الإطار القانوني والقضائي لدعوى الإلغاء في الجزائر

الإطار القانوني والقضائي لدعوى الإلغاء في الجزائر

الإطار القانوني والقضائي لدعوى الإلغاء في الجزائر

تمهيد:

تعتبر دعوى الإلغاء في الجزائر من أكثر الدعاوى الإدارية انتشارا واستعمالا من جانب المتقاضين، وهو ما يفسّر اهتمام المشرع الجزائري بها بحيث خصص لها مكانة معتبرة عن طريق تكريس الرقابة التي يقوم بها القضاء تجاه قرارات السلطة الإدارية، وذلك في المادة 161 من التعديل الدستوري وكذا في القانون العضوي رقم 98 -01 المتعلق بمجلس الدولة، كما خصّها بالكثير من القواعد والأحكام في قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
تعد دعوى الإلغاء من أهم دعاوى القانون العام المعتمدة لحماية المشروعية، وتعرف على أنها الدعوى التي يطلب فيها من القضاء المختص البحث عن مشروعية القرارات الإدارية المطعون فيها بعدم المشروعية والحكم بإلغائها.
فدعوى الإلغاء هي الدعوى الوحيدة والأصلية التي تخاصم قرار إداري انتهك المشروعية الإدارية مهما كان نوعه ومصدره ويكون للقاضي الإداري سلطة إلغائه لعدم قانونيته.
وعليه فإن طبيعة وغاية دعوى الإلغاء ودور القاضي الإداري إزاءها تفرض وتتطلب تبيان إجراءات وشروط إقامتها ليتسن للمتقاضي القيام بدوره في حماية المشروعية الإدارية (المطلب الأول) وبعد استيفاء الدعوى للشروط يعمد القاضي الإداري إلى دارسة ملف الدعوى من الناحية الموضوعية ولا يتم ذلك إلا بدارسة أوجه أو حالات الإلغاء (المطلب الثاني).

المطلب الأول: شروط قبول دعوى الإلغاء

يقصد بشروط قبول الدعوى الشروط الواجب توافرها لكي يقوم القضاء بفحص موضوعها فإذا لم تتوافر هذه الشروط كاملة حكم القاضي بعدم قبول الدعوى دون أن ينظر إلى موضوعها، فإذا كان القانون خوّل لجميع الأشخاص الحق في اللجوء إلى القضاء لدفع ما يقع عليهم من اعتداء لحقوقهم، فإنّ صاحب الشأن ملزم بالتقيد بالشروط المحددة قانونا قبل إقامة دعوى الإلغاء.
وإذا كانت دعوى الإلغاء من حيث الأصل تتصل بقانون الإجراءات المدنية الإدارية باعتباره القانون الإجرائي العام، إلا أنها تخضع لقوانين أخرى كثيرة كقانون الضرائب وقانونا الوظيف العمومي وقانون الصفقات العمومية وقانون الانتخابات وغيرها من القوانين الأخرى، بحيث تتعدد المصادر الإجرائية في المنازعة الإدارية.
وبالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين الخاصة، نجدها فرضت شروطا عامة لممارسة حق الادعاء أمام القضاء كما هناك شروطا خاصة لدعوى الإلغاء شدّد المشرع على ضرورة احترامها، حتى يتسنى للقضاء الفصل في موضوع الدعوى، فهناك شروطا موضوعية وعامة تتعلق بالطاعن (الفرع الأول) وشروطا شكلية خاصة بعريضة دعوى الإلغاء (الفرع الثاني) بالإضافة إلى وجود شرطا إجرائية سابقة في إقامة دعوى الإلغاء (الفرع الثالث).

الفرع الأول: شروط  موضوعية وعامة تتعلق بالطاعن

تجد هذه الشروط أساسها القانوني في قانون الإجراءات المدنية والإدارية والكثير من القوانين الخاصة،  حيث أقر قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه لا يجوز لأي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة (أولا) وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون (ثانيا)، كما أنه بالرجوع إلى المادة 64 من ذات القانون نجدها نصت على  حالات بطلان الإجراءات في حالة إنعدام أهلية الخصوم، مما يستدعي التطرق لأهلية كل من الشخص الطبيعي والمعنوي (ثالثا).

أولا : شرط الصفة

يجب أن يتمتع المدعي بالصفة اللازمة لرفع الدعوى أي أن يتمتع بالأهلية القانونية للتقاضي وأن يثبت وجود مصلحة لإقامة الدعوى، وتعتبر الصفة الرمز أو الخاصية المعترف بها قانونا للشخص (طبيعي أو معنوي) التي تخوله سلطة التصرف أمام القضاء للدفاع عن حقوقه، ومن المسلم به أن الدعوى القضائية لا يمكن أن يباشرها إلا ذو صفة، وهو إما صاحب الحق أو المصلحة نفسه أو النائب عنه، نيابة قانونية أو اتفاقية، وماعدا هؤلاء فهو غير ذي صفة في مباشرة الدعوى.
يتجه القضاء الإداري إلى أن الصفة في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية تندمج في المصلحة، بحيث تتوافر الصفة كلما كانت هناك مصلحة شخصية مباشرة لرافع الدعوى في طلب إلغاء هذه القرارات ولكن دون أن يمنع ذلك من تحقق المحكمة في الكثير من الحالات في توافر هذه الصفة سيما إذا كان هناك دفعا بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
وتمثل الأشخاص المعنوية أمام القضاء الإداري بصفتها مدعيا أو مدعى عليها من طرف الشخص الذي ينص عليه قانونها التأسيسي فبالنسبة للأشخاص المعنوية العامة فقد نصت المادة 828 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على ما يلي:"مع مراعاة النصوص الخاصة، عندما تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسة العمومية بصفة مدعي أو مدعى عليه، تمثل بواسطة الوزير المعني، الوالي، رئيس المجلس الشعبي على التوالي، والممثل القانوني بالنسبة للمؤسسة ذات الصبغة الإدارية فالوالي يمثل الولاية أمام القضاء سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، كما أن رئيس المجلس الشعبي البلدي يمثل البلدية أمام القضاء طبقا لقانون البلدية، وقد ذهب مجلس الدولة الجزائري إلى اعتبار الصفة شرطا أساسيا لرفع الدعوى القضائية وذلك في إحدى قراراته الصادرة بتاريخ 06/05/2003 ،حيث أكدّ المجلس على أن مديرو أملاك الدولة ومديرو الحفظ العقاري بالولايات يتمتعون بصفة التقاضي لتمثيل الوزير المكلف بالمالية في الدعاوى المرفوعة أمام العدالة.

ثانيا: المصلحة

تطبيقا لقاعدة لا دعوى حيث لا مصلحة فإن دعوى الإلغاء لا تقبل إلا إذا كان للطاعن مصلحة في النزاع بأن أثّر القرار الإداري على مركزه القانوني، أي تلك المصلحة التي تستند إلى المركز أو حق يحميه القانون ولذلك يشترط بصورة عامة في رافع الدعوى أن يكون له منفعة يمكن تحقيقها من خلال تحقيق طلباته، وٕإذا لم يكن له مثل هذه المنفعة فلا تقبل دعواه لذا فالمصلحة هي الفائدة المرجوة من رفع الدعوى القضائية وهي مناط الدعوى، وهذا يؤدي إلى تصفية الدعاوى المرفوعة أمام القضاء حتى لا تشغل المحاكم بالفصل في دعاوى لا حاجة إلى الفصل فيها.
للمصلحة مجموعة من الخصائص ولعل أهمها وجوب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة بمعنى وجود علاقة بين القرار الإداري محل دعوى الإلغاء ووضعية المدعي، أي أن موضوع القرار الإداري يخص المدعي شخصيا، وأن يبتغي رافع الدعوى تحقيق مصلحة مادية أو معنوية أو أدبية من وراء إلغاء القرار الإداري، كأن يكون محلا لقرار فصل عن الوظيفة أو قرار نزع الملكية للمنفعة العامة.
ففي مثل هذه القرارات الإدارية يتأثر وضع الشخص ماديا لذا فشرط المصلحة المادية قائم ومؤكد ويمكن أن تكون المصلحة من رفع دعوى الإلغاء معنوية كدعاوى رد الاعتبار أو قيام مدعي رفع دعوى الإلغاء ضد قرار تصدره الإدارة بتسمية شارع في بلدية ما إذا ما مس الاسم بسمعة المدعي.
وأن تكون المصلحة قائمة ومحتملة بمعنى أن الشرط متوفر عندما يتعلق الأمر بمساس بحق ثابت للمدعي  ويجب أن تكون المصلحة قانونية ومشروعة، حيث لا يجوز لشخص أن يطالب باحترام قواعد المشروعية بينما مركزه هو غير مشروع، فلا يمكن قبول الدعوى للمدعي إذا تمسك بمصلحة غير مشروعة وغير معقولة بل يجب أن يستند في دعواه إلى مصلحة قابلة للدفاع والحماية القانونية سواء كانت مصلحة مادية أو معنوية.

ثالثا: الأهلية

تعد الأهلية شرطا لصحة الإجراءات التي يتخذها الخصم أو توجه إليه، أي قدرة الخصم على مباشرة الدعوى أو ممارسة إجراءاتها أي قدرة الشخص على التصرف أمام القضاء لدفاع عن حقوقه ومصالحه، وتعد أهلية التقاضي شرطا إجرائيا تترتب على عدم وجودها بطلان إجراءات التقاضي.
وقد يكون الشخص المقيم لدعوى الإلغاء إما شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا فبالنسبة للشخص الطبيعي تشترط فيه الشخصية القانونية حيث تبدأ بتمام ولادته حيا وتنتهي بموته، على أن الجنين يتمتع بالحقوق المدنية بشرط أن يولد حيا، ولا يمكن لأي شخص قانوني أن تكون له أهلية التقاضي إلا إذا بلغ سن الرشد المنصوص عليه في القانون المدني والذي حدده القانون للفرد بلوغ 19 سنة كاملة وأن يكون متمتع بقواه العقلية ولم يحجر عليه كما لا يمكن للأشخاص المعنوية العامة أن ترفع دعوى إدارية ما لم تكن تتمتع بالشخصية القانونية، ويتولى تمثيل الأشخاص المعنوية العامة أمام القضاء ممثلها القانوني، فيمثل الدولة الوزير المعني أما الولاية فيمثلها الوالي والبلدية ممثلة من رئيس المجلس الشعبي البلدي، وتمثل المؤسسات ذات الصبغة الإدارية من طرف ممثلها القانوني.

الفرع الثاني: شروط شكلية خاصة بعريضة دعوى الإلغاء

أصبحت الشروط الخاصة بعريضة دعوى الإلغاء وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية شرطا شكليا لصحة الإجراءات، وأدرجت ضمن الدفع بالبطلان، وتتميز العريضة المتعلقة بدعوى الإلغاء بخصوصيات معينة، ولعل من أهمها أن تكون العريضة مكتوبة باللغة العربية وبعدد الخصوم، ومتضمنة ملخصا للموضوع، ومستوفية لكل البيانات المنصوص عليها قانونا، سواء أمام المحاكم الإدارية ومجلس الدولة (أولا)، مع وجوب تقديم العريضة على يد محامي (ثانيا)، بالإضافة إلى شرط أن تكون العريضة مشهرة عندما تنصب الدعوى الإدارية على حقوق عقارية (ثالثا)

أولا: العريضة المكتوبة

طبقا للمادة 14 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية يجب أن تكون العريضة مكتوبة باللغة العربية ومؤرخة تودع بأمانة الضبط من قبل المدعي أو وكيله أو محاميه بعدد من النسخ يساوي عدد الأطراف ويجب أن تتضمن العريضة على جميع البيانات المتعلقة بأطراف الخصومة المتمثلة في:
- تحديد الجهة القضائية المختصة التي ترفع أمامها الدعوى،
- تعيين الخصوم تعيينا كافيا ونافيا للجهالة سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين مع الإشارة إلى تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو الاتفاقي.
- عرضا موجزا للوقائع والطلبات والوسائل التي تؤسس عليها الدعوى.
- الإشارة عند الاقتضاء إلى المستندات والوثائق  المؤّيّدة للدعوى مع تقديم نسخة من القرار الإداري محل الطعن وٕإذا لم يرفق القرار الإداري بالعريضة فإن الدعوى تقع تحت طائلة عدم القبول إلا إذا ثبت وجود مانع يرجع إلى الإدارة وامتنعت عن تمكين المدعي من القرار المطعون ففي هذه الحالة يأمرها القاضي المقرر بتقديمه في أول جلسة ويستخلص النتائج القانونية المترتبة على هذا الامتناع.
فلقبول دعوى الإلغاء أيضا لا بد أن يقوم المدعي بدفع الرسم القضائي لدى أمانة ضبط المحكمة الإدارية ثم يقوم بإرفاق الإيصال المثبت لدفع الرسم القضائي مع عريضة الدعوى ويختلف مبلغ الرسم باختلاف درجة الهيئة القضائية المختصة من جهة وموضوع النزاع من جهة أخرى، أما بخصوص الإدارات العمومية فهي معفية من دفع الرسوم القضائية في مجال المنازعات الإدارية.

ثانيا: وجوب تقديم العريضة على يد محامي

يظهر من أحكام الإطار القانوني للتمثيل أمام الجهات القضائية الإدارية أن اللجوء إلى القضاء الإداري لا يتم إلا بواسطة محامي، وهي قاعدة كرستها المادة 815 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تنص "ترفع الدعوى أمام المحاكم الإدارية بعريضة موقعة من طرف محامي".
وما يؤكد الطابع الوجوبي للمحامي في الدعوى الإدارية ما نصت عليه المادة 826 من ذات القانون التي جاء نصها "تمثيل الخصوم بمحام وجوبي أمام المحكمة الإدارية تحت طائلة عدم قبول العريضة".
 لقد ميّز قانون الإجراءات المدنية والإدارية بين المتقاضين في كل من القضاء العادي والإداري ففي القضاء العادي لم يلزم المشرع المتقاضي الاستعانة  بمحامي إلا في قضاء النقض والاستئناف أما على مستوى الدرجة الأولى المحاكم العادية فالمتقاضي حر في الاستعانة بمحام من عدمه بخلاف المنازعة الإدارية حيث فرض القانون على الأشخاص الطبيعية عند التقاضي توكيل محامي، وقد تم تعميم هذا الالتزام على جميع الهيئات القضائية الإدارية (المحاكم الإدارية ومجلس الدولة).
لعـل مـن بين أسبـاب إلزام الأفراد بالتمثيل بمحام، كون المنازعة الإدارية تتسم بتعقد إجراءاتها وتعدد نصوصها وتغيرها بشكل سريع بالإضافة إلى عدم تقنينها مما يؤدي إلى جهل غالبية المتقاضين العاديين بقواعدها، ومن ثم تصبـح خدمات المحامي شبه حتمية كما أن للمحامي دوار إيجابيا، إذ يساعد القاضي في الوصول إلى حكم قضائي عادل من خلال كشف للقاضي عن نص تنظيمي ويستدل به ويطالب بتطبيقه على المنازعة أو يستدل باجتهاد قضائي لمجلس الدولة، أو يتمسك بتطبيق عرف إداري، فللمحامي دور كبير في تنوير جهة الحكم.
وٕإذا كانت القاعدة هي إلزامية توقيع العريضة الإدارية من قبل محام في جميع درجات التقاضي، فإن الاستثناء هو إعفاء الأشخاص الإدارية العامة من هذا الشرط وجعله جوازيا، سواء في الإدعاء أو الدفاع أو التدخل، فمثلا الوزير هو الممثل الرسمي للوزارة في القضايا الإدارية كما أن رئيس الجامعة هو من يمثل الجامعة على مستوى القضاء فيما يتعلق بقضايا الجامعة.
وُبُرّر هذا الاستثناء بكون الإدارة تتوفر على إطارات وكفاءات بشرية قانونية قادرة على التقاضي مباشرة دون الحاجة إلى اللجوء لخدمات المحامي، كما أن إعفاء الأشخاص الإدارية العامة من هذا الشرط يخدم الخزينة العامة ويؤدي إلى ترشيد النفقات العامة.

ثالثا: شرط أن تكون العريضة مشهرة عندما تنصب الدعوى الإدارية على حقوق عقارية

يقصد بالإشهار إيداع الوثائق الدالة على وجود دعوى منظورة أمام القضاء من طرف المدعي أو محاميه لدى المحافظة العقارية المختصة، ويتولى المحافظ العقاري تسجيل الدعوى في سجل الإيداع وذلك بذكر بياناتها من حيث الجهة القضائية المرفوع أمامها النزاع والأطراف ورقم القضية، وذلك مقابل رسوم تدفع حسب القانون ووصل يسلم للمعني أو محاميه ويضع المحافظ العقاري البيانات على نسخة العريضة بما يفيد شهرها مع وضع ختم الجهة التي تم الشهر أمامها.
إن دعاوى القضاء الرامية إلى النطق بإلغاء حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها لا يمكن قبولها إلا إذا تم إشهارها مسبقا، فلن تقبل الدعوى شكلا في حالة تخلف عنصر الشهر،  لأن هذا الشرط من النظام العام وبالتالي يجب على القضاء إثارته تلقائيا في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، وذلك لتعلقه من جهة بحق الغير في الإعلام والشفافية ولتعلقه خاصة من جهة أخرى بحقوق الخزينة العامة في قبض رسوم الشهر. 
ونظرا لأهمية الوظيفة التي تؤديها عملية شهر الدعوى العقارية من إعلام الغير بأن العقار محل منازعة قضائية، إلاّ أنه يستحسن تدخل المشرع بتعديل شروط قبول الدعوى العقارية، وخصها بنص في قانون الإجراءات المدنية والإدارية تحت طائلة عدم قبول الدعوى عوض ترك هذه المسألة للتنظيم.

الفرع الثالث: وجود شروط إجرائية سابقة في إقامة دعوى الإلغاء

وهي جملة من الشروط الشكلية التي يشترطها ويتطلبها المشرع، حتى يتمكن القضاء الفصل في موضوع دعوى الإلغاء بحيث في حالة تخلف أيّ شرط منها يحكم القاضي بعدم قبول الدعوى، وتتمثل هذه الشروط في الشرط المتعلق بالقرار الإداري المطعون فيه (أولا) وشرط التظلم الإداري (ثانيا)، بالإضافة إلى شرط الميعاد (ثالث).

أولا: الشرط المتعلق بالقرار الإداري المطعون فيه

يجد هذا الشرط أساسه القانوني في المواد 815 ،819،825 و 904 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فوفقا لما جاء في هذه المواد فإن دعوى الإلغاء المرفوعة أمام الجهات القضائية الإدارية (مجلس الدولة والمحاكم الإدارية) لا تقبل من طرف القاضي الإداري إلا من خلال الطعن في القرار الإداري، فهو شرط من شروط قبول دعوى الإلغاء، ويترتب عن تخلفه عدم قبولها من طرف القاضي بحيث يجب إرفاقه مع عريضة الدعوى كون القرار الإداري يسمح للقاضي الإداري ويمكنه من الإحاطة بمحتوى القرار الإداري المطعون فيه.
يعرف القرار الإداري بأنه تصرف قانوني صادر من سلطة إدارية مركزية أو محلية أو مرفقية وهو  ذو طابع تنفيذي من شأنه أن  يّحدث أثرا في مركز قانوني جديد سواء بإنشائه أو تعديله أو إلغائه، ويشترط في القرار أن يكون إداريا وتنفيذيا أي صادر عن جهة إدارية وبإرادتها المنفردة، وبالتالي تستبعد الأعمال التالية من القرار الإداري: أعمال السلطة التشريعية التي تخضع للرقابة الدستورية وأوامر رئيس الجمهورية وأعمال السلطة القضائية، كما تستبعد من فئة القرار الإداري الأعمال المادية والعقود الإدارية التي تخضع لولاية قضاء التعويض.
ولا يكون القرار الإداري قابلا للطعن فيه بالإلغاء إلا إذا كان قد رتب أثاره القانونية في غير صالح المدعي ويستبعد من الطعن في القرار الإداري:
- الأعمال التحضيرية التي هي إجراءات سابقة على إتخاذ القرار الإداري النهائي.
- الإنذارات و الاعتذارات لأنها مجرد إنذار أو تذكير وليس قرار نهائي قابل للتنفيذ.
- المنشورات التي يوجهها الوزير لإدارته لأنها تتعلق بالتفسير أو التنظيم أو التطبيق وكل ذلك بهدف ضمان وحدة التطبيق من قبل المستويات الإدارية المختلفة.
- إجراءات التنظيم الداخلي والتي هي جملة من التدابير المقررة بهدف حفظ النظام والأمن داخل بعض المرافق العمومية.

ثانيا: شرط التظلم الإداري

التظلم الإداري عبارة عن طلب يقدمه المخاطب بالقرار الإداري (المتظلم) إلى الجهة الإدارية المختصة ينازع فيها عمل قانوني ألحق به ضرر، بحيث يطالب منها إلغاء القرار الإداري أو سحبه أو تعديله والتظلم الإداري يأخذ عدة أشكال: تظلم ولائي يوجه لمن أصدر القرار، تظلم رئاسي يوجه للسلطة الإدارية التي تعلو مصدرة القرار الإداري وتظلم وصائي.
لم يعتبر المشرع الجزائري التظلم الإداري شرطا إلزاميا لقبول دعوى الإلغاء سواء المقامة أمام المحاكم الإدارية أو مجلس الدولة، حيث نصت المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه "يجوز للخصم المعني بالقرار الإداري، تقديم تظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في الأجل المنصوص عليه في المادة 829 أعلاه "
يُفهم من فحوى المادة القانونية أن التظلم الإداري يُعد إجراءً إختياريا وعمم ذلك أمام الجهتين القضائيتين مجلس الدولة والمحاكم الإدارية وذلك من خلال مصطلح" يجوز" حدد المشرع أجل رفع التظلم إلى 4 أشهر وهو أجل إقامة دعوى الإلغاء.
وٕإذا كان الأصل العام هو جوازية التظلم، إلا أن التظلم بقي إلزاميا في بعض المنازعات الإدارية عملا بالنصوص الخاصة التي تفرض التظلم الإداري قبل رفع الدعوى كالمنازعات الضريبية، بحيث يكون التظلم الإداري إلزامي ووجوبي ويرفع إلى غاية أجل 31 ديسمير من السنة الثانية التي تلي سنة فرض الضريبة والجهة الإدارية المختصة باستقبال والبت في التظلم تختلف حسب قيمة مبلغ الضريبة حيث يبت رئيس المركز الجواري للضرائب في الشكاوى المتعلقة باختصاصه للنطق بقرارات التخفيض أو القبول الجزئي أو الرفض بقضايا ذات مبلغ إجمالي أقصاه عشرون (20) ملايين دينار جزائري.
وتمارس سلطة البت من قبل رئيس مركز الضرائب للنطق بقرارات التخفيض أو القبول الجزئي أو الرفض المتعلقة بقضايا ذات مبلغ إجمالي أقصاهُ (50) ملايين دينار جزائري ويفصل المدير الولائي للضرائب في الشكاوى الضريبية التي تفوق (50) ملايين دينار جزائري ويتعين عليه الأخذ بالرأي الموافق للإدارة المركزية عندما تتجاوز الضرائب مبلغ (150) مليون دينار جزائري.
يبت كل من رؤساء مراكز الضرائب ورؤساء المراكز الجوارية للضرائب في الشكوى التابعة لاختصاص كل منهم في أجل أربعة (4) أشهر اعتبارا من تاريخ استلام الشكوى، أما بالنسبة للمدير الولائي للضرائب يحدد هذا الآجل بـستة(6) أشهر اعتبارا من تاريخ تقديم الشكوى ويمدد الآجل إلى ثمانية (8) أشهر بالنسبة للنزاعات التي يستلزم أخذ الرأي المصادق للإدارة المركزية وذلك عندما يتجاوز مبلغ الضريبة (150) مليون دينار جزائري.
إذا كانت الشكوى الضريبية غير مجدية ونتج عنها عدم رضى المكلف بالضريبة بالقرار المتخذ بشأن تظلمه من طرف إدارة الضرائب، فله الحق في اللجوء إما مباشرة إلى القضاء الإداري المختص وذلك خلال مدة أربعة (4) أشهر أو أن يسلك الطريق الإداري الاختياري وهو توجيه تظلم إداري أخر إلى لجان الطعن الإدارية (لجنة الدائرة ،لجنة الولاية واللجنة المركزية)) (ويقدم الطعن أمام اللجان خلال أجل أربعة (4) أشهر من تاريخ تبليغ قرار الإدارة شريطة أن يتم ذلك قبل إخطار المحكمة المختصة عملا بأحكام المادة 80/ 3 من قانون الإجراءات الجبائية، كما يجوز للمكلف بالضريبة أن يرفع الدعوى إلى المحكمة الإدارية في أجل 4 أشهر من تاريخ إنقضاء الأجل الممنوح للجنة لكي تبت في الطعن.
كما يكون التظلم الإداري إلزامي أيضا في منازعات الضمان الاجتماعي، حيث يجب لرفع التظلم إبتدائيا أمام اللجنة المحلية المؤهلة للطعن المسبق وأمام اللجنة الوطنية في حالة الاعتراض على قرار اللجنة المحلية للطعن المسبق.

ثالثا: شرط الميعاد 

يقصد بشرط الميعاد بأنه الفترة الزمنية المحددة قانونا لرفع الدعوى الإدارية وقبولها من الجهة القضائية المختصة، ولقد حدد قانون رقم 08 -09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية أجل رفع دعوى الإلغاء بأربعة أشهر(4) سواء المقامة أمام المحاكم الإدارية أو مجلس الدولة حيث جاء نص المادة 829 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية كالأتي: "يحدد أجل الطعن أمام المحاكم الإدارية بأربعة أشهر يسري من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الإداري الفردي، أو من تاريخ نشر القرار الإداري الجماعي أو التنظيمي".
كما نصت المادة 907 من القانون نفسه المتعلقة بأجل الطعن أمام مجلس الدولة على ما يلي:"عندما يفصل مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرة تطبق الأحكام المتعلقة بالآجال المنصوص عليها في المواد 829 إلى 832 أعلاه".
واستقر القضاء الإداري على تعلق ميعاد الطعن بالنظام العام ويترتب على ذلك جملة من النتائج، وهي جواز الدفع بعدم قبول الدعوى بعد انقضاء الميعاد المقرر في أي مرحلة أمام المحكمة الإدارية أو مجلس الدولة، كما يجوز إثارة الدفع بعدم قبول الدعوى بعد انقضاء الميعاد المقرر في أي مرحلة كانت عليه الدعوى، وللقضاء أيضا حق إثارة الدفع بعدم الاختصاص من تلقاء نفسه.
تحسب المواعيد كاملة وبالأشهر ومن اليوم الموالي للتبليغ أو النشر ولا يحسب يوم انقضاء الميعاد وٕإذا كان اليوم الأخير من الأجل ليس يوم عمل يمدد الأجل إلى أول يوم عمل موالي وتعتبر أيام عطلة بمفهوم هذا القانون أيام الأعياد الرسمية وأيام الراحة الأسبوعية طبقا للنصوص القانونية الجاري العمل بها.
فإذا بُلّغ شخص بقرار إداري بتاريخ 10 فيفري 2019 حيث حدد ميعاد دعوى الإلغاء بأربعة أشهر فإن يكون حساب ميعاد دعوى الإلغاء يكون كما يلي، يوم التبليغ لا يحسب فتكون بداية الحساب من اليوم الموالي وبهذا الشكل:
11 فيفري 2019 =>  11 مارس 2019 =>  شهر  
11 مارس 2019 =>  11 أفريل 2019 => شهران 
11 أفريل 2019 =>  11 ماي 2019 => 3 أشهر  
11 ماي 2019 =>    11 جوان 2019 => 4 أشهر  
وعليه فإن أخر أجل لإقامة دعوى الإلغاء هو 12 جوان 2019 وٕإذا كان هذا التاريخ يوم عطلة يمدد الميعاد إلى يوم  العمل الموالي.
وٕإذا اختار الموظف طريق التظلم الإداري فيكون حساب الميعاد 4 أشهر لرفع التظلم وشهرين لرد الإدارة ثم شهرين لإقامة دعوى الإلغاء ويكون الحساب بهذا الشكل:
11 فيفري 2019 => 11 مارس 2019 =>  شهر  
11 مارس 2019 => 11 أفريل 2019 => شهران 
11 أفريل 2019 => 11 ماي 2019  => 3 أشهر  
11 ماي 2019 => 11 جوان 2019 =>  4 أشهر  
وعليه فإن أخر أجل لرفع التظلم الإداري هو 12 جوان 2019
13 جوان 2019 => 13جويلية  2019  =>  شهر
13جويلية 2019 => 13 أوت 2019 => شهران 
وعليه فإن أخر أجل لرد الإدارة على التظلم الإداري هو 14 أوت 2019
15 أوت 2019  => 15 سبتمبر  2019  => شهر  
15 سبتمبر 2019 => 15 أكتوبر 2019  => شهران 
وعليه فإن أخر أجل لإقامة دعوى الإلغاء هو 16 أكتوبر 2019
لقد حدد المشرع الجزائري حالات يقطع فيها الميعاد والتي تسمح بحساب الميعاد من جديد وللمدة كاملة من تاريخ زوال السبب وهي حالات مذكورة على سبيل الحصر وتتمثل في: 
- الطعن أمام جهة قضائية إدارية غير مختصة حيث قبل القضاء الإداري النظر في الدعاوى القضائية المرفوعة أمامه خارج المواعيد المحددة قانونا في حالة ما إذا رفع شخص ما دعواه أمام جهة قضائية إدارية غير مختصة وفي الآجال المحددة قانونا للجهة القضائية المختصة وأن ترفع الدعوى القضائية الثانية أمام الجهة القضائية المختصة وفي الميعاد المحدد إبتداءً من تاريخ التبليغ الرسمي للقرار القضائي الناطق بعدم الاختصاص.
- حالة طلب المساعدة القضائية، و يتم حساب الميعاد من جديد بعد رد اللجنة المكلفة بقبول أو رفض منح المساعدة القضائية، بمعنى يبدأ حساب ميعاد جديد لدعوى الإلغاء إبتداءً من صدور قرار قبول أو رفض تقديم المساعدة القضائية.
- حالة وفاة المدعي أو تغيير أهليته فهي حالة تقطع الميعاد ولا يسري على الورثة إلا بعد تبليغهم وللمدة كاملة.
- حالة القوة القاهرة وتعد القوة القاهرة حدث خارجي غير متوقع ويستحيل دفعه كالزلازل مثلا.

المطلب الثاني: أوجه تأسيس دعوى الإلغاء

تقوم السلطة الإدارية في الدولة بنشاط واسع وهام قصد تحقيق الصالح العام والذي يتمثل أساسا في إدارة المرافق العامة التي تهدف إلى إشباع الحاجات العامة والحفاظ على النظام العام وتباشر السلطة الإدارية هذا النشاط عن طريق ما تملكه من وسائل قانونية تتمثل أساسا في القرارات الإدارية، والتي تعد من أهم وسائل الإدارة في التعبير عن إرادة الإدارة العامة.
ويتطلب القرار الإداري أن يصدر منطويا على بعض الضوابط والقيود التي تقف في وجه أي تجاوز لمبدأ المشروعية الإدارية الذي يوجب أن يصدر القرار الإداري في الشكل الذي حدده القانون ومن جهة مختصة بإصداره مبنيا على سبب قائم وصحيح محققا لأثر ممكن ومجسدا لمصلحة عامة حددها القانون وحتى تكتسب القرارات الإدارية صفة المشروعية الإدارية، فينبغي أن تكون صادرة من الجهة الإدارية التي خولها القانون صلاحية إصدارها، ولهذا يقوم القضاء برقابة مشروعية الأركان الخارجية للقرار الإداري (الفرع الأول)، كما يباشر رقابته في الأركان الداخلية للقرار الإداري (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الرقابة لعدم مشروعية الأركان الخارجية للقرار الإداري

ترتبط بمتخذ القرار الإداري وكيفيات إعداده لا بموضوعه وتشمل عيب عدم الاختصاص الذي يشكل أهم حالات دعوى الإلغاء (أولا) وعيب الشكل (ثانيا) وعيب الإجراءات (ثالثا).

أولا :عيب عدم الاختصاص

يعتبر الاختصاص العنصر الأساسي لمشروعية القرارات الإدارية والذي يعني به أن يصدر القرار الإداري ممن يملك صلاحيات إصداره ولقد حدد كل من المؤسس الدستوري والتشريع سلطات ومجال اختصاص كل سلطة إدارية كتحديد سلطات رئيس الجمهورية والوزير الأول، كما تولى المشرع في قانون الولاية على تحديد اختصاص كل من هيئات الجماعات المحلية كاختصاصات الوالي واختصاصات المجلس الشعبي الولائي.
يعرف هذا العيب على أنه صدور القرار الإداري من موظف ليس له سلطة إصداره طبقا للقوانين واللوائح النافذة، وبمعنى أدق هو عدم القدرة القانونية لسلطة من السلطات الإدارية على إصدار قرار إداري ما، لأنه لا يدخل في نطاق ما تملكه من صلاحيات مقررة لها قانونا، فيتحقق هذا العيب حينما تتم مخالفة قواعد توزيع الاختصاص، لهذا يتعين لاحترام مبدأ المشروعية أن يقتصر نشاط أي عضو من أعضاء السلطة الإدارية على ما أنيط به من اختصاصات.
يأخذ عيب عدم الاختصاص صورتين من حيث جسامته وهما،عدم الاختصاص الجسيم وعدم الاختصاص البسيط، ويكون القرار الإداري باطلا في كلا الحالتين ويكون قابلا للإلغاء، إلا أنه في حالة مخالفة قواعد الاختصاص البسيط يبطل القرار الإداري وفق الشروط المطلوبة لقبول دعوى الإلغاء ومنها شرط التقّيّد بمدة الطعن المحددة في دعوى الإلغاء، بينما في حالة عدم الاختصاص الجسيم  يُعدم القرار الإداري تماما ولا يتقيد الطاعن بمدة الطعن لأننا نكون أمام حالة اغتصاب السلطة وهو تصرف مادي تنعدم فيه عناصر القرار الإداري ومجال رفع الدعوى مفتوح أمامه.
إن عيب عدم الاختصاص الجسيم (إغتصاب السلطة) أخطر عيوب عدم الاختصاص ويتحقق عندما يصدر قرار إداري من شخص لا ينتمي للسلم الإداري أو صدوره من سلطة إدارية اختصاصها لا يدخل إطلاقا في الوظيفة الإدارية، وٕإنما يدخل في اختصاص سلطة أخرى وهذا العيب لا يبطل القرار الإداري بل يعدمه ويفتقد هذا القرار لحصانة الميعاد بمعنى يمكن مخاصمته أمام القاضي الإداري دون شرط الأجل المحدد في دعوى الإلغاء ويأخذ عيب عدم الاختصاص الجسيم أو اغتصاب السلطة عدة صور ولعل أهمها صدور القرار الإداري من فرد عادي وحالة اعتداء السلطة التنفيذية على اختصاصات السلطة التشريعية والقضائية بالإضافة إلى حالة اعتداء الإدارة على اختصاصات سلطة إدارية لا تمت لها بصلة.
ويتفق الفقه والقضاء الإداري على أن القواعد المنظمة لاختصاص السلطات الإدارية تعتبر من النظام العام فيجب احترامها وعدم مخالفتها، ومن هنا فإن عيب عدم الاختصاص في حالة مخالفة تلك القواعد يعتبر هو الأخر أيضا من النظام العام، بل قد يكون هذا العيب هو الوحيد الذي يعتبر من بين أسباب إلغاء القرار الإداري، فالاختصاص وظيفة منوطة به يمارسها لتحقيق المصلحة العامة.
يترتب عن ذلك وجوب القاضي التصدي لهذا العيب وٕإثارته من تلقاء نفسه ولو لم يثره صاحب الشأن  والتمسك به وفي الوقت نفسه يجوز للطاعن الدفع بعيب عدم الاختصاص في أية مرحلة كانت عليها القضية دون أن يحتج عليه بأنه قدم طلبات جديدة وحتى بعد فوات ميعاد الطعن في القرارات الإدارية.
كما لا يجوز الاتفاق بين الإدارة والأفراد على مخالفة قواعد الاختصاص المقررة في القانون أو تعديلها في حالة إبرام عقد من العقود، لأن قواعد الاختصاص منصوص عليها وتم ضبطها وتحديدها من جانب المشرع  وشرّعت كقواعد قانونية ملزمة للإدارة تحقيقا للصالح العام، فلا يحق لها أن تتنازل عنها كلما شاءت.
لقد كُرس هذا المبدأ من طرف القضاء الإداري الجزائري واعتبر عيب عدم الاختصاص الجسيم من النظام العام وذلك في القرار الصادر عن مجلس الدولة الصادر بتاريخ 3 ديسمبر 2002 والذي جاء فحواه كما يلي: "...حيث أن رئيس الدائرة يخضع للسلطة المباشرة للوالي وتمثيله على المستوى المحلي بهذه الصفة فإن هذه القرارات لا يمكن أن تكون إلا من اختصاص المجالس القضائية الجهوية، حيث وفضلا عن ذلك فإن كل قرار تتخذه سلطة غير مختصة لاتخاذه فهو قرار منعدم وبطلانه من النظام العام"
وهناك عيب عدم الاختصاص البسيط وهو الأقل خطورة من عيب عدم الاختصاص الجسيم والأكثر شيوعا، ويراد منه مخالفة قواعد الاختصاص في نطاق الوظيفة الإدارية، وهذا العيب لا يؤدي إلى انعدام القرار الإداري وٕإنما يجعله قابلا للإلغاء ويأخذ هذا العيب عدة صور تتمثل في عدم الاختصاص الموضوعي والذي  يتحقق من الناحية العملية بصور متعددة ومتنوعة يمكن إجمالها في حالة اعتداء المرؤوس على اختصاص رئيسه كصدور قرار إداري من مدير هو من اختصاص الوزير أو أن يصدر رئيس الدائرة قرار من اختصاص الوالي إلا في حالة التفويض أو الحلول أو الإنابة.
ومن مظاهر عيب عدم الاختصاص البسيط عيب عدم الاختصاص الزماني ويكون عندما يحدد المشرع مدة معينة لإصدار القرار الإداري فلا يجوز للإدارة اتخاذ ذلك القرار بعد انتهاء المدة المحددة وذلك حفاظا على المراكز القانونية، كإصدار موظف لقرار إداري قبل تنصيبه رسميا أو بعد إقالته أو إنتهاء عهدته.
لقد أقر القضاء الإداري الجزائري بعيب عدم الاختصاص الزماني للقرارات الإدارية في العديد من قراراته ولعل أهمها قرار الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا الصادر بتاريخ 6/10/1991 بين السيد (س -ع) ووالي ولاية بسكرة وتتلخص وقائع القضية في استفادة السيد (س -ع) ب10هكتارات من الأرض لفلاحتها وذلك لمدة 5 سنوات بموجب قرار من الوالي لكن الوالي قام بإصدار قرار إلغاء الاستفادة قبل انقضاء الأجل فأقرت الغرفة الإدارية بإلغاء القرار واعتبرت أن الوالي غير مختص من حيث الزمن لإصدار هذا القرار وبناءً على ذلك لا يجوز للموظف العام إصدار قرارات إدارية قبل اكتساب الصفة وصدور قرار تعيينه، كما لا يجوز له إصدار قرارات إدارية بعد إحالته على التقاعد أو تقديم استقالته وقبولها من الجهة المعنية لأنه في كلا الوضعيتين يكون الموظف غير مختص زمنيا بإصدار القرار الإداري.
هناك أيضا عيب عدم الاختصاص المكاني، بحيث يحدد القانون خاصة للإدارات المحلية والبلديات حدودا مكانية لمزاولة أعمالها ووظائفها ولا يجوز لها أن تتجاوز الحدود الجغرافية المحددة بموجب القانون، كأن يصدر رئيس البلدية قرار أو لائحة ضبط يمتد تطبيقها إلى إقليم بلديات أخرى مجاورة إنه بالرجوع إلى كل من قانون الولاية والبلدية نجد أن كل من الوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي أكدا على ضرورة مراعاة الاختصاص المكاني وٕإصدار القرارات الإدارية في في حدود إقليم الولاية و البلدية دون تجاوزه.

ثانيا: عيب الشكل

الأصل أن القرار الإداري لا يخضع في إصداره لشكليات معينة ما لم يستلزم القانون إتباع شكل محدد لإصداره، ولذلك استقر القضاء الإداري على أن جهة الإدارة غير مقيدة بشكل معين تفصح فيه عن إرادتها الملزمة ما لم يحتم القانون إتباع شكل خاص بالنسبة لقرار معين، وعنصر الشكل في القرار الإداري يتضمن عناصر كثيرة من الشكليات.
يعرف عيب الشكل في القرار الإداري إهمال الإدارة القواعد الشكلية الواجب إتباعها في القرار الإداري، بمعنى المظهر الخارجي الذي يتخذه القرار الإداري أو الصورة المحددة التي تفرغ الإدارة إرادتها وينحصر عنصر الشكل في القرارات المكتوبة و يستوي أن يكون القرار إيجابيا أو قرار بالرفض، وهو الرفض الذي يستنتج بعد مرور مدة زمنية دون أن ترد الإدارة على الطلب المقدم إليها.
من بين البيانات الشكلية المهمة الواجب تضمينها في القرار الإداري احترام الإدارة لقواعد الإمضاء والتصديق وتاريخ صدور القرار الإداري حتى يسمح للمخاطب بالقرار الإداري التعرف على صفة الموقع على القرار الإداري إن كان مختصا أم لا ومعرفة ميعاد إقامة دعوى الإلغاء، كما قد يكون ملزما على الإدارة تسبيب القرار الإداري إذا نص القانون على ذلك بمعنى أن يستند إلى مجموعة من العّلّل تبرر إصدار القرار الإداري، فمثلا الوالي ملزم بتعليل قرار عزل عضو منتخب في المجلس الشعبي البلدي وهو ما أكدته المادتين 43 و 44 من قانون البلدية.
وبالرغم من أهمية عنصر الشكل في القرار الإداري فإن المبدأ العام هو أن الإدارة غير  مقّيّدة بشكل معين تفصح فيه عن إرادتها الملزمة، ما لم يفرض القانون إتباع شكل خاص بالنسبة للقرار، الأمر الذي يجعل عيب الشكل لا يتعلق بالنظام العام إذ ليس للقاضي الإداري أن يثيره من تلقاء نفسه وهذه هي القاعدة العامة، غير أن مجلس الدولة الجزائري ذهب في منحى مغاير ا لهذا الأصل العام، إذ اعتبر من الشكليات المتعلقة بالنظام العام تحرير القرار الإداري باللغة العربية وذلك في قراره الصادر بتاريخ 11 فيفري 2002 ضد منظمة المحامين لناحية وهران والذي كان القار الإداري غير مسبب، إلا أن القضاء أكد من تلقاء نفسه أنه متى ألزم على الإدارة تحرير قراراتها بلغة معينة وجب التقّيّد بمضمون القانون وٕإصدار القرارات بذات اللغة المقننة.
وبما أن المادة 3 من الدستور أقرت بصريح النص أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية وكرّست اللغة العربية في المؤسسات الإدارية الرسمية للدولة بموجب القانون 91 - 05 المتضمن تعميم استعمال اللغة الوطنية المعدل والمتمم بالأمر رقم 96 -30، حيث أن قرار منظمة المحامين لناحية وهران الصادر بتاريخ 8/9/1999 كان باللغة الأجنبية فإن القرار الإداري مشوب بعيب الشكل، الأمر الذي جعل مجلس الدولة يتماشى قراره مع قرار الدرجة الأولى.
ومن الشكليات الجوهرية للقرار الإداري تلك التي يتشدد كل من التشريع والقضاء على وجودها في القرارات الإدارية والتي تتمثل أساسا في إمضاء القرار الإداري ويشترط في الإمضاء بيان اسم ولقب وصفة الممضي في القرار الإداري حتى يتسنى معرفة مصدر القرار الإداري من زاوية اختصاصه من عدمه، فخلو القرار الإداري من التوقيع يجعله مشوبا بعيب الشكل.
كما يعد تسبيب القرار الإداري من الشروط الأساسية بحيث يجب أن يكون القرار الإداري مسببا وأن يستند إلى مجموعة من الأسباب والعلل تبرر إصدار القرار الإداري، كما لو تعلق الأمر بإصدار قرار معلل حسب قانون الولاية، حيث يلزم وزير الداخلية في مواضيع محددة بتسبيب قراراته عندما يتعلق الأمر بتوقيف منتخب ولائي في المجلس الشعبي الولائي بسبب متابعة جزائية ومن القرارات الإدارية التي يتوجب تسبيبها القرارات المتضمنة عقوبات تأديبية وهو ما جاءت به المواد 164 و165 من قانون الوظيف العمومي.
ومن المؤكد إلى أن المشرع أراد من خلال فرض التسبيب في القرارات الإدارية حماية للمخاطب بالقرار الإداري من تعسف الإدارة وذلك ما أكده مجلس الدولة الجزائري في الكثير من قراراته ففي أحد قراراته الصادر بتاريخ 31 جانفي 2000 في قضية والي ولاية مستغانم ضد الجمعية المسماة منتجي الحليب، حيث اعتبر قرار الوالي المتعلق بتوقيف نشاط الجمعية لمدة 6 أشهر دون تسبيب يعد إغفال أو تجاهل للمبادئ العامة للقانون وأنه كان على الوالي تسبيب قراره حتى يتمكن المعنيون من الإطلاع المسبق على الأسباب المؤدية لتوقيف نشاط الجمعية، كما أقر المجلس بأن حل الجمعية أو تعليق نشاطها من اختصاص الجهات القضائية المختصة دون سواها.
كما يعتبر الإشهار من الأشكال الجوهرية في القرار الإداري  كذلك، وهو ما نصت عليه المادة 829 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بنصها "...أو من تاريخ نشر القرار الإداري الجماعي أو التنظيمي" ولقد أبطلت الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا بتاريخ  28 جويلية 1990 قرارا إداريا يتضمن تنازلا لأحد الأشخاص عن قطعة أرض وبررت المحمكة العليا قضاءها بكون القرار الإداري لم يستوف لشكلية الإشهار ومن ثم فهو قابل للإلغاء.

ثالثا: عيب الإجراءات

يقصد بالإجراءات مجموعة الخطوات والمراحل الجوهرية التي ينبغي على الإدارة العامة احترامها قبل إصدار قرارها الإداري، فهي مراحل سابقة على عملية اتخاذ القرار الإداري وتدخل في تكوينه وتشكيل محتواه، وهي تؤثر في مدى مشروعية القرارات الإدارية في جميع الحالات لأنها تعتبر جزء من القرارات الإدارية المتخذة، فإذا ما تخلفت يصبح بالمكان إلغائها إداريا أو قضائيا.
من الإجراءات التي تدخل في صميم تشكيل وتكوين القرارات الإدارية إجراء الاستشارة، إجراء القيام بعملية التحقيقات اللازمة قبل اتخاذ القرارات الإدارية وٕإجراءات إحترام حق الدفاع في القرارات التأديبية وقاعدة توازي الأشكال.
وتتميز الإجراءات الإدارية بالتنوع والكثرة بكثرة النصوص والمصادر القانونية المختلفة التي تخوّل الإدارة إصدار قراراتها، ونجد أهم هذه الإجراءات: عدم مراعاة الاستشارة الإجبارية المسبقة كأخذ رأي هيئة معينة وقد تكون الاستشارة إلزامية بحيث يقصد بها إلزامية طلب الاستشارة من الهيئة الاستشارية، وهذا لا يعني إلزامية أخذ رأيها لأن الإلزامية في طلب الرأي دون الأخذ به، كما قد تكون استشارة اختيارية إذ تكون فيها الجهة الإدارية حرة في طلب الاستشارة من عدمه.
ففي ميدان العقوبات التأديبية حيث يشترط المشرع غالبا بالنسبة للعقوبات المشددة كالتنزيل في الدرجة أو النقل أو العزل قبل توقيعها وجوب أن توصي بها أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء المشكلة لهذا الغرض.
ومن ثم فإن العقوبة التأديبية الصادرة بدون استشارة  اللجنة المتساوية الأعضاء تصبح غير مشروعة وقابلة للإلغاء وتقتصر مهمة القاضي الإداري في هذا المجال على احترام الجهة الإدارية لتلك القواعد وتطبيقا لذلك أقر مجلس الدولة الجزائري قاعدة عدم إمكانية نقل موظف من مكان إلى أخر لفائدة المصلحة دون عرض الأمر على لجنة الموظفين لإبداء الرأي في قرار صادر بتاريخ 22-7-2002 وذلك في قضية نقل موظف السيد (ب.ز) الذي كان يعمل في محافظة الغابات بقالمة، والذي تم نقله إلى إقليم الغابات بالنشماية ولاية قالمة لضرورة المصلحة دون أن تعرض الأمر على لجنة الموظفين، فإعتبر أن هذا القرار يخرق للإجراءات المحددة بموجب المادة 120 من المرسوم رقم 85- 59 فجاء مضمون القرار على النحو التالي: "حيث أن دراسة أوراق الملف المطروح أمام مجلس الدولة لم يفد بأن المستأنفة قد قامت بإتباع هذا الإجراء الضروري وبما أنها أغفلت القيام به فإنها أخطأت وعرضت مقرر نقل المستأنف عليه الصادر عنها تحت رقم 638 بتاريخ 12-5-1999 للإلغاء".
يتجسد الحق في الدفاع في المرحلة الإدارية في تنظيم حق المواطن في الإطلاع على القرارات الإدارية التي تخصه وكذلك في الشفافية الإدارية كما يتجسد بصورة أكثر أمام اللجان التأديبية الخاصة بالموظفين وعدم استدعاء الموظف المخطئ للمثول أما مجلس التأديب وعدم تمكينه من الاطلاع على ملفه أو تقديم دفاعه أو الاستعانة بمحامي.
فمن منطلق أن إجراءات التأديب ليست مجرد شكليات لازمة لمشروعية القرار الـتأديبي، بل هي ضمانة مفروضة لحماية الموظف العام باعتباره الطرف الضعيف في مواجهة السلطة التأديبية، وصدور القرار الإداري دون مراعاة حق الدفاع يجعل الإدارة تتعسف في حق الموظف العام.
وترتيبا على ذلك وضع القانون الجزائري للموظف العمومي ضمانات هامة في المجال التأديبي لعل أهمها تلك المتعلقة بحق الدفاع والاطلاع على ملف القضية التأديبية ويعرف ما هو منسوب إليه ليحضّر دفاعه  الذي يسبق اتخاذ القرار في المجال التأديبي وهو ما نصت عليه المادة 169 من قانون الوظيف العمومي والتي جاء نصها "يمكن للموظف تقديم ملاحظات كتابية أو شفوية أو أن يستحضر شهودا ويحق له أن يستعين بمدافع مخول أو موظف يختاره بنفسه".
وقد فرض مجلس الدولة الجزائري هذا المبدأ على كل القرارات الإدارية التي تتخذها الإدارة بنية معاقبة صاحب الشأن، سواء لسلوكه أو لنشاطه، بحيث تلتزم السلطة الإدارية -  حتى عند عدم وجود نص  بإطلاع صاحب الشأن قبل اتخاذ قرراها، على التهمة المنسوبة إليه، وتمكينه من إبداء دفاعه.
كما  استقر القضاء الإداري الجزائري على أن الحق في الدفاع يعد من الإجراءات الجوهرية، فبمناسبة قضية عرضت على مجلس الدولة بتاريخ 204- -2004 قضية بين السيد (م.ع) ضد والي ولاية سكيكدة حيث أكد على وجوب توجيه استدعاء للموظف المعرض على العقوبة التأديبية واعتبره بمثابة إجراء جوهري يضمن ضمن حقوق الدفاع.
ومن مظاهر الإجراءات الواجب مراعاتها مبدأ توازي الأشكال احترام السلطة الإدارية القواعد التي تم فيها إصدار القرار الإداري المارد تغييره، سحبه وٕإلغاؤه، فالقرار الإداري لا يلغي قرار إداري أخر إلا إذا كان قد صدر من السلطة الإدارية نفسها ويكون القرار غير مشروع في حالة صدوره دون مراعاة لهذا المبدأ، بمعنى أن إلغاء أو تعديل القرار الإداري يكون بقرار إداري أخر صادر من ذات السلطة التي أصدرت القرار الأول وبإتباع ذات الأشكال و الإجراءات التي اتبعت عند إصداره.
فمثلا قرار إبطال الرخصة أو سحبها يتخذ حسب الأشكال نفسها التي تم تسليمها وفقا لها وأنه يتعين القول بأن البلدية عندما هدمت الكشك محل النزاع الحالي تكون قد تجاوزت سلطتها.
وعلى هذا الأساس فإنه بالنظر للطابع الفني المعقد الذي أخذت تتصف به القرارات الإدارية، فقد أصبح من المألوف أن تفرض القوانين اليوم والقضاء على الإدارة أخذ الإجراءات القانونية اللازمة قبل إصدار القرارات الإدارية.

الفرع الثاني: الرقابة لعدم مشروعية الأركان الداخلية للقرار الإداري

عدم المشروعية في الأركان الداخلية للقرارات الإدارية تمس مخالفة القانون (أولا)، الانحراف في إستعمال السلطة (ثانيا) وكذلك السبب (ثالثا).

أولا:عيب مخالفة القانون

يقصد بعيب مخالفة القانون أن يكون القرار الإداري معيبا في فحواه أو مضمونه بمعنى أن يكون الأثر القانوني المترتب عن القرار الإداري غير جائز أو مخالفا للقانون أيا كان مصدره سواء كان مكتوبا كأن يكون دستوريا، تشريعيا أو لائحيا، أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة للقانون ويعتبر من أكثر العيوب وقوعا من الناحية العملية، فالرقابة عليه تنصب على جوهر القرار وموضوعه للكشف عن مطابقته أو مخالفته للقانون.
ويتخذ عيب مخالفة القانون ثلاثة صور وهي:
أ‌- المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية والتي تتحقق عندما تقوم الإدارة بتجاهل القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة وقد تكون المخالفة إيجابية للقاعدة القانونية كما لو أصدرت الإدارة قرارا بتعيين موظف دون الالتزام بشروط التعيين أو المخالفة السلبية للقاعدة القانونية كحالة رفض الإدارة منح ترخيص لأحد الأفراد بمزاولة مهنة معينة وهي تعلم أنه مستوف لجميع الشروط القانونية لذلك.
ب‌- الخطأ أو سوء تفسير النص القانوني وتتحقق عندما تخطئ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي القاعدة القانونية المعنى غير المعنى الذي قصده المشرع والخطأ في تفسير القاعدة القانونية، فترتكب السلطة الإدارية غلط قانوني عندما تفسر نص قانوني بصفة غير ملائمة حين تصدر قرارها تطبيقا للنص القانوني.
ج - الغلط في تطبيق الوقائع القانونية بحيث تستند الإدارة في تأسيسها للقرار الإداري إلى وقائع مادية غير موجودة واقعا كإحالة موظف إلى عطلة مع أنه لم يطلبه.
د- الغلط في التكييف القانوني السليم للوقائع المادية بحيث تعطي للإدارة للوقائع المادية التي اعتمدتها مفهوما خاطئا ويترتب عن ذلك إسناد خاطئ للقواعد القانونية التي تحكمها.

ثانيا:عيب الانحراف في استعمال السلطة

يعرف الانحراف في استعمال السلطة على أنه عندما تستهدف الإدارة بقرارها الصادر عنها غرضا غير الذي قصده المشرع، بحيث تتجه الإدارة من وراء إصدارها القرار تحقيق مصلحة شخصية باستعمال معيار السلطة العامة وتظهر هذه الحالة في مجال الوظيفة العمومية عندما تستعمل الهيئة الإدارية المستخدمة لسلطتها التأديبية.
وهناك حالة الانحراف بالسلطة لغرض سياسي وتكون عند استعمال رجل الإدارة سلطته لاعتبارات سياسية كأن يصدر القرار من أجل تحقيق غاية الحزب المنتمي إليه باعتبار أنه يمكن للموظفين الإداريين الانتماء إلى الأحزاب السياسية.
وعندما تصدر الإدارة قرارات بهدف تحقيق أهداف المصلحة العامة غير الأهداف المحددة لها بموجب قاعدة التخصيص وتحديد الأهداف والتي من أجلها منحت لها السلطات والاختصاصات، ومثلا نزع قطعة أرضية من أجل بناء مطار وبعدها تم تحويل المشروع إلى إنجاز محطة برية للمسافرين.

ثالثا: عيب إنعدام السبب في القرارات الإدارية

هو العنصر القانوني أو الواقعي الذي يجعل الإدارة تلجأ إلى اتخاذ القرار وٕإصداره فهو حالة واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني معين فهو غاية القرار الإداري، وعليه لقيام السبب المبرر لإصدار القرار يتعين توافر حالة قانونية أو واقعية تدعوا الإدارة لمواجهتها بإصدار قرار إداري.
وعليه يشترط لمشروعية القرار الإداري أن يقوم على سبب موجود فعلا وصحيح فمثلا يشترط لمشروعية قرار تأديب موظف من حيث السبب أن يثبت ارتكاب هذا الموظف لخطأ ما وأن يكون لهذا الخطأ وصف الجريمة التأديبية التي تسمح للإدارة بتوقيع العقوبة التأديبية، كما يشترط  أن تكون للعقوبة الموقعة سند من القانون، أي أن تستند الإدارة في قرارها إلى قاعدة قانونية موجودة وسارية المفعول وقت صدور القرار.

المرجع:

  1. د. كمون حسين، محاضرات في مقياس "المنازعات الإدارية"، جامعة أكلي محند أولحاج –البويرة، السنة الجامعية: 2018-2019، ص48 إلى ص77.
google-playkhamsatmostaqltradent