)، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (المادتين 209 و210)، المجلس الوطني لحقوق الإنسان (المادتين 211 و212)، المرصد الوطني للمجتمع المدني (المادة 213)، المجلس الأعلى للشباب المادة (215)، المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات (المادة 216)، الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات (المادة 218) من نفس الدستور).

ثانيا: الحكومة:

يقود الحكومة وزير أوّل أو رئيس حكومة (1) بالإضافة للوزراء (2).

1) الوزير الأول أو رئيس الحكومة: يترأس الحكومة وزيرا أولا أو رئيس حكومة، يعينه رئيس الجمهورية، اعتبارا لنص المادة 103 من الدستور (المعدلة في سنة 2020)، التي أفصحت عن العودة لتبني نظام رئيس الحكومة أو الإبقاء على إعمال نظام الوزير الأول، فإن أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية يقود الحكومة رئيس حكومة، في حين يقودها الوزير الأول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية.

يمارس الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، اعتبارا لنص المادة 112 من الدستور، الصلاحيات التالية: 

- يوجه وينسق ويراقب عمل الحكومة، 

- يوزع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة مع احترام الأحكام الدستورية.

- يقوم بتطبيق القوانين والتنظيمات، يرأس اجتماع الحكومة، ويوقع المراسيم التنفيذية.

- يعين في الوظائف المدنية للدّولة التّي لا تندرج ضمن سلطة التعيين لرئيس الجمهورية أو تلك التي يفوضها له هذا الأخير ويسهر على حسن سير الإدارة العمومية والمرافق العمومية.

- كما يتولى رئيس الحكومة تشكيل حكومته واعداد برنامج الأغلبية البرلمانية، بينما يكتفي الوزير الأول باقتراح أعضاء الحكومة ليتمّ تعيينها من قبل رئيس الجمهورية.

2) الوزراء: الوزير باعتباره عضواً في السلطة التنفيذية تلازمه صفتان، الصفة السّياسية باعتباره عضو مجلس الوزراء، والصّفة الإدارية باعتباره عضو ورئيس إداري لمجموعة المرافق والمؤسسات والأجهزة المكوّنة للوازرة التي يشرف عليها، فيقوم بوظيفة التنظيم لوزراته وضمان حسن سيرها باطراد واستمرار، وذلك عن طريق سلطة إصدار القرارات الإدارية التنظيمية بمعنى كأصل عام لا يتمتع بالسلطة التنظيمية بمفهومها العام إنما ينفذ فقط أحكام المراسيم التنفيذية.

كما يعتبر الوزير الرئيس الإداري المركزي المختص، وصاحب الصفة القانونية في ممارسة سلطات ومظاهر السلطة الرئاسية بمختلف عناصرها على موظفي وزراته فله سلطة التعيين – إلى حدّ ما-، سلطة نقلهم، ترقيّتهم وتأديبهم، إرشادهم وتوجيههم، إجازة أعمالهم والتصديق عليها أو رفضها والغاءها أو سحبها أو تعديلها، وله حق إصدار القرارات الإدارية الفردية (قرارات وزراية)، كما يمارس الوزير الوصاية الإدارية على مختلف المؤسسات الإدارية العامة التابعة لقطاع وزراته، مثل ما يمارسه وزير التعليم العالي والبحث العلمي من رقابة على الجامعات.

الفرع الثاني: الوالي

يعتبر الوالي سلطةً من السلطات الإدارية المركزية في الولاية، وممثل للدولة ومندوب الحكومة (أولا)، يضطلع بمهام وصلاحيات مختلفة (ثانيا).

أولا: تعيين الوالي: 

يعتبر الوالي القائد الإداري للولاية، وحلقة وصل بينها وبين السلطة المركزية، وعلى هذا الأساس يجسد صورة حقيقية لعدم التركيز الإداري نظرا للسلطات والصلاحيات المسندة إليه باعتباره ممثلا للدولة في إقليم الولاية، يتم تعيينه بموجب مرسوم رئاسي من قبل رئيس الجمهورية، بناء على اقتراح وزير الداخلية.

يساعد الوالي أجهزة تنفيذية تتمثل في إدارة الولاية التي تتشكل من الكتابة العامة المفتشية العامة، الديوان، رئيس الدائرة.

ثانيا: صلاحيات الوالي: 

يمارس الوالي سلطات يمليها عليه القانون، تتباين بين ما يفرض عليه بصفته ممثلا للولاية (أ)، وبين ما يفرض عليه بصفته ممثلا للدولة (ب).

أ) سلطات الوالي بصفته ممثلا للولاية: يمكن إيجازها فيما يلي:

- السهر على حضور ونشر وتنفيذ مداولات المجلس الشعبي الولائي، واطلاع رئيسه على نشاط القطاعات غير الممركزة بالولاية ومدى تنفيذ التوصيات الصادرة عنه، كما يتولى تمثيل الولاية في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية، وأمام القضاء ويعدّ مشروع الميزانية ليتولى تنفيذه، وهو الآمر بصرفها، كما يسهر على حسن سير مؤسسات الولاية.

يدخل ضمن اختصاصات الوالي أيضا، تسليم رخصة التجزئة أو رخصة البناء، كما يمارس سلطات الضبط الإداري في الحالة العادية حفاظا على الأمن، السكينة والصحة العامة، كما في الظّروف غير العادية.

ثالثا: صلاحيات الوالي بصفته ممثلا للدولة

أسندت للوالي بعضاً من الصّلاحيات باعتباره ممثلاً  للدولة، وصورة من صور عدم التركيز الإداري، فهو ممثلَ الدولة على مستوى الولاية، ومفوض الحكومة، إذ ينشّط وينسّق نشاط المصالح غير الممركزة للدولة المكلفة بمختلق قطاعات النشاط في الولاية، مع الأخذ بعين الاعتبار الاستثناءات الواردة في المادة 111 من قانون الولاية، كما يسهر على حماية حقوق المواطنين وحرياتهم، وتنفيذ القوانين والتنظيمات واحترام رموز الدولة وشعاراتها على إقليم الولاية، والمحافظة على النظام العام والأمن والسكينة العمومية.

يسهر الوالي أيضا، على وضع تدابير الدفاع والحماية التّي لا تكتسي طابعا عسكريا، واعداد مخطّطات تنظيم الإسعافات في الولاية وتحيينها وتنفيذها، فضلاً عن حفظ أرشيف الدولة والولاية والبلديات.

المطلب الثاني: الهيآت المحلية في التنظيم الإداري الجزائري

تعتبر البلدية الهيئة الأكثر تعبيرا عن الديمقراطية، وتمثيلا للامركزية على المستوى المحلي، وهذا لتجسيد مبدأ حكم المواطنين لأنفسهم بأنفسهم في الشؤون المحلية التّي تهمهم مباشرة، لذلك في الكثير من البلدان تسمى بالحكم المحلي (الفرع الأوّل).

حسب دستور 1996 المعدل والمتمم فإن الجماعات المحلية تتمثل في كل من البلدية والولاية، وعليه تعتبر هذه الأخيرة إحدى الهيآت المحلية للتنظيم الإداري في الجزائر، وان كانت تجسد صورة اللامركزية النسبية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: البلدية

تشكّل البلدية، باعتبارها جماعةٌ إقليميّةٌ قاعديّةٌ لاّ مركزيّةٌ للدولة، الإطار المؤسساتي لممارسة الديمقراطية والمواطنة على المستوى المحلي، كون هيآتها منتخبة (أولا)، وباعتبارها تتمتّع بالشّخصية المعنوية والاستقلال المالي، وجب إخضاعها للسّلطة الوصيّة (ثانيا).

أولا: هيآت البلدية: 

يضطلع بأعباء البلدية أساساً المجلس الشعبي البلدي (ب) ورئيسه (أ).

أ) رئيس المجلس الشعبي البلدي: تجسّد البلدية، في النّظام الإداري الجزائري، صورة فريدة ووحيدة للاّمركزية المطلقة، حيث يتم انتخاب جميع أعضائها، على رأسهم رئيس المجلس الشعبي البلدي (1)، الذي يضطلع بالانشغالات المحلية من خلال ما يمارسه من مهام (2).

1) انتخاب رئيس المجلس الشعبي البلدي: يُنتخب رئيس المجلس الشعبي البلدي لعهدة انتخابية مدّتها خمس سنوات، بطريقة غير مباشرة من طرف الناخبين، باعتباره متصدر القائمة التّي تحصلت على أغلبية أصوات الناخبين، وفي حالة تساوي الأصوات، يعلن رئيسا المرشح الأصغر سنّا، يتم تنصيبه من قبل الوالي خلال 15 يوما الموالية لإعلان نتائج الانتخابات.

يساعد رئيس المجلس الشعبي البلدي نائبان بالنّسبة للبلديات ذات المجلس الشّعبي البلدي المتكون من 7 إلى 9 مقاعد، وثلاث نواب بالنسبة للمجالس المتكونة من 11 مقعدا، بينما يساعده 4 نواب بالنسبة للمجالس المتكونة من 15 مقعدا، و5 نواب بالنسبة للمجالس المتكونة من 33 مقعداً.

2) صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي: يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي اختصاصات محلية باعتباره ممثلا للبلدية (2/1)، وأخرى قومية باعتباره ممثلا للدولة (2/2).

2/1) صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا  للبلدية: يمارس رئيس المجلس الشّعبي البلدي اختصاصه الأصيل باعتباره ممثلاً للجماعة الإقليمية للدّولة، من خلال ما يُسند إليه من صلاحياتٍ حيث يمثل البلدية في جميع المراسم التشريفية والتّظاهرات الرّسمية، وكل أعمال الحياة المدنية والإدارية،  ويرأس المجلس الشّعبي البلدي بعد أن يستدعيه ويعرض عليه المسائل الخاضعة لاختصاصه، كما يُعدّ مشروع جدول أعمال الدورات ويترأسها ويسهر على تنفيذ مداولات المجلس الشّعبي البلدي ويطّلع هذا الأخير على ذلك، تطبيقاً للمادة 80 من قانون البلدية ، - وان لم تحدد المادة أجل الاطّلاع وما هو الجزاء المترتّب في حالة عدم الالتزام به، وهو ما قد يخوّل رئيس المجلس الشّعبي البلدي استغلال صلاحياته في المماطلة في التنفيذ، أو الامتناع عنه.

ينفذ رئيس المجلس الشّعبي البلدي ميزانية الدّولة، وهو الآمر بالصّرف، ويقوم بجميع التّصرفات الضّرورية للمحافظة على أملاك وممتلكات البلدية وادارتها، وهو ما يمنحه حقّ التّقاضي باسمها ولحسابها، وممارسة كل الحقوق على أملاكها العقارية والمنقولة، وإدارة مداخيلها ومتابعة تطوّر ماليّتها والأمر بصرف النّفقات، كما يتولى إبرام عقود اقتناء الأملاك والمعاملات والصفقات والإيجارات وقبول الهدايا والوصايا، والقيام بمناقصات أشغال البلدية ومراقبة حسن تنفيذها واتّخاذ كلّ القرارات الموقفة للتقادم والإسقاط، فضلا عن اتّخاذ التدابير المتعلقة بشبكة الطّرق البلدية، والسّهر على المحافظة على الأرشيف.

2/2) صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للدولة:

يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للدولة، اختصاصات استثنائية بوصفه سلطةً لعدم التّركيز الإداري، وهي اختصاصات حصرية يمارسها دون أيّة مشاركة من نواب المجلس، باستثناء الحالة المدنية والعمليات المتعلقة بالتّصديق.

فيكلف بالسّهر على تطبيق القوانين، ويقوم بجميع العقود المتعلقة بالحالة المدنية وان كان له تفويض إمضاءه بشأنها وكذا التّصديق على أي توقيع يقوم به الموظّفون.

كما يسهر على الحفاظ على النّظام والسّكينة والنّظافة العمومية، فضلا عن حسن تنفيذ التّدابير الاحتياطية والتّدخل في مجال الإسعاف، إذ يتّخذ كل الاحتيّاطات الضرورية والتّدابير الوقائية لضمان سلامة وحماية الأشخاص والممتلكات في الأماكن العمومية.

يكلف كذلك رئيس المجلس الشعبي البلدي، بتنظيم ضبطية طرقات البلدية، والسّهر على حماية التّراث الثّقافي المعماري والتّاريخي، ورموز الثّورة التّحريرية، واحترام المقاييس والتّعليمات في مجال العقار والسّكن والتّعمير، كما يسعى لاتّخاذ التّدابير الضّرورية لمكافحة الأمراض المتنقلة والمعدية والوقاية منها والسّهر على سلامة المواد الغذائية الاستهلاكية.

خوّل القانون لرئيس المجلس الشّعبي البلدي، صلاحية تسليم رخص البناء والهدم والتجزئة ، وسلطة القيام بمراقبة عملية البناء أثناء سريان الأشغال أو بعد الانتهاء منها، ومنه، اتخاذ القرارات اللازمة ويتعين عليه التأكد من أن الأشغال الجارية مرخص بها إداريا، ومتطابقة تقنيّا مع مواصفات وشروط التّرخيص، من أجل ضبط التّوسع العمراني غير القانوني، فضلا عن حماية البيئة والصّحة.

ب) المجلس الشعبي البلدي: يُنتخب المجلس الشعبي البلدي لعهدة مدتها خمس سنوات، بطريقة الاقتراع النّسبي على القائمة، يكلف بمهام (2)، يسهر عليها من خلال دوارته ولجانه (1).

1) تسيير المجلس ولجانه: يجتمع المجلس الشّعبي البلدي في دورة عادية كل شهرين، دون أن تتعدى مدّة كلّ دورة خمسة أيام، وله الاجتماع في دورات استثنائية كلما استدعى الأمر وذلك لمعالجة شؤونه عن طريق المداولات، التي تتخذ بالأغلبية البسّيطة لأعضائه الحاضرين -ما لم ينصّ القانون على خلاف ذلك- وفي حالة تساوي الأصوات يرجّح صوت الرّئيس، وذلك في جلسات علنية، ما لم يتعلق الأمر بدراسة الحالات التأديبية للمنتخبين، أو المسائل المرتبطة بالحفاظ على النّظام العام تعقد في مقرّ البلدية، أو في مكان آخر من إقليمها أو خارجه في حالة قوّة قاهرة، ويتعيّن تعليق المداولات ونشرها خلال الثمانية أيام الموالية لدخولها حيّز التّنفيذ.

يشكّل المجلس الشعبي البلدي من أعضاءه لجاناً دائمةً تُحدث بموجب مداولة مصادق عليها بأغلب أعضاءه بناءً على اقتراح من رئيسه، يُحدد عددها بثلاث لجان بالنّسبة للبلديات التّي يبلغ عدد سكانها 20000 نسمة أو أقل، وأربع لجان بالنّسبة للبلديات التي يتراوح عدد سكانها ما بين 20001 إلى 50000 نسمة، وخمس لجان بالنّسبة للبلديات التي يتراوح عدد سكانها ما بين 50001 و100000 نسمة، بينما تصل إلى ستّ لجان بالنّسبة للبلديات التّي يفوق عدد سكانها 100000 نسمة وتنتخب كل لجنة رئيسا من بين أعضائها.

2) صلاحيات المجلس الشعبي البلدي: تسند للمجلس الشّعبي البلدي عدّة مهام تتمحور أساساً حول المجالات التالية:

- التهيئة والتعمير: يختار المجلس الشّعبي البلدي العمليات التّي تنجز في إطار المخطّط البلدي للتّنمية، كما يشارك في إجراءات إعداد عمليات تهيئة الإقليم والتّنمية المستدامة وتنفيذها، ويسهر على حماية الأراضي الفلاحية والمساحات الخضراء، كما يتّخذ كافة التدابير التّي من شأنها حماية التربة والموارد المائية وتشجيع الاستثمار وترقيّته.

- التعمير والهياكل القاعدية والتجهيز: حمايةً للبيئة والصّحة العموم يّة، يتطلب إنشاء أيّ مشروع يحتمل الإضرار بهما، على إقليم البلدية موافقة المجلس الشّعبي البلدي وعليه تتولى البلدية التّأكد من احترام تخصيصات الأراضي وقواعد استعمالها والسّهر على مراقبة مطابقة عمليات البناء، والمحافظة على حماية الأملاك العقارية الثقافية، كما تسهر على الحفاظ على وعاءها العقاري، فضلا عن الأملاك العقارية التابعة للأملاك العمومية للدولة، ومنح الأولوية في تخصيصها لبرامج التجهيزات العمومية والاستثمار الاقتصادي.

- نشاطات البلدية في مجال التربية والحماية الاجتماعية والرياضية والشباب والثقافية والتسلية والسياحة: تتخذ البلدية كافة الإجراءات قصد إنجاز مؤسسات التعليم الابتدائي وضمان حمايتها وحسن سيرها، كما تساهم في إنجاز الهياكل القاعدية البلديّة الجوارية الموجّهة للنّشاطات الرّياضية والشّباب والثّقافة والتسلية.

- النظافة وحفظ الصحة وطرقات البلدية: تسهر البلدية بمساهمة المصالح الت قنية للدّولة، على احترام القوانين المتعلقة بحفظ الصّحة والنّظافة العمومية، كما تتكفل بتهيئة المساحات الخضراء ووضع العتاد الحضري وتساهم في صيانة فضاءات التّرفيه.

ثانيا: الرقابة على البلدية: 

تخضع البلدية بصفتها هيئة لامركزية لرقابة، سواءًّ على أعضاء المجلس الشعبي البلدي (أ) أو أعماله (ب)، على غراره كهيئة (ج).

أ) الرقابة على أعضاء المجلس الشعبي البلدي: تمارس عن طريق التّوقيف، الإقالة والإقصاء، والمتعارف عليه، أنّ الرّقابة التّي يخضع لها الشخص اللامركزي هي رقابة وصائية فيوقف بقرارٍ من الوالي كلّ منتخب تعرضّ لمتابعة جزائية إلى غاية صدور الحكم النّهائي، ويقصى بقوّة القانون في حالة الإدانة الجزائية النهّائية، بينما يعتبر مقيلاً كلّ عضو منتخب تغيّب لأكثر من ثلاث دورات عادية في السّنة دون عذرٍ مقبول.

ب) الرقابة على أعمال المجلس الشعبي البلدي: تتم عن طريق التّصديق (1)، الإبطال (2) والحلول (1).

1) التصديق: كأصل عامٍ، تُنفذ قرارات المجلس الشّعبي البلدي دون الحاجة إلى موافقة السلطة الوصية، بعد 21 يوما من تاريخ إيداعها بالولاية، واستثناء لا تنفذ إلا بعد تصويت ومصادقة السّلطات المركزية عليها.

فلا تنفذ إلا بعد المصادقة عليها من الوالي، المداولات المتضمّنة الميزانيات والحسابات، قبول الهبات والوصايا الأجنبية، اتفاقات التوأمة والتنازل عن الأملاك العقارية.

كما يمارس رئيس الدائرة، الوصّاية على أعمال هيآت الولاية، من خلال الموافقة على مداولات المجلس الشعبي البلدي في البلديات التيّ يقل عدد سكانها عن 10000 نسمة وذلك في مواضيع محددّة.

2) الإبطال: تبطل بقوّة القانون مداولات المجلس الشّعبي البلدي، المتخذة خرقاً للقوانين، والتّي تمس برموز الدولة وبشعاراتها وغير المحررة باللغة العربية وتلك المتخذة بحضور أيّ عضو من المجلس كان في وضعية تعارض مصالحه مع مصالح البلدية.

3) الحلول: تظهر سلطات الوالي في تسيير شؤون البلدية عندما يحلّ محلّ رئيس المجلس الشّعبي البلديّ  في اتخاذ الإجراءات والقرارات الموكلة لهذا الأخير بعد إعذاره.

ج) الرقابة على المجلس الشعبي البلد ي كهيئة: والتي تتجسّد في الحلّ، في الحالات المحددّة في المادة 46 من قانون البلدية.

الفرع الثاني: الولاية

تعّد الولاية جماعة إقليمية للدولة، تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية، تتشكل من هيئتين، المجلس الشعبي الولائي والوالي، وباعتبارها دائرة غير ممركزة للدولة، وصورة من صور اللامركزية النسبية، حيث الوالي معين، –كما تعرضنا له-، نقتصر الدراسة –فقط- على المجلس الشعبي الولائي كونه يجسد اللامركزية المحلية، من خلال التعرض لتشكيلته وسيره (أولا)، فضلا عن أنواع الرقابة التي يمكن أن تمارس عليه (ثانيا).

أولا: المجلس الشعبي الولائي: 

يتكون المجلس الشعبي الولائي من رئيسه، تساعده أجهزة مختلفة لتسييره (أ) تضطلع بالمهام الموكلة إليه (ب).

أ) تشكيلة المجلس الشعبي الولائي وتسييره: يعَّد المجلس الشعبي الولائي الهيئة التّي تجسد اللامركزية في الولاية، ومبدأ المشاركة الشعبية في تسيير شؤونه بنفسه، وعليه كان لزاما أن يتم اختيار وانتقاء أعضاءه عن طريق الانتخاب (1)، لتجسيد حسن سيره (2).

1) انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الولائي: للولاية مجلس يُنتخب عن طريق الاقتراع العام وينتخب رئيسه، من بين أعضاء القائمة الحائزة للأغلبية المطلقة للمقاعد إن وجدت، والا يمكن القائمتين الحائزتين 35% على الأقل من المقاعد تقديم مرشح، وفي حالة عدم حصول أي قائمة على هذه النسبة يمكن لجميع القوام تقديم مرشح عنها ليفوٍز الحاصل على الأغلبية المطلقة للأصوات، واذا لم يحصل عليها أي مرشح، يجرى دور ثان بين المرشحين الحائزين المرتبتين الأولى والثانية، وفي حالة تساوي الأصوات يفوز المرشح الأكبر سنا.

يختار رئيس المجلس الشعبي الولائي نوابه من بين أعضاء المجلس بمعدل نائبين بالنسبة للمجالس الشعبية الولائية المتكونة من 35 إلى 39 منتخب وثلاثة نواب بالنسبة للمجالس الشعبية الولائية المتكونة من 43 إلى 47 منتخب و6 نواب بالنسبة للمجالس الشعبية الولائية المتكونة من 51 إلى 55 منتخب، وله ديوان يعمل على نحو دائم، يتكون من موظفين يختارهم، من بين موظفي القطاعات التابعة للولاية، حسب المادة 68 من قانون الولاية.

يتغير عدد أعضاء المجالس الشعبية الولائية، ويتحدد بـ 35 عضو في للولايات التي يقل عدد سكانها عن 250000 نسمة، و39 عضو في الولايات التي يتراوح عدد سكانها ما بين 250000 و650000 نسمة، بينما يصل إلى 43 عضو في الولايات التي يتراوح عدد سكانها ما بين 650001 و950000 نسمة، و47 عضو في الولايات التي يتراوح عدد سكانها ما بين 950001 و1150000 نسمة، و51 عضو في الولايات التي يتراوح عد سكانها ما بين 1150001 و1250000 نسمة، ليصل إلى أقصى حدّ وهو 55 عضو في الولايات التي يساوي عدد سكانها 1250001 نسمة أو يفوقه.

يشكل المجلس الشعبي الولائي من بين أعضائه لجانا دائمة للمسائل التابعة لمجال اختصاصه، وله مكتب يتكون من رئيسه باعتباره رئيسا له، إلى جانب نوابه باعتبارهم أعضاءً، ورؤساء اللجان الدائمة بصفتهم نواباً.

2) سير المجلس الشعبي الولائي: يعقد المجلس الشعبي الولائي أربع دورات عادية في السنة خلال أشهر مارس، جوان ،سبتمبر وديسمبر، مدة كل دورة منها خمسة عشر يوما على الأكثر، وله أن يجتمع في دورة غير عادية بطلب من رئيسه أو ثلث أعضاءه أو بطلب من الوالي وذلك في المقرات المخصصة للمجلس الشعبي الولائي، أو في مكان آخر من إقليم الولاية في حالة القوة القاهرة.

لا تصح اجتماعات المجلس الشّعبي الولائي إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضائه الممارسين وفي حالة عدم اكتمال النصاب القانوني، فإن المداولات المتخذة بعد الاستدعاء الثّاني تكون صحيحة مهما يكن عدد الأعضاء الحاضرين.

تكون مداولات المجلس الشعبي الولائي علنية، ويمكن أن يقرر التداول في جلسة مغلقة في حالة الكوارث الطبيعية أو التكنولوجية، وفي حالة دراسة الحالات التأديبية للمنتخبين.

ب) مهام المجلس الشعبي الولائي: يتولى المجلس الشعبي الولائي مجموعة من الاختصاصات، يمكن اختصارها في المبادرة بكل الأعمال التي من طبيعتها المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتداول حول المواضيع التابعة لاختصاصاته المخولة إياه بموجب القوانين والتنظيمات، ويعدّ الآراء التي تقتضيها القوانين والتنظيمات،  ومخططا للتنمية على المدى المتوسط يبين الأهداف والبرامج والوسائل المعبأة من الدولة في إطار مشاريع الدولة والبرامج البلدية للتنمية ويعمل على تطوير أعمال التعاون والتواصل بين المتعاملين الاقتصاديين ومؤسسات التكوين والبحث العلمي والإدارات المحلية، ويضع حيّز التنفيذ كل عمل في مجال حماية وتوسيع وترقية الأراضي الفلاحية والتهيئة والتجهيز الريفي كما يشجع أعمال الوقاية من الكوارث والآفات الطبيعية ويبادر بكل الأعمال الموجهة إلى تنمية وحماية الأملاك الغابية في مجال التّشجير وحماية التّربة واصلاحها، ويساهم في تطوير كل أعمال الوقاية ومكافحة الأوبئة في مجال الصحة الحيوانية والنّباتية.

كما يعمل على تنمية الري المتوسط والصغير، ويبادر بتصنيف واعادة تصنيف الطرق والمسالك الولائية، وبالأعمال المتعلقة بترقية وتنمية هياكل استقبال الاستثمارات، وبكل عمل يرمي إلى تشجيع التنمية الريفية، كما يساهم في برامج ترقية التشغيل والصحة، وفي كل نشاط اجتماعي وانجاز برامج السكن.

ثانيا: الرقابة على المجلس الشعبي الولائي: 

وتشمل الرقابة على أعضاء المجلس، وعليه كهيئة، وعلى أعماله.

أ) الرقابة على أعضاء المجلس الشعبي الولائي: وتتمثل في الإقالة، التوقيف والإقصاء.

ب) الرقابة على المجلس الشعبي الولائي كهيئة: تتجسد الرقابة على المجلس الشعبي الولائي عن طريق حله، بالقضاء عليه وازالته قانونيا، مع بقاء الشخصية المعنوية للهيآت المحلية قائمة ويتم حله بموجب مرسوم رئاسي بناء على تقرير الوزير بالداخلية.

ونظرا لخطورة الحلّ حصره المشرع في الحالات الواردة في المادة 48 من قانون الولاية وهي حالة خرق أحكام دستورية إلغاء انتخاب جمع أعضاء المجلس حالة استقالة جماعية لأعضاء المجلس الشعبي الولائي، أو عندما يكون الإبقاء على المجلس مصدرا لاختلالات خطيرة تم إثباتها، أو من طبيعته المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم، عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من الأغلبية المطلقة، وفي حالة اندماج بلديات أو ضمها أو تجزئتها بالإضافة إلى حالة حدوث ظروف استثنائية تحول دون تنصيب المجلس الشعبي الولائي.

ج) الرقابة على أعمال المجلس: وتتمثل في الإلغاء أو المصادقة.

1) الإلغاء: حسب المادة 53 من قانون الولاية، تبطل بقوّة القانون مداولات المجلس الشعبي الولائي المتخذة خرقا للدستور وغير المطابقة للقوانين والتنظيمات والتّي تمس برموز الدّولة وشعاراتها وغير المحرّرة باللغة العربية وتلك التّي تتناول موضوعا لا يدخل ضمن اختصاصاتها والمداولات المتّخذة خارج الاجتماعات القانونية للمجلس أو خارج مقره.

2) المصادقة: الأصل العام أن تنفذ مداولات المجلس الشعبي الولائي دون الحاجة لمصادقة أيّة جهة، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مثل ما يتعلق مثلاً، بالمداولات المتضمنة الميزانيات والحسابات، التّنازل عن العقار واقتناءه وتبادله، اتفاقيات التوأمة الهبّات والوصايا الأجنبية، فلا تنفذ إلاّ بعد مصادقة الوزير المكلف بالداخلية عليها.

المرجع:

  1. د. أكلي نعيمة، محاضرات في القانون الإداري، موجهة لطلبة السنة الأولى ليسانس، جامعة أكلي محند أولحاج – البويرة – كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، الجزائر، السنة الجامعية: 2020/ 2021، ص42 إلى ص69.

google-playkhamsatmostaqltradent