مذكرة ماستر: دور علم النفس الجنائي في مكافحة الجريمة PDF

الصفحة الرئيسية

مذكرة ماستر: دور علم النفس الجنائي في مكافحة الجريمة PDF

مذكرة ماستر: دور علم النفس الجنائي في مكافحة الجريمة PDF

جامعة العقيد أكلي محند أولحاج – البويرة –

الموضوع: دور علم النفس الجنائي في مكافحة الجريمة

من إعداد الطالب(ة): ناوي حفصة

السنة الجامعية: 2021 / 2022

المقدمة

شهد المجتمع البشري الجريمة منذ نشأته، فأول جريمة ارتكبت في التاريخ الإنساني تعود إلى أول عهد بالإنسان على الأرض، حين نزل سيدنا آدم من الجنة وجعله الله خليفة له على الأرض وهناك ارتكبت أول جريمة في التاريخ، حين أقدم ابن سيدنا آدم قابيل على قتل أخيه هابيل، فالجريمة قديمة قدم الإنسان وملازمة لكل العصور بل وتتطور بتطوره، فلم تبقى الجريمة على الصورة التي كانت عليه من قبل فتغيرت أشكالها وتعقدت أساليبها مواكبة بذلك التطور المستمر الذي يشهده العالم، فلقد عانت المجتمعات أينما وجدت من الجرائم باختلاف وتفاوت درجات خطورتها.

الجريمة ظاهرة معقدة وليست شيئا مطلقا واضح الأسباب والعوامل بل تتسم بالتعقيد والتركيب وتختلف من مجتمع لآخر وحتى من شخص لآخر ينتميان لنفس المجتمع وهذا ما يوضح أن الجريمة ظاهرة نفسية قبل أن تكون اجتماعية، فالجريمة تنطلق من نفس بشرية كان لابد من معرفة مكنوناتها ودوافعها الغامضة والغوص فيها، فبما أن الجريمة سلوك إنساني فهي تصدر عن شخصية إنسانية إجرامية فالجريمة ثمرة تفاعل هذه الشخصية مع العالم الخارجي ونتاج تصادم هذه الشخصية مع الوسط الاجتماعي وتفاعلها معه يتولد السلوك الإجرامي، فالنفس البشرية تعتبر الشرارة الأولى والمصدر الرئيسي للجريمة، هذا ما أدى بضرورة إقحام علم النفس في الدراسات المتعلقة بالجريمة.

رجل القانون سواءا كان قاضيا أم محققا أم محاميا في حاجة ماسة إلى الدراسات النفسية التي تعينه على فهم الطبيعة البشرية على الوجه الصحيح وتساعده على تفسير الظواهر النفسية الغامضة والمعقدة التي تعرض له في حياته العملية وتؤهله للقيام بواجبه على أكمل وجه بغية تحقيق الهدف الأسمى وهو تحقيق العدالة، في هذا الصدد يقول محمد فتحي وهو أحد القضاة والمحققين "لقد أقنعتني مشاهداتي وتجاربي الشخصية حال قيامي بمهنتي القضائية كمحقق وقاض أعواما طويلة، بأن العامل الأكبر في تورط رجل القانون في الخطأ يرجع إلى جهله بأسرار النفس البشرية، وبإجراءات العقل الباطن وأساليبه الخفية المعقدة، ومالها من سلطان قوي على تفكيرنا يسيطر على أعمالنا وسلوكنا في حياتنا اليومية دون أن نشعر".

فعلم النفس الحديث أصبح يتطور بخطى مذهلة فيكتشف كل يوم تقريبا حقيقة جديدة حول الإدراك الإنساني والسلوك بما في ذلك دراسة الحياة النفسية العميقة لصاحب السلوك غير السوي ودوافع تصرفاته التي تعتبر صلب البحث بالتركيز على منبعها الأول ودوافع بروزها للعلن، وعلم النفس أصبح في العصر الحالي علما طبيعيٍا بكل معاني الكلمة، دراسته قائمة على المشاهدة والتجربة والتحليل، وهذا ما جعل رجل القانون يعتمد عليها، فرجل القانون رجل حقائق ومشاهدات لا يعتمد إلا على ماهو مبني على أسس علمية وأدلة ملموسة  فيسعى علم النفس إلى فهم السلوك الإنساني والقدرة على ضبطه والتحكم فيه بما في ذلك سلوك المجرم فللمجرم سيكولوجية خاصة لابد من فهمها والإلمام بخصوصيتها والطرق النفسية المعتمدة للكشف عن هوية الجاني وكذلك أساليب تأهليه وعلاجه وهذا ما أدى إلى تخصيص فرع خاص لعلم النفس لدراسة الإجرام، فالمواضيع التي يتقابل فيه علم النفس مع القانون هي المنطقة التي تمثل "علم النفس الجنائي وميدانه".

ولدراسة هذا الموضوع أهمية بالغة، تكمن أبرز نقاطها فيما يلي:

أهمية إختيار الموضوع

لهذا الموضوع أهمية بالغة كون أن علم النفس الجنائي والقانون شريكان في قضية واحدة هي مكافحة الجريمة ويكافح كل منهما هذه الجريمة بأسلوبه وأدواته، وكما يشتريكان في هدف واحد وهو حماية أسباب الأمن الاجتماعي.

ـ الدور الكبير لعلم النفس الجنائي في تحليل الجرائم وتحليل سلوك المجرمين، فيطلب من علماء النفس الجنائيين في كثير من الأحيان تقديم شهادة خبير في المحكمة، ويعتمد الدور الذي يؤديه علماء النفس الجنائيون في إجراءات المحكمة اعتمادا كبيرا على الإختصاص القضائي الذي يشاركون فيه، ومن خلال استحداث إجراءات أكثر تنظيما وموضوعية لبناء أرائهم الخبيرة على أساسها.

ـ دراسة موضوع علم النفس الجنائي تمكن من دراسة الظروف والعوامل الموضوعية التي تهيء للجريمة وتساعد عليها وكذلك تمكن من دراسة شخصية الشهود.

يمكن من تتبع المجرم بالدراسة والرعاية بعد انتهاء مدة العقوبة حتى لا يعود للجريمة مرة أخرى.

ـ علم النفس الجنائي يمكن من تصنيف المجرمين طبقا لأعمارهم وجرائمهم وحالاتهم النفسية والعقلية بقصد تحديد أنواع الرعاية والإصلاح  بالنسبة لكل واحد منهم.

ـ فعالية علم النفس الجنائي ودوره الكبير في التحقيق الجنائي من خلال مساعدة مؤسسات التحقيق والقانون في أداء مهمتها بشكل أكثر فعالية من خلال تطبيق معرفة نفسية عليها.

أسباب اختيار الموضوع

وتقف وراء اختيار هذا الموضوع أسباب ذاتية، وأخرى موضوعية، تتمثل هذه الأخيرة في: 

الأسباب الذاتية

ـ تنطق من رغبتي الذاتية في دراسة نقاط الإشتراك بين علم النفس وعلم الإجرام وهذا الالتقاء يمثل علم النفس الجنائي، فمنذ إلتحاقي بهذا التخصص بدا إهتمامي البالغ بدراسة نفسية المجرم وتفسير السلوك الإجرامي نفسيا وكذلك دراسة نفسيات كل من له علاقة بالميدان القضائي، وكذلك دراسة نفسية الجاني وهو تحت وقع الأسر في المؤسسات العقابية ولما لذلك من أثر إلى حين الإفراج عنه، وحتى بعد الإفراج عنه، وما لذلك من آثار على نفسيته. 

ـ رغبتي في إضفاء ولو القليل من المادة العلمية التي من الممكن أن تفيد المهتمين بعلم النفس الجنائي بشكل خاص، والدارسين للجريمة بشكل عام.  

الأسباب الموضوعية

ـ الرغبة في تسليط الضوء أكثر حول هذا الموضوع نظرا لأهميته البالغة في مكافحة الجريمة وكذلك في فك ألغازها وشفراتها الغامضة.

ـ موضوع علم النفس الجنائي وعلاقته بالقانون من المواضيع التي لم يتم دراستها من قبل في شكل رسائل علمية (دكتوراه، ماجستير، ماستر) إلا بشكل قليل جدا وهذا كان دافعا أساسيا لاختيار هذا الموضوع.

علم النفس الجنائي موضوع يصب بشكل مباشر في صلب موضوع علاقة المجرم بالجريمة من خلال دراسته لنفسية المجرم ودوافعه النفسية التي دفعته لارتكاب الجريمة وكل هذا يندرج في جوهر دراسة التخصص الجنائي والعلوم الجنائية بشكل عام.

ـ أقدمية موضوع علم النفس الجنائي وتطوره عبر الزمن، فهذا العلم واستخداماته الجنائية ليست وليدة اللحظة فهو موضوع عريق تم الاهتمام به والاعتماد عليه هذا ما يعطي الدافع نحو دراسته ومعرفة أسراره المهمة.

الهدف من دارسة الموضوع

ـ تسليط الضوء على الدور الكبير الذي يلعبه علم النفس الجنائي في الكشف عن الجريمة من خلال فعاليته في التحقيق الجنائي وحل ألغاز الجريمة الشائكة.

ـ إثراء الموضوع أكثر خاصة في ظل قلة الرسائل العلمية التي تطرقت إليه.

ـ دراسة ماهية علم النفس الجنائي وكذلك الظهور الأول لفكرة علم النفس الجنائي وتطوره عبر التاريخ.

ـ إظهار الإجراءات التي يستخدمها علم النفس الجنائي للوصول إلى الجاني، وتعتبر هذه الأخيرة ذات نفع للإجراءات القانونية مثل الاختيارات المتعدة لتقييم القدرة العقلية.

صعوبات الدارسة

ـ تتمثل بشكل رئيسي في ضيق الوقت نظرا لتشعب موضوع علم النفس الجنائي وكثرة التفرعات فيه، فهو موضوع يستحق وقتا أطول وتفرغا أكبر من أجل الإلمام بكل جزئياته.

ـ تكمن الصعوبات في كون الدراسة النفسية للمجرم تتسم بالغموض وكثرة التداخلات، خاصة فيما يتعلق بالاضطرابات النفسية فكان من الصعب الفصل فيها، فهي تتشارك في كثير من النقاط فيما بينها.

ـ قلة المراجع المتخصصة في هذا الموضوع، سواءا من كتب أو أطروحات.

ـ أهم المصادر والمراجع المعتمدة: 

تم الاعتماد على مراجع متنوعة وأهمها:

ـ كتاب "أسس علم النفس الجنائي" للكاتب "الزعبي أحمد محمد،" والذي تطرق فيه إلى أهم ما يتعلق بعلم النفس الجنائي من اهتمامات وتطور تاريخي، طرائق البحث، النظريات المفسرة للسلوك الإجرامي.

ـ كتاب "علم النفس الجنائي"، لمؤلفيه "شحاتة محمد ربيع"، "جمعة سيد يوسف"، "معتز سيد عبدالله"، هذا الكتاب يعتبر من أشهر مؤلفات علم النفس الجنائي لما يشمله من غزارة في المعلومات، وأهم ما ركز عليه مدخل لعلم النفس الجنائي، نظريات المفسرة للسلوك الإجرامي، تصنيف الجرائم والمجرمين، الدراسة النفسية للعملية الجنائية.

ـ مؤلفات العيسوي عبد الرحمان، وأخص بالذكر الكتابين "اتجاهات جديدة في علم النفس الجنائي"، و"سيكولوجية القضاء"، فالكتاب الأول فيه ما يخدم الباحث بشكل كبير وركز فيه على النظريات الحديثة، أما الكتاب الثاني فركزعلى ما يتعلق بوظيفة علم النفس الجنائي في القضاء.

إشكالية الموضوع

تتبادر لذهن الدارس والباحث إشكاليات ويود أن يجيب عليها من خلال بحثه، وموضوع علم النفس الجنائي في الحقيقة يثير كثير من الإشكاليات التي تثير لعاب الباحث من أجل إشباع رغبته في إيجاد حل لإشكاليته ولعل الإشكالية الجوهرية تتمثل في: إلى أي مدى ساهم علم النفس الجنائي في مكافحة الجريمة؟

وللإجابة على هذه الإشكالية، اعتمدت الخطة التالية التي قسمتها إلى فصلين حتى يتسنى لي الإلمام بالموضوع بشكل جيد، الفصل الأول الذي كان فصلا نظريا معنونا ب"علاقة علم النفس الجنائي بالجريمة ودوره في التحقيق عنها" ،والذي بدوره قسمته إلى مبحثين، المبحث الأول تطرقت فيه إلى "علاقة علم النفس الجنائي بالجريمة"، أما المبحث الثاني فتطرقت من خلاله إلى دور علم النفس الجنائي في التحقيق، الفصل الثاني كان تحت عنوان "دور علم النفس الجنائي في القضاء وإصلاح المجرم"، والذي ينقسم بدوره إلى مبحث أول خصصته للقضاء تحت عنوان "دور علم النفس الجنائي في القضاء"، ومبحث ثاني بعنوان "دور علم النفس الجنائي في إصلاح المجرم".

المنهج المتبع في الدارسة

كلمة المنهج تعني المسلك أو طريقة التفكير التي يتبعها الباحث في إعداد بحثه من أجل إجلاء الغموض وإيجاد حل للإشكاليات المطروحة، وفي هذه الدراسة تم الإعتماد على منهجين، منهج تحليلي ومنهج وصفي، منهج تحليلي من أجل تحليل مختلف الدراسات العلمية وتحليل العناصر المتطرق إليها من خلال هذه الدراسة والتعرف على محتوى كل عنصر وجزئية، ومنهج وصفي من أجل وصف الظواهر العلمية المختلفة التي شملتها الدراسة.

التحميـل

google-playkhamsatmostaqltradent