التدابير الأمنية أو الاحترازية

التدابير الأمنية أو الاحترازية

تعتـرف السياسـة الجنائيـة الحديثـة بأهميـة العقوبـة والتـدبير الاحتـرازي فـي التصـدي للجريمـة ويعتبـر التـدبير الأمنـي الصـورة الثانيـة للجـزاء الجنـائي، وهـو حـديث مقارنـة بالعقوبـة.

ويرجع الفضل في ظهوره إلى المدرسة الوضعية الايطالية في القرن 19. 

تـرتبط التـدابير الاحترازيـة بفكـرة الخطـورة الإجراميـة لـدى الشـخص لـذلك فهـو إجـراء فردي ينزل بشخص يسند إليه ارتكاب الجريمة. 

المطلب الأول: تعريف تدابير الأمن وخصائصها 

سـوف نتطـرق فـي نطـاق هـذا المطلـب إلـى تعريـف تـدابير الأمـن أولا ثـم خصائصـها كونها تختلف عن العقوبة. 

الفرع الأول: تعريف تدابير الأمن 

تعـرف بأنهـا إجـراءات تتخـذ حيـال المجـرم بهـدف إزالـة أسـباب الإجـرام لديـه وتأهيلـه اجتماعيا. وهي إجراءات ذات طبيعة قضائية تتخذ ضدّ مرتكب الجريمة لمواجهـة الخطـورة الإجرامية الكامنة في شخصه ودرئها عن المجتمع. 

الفرع الثاني: خصائص تدابير الأمن 

تتميز تدابير الأمن بمجموعة من الخصائص يمكن إجمالها فيما يلي: 

- تخضـع تـدابير الأمـن لمبـدأ الشـرعية حيـث يجـب أن يـنصّ عليهـا القـانون ويجـب أن يحكم بها القاضي المختص.

- تتميز بطابع الإجبار والعسر وذلك حتى ولو كانت علاجيـة أو اجتماعيـة وذلـك مـن أجل حماية المجتمع من خطورة الجاني. 

- تهدف إلى الوقاية من الجريمة فهي لا تعترف للجاني بإرادة إجرامية مثل العقوبة.

- غير محددة المدة باعتبارها تدور وجـودا وعـدما مـع الخطـورة الإجراميـة، حيـث يجـب أن تتوقف هذه التدابير بزوالها وذلك على ضوء نتائج التأهيل. 

- قابليتهـا للمراجعـة وذلـك حسـب تطـور خطـورة الجـاني حيـث تسـهر الجهـة القضـائية التـي قـررت التـدبير علـى متابعتـه ومراقبـة تنفيـذه، كمـا يمكنهـا اسـتبداله بتـدبير آخـر والتخفيـف منه أو التشديد فيه. 

- لا يشـملها التقـادم ولا العفـو كمـا هـو الحـال بالنسـبة للعقوبـة باعتبـار أن الهـدف منهـا وقائي وليس عقابي ردعي.

المطلب الثاني: أنواع التدابير الأمنية 

نـصّ قـانون العقوبـات الجزائـري علـى نـوعين مـن التـدابير الأمنيـة تطبـق علـى شـخص المجرم الذي تعجز العقوبة عن الوقاية من أخطاره أو علاجه. 

الفرع الأول: الحجر القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية 

تنصّ المادة 22 مـن ق ع علـى أن "الحجـر القضـائي فـي مؤسسـة استشـفائية للأمـراض العقليـة هـو وضـع الشـخص بنـاء علـى أمـر أو حكـم أو قـرار قضـائي فـي مؤسسـة مهيـأة لهـذا الغرض بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقـت ارتكابـه الجريمـة أو اعتـراه بعـد ارتكابهـا"، وعليـه يمكن أن يصدر الأمر بالحجر بموجب أي أمر وحكـم أو قـرار بإدانـة المـتهم أو العفـو عنـه أو ببراءتـه أو بانتفـاء وجـه الـدعوى. ويثبـت الخلـل العقلـي بعـد الفحـص الطبـي ويجـوز بالتـالي لجهات الحكم أو حتى لجهات التحقيق إصدار الأمر بالحجر القضائي.

الفرع الثاني: الحجر القضائي في مؤسسة علاجية 

يخـصّ هـذا الإجـراء الأشـخاص المـدمنين علـى الكحـول أو المخـدرات أو المـؤثرات العقليـة، والـذين يرتكبـون جـرائم بسـبب هـذا الإدمـان. فيـتم وصـفهم بنـاء علـى أمـر مـن قاضـي التحقيق أو غرفة الاتهام أو حكم أو قرار قضائي، كما يجوز إصدار الأمر بالوضع القضـائي حتى إذا صدر حكم ببراءة الشخص أو بانتفاء وجه الدعوى. 

وتجـدر الإشـارة إلـى أن القـانون 15-12 المتعلـق بحمايـة الطفولـة نـصّ علـى مجموعـة مـن التـدابير الخاصـة بالأحـداث الجـانحين وذلـك لتفـادي إدخـالهم إلـى المؤسسـة العقابيـة كوضـعهم فـي مؤسسـة مكلفـة بمسـاعدة الطفولـة أو فـي مدرسـة داخليـة صـالحة للإيـواء أو فـي مركز متخصص في حماية الطفولة الجانحة.

المرجع:

  1. د. بوعياد آغا نادية نهال، محاضرات في القانون الجنائي العام، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثانية حقوق جذع مشترك، جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، من ص143 إلى ص145. 

google-playkhamsatmostaqltradent