مفهوم النظم الانتخابية وأنواعها

مفهوم النظم الانتخابية وأنواعها

مفهوم النظم الانتخابية وأنواعها

في إطار بيان مفهوم النظم الانتخابية نتناول في المطلب الأول لتعريف النظم الانتخابية وأهمية النظم الانتخابية وفي المطلب الثاني الى عناصر النظم الانتخابي ومعاييرها وكذا الى وظائف النظم الانتخابية ومعايير نجاحها وأنواع الأنظمة الانتخابية في المطلب الثالث والرابع على التوالي.

المطلب الأول: تعريف النظم الانتخابية وأهميتها

الفرع الأول: تعريف النظم الانتخابية

هناك الكثير من التعريفات للنظم الانتخابية تشير إلى الكثير من التفاصيل، من التفاصيل الإدارية إلى المحتوى السياسي العريض. ولإلقاء الضوء على تأثيره المباشر على حجم التمثيل، فإننا إخترنا التعريف التالي للنظام الإنتخابي:

النظام الإنتخابي هو آلية ترجمة الأصوات الانتخابية إلى مقاعد في الهيئات المنتخبة، وهو المساهم في بناء المؤسسات الديموقراطية، حيث يشمل ذلك التعريف ثلاثة عناصر أساسية:

ـ حجم الدائرة الانتخابية، ويقصد به عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية

ـ الصيغة الانتخابية، وتتعلق بكيفية تحديد الفائز بمقعد ما.

ـ ورقة الإقتراع، وتتعلق بالخيارات المتاحة للناخب من حيث إمكانية إختيار مرشحين أفرادا أو قوائم حزبية حيث يمكن تصنيف النظم الانتخابية من حيث عملية ترجمة الأصوات إلى مقاعد، إلى عدد من العائلات الرئيسية. ويصنف دليل أشكال النظم الانتخابية الصادر عن إنترناشونال إيديا هذه النظم في ثلاث عائلات رئيسية هي: نظم الأغلبية، والنظم النسبية، والنظم المختلطة، كما يحدد بعض النظم الانتخابية التي لا يمكن تصنيفها بسهولة في أي من العائلات الرئيسية الثلاث المذكورة. ويمكن التعرف إلى 12 شكلا مختلفا من النظم الانتخابية في إطار هذه العائلات الأربع.

كما يمكن تعريفها بأن النظام الانتخابي هو عبارة عن مجموعة اليات تتبع للتعبير عن ارادة الشعب، أو لترجمة الأصوات التي يتم الإدلاء بها في الانتخابات إلى عدد المقاعد التي تفوز بها الأحزاب والمرشحون المشتركون بها، ويتم تحديد الكثير من الأطر السياسية لبلد ما في دستورها، فالنظام الانتخابي يسعل تعديل العمل على وضع قوانين جديدة دون الحاجة لتعديل دستوري، فالنظام الانتخابي هو أحد المؤسسات التي يسهل التلاعب بها، سواء إيجاباً أو سلباً، من خلال ترجمة الأصوات إلى مقاعد في الهيئة التشريعية.

كما يقصد بالنظم الانتخابية “مجموعة القواعد والأساليب التي يتم على أساسها إجراء الانتخابات لحساب الأصوات لصالح المرشحين لتحديد الفائز منهم”، وتتنوع هذه النظم من دولة إلى أخرى، وعلى هذا الاساس لا يوجد نظام انتخابي معياري معتمد عالمياً، وحتى في الدول التي تنتظم في اتحاد (كالاتحاد الأوروبي)، ثمة عدة أنظمة انتخابية، وأهم ما يميز أي نظام انتخابي هو قدرته على تمثيل الشرائح والطبقات والاتجاهات السياسية القائمة والعاملة في المجتمع المعني، فكلما كان تمثيله أوسع كان هذا النظام أكثر قوة وقدرة.

وتختلف الأنظمة الانتخابية المعتمدة في العالم، باختلاف الأنظمة السياسية، ويمكن التمييز بين ثلاثة أنظمة انتخابية أساسية هي: نظام الانتخاب الأكثري (في دورة واحدة أو في دورتين)، نظام الانتخاب النسبي، والنظام المختلط بين الأكثري والنسبي، أما الدوائر الانتخابية فتكون على أساس الدائرة الفردية أو الدائرة الموسَّعة.

كما يقصد بالأنظمة الانتخابية كذلك عند بعض الفقهاء بأنها الأنماط الانتخابية، وهي تشير إلى استعمال قواعد فنية قصد الترجيح بين المترشحين في الانتخاب وعادة ما تعرف بالأساليب والطرق المستعملة لعرض المترشحين على الناخبين فرز النتائج وتحديدها النظام الانتخابي، بالمعنى الواسع، يحول الأصوات المدلى بها في انتخاب عام إلى مقاعد مخصصة للأحزاب والمرشحين، إذ أن لديه تأثير كبير على النظام الحزبي القائم فعندما نحدد نظام انتخابي معين نكون قد حددنا أحد الاختيارين سواء إعطاء أفضلية لحكومة ائتلافية أو منح حزب معين سيطرة الأكثرية.

في مفهومها الأساسي تعمل النظم الانتخابية على ترجمة الأصوات التي يتم الإدلاء في الانتخابات الى عدد المقاعد التي تفوز بها الأحزاب والمرشحين المشاركين بها، أما المتغيرات الأساسية فتتمثل في المعادلة الانتخابية المستخدمة (هل يتم استخدام إحدى نظم التعددية / الأغلبية، أو النسبية، أو المختلطة أو غيرها، وما هي المعادلة الحسابية التي تستخدم لاحتساب المقاعد المخصصة لكل فائز)، وتركيبة ورقة الاقتراع (هل يصوت الناخب لمرشح واحد أو لقائمة حزبية، وهل بإمكانه التعبير عن خيار واحد أو مجموعة من الخيارات).

بالإضافة الى حجم الدائرة الانتخابية (وهذا لا يتعلق بعدد الناخبين المقيمين ضمن حدود الدائرة الواحدة، انما بعدد الممثلين الذين يتم انتخابهم عن كل دائرة انتخابية) وعلى الرغم من عدم تركيز هذا الدليل على الجوانب الإدارية للعملية الانتخابية (كتوزيع مقرات الاقتراع، أو تسمية المرشحين، أو تسجيل الناخبين، أو الجهاز الإداري للعملية الانتخابية، ... الخ)، إلا أن هذه المسائل على درجة بالغة من الأهمية حيث يؤدي تجاهلها الى تقويض الفوائد المرجوة من أي نظام انتخابي يتم اختياره.

كما وأن تصميم النظام الانتخابي الأفضل هو الذي يعتمد على الحل الوسط بين بعض القوى السياسية الرئيسية، خاصة وأنه يؤثر في مجالات أخرى من قوانين الانتخابات، فاختيار النظام الانتخابي له تأثيره على طريقة ترسيم الدوائر الانتخابية، وكيفية تسجيل الناخبين، وكيفية تصميم أوراق الاقتراع، وكيفية فرز الأصوات، بالإضافة الى العديد من الجوانب الأخرى للعملية الانتخابية.

الفرع الثاني: أهمية النظم الانتخابية 

يعمل النظام الانتخابي في مفهومه الأساسي على ترجمة الأصوات التي يتم الإدلاء بها في الانتخابات الى عدد المقاعد التي تفوز بها الأحزاب والمرشحين المشاركين فيها، من هنا يعرف النظام الانتخابي بأنه هو مجموع القواعد والأساليب الفنية القصد منها الترجيح بين المرشحين في الانتخابات.

تعمل المؤسسات السياسية على صياغة قواعد اللعبة التي تتم بممارسة الديموقراطية بموجبها، ويمكن القول بأن النظام الانتخابي هو إحدى تلك المؤسسات السياسية التي يسهل التلاعب بها، إن إيجابيا أو سلباً، فمن خلال تربية الأصوات الى مقاعد في الهيئة التشريعية، يمكن للخيار الممارس في اختيار النظام الانتخابي أن يحدد من هم المنتخبون وأي الأحزاب يحصل على السلطة.

وبينما يتم تحديد الكثير من الأطر السياسية لبلد ما في دستورها مما يزيد في صعوبة تعديلها، غالباً ما يسهل تعديل النظام الانتخابي من خلال العمل على وضع قوانين جديدة فقط دون الحاجة لتعديل دستوري، وحتى في تلك الحالات التي يعطى فيها لكل ناخب صوت واحد، وعندما يؤدي ذلك الى حصول كافة الأحزاب على نفس العدد من الأصوات، يمكن لنظام انتخابي ما أن يفضي الى تشكيل حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية، بينما يفضي نظام آخر الى تمكين حزب واحد من الانفراد بالسلطة.

ولصوغ نظام انتخابي، وجب ضرورة تحقيق مقاصد الانتخابات الديموقراطية، ومن المستحسن البدء بوضع لائحة بالمعايير التي تلخص ما يراد تحقيقه أو تجنبه، وبصورة عامة، نوع البرلمان والحكومة المنشودين، والحال أن التوفيق بين أهداف متضاربة هو أحد الجوانب الأساسية لمفهوم المؤسسات: مثلا يمكن السعي في وقت واحد لمنح المرشحين المستقلين الفرصة لانتخابهم، وتشجيع انطلاق الأحزاب السياسية القوية، أو أنه يمكن التصور بأن من الحكمة صوغ نظام يتيح للناخبين خيارا واسعا من المرشحين والأحزاب، إلا أن ذلك قد يجعل بطاقة الاقتراع اكثر تعقيدا ويسبب مشاكل للناخبين الأقل تعلما. فحين نختار (أو نعدل) نظاما انتخابيا معينا، لابد من وضع لائحة بالأهداف الأساسية، بحسب أولويتها. ثم نقدر أي نظام انتخابي أو أي تركيبة من الأنظمة هو الذي يخدم هذه الأهداف على الوجه الأفضل.

إن صوغ النظام الانتخابي يجب أن يأخذ في الحسبان الأهداف التالية:

- ضمان قيام برلمان شرعي ذي صفة تمثيلية واسعة.

- التأكد من أن الانتخابات هي في متناول الناخب العادي وأنها صحيحة.

- تشجيع التوافق بين أحزاب متناقضة من قبل.

- تعزيز شرعية السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

- تشجيع قيام حكومة مستقرة وفعالة.

- تنمية حس المسؤولية إلى أعلى درجة لدى الحكومة والنواب المنتخبين.

- تشجيع التقارب داخل الأحزاب السياسية.

- بلورة معارضة برلمانية.

- مراعاة طاقات البلد الإدارية والمالية.

ـ تشجيع المواطنين على المشاركة المكثفة ولذلك لا بد من تسهيل الإجراءات على المواطنين وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية.

ـ تشجيع التنمية السياسية والتعددية الحزبية.

المطلب الثاني: عناصر النظم الانتخابي ومعاييرها 

الفرع الأول: عناصر النظام الانتخابي 

أولا: القواعد

هي مجموعة القوانين التي تمثل جوهر النظام الانتخابي، التي تتحدد في: قواعد الترشيح والتصويت بما فيها قواعد تقسيم الدوائر الانتخابية، وقواعد توزيع المقاعد وتحديد الفائزين.

ثانيا: الإجراءات 

هي مجموعة القوانين واللوائح التي تنظم سير العملية الانـتخابية من الناحـية الإجرائـية (إجراءات الترشيح والتصويت، تنظيم الإشراف على العملية الانتخابية من بداية إعداد الجداول الانتخابية وحتى تمام الفرز، تنظيم الدعاية الانتخابية، الطعون والشكاوى والمخالفات....الخ).

ثالثا: السياق العام 

يتمثل في مجموعة الخصائص والسمات والممارسات التي تحيط بالعملية الانتخابية وترتبط بها وتؤثر فيها، مثال ذلك المناخ السياسي الذي تجري فيه الانتخابات، الثقافة السائدة، طبيعة النظام السياسي، طبيعة العلاقات بين القوى السياسية والحزبية.

الفرع الثاني: معايير النظم الانتخابية

عند اختيار نظام انتخابي في دولة معينة يجب الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي والسياسي القائم على الصعيد الأيديولوجي، الديني، العرقي، اللغوي، نمط الديمقراطية، التركيز الجغرافي للناخبين للتقسيم الفعال للدوائر الانتخابية، بالاضافة الى عدة عوامل أخرى:

اولا: السهولة واليسر

فيجب ان يكون النظام سهل للمواطنين ويراعي مستويات التعليم في كل دوله فالدول التي بها نسبة أمية لا ينفع معها نظام مركب او معقد بخلاف الدول المرتفع فيها نسبه التعليم كذلك يراعي الاوضاع الاجتماعية.

ثانيا: الدوام

ان يكون نظام دائم ولا يتم تغيره من انتخابات الي اخري حسب هوا الحكومة او الحزب الحاكم او أطراف اخري في الانتخابات.

ثالثا: يحفز على المشاركة

اي تشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات ولذلك لا بد من تسهيل الإجراءات على المواطنين وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية اقتراعا وترشيحا كما بعمل علي تشجيع الشباب والنساء على المشاركة الفاعلة في الانتخابات.

رابعا: تشجيع التعددية

من خلال تشجيع التوافق بين أحزاب متناقضة من قبل، وتشجيع التقارب داخل الأحزاب السياسية وبلورة معارضة قوبه، وتشجيع التنمية السياسية والتعددية الحزبية، وتعد عمليه تصميم أي نظام انتخابي عواقب طويلة الأمد بالنسبة للحكم الديمقراطي، وهكذا فإن عملية اختيار النظام الانتخابي هي من أهم القرارات السياسية لأي بلد، يعتبر النظام الانتخابي الوسيلة الأساسية التي تمارس الشعوب حرية الاختيار ويعبـِّر المواطن عن رأيه من خلالها، فإن شكل النظام الانتخابي يمكن أن يؤثر على جوانب أخرى من النظام السياسي، كإنشاء أحزاب سياسية، كما له تأثير هام على مسألة مدى وثاقة ارتباط المواطنين بزعمائهم السياسيين وهل هذا الارتباط كافٍ لهم لمطالبتهم بالمساءلة والنيابية والاستجابة الحقيقية، فللأنظمة الانتخابية آثار مترتبة بالغة على الفقراء والجماعات الهامشية الأخرى، إذ تساعد على تحديد إلى أي مدى ستـسُمع أصواتهم وتـعُزز قوتهم.

وللعمل على تصميم النظام الانتخابي، الانطلاق من وضع قائمة من المعايير لتلخيص ما يراد تحقيقه، وما يراد تفاديه، والشكل الذي يراد لكل من السلطتين التشريعية والنفيذية أن تكونا عليه بشكل عام، وتغطي قائمة المعايير المدرجة أدناه كثيراً من القضايا، إلا انها ليست شاملة حيث يمكن للقارئ إضافة معايير أخرى قد لا تقل أهمية عما ورد هنا، وقد نجد أن بعض المعايير المطروحة تتقاطع مع بعضها البعض وقد تبدو متناقضة فيما بينها، وذلك يعود لكنها متناقضة في حقيقة الأمر: حيث أن المقايضة بين مجموعة ما تدخل في صلب أية عملية من هذا القبيل، من الرغبات والأهداف المتضاربة عادة.

فعلى سبيل المثال، قد يطمح البعض الى تمكين المرشحين المستقلين من الانتخاب، في الوقت الذي يصبو فيه الى الدفع باتجاه قيام أحزاب سياسية قوية، أو قد يرى البعض الآخر حكمة في تصميم نظام يفسح المجال أمام الناخبين لخيارات أوسع بين المرشحين والأحزاب، إلا أن ذلك قد يؤدي الى زيادة في تعقيد ورقة الاقتراع والتي تشكل صعوبة زائدة في التعامل معها من قبل الناخبين ذوي المستوى الثقافي المحدود، وعليه فإن الأساس في تصميم النظام الانتخابي أو تعديله يقوم على تصنيف المعايير والأهداف في قائمة أولويات، حسب أهمية كل منها، والبحث بعد ذلك عن النظام أو التركيبة التي تمكننا من تحقيق أكبر قدر من تلك المعايير والأهداف.

خامسا: تحقيق مستويات التمثيل المختلفة

يمكن للتمثيل أن يأخذ أربعة أشكال على الأقل: 

1ـ الشكل الأول: التمثيل الجغرافي 

ويعني حصول كل منطقة، سواء كانت بلدة أو مدينة، أو محافظة أو دائرة انتخابية، على ممثلين لها في الهيئة التشريعية، يتم انتخابهم من قبل تلك المنطقة ليكونوا مسؤولون في نهاية المطاف أمامها.

2ـ الشكل الثاني: التوزيع الأيديولوجي

التوزيع الأيديولوجي لمجتمع ما والذي قد يتمثل في الهيئة التشريعية، من خلال ممثلين عن الأحزاب السياسية أو مستقلين أو خليط منهما.

3ـ الشكل الثالث: انعكاس الواقع الحزبي والسياسي القائم في بلد ما داخل تركيبة هيئته التشريعية

انعكاس الواقع الحزبي والسياسي القائم في بلد ما داخل تركيبة هيئته التشريعية، حتى وإن لم تقم الأحزاب السياسية على أساس أيديولوجي، فلو اقترع نصف الناخبين لحزب ما ولو لم يؤد ذلك الى فوز ممثليين عنه، أو الى فوز أعداد ضئيلة منهم، لا يمكن اعتبار ذلك النظام الانتخابي على أنه يمثل الإرادة العام للناخبين. 

4ـ الشكل الرابع: التمثيل الوصفي أو التصويري

حيث يجب أن تقوم تركيبة الهيئة التشريعية على شاكلة التركيبة الكلية لأمة ما، كمرآة لها تعكس ذات الشكل، تشعر وتفكر وتفعل بطرق تنطبق مع ما يشعر ويفكر ويعمل به عامة الشعب، فتركيبة البرلمان التصويري تتكون من نساء ومن كافة الأعمار، كهلة وشباب، وأغنياء، رجالا وفقراء، وأن تعكس التوزيع الديني واللغوي والعرقي أو القبلي للمجتمع.

سادسا: جعل الانتخابات في متناول الجميع وذات معنى

الانتخابات أياً كانت جيدة وإيجابية، إلا انها قد تعي القليل للناخبين إذا تعذرت عليهم المشاركة أو إذا ما شعروا بأن لا قيمة لأصواتهم في التأثير في طريقة إدارة الشأن العام في بلدهم، وسهولة الاقتراع تستند الى عوامل مختلفة مثل بساطة ورقة الاقتراع ومدى وضوحها، وسهولة الوصول الى أماكن الاقتراع، ودقة جداول الناخبين وحداثتها، ومدى قناعة الناخب بسرية الاقتراع.

ترتفع مستويات المشاركة في الانتخابات عندما يتمخض عن نتائج الانتخابات، سواء على المستوى العام أو المحلي، تأثير فعلي في إدارة الحكم، فلو علم الناخب مسبقاً بأن لا حظوظ لممثله المفضل بالفوز فما الذي سيحفزه على المشاركة، وفي بعض النظم الانتخابية قد يمثل عدد الأصوات المهدورة أو هي الأصوات الصحيحة التي لا تفضي الى فوز أي مرشح، على العكس من الأصوات ًاًلضائعة هباء هامة من مجموع الأصوات على المستوى الوطني.

سابعا: توفير المحفزات لتحقيق المصالحة

بالإضافة الى كونها الوسيلة التي يتم من خلالها انتخاب مؤسسات الحكم، يمكن اعتبار النظم الانتخابية كأداة لإدارة الصراعات الدائرة في مجتمع ما، فقد تدفع بعض النظم الانتخابية، في ظروف معينة، الأحزاب السياسية الى التوجه نحو قواعد أوسع من المؤيدين خارج نطاق الإطار الأضيق لمؤيديهم الاعتياديين، وللمثال على ذلك، فقد يحفز نظام انتخابي معين حزباً سياسياً ما على العمل لكسب تأييد الناخبين البيض أو غيرهم، حتى ولو كانت قاعدته الأساسية ترتكز الى مؤيديه من الناخبين السود، ويمكن لمحفزات أخرى أو استثنائيةً وبهذه الطريقة يصبح برنامج ذلك الحزب أكثر شمولية وأقل فئوية للنظم الانتخابية أن تحد من تقوقع الأحزاب السياسية ضمن أطر قبلية، أو عرقية، أو محلية ، أو لغوية أو أيديولوجية.

وعلى الجانب الآخر من المعادلة، يمكن للنظم الانتخابية أن تحدوا بالناخبين الى الخروج من دوائر التأييد التقليدية التي اعتادوا عليها والتفكير في الاقتراع لصالح أحزاب أخرى تعتبر أنها تمثل مجموعات وفئات أخرى غير تلك التي ينتمون إليها، مما يولد مزيداً من التعايش والتوافق، وكذلك الأمر بالنسبة للنظم الانتخابية التي تعطي الناخب أكثر من صوت واحد أو تفسح له المجال لترتيب المرشحين حسب الأفضلية التي يرتأيها، فهي توفر الفرصة له لتخطي الحواجز الاجتماعية الراسخة في ذهنيته، ففي الانتخابات التي أعقبت الاتفاق المعروف باتفاق الجمعة الفضيلة في أيرلندا الشمالية في العام 1998، استفادت القوى السياسية السلمية المؤيدة للاتفاق من تحويل الأصوات الناتج عن استخدام نظام الصوت الواحد المتحول، في نفس الوقت الذي نتج عنه تمثيل نسبي واسع لكاف المشاركين، لكن التحول الحاصل في الخيار الأول للأصوات نحو أحزاب أكثر تشدداً في انتخابات العام 2003 أظهر تراجعاً لتلك النتائج الإيجابية للانتخابات السابقة.

ثامنا: تمكين الحكومات من التمتع بالاستقرار والكفاءة وتحقيق الحوكمة الدائمة  

لا يمكن القول بأن النظام الانتخابي وحده يضمن استقرار الحكومات وعملها بكفاءة، إلا أن نتائجه  للشك، في تحقيق الاستقرار في أوجه عدة، حيث تختلف الانطباعات حول عدالة النتائج الانتخابية كثيرا من بلد الى آخر، ففي بريطانيا مثلا نتيجة الانتخابات في عمليتين انتخابيتين (سنة 1951 وسنة 1984) عندما حصل الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات على المستوى الوطني على عدد أقل من مقاعد البرلمان من أنداده من الأحزاب، إلا أن ذلك اعتبر أنه كبوة لنظام انتخابي جيد، وليس عيباً في عدالته يستدعي التغيير، وعلى العكس من ذلك، فلقد اعتبرت نتائج الانتخابات في نيوزيلندا في انتخابات العامين 1978 1981 ، حيث حافظ الحزب الوطني الحاكم على مكانته في سدة الحكم على الرغم من حصوله على عدد أقل من أصوات الناخبين التي حصل عليها حزب العمال المعارض، الأمر الذي أدى في النهاية الى تغييره.

وعلى الرغم من ذلك، فان النظم النسبية قد تفضي كذلك الى أغلبية الحزب الواحد، بينما يمكن أن ينتج عن نظم التعددية / الأغلبية عدم حصول أي حزب على تلك الأغلبية، وذلك يعتمد الى حد كبير على تركيبة النظام الحزبي وطبيعة المجتمع ككل، لذلك يجب أن يعمل النظام الانتخابي بشكل حيادي وبعيداً عن التفضيل أو الانحياز لأي حزب أو جماعة أو فرد، الى أبعد حد ممكن، حيث لا يجب أن يقع النظام في فخ التمييز ضد أية مجموعة سياسية، ويمكن اعتبار انتخابات العام 1998 في ليسوتو كمثال حي على ذلك، حيث فاز حزب المؤتمر الديموقراطي بكافة مقاعد البرلمان، على الرغم من حصوله على 6 % من أصوات الناخبين فقط، من خلال نظام الفائز الأول، ولقد برهنت الاحتجاجات الشعبية التي أعقبت الانتخابات، والتي انتهت الى تدخل عسكري من عن عدم عدالتها.

تاسعا: اخضاع الحكومات للمسائلة

تعتبر المسائلة إحدى الدعائم الأساسية للحكومة التمثيلية، ما من شأنه أن يؤدي الى زعزعة الاستقرار على المدى الطويل، ويقوم النظام السياسي المسؤول على قاعدة مسؤولية الحكومة أمام الناخبين بأكبر قد ممكن،  إذ يجب أن يتمكن الناخبون من التأثير في شكل الحكومة ومضمونها، وذلك إما من خلال تغيير الائتلافات الحزبية الحاكمة أو من خلال حجب تاييدهم عن الحزب الحاكم عندما يفشل في إدارة الحكم بشكل سليم، ويمكن للنظم الانتخابية المصممة بشكل ملائم أن تسهم في تحقيق ذلك.

عادة ما يسود اعتقاد مبسط حول هذه المسألة، مفاده أن نظم التعددية / الأغلبية، مثل نظام الفائز الأول، تؤدي الى استيلاء الحزب الواحد على السلطة، بينما ترتبط النظم النسبية بالائتلافات متعددة الأحزاب، مما يثير بعض الشكوك حول فرضية أن كل نوع من النظم الانتخابية تنتج شكلا محددا من أشكال الحكم بالضرورة، وذلك لكل من النظامين الرئاسي والبرلماني.

عاشرا: إخضاع الممثلين المنتخبين للمساءلة 

وهي  قدرة الناخبين على مراقبة أولئك الممثلين الذين لا يفون بالوعود التي قدموها أثناء الحملة الانتخابية بعد انتخابهم أو يظهرون عجزهم وعدم كفاءتهم  لتبوء المناصب وإقصائهم بشكل فعلي، ومن المتعارف عليه أن النظم التعددية / الأغلبية على أنها تزيد من قدرة الناخبين على إقصاء الممثلين الأفراد الذين لا يحققون لهم الرضى وهذا العرف ما زال صحيحاً الى حد ما، إلا أن صحته تتزعزع في الحالات التي يتمحور فيها دعم الناخبين حول الأحزاب السياسية وليس حول المرشحين الأفراد، كما هي الحال في بريطانيا، وفي نفس الوقت، تصمم نظم القائمة الحرة أو المفتوحة ونظام الصوت الواحد المتحول بشكل يسمح للناخبين ممارسة اختيارهم بين مختلف المرشحين، وذلك على الرغم من كونها نظماً نسبية.

احدى عشر: أخذ المعايير الدولية بالحسبان 

في أيامنا هذه يتم تصميم النظم الانتخابية ضمن إطار العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية الأخرى المتعلقة بالقضايا السياسية، وفي الوقت الذي لا يمكن فيه القول بأن هناك قائمة موحدة لمعايير الانتخابات المتفق عليها دولياً، إلا أن هناك توافقاً على أن تلك المعايير تشتمل على مبادئ الانتخابات الحرة، و النزيهة والدورية والتي تضمن حق الاقتراع العام دون استثناءات، بالإضافة الى ضمانها لسرية الاقتراع وممارساته بعيداً عن الإكراه أو القسر، والتزام مبدأ الصوت الواحد لكل فرد، بمعنى أن تتساوى قوة الصوت المخول لكل ناخب مع باقي الناخبين وليس بمفهومه كنظام انتخابي محدد، وبينما لا توجد أية اشتراطات قانونية لتفضيل نوع ما من النظم الانتخابية على غيرها.

حيث هناك اعتراف متزايد بأهمية القضايا المتأثرة بالنظم الانتخابية، مثل قضايا التمثيل العادل لكافة المواطنين، وحقوق المرأة في المساواة مع الرجل، وصيانة حقوق الأقليات، وضرورة الأخذ بمتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، .... ، لذلك يجب التأكيد على ضرورة الالتزام بها من خلال العديد من المعاهدات والقوانيين الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، والمعاهدة الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية للعام 1966، والعديد من الوثائق والاتفاقيات المتعلقة بالانتخابات الديموقراطية الصادرة من قبل المنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي، والمنظمة الأوروبية للأمن والتعاون.

المطلب الثالث: وظائف النظم الانتخابية ومعايير نجاحها 

الفرع الأول: وظائف النظم الانتخابية

يـصُمم النظام الانتخابي لأداء ثلاث وظائف رئيسية:

أولا: والأكثر جوهرية إنه يترجم أصوات الناخبين إلى الفوز بمقاعد في الهيئة التشريعية أو المنصب أو المناصب التي يشغلها شخص واحد.

ثانيا: يعمل كقناة وصل يستطيع الشعب من خلالها محاسبة ممثليه المنتخبين.

ثالثا: يحدد الحوافز التي تدفع المتنافسين على السلطة إلى إيجاد طريقة واضحة ومميزة للتعبير عن نداءاتهم إلى دوائرهم الانتخابية، فعلى سبيل المثال في المجتمعات المنقسمة، حيث تشكـِّل اللغة أو الدين أو العنصر أو أي شكل آخر من أشكال العرقية شقوقا سياسية جوهرية، تستطيع بعض الأنظمة الانتخابية مكافئة المرشحين والأحزاب الذين يتصرفون بأسلوب يتسم بالتعاونية والتوصل إلى حلول وسط مع الجماعات المتخاصمة، أو تستطيع معاقبة هؤلاء المرشحين وفي المقابل مكافئة أولئك الذين يوجـِّهون نداءاتهم فقط إلى الجماعات التي ينتمون إليها.

الفرع الثاني: معايير نجاح النظام الانتخابي واجراءات نجاحها 

أولا: معايير نجاح النظام الانتخابي

معايير تميز نجاح نظام انتخابي على آخر، تكمن في أن يكون هذا النظام بعد تطبيقه مفرزاً لبرلمان يعكس:

1ـ التمثيل الجغرافي للدولة بأكملها.

2ـ التمثيل السياسي لكافة الأطر السياسية الموجودة في الدولة، بالإضافة لتمثيل المستقلين.

3ـ تمثيل الأيديولوجيات المختلفة الموجودة داخل المجتمع بشكل منطقي ومناسب.

4ـ تمثيل النوع الاجتماعي والتمثيل الطبقي للمجتمع.

5ـ دستور الدولة هو من يحدد النظام الانتخابي الذي تتبناه الدولة في إجراء انتخاباتها العامة وتشكيل برلمانها.

6ـ يجب أن يعكس قانون الانتخابات العامة بآلياته وإجراءاته شكل النظام الانتخابي الذي تبناه دستور الدولة.

ثانيا: اجراءات نجاح النظام الانتخابي

وفي هذا الاطار لا بد من اتباع الاجراءات التالية:

ـ عند النظر إلى عملية تصميم نظام انتخابي بطريقة أكثر تقييدا وتحديدا، فإنها لا تشير إلى ممارسات الأنظمة البرلمانية فحسب، ولكنها تشمل أيضا الإجراءات المتعلقة بكل من النظام الرئاسي ونظام المـلَـكَـيـات الدستورية، وفيما يتعلق بانتخاب الموظفين العموميين، فإن اختيار النظام الانتخابي يعتبر بالغ الأهمية، وإذا كان النظام الانتخابي يتبع مبدأ الأغلبية، فإن المرشحين الذين يحصلون على أكثرية الأصوات، فإنه يجري الإعلان عن فوزهم في الانتخاب، وعلى النقيض من ذلك، فإنه إذا تم انتخاب الفائز في جولة ثانية بدلاً من الفائز الأول والوصيف بالجولة الأولى، أو إذا كان انتخاب الفائز يتم إجراؤه بطريقة غير مباشرة (كما يحصل في الولايات المتحدة)، فإن النتائج قد تكون مختلفة كلياً.

ـ إن النظم الانتخابية لا تقتصر على الطريقة التي يتم بها تحويل الأصوات الانتخابية إلى مقاعد نيابية في مجلس النواب فحسب، بل إنها قد تؤثر أيضاً على العناصر الأخرى المكونة  للنظام السياسي (مثل وضع نظام للأحزاب السياسية، والفصل بين الأيديولوجيات السياسية، وتمثيل مختلف المصالح الاجتماعية، والملامح الرئيسية للحملات الانتخابية، وقدرة الأنظمة السياسية على تزويد الأفراد بمؤسسات سياسية فاعلة، وشرعنه النظام السياسي.

ـ تبرز أهمية الأنظمة الانتخابية بفعل ربط المواطنين مع زعمائهم (من خلال بعض الآليات مثل التمثيل والمسؤولية والمساءلة السياسية)، وفي الحقيقة فإن النظم الانتخابية تعمل على توليد نتائج وإحداث تأثيرات هائلة في الحكم الديموقراطي على المدى البعيد، لذلك لا بد من تقديم حوافز لمساعدة المتنافسين في الانتخاب لدعوة الناخبين بطرق مختلفة، وفقا للواقع الاجتماعي - السياسي (في المجتمعات المنقسمة على نفسها بشدة بفعل عوامل اللغات والمعتقدات الدينية، والاعتبارات العرقية أو الإثنية).

ـ يمكن للنظام الانتخابي تعزيز التعاون والثناء على المواقف التصالحية من المرشحين والأحزاب السياسية، في حين يعمل على معاقبة غير المتعاونين والرافضين للمصالحة.

ـ إن النظم الانتخابية يجب أن تــُبنى على أساس القانون الدستوري والتشريعات الأخرى. وكما قلنا، فإن تصميم النظم الانتخابية "يحدد الطرق التي تـحُــول الأصوات إلى مناصب تمثيلية عامة، وبعبارة أخرى فإن مثل هذا التصميم يحدد كيفية ومدى تأثير التصويت الانتخابي على عملية التمثيل السياسي، وهذا هو السبب في أن ترتيب النظام الانتخابي يبدأ على المستوى الدستوري، ولكنه يستمر على المستوى التشريعي. 

ـ هناك صفتان تمتاز بهما المكونات الأساسية للنظام الانتخابي، فمن ناحية، فإنها تؤثر على الطريقة التي يتم بها تحويل الأصوات إلى تمثيل سياسي، كما يمكن تمييزها عن غيرها وفقا للقرارات السياسية التي تحدد كل واحد منها، ومع وضع ذلك في الأذهان، فإنه يمكن القول إن المكونات الأساسية للنظام الانتخابي التي يتعين إدراجها في التشريعات الانتخابية هي على النحو التالي:

ـ التقسيم الإقليمي للأغراض الانتخابية، والذي يشير إلى الإقليم الجغرافي المستخدم لتحويل الأصوات إلى مقاعد نيابية في مجلس الكونغرس أي النواب.

ـ النظام الانتخابي (الذي يعتمد الفوز باستخدام نظام الأغلبية النسبية سواء أكانت بسيطة أم مطلقة أم تأهيلية، أو باعتماد نظام التمثيل النسبي).  

ـ الإجراء الرياضي أو الحسابي الذي يجب تطبيقه لتحويل الأصوات إلى مقاعد نيابية.

ـ "العتبات" أو المداخل الانتخابية أو أدنى الحدود اللازمة للتأهل، والتي تمثل الحد الأدنى من نسبة الأصوات التي يجب الحصول عليها من قبل المرشحين من أجل إدراجهم في توزيعات المقاعد في مجلس النواب.

ـ الطريقة التي يتم بها إجراء عملية الانتخاب (مباشرة أم غير مباشرة)، والتي تشير إلى قدرة كل من الناخب والأحزاب السياسية على تحديد من سيتولى شغل المناصب العامة.

ـ إن اختيار أي نظام انتخابي يجب أن يتم إدراجه ضمن إطار قانوني ينظم الهياكل الاجتماعية والفوارق السياسية بطريقة ملائمة. كما أن تطبيق نظام انتخابي معين في أي دولة سيكون له تأثير نسبي في طرق أداء المتنافسين السياسيين. كما أن تقييم النظام الانتخابي في أي بلد يمكن إجراؤه على أساس النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات السابقة. وفي حالة القيام بمثل هذا التقييم، فإن من شأنه إلقاء بعض الضوء على القضايا الهامة مثل الفوائد المتحققة من الحزب السياسي الذي يتولى زمام أمور الحكم في البلاد بالمقارنة مع الأحزاب السياسية الأخرى. كما يمكن إلقاء الضوء على مكونات النظام التي قد يــُنظر إليها باعتبارها مشوهة ومسيئة للأنظمة العالمية أو لنتائج الانتخابات.

ـ أن اختيار أي نظام انتخابي هو قرار نسبي للغاية من وجهة نظر مؤسسية. كما أن مثل هذا القرار في غاية الأهمية لتحقيق الأداء بشكل مُرضٍ لأي نظام ديمقراطي، كما تستطيع النظم الانتخابية توفير المساعدة لتحقيق نتائج محددة، بالإضافة لمقدرتها على تعزيز التعاون والمصالحة في المجتمعات المنقسمة على ذاتها، ولا يمكن أن يكون هناك نظام انتخابي يمكن تطبيقه على نحو شامل لجميع الحالات.

كما لا يمكن تطبيق معيار عالمي لجميع الحالات أيضاً.

ـ إن اختيار نظام انتخابي يجب أن يتطلع إلى تحقيق أهداف واضحة المعالم ومحددة، كما يجب أن ينظر إليه باعتباره قراراً ذا صلة وثيقة. كما تعتبر الآثار الناجمة عن عملية النظم الانتخابية سياقية، وتستند إلى الخصوصيات السياسية والإقليمية، فضلا عن الحقائق الاجتماعية المختلفة، والصراعات المحددة التي تختلف من بلد إلى آخر، كما أن الآثار العامة لكل نظام انتخابي واحد تعتمد على الظروف السياقية التي تميز كل حالة عن غيرها.

ـ إن إعادة النظر في النظام الانتخابي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار فيما إذا كان هناك انقسام عميق في البلد أم لا من النواحي السياسية والجغرافية والدينية والعرقية، كما يتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار فيما إذا كان يجري هناك تمثيل للأقليات السياسية بصورة عادلة في النظام السياسي، كما أن إعادة النظر في النظام الانتخابي التي تهدف إلى تحسين النظام الانتخابي في بلد ما يتعين عليها أن تضع في اعتبارها مختلف التوصيات المستمدة من تجارب البلدان الأخرى التي اضطلعت بها لمواجهة التفاوتات وانعدام المساواة بين أفراد الشعب الواحد وأساليب حلها.

المطلب الرابع: أنواع الأنظمة الانتخابية

لقد تطورت عملية الانتخابات وتعددت أنظمتها وقوانينها تبعا لتطور مفاهيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان, واختلف النظام الانتخابي من دولة لأخرى, ويرجع ذلك الي عدة اعتبارات تتعلق بالدولة والنظام السياسي والدستوري فيها ومجموعة التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها كل دولة من الدول, وما زالت عملية التطور هذه مستمرة إلى وقتنا الحاضر، وكثيرا ما تـصُنـِّف الأنظمة الانتخابية على أساس مدى تناسبية عملها فيما يتعلق لذا يبرز  تقسيم هذه الأنظمة إلى أنظمة التمثيل القائمة على الأكثرية-الأغلبية، وشبه-النسبية، والنسبية.

يعد اختيار النظام الانتخابي واحدا من أهم القرارات الخاصة بالمؤسسات في الدول الديموقراطية ،والحقيقة أنه لا يوجد سوى أسلوبين رئيسيين للتمثيل الانتخابي هما التمثيل بالأغلبية والتمثيل النسبي أو الخلط بينهما، ولكن قبل البحث في تحديد النظام الانتخابي لا بد من تحديد أساليب انشاء الدوائر الانتخابية، ورغم ذلك فنادرا ما يتم هذا الاختيار بطريقة واعية ومتأنية، وغالبا ما يجري اختيار النظام الانتخابي بصورة عرضية، نتيجة مجموعة من الظروف الاستثنائية، أو ظهور اتجاه مؤقت، أو انعطاف تاريخي وهذا ما يؤثر على مستقبل حياة البلاد السياسية تأثيرا عميقا في كل الحالات تقريبا.

وفي العادة يكون التركيز الذي تسلـِّطه الأنظمة القائمة على الأكثرية أو الأغلبية على التمثيل عبر استخدام الدوائر الانتخابية الصغيرة ومن بينها أنظمة الانتخاب القائمة على الأكثرية والانتخاب النهائي أو الحاسم الذي ينتخب فيه مرشح واحد بأغلبية الأصوات، ونظام الكتلة القائم على التصويت الجماعي داخل الحزب، ونظام الانتخاب الخياري وهو نظام يتيح الفرصة لانتخاب المرشح المرغوب ليس على أساس التوزيع السكاني.

وفي هذا الإطار توجد عدة نماذج دولية ووطنية وفقهية وقانونية تحدد أهم أنواع وتقسيمات النظم الانتخابية في العالم، وهذا كله حسب مبادئ وأهداف وسياسة كل نظام سياسي حاكم.

الفرع الأول: نظام الانتخاب المباشر ونظام الانتخاب غير المباشر

أولا: نظام الانتخاب المباشر

1ـ تعريف نظام الانتخاب المباشر 

يقوم الناخبون باختيار ممثليهم بصورة مباشرة دون وساطة أحد، كالأحزاب أو المندوبين يقصد بنظام الانتخاب المباشر قيام الناخبين باختيار النواب أو الحكام (البرلمان- رئاسة الدولة) من بين المرشحين مباشرة ودون وساطة وفق الأصول والإجراءات التي يحددها القانون.

يعد نظام الانتخاب المباشر نتيجة منطقية للأخذ بنظرية السيادة الشعبية، إذ يتيح لغالبية الأفراد انتخاب الحكام بأنفسهم فانه يزيد من اهتمام الشعب بالأمور العامة ويشعره بمسؤوليته ويرفع مداركه، لذلك يعد نظام الانتخاب المباشر الأقرب إلى الديموقراطية.

2ـ تقدير نظام الانتخاب المباشر

الحقيقة أن نظام الانتخاب المباشر هو الأكثر انسجاما مع النظم الديموقراطية، فهو يضمن حرية الناخبين في اختيار حكامهم ونوابهم لأنه يصعب التأثير على هيئة الناخبين لكثرتهم العددية مع ذلك يجب أن لا يتوارى عن الذهن انه للحصول على الفائدة المرجوة من إتباع نظام الانتخاب المباشر أن يكون الناخبين على درجة معينة من الوعي والتربية السياسية وأن يكونوا على قدر من الثقافة التي تمكنهم من حسن اختيار ممثليهم في السلطة.

ثانيا: نظام الانتخاب غير المباشر

1ـ تعريف نظام الانتخاب غير المباشر 

فيقوم الناخبون باختيار مندوبين عنهم ويقوم هؤلاء باختيار رئيس الجمهورية، أو أعضاء البرلمان ويرى أنصار هذه الطريقة إن عملية الانتخابات تجعل الاختيار بيد فئة مميزة أكثر قدرة على الاختيار أما معارضوها فيرون إنها تحد من قدرة الناخبين على اختيار من يرغبون.

ومن الناحية العملية، يتفق معظم الخبراء على أنه لا يوجد نظام انتخابي واحد يمكن القول بأنه هو “الأفضل”، وأن اختيار النظام يجب أن يتم مع الأخذ في الاعتبار الأهداف المراد تحقيقها، حيث أن الانتخاب غير المباشر هو الانتخاب الذي يتم على درجتين أو ثلاث، يقتصر دور الناخب العادي أو كما يدعى أيضا ناخب الدرجة الأولى اختيار الناخب المندوب أو ناخب الدرجة الثانية الذي بدوره يقوم بانتخاب، بمعنى آخر: في نظام الانتخاب الغير مباشر لا يقوم الناخب باختيار ممثليه بصورة الحاكم أو النائب مباشرة ولكن بواسطة هيئة منتخبة، فاختيار الحاكم أو النائب يتم عبر درجات ووسائط.

حيث يأخذ بهذا النمط من الأنظمة الانتخابية في الانتخابات الرئاسية، الأنظمة البرلمانية ذات الغرفتين فنجد المادة 101 / 2 من دستور 1996 (ينتخب ثلثا أعضاء مجلس الأمة عن طريق الاقتراع غير المباشر والسري من طرف أعضاء المجالس الشعبية البلدية المجلس الشعبي الولائي)، وفي هذا الاطار أخذت فرنـسا بـنظام الانتخاب غير المباشر ثم انتهجت نظام الانتخاب المباشر، باستثناء انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ الذي يتم عن طريق الانتخاب غير المباشر.

2ـ تقدير نظام الانتخاب الغير مباشر 

إذا كان نظام الانتخاب المباشر هو الأقرب إلى الديموقراطية - لان الشعب يتولى اختيار الحكام بنفسه- فان نظام الانتخاب الغير مباشر يقوم الشعب ويتوقف عند حد اختيار مندوبين عنه يتولون اختيار حكامه أي ينتهي دور الشعب في الدرجة الأولى.    

يصلح نظام الانتخاب الغير مباشر في الدول المتخلفة سياسيا وثقافيا واجتماعيا أو المتواضعة في مجال التقدم الثقافي والاجتماعي، وذلك نتيجة ضعف الوعي السياسي لدى أغلبية أفراد الشعب غير أن الواقع يثبت عدم جدوى الانتخاب غير المباشر فالمجالس النيابية التي تم انتخابها على درجتين لم تكن دائما أكثر كفاءة من تلك التي تم انتخابها بالطريق المباشر أي على درجة واحدة كما أن القول بان الانتخاب غير المباشر يقلل من التأثر بالأهواء السياسية والدعاية الحزبية المغرضة فهو قول مردود عليه حيث أثبت الواقع أن قلة عدد المندوبين تؤدي إلى سهولة التأثير عليهم والضغط عليهم من جانب الحكومة والمرشحين نـظـرا لـعـيوب نظام الانتـخاب الغـير مبـاشر.

اعتـنـقـت أغـلب الدسـاتير المـعـاصـرة نـظـام الانـتخاب المـباشـر لأنـه النـظـام الأقـرب للـديمـوقـراطية أمـا الفـقـه الإسـلامـي فـيفـضل أسـلـوب الانتـخاب الغـير مبـاشر ويـعود ذلك لـما للـعلماء مـن وزن ومكـانة هـامة فـي المجتمع فهـم موضع ثقـة الناس جميعا ,فضلا عن هذا فـفي المجتمع الإسلامي تتميز الروابط بـين أفـراده بالـثبـات والاستقـرار لان المسلمين إخوة و قـد درج المسلمون على إسـنـاد مهـمة اخـتيار الحكام إلى أهل الحل والعقد في الدرجة الأولى ثم يأتي دور المواطنين للمصادقة على اختيار العلماء، أي المبايعة.

الفرع الثاني: نظام الانتخاب الشامل ونظام الدوائر

أولا: نظام الانتخاب الشامل

يطبق الانتخاب الشامل في انتخاب رئيس الجمهورية في الدول الرئاسية التي تكون البلاد كلها دائرة واحدة

ثانيا: نظام الدوائر

يستخدم نظام الدوائر في انتخابات المجالس التشريعية إذ تقسم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة أو كبيرة يتنافس في كل دائرة عدد من المرشحين، ويكون للدائرة الواحدة نائب واحد أو أكثر، اما بالنسبة للنظام الخاص بالدوائر الانتخابية وتقسيمها فيعتبر الاختيار بين الدائرة الانتخابية الفردية او الصغيرة والدائرة الموسَّعة او الكبيرة، وتقسيم الدوائر الانتخابية، من المسائل السياسية البالغة الأهمية والتي تثير خلافات حادة بين الأحزاب والقوى السياسية لما لها من تأثير مباشر في نتائج الانتخابات وفي تحديد الأقلية والأكثرية في البرلمان.

1ـ الانتخاب على أساس الدائرة الفردية

يتم تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية متساوية تسمح للناخبين باختيار مرشح واحد فرد من بين جميع المرشحين في الدائرة الواحدة، وهذا يفرض إعادة النظر بصورة دورية بتقسيم الدوائر نتيجة عوامل حركة السكان بين الدوائر، إضافة إلى مراعاة الاعتبارات السياسية والحزبية، ويتم عادة تقسيم الدوائر الفردية من خلال اعتماد التقسيمات الإدارية أو إعطاء صلاحية التقسيم إلى لجنة مؤلفة من أشخاص حياديين أو ممثلين لمختلف الأحزاب السياسية أو إلى لجنة قضائية مستقلة.

ومن حسنات الدائرة الفردية، السماح للناخبين بمعرفة المرشحين وإقامة علاقات إنسانية واجتماعية وخدماتية مباشرة بين النائب وناخبيه، بالإضافة إلى الحد من نفوذ الجماعات والأحزاب وسيطرتها. أما سيئاتها فتتمثل في تغليب الاعتبارات والمصالح الشخصية على الاعتبارات والمصالح العامة وإضعاف دور الأحزاب.

2ـ الانتخاب على أساس الدائرة الموسَّعة

فيتم من خلال تقسيم الدولة إلى عدد من الدوائر الكبيرة، وتكون كل دائرة ممثلَّة بعدد من النواب يوازي نسبة عدد سكانها، ومن إيجابيات الدائرة الموسَّعة، تشجيع الحوار والتفاعل بين مختلف الأحزاب الديمقراطي بينها، والقضاء على الإقطاعيات الانتخابية، أما أهم سلبياتها فتتمثل في إحداث هوة بين النائب وناخبيه، بحيث أن عددًا كبيرًا من الناخبين يجهلون هوية ممثلهم، نتيجة عدم وجود علاقات مباشرة في ما بينهم.

الفرع الثالث: نظام الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة

ابرزت الادبيات السياسية طرائق مختلفة لتصنيف النظم الانتخابية ، فمن التصنيفات ما يعتمد على طريقة طرح المترشحين، فردي و بقائمة، يقوم هذا النوع من أنظمة الانتخاب على أساس الشخص أو الأشخاص الذين يراد انتخابهم في كل دائرة انتخابية، وإتباع الدول لأحد النظامين لا يتوقف على مدى مزايا النظام المختار وإنما يتوقف على مدى ملائمة المناخ للتطبيق ,من حيث موقف القوى السياسية والاجتماعية منه، هناك بعض الدول تأخذ بالنظامين معا (نظام مختلط) لأنها ترى أن تطبيق أحد النظامين لا يعني الانصراف عن النظام الآخر.

أولا: نظام الانتخاب الفردي 

1ـ تعريف نظام الانتخاب الفردي

نظام الانتخاب الفردي أو النظام المناطقي هو النظام الأكثر شيوعا وإتباعا في العالم، حيث الأساس في الانتخاب الفردي هو وجود دوائر صغيرة يخصص لكل دائرة مرشح واحد او اثنان ويفوز بمقعد الدائرة النائب الذي يحصل على أعلى الأصوات من بين المرشحين, وقد ادخل تعديل على هذه الأسلوب في بعض الدول وهو اشتراط حصول المرشح على الأغلبية المطلقة من الأصوات (%50 +1) فان لم يحصل أي من المرشحين على هذه النسبة أو حصل أكثر من مرشح على هذه النسبة نكون أمام جولة ثانية من الانتخابات يخوض غمارها المرشحين الذين حصلوا على أعلى الأصوات في الجولة الأولى.

حيث تقسم الدولة إلى عدد من الدوائر الصغيرة نسبيا يتساوى مع عدد النواب في البرلمان، ويصوت الناخب لصالح مرشح واحد، ويمثل الدائرة نائب واحد في البرلمان، أو اثنين كما الحال في مصر، حيث كان يمثل كل دائرة نائب عن العمال والفلاحين ونائب عن الفئات، وفي هذا النظام فان المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات يفوز بالمقعد، بينما يتم استبعاد كل الأسماء الأخرى المرشحة على نفس المقعد، وعلى هذا الأساس فإن نظام الانتخاب الفردي هو النظام الذي يتم فيه تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية صغيرة نسبيا ومتساوية على قدر الإمكان بحيث يكون لكل دائرة انتخابية نائب واحد ينتخبه سكانها، فلا يصوت الناخب إلا لمرشح   واحد مهما كان عدد المرشحين.

فمثلا دائرة انتخابية رقم (1)، خصص لها مقعد نيابي واحد، تنافس عليها (3) ثلاث مرشحين وكان مجموع عدد الأصوات الصحيحة قد بلغت (20000) صوتا. وبعد إجراء العد والفر، تبين ما يأتي: 

- المرشح (أ) قد حصل على (8000) صوت.

-المرشح (ب) قد حصل على (7000) صوت.

- المرشح (ج) قد حصل على (5000) صوت. 

ومن خلال ما تقدم يعلن فوز المرشح (أ) بالمقعد النيابي الوحيد، لأنه حصل على أكثرية الأصوات الصحيحة التي أدلى بها الناخبين والبالغة (8000) صوت على الرغم من إن مجموع عدد أصوات المرشحين (ب) و  (ج) البالغة (12000) صوتا هي أكثر عددا مما حصل عليها المرشح (أ) الفائز بالمقعد النيابي الوحيد.

أما إذا كان الانتخاب الفردي لا يتم إلا وفق النظام الأغلبية فانه يجرى إما على دور واحد و إما على دورين يكتفي في النظام الأول بالأغلبية البسيطة أو النسبية بينما يتطلب في النظام الثاني بالأغلبية المطلقة، وفي هذا الصدد يمكن أن نأخذ النموذج البريطاني كمثال لنظام الانتخاب الفردي على دور واحد و بالنسبة للانتخاب الفردي على دورين فسنتناول النموذج الفرنسي.

2 ـ نماذج نظام الانتخاب الفردي

أ ـ النموذج البريطاني كنموذج لنظام الانتخاب الفردي على دور واحد

كما سبق الذكر أن الانتخاب الفردي على دور واحد يتم على أساس الأغلبية النسبية أو البسيطة فتعرف النتيجة الانتخابية من الدور الأول لان مرشحا واحدا سيتحصل على نسبة من الأصوات تفوق ما يحصل عليه كل مرشح من المرشحين الباقين، أي بأكثرية الأصوات ويقوم النظام الانتخابي البريطاني على ثلاثة نقاط:

ـ أن الاقتراع في إنجلترا يجري في دوائر صغيرة ويخصص لكل دائرة انتخابية منها مقعد نيابي كان قدر هذا العدد أي ˝ واحد.

ـ المرشح يفوز في المعركة الانتخابية بحصوله على أغلبية الأصوات أيا دون اشتراط حصول المرشح على أغلبية من الأصوات تفوق ما حصل عليه بقية المرشحين مجتمعين في الدائرة.

ـ يفوز المرشح بالتزكية في الحالة التي لا يتقدم فيها مرشحون آخرون في ذات الدائرة الانتخابية ودون حاجة لإجراء انتخابات فيها.

حيث أدى نظام الانتخاب الفردي في بريطانيا إلى نظام الحزبين السياسيين (ثنائية حزبية) يتزاحم كل منهما للوصول إلى السلطة. وبجوارهما تتعايش أحزاب صغيرة تشارك في العمل السياسي دون أن يتسنى لها الوصول إلى الحكم لان اللعبة السياسية في يد الحزبين الكبيرين. 

فالانتخابات في حد ذاتها لها دور نسبي في تشكيل التنظيمات السياسية على المستوى الداخلي ذلك لان رئيس الدولة لا ينتخب لكونه عاهـل يؤول إليه الحكم بالوراثة، أما بالنسبة للمجالس النيابية نجد هناك مجلس اللوردات المتكون من أعضاء توارثوا العضوية و أعضاء معينين لمدى الحياة، وينحصر دور هيئة الناخبين  – باستثناء المحليات – في اختيار أعضاء  مجلس العموم.

ب - النموذج الفرنسي كنموذج لنظام الانتخاب الفردي على دورين 

يؤدي الانتخاب الفردي على دور واحد إلى نظام الحزبين السياسيين أما نظام الانتخاب الفردي على دورين فانه يؤدي إلى نظام التعددية الحزبية، وما تجدر الإشارة إليه الخلاف بين الأحزاب السياسية حول اختيار الأسلوب الأمثل للانتخاب أثناء وضع دستور الجمهورية الخامسة، فكان هناك اتجاهان: 

ـ الاتجاه الأول، الذي كان يدعو إلى العدول عن نظام الانتخاب الفردي على دورين وإتباع نظام الانتخاب على دور واحد أو نظام التمثيل النسبي.

ـ الاتجاه الثاني، الذي يمثله الجنرال "ديغول" وبعض القادة السياسيين أصروا على الاحتفاظ بنظام الانتخاب على دورين وفي الأخير حسم الخلاف لصالح الجنرال "ديغول" وتم تنظيم النظام الانتخابي الفرنسي بأسلوب الانتخاب الفردي كما يلي: 

ـ الدور الأول، الذي يشترط أن يحصل المرشح لانتخابات الجمعية الوطنية وبعض أعضاء مجلس الشيوخ على نسبة الأغلبية المطـلقة فضلاﹶ عن حصوله على نسـبة لا تـقل عن 25 % من أصوات الناخبين في الدائرة (المادة 126 من قانون الانتخابات الفرنسي لعام 1966).

ـ الدور الثاني، الذي يشترط لكي يفوز المتر شح الذي حصل في الدور الأول على الأغلبية المطلقة يجب عليه أن يحصل في الدور الثاني على الأغلبية النسبية فقط وعندما يتساوى المترشحان في الدور الثاني، يعتبر فائز المرشح الأكبر سنا.

3 ـ تقدير نظام الانتخاب الفردي 

إن الانتخاب الفردي يسمح لناخبي الدائرة الانتخابية معرفة المترشحين واختيار الأنسب والأكفأ منهم .لهذا السبب يتميز نظام الانتخاب الفردي بالسهولة والبساطة في إجراءاته، كما يستطيع الناخب الاختيار بكل حرية دون ضغط من الأحزاب السياسية التي تقوده إلى التصويت على الأشخاص الذين تريدهم، كما يوفر نظام الانتخاب الفردي للأحزاب الصغيرة فرصة الحصول على مقاعد نيابية في بعض الدوائر لانتخابية، إضافة الى انه يركز نظام الانتخاب الفردي على القضايا المحلية ويهمل القضايا الوطنية الكبرى أثناء حملاتهم الانتخابية يعملون جاهدين على أن تكون برامجهم السياسية منصبة على الشؤون المحلية لينالوا رضا المنتخبين وبالمقابل تتقيد آفاق الناخبين وتنصرف أذهانهم عن المصالح العامة الوطنية.

أ ـ حسنات نظام الانتخاب الفردي

1ـ باعتبار إن المر شحين معروفين لدى الناخبين فان هذا النظام يتيح التعرف على قدراتهم وصفاتهم وبالتالي المفاضلة بينهم.

2ـ يخلق صلة وثيقة بين المرشح والناخبين, مما يجعله أكثر وفاءا لالتزاماته ليضمن أصوات المرشحين في الدورات القادمة.

3ـ يساعد المرشحين للوقوف على مطالب الناخبين واحتياجات دوائرهم.

4ـ يساعد في استمرار محاسبة المرشحين ومراقبة مدى إيفائهم لوعودهم.

5ـ كون هذه الانتخابات تتم في دوائر صغيرة فإنها تتميز بسهولة الإجراءات الانتخابية وسرعة الوصول إلى النتائج وتكون النفقات الانتخابية أقل مما هو عليه الحال في النظم الأخرى.  

6ـ يساعد في ظهور نظام الحزبين وتوزع الأصوات بين حزب الأغلبية والمعارضة ويحد من ظهور الأحزاب الصغيرة والحكومات الائتلافية مما يساعد في استقرار الأوضاع السياسية بتماسك كل من المعارضة والحكومة.

ب ـ مساوئ نظام الانتخاب الفردي

1ـ تكون العلاقات الشخصية والولاءات العائلية والطائفية والعرقية أساسا في عملية الانتخاب على حساب البرامج والمبادئ التي تقدمها الأحزاب والقوائم.

2ـ إن ارتباط المرشح بدائرته يجعله أسيرا لها لضمان أصواتها في الدورات اللاحقة مما يؤدي إلى ظهور قيادات محلية ذات أفق ضيق على حساب ممثلي الأمة والاهتمام بالمصالح العامة.

3ـ يسهل هذا النظام من عملية التدخل في العملية الانتخابية وخاصة من قبل أصحاب النفوذ والضغط على المرشحين والناخبين.

4ـ يحد من تبلور الظاهرة الحزبية لان الانتخاب يكون على أساس شخصي.

ثانيا: نظام الانتخاب بالقائمة 

1 ـ تعريف نظام الانتخاب بالقائمة

نظام القائمة أو التعددي يعتمد في الدوائر الكبيرة التي تمثل بعدد من المرشحين الذين يجتمعون في قائمة، إما أن تكون مفتوحة والتي يطلق عليها التصويت بالافضلية بحيث يستطيع الناخب إن يختار عدد من المرشحين يساوي العدد المخصص للدائرة وقد تكون مغلقة يجبر الناخب على اختيار القائمة بمجملها دون أن يكون له حرية المفاضلة أو تشكيل قائمة ممن يرغب من المرشحين.

ويقتضي نظام الانتخاب بالقائمة تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية كبيرة وواسعة النطاق، حيث يعطي لكل دائرة انتخابية عدد من المقاعد بقدر ما تضم من سكان كما يقوم الناخبون في كل دائرة بالتصويت لعدد معين من المترشحين، فكل ناخب يقدم قائمة بأسماء المطلوب انتخابهم من – النواب - بعدد المناصب التي تحددها القوانين الانتخابية التعدد المرشحين المطلوب، ويدعى هذا النظام أيضا بنظام الانتخاب المتعدد الأعضاء.  

دائرة انتخابية رقم (1)، خصص لها ثلاث مقاعد نيابية، تنافست عليها (3) ثلاث قوائم، وكان مجموع عدد الأصوات الصحيحة قد بلغت (20000) صوتا، وبعد إجراء العد والفرز، تبين ما يأتي:

- القائمة (أ) قد حصلت على (8000) صوت. 

- القائمة (ب) قد حصلت على (7000) صوت.               

- القائمة (ج) قد حصلت على (5000) صوت. 

ومن خلال ما تقدم يعلن فوز القائمة (أ) بالمقاعد النيابية الثلاث لأنها حصلت على أكثرية الأصوات الصحيحة التي أدلى بها الناخبين والبالغة (8000) صوت على الرغم من إن مجموع عدد أصوات القائمتين (ب) و(ج) البالغة (12000) صوتا هي أكثر عددا مما حصل عليها القائمة (أ) الفائزة بالمقاعد النيابية الثلاث.

دائرة انتخابية رقم (2)، خصص لها ثلاث مقاعد نيابية تنافست عليها (3) ثلاث قوائم، وكان مجموع عدد الأصوات الصحيحة قد بلغت (20000) صوتا، وبعد إجراء العد والفرز، تبين ما يأتي:

- القائمة (أ) قد حصل على (10001) صوت. 

- القائمة (ب) قد حصل على (6999) صوت. 

- القائمة (ج) قد حصل على (5000) صوت. 

ومن خلال ما تقدم يعلن فوز القائمة (أ) بالمقاعد النيابية الثلاث لأنها حصلت على أكثر من نصف عدد أصوات الناخبين الصحيحة + صوت واحد (50 % + 1) والبالغة (10001) صوت من أصل مجموع عدد الأصوات البالغة (20000) صوتا.

أما إذا لم يحصل أي مرشح أو قائمة على الأغلبية المطلوبة، وهي الحصول على أكثر من نصف عدد أصوات الناخبين الصحيحة + صوت واحد (50 % + 1)، فيجرى دور ثاني من الانتخابات على وفق هذا النظام بين اثنين من المرشحين وهم الذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الدور الأول، أو بين قائمتين حصلتا على أعلى عدد من أصوات الناخبين، ومن ثم تحسم نتيجة الفوز بالمقعد النيابي أو بالمقاعد النيابية وفق تطبيق آليات نظام الأغلبية البسيطة أو ذو الدور الواحد، بأن يعلن الفائز هو المرشح الذي سيحصل على أكثرية أصوات الناخبين على حساب المرشح الآخر، ونفس الأمر ينسحب على القائمة.

وعلى سبيل المثال في حالة الانتخاب الفردي:

دائرة انتخابية رقم (1)، خصص لها مقعد نيابي واحد تنافس عليها (3) ثلاث مرشحين، وكان مجموع عدد الأصوات الصحيحة قد بلغت (20000) صوتا وبعد إجراء العد والفرز تبين ما يأتي:

- المرشح (أ) قد حصل على (10000) صوت. 

- المرشح (ب) قد حصل على (7000) صوت. 

- المرشح (ج) قد حصل على (5000) صوت. 

ومن خلال ما تقدم، فان المرشح (أ) الذي حصل على (10000) صوت لا يعد فائزا بالمقعد النيابي الوحيد لأنه لم يحصل على أكثر من نصف أصوات الناخبين الصحيحة التي أدلى بها الناخبين + صوت واحد (50 % + 1)، والمفترض أن تكون (10001) صوت من أصل مجموع عدد الأصوات البالغة (20000) صوتا.  

وعلى أساس ذلك تعاد الانتخابات من خلال إجراء دور ثاني بين المرشحين (أ و ب) لأنهما حصلا على أكبر عدد من أصوات الناخبين، ومن ثم يفوز بالمقعد النيابي الوحيد كل من يحصل على أكثرية أصوات الناخبين الصحيحة في انتخابات الدور الثاني.

وعلى سبيل المثال في حالة الانتخاب بالقائمة:

دائرة انتخابية رقم (1)، خصص لها ثلاث مقاعد نيابية تنافست عليها (3) ثلاث قوائم وكان مجموع عدد الأصوات الصحيحة قد بلغت (20000) صوتا وبعد إجراء العد والفرز تبين ما يأتي:

- القائمة (أ) قد حصلت على (10000) صوت.

- القائمة (ب) قد حصلت على (7000) صوت. 

- القائمة (ج) قد حصلت على (5000) صوت. 

ومن خلال ما تقدم فان القائمة (أ) التي حصلت على (10000) صوت لاتعد فائزة بالمقاعد النيابية الثلاث لأنها لم تحصل على أكثر من نصف أصوات الناخبين الصحيحة التي أدلى بها الناخبين + صوت واحد (50 % + 1)، والمفترض أن تكون (10001) صوت من أصل مجموع عدد الأصوات البالغة (20000) صوتا. 

وعلى أساس ذلك تعاد الانتخابات من خلال إجراء دور ثاني بين القائمتين (أ و ب) لأنهما حصلتا على أكبر عدد من أصوات الناخبين، ومن ثم تفوز بالمقاعد النيابية الثلاث أية قائمة تحصل على أكثرية أصوات الناخبين الصحيحة في انتخابات الدور الثاني.

2 ـ صور نظام الانتخاب بالقائمة

يطبق نظام الانتخاب بالقائمة في صور عدة، فقد يؤخذ بصورة القائمة المغلقة أو بنظام القائمة مع التفضيل أو بنظام قوائم مع المزج.

أ- القوائم المغلقة

هي قوائم لا يستطيع الناخب أن يعدل فيها شيئا سواء في ترتيب المترشحين أو الزيادة أو حذف أسمائهم، فيختار القائمة المقدمة بأكملها، وهذا النوع من القوائم يسلب حرية الناخب إذ نجده مقيد بالترتيب الذي وضعه الحزب الذي يفضله.

ب - القوائم المغلقة مع التفضيل

تعتبر هذه صورة أخرى لنظام القوائم المغلقة إلا أن الناخب يمكنه أن يختار قائمة واحدة مع إمكانية إعادة ترتيب الأسماء الواردة بها دون إضافة أو حذف.

ج - نظام القوائم مع المزج   

من خلال نظام القوائم مع المزج يمكن للناخب أن يقدم قائمة من عنده مكونة بأسماء المرشحين الذين يختارهم من مجموعة القوائم المقدمة.

رغم أن هذا النظام يعطي للناخب الحرية التامة في التعبير عن إرادته إلا أن تطبيقه على ارض الواقع يتطلب إمكانيات ووسائل لا تتوفر في جميع الدول ذلك لصعوبة فرز الأصوات، و تحديد النتائج الانتخابية.

3 ـ تقدير نظام الانتخاب بالقائمة

في صورة حسنات ومساوئ وهي: 

أ ـ حسنات نظام القائمة

1ـ تكون الأهمية للبرامج الحزبية والانتخابية وليس للاعتبارات الشخصية في عملية المفاضلة بين المرشحين.

2ـ يساعد في تغليب الصالح العام على الخاص ويضعف التأثير على الناخبين والمرشحين على السواء.          

3ـ يساعد في ظهور وتبلور التعددية السياسية وقيام الديمقراطية.

4ـ يشجع على التقارب والائتلاف بين الجماعات وتكوين الكتل السياسية لتشكيل القوائم عن طريق البرامج المشتركة.

كما يتمتع نظام القائمة مقارنة بالنظام الفردي بعدد من المزايا يمكن بيانها على النحو التالي:

1ـ يكون اختيار الناخب للقائمة بناء على البرامج والسياسات التي يطرحها كل حزب، وليس على أسس شخصية كما في النظام الفردي وينبغي تقسيم الدولة إلى دوائر صغيرة يمثل كل دائرة في هذا المجلس رابح واحد (أي أن عدد الدوائر يساوي عدد المقاعد).

2ـ نظام القائمة يؤدي إلى تدعيم التعددية الحزبية ويساهم في تقوية الأحزاب، من خلال حرص قيادات هذه الأحزاب على طرح رؤى وسياسات متماسكة تمكنها من اجتذاب أصوات الناخبين لها.

3ـ يؤدى هذا النظام إلى تدعيم التماسك الحزبي بمعني ولاء النائب في البرلمان يكون للحزب، الذي ساعده على الوصول إلى هذا المقعد في البرلمان.

4ـ نظام القائمة يقوى من دور الأحزاب في النظام السياسي، حيث يصبح من الملزم للأحزاب صياغة برامج وسياسات عامة محكمة، تضمن لهم قواعد جماهيرية كبيرة، أيضا فان الأحزاب ذات التوجهات المتشابهة يمكن أن يتكتلوا لضمان أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، ويختلف تطبيق التمثيل النسبي باختلاف النظام الانتخابي المطبق في الدول التي تتبع التمثيل النسبي.

5ـ على عكس الانتخاب الفردي، الانتخاب بالقائمة يسمح للناخبين أن يصوتوا على برامج وأفكار وليس على أشخاص هذا من جهة من جهة أخرى الحملات الانتخابية تكون أكثر موضوعية إذ يوجه الاهتمام إلى الشؤون العامة، وكلما اتسعت الدوائر الانتخابية ازداد اهتمام واضعي القوائم بتوسيع برامجهم السياسية لتغطية اكبر المناطق و تلبية مصالحها.

6ـ يقلل الانتخاب بالقائمة من انتشار ظاهرة الرشوة وهيمنة الإدارة على العملية الانتخابية المتفشية في نظام الانتخاب الفردي نتيجة صغر الدائرة الانتخابية وإمكانية التأثير على ناخبيها، فكلما اتسعت الدائرة الانتخابية صعب تدخل الإدارة وقلت إمكانية الرشوة.

فهو إما أن يكون تمثيل نسبي للأحزاب السياسية فقط، أو أن يكون تمثيل نسبي للأحزاب والمناطق، أو تمثيل نسبي للأحزاب والمناطق والهيئات العامة كالنقابات. والتمثيل النسبي يعني أن نسبة التمثيل في البرلمان تعتمد على النسبة التي يحصل عليها الحزب أو التجمع في الانتخابات.

وأغلب أنظمة التمثيل النسبي تعتمد نظام الدائرة الواحدة وانتخاب القائمة لا الأشخاص وبالتالي تكون المفاضلة بين برامج انتخابية وخطط وسياسات وليس على أساس العلاقات الشخصية، فمثلا لنفترض ترشيح أربع قوائم لمجلس مكون من خمسين مقعد والقائمة الأولى حصلت على 40% تحصل بالتالي على 20 مقعد والثانية حصلت على 30% فتحصل على 15 مقعد والثالثة 20% فتحصل على 10 مقاعد والرابعة 10% فتحصل على خمس مقاعد). إن أهم ما يميز هذا النظام، هو أنه يتفق مع العدالة، ويحقق تمثيلاً صحيحاً للاتجاهات المختلفة في الرأي العام.

ب ـ مساوئ نظام القائمة

1ـ تحكم الأحزاب في عملية اختيار المرشحين وتشكيل القوائم على حساب الكفاءة والقدرات الشخصية. 

2ـ يحد من قدرة الناخبين وحريتهم في اختيار من يرغبون من المرشحين الذين ربما يكونوا الأكفأ.

3ـ من خلال هذا النظام تستطيع العديد من الأحزاب حتى الصغيرة من التمثيل في البرلمان مما يؤدي إلى تشرذمها.

4ـ يؤدي إلى تشكيل حكومات ائتلافية ضعيفة وغير مستقرة تنهار عند وجود أبسط خلاف بينها مما يؤدي إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية في البلاد.

5ـ يضعف من عملية المحاسبة والمراقبة للمرشحين وعدم اكتراث هؤلاء بما يوجه إليهم من انتقادات لوقوف الأحزاب خلفهم.

6ـ حقيقة أن نظام الانتخاب بالقائمة له عدة مزايا لكن من المنطقي عدم المبالغة في مدح هذا النظام فهناك عيوب لا يمكن تجاوزها فمثلا القول بان طريقة القائمة توسع الاهتمام بالمسائل العامة وتخفف اثر الاعتبارات الشخصية قول مبالغ فيها لان الأمر يختلف من بلد لأخر ومن نظام سياسي إلى نظام آخر ,ثم أن النائب سواء في نظام الانتخاب بالقائمة أو الانتخاب الفردي يخضع لتوجيه حزبه، لذا فهو يمثل حزبه أكثر مما يمثل الذين انتخبوه.

7ـ نظام الانتخاب بالقائمة يؤدي إلى خداع الناخبين إذ تلجا الأحزاب السياسية إلى وضع اسم شخص بارز له ثقل سياسي ووضع مرموق على رأس القائمة ثم تملأ القائمة بعد ذلك بأسماء أشخاص غير معروفين.

8ـ تنتقد طريقة الانتخاب بالقائمة أيضا لتقسيمها الدولة إلى دوائر انتخابية واسعة النطاق مما يتسبب ذلك في تقليل فرص نجاح أحزاب الأقلية إذا ما تم اعتماد نظام الأغلبية.            

9ـ قد يساهم النظام الانتخابي في دعم الفساد والظاهر بقوة ان نظام القائمة النسبية يجعل الفساد يتركز في القمة خاصة في العاصمة اذ هم من يقرر قوائم المترشحين.

الفرع الرابع: نظام التمثيل بالأغلبية ونظام التمثيل النسبي

أولا: نظام التمثيل بالأغلبية 

1 ـ تعريف نظام التمثيل بالأغلبية 

حيث يقصد بنظام الاغلبية هو أن المرشح الذي يحصل على اصوات تفوق عدد الصوت كل من المرشحين الاخرين يعني الفائز بالانتخابات ونظام الاغلبية يمكن ان يطبق في حالة التصويت الفردي وكذلك في حالة التصويت على القائمة أي انتخاب عدد نواب في منطقة واحدة غالبا ما يطبق نظام الاغلبية في الدول التي تجعل الدوائر الانتخابية صغيرة وبالتالي تتبع اسلوب التصويت الفردي اما في حالة تصويت على القائمة فأنه نظام الاغلبية اقل تطبيقا وتشترط بعض القوانين الانتخابية الحصول على اغلبية معينه من الاصوات لاجل الفوز(سواء كان التصويت فرديا ام بالقائمة) وان لم يحصل أي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة فتعاد الانتخابات وهكذا نجد امامنا نوعين من الأغلبية.

ترتبط عملية ترسيم الدوائر الإنتخابية بالعادة بنظم التعددية الإنتخابية أو الأغلبية الإنتخابية. يميل كلا النظامين إلى الإعتماد وبشكل كبير، إن لم يكن بشكل كلي، على الدوائر الإنتخابية الفردية. يجب أن يتم إعادة ترسيم هذه الدوائر بشكل دوري من أجل عكس التغيرات على أعداد السكان. كما يتشابه النظامان بعنصر أساسي بسبب اعتمادهم على الدوائر الإنتخابية الفردية – لا يعتمد عدد المقاعد التي يحصل عليها حزب سياسي على نسبية الأصوات التي حصل عليها فقط، وإنما على مكان الإدلاء بتلك الأصوات أيضاً. وفي نطاق الحديث عن نظم التعددية أو الأغلبية تحظى أحزاب الأقلية السياسية، التي لا يقطن مناصريها في نفس المنطقة، على عدد مقاعد أقل مما قد تحصل نسبة أصواتهم عليه. من الممكن أن تتدارك الدوائر التعددية للنظم النسبية هذه العيوب في عملية تحويل الأصوات إلى مقاعد، حيث أن هناك علاقة طردية ما بين حجم الدوائر الإنتخابية ونسبية النتائج.

أن نظام الأغلبية هو اقدم نظام انتخابي وكان لفترة طويلة هو الوحيد المعمول به ولا يزال يحظى بتفضيل اكثر من 80 بلد في العالم – استنادا إلى دراسة للاتحاد البرلماني العالمي 1993، وتكمن ميزة هذا النظام ربما، وقبل كل شيء في بساطته، إذ يتم انتخاب المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات وقد طبق هذا النظام قبل ظهور الأحزاب السياسية حيث يتم انتخاب المرشح الأكثر شعبية، ولكنه من ناحية أخرى فغالبا ما يكون نتائجه غير عادلة فهو قد يؤدي إلى حصول حزب ما على أغلبية برلمانية كبيرة تفوق حصته من الأصوات.

كما أن نظام الأغلبية هو نوع بموجبه يفوز المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات، وسمته البارزة هي استخدام دوائر منفردة العضوية، ويعُد أقدم انواع النظم الانتخابية في العالم، ويرجع تاريخ اعتماده إلى القرن الثالث عشر في بريطانيا، وطبق في عدة دول كانت مستعمرات تابعة إلى المملكة المتحدة مثل دول الكومنولث (الولايات المتحدة الامريكية، كندا، الهند، نيجيريا، زامبيا)، ثم اتسع ليشمل نسبة كبيرة من دول العالم.

حيث في نظام الأغلبية البسيطة، فان المرشح الذي يحصل على العدد الأكبر من الأصوات يفوز بالمقعد حتى لو كانت الأصوات التي حصل عليها اقل من 25% من المقترعين في الانتخابات، ويؤدي هذا النظام إلى بروز حزبين على المستوى الوطني وعلى مستوى المقاطعات، مع أن بعض الأحزاب الجهوية (الإقليمية) يمكنها المحافظة على وجودها، كما هو الحال في بريطانيا وكندا، لقد نشأ نظام الأغلبية في بريطانيا، وتم تطبيق هذا النظام بشكل خاص في بلدان الكومنولث، ويعطي هذا النظام الحزب الفائز مقاعد اكثر من حصته النسبية من الأصوات فعلى سبيل المثال فان الحزب الذي يحصل على 45% من الأصوات يفوز بالأغلبية ويستطيع أن يشكل حكومة بمفرده، خاصة وان هذا النظام يتميز بعدة خصائص منها:

1ـ أن تكون أوراق الاقتراع قصيرة وبسيطة.

2ـ أن يصوت المقترعون لشخص معين يمثل بدوره حزب سياسي ما أو مستقل.

3ـ أن يشمل دائرة انتخابية ويجعل العلاقة أوثق بين النائب وناخبيه.

وعلى هذا الأساس يعتبر نظام الانتخاب الأكثري الأقدم والأبسط والأسهل بين مختلف الأنظمة الانتخابية، وتطبِّقه بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا ونيوزيلندا وكندا وغيرها من الدول التابعة للكومنولث أو التي كانت تحت الاحتلال البريطاني، وكانت فرنسا قد طبقَّته منذ زمن بعيد (في دورتين) قبل اعتمادها نظام الانتخاب النسبي. ويشار هنا الى أن معظم البلدان التي تعمل بالنظام الأكثري تعتمد الدائرة الفردية.

حيث وفق نظام الانتخاب الأكثري، يعتبر فائزًا في الانتخابات المرشح الذي نال أكبر عدد من الأصوات، ولو بفارق صوت واحد، أو بمعنى أخر النظام الذي يفوز فيه المرشح أو المرشحون الذين حصلوا على أكثرية الأصوات الصحيحة يمكن تصور هذا النظام في الانتخاب الفردي، إذ تنتخب الدائرة نائبا واحد، كما يمكن تصوره في الانتخاب عن طريق القائمة فتفوز القائمة التي نالت أغلبية الأصوات بجميع المقاعد أو اغلبها وهذا الانتخاب قد يكون في دورة واحدة أو دورتين:

- في الحالة الأولى، يعتبر فائزًا المرشح الذي نال أكبر عدد من الأصوات، حتى ولو كانت هذه الأكثرية بسيطة وأقل من الأكثرية المطلقة للمقترعين. ولهذا يمكن تطبيق هذا النظام بسهولة في الدول التي تعتمد الثنائية الحزبية. أما في الدول التي تعتمد التعددية الحزبية، فإنه يؤدي الى إضعاف مستوى التمثيل الشعبي.

- في نظام الانتخاب الأكثري في دورتين، يتطلب أن ينال المرشح الأكثرية المطلقة في دورة الاقتراع الأولى. وهو يسمح للناخبين بالاختيار بين عدد كبير من المرشحين في الدورة الأولى، أما في الدورة الثانية، فيقل عدد المتنافسين ويفوز من ينال أكبر عدد من الأصوات على أن ينال المرشح نسبة معينة من أصوات المقترعين في الدورة الأولى.

2ـ صور نظام الأغلبية

هناك عدة نماذج لتقسيم نظام الأغلبية حسب طبيعة وهدف واتجاهات كل نظام خاصة وأنه النظام الشائع في العالم ومنها: 

أ- نظام الأغلبية المطلقة ونظام الأغلبية النسبية أو البسيطة 

- نظام الأغلبية المطلقة

يشترط هذا النظام أن يحصل المترشح أو القائمة على أكثر من نصف عدد أصوات الناخبين الصحيحة أي 50 %+1 مهما كان عدد المرشحين، وإذا لم يحصل أحدهم (أي المرشحين أو إحدى تلك القوائم) على هذه النسبة فانه يجرى دور انتخابي ثاني أو ثالث.

يعرف هذا النظام بنظام الأغلبية ذو دورين، (هذا النمط مستعمل في فرنسا) فإذا لم يفز المترشحون في الدور الأول يصبحون في حالة تنافس في الدور الثاني ويعتبر فائز في الدور الثاني المترشح الحاصل على اكبر عدد من الأصوات حيث يسمح هذا النظام بتحالف الأحزاب المتنافسة فيما بينهما لخوض الدور الثاني ويؤدي إلى توفير أغلبية برلمانية.

ـ نظام الأغلبية النسبية أو البسيطة 

في هذا النظام يعد فائزا المتر شح أو القائمة التي تحصل على أكثر الأصوات بغض النظر عن مجموع الأصوات التي حصل عليها باقي المرشحين مجتمعين، في ظل تطبيق نظام الأغلبية البسيطة او النسبية او على دور واحد، يفوز بالمقعد او المقاعد النيابية المخصصة للدائرة المرشح او القائمة التي تحصل على أكثرية أصوات الناخبين الصحيحة من الدور الأول، بغض النظر عن عدد الأصوات التي حصل عليها المرشحين الآخرين مجتمعين أو عدد الأصوات التي حصلت عليها القوائم الأخرى مجتمعة فمثلا:

ـ حزب (أ) تحصل على 30 صوتا ـ حزب (ب) تحصل على 10 صوتا ـ حزب (ج) تحصل على 25 صوتا.

في هذا المثال يعتبر الحزب (أ) هو الحزب الفائز رغم أن مجموع الأصوات التي تحـصل عليـها الحـزب (ب) والحزب (ج): 10 + 25 = 35 صوتا يفوق عدد الأصوات التي تحصل عليها الحزب (أ) (هذا النظام مطبق في إنجلترا)، ونظرا لبساطة تحديد الفائز فإن العملية الانتخابية تتوقف ويكتفي بدور واحد، وبهذا جاءت تسمية هذا النظام بنظام الأغلبية في دور واحد يسمح نظام الأغلبية في دور واحد للأحزاب السياسية بالتمتع بقاعدة شعبية واسعة تمكنها من تحقيق برامجها ويساعد أيضا في الاستقرار الحكومي عند تشكيل الحكومة من الحزب الحائز على الأغلبية في البرلمان مثلما هو مطبق في النظام الانتخابي الكندي.

ب ـ نظام الدائرة انتخابية بمقعد واحد ونظام الدائرة انتخابية بعدة مقاعد 

ـ دائرة انتخابية بمقعد واحد 

وهناك ثلاث أشكال أساسية لتصويت الأغلبية المفردة:

ـ تصويت الأغلبية لدورة واحدة 

يتم وفق هذا التصويت، انتخاب المرشح الذي يحظى بأكبر عدد من الأصوات، وينتج عن هذا النظام انتخاب مرشح ما حتى ولو لم يحصل إلا على نسبة 20% من الأصوات الفعلية، حيث يؤدي نظام الانتخاب الأكثري البسيط بدورة واحدة إلى نتائج واضحة ومحدَّدة، فمن ينل أكبر عدد من الأصوات يعتبر فائزًا في الانتخابات، على أساس عملية حسابية بسيطة وغير مُعقدَّة. ويسهم في بناء الثنائية الحزبية، ويؤدي إلى جعل المعركة الانتخابية محصورة بين مرشحين أساسيين هما الأوفر حظًا بالفوز في الانتخابات.

وفي هذا النظام يفوز بالانتخابات المرشح الذي يحصل على أصوات تفوق عدد اصوات أي من المرشحين الاخرين بفض النظر عن نسبة ما حصل علية مجموع اصوات الناخبين المشاركين في الانتخاب او مجموع الاصوات التي حصل عليها جميع منافسيه ويسمى هذا النوع من الاغلبية بالأغلبية النسبية او وما يسمى الأغلبية البسيطة وفي هذا النظام يمكن ان يفوز احد المرشحين دون ان يحصل على اغلبية اصوات الناخبين ولو افترضنا وجود خمسة مرشحين في منطقة انتخابية قد تكون على الشكل التالي:

100000 مجموع المصوتين

30000 صوتا يحصل عليها المرشح ا.

25000 صوتا يحصل عليها المرشح ب.

20000 صوتا يحصل عليها المرشح ج

15000 صوتا يحصل المرشح د

10000 صوتا يحصل المرشح ه

في هذه الحالة يكون المرشح هو الفائز بالانتخابات بالرغم من حصوله على اقل من ثلث وهكذا يمكن ان نعد ه نائب الأقلية.

إن المرشح الذي يحصل على أغلب الاصوات «حتى ولو كان صوتا واحدا» يفوز في الانتخابات، ويعمل بهذا النظام في بريطانيا وفي مستعمراتها السابقة «الكومنولث» كذلك في الولايات المتحدة، وهو نظام الجولة الواحدة، ومن عيوب هذا النظام أنه يمنع الاحزاب الصغيرة من المنافسة في الانتخابات، ونتيجة لهذا النظام تسيطر الأحزاب الكبيرة ذات الامتدادات الواسعة شعبياً، لذا نجد سيطرة الحزبين الرئيسيين في امريكا على شؤون البلاد منذ تأسيس الاحزاب عام 1800، كذلك في بريطانيا وبعض البلدان الأوروبية والآسيوية الأخرى، ونتيجة لهذه الهيمنة النيابية على الحياة البرلمانية في هذه البلدان تجري بين حين وآخر محاولات للتخلص من هذه السيطرة الحزبية على الحياة السياسية،

فلقد جرت محاولات من 900 حزب صغير خلال هذا التاريخ الطويل لم ينجح الا حزب واحد في تحقيق هدفه وهو الحزب الجمهوري بقيادة أبراهام لنكون عام 1858، كما يعرف بنظام الدائرة الفردية وهي دائرة لا يتمتع فيها الناخبون إلا بصوت واحد لانتخاب مرشح واحد لتمثيلهم في الهيئة التشريعية وفي هذه الحالة يكون عدد الدوائر مساوياً لعدد مقاعد البرلمان «المجلس النيابي او الهيئة التشريعية أو مجلس الأمة او مجلس الشعب». مثـال: إذا افترضنا ان الكتلة الانتخابية تقدر/ بـ «100» الف، وعدد مقاعد البرلمان 50 مقعدا يتم تقسيم «100،000 ÷ 50 = 2000» في هذه الحالة تقسم البلاد لـ «50» دائرة، ولكل دائرة او مرشح معدل «2000» ناخب. 

لهذا النظام عيوب كثيرة منها إقصاء أحزاب الأقليات من التمثيل البرلماني، وغياب التناسب بين الأصوات التي يحصل عليها الفائز وبين المقاعد في الهيئة التشريعية، كذلك بإمكان الأحزاب الحاكمة تغيير حدود الدوائر بما يتلاءم مع مصلحتها، إضافة لهذا يغلب عليها طابع العلاقات الشخصية والولاءات العائلية والطائفية والعرقية، وتكثر فيها الرشوة كأساس في العملية الانتخابية على حساب البرامج والمبادئ

كما يجعل المرشح اسيرا للجهة او للحزب والجمعية التي تؤمن نجاحه، وفي هذه الحالة يكون تمثيله للشعب مجرد شكل فارغ من المضمون حيث يكون ولاؤه للجهة التي رشحته مثل حزبه او جمعيته التي تتحكم في إرادته ويكون بقاؤه او انسحابه من البرلمان مرهوناً بقرار الجمعية او الحزب الذي ينتمي له، ولهذه الأسباب يؤدي هذا النظام إلى ظهور نواب انتهازيين على حساب ممثلين يؤمنون بالمصالح العامة كما يحد من تبلور الظاهرة الحزبية لان الانتخابات تكون على أساس شخصي، فلذى يحصل على أكثر الاصوات سوف يفوز في الانتخابات بغض النظر.

وفي المقابل لهذا النظام سلبياته، إذ إنه يؤدي إلى زيادة نسبة تمثيل الأكثرية وإضعاف نسبة تمثيل الأقلية، ولهذا السبب تتمسَّك به الأحزاب الكبيرة، وهو يؤدي أيضًا الى إعطاء الحزب الذي يحصل على الأكثرية الانتخابية، أكثرية برلمانية تفوق ما حصل عليه من أصوات، وإذا حصل الحزب على أكثرية انتخابية ساحقة، يحتكر كل المقاعد النيابية، ما يمنع تحقيق العدالة في توزيع المقاعد النيابية بين الأحزاب الرئيسة.

إلى ذلك يحول النظام الأكثري دون تمثيل قسم كبير من الناخبين. حتى لو افترضنا، في أحسن الأحوال، أن عدد المرشحين في إحدى الدوائر كان قليلًا، فإن أحدهم يخسر حتى لو حصل على 49% من الأصوات لمجرد أن منافسه نال 51%، ففي هذا النظام من يربح، ولو بفارق ضئيل، يربح كل شيء، ومن يخسر ولو بفارق ضئيل، يخسر كل شيء.            

إذ إنه يضُخم الانتصار ويضُخم الهزيمة ويعتبر هذا النظام مجحفاً بحق الأحزاب والقوى السياسية، فقد يحصل مرشحو حزب ما على نسبة وازنة من الأصوات في جميع الدوائر الانتخابية من دون أن يتمكنوا من الفوز في أي منها، فيبقى هذا الحزب من دون أي تمثيل في البرلمان، مع أنه يمثل شريحة مهمة من الناخبين. وهو لا ينُصف الأحزاب الصغيرة والمتوسطة الحجم، إذ إن أصوات ناخبيها غالباً ما تكون موزَّعة على مختلف الدوائر، وقد لا تكفي لاختراق أي واحدة منها والفوز بها.     

ـ تصويت الأغلبية لدورتين (الأغلبية المطلقة)

أن على المرشح هنا أن يحصل على نصف الأصوات كحد أدنى، بالإضافة إلى صوت واحد لكي يتم انتخابه. وإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذا العدد من الأصوات يتم تنظيم دورة ثانية وفي هذه الحالة تكفي الأغلبية البسيطة وحدها في الدورة الثانية.

كما ان القصد من هذا النظام هو ان يحصل المرشح على الاغلبية المطلقة من الاصوات أي اكثر من نصف الاصوات لكي يعد الفائز بالانتخابات والمثال التالي يوضح ما نقول.

100000 مجموع المصوتين.

50000 صوت يحصل عليها المرشح أ.

25000 صوت يحصل عليها المرشح ب

15000 صوتا يحصل عليها المرشح ج

فيكون المرشح ا هو الفائز بالانتخابات نظرا لحصوله على اكثر من نصف الاصوات أي انه حصل على الاغلبية المطلقة لأصوات الناخبين الذين أدو باصواتهم فعلا فاذا لم يحصل أي من المرشحين أ , ب , ج على هذه الاغلبية المطلقة فتجري انتخابات جديدة وهذا هو الدور الثاني, وعندها نكون امام النوع الثاني من نظام الاغلبية أي نظام الاغلبية ذو الدورين.

وفي النوع الثاني تكون الاغلبية النسبية كافية للفوز في الانتخابات أي اننا نهمل التمسك بالأغلبية المطلقة ونعتبر المرشح الذي يحصل على اصوات تفوق عدد الاصوات التي يحصل عليها كل من المرشحين الاخرين على انفراد يعد فائزا، وقد اتبعت بريطانيا نظام الاغلبية ذو الدور الواحد منذ القرن الثالث عشر واخذت عنها هذا النظام الولايات المتحدة الامريكية كما اخذت منه الهند منذ استقلالها عام 1947.

ويمكن اختصار مزايا نظام الاغلبية بانه بسيط ويؤدي الى استقرار الحكومات التي تنبثق عن انتخابات تجري بموجب هذا النظام, كما ان له ميزة مهمة خاصة عندما يكون التصويت فرديا والمنطقة الانتخابية صغيرة وهي ان الناخب يستطيع ان يبدي بصوته عن معرفة تامه واكيدة لجميع المرشحين، ومن شان ذلك تقليص تاثيرات الاحزاب السياسية المتنافسة على اراء واتجاهات الناخبين.

كما يشُجع نظام الانتخاب الأكثري في دورتين التعددية الحزبية إذا كانت أحزاب الوسط قوية، ويؤدي إلى نتائج سياسية واضحة ومعتدلة. أما إذا كانت الأحزاب السياسية المتطرفة هي المُسيطرة، فهو يؤدي إلى زيادة حدَّ ة الصراعات السياسية، وإلى قيام ثنائية أو شبه ثنائية حزبية.

ويسمح هذا النظام للناخبين بالتصويت بحرية كبيرة في الدورة الأولى، لكنه يكُرههم على الاختيار بين أحد المرشحين الأساسيين في الدورة الثانية حيث يوِزع أصوات المقترعين بين مختلف الأحزاب في الدورة الأولى، لكنه يحصر المنافسة في الدورة الثانية، ما يجبر الأحزاب على الائتلاف خلالها.

يقوم هذا النظام بجولتين انتخابيتين في حال عدم حصول المرشحين في الجولة الانتخابية الأولى على الاغلبية وتجرى جولة انتخابات ثانية بين المُرَشَحَين اللذين حصلا على أغلب الاصوات في المرحلة الاولى، ويعرف هذا النظام بالانتخابات الاولية، ففي فرنسا على سبيل المثال: يسمح قانون الانتخاب الفرنسي لكل الاحزاب التي تحصل على أكثر من 15% من الاصوات المشاركة في الجولة الثانية.

ـ التصويت التفضيلي أو التتابعي 

يجمع هذا النوع من التصويت ما يتم في دورتين، التصويت بالأغلبية المطلقة في دورة واحدة، إذ يصوت المقترعون لمرشح واحد، ولكنهم يشيرون إلى أفضليتهم بالنسبة للمرشحين الآخرين بترتيب تنازلي. وإذ لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة لدى الفرز الأول للأصوات. يتم إبعاد المرشح الذي حصل على اقل عدد من الأصوات ويجري توزيع الافضليات الثانية للمرشحين الآخرين، وتستمر هذه العملية حتى يحصل أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة نتيجة لهذه التأجيلات المتتابعة.

لقد تم للمرة الأولى، تطبيق نظام الأغلبية لدورة واحدة في بريطانيا وهو يطبق في عدد كبير من البلدان (اكثر من 40 بلد)، وهناك أربع بلدان تطبق الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى والأغلبية النسبية للدورة الثانية هي: جزر القمر، الكونغو، فرنسا، الغابون، وكذلك العديد من الدول التي تطبق ”النظام المختلط” تشترط حصول المرشح على الأغلبية المطلقة في المقاعد الفردية. 

ـ دائرة انتخابية بعدة مقاعد 

هناك طريقتان أساسيتان مختلفتان لتصويت الأغلبية في هذه الدوائر الانتخابية، وبالإمكان تطبيق نظام الأغلبية لدورة واحدة أو لدورتين أو التصويت التفضيلي أيضا في هاتين الحالتين.

ج ـ النظم التعددية التفصيلية

وهي خمسة أنواع:

- نظام الفائز الأول.               

- نظام الكتلة.

- نظام الكتلة الحزبية.

- نظام الصوت البديل.

- نظام الجولتين.

- نظام الفائز الأول    

ـ تعريف النظام

هو أبسط أنواع نظم التعددية الانتخابية حيث يفوز المرشح الحاصل على عدد من الأصوات يفوق ما حصل عليه غيره من المرشحين حتى وإن لم يحصل على الأغلبية المطلقة للأصوات الصالحة، ويستخدم هذا النظام ضمن دوائر انتخابية أحادية التمثيل (فالناس يقترعون للمرشحين الأحزاب وليس للأحزاب)، ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: بريطانيا، كندا، الهند، أمريكا، ماليزيا، أثيوبيا، أوغندا، برمودا ،بنغلادش، توباغو، لتوانيا، جزر الباهاما، جامايكا.

هو نظام انتخابي يعتمد، في الأصل، الدوائر الضيقة بحيث يتم انتخاب مرشح واحد عن كل دائرة. تقسم الدولة فيها إلى دوائر بعدد أعضاء المجلس النيابي وبحيث يكون عدد الناخبين في كل الدوائر متساوي. أي أن التقسيم يقوم على التعداد السكاني وليس على المساحة الجغرافية. وبالتالي فمن الممكن لدائرة أن تضم مساحات شاسعة بينما دائرة أخرى هي عبارة عن حي في مدينة والذي يحدد عدد الناخبين في دائرة ما هو عدد الناخبين الكلي على عدد المقاعد في المجلس النيابي وبالتالي تعكس هذه النسبة التمثيل النسبي الفعلي بحيث يتم من الناحية النظرية على الأقل انتخاب عضو المجلس النيابي بنسب متكافئة في كل دائرة ويتم النجاح في الانتخابات لمن يحصل على أعلى الأصوات في الدائرة. حتى وإن لم يحصل المرشح على 50% من أصوات الناخبين يكون قد نجح في الانتخابات.

كما يعرف ايضا بعدة تسميات منها (نظام الأغلبية البسيط، نظام الأغلبية ذو الدور الواحد)، ويعُد أبسط انواع نظم الأغلبية، ويستخدم في الدوائر منفردة العضوية، وبموجب هذا النظام فأن المرشح الحاصل على اكبر عدد من الأصوات هو الفائز، ولا يشترط الحصول على الأغلبية المطلقة للفوز في الانتخابات واهمال الأصوات للمرشحين الاخرين، وهو الامر الذي يجعل إمكانية الفوز بمقعد بأقل من نصف عدد الأصوات في الدائرة، مثال على ذلك دائرة انتخابية بها ثلاثة مرشحين وكان عدد الأصوات الصحيحة (2400) وحصل المرشح الأول على (1000) صوت، والثاني على (800) صوت، والثالث على (600) صوت، تكون النتيجة فوز المرشح الأول بالرغم من اصوات باقي المرشحيِّن اكثر من نصف الأصوات الصحيحة، وتنتهي عملية الانتخاب من جولة واحدة دون الحاجة إلى اجراء جولة اقتراع تكميلي بسبب معرفة هوية الفائزين من الجولة الأول.     

ـ مميزات النظام

يوفر هذا النظام خياراً واضحاً لا لبس فيه أمام الناخبين بين الحزبين السياسيين الأكبر على الساحة ،يمكن من قيام معارضة برلمانية، يعمل لصالح الأحزاب المرتكزة إلى قواعد واسعة من المؤيدين فيعمل على تشجيع وتقوية الأحزاب الشمولية، يسهم هذا النظام من الحد من إمكانية الأحزاب المتطرفة في الحصول على تمثيل برلماني لها، كذلك يعطى فرصة للاختيار من بين المرشحين وليس الاحزاب فقط ،سهل الاستخدام ويسير الفهم ، و في هذا الاطار: 

1- يمتاز بسهولة ووضوح اجراءات عملية الاقتراع للناخب وبساطة تصميم ورقة الاقتراع، وسهولة عملية الفرز والعد، وسرعة اعلان النتائج، وانخفاض التكاليف المادية.

2- تشكيل الحكومة من حزب واحد، وهو الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية ،ويجعل من تشكيل حكومة ائتلافية حالة استثنائية، مما يؤدي إلى تشكيل حكومة قوية مستقرة وغير مضطرة إلى تقديم تنازلات لصالح الأحزاب الأخُرى.

3- يؤدي إلى خلق معارضة برلمانية قوية ومتماسكة، تقوم بدورها الرقابي على اعمال الحكومة وطرح نفسها بديل عندما تخفق الحكومة في تنفيذ برامجها. 

4- يعزز من فرص فوز المرشحيِّن المستقلين.

5- تقوية الأواصر والصلة بين الناخبينَ والمرشحيِّن، إذ ينتج هذا النظام ممثليِّن من مناطق محددة جغرافيا وانشاء برلمان يتميز بالتمثيل الجغرافي.

6- عدم إمكانية تمثيل الاحزاب المتطرفة في البرلمان، على عكس النظام النسبي الذي يتيح تجمع المتطرفين على الصعيد الوطني والحصول على تمثيل في البرلمان.

ـ عيوب النظام

ينتج عنه استثناء الأحزاب الصغيرة والحد من إمكانية حصولها على تمثيل برلماني عادل، يحرم نظام الفائز الأول الاقليات من الحصول على تمثيل عادل، يؤدي إلى إضعاف التمثيل البرلماني العادل للمرأة.

1- عدم وجود عدالة في التمثيل، لان فوز حزب معين بأغلبية المقاعد في البرلمان وتشكيل الحكومة رغم عدم حصوله على أغلبية الأصوات.

2- إهمال أعداد كبيرة من الأصوات الصحيحة للناخبين.

3- عدم حصول الاقليات على التمثيل العادل، وذلك لقيام الاحزاب المتنافسة على ترشيح الأشخاص الذي يحضون بتأيد واسع من قبل الناخبينَ ضمن الدائرة الانتخابية لكسب اكبر عدد من الأصوات فيها، فمن النادر ترشيح اشخاص من الاقليات وصعوبة حصولها على تمثيل وفق هذا النظام.

4- صعوبة حصول المرأة على تمثيل عادل في البرلمان، وذلك لعدم حصولهن على دعم من الاحزاب وضعف قدرتها بالتأثير على الناخبينَ وخاصة في دول جنوب العالم.            

5- يساعد هذا النظام على تكوين نظام الحزبين، مما يؤدي إلى اضعاف الاحزاب الأخُرى الصغيرة ويحرمها من الحصول على مقاعد في البرلمان.

- نظام الكتلة    

 ـ تعريف النظام

يستخدم ضمن دوائر متعددة التمثيل، ويملك الناخب عدداً من الأصوات تساوي عدد الممثلين الذين سيتم انتخابهم عن دائرته الانتخابية، ويفوز بالانتخاب المرشحون الحاصلون على أعلى الأصوات، وعادة يقترع الناخبون لصالح المرشحين بشكل فردي وليس ضمن أحزاب، وفي الغالبية يمكن للناخب استخدام أي عدد من أصواته ضمن العدد الكلي المسموح به ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: جزر الكايمان ،الكويت، لبنان، المالديف، سوريا، فلسطين ولكن بعد عام 2006 تغير للنظام المتوازي.

ويسمى ايضا (التصويت الجمعي)، ويطبق هذا النظام في دوائر انتخابية متعددة التمثيل، ويقوم على اساس حق الناخبيَن بالتصويت لعدد من المرشحيِّن يساوي لعدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية ،وإمكانية التصويت لأي مرشح بغض النظر عن انتمائه الحزبي، وفي بعض أنظمة الكتلة يسمح للناخب اعطاء عدد معين من الأصوات التي يمتلكها بشرط أن تكون مساوية لعدد المقاعد في الدائرة لمرشح واحد فقط، كما يسمح بالترشيح الفردي والترشيح عبر القائمة، والفائز الاول هو الحاصل على اكبر عدد من الأصوات، ومن ثم الفائز الثاني والثالث وهكذا إلى غاية توزيع جميع المقاعد الخاصة بالدائرة بالترتيب على المرشحيِّن الحاصلين اكبر عدد من الأصوات، وتستخدم هذا النظام بالوقت الحاضر كل من (جزر الكايمان، جزر فوكالند، غيرنسي، الكويت، ولاووس، لبنان، المالديف).

ـ مميزات النظام

- يضمن حرية الناخبينَ في إختيار ممثليهم عن الدائرة الانتخابية.

- انخفاض التكاليف المالية اللازمة لإجراءات الإقتراع.

- أسهم في تقسيم دوائر انتخابية متساوية في الحجم نسبيا     

ـ عيوب النظام

ـ انعكاساته غير المتوقعة وغير المرغوب فيها أحياناً ويؤدي هذا النظام بتشتت اصوات الناخبينَ بين عدة مرشحين، مما يدفع لدعم مرشحين من قبل الزعامات الدينية والعشائرية او يكون الدعم لأسباب طائفية ومناطقية.                   

- نظام الكتلة الحزبية

ـ تعريف النظام

يملك فيه الناخب صوتاً واحداً يدلي به للقائمة الحزبية التي يريد انتخابها، دون أن يختار من بين المرشحين الأفراد، ويفوز الحزب الحاصل على أعلى الأصوات بكافة المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية (قوائم وليست مرشحين)، ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: الكاميرون، تشاد، جيبوتي، سنغافورة ،الكويت.  

يتم تطبيق هذا النظام في الدوائر الانتخابية متعددة التمثيل، حيث يقوم الناخب بالتأشير على قائمة حزبية معينة على ورقة الاقتراع تضم اسماء عدة مرشحين من ضمن عدة قوائم، وفي هذه الحالة، يكون الناخب مخير بين قوائم حزبية بدلاً من اختيار مرشح فردي، والقائمة الحزبية التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات تفوز بجميع المقاعد المخصصة للدائرة، ولا يتطلب حصول القائمة على أغلبية مطلقة للفوز بل يكفي حصولها على الأغلبية النسبية، وبذلك فأن عملية الاقتراع تنتهي بجولة واحدة، ويستخدم هذا النظام بالوقت الحاضر في كل من (سنغافورة، جيبوتي، التشاد، الكاميرون).

ـ مميزات النظام

- سهولة استخدامه ووضوح اجراءات الاقتراع للناخبين ،وبساطة عملية العد وفرز الأصوات، وسرعة في إعلان النتائج ويعمل على تحفيز الاحزاب السياسية وتمكينها من ترشيح مجموعات مختلطة من المرشحين.

- يعمل على تقوية الاحزاب السياسية.

- يساعد في تمثيل الاقليات بصوره عادلة، حيث ان الاحزاب تجبر على تنويع المرشحيِّن ضمن قوائمها من مختلف اطياف المجتمع لضمان حصولها على اكبر عدد من الأصوات للفوز بتمثيل الدائرة. 

ـ عيوب النظام

قد يؤدي الى نتائج غير تناسبية من خلال تمكينه لحزب ما الفوز بكافة المقاعد بالرغم من حصوله على أغلبية بسيطة من الأصوات.

- تطبيق هذا النظام لمدة طويلة من الزمن يسُاعد على ظهور نظام الحزب الواحد، فالقائمة الحزبية التي تحصل على الأغلبية النسبية تحصد المقاعد كافة في الدائرة الانتخابية، ولا يوجد شرط الحصول على اكثر من نصف الأصوات الصحيحة.

- حرمان المعارضة البرلمانية من الحصول على مقاعد كافية للقيام بدورها الرقابي وتحقيق الموازنة، مما قد يؤدي إلى وجود خلل حاصل في العملية الديمقراطية.

- نظام الصوت البديل     

ـ تعريف النظام

يستخدم الناخبون الأرقام التسلسلية للتعبير عن أفضلياتهم من بين المرشحين على ورقة الاقتراع، ويفوز بالانتخاب بشكل مباشر المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة من بين الأفضليات (%50+1)، وفي حالة عدم حصول أي المرشحين على تلك الأغلبية يتم اقصاء المرشحين الحاصلين على أدنى الأفضليات ،واحتساب ما حصلوا عليه على أوراقهم لصالح المرشحين الآخرين، فكل ورقة يتم احتسابها لصالح المرشح الحاصل على أعلى الأفضليات، إلى أن يتم حصول مرشح على أغلبية مطلقة ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: استراليا، غينيا الجديدة، ايرلندا

ويسمى هذا النظام بتسميات اخرى هي (نظام الأغلبية ذو الدور الاول مع البديل، الاقتراع التفضيلي) ،ويعد واحد من الأنظمة النادرة وغير شائعة التطبيق ولا يستخدم إلا في استراليا، ويعتمد على الدوائر الانتخابية الفردية كما هو الحال في نظام الفائز الاول، ويمنح هذا النظام للناخبين حرية اكثر في اختيار المرشحيِّن عند ممارسة الاقتراع، عن طريق اعطاء الناخب الحرية في ترتيب المرشحيِّن وفقا لاختياراته في ورقة الاقتراع، مثال على ذلك وضع رقم (1) للمرشح المفضل الاول لدى الناخب، ومن ثم رقم (2) للمرشح الذي يليه بالأفضلية، ورقم (3) للذي يليه إلى نهاية عدد للمرشحين المسموح به ضمن الدائرة الانتخابية، وفي حال حصول أحد المرشحيِّن على اكثر من نصف الأصوات (الأغلبية المطلقة 50 % + 1)، يعُد فائزاً بالمقعد، 

أما إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة فيصار إلى استبعاد المرشح الحاصل على اقل عدد من الارقام التفضيلية، واعادة عملية الفرز وتنسيب الأصوات إلى باقي المرشحيِّن بالترتيب، و إذا لم يحصل اي مرشح على الأغلبية ايضا تعاد العملية نفسها، ولغاية حصول أحد المرشحيِّن على الأغلبية المطلقة وفوزه بتمثيل الدائرة الانتخابية.

ـ مميزات النظام

- يسُاعد على الاعتدال والوسطية في تبني الافكار والتوجهات لدى المرشحيِّن، لغرض كسب الافضليات الثانية والثالثة للناخبين، ووفق هذا النظام لا ينفع المرشح إعتماد الخطاب المتطرف والطائفي والمذهبي والمناطقي لضمان فوزه في الاقتراع.

- يوجب التعاون بين المرشحيِّن والاتفاق على تأشير مؤيديهم طبقا للتفضيلات بعضهم لبعض، عن طريق تأشير الناخبينَ لمؤيديهم من المرشحيِّن بالتفضيل الاول، ثم التأشير لمرشحين معينين وحسب التفاف بالتفضيل الثاني والثالث  

- يسُاعد على الاعتدال والوسطية في تبني الافكار والتوجهات لدى المرشحيِّن، لغرض كسب الافضليات الثانية والثالثة للناخبين، ووفق هذا النظام لا ينفع المرشح إعتماد الخطاب المتطرف والطائفي والمذهبي والمناطقي لضمان فوزه في الاقتراع.

- يوجب التعاون بين المرشحيِّن والاتفاق على تأشير مؤيديهم طبقا للتفضيلات بعضهم لبعض، عن طريق تأشير الناخبينَ لمؤيديهم من المرشحيِّن بالتفضيل الاول، ثم التأشير لمرشحين معينين وحسب التفاف بالتفضيل الثاني والثالث.

ـ تمكين الأصوات المعطاة لمجموعة من المرشحين من التراكم، بحيث يمكن توفيق اهتمامات المتقاربة على الرغم من اختلافاتها من اجل الحصول على التمثيل في البرلمان.

ـ عيوب النظام

- وجود تعقيد في عملية الفرز والعد كونها تمر بمراحل عدة لكي يتم التوصل إلى الفائز الاول، ويتسم بتأخير اعلان النتائج.

- يحتاج هذا النظام إلى ناخبين لهم معرفة ودراية بالأليات الاقتراع، وان الناخبينَ الذين لا يجدون القراءة والكتابة سوف يواجهون صعوبات في ممارسة حقهم بالاقتراع.

- يصلح في الدوائر الانتخابية الصغيرة، إذ المفاضلة تكون بين مرشحيِّن محدودي العدد ومعروفين للناخب، على العكس من الدوائر الانتخابية الواسعة والكبيرة.

ـ يتطلب مستويات جيدة من الوعي والثقافة لتطبيقه بشكل صحيح، وقد يؤدي إلى نتائج غير تناسبية بسبب دوائر أحادية التمثيل بالمقارنة مع نظم التمثيل النسبي.  

- نظام الجولتين    

ـ تعريف النظام

يتم تنظيم جولة انتخابية ثانية في حال عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية محددة من الجولة الأولى، عادة ما تتمثل الأغلبية في 50%+1، حيث يشارك في الجولة الثانية أكثر المرشحين، ويفوز في الجولة الثانية المرشح الحاصل على أعلى الأصوات بغض النظر على حصوله على أغلبية مطلقة أ/ لا ،يفصل بين الجولتين عادة أسبوع ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: مصر، ايران، الفيتنام، دول الاتحاد السوفيتي سابقاً.

كما يستند هذا النظام على حصول المرشح أو القائمة الحزبية على أكثر من نصف الأصوات الصحيحة في الدائرة الانتخابية للفوز بالمقعد النيابي، وغالبا ما يحدث صعوبة في الحصول على اكثر من نصف اصوات المقترعين، مما يصار إلى اجراء جولة ثانية من الاقتراع، ووفق هذا النظام يجب ان يحصل المرشح أو القائمة الحزبية على الأغلبية المطلقة (50 % + 1) للحصول على مقعد في الجولة الأولى، وفي حالة عدم حصول اي مرشح على الأغلبية المطلقة يعاد اجراء الاقتراع في جولة ثانية، وتختلف الاجراءات الجولة الثانية المعمول بها في دول العالم حسب قوانين الاقتراع المطبقة في كل دولة، فقسم من الأنظمة يقصر الاعادة على المرشح الأول والثاني، والقسم الاخر يسمح لكافة المرشحيِّن بالمشاركة بجولة الاعادة. 

وبعد توضيح نظم انتخابات الاغلبية في العالم، فأن عدد الدول المتبعة لكل نظام تعبِّر عن مدى تحقيقه لأهداف تلك الدولة، فأنه عند تتبع (225) انتخابات تشريعية في العالم، تبين ان عدد الدولة التي تستخدم نظم اقتراع الأغلبية تبلغ (97) دولة وتشكل نسبة (43 %)، والتي تستخدم نظم التمثيل النسبي (88) دولة وبنسبة (%39)، والتي تستخدم نظم المختلطة (40) دولة وبنسبة (%18)، وبهذا يعُد نظم الأغلبية الاكثر انتشار واستخدام لاقتراع المجالس النيابية في العالم، يليه نظم التمثيل النسبي، ثم نظم المختلطة الاقل استخداما على صعيد العالم، كما تطبق هذا النظام اكثر من (22) دولة غالبيتها كانت تاريخيا تقع ضمن الاحتلال والنفوذ الفرنسي، وايضا يطبق في كل من (هايتي، جزر القمر، ايران) وبعض الدول المستقلة من الاتحاد السوفيتي سابقا (اوزباكستان، تركمانستان، قرقيزستان، بلاروسيا).

ـ مميزات النظام

- اعطاء الناخبينَ فرصة اضافية لإختيار المرشح المناسب والبرنامج الانتخابي الذي يحقق مصالحهم واهدافهم، أو يعطي الناخبين فرصة ثانية للاقتراع لصالح مرشحهم المفضل من جديد، أو لتغيير رأيهم بين الجولة الأولى والثانية، يعمل على تحفيز الائتلافات واتفاقيات الدعم المتبادل بين المرشحين المتقدمين لتحضيرهم للجولة الثانية.

- عدم أهماله لإعداد كبيرة من الأصوات الصحيحة للناخبين بسبب ان المرشح يجب ان يحصل على أغلبية الأصوات للفوز.

- يشجع على اقامة الصفقات والمساومات بين المرشحيِّن والاحزاب السياسية في الجولة الثانية، لدعم المرشح أو الحزب الاقرب للفوز في الجولة الأولى.

- يؤدي إلى تمكين الاحزاب والمرشحيِّن والناخبينَ من الاستجابة للتغييرات الطارئة التي قد تحدث على الساحة السياسية بين الجولتين.

ـ عيوب النظام

- يكون هذا النظام مكلف ماليا كون العملية تفرض تكاليف للمرحلتيِّن مع صرف مبالغ اضافية على الحملات الانتخابية، حيث قد يثقل كاهل الادارة الانتخابية التي تضطر لتنظيم عملية انتخابية بجولة ثانية يميل الى شرذمة الاحزاب السياسية وتشجيع الانقسامات بداخلها في الديمقراطيات الناشئة.        

- يؤدي تطبيق هذا النظام إلى زيادة في الضغوط على الادارة الانتخابية، بسبب اقامة الاقتراع بين الجولتين يكون بوقت قصير.

- مواجهة الناخب اعباء الخروج مرتين للقيام بعملية الاقتراع، وبذلك يضعف نسب المشاركة للناخبين في الجولة الثانية.

3ـ تقدير نظام الأغلبية 

أـ مزايا نظام الأغلبية

أهم ما يميز نظام الأغلبية هو الوضوح و البساطة ويسمح بقيام أغلبية متماسكة في المجالس النيابية ويؤدي إلى الاستقرار الحكومي، كما تعرض نظام الأغلبية لعدة انتقادات من بينها أن نظام الأغلبية يؤدي إلى استبداد البرلمانات وذلك لان أغلبية المقاعد هي لحزب الأغلبية في البرلمان مما يؤدي إلى وجود معارضة ضعيفة هذا ومن جهة أخرى نظام الأغلبية البسيطة يعني أن تفوز في الانتخاب القائمة أو المترشح الذي حصل على اكبر عدد من الأصوات بالرغم من أن مجموع الأصوات التي حصل عليها باقي المرشحين اكبر من ½ مجموع الأصوات المعبر عنها.

ب ـ عيوب نظام الأغلبية

ـ إقصاء أحزاب الأقلية من التمثيل البرلماني، وكذلك فان عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب في الانتخابات تعتمد بشكل كبير ليس على عدد الأصوات فقط بل أيضا على مكان تسجيل هذه الأصوات.

ـ استثناء أحزاب الأقلية التي ثبت أنها اكثر ميلا لإحداث عدم استقرار خارج النظام السياسي مما تكون عليه عند إدخالها في تركيبة التمثيل السياسي نتيجة الاهتمام بالجغرافيا اكثر من الاهتمام بالشعب.

ـ استثناء أفراد المجموعات الأقلية العرقية من التمثيل البرلماني.

ـ انخفاض إمكانية انتخاب النساء في طل نظام الأغلبية مما عليه في ظل التمثيل النسبي.

ـ حرمان الأقليات من التمثيل حيث يستطيع حزب واحد أن تستحوذ على كافة مقاعد الدائرة ويحرم الاقليات من التمثيل.

ـ شيوع الأصوات المهدورة حيث تصل في نظام الأغلبية إلى اكثر من 60% كما هو الحال في الانتخابات الفلسطينية 1996 السابقة أو الأردن خلال (1989، 1993، 1997)، ولكن في ظل نظام التمثيل النسبي تكون هذه النسبة حوالي 10% في اغلب الاحيان وتعتمد بشكل أساسي علي أساس نسبة الحسم. 

ـ يمكن للحزب الفائز الحاصل على 30% – 40% من أصوات المقترعين ولكنه يستحوذ على 50% – 70% من المقاعد، حيث حصل الحزب الشعبي المنغولي عام 1992 على 95% من المقاعد بينما لم يحصل إلا على 57% من الأصوات.

ـ وتستطيع الأحزاب الحاكمة أن تعمل على تغيير حدود الدائرة الفردية بما يخدم مصلحتها.

- يؤدي الى تشويه الديمقراطية نظرا لعدم العدالة في توزيع المقاعد وتفشي ظاهرة الفساد على المستوى المحلي.

- يؤدي الى ظلم الأقليات لان الأحزاب الكبيرة هي التي تكتسح الأصوات والمقاعد النيابية.   

ثانيا: نظام التمثيل النسبي

1 ـ تعريف نظام التمثيل النسبي

يتطلب التمثيل النسبي استخدام دوائر تعددية تشمل أكثر من مقعد واحد، في هذه النظم، يقدم كل حزب أو كيان سياسي قائمة بمرشحيه لدوائر تعددية، ويقوم الناخبون بالتصويت لهذه القوائم. وعليه، يحصل كل حزب على حصة من المقاعد تقارب النسبة التي حصل عليها من أصوات الناخبين. وفي حال اعتماد القوائم المغلقة، يتم اختيار الفائزين حسب ترتيبهم على القائمة.

أما في حال اعتماد القوائم المفتوحة أو القوائم الحرة فان خيارات الناخبين تؤثر على فرص المرشحين بالفوز تبعاً لعدد الأصوات الفردية التي يحصل عليها كل مرشح، لذلك فإن التمثيل النسبي هو اعطاء كل حزب او كل تجمع يمثل رأيا او اتجاها معينا عددا من المقاعد النيابية يتناسب مع قوته العددية. 

ونظام التمثيل النسبي يظهر بصور متعددة .فهناك نظام التمثيل النسبي مع القوائم المغلقة ونظام التمثيل النسبي مع امكان المزج بين القوائم المختلفة وباعتماد نظام  التمثيل النسبي فانه تظهر مشكلة تحديد المرشحين الفائزين في كل قائمة ،فاذا نالت قائمة مكونة من خمسة مرشحين اصواتا تعطي لها الحق في مقعدين فقط فاي من المرشحين الخمسة يفوز بالمقعد النيابي ؟ويمكن حل هذه المشكلة في حالة الاخذ بنظام المزج بين القوائم ،حيث يتفاوت عدد الاصوات التي يحصل عليها مرشحو القائمة الواحدة ،ومن ثم يمكن اعلان انتخاب المرشحين الذين حصلوا على اكثرية الاصوات بالنسبة الى بقية مرشحي القائمة. 

ولكن الاشكال يظهر في حالة الاخذ بنظام القوائم المغلقة، فان جميع المرشحين في القائمة الواحدة في هذه الحالة يحصلون على العدد نفسه من الاصوات لان القوائم مغلقة ولا يجوز للناخب ان يعدل فيها بل يجب عليه ان يختار قائمة باكملها ففي هذه الحالة تلجا النظم السياسية المختلفة الى احدى وسيلتين:

ـ الوسيلة الاولى: يتم بموجبها توزيع المقاعد بحسب ترتيب اسماء المرشحين في القائمة أي ان الحزب هو الذي يحدد مقدما كيفية التوزيع.

ـ الوسيلة الثانية: هي التي تعطي الناخب حق تحديد ذلك الترتيب بحسب تفضله الشخصي بمعنى انه على الرغم من ان الناخب يعطي صوته لقائمة كاملة فان قانون الانتخاب يعطيه الحق في ترتيب المرشحين فيعيد كتابة القائمة حسب رغبته وفي هذه الحالة يفوز من مرشحي القائمة المرشح او المرشحين بحسب عدد المقاعد التي فازت بها القائمة وتسمى هذه الطريقة التصويت مع التفضيل. 

ونتيجة للانتقادات التي وجهت لنظام الاغلبية فقد لجأت الكثير من الدول الى نظام التمثيل النسبي الذي يحقق للاحزاب المختلفة تمثيلآ يتناسب قدر الامكان مع قوة كل منها وبذلك يكون المجلس النيابي مرآة صادقة لهيئة الناخبين فنظام التمثيل النسبي يحقق العدالة في توزيع المقاعد.

الا ان لنظام التمثيل النسبي عيوب ايضا، فإن ما يحققه في بلد ما قد لا يحققه في بلد اخر، فهو نظام معقد الى درجة تجعل نتيجة الانتخابات لا تظهر الابعد ايام قد تتعرض فيها الى التزييف والتشويه ويزداد الامر تعقيدآ كلما اردنا الوصول الى طريقة تجعل التمثيل متناسبآ مع اهمية الاصوات التي يحصل عليها كل حزب كما ان هذا النظام يؤدي الى كثرة الاحزاب وتعددها وكثرة الاحزاب تجعل من الصعب قيام اغلبية برلمانية منسجمة وثابتة وبالتالي يؤدي الى عدم استقرار الحكومة.

اذا ان المشكلة في التمثيل النسبي هي في ايجاد قاسم مشترك لتوزيع الاصوات بين القوائم المختلفة، وللوصول الى ذلك برزت طرائق عديدة كان منها على الاخص طريقتان اساسيتان: هما طريقة مخرج القسمة الانتخابي وطريقة العدد المتساوي، فضلآ عن طرائق اخرى استنبطتها الانظمة السياسية وبما ينسجم مع مصالحها الخاصة.

وفي هذا الاطار هنالك نوعان رئيسيان من نظم التمثيل النسبي هما: نظام القائمة الحزبية ونظام الحزب الواحد، حيث يعتبر نظام القائمة الحزبية أكثر شيوعاً من هذين النظامين. وفي نطاق الحديث عن نظام القائمة الحزبية، نادراً ما تحتاج الدوائر الإنتخابية إلى عملية الترسيم، وقلما احتاجت إليها في أي وقت سابق. تصبح الدوائر الإنتخابية إذا ما تم توظيفها دوائر تعددية كبيرة، حيث تتطابق حدودها بشكل عام مع حدود التقسيمات الإدارية. وفي سبيل استيعاب التغييرات التي تطرأ على السكان، يجب أن يتم تحديد عدد المقاعد المخصصة للدوائر الفردية التعديدة، فضلاً عن إعادة ترسيم حدود الدوائر الانتخابية.

حيث تعتبر الأصوات القابلة للتحويل، والتي تم إستخدامها في ايرلندا ومالطا النوع الثاني للتمثيل النسبي. ونظراُ لأن الاقتراع يعتمد على المرشحين وليس على الاحزاب، توظف وتستخدم هذه الدول دوائر تعددية صغيرة يتراوح عدد أعضاءها ما بين ثلاثة إلى خمسة أعضاء منتخبين لكل دائرة. وبذلك يجب إعادة ترسيم حدود الدوائر الإنتخابية بشكل دوري في هاتان الدولتان.

وعلى هذا الأساس فإن نظام الأغلبية هو دون شك الأقدم في العالم، غير أن التمثيل النسبي أن يزهو بكونه موضوعا لأكبر عدد من المؤلفات والمقالات التي كرست لتحليله، وقد تم تطبيق هذا النظام للمرة الأولى، في بلجيكيا 1889 وفي هذه الأيام يطبق في اكثر من 60 بلدا في العالم ، حيث أن العدالة هي الميزة الأولى لهذا النظام.

فعندما يتناسب عدد المقاعد التي حصلت عليها القوى السياسية مع نسبة حضورها الانتخابي يكون التمثيل عادلا و إن أيا من القوى السياسية أو أي جزء من الرأي العام لا يستأثر من ناحية المبدأ بالتمثيل الكامل، ولا يظل أيضا دون تمثيل، كما أن التمثيل النسبي يفرض التصويت للقائمة مما يدل غالبا على أن أفكار المرشحين والاحزاب تتفوق في الحملات الانتخابية بالتعارض مع شخصياتهم، بالإضافة إلى ذلك فان التصويت يجري في دورة واحدة فقط ويتم تلافي السياسة المعروفة في الأنظمة التي تطبق الدورة الثانية مما يوفر في التكلفة الفعلية للانتخابات.

كما أنه يعتبر بلا منازع وباتفاق معظم الباحثين في علم السياسة أكثر الأنظمة الانتخابية قدرة على تمثيل مختلف مكونات المجتمع، خاصة وان نظام الانتخاب النسبي يعتمد على القوائم الحزبية، يختلف تطبيق التمثيل النسبي باختلاف النظام الانتخابي المطبق في الدول التي تتبع التمثيل النسبي. فهو إما أن يكون تمثيل نسبي للأحزاب السياسية فقط، أو أن يكون تمثيل نسبي للأحزاب والمناطق، أو تمثيل نسبي للأحزاب والمناطق والهيئات العامة كالنقابات. والتمثيل النسبي يعني أن نسبة التمثيل في البرلمان تعتمد على النسبة التي يحصل عليها الحزب أو التجمع في الانتخابات. وأغلب أنظمة التمثيل النسبي تعتمد نظام الدائرة الواحدة وانتخاب القائمة لا الأشخاص.

2 ـ صور نظام التمثيل النسبي

هناك نموذجين أساسيين في تقسيم نظام التمثيل النسبي:

أ ـ التمثيل النسبي الكامل والتمثيل النسبي التقريبي 

ـ التمثيل النسبي الكامل

ـ تعريف التمثيل النسبي الكامل

تعتبر البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة، ويتم توزيع المقاعد للقوائم أو الأحزاب حسب حصتها (نسبتها) الإجمالية، كما هو معمول به في الكنيست الإسرائيلي، حيث في هذا النوع تعْتبَر البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة، ويتم توزيع المقاعد للقوائم أو الأحزاب حسب حصتها (نسبتها) الإجمالية، كما هو معمول به في الكنيست الإسرائيلي، وفي هذا النظام تكون الدولة كلها إطاراً واحداً أو دائرة واحدة وتكون القوائم المتنافسة قوائم وطنية ولا يقدم كل حزب إلا قائمة وطنية وحيدة بها كل مرشحيه.

ثم بعد ذلك يتم استخراج القاسم الانتخابي من قسمة عدد الأصوات الصحيحة في الدولة كلها على عدد المقاعد البرلمانية، والمقاعد الباقية توزع على أساس اربع طرق عالمية معروفة وهى أكبر البواقي أو أكبر المتوسطات أو بطريقة هوندت أو بطريقة سانت لوجي، كما اخذ النظام الانتخابي المصري حاليا في 2011 بطريقة اكبر البواقي، ويتم توزيع المقاعد على القوائم على مرحلتين هما: 

ـ المرحلة الأولى

في هذه المرحلة توزع المقاعد بناءً على القاسم الانتخابي، الذي يقصد به الرقم الذي نحصل عليه من قسمة عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة على عدد المقاعد المخصصة لهذه الدائرة، فإذا كان عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة 125000 صوت وكان عدد المقاعد المخصصة لهذه الدائرة (5) مقعد فإن القاسم الانتخابي يكون: بقسمة عدد الاصوات الصحيحة في الانتخابات 125000 صوت على عدد المقاعد المخصص للدائرة هو 5 مقاعد يكون القاسم الانتخابي هو الناتج 25000 ألف صوت لكل مقعد  

وعلى ذلك توزع المقاعد المخصصة للدائرة على القوائم بقدر عدد المرات التي تحصل فيها كل قائمة على القاسم الانتخابي ونوضح ذلك بالمثال التالي:

- القائمة الأولى حصلت على 60000 صوت فتكون قد استجمعت القاسم الانتخابي مرتين فتحصل على مقعدين ويتبقى لها 10000 صوت لم تستغل.

- القائمة الثانية حصلت على 46000 صوت أي أنها استجمعت القاسم الانتخابي مرة واحدة فتحصل على مقعد واحد ويتبقى لها 21000 صوت لم تستغل.

- القائمة الثالثة حصلت على 19000 صوت وهذا الرقم أقل من القاسم الانتخابي وبذلك يتبقى لها 19000 صوت لم تستغل.

وبذلك يصبح عدد المقاعد المشغولة (3) مقاعد من (5) أي يبقى (2) مقعدين غير مشغولين.

وكمثال أخر:

طالما أن النظام المتبع هو نظام التمثيل النسبي الشامل فأن الطريقة المتبعة في توزيع المقاعد هي طريقة القاسم القومي التي تعني قسمة عدد الأصوات الصحيحة المشاركة في الانتخابات على عدد مقاعد البرلمان حيث يمثل الناتج (القاسم القومي) الذي يقسم بدوره على عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة فيكون الناتج هو عدد المقاعد التي تحصل عليها كل قائمة، ولتوضيح ذلك نورد المثال الاتي:

- إذا فرضنا أن أجمالي عدد الأصوات الصحيحة هو (500000) وان عدد المقاعد هو (100) مقعد فأن القاسم القومي يمثل (500000 ÷ 100 = 5000) القاسم القومي.

فإذا كانت لدينا ثلاثة قوائم حصلت الأولى على (254000) صوت والثانية على (212000) والثالثة على (33500) فأن عدد مقاعد كل قائمة يكون حسب الاتي:

50 = 5000 ÷ 254000 مقعد حصة القائمة الأولى ويبقى لديها (4000) صوت.

42 = 5000 ÷ 212500 مقعد حصة القائمة الثانية ويبقى لها (2500) صوت.

 6 = 5000 ÷ 33500 مقعد حصة القائمة الثالثة ويبقى لها (3500) صوت.

ـ المرحلة الثانية

يتم توزيع المقعدين المتبقين في المثال السابق بإحدى الطرق الاربع وهى أكبر البواقي أو أكبر المتوسطات أو بطريقة هوندت أو بطريقة سانت لوجي.

فطريقة أكبر البواقي، والتي تعني منح المقاعد الباقية في الدائرة للقوائم التي لديها أكبر بواقي أصوات غير مستغلة، وهي في المثال السابق كالتالي:

- القائمة الثانية لديها اكبر بواقي أصوات غير مستغلة تبلغ 21000 صوت يضاف لها مقعد فيصبح عدد المقاعد لديها 1+1= 2 مقعدين ((وتفصيلا مقاعد القائمة الثانية مقعد على أساس القاسم الانتخابي ومقعد على أساس اكبر البواقي)).

- القائمة الثالثة تليها حيث لديها 19000 صوت غير مستغلة فيضاف لها مقعد فيصبح عدد المقاعد لديها 0+1= 1 مقعد ((وتفصيلا مقاعد القائمة الثالثة 0 مقاعد على أساس القاسم الانتخابي و 1 مقعد على أساس اكبر البواقي))، وبالتالي يصبح توزيع المقاعد كالتالي:

عدد المقاعد التي حصلت عليها القائمة: 

الأولى/ وحصلت على 60000 صوت الثانية/ وحصلت على 46000 صوت الثالثة/ وحصلت على 19000 صوت.

أما بالنسبة لطريقة توزيع مقاعد البرلمان المتبقية في المثال الثاني: 

يلاحظ أن عدد المقاعد البرلمانية بطريقة القاسم القومي ووفقاً للمثال السابق هي (98) مقعد من اصل (100) مقعد أي التوزيع المبدئي وفق نظام القاسم القومي قد لا يستوعب كل المقاعد البرلمانية بل تبقى عدد من القائمة الشاغرة التي يتم توزيعها بأكثر من طريقة أهمها.

ـ طريقة اكبر باقي للأصوات 

وفقاً لهذا النظام فأن المقاعد المتبقية تكون من حصة القائمة التي تمل اكبر باقي من الأصوات وهي في المثال المذكور بالقائمة الأولى حيث لديها 4000 صوت، حيث تعطى مقعد واحد على أن يعطى المقعد الأخير للقائمة رقم (3) كونها تمثل ثاني اكبر باقي.

ـ طريقة اكبر متوسط للأصوات 

تتمثل هذه الطريقة بمنح كل قائمة مقعد أضافي افتراضي مع ما لديها من مقاعد حصلت عليها وفق التوزيع المبدئي ثم تقسم عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة كل قائمة مع المقعد الافتراضي ويكون ناتج القسمة متوسط اً خاصاً لكل قائمة ثم يعطى احد المقاعد المتبقية للقائمة التي تمتلك اكبر متوسط ثم تعاد العملية أكثر من مرة حتى توزع جميع المقاعد المتبقية وبالرجوع إلى قانون الانتخابات العراقي نجده قد أخذ بطريقة اكبر باقي لتوزيع المقاعد المتبقية.

ـ تقييم نظام التمثيل النسبي الشامل 

على الرغم من المحاسن التي لا تنكر لنظام التمثيل النسبي والمتمثلة بتحقيق العدالة بين الأحزاب المشاركة وزيادة دور الناخب في العملية الانتخابية، إلا انه في الوقت عينه لا يخلو من عيوب قد يكون تأثيرها في العراق في ظل الظروف التي يعشها أكثر وقعاً مما لو أخذت به دولة أخرى وذلك للأسباب الآتية-: 

ـ أن اكبر الدائرة الانتخابية التي تشمل الدولة برمتها تجعل الناخب في وضع لا يحسد عليه كونه يجهل معظم الأسماء التي تتضمنها قوائم الأحزاب مما يصعب معه أن يدلي بصوته بشكل منتج سيما إذا علمنا أن القائمة ستكون مغلقة بمعنى أن الناخب لا يستطيع أن يمزج بين أكثر من قائمة ليشكل القائمة التي يريدها. 

ـ أن مثل هذا النظام يكون بيئة صالحة لتجمع بعض الكيانات السياسية الغريبة في أفكارها والمتطرفة في نشاطها داخل البرلمان من خلال تجميع الأصوات التي حصلت عليها في داخل الدائرة الانتخابية الكبيرة الذي يمكنها من الفوز ببعض مقاعد البرلمان بالشكل الذي يكفي لأحداث زعزعة وعدم استقرار داخل البرلمان. 

ـ أن هذا النظام يمكن أن يكتب له النجاح في ظل الدول الصغيرة التي لا يزيد سكانها بضع ملايين، لذلك لاغرو إذا وجدنا أن دويلة إسرائيل قد سارعت لتطبيق هذا النظام لأنه يتناسب مع اختلافاتها الفكرية كونها موطن يهود العديد من دول العالم ذات المشارب المختلفة فضلاً عن أن معظم أعضاء البرلمان (الكونيت) من سكان تل أبيب لذلك فأن هذا النظام قد ينجح في إسرائيل لكنه من غير الممكن أن ينجح في دولة كالعراق ذات الخصائص والظروف المختلفة  

ـ التمثيل النسبي التقريبي 

ـ تعريف التمثيل النسبي التقريبي

تجري الانتخابات في عدة دورات انتخابية ويتم توزيع المقاعد على هذا الأساس، حيث يقبل هذا النظام ربما تفاوتا بين عدد الأصوات التي حصل عليها حزب ما في البلد بمجمله وبين عدد المقاعد التي يفوز بها. وحيث أن نظام التمثيل النسبي يشكل انعكاسا لتمثل كافة الأحزاب والطيف السياسي.   

وفي هذا الاطار فان نظام التمثيل النسبي هو الذي توزع فيه المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية حسب النسب التي حصلت عليها كل قائمة و بهذه الطريقة الفوز لا يكون للقائمة التي حصلت على الأغلبية المطلقة فقط كما هو الحال في نظام الأغلبية المطلقة أو على أكثرية الأصوات كما هو الحال في نظام الأغلبية النسبية و إنما يتم توزيـع المقاعد في ظل التمـثيل النسبي على القوائم المختلفة بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها.

فنظام التمثيل النسبي يهدف لاستغلال أقصى عدد ممكن من الأصوات المعبر عنها، مثلا: إذا كانت الدائرة الانتخابية تتكون من 500000 ناخب ونفترض أنهم كلهم توجهوا للاقتراع، ولا يوجد أي صوت ملغى لنفترض أيضا أن التنافس بين قائمتين على 5 مقاعد، فتحصلت القوائم على الأصوات بالتوزيع التالي:

ـ القائمة (أ): 251000 صوت ـ القائمة (ب): 249000 صوت.

كيف يمكن توزيع المقاعد؟ هناك عدة طرق لتوزيع المقاعد منها: 

ـ المعامل الانتخابي  

هو الناتج الانتخابي وهو حاصل قسمة عدد الأصوات المعبر عنها على عدد المقاعد المطلوب شغله أي في هذا المثال: 500000/5=100000 صوت، وعليه فإن المعامل الانتخابي =عدد الأصوات المعبر عنها /عدد المقاعد التي يجب شغلها.

أي لكل مائة ألف صوت مقعد واحد والعملية الحسابية التالية تتمثل في توزيع المقاعد على كل قائمة ويكون كالتالي:

ـ القائمة (أ): 251000 / 100000 = 2.51  ـ القائمة (ب): 249000 / 100000 = 2.49 

وهكذا تتحصل كل قائمة على مقعدين، ثم يوزع المقعد الخامس على القائمة (أ) لأنها حصلت على اكبر عدد من الأصوات المتبقية وهو 51000 صوت متبقي وعليه النتيجة النهائية هي: 

ـ القائمة (أ) تتحصل على 3 مقعدين ـ القائمة (ب) تتحصل على مقعدين ـ طريقة العدد الموحد.

هنا يتدخل المشرع ليحدد عن طريق القانون ما هو عدد الأصوات الواجب الحصول عليها للفوز بـمقعد في الدائرة الانتخابية، مثلا: ينص القانون على أن الفوز بمقعد لابد من الحصول على 50000 صوت فإذا حصل الحزب (أ) على 150000 صوت فيكون عدد المقاعد المحصل عليه هو 3 مقاعد = 50000/150000 

ـ طريقة المعامل الوطني 

المعامل الوطني هو حاصل قسمة جميع الأصوات المعبر عنها على المستوى الوطني على عدد المقاعد في كل الوطن، بعد الحصول على المعامل الوطني، نقوم بتقسيم الأصوات التي حصل عليها كل حزب في كل دائرة انتخابية على المعامل الوطني فنتحصل على عدد المقاعد لكل دائرة انتخابية.

هذه الطريقة غير مستعملة لأننا لا نستطيع حساب المعامل الوطني إلا بعد إجراء الانتخاب و فرز الأصوات لمعرفة عدد الأصوات المعبر عنها على مستوى وطني، و كل هذا يتطلب جهدا و وقتا طويلا مما يتيح فرصة التزوير والغش.

ـ مشكلة باقي الأصوات 

من النادر جدا أن يقبل عدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة القسمة على العدد الذي يمثل المتوسط أو العدد الموحد دون باق، فكثيرا ما يبقى عدد من الأصوات قد يكون اصغر أو اكبر من العدد المقسوم عليه دون أن تستفيد منه القائمة في التمثيل، لذلك كيف يمكن توزيع هذا الباقي، نأخذ المثال التالي: 

في الدائرة الانتخابية تتنافس 4 أحزاب على 5 مقاعد لنفرض أن الأصوات المعبر عنها هي 20000 صوت تحصلت الأحزاب المتنافسة على الأصوات كالتالي:

ـ حزب (أ) حصل على 34000 صوت ـ حزب (ب) حصل على 28000 صوت ـ حزب (ج) حصل على  19000 صوت ـ حزب (د) حصل على 10000 صوت ـ المعامل الانتخابي هو 100000/5 = 20000

لتوزيع المقاعد تقسم عدد الأصوات التي تحصل عليها كل حزب على المعامل الانتخابي كالتالي: 

ـ حزب (أ) حصل على 34000 : 20000 = 02 مقعد و الباقي 3000 صوت  ـ حزب (ب) حصل على  28000 : 20000 = 01 مقعد و الباقي 8000 صوت ـ حزب (ج) حصل على 19000 : 20000 = 00 مقعد والباقي 19000 صوت ـ حزب (د) حصل على 10000 : 20000 = 00 مقعد والباقي 10000 صوت.

نلاحظ انه وزعت 3 مقاعد من اصل 5 وبقي اثنان لم توزع، لذلك هناك عدة أساليب لتوزيع بقايا الأصوات، لعل من أهمها طريقة الباقي الأكبر و طريقة المعدل الأقوى.

ـ طريقة الباقي الأكبر 

في هذه الطريقة ننظر إلى الحزب الذي تبقى له اكبر عدد من الأصوات و نعطيه مقعد، ثم الحزب الذي يليه حتى يتم توزيع باقي المقاعد، ففي المثال السابق الحزب (ج) تبقى له 19000 صوت وهو أكبر باقي إذا يأخذ مقعد، يليه الحزب (د) يأخذ مقعدا أيضا، فتكون النتيجة النهائية كالتالي: 

ـ حزب (أ) يحصل على (02) مقعدان ـ حزب (ب) يحصل على (01) مقعد ـ حزب (ج) يحصل على (01) مقعد ـ حزب (د) يحصل على (01) مقعد.

ـ طريقة المعدل الأقوى 

تقوم هذه الطريقة على قسمة عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب على عدد المقاعد التي أخذها، زائد مقعد افتراضي، فالحزب الذي يتحصل على أعلى متوسط سيتحصل على أحد المقاعد، في المثال السابق: 

ـ حزب (أ) حصل على 34000: 20000 = 02 مقعد والباقي 3000 صوت ـ نضيف له مقعد افتراضي أي: 02 مقعد + صوت افتراضي = 03 مقاعد.

ثم نقسم عدد أصواته ككل على 03 مقاعد فنحصل على المعدل الانتخابي بالشكل التالي: 

34000/2+1=14.66 صوت لكل مقعد، وبنفس الطريقة نجري العمليات الحسابية للأحزاب الأخرى ـ حزب (ب) حصل على 28000 صوت/1+1=14000 ـ حزب (ج) حصل على 19000 صوت/1=19000 ـ حزب (د) حصل على 10000 صوت/1=10000.

الحزب الذي لديه أقوى معدل هو الحزب (ج) 19000 إذا سينال المقعد الأول، يليه الحزب (ب) لان معدله 14000 صوت، أما الحزب (د) فلا يأخذ أي مقعد بعكس الطريقة السابقة فقد اخذ مقعد واحد

ـ طريقة هونـدت 

هوندت هو عالم رياضيات بلجيكي وسميت هذه الطريقة بطريقة هونـدت لأنه هو من اكتشفها، وتتم عبر ثلاثة مراحل على ضوء المثال السابق.

- يقسم عدد الأصوات المحصل عليها في كل قائمة على 5، 4، 3، 2، 1 حتى يستنفذ عدد المقاعد (في المثال السابق عدد المقاعد هو 5).

- يرتب القاسم المحصل عليه ترتيبا تنازليا إلى غاية استنفاذ المقاعد المتنافس عليها في الدائرة الانتخابية.

- كل حزب يفوز بعدد مقاعد المحصل عليها من قسمة عدد الأصوات التي تحصلت عليها كل قائمة على القاسم المشترك (القاسم المشترك هو آخر قاسم في الترتيب).

ب - نظام القائمة النسبية ونظام الصوت الواحد المتحول

وفي هذا الإطار يوجد تقسييم أخر لنظام التمثيل النسبي، حيث يستخدم المفهوم في ترجمة حصة أي حزب سياسي مشارك في الانتخابات من أصوات الناخبين، إلى حصة مماثلة أو متناسبة من المقاعد في الهيئة التشريعية المنتخبة وينقسم إلى:

- نظام القائمة النسبية

ـ تعريف نظام القائمة النسبية

يقوم كل حزب سياسي أو تجمع انتخابي بتقديم قائمة من المرشحين لدائرة انتخابية تعددية، ويقوم الناخبين بالاقتراع لصالح الحزب ويفوز الحزب بحصة من المقاعد تتناسب مع حصته من الأصوات، أما المرشحون الفائزون فيتم احتسابهم حسب ترتيبهم التسلسلي في القائمة الحزبية ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: الارجنتين، اسرائيل ،الأكوادور، أيسلندا، البرتغال، تركيا، البوسنة والهرسك، تونس، الجزائر ،جزر الانتيل الهولندية.

 ـ مميزات النظام

- يعمل على زيادة حظوظ ممثلي الاقليات في الفوز بالانتخابات، ويعطى فرصة أكبر في حصول المرأة على تمثيل لها.

ـ يعتبر الوطن دائرة انتخابية واحدة.

ـ يصوت الناخب لقائمة انتخابية واحدة فقط على مستوى الوطن.

ـ القائمة مغلقة.

ـ تحصل القوائم على نسبة من مقاعد المجلس مساوية لنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها شريطة اجتيازها لنسبة الحسم  

- نظام الصوت الواحد المتحول

ـ تعريف نظام الصوت الواحد المتحول

يقوم على أساس وجود دوائر انتخابية متعددة التمثيل، ويقوم الناخبون بترتيب المرشحين على ورقة الاقتراع بالتسلسل حسب الأفضلية، وممكن اختيار مرشح واحد، وعادة ما يتم استخدام الاصوات المطلوبة لانتخاب المرشح بطريقة دروب (عدد الأصوات / المقاعد+ 1) + 1، ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: ايرلندا، مالطا، انتخابات مجلس الشيوخ في استراليا، الانتخابات المحلية في ايرلندا الشمالية.

ـ مميزات النظام

يعمل على الحفاظ على العلاقة المباشرة بين الناخبين وممثليهم المنتخبين، يحفز الاحزاب السياسية على التعاون فيما بينها من خلال تبادل الفضليات، وينتقد هذا النظام على ان النظم التفضيلية غريبة وغير معهودة من قبل المجتمعات وتتطلب مستويات جيدة من الوعي، تفاصيل فرز الاصوات كثيرة التعقيد ،يؤدي الى انقسامات داخل الأحزاب السياسية.

3ـ تقدير نظام التمثيل النسبي 

أـ مزايا نظام التمثيل النسبي

ـ يسهل حصول أحزاب الأقلية على تمثيل في البرلمان، ويعمل آلية لبناء الثقة.

يشجع نظام التمثيل النسبي الأحزاب الكبيرة والصغيرة على حد سواء، على وضع قوائم متنوعة إقليميا وعرقيا وجنسيا، إذ أن عليها تلبية أذواق مجال موسع من المجتمع لزيادة عدد الأصوات في جميع أنحاء البلاد.

ـ يعكس تمثيل حقيقي وعادل للقوى والاحزاب في البرلمان. 

ـ يشجع على المشاركة الواسعة في الانتخابات. 

ـ يقلل من عمليات التزوير.

ـ ويعمل نظام التمثيل النسبي على التقليل من مشكلة الأصوات المهدورة في الإقطاعيات الإقليمية.

ـ يقسم الوطن إلى دوائر انتخابية.

ـ عدد المقاعد المخصص للدائرة الواحدة يجب أن يتناسب مع عدد سكان الدائرة.

ـ يصوت الناخب لعدد من المرشحين بما لا يتجاوز عدد المقاعد المخصصة لدائرته الانتخابية.

ـ يفوز المرشحون الذين يحصلون على أعلى الأصوات.

ـ يؤمن نظام الانتخاب النسبي العدالة الحسابية في توزيع المقاعد النيابية، ويسمح بالتعددية الحزبية، وبتمثيل كل حزب في البرلمان بحسب نسبة الأصوات التي حصل عليها. وهو بالتالي يعكس التنوع السياسي في البلد واتجاهات الرأي العام، ويسُهم في تمثيل مختلف القوى السياسية والاجتماعية، فيحصل كل فريق على حقه وينال حصة من المقاعد تعادل حصته من مجموع عدد المقترعين، الأمر الذي لا يوفره النظام الأكثري.

ـ كما يسهم النظام النسبي في تحديث الحياة السياسية ورفع مستواها لأنه يحد من شخصنة الخيارات السياسية، ويحُفِّز على إنشاء الجبهات والتكتلات القائمة على أساس البرامج السياسية، وينمي الحياة الحزبية كما أنه يفُسح في المجال أمام النخب السياسية الجديدة والقوى الاجتماعية الصاعدة لدخول البرلمان، ويدفع باتجاه إصلاح الحياة البرلمانية عبر التأثير في قيام كتل برلمانية منظَّمة، وفي إقامة تحالفات بينها بهدف تكوين أكثرية موالية تقابلها أقلية معارضة، وتكوين قاعدة صلبة لقيام حكومات مسؤولة على أساس برامج محدَّدة ومُعلنة وحائزة تأييد الناخبين.

ـ كذلك يشُجع على توسيع مشاركة الفئات الاجتماعية في تشكيل اللوائح الانتخابية، وقد أدى في أوروبا مثلًا إلى ارتفاع نسبة المشاركة النسائية في مجالس نواب الدول التي تعتمده إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه في البرلمانات المنتخبة على أساس النظام الأكثري، ولعل الميِّزة الأهم لنظام الانتخاب النسبي هي في أنه يقود إلى رفع نسبة المشاركة في الحياة العامة، عن طريق الانتخابات النيابية، لأنه يضمن لجميع المقترعين عدم ذهاب أصواتهم هدرًا، كونهم سوف يتمثلون في البرلمان أياً تكن اللائحة التي اقترعوا لها. وهذا يحد من إمكان الشعور «بالغبن» أو «الإقصاء» لدى بعض الناخبين.

- يسمح نظام التمثيل النسبي بتمثيل الأقليات السياسية تمثيلا عادلا في البرلمان، فتحصل هذه الأقليات على مقاعد نيابية تتناسب والأصوات التي حصلت عليها في المعركة الانتخابية، ومن جهة أخرى تـتحفظ هذه الأحزاب الصغيرة باستقلالها وبرامجها الذاتية على عكس نظام الأغلبية الذي يؤدي إلى محاباة حزب الأغلبية فتضطر بعض الأحزاب الصغيرة إلى الاندماج في الأحزاب الأخرى الأقوى منها لكي تحصل على مقاعد في البرلمان.

- يضمن التمثيل النسبي التمثيل الصادق للشعب بمختلف اتجاهاته وميوله مما يؤدي إلى تكوين هيئة نيابية تعبر بصورة صادقة عن آراء الشعب وميوله لذلك يعد نظام التمثيل النسبي النظام الأكثر اتفاقا مع النظام البرلماني.

- يحول نظام التمثيل النسبي دون الاستبداد في البرلمانات ذلك لوجود أحزاب صغيرة تمكنت من خلال هذا النظام من الحصول على مقاعد، فتعمل جاهدة لتفرض وجودها وتشكل معارضة قوية في البرلمان.

- نظام التمثيل النسبي يشجع الناخبين على ممارسة حقوقهم الانتخابية فيحرسون على الإدلاء بأصواتهم لأحزابهم لأنهم على يقين من أن كل صوت له وزن في هذا النظام الانتخابي، وهو النظام الأكثر توافقية مع النظام الديموقراطي.

- هذا النظام يسمح بتمثيل أعداد كبيرة من الأحزاب السياسية في البرلمان إذ يجعل من الصعب تكوين أغلبية برلمانية متجانسة، ويعمل على عدم الاستقرار الحكومي ويعرقل العمل التشريعي، لذلك تسعى الأحزاب لإقامة تكتلات داخل البرلمان من اجل دعم حزب قوي لشكل حكومة ائتلافية توزع فيها الحقائب الوزارية على أعضاء تلك الأحزاب.

ب ـ عيوب النظام النسبي

ولكن على الرغم من مزايا هذا النظام إلا أن هناك العديد من المنتقدين له يسردون بعض العيوب وهي:

ـ أن التمثيل النسبي يهدد بإحداث اختناقات تشريعية في حكومات الائتلافيات متعددة الأحزاب.

ـ عدم استقرار الائتلافيات الحكومية ويزيد من عدم الاستقرار.

ـ يؤدي نظام التمثيل النسبي إلى تجزئة الأحزاب. 

ـ في كثير من الأحوال تتخذ القرارات السياسية المصيرية بسبب المجاملة السياسية التي يضطر الحزب الكبير التي تبنيها في علاقته مع بقية الأحزاب المشاركة معه في الوزارة.

ـ من بين الانتقادات الموجهة لنظام التمثيل النسبي أيضا انه نظام معقد وهناك صعوبة كبيرة في إجراء التوزيع النسبي للمقاعد وعملية تحديد النتائج وفرز الأصوات كذلك هي عملية معقدة من الناحية الحسابية فتؤدي إلى تأخير النتيجة الانتخابية مما قد يعرضها لعملية التزوير.

تستطيع الأحزاب الصغيرة أن تبتز الأحزاب الكبيرة لتشكيل حكومات ائتلافية حيث نجد انه في إسرائيل تعتبر الأحزاب الدينية المتطرفة ضرورة لتشكيل الحكومة، بينما عاشت إيطاليا اكثر من 50 عاما في ظل حكومات ائتلافية غير مستقرة.

ـ كما بسبب تعدد القوى داخل الندوة البرلمانية، قد يتعذر تأمين الأكثرية اللازمة لقيام البرلمان بواجباته، كما أنه يعيق قيام حكومة أكثرية متجانسة ومستقرة نظرًا إلى عدم وجود أكثرية نيابية متجانسة، إضافة إلى ذلك يحد نظام الانتخاب النسبي من حرية الناخبين لأنه يرتكز على نظام اللائحة الحزبية ابي من حرية الناخبين لأنه يرتكز على نظام اللائحة الحزبية الانتخابية، ولا يعطي الناخب الحرية في التعديل والتغيير والتشطيب، ويتطلبَّ نظام الانتخاب النسبي اللجوء الى أساليب حسابية معقدَّة للتوصل الى تحديد ما يحصل عليه كل حزب من مقاعد، كما أنه يمنع اللجوء الى الانتخابات الفرعية لملء مركز نيابي شغر بوفاة أحد النواب أو استقالته، وهو يؤدي إلى التركيز على المناطق والمراكز الانتخابية الكبيرة في قوائم الأحزاب وإهمال المناطق النائية. وعندما يكون عدد الأحزاب كبيرًا فإن التمثيل النسبي في البرلمان يؤدي إلى عدم استقرار سياسي.

الفرع الخامس: النظام الانتخابي المختلط 

أولا: تعريف النظام الانتخابي المختلط 

أصبحت نظم الإنتخابات المختلطة أكثر شيوعاً، فهي توظف كلا نظامي التمثيل النسبي للقائمة الحزبية، والدوائر الإنتخابية لنظام الحزب الواحد، مع متطلبات تعددية أو أغلبية الأصوات. يعتبر نظام الإنتخابات الألماني نموذجاً لنظام الإنتخابات المختلط.

لذلك يجب تطبيق عملية ترسيم الدوائر الإنتخابية بشكل دوري لكي تتماشى مع التغييرات في أعداد السكان، وذلك يعود إلى قيام النظم المختلطة بدمج الدوائر الفردية، حيث تعتمد أهمية عملية الترسيم وتأثير عملية ترتيب الدوائر الإنتخابية على نتائج الإنتخابات وعلى ما إذا كان يتم استخدام مقاعد القائمة الحزبية في سبيل تصحيح أية أخطاء تتعلق في علاقة المقاعد بالأصوات التي تنتج عن إنتخابات الدوائر الفردية.

وفي بعض الدول مثل ألمانيا، تستخدم المقاعد المخصصة لنظام القائمة الحزبية للتعويض عن أية أخطاء على نسبة المقاعد-إلى- الأصوات التي نتجت على مستوى الدوائر الإنتخابية. تسمى النظم المختلطة التي تستخدم مقاعد القائمة الحزبية في نية التعويض عن الأخطاء بنظم "تناسب العضوية المختلطة".

ويعود ذلك إلى نسبية نتائج الإنتخابات. وفي بعض الدول مثل روسيا، لا يتم استخدام مقاعد القائمة الحزبية من أجل التعويض عن الأخطاء التي قد تنتج عن إنتخابات الدوائر الفردية. وفي الواقع، يتم ببساطة إضافة المقاعد المخصصة للأحزاب المدرجة في عنصر القائمة الحزبية للإنتخابات إلى المقاعد الفائزة على مستوى الدوائر الإنتخابية. وبذلك يمكن أن تطرأ اخطاء على نسبة المقاعد-إلى-الأصوات الخاصة بالأحزاب. في هذا النظام المختلط، والذي يطلق عليه أحيانا اسم "النظام المتوازي"، تكتسب عملية ترسيم الدوائر الإنتخابية أهمية أكبر لأنها قد تاثر بشكل واضح على التركيبة الحزبية للمجلس.

من اجل الاستفادة من مميزات نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبي وتقليل عيوب كلا النظامين، لجأت العديد من الدول إلى اعتماد ”النظام المختلط” وهو معمول به حاليا في العديد من البلدان والذي يعني انتخاب عدد من المقاعد (نصفها مثلا) على أساس الدوائر الفردية (الأغلبية) والنصف الآخر على أساس التمثيل النسبي كما هو الحال في ألمانيا، وسمحت بعض الأنظمة المختلطة للمرشح أن يشارك في الانتخابات الفردية للدوائر وكذلك أن يكون مرشحا ضمن القوائم في نظام التمثيل النسبي.

ثانيا: تقييم النظام الانتخابي المختلط 

ـ يخصص جزء من مقاعد المجلس التشريعي لنظام التعددية الأغلبية والجزء الآخر لنظام التمثيل النسبي.

ـ يقوم على أساس الاستفادة من مميزات كل من النظم التعددية ونظم التمثيل النسبي، فهو أخد النظم الانتخابية لانتخاب الممثلين بموجب نظامين مختلفين، أحدهما نظام القائمة النسبية والأخر نظام التعددية، حيث تعمل نتائج النظام النسبي على تعويض الخلل الحاصل في نسبة النتائج المنبثقة عن نظام التعددية، ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: ألبانيا، ألمانيا، إيطاليا، المكسيك، نيوزيلندا، فنزويلا، ويتمتع بنفس المزايا والسلبيات لنظام القائمة النسبية.

ـ يقوم على الجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، أو التوفيق بينهما بحيث يعتمد كل منهما في عدد من الدوائر، كما يمكن تطبيق نظام الانتخاب المختلط بإجراء الانتخابات على دورتين، حيث يتم تطبيق نظام الانتخاب الأكثري في الدورة الأولى ونظام الانتخاب النسبي في الدورة الثانية، إذا لم تحصل أي لائحة على الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى، ما يشُجع الأحزاب على التحالف للحصول على الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى، ما يؤدي إلى زيادة تمثيل الأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الصغيرة.

وعلى الرغم من أن معظم الدول التي تعتمد النظام الديمقراطي في العالم تعتمد نظام الانتخاب النسبي، إلا أن بعض الدول الكبيرة وذات التراث العريق في الانتخابات بدأ خلال العقدين الأخيرين بالتحول نحو نظام الانتخاب المختلط الذي يتبنى نوعًا من نظام الصوت الواحد على مستوى المناطق ونظام التمثيل النسبي على المستوى الوطني. ومن الدول التي تحولت إلى هذا النظام، مصر وفرنسا وألمانيا وايطاليا وبوليفيا وفنزويلا ونيوزيلندا وهنجاريا.

ونذكر بعض الدول التي اعتمدت النظام المختلط حيث سيكون الرقم الأول عدد أعضاء البرلمان، والثاني عدد المقاعد الفردية والثالث هو عدد المقاعد للتمثيل النسبي على التوالي: 

ألبانيا (140/ 100/ 40)، أرمينيا (131/ 75/ 56)، أذربيجان (125/ 100/ 25)، جورجيا (235/ 85/ 150)، مقدونيا (120/ 85/ 35)، روسيا (450/ 225/ 225)، أوكرانيا (450/225/ 225)، ليتوانيا (141/ 71/ 70)، بوليفيا (130/ 68/ 62)،

هذا وكانت بلغاريا قد اعتمدت "النظام المختلط" في حزيران 1990، وذلك لانتخابات البرلمان التأسيسي الذي اقر دستور بلغاريا في تموز 1991، والبالغ 400 عضو نصفهم 200 على أساس الدوائر الاقليمية للتمثيل النسبي، 200 مقعد على أساس الدوائر الفردية بنظام الأغلبية المطلقة أي (%50 + 1) حيث جرى تقسيم البلاد الى 200 دائرة لكل منها مقعد واحد، وجرت انتخابات لجولة ثانية في العديد من الدوائر، ومنذ عام 1992 انتقلت بلغاريا الى نظام التمثيل النسبي حيث تقسم 240 مقعد الى 31 دائرة مع نسبة حسم 4% وكانت نتيجة الانتخابات الاخيرة على النحو التالي:

- الحزب الاشتراكي حصل على 15,17% من الاصوات وفاز ب 48 مقعدا ـ اتحاد القوى الديمقراطية 18،18% من الاصوات وفاز ب 51 مقعدا، 

ـ حركة سيمون الثاني حصلت على 74،42 % من الاصوات وحصلت على 120 مقعدا 

ـ حركة حقوق الموطن (حزب الاقلية التركية) حصلت على 45،6% من الاصوات وفازو ب 21 مقعدا وبهذا نجد أن مجموع الاصوات التي تمثلت في البرلمان شكلت 5،85% في حين هناك 5،14% من الاصوات ذهبت للأحزاب التي لم تستطيع تجاوز نسبة الحسم. وهذا يؤكد بأن نسبة الاصوات المهدورة أقل من 15%.

وهنغاريا تعتمد على النظام المختلط حيث يقسم البرلمان، 386 إلى 176 فردي، 152 نسبي في دوائر إقليمية، وهناك 58 مقعد على أساس نسبي على الصعيد الوطني مع نسبة الحسم لا تقل عن 5 %، أما جورجيا هناك يشترط حصول المرشح للانتخابات الفردية على 33% على الأقل وان يشارك في الانتخابات اكثر من (%50 +1) من الذين يحق لهم الاقتراع ونسبة الحسم 7 %حيث قسم البرلمان الى 85 فردي، 150 نسبي أي ما نسبته 8,63 % للتمثيل النسبي و 2,36% للدوائر الفردية وفيما يلي جدول يبين نتائج الانتخابات الأخيرة في اليابان، التي جرت بتاريخ 25 حزيران 2000، وذلك على أساس "النظام المختلط" حيث يقسم البرلمان البالغ 480 عضو على أساس 300 عضو يتم انتخابهم على أساس الدوائر الفردية، و180 عضو على أساس التمثيل النسبي في 11 دائرة انتخابية. 

وهناك نلاحظ بان الحزب الليبرالي الديمقراطي حصل على 7,28% من الأصوات إلا انه حصل على 183 مقعد من المقاعد الفردية من اصل 300، وذلك بنسبة تفوق 60% من المقاعد، وكذلك حصل 56 مقعدا من 180 للتمثيل النسبي، ويحصل في المجموع على 239 مقعدا أي 8,49% من إجمالي المقاعد، في حين نجد أن الحزب الشيوعي يحصل على 3,11% من الأصوات ولم تتسنى له الحصول على أي مقعد من المقاعد الفردية، وفقط حصل على 20 مقعدا من المقاعد المخصصة على أساس التمثيل النسبي، وبهذا يحصل على 4.2% من إجمالي المقاعد.

وكذلك نجد أن هناك آخرون، مستقلون قد حصلوا على 25 مقعد في الانتخابات الفردية مع حصولهم على اقل من 2% من الأصوات، ولهذا اعتقد بان النظام المختلط هو الأنسب مع العلم بأنة سيبقى هناك اختلافات في النتائج عن النظام النسبي الكامل، ولكنه افضل بالضرورة للأحزاب المنتشرة على صعيد البلاد وعدم تمركزها في مناطق محددة، إذ تستطيع أن تشارك في البرلمان عبر الحصة المخصصة للتمثيل النسبي. لأننا نلاحظ بان الحزب الشيوعي والحزب اللبرالي قد حصلوا على اكثر من 20% الأصوات إلا انهم لم يستطيعوا أن يفوزوا بالمقاعد الفردية إلا بمقعد واحد فقط من 300 مقعد مخصصة للدوائر الفردية.

بصرف النظر عن النسبة الحقيقية للأصوات التي حصلوا عليها.

الفرع السادس: النظم المتوازية ونظم الصوت الواحد غير المتحول

أولا: النظم المتوازية

يستخدم أصًوات الناخبين لانتخاب ممثلهم عبر نظامين انتخابيين مختلفين، ومن الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام: أرمينيا، أذربيجان، ليتوانيا، جورجيا، مثل الجمع بين نظام الفائز الأول ونظام النسبية...  

ثانيا: نظم الصوت الواحد غير المتحول

يتم الاقتراع لصالح مرشح واحد فقط في دوائر انتخابية متعددة التمثيل ويفوز بالانتخابات المرشحون الحاصلون على أعلى الأصًوات، فالاقتراع لصالح الأفراد وليس لصالح الاحزاب السياسية، على سبيل المثال: حزب حصل على 50% يفوز مرشحين كل منهما بـ 25% فيفوزا بمقعدين ،ومرشح آخر خصل على 40% والآخر 10% يعني ذلك عدم فوز المرشح الثاني وفقط يفوز الحزب بمقعد واحد فقط ، و من الدول الأكثر تطبيقا لهذا النظام : الأردن، جزر البيكترن، اندونيسيا لانتخاب مجلس الشيوخ، تايلاند ،الانتخابات التشريعية في أفغانستان.

كما أنه نظام تفضيلي يقوم فيه الناخب بترتيب المرشحين حسب تفضيله لهم في دوائر تعددية. والمرشح الذي يحصل في التفضيل الأول على أصوات تتخطى 3 يعتبر فائزاً. وفي حالة عدم حصول عدد من المرشحين يساوي نصاباً محددا عدد المقاعد المخصصة للدائرة على نصاب الفوز، فإنه يتم إعادة توزيع أصوات المرشحين الفائزين التي تتخطى النصاب المعين على المرشحين الآخرين حسب التفضيل الثاني ثم يتم استبعاد المرشحين الحاصلين على أقل الأصوات وتوزيع أوراقهم حسب التفضيل الثاني. وهكذا حتى يتم ملء المقاعد الشاغرة للدائرة، عادة ما يقوم الناخبون بالتصويت لمرشحين أفراداً وليس لقوائم سياسية رغم أن ذلك قد يحصل احياناً.

ومن مميزات النظام أنه يسهم في تمكين المرشحين للأحزاب السياسية الصغيرة ومرشحي الأقليات والمرشحين المستقلين، يسهم في دفع وتوجيه الاحزاب السياسية لتنظيم نفسها داخلياً بشكل أفضل، ويتميز بأنه سهل الفهم وسهل التطبيق على أرض الواقع، أما عيوب النظام فينتج عنه عدم فوز الاحزاب الصغيرة بأي تمثيل في حال توزعت أصواتها بشكل كبير على مرشحيها، يعمل على تعميق الخلافات الداخلية نتيجة تقسيم الأصوات، يتسبب في ضياع أعداد كبيرة من الأصوات.

الفرع السابع: نظم الصوت المحدود ونظام بوردا

أولا: نظم الصوت المحدود

يرتكز هذا النظام على المرشحين الافراد ويستخدم ضمن دوائر انتخابية متعددة التمثيل حيث يملك الناخبين أكثر من صوت واحد، ولكن أقل من عدد الممثلين المنتخبين عن الدائرة الانتخابية، ويفوز بالانتخابات المرشحون الحاصلون على أعلى الأصوات، ويستخدم في جبل طارق، اسبانيا في انتخابات مجلس الشيوخ، ومن مميزات هذا النظام أنه لا يتطلب عمليات معقدة لفرز الأصوات، كما يعتبر أحد النظم الانتخابية الفردية- المرتكزة على المرشح- في دوائر تعددية يمنح فيها الناخب الحق بانتخاب أكثر من مرشح، وبما لا يصل الى عدد المقاعد المخصصة للدائرة. وفي هذا النظام يفوز المرشحون الحاصلون على أعلى الاصوات بمقاعد الدائرة.

ثانيا: نظام بوردا

هو نوع من النظم الانتخابية والمستخدم في ناورو فقط أحد جزر المحيط الهادي المستقلة، ويستخدموا ارقاماً تسلسلية لترتيب المرشحين حسب الأفضلية على ورقة الاقتراع، وتعطى كل الأفضلية قيمة محددة لأغراض الفوز، ويتم جمع هذه القيم لكل مرشح ويفوز بالانتخابات الحاصلين على أعلى المجاميع. 

كما أن صيغة بوردا هي نظام انتخابي تفضيلي فردي، يمكن استخدامه في دوائر فردية أو دوائر تعددية. وفيه يستخدم الناخبون أرقاماً للتعبير عن خيارهم التفضيلية في ورقة الاقتراع. وعند العد يتم إعطاء كل رقم قيمة معينة بترتيب ثابت، ثم يتم جمع القيم التي حصل عليها المرشحون من كافة أوراق الاقتراع وهكذا يفوز المرشح أو المرشحون الحاصلون على أعلى القيم المجمعة

الفرع الثامن: نظام سانت ليغو وطريقة سانت ليغو المعدلة

أولا: نظام سانت ليغو  

هذه الطريقة ابتكرت عام 1910، وهي تقلل من العيوب الناتجة عن عدم التماثل بين عدد الأصوات المعبر عنها وعدد المقاعد المتحصل عليها، هذا العيب الذي تستفيد منه الأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الصغيرة وقد طبقت هذه الطريقة في صورتها الاولى في النرويج والسويد عام 1951 ، إذ تستعمل الاعداد الفردية  (1، 3 ، 5 ، 7 ، ....).

فمثلا الدائرة التي يفترض عدد مقاعدها) 6( ستكون القواسم) 6( ، اي بعدد مقاعد الدائرة ، ويكون التوزيع كما يلي: 

الكيان أ: عدد الأصوات: 27000   

الكيان ب: عدد الاصوات: 23000                   

الكيان ج: عدد الاصوات: 15000                  

الكيان د: عدد الاصوات: 7600 

الكيان هـ: عدد الاصوات: 7400    

وبالقسمة على العامل القاسم الاول والذي هو (1) يكون: 

الكيان أ هو الاول ويحصل على مقعد واحد ونفس الحالة للكيان ب الذي يحصل على المقعد الثاني والمقعد الثالث للكيان ج والرابع للكيان أ وذلك لأنه بجدول القسمة على (3) يكون الناتج 9000 للكيان أ في حين الكيان د و هـ بجدول القسمة على (1) لم يحصل إلا على 7600 و 7400 على التوالي والمقعد الخامس للكيان ب الذي بحسب جدول القسمة على (3) حصل على 7666 لكن المقعد السادس يكون من حصة الكيان د، وهكذا سيحصل الكيان (أ) على مقعدين والكيان (ب) على مقعدين والكيان (ج) على مقعد واحد والكيان (د) على مقعد واحد، في حين لا يحصل الكيان (هـ) على اي مقعد.

ثانيا: طريقة سانت ليغو المعدلة

طريقة سانت ليغو المعدلة هي صورة مع ِّدلة لطريقة سانت ليغو الكلاسيكية، وتطبق بهدف جعل عملية توزيع المقاعد أكثر عدلا، وفيها يتم تعديل القواسم لتصبح (1، 3 ، 5 ، 7 ، 9 ، ....) وتطبق هذه الطريقة حالياً في نيوزيلندا والنرويج والسويد والبوسنة وفي العراق.

الفرع التاسع: نظام تمثيل المصالح والمهن  

طبق نظام تمثيل المصالح والمهن في كثير من الأنظمة السياسية القديمة فمعظم المجالس النيابية القديمة، نشأت لتمثيل الطبقات الممتازة ثم انظم إليها ممثلو عامة الشعب، حيث أخذت فرنسا قبل الثورة بنظام تمثيل المصالح والمهن وكان البرلمان آنذاك يتكون من ممثلين عن الإشراف ورجال الدين و العامة، وكانت كل طبقة تنتخب نوابها لتمثيلهم كذلك في إنجلترا مجلس اللوردات لا يدخله إلا الأشخاص الذين يستوفون شروطا معينة: كالنسب، الثقافة، الطبقة الاجتماعية.

وفي الوقت الحاضر لم يعد نظام تمثيل المصالح والمهن يقتصر على إعطاء تمثيل للطبقات فقط بل أصبح هناك تمثيل لمصالح اقتصادية واجتماعية ومهنية، فأخذ هذا النظام منحى ديمقراطي يختلف عن منحاه القديم. ويتم تمثيل المصالح والحرف بالمجالس النيابية بإحدى الطرق:

- يتم تمثيل المصالح في أحد المجلسين (إذا كان البرلمان يتكون من مجلسين: مجلس الشيوخ، ومجلس النواب).

- قد يتم تكوين أحد المجلسين بكامله على أساس تمثيل المصالح المختلفة، بحيث يكون هناك مجلسا حرفيا ويمثل الآخر الأحزاب السياسية. 

أما بالنسبة لتقدير نظام تمثيل المصالح والمهن فهو: 

- نظام تمثيل المصالح والمهن يكفل تمثيلا صادقا للأمة، ففي البرلمان نجد إلى جانب الأحزاب السياسية طوائف ومصالح اقتصادية واجتماعية وبهذه الصورة يصبح البرلمان المعبر الحقيقي عن رأي الأمة.

- تمثيل المصالح والمهن يسمح بتكوين برلمانات ذات خبرة وكفاءة فنية متخصصة في مختلف الأمور.

كما أنه هناك بعض العيوب يتذرع بها خصوم نظام تمثيل المصالح والمهن وهي: 

- أن نظام التمثيل المصالح والمهن يتعارض مع مبدأ سيادة الأمة لان هذا المبدأ يفترض أن الأمة وحدة لا تتجزأ، أما هذا النظام يجعل لكل طائفة جزء من السيادة يستوجب تمثيلها في البرلمان، مما يصبح العضو يقدم مصالح حرفته على الصالح العام.

- إن تشعب المهن والحرف يشكل صعوبة في تحديد الطوائف والمصالح المراد تمثيلها. 

- إن كان نظام تمثيل المهن والحرف يقلل من سيطرة الأحزاب فانه يؤدي إلى استبداد النقابات وفي كثير من الأحيان تنشب النزاعات بين أصحاب الحرف المختلفة فينجم عن ذلك الفرقة والانقسام داخل البرلمان وبالتالي تعطيل سير العمل التشريعي.

المرجع:

  1. د. عمروش أحسن، مطبوعة في النظم الانتخابية والنظم الحزبية، جامعة الجيلالي بونعامة خميس مليانة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، الجزائر، السنة الجامعية 2019/ 2020، من ص10 إلى ص69.

 

google-playkhamsatmostaqltradent