مداخلة بعنوان: جرائم الاستعمار الفرنسي لقمع الثورة التحريرية – جريمة التعذيب نموذجا – بقلم د. بن بادة عبد الحليم د. بوحادة محمد سعد

الصفحة الرئيسية

مداخلة بعنوان: جرائم الاستعمار الفرنسي لقمع الثورة التحريرية – جريمة التعذيب نموذجا –  بقلم د. بن بادة عبد الحليم د. بوحادة محمد سعد

مداخلة بعنوان: جرائم الاستعمار الفرنسي لقمع الثورة التحريرية – جريمة التعذيب نموذجا –  بقلم د. بن بادة عبد الحليم د. بوحادة محمد سعد
الملتقى الوطني الرابع الموسوم بـ: تطبيقات القانون الدولي الإنساني، الثورة الجزائرية نموذجا – دراسة قانونية – ، المنعقد يومي: 05 و 06 مارس 2019، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة غرداية
الموسم الجامعي: 2018- 2019
( جرائم الاستعمار الفرنسي لقمع الثورة التحريرية – جريمة التعذيب نموذجا – )
من إعداد:
  • د. بن بادة عبد الحليم
  • د. بوحادة محمد سعد

مـلخـص

التعذيب هو مُمارسات وسُلوك فعلي يُرتكب على الفرد، يقوم به جهاز خاص بالاستنطاق أو يتم بدافع العقاب والانتقام، حيث يترتّب عنه أضرار جسديّة أو معنويّة تحطّ من كرامة الفرد، التعذيب حرّمته كل الشرائع السماويّة باعتباره عملاً مُناقضاً لتعاليمها التي تقوم على الرحمة والشفقة والتسامح بين الناس، القانون الدّولي الإنساني هو الأخر ذهب إلى تجريم التعذيب بدءًا بصدور بيان حقوق الإنسان لسنة 1948، الذي نص في البند الخامس منه على أنّه لا يجوز إخضاع أحداً للتعذيب ولا للمعاملة السيّئة واللاإنسانيّة أو عقوبات قاسية أو الإطاحة بكرامته، وصولاً إلى اتفاقية جنيف الثالثة المتعلّقة بمعاملة أسرى الحرب المؤرّخة في 12 أوت 1949، التي نصّت في مادتها الثالثة على أنّه في حالة أي نزاع، كل طرف مُلزم أن يأخذ بعين الاعتبار ما يلي: التعذيب، الاعتداء على كرامة إنسان، وهي محرّمة في كل وقت وفي كل مكان، إنتهاءاً باتفاقيّة جنيف الرابعة المتعلّقة بحماية المدنيين أثناء الحرب والمؤرّخة في 12 أوت 1949، والتي اعتبرت في مادتها الثالثة التعذيب من المخالفات الجسيمة واعتبرته جريمة يُعاقب عليها بموجب القانون.
فرنسا التي تُعتبر من أوائل الموقّعين على بيان حقوق الإنسان سنة 1948، وهي التي التزمت ووقّعت كذلك على اتفاقيّات جنيف الأربع لسنة 1949، قد سامت الشعب الجزائري سوء العذاب من خلال مُختلف صُنوف التعذيب والتعسّف من أجل القضاء على الثورة التحريريّة وقمعها، مُنتهكة بذلك حقوق الإنسان وضاربة عرض الحائط مُختلف التزاماتها التي وقّعت عليها والمنصوص عليها ضمن أحكام القانون الدولي الإنساني، بل ذهب بعض المؤرّخين إلى القول أنّ ما ارتكبته فرنسا الاستعماريّة في الجزائر من أساليب التعذيب قد تجاوز الأساليب القمعيّة التي قامت بها ألمانيا النازية.
الكلمات المفتاحية: جرائم التعذيب، الاستعمار الفرنسي، المسؤولية الحنائيّة، القانون الدولي، الثورة التحريرية.

Abstract

Torture is an actual practice and means committed against the individual, carried out by a special interrogation apparatus or motivated by punishment and revenge, resulting in physical or moral damage to the dignity of the individual, torture forbidden by all heavenly laws as an act of contradiction. For its teachings based on compassion, compassion and tolerance among people, the international humanitarian law also went into criminality of torture, beginning with the 1948 Human Rights Statement, which stated in Article 5 that no one should be subjected to torture, ill-treatment or inhuman treatment, or Harsh punishments or the overthrow of his dignity, up to the Third Geneva Convention on the Treatment of Prisoners of War dated 12 August 1949, which stipulated in article 3 that in the event of any conflict, each party was obliged to take into account the following: torture, assault On the dignity of a human being, which is forbidden all the time and everywhere, ending with the Fourth Geneva Convention on the Protection of Civilians during the War dated 12 August 1949, which in its third article considered torture to be a serious offence and considered a crime punishable by Law.
France, one of the first signatories of the 1948 Human Rights Statement, which also complied with and signed the Four Geneva Conventions of 1949, has poisoned the Algerian people with the ill-treatment of torture and abuse in order to eliminate The liberation revolution and its repression, thereby violating human rights and striking a different obligations that it signed under international humanitarian law, and some historians even argued that the methods of torture committed by colonial France in Algeria went beyond the methods of torture. The repression of Nazi Germany.
KeyWords: Torture Crimes, French Colonialism, Legal Responsibility, International Law, Liberation Revolution.

مقدمة

يُعتبر التعذيب أحد أخطر الجرائم التي يمكن أن تُرتكب على الإنسان؛ نظراً لما يترتّب عنه من أثار وخيمة على سلامته الجسديّة والنفسيّة، فالتعذيب كان ولا يزال الوسيلة المثلى المستعملة من طرف المستعمر والأنظمة القمعيّة لإذلال الشعوب والأداة الشائعة لاستنطاق المعتقلين وإجبارهم على الاعتراف.
نظراً لانتشار التعذيب بشكل فضيع لا يتصوّره عقل الإنسان خلال الحروب التي شهدها العالم في القرن العشرين وبالأخص الحربين العالميتين، وأمام الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان المكفولة بمقتضى الشرائع السماويّة والأعراف الدوليّة، فقد تداعت الدول والمنظّمات الدوليّة من أجل وضع حد لذلك من خلال وضع مشاريع الاتفاقيّات الدوليّة المناهضة للتعذيب، والمجرّمة لأي مساس بالسلامة الجسديّة والعقليّة للإنسان سواء في السلم أو الحرب ودعوة الدّول للمصادقة عليها والالتزام بأحكامها وتنفيذها كقوانين داخليّة يُلتزم بها.
حيث تمثّلت أهم المواثيق الدوليّة المتّفق عليها والمجرّمة للتعذيب؛ في بيان حقوق الإنسان الصادر سنة 1948، لتليه مُباشرة في سنة 1949 اتفاقيّات جنيف الأربع والتي تُعتبر من أهم الاتفاقيّات المناهضة للتعذيب أثناء النزاعات المسلّحة بمختلف أشكالها.
فرنسا اُعتبرت من بين الدول الأوائل التي أدانت وجرّمت التعذيب، وهي من أوّل الموقّعين على بيان حقوق الإنسان، بالإضافة إلى إعلانها عن توقيعها والتزامها بما نصّت عليه أحكام اتفاقيّات جنيف الأربع لسنة 1949، كيف لا وهي من بين الدول التي عانت من ويلات التعذيب والقمع المرتكب عليها من طرف النازيّة بعد احتلالها لفرنسا، ولكن لم يكن أحد يعلم بأنّ فرنسا تلك الدّولة التي تتغنى بحقوق الإنسان واحترامها، والمهرولة نحو التصديق على مُختلف المواثيق الدوليّة المجرّمة للتعذيب، كانت من أكبر الدول استعمالاً له، بل إنّ التعذيب الذي مارسه النازيّون في العالم لا يساوي شيء أمام التعذيب الذي كانت تقوم به فرنسا في مستعمراتها وبالأخص في الجزائر، حيث حاولت فرنسا ومن خلال كل أساليب التعذيب التقليديّة منها والحديثة؛ قمع الثورة التحريريّة في الجزائر، لتتفنّن فرنسا الاستعماريّة في إذاقة الشعب الجزائري من صنوف التعذيب ما تندى له البشريّة ولا يستحمله الحجر فما بالك بالبشر، من خلال كل ذلك جاءت هذه المداخلة من أجل تسليط الضوء على مُختلف أساليب التعذيب المرتكبة من طرف المستعمر الفرنسي لقمع الثورة التحريريّة، والبحث عن ما يجرّم تلك الأفعال في نصوص المواثيق والمعاهدات الدّوليّة من أجل ترتيب مسؤوليّة جنائيّة عن تصرّفات المستعمر التي تُعتبر من الجرائم ضد الإنسانيّة بسبب انتهاكها لقواعد القانون الدّولي الإنساني، لنطرح الإشكال التالي: إلى أيّ مدى تنطبق أحكام القانون الدّولي الإنساني المجرّمة للتعذيب على السلوك الاستعماري الفرنسي المرتكب لقمع الثورة التحريريّة ؟.     
للإجابة على الإشكاليّة اقترحنا الخطّة التالية:
المحور الأوّل: مفهوم جريمة التعذيب في القانون الدّولي الإنساني
أوّلاً: تعريف جريمة التعذيب
ثانياً: جريمة التعذيب في المواثيق الدوليّة
ثالثاً: أركان جريمة التعذيب
المحور الثاني: جرائم التعذيب المُرتكبة من طرف المستعمر الفرنسي لقمع الثورة التحريريّة
أوّلاً: أساليب التعذيب الفرنسيّة
ثانياً: الأجهزة المشرفة على التعذيب أثناء الثورة التحريريّة

المحور الأوّل: مفهوم جريمة التعذيب في القانون الدّولي الإنساني

يستهدف القانون الدولي الإنساني تخفيف مُعاناة جميع ضحايا النزاعات المسلّحة الخاضعون لسلطات العدو سواء كانوا من الجرحى أو المرضى أو المنكوبين في البحار أو أسرى الحرب من المدنيين، فالقانون الدولي الإنساني هو مجموعة القواعد القانونيّة التي تستهدف في حالات النزاع المسلّح؛ حماية الأشخاص الذين يُعانون من ويلات هذا النزاع وفي إطار أوسع حماية الأعيان التي ليس لها علاقة مُباشرة بالعمليّات العسكريّة، القانون الدولي الإنساني بهذا التحديد ينطبق على جميع حالات النزاعات المسلّحة الدّوليّة وغير الدوليّة.     
التعذيب باعتباره يمسّ بكرامة الإنسان وصحّته الجسديّة والنفسيّة، قام المجتمع الدّولي بتجريمه عن طريق مُختلف الاتفاقيّات والمواثيق الدوليّة، نظراً لمساسه بأهم حق كفلته نصوص الشريعة والقواعد القانونيّة والأخلاقيّة، وأوجبت على الدول احترام ذلك الحق وعدم المساس به لأي ظرف كان أو مهما كان المبرّر، وهو حق واجب الصون لكل من يعتقد بفعاليّة ضميره الإنساني وذلك لأنّه يمس حق الفرد في السلامة الجسديّة.

أوّلاً: تعريف جريمة التعذيب

تصدّى مجموعة من الفقهاء لوضع تعريف قانوني شامل لجريمة التعذيب، حيث نجذ من بين هؤلاء الفقيه "بيتر كويجمانز Peter kooijmans  الذي عرّف التعذيب بأنّه: " انتهاك للحق في الكرامة الذي هو أخص حق من حقوق الإنسان، نظراً لأنّ التعذيب يحدث في أماكن مُنعزلة وغالباً ما يفرضه مُعذِّب خفي الاسم يعتبر ضحيّته كشيء من الأشياء ".   
كما عرّفه جانب من الفقه بأنّه المعاملة اللاإنسانيّة التي احتوت على المعاناة العقليّة أو الجسديّة التي تُفرض بقصد الحصول على المعلومات أو الاعترافات، أو لتوقيع العقوبة والتي تتميّز بحالة خاصّة من الإجحاف والشدّة.  
الفقيه "p.j. Duffy هو الأخر عرّف التعذيب بأنّه: "المعاملة اللاإنسانيّة التي احتوت على المعاناة العقليّة أو الجسديّة، التي ُتفرض بقصد الحصول على المعلومات أو الاعترافات أو لتوقيع العقوبة، والتي تتميّز بحالة خاصّة من الإجحاف والشدّة".
الاتفاقيّات الدوليّة أكتفت في مُجملها بتجريم التعذيب بصفتها اتفاقيّات عامّة تناولت التعذيب وغيره من الجرائم، تاركة تحديد مفهومه للتّشريعات الداخليّة للدّول الموقّعة عليها، ومع هذا تُوجد بعض الاتفاقيّات الدوليّة المتخصّصة التي تصدّت لمهمّة تعريف التعذيب وضبط مفهومه وتبيان صوره.   

ثانياً: جريمة التعذيب في المواثيق الدوليّة

تنوّعت الاتفاقيّات التي تعرّضت لجريمة التعذيب فمنها من أشارت إليه ضمنياً ومنها من تطرّقت إليه بصراحة مُجرِّمة القيام به، حيث نذكر من تلك المواثيق الدوليّة:
1-  اتفاقيّة السلام لسنة 1919: وهي اتفاقيّة أوكلت للجنة تقصّي الحقائق عن مُخالفات قوانين وعادات الحرب التي وقعت أثناء الحرب العالميّة الأولى والتي سميّت بلجنة الوقائع الجنائيّة، كما أوكلت نفس الاتفاقيّة إلى لجنة ثانية تسمّى لجنة مسؤوليّات الحرب؛ مهمّة دراسة ما إذا كانت الأفعال التي تَبُثَ من قرار اللّجنة الأولى أنّها مُتعلّقة بوقائع يُمكن المحاكمة عنها، هذا وتشكّلت لجنة ثالثة سمّيت بلجنة مُخالفات قوانين الحرب وقامت بحصر اثنين وثلاثين عملاً تعدّ جرائم حرب وورد من بين تلك الأعمال ( تعذيب المدنيين )؛ بوصفه خرقاً جسيماً لقوانين وعادات الحرب، وجاء من بين توصيات اللّجنة ضرورة المحاكمة الجنائيّة للأشخاص الذين ينتمون للدول المعادية بما في ذلك رؤساء الدول الذين أدينوا في جرائم مُخالفة لقوانين وعادات الحرب مهما علت مراكزهم.   
2- اتفاقيّة جنيف الأولى لعام 1949: تهتم هذه الاتفاقيّة بتحسين حالة الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلّحة في الميدان، والمقصود بالميدان هو المكان الذي تُمارس فيه معارك الحرب، وتنطبق مبادئ وأحكام هذه الاتفاقيّة على كافّة الحروب بأنواعها المختلفة سواء كانت حروب عادلة أو غير عادلة،  اتفاقيّة جنيف الأولى نصّت في المادة الثانية عشر منها على أنّه، يجب على طرف النزاع الذي يكون تحت سُلطته جرحى أو مرضى من أفراد القوّات المسلّحة أو من غيرهم من الأشخاص المشار إليهم أن يُعاملهم مُعاملة إنسانيّة ويجب بالأخص عدم تعريضهم للتعذيب، حيث يُعتبر التعذيب في الحرب وما يرتبط به من جرائم؛ من جُملة المخالفات الجسيمة المدرجة في المادّة 50 والمشار إليها في المادة 49 من اتفاقيّة جنيف الأولى.
3- اتفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949: تهتم هذه الاتفاقيّة بمعاملة أسرى الحرب، حيث نصّت في مادّتها السابعة عشر على عدم جواز مُمارسة أي تعذيب بدني أو أي إكراه على أسرى الحرب لاستخلاص معلومات منهم من أي نوع، ولا يجوز تهديد أسرى الحرب الذين يرفضون الإجابة أو سبّهم أو تعريضهم لأي إزعاج أو إجحاف. 
4- اتفاقيّة جنيف الرابعة لعام 1949: تهتم هذه الاتفاقيّة بحماية الأفراد المدنيين تحت الاحتلال الحربي، حيث نصّت في المادّة 32 منها على أنّه: "تحظر الأطراف السامية المتعاقدة صراحة جميع التدابير التي من شأنها أن تسبّب مُعاناة بدنيّة أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها، ولا يقتصر هذا الحظر على القتل والتعذيب والعقوبات البدنيّة والتشويه والتجارب الطبيّة والعلميّة التي لا تقتضيها المعالجة الطبيّة للشخص المحمي وحسب، ولكنّه يشمل أيضاً أي أعمال وحشيّة أخرى سواء قام بها وكلاء مدنيّون أو وكلاء عسكريّون".
5- البروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949: تمّ اعتماد البروتوكولين الإضافيين سنة 1977 حيث وضع المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في جنيف بين 1974 و1977 بروتوكولين إضافيين مُلحقين باتفاقيّات جنيف الأربع لسنة 1949، بالنسبة للبروتوكول الإضافي الأوّل فكان موضوعه ضحايا النزاعات المسلّحة غير الدوليّة، حيث نصّ في مادّته 75 على مُعاملة الأشخاص الذين يقعون في قبضة أحد أطراف النزاع مُعاملة إنسانيّة في كافّة الأحوال ودون تمييز، ومن الأفعال التي تمّ حضرها في المادة 75 هو التعذيب بشتّى صوره البدنيّة أو العقليّة ( الفقرة أ )، أمّا البروتوكول الإضافي الثاني فقد نصّ هو الأخر على حظر الاعتداء على حياة الأشخاص وصحّتهم وسلامتهم البدنيّة أو العقليّة لاسيما المعاملة القاسية كالتعذيب أو التشويه أو أيّة صورة أخرى من صور العقوبات البدنيّة.       
6- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادّته الخامسة على أنّه لا يُعَرّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطّة بكرامته. 
7- ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة: ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة هو الأخر اعتبر التعذيب صورة من صور جرائم الحرب ضد الإنسانيّة في الفقرة رقم 01 من المادّة السابعة منه والتي نصّت على: "لفرض هذا النظام الأساسي يشكّل أي فعل من الأفعال التالية جريمة ضد الإنسانية، من ارتكب في هجوم واسع النطاق أو منهجي موجّه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم: ... التعذيب".
كما نشير في هذا المقام إلى وجود عدّة اتفاقيّات دوليّة مُتخصّصة قامت بتجريم التعذيب وتعريفه مثل:
1- إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرّض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة: حيث نصّ الإعلان على تجريم التعذيب في المادة 03 منه والتي جاء فيها: " لا يجوز لأيّ دولة أن تسمح بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية أو اللاّإنسانيّة أو المهينة أو أن تتسامح فيه، ولا يُسمح باتخاذ الظروف الاستثنائيّة مثل: حالة الحرب، أو خطر الحرب، أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أيّة حالة طوارئ عامّة أخرى، ذريعة لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة ". 
2- اتفاقيّة مُناهضة التعذيب: هذه الاتفاقيّة قامت بتعريف التعذيب في مادّتها الأولى والتي جاء فيها: "لأغراض هذه الاتفاقيّة يُقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقليا،ً يلحق عمداًُ بشخص ما، بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو مُعاقبته على عمل ارتكبه أو يُشتبه في أنّه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يُلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيّاً كان نوعه، أو يُحرّض عليه أو يُوافق عليه أو يسكت عنه موظّف رسمي أو أي شخص أخر يتصرّف بصفته الرسمية ولا يتضمّن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونيّة أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضيّة لها ".

ثالثاً: أركان جريمة التعذيب

يُشترط لقيام جريمة التعذيب توفّر مجموعة من الأركان وبدونها تسقط الجريمة، حيث تتمثّل تلك الأركان في كل من الركن المادّي والركن المعنوي والركن الشرعي، بالإضافة إلى ركن مُفترض وهو الركن الدّولي.
1- الركن المادّي: يتمثّل الركن المادّي لجريمة التعذيب في الماديّات المحسوسة وفي المنظر الخارجي، فكل جريمة يجب أن تظهر فيها الإرادة الإجراميّة لمرتكبها. 
حيث يتضمّن الركن المادّي ثلاثة عناصر تتمثّل في الفعل الإجرامي وهو الاعتداء الذي يمسّ الضحيّة في جسده أو نفسيّته، حيث يرتبط هذا الفعل الإجرامي بما يُحدثه من أثار في الشخص الخاضع للتعذيب، وهذا على غرار الوسيلة المستعملة في التعذيب، فلا يُأخذ بعين الاعتبار نوعيّة الوسيلة المستعملة عند ارتكاب جريمة التعذيب ولا أي نوع من أنواع العنف. 
كما يتطلّب الركن المادّي بالإضافة إلى الفعل الإجرامي؛ وجود نتيجة تتمثّل في الجانب المادّي لجريمة التعذيب وهي وقوع الألم الشديد والمعاناة الشديدة مهما كان زمن إحداثهما، كما لا يُشترط أن يترك الفعل الإجرامي أثر على جسد الضحيّة أو نفسيّته، رغم أنّ مُعظم حالات التعذيب عادة ما تترك أثار وخيمة كحدوث عاهة مُستديمة أو عجز دائم أو أثر نفسي خطير.
أخر عنصر مُتطلّب في الركن المادّي لجريمة التعذيب هو العلاقة السببيّة المفترضة بين الفعل الإجرامي والنتيجة الإجراميّة، أي أنّ ارتكاب ذلك الفعل هو الذي أدّى إلى حدوث تلك النتيجة الإجراميّة. 
2- الركن المعنوي: لقيام المسؤوليّة الجنائيّة الدوليّة عن جريمة التعذيب لا بدّ من توفّر كلاًّ من الركنين المادّي والمعنوي معاً حسب ما نصّت عليه المادّة 30-01 من النظام الأساسي لروما والتي جاء فيها: " لا يُسأل الشخص جنائياً عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ولا يكون عُرضة للعقاب على هذه الجريمة إلاّ إذا تحقّقت الأركان الماديّة مع توافر القصد والعلم ".
فالركن المعنوي يمثّل تعبير عن حالة الفاعل وقت ارتكابه للفعل الإجرامي والذي يعدّ من الجرائم العمديّة التي يُتطلّب لقيامها توفّر القصد الجنائي. 
ولاكتمال الركن المعنوي يجب أن يتضمّن عنصري العلم والإرادة أي أن يعلم الجاني بالوقائع الإجراميّة،  وهو ما نصّت عليه المادّة 30 من نظام روما الأساسي بقولها: " ... لأغراض هذه المادّة تعني لفظة " العلم " أن يكون الشخص مُدركاً أنّه توجد ظروف أو ستحدث نتائج في المسار الاعتيادي للأحداث، وتُعتبر لفظة يعلم أو عن علم تبعاً لذلك ".
أمّا عنصر الإرادة فهو توجّه الجاني إلى تحقيق النتيجة الإجراميّة بكل حريّة واختيار وفق ما نصّت عليه المادّة 30 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة والتي عرّفت عنصر الإرادة بأنّه: " لأغراض هذه المادّة يتوافر القصد لدى الشخص عندما:
- يقصد هذا الشخص فيما يتعلّق بسلوكه ارتكاب هذا السلوك.
- يقصد هذا الشخص فيما يتعلّق بالنتيجة التسبّب في تلك النتيجة أو يُدرك أنّها ستحدث في المسار العادي للأحداث ". 
3- الركن الشرعي: يستمد الركن الشرعي لجريمة التعذيب وجوده من مُختلف الوثائق الدوليّة مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي حظر التعذيب في المادّة 05 منه، وكذا العهد الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة لسنة 1966 والذي هو الأخر نصّ على حظر التعذيب في المادّة 07 منه، كما تُعتبر اتفاقيّة لاهاي لعام 1907  أوّل اتفاقيّة أشارت بصفة ضمنيّة لمسألة التعذيب، وذلك من خلال نص المادّة 04 منها والتي نصّت على أنّه: " يجب مُعاملة الأسرى مُعاملة إنسانيّة ".
كما تمّ حظر جريمة التعذيب في اتفاقيّات جنيف الأربع لعام 1949 والمنصوص عليها في المادّة 03 المشتركة بينها؛ كأحد الانتهاكات الجسيمة، بالإضافة إلى البروتوكولين الإضافيين لعام 1977، حيث حظرت المساس بالصحة والسّلامة البدنيّة والعقليّة للأشخاص الذين هم في قبضة العدو والذين تمّ احتجازهم واعتقالهم وحرمانهم من الحريّة.  
4- الركن الدولي ( ركن مفترض ): يُعتبر الركن الدّولي لجريمة التعذيب أهم ما يميّزها عن الجريمة الداخليّة، حيث نجد أنّ الجريمة الدّوليّة تقع بناء على أمر من الدّولة أو السماح بارتكاب السلوك الإجرامي أو إهمالها لواجباتها الدّوليّة،  فحسب الأستاذ بسيوني محمود شريف بسيوني: "الركن الدّولي للجريمة الدّوليّة، يُمكن أن يتوفّر في طبيعة السلوك المخالف بالذّات أو في الضحيّة المقصودة، أو في النتيجة المترتّبة على السلوك، والتي تمسّ بمصالح الأمن الجماعيّة للمجتمع الدولي، وتهدّد سلم وأمن البشريّة نظراً لخطورة وجسامة السلوك المخالف".
وبما أنّ جريمة التعذيب هي جريمة ضد الإنسانيّة فإنّ الأفعال غير المشروعة لها، هي أفعال إجراميّة خطيرة تتّصف باللاّإنسانيّة، وعلى المجتمع الدّولي أن يحرص من أجل القضاء على جميع الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان والتي هي محميّة دوليّاً، وبالتالي لا يمكن التذرّع بأي وضع أو حالة استثنائيّة من أجل ارتكاب ومُمارسة التعذيب. 

المحور الثاني: جرائم التعذيب المُرتكبة من طرف المستعمر الفرنسي لقمع الثورة التحريريّة

لقد كان التعذيب من أبرز وأشهر الأساليب الاستعماريّة التي انتهجتها فرنسا في الجزائر لإرغام الشعب الجزائري على التقهقر والاستسلام والتخلّي عن فكرة المطالبة بالاستقلال، حيث تفنّن الفرنسيّون في مُختلف أنواع التعذيب التي لا تمتّ صلة إلى الإنسانيّة،  فلا يمكن أن نجد وصف لعمليّات البطش والإرهاب التي مارستها فرنسا الاستعماريّة على الشعب الجزائري، فمن تعرّض لعمليّات التنكيل استشهد إمّا تحت التعذيب أثناء الاستنطاق أو بعد إدخالهم السجون والمستشفيات في حالة إغماء أو الاحتضار أو حتى بعد الاستقلال، وهناك من أصيب بالجنون، وهناك أيضاً من يُعاني من تشوّهات جسديّة ونفسيّة. 

أوّلاً: أساليب التعذيب الفرنسيّة

إنّ الحديث عن طرق ووسائل التعذيب التي اتبعتها فرنسا الاستعماريّة ضد الشعب الجزائري فاق التصوّر البشري، حتى الألمان أصحاب الأسطورة النازيّة كانوا في أساليبهم التعذيبيّة غلماناً صغاراً إلى جانب ما فعله الفرنسيّون في الجزائر وهذا باعتراف الفرنسيين أنفسهم.
حيث تفنّن وطوّر الجلادون الفرنسيّون أساليب وطُرق جديدة للتعذيب، كما مزجوا بين الأساليب التقليديّة والحديثة ومنهم من حاكى الأساليب النازيّة في التعذيب وأساليب أخرى جاءوا بها من مناطق مختلفة من العالم، حيث مارسوها وجرّبوها في مواجهة حركات التحرّر التي اندلعت ضد الاستعمار الفرنسي. 
ففي زنزانات الموت ومحاكم التفتيش المنتشرة عبر أحياء مدينة الجزائر؛ يمكنك أن ترى صوراً قد تعود بك إلى مئات القرون، فقد تعود بك ذاكرتك إلى صور شاهدتها في الأفلام الوثائقيّة، أو قصص قرأتها من كتب تتحدّث عن التعذيب عند الإغريق قبل الميلاد أو طرق التعذيب المرتكبة من طرف الرومان، وربّما تعود بك تلك الصور إلى مأساة المسلمين في الأندلس مع محاكم التفتيش، وما تراه في مراكز التعذيب الفرنسيّة بمدينة الجزائر أشبه بذلك، فيمكنك أن ترى مَعَارِضاً مُتنوّعة من الرؤوس البشريّة المقطوعة، وقد تجد في مكان أخر مَعَارضاً لأجساد بشريّة مُعلّقة أو مرميّة بالسكاكين مسمولة العيون مبتورة الأنياب.  
حيث جاء في اعتراف أحد الجلاّدين الفرنسيين بخصوص تعدّد وتنوّع أساليب التعذيب المستخدمة ضد الجزائريين، أنّه قال: "أصبحنا نختار بين هذه الطريقة والأخرى حسب الحالة المعروضة علينا أي حسب الشخص المعرّض للتعذيب".
على العموم تنوّعت الأساليب التي اُستخدمت من طرف المستعمر الفرنسي في عمليّات التعذيب تجاه المُعتقلين الجزائريين خلال فترة حرب التحرير، إذ يمكن تقسيمها إلى نوعين؛ تعذيب جسدي وأخر نفسي.
1- التعذيب الجسدي: هو إلحاق الضرر والأذى بجسم المعتقل وتعرّضه للضرب وللحرق والتشويه بدءاً من الأسلوب الأقل حدّة المتمثّل في الصفعات واللكمات على مستوى البطن، وإنتهاءاً إلى أقصى أنواع وأشكال المعاناة تحت جحيم آلة الحرق وانتزاع نُتف من الجسم بواسطة الكماشات،  وتتمثّل أنواع التعذيب الجسدي فيما يلي:
أ- التعذيب بالصدمة الكهربائيّة: يُعتبر التعذيب بالصّدمة الكهربائيّة الأكثر استعمالاً من قبل الفرنسيين في الجزائر، وذلك يعود إلى توفّره وسُهولة استعماله،  حيث كان استخدام التعذيب بالصدمة الكهربائيّة شائعاً من قبل القوات الفرنسيّة وعلى كل المستويات، حيث يُشير الجنرال جاك ماسو إلى استخدام التعذيب بالصدمة الكهربائيّة وغيره من القيادات العسكريّة الفرنسيّة في الجزائر، حيث أشار إلى ذلك قائلاً: "أنا والبعض من القيادات العسكريّة قُمنا بتجريب المولّد الكهربائي في مكتبي".
ب- التعذيب بالماء: يكون ذلك إمّا عن طريق المغطس بطرح المعتقل فيه وهو معلّق من رجليه فيهوي رأسه ويبقى على تلك الحال إلى أن يُغمى عليه وتكرّر العمليّة عدّة مرّات، كما يتم غطس المعذَّبين بالماء الساخن لمدّة زمنيّة محدّدة ثُمّ يتمّ نقلهم وغطسهم في الماء البارد مُباشرة، الشيء الذي يسبّب آلاماً لا تُطاق وتارة أخرى يربطونه ويُلقون به في حوض مليء بالماء.
كما يتمّ كذلك بواسطة إدخال أنبوب في فم السجين مع رفع وثيرة ضغط الماء ثمّ طرحه أرضاً أو الضغط عليه بالأرجل ليخرج الماء من جميع منافذ جسمه، كذلك من الطرق الأخرى القيام بغطس رأس السجين في حوض ماء مع الضغط على مؤخّرة رأسه لمنعه من استنشاق الهواء وإرغامه على شرب المياه القذرة المتعفّنة باستعمال قطعة من الشاش أو السباحة في تلك المياه وإرغام السجناء على تنقيتها من الفضلات الموجودة فيها.
ج- التعذيب بالحديد: يستخدم التعذيب بالحديد من خلال قيام الجلاّد بحرق صدر المعذَّب وذراعاه وأصابع رجليه بالمكواة، كما يتمّ من خلال إجلاس المعذَّب على كرسي وهو عاري الصدر فيقوم الجلاد بقشط اللحم بكلاليب من الظهر أو الشفاه بواسطة كماشات، وأحياناً تُنتزع منه قطعة من لحمه وهذا ما تعرّض له الشهيد العربي بن مهيدي أثناء تعذيبه، كما يقوم الجلاّد أيضاً بوضع أيدي المعذَّب مبسوطة على سطح الأرض ثُمّ يقوم بضربها بواسطة ظهر الخنجر أو مقبض الفأس.  
د- التعذيب بالحبل: يتمّ من خلال توثيق المعذَّب من رجليه ويديه مجموعة مع بعضها بحبل كالماشية، ثمّ يعلّق ويرفع بالعجلة نحو السقف، وكذلك عمليّة الخنق؛ حيث يُوثّق المعذَّب جالساً على الكرسي وتُشدّ عُنقه بحبل دقيق ثُمّ يجدب اثنين من الجلادين طرفا الحبل حتى يختنق المعذَّب أو يموت شنقاً، وكذلك الربط على الأرض الباردة والرطبة في الغيران والكهوف وهو على هيئة الصليب وتشدّ رجلاه ويداه بأوتاد مضروبة في الأرض. 
هـ- التعذيب بالنار: التعذيب بالنّار لا يساويه شدّة وقسوة إلاّ جنون الذين يقومون به وهاهي بعض أشكاله:
- شد الرجلين عاريّتان ووضعهما تحت شمعة مُوقدة ممّا يخلق ثقوباً لدى المعذَّب، بالإضافة إلى شد وثاق المعذَّب ممدوداً على طاولة العمليّات وهو عاري الصدر ثمّ يُطلى بالبنزين وتُشعل فيه النار، والحروق الناجمة عنه تبلغ درجة خطيرة جداً، كما يتم حرق أظفار وأطراف وأصابع الشخص المُعذّب بالكبريت، بالإضافة إلى الكي بالنار وحرق الجفون بالنار وحرق شعر الرأس،  وغيرها الكثير من أصناف التعذيب بواسطة النار.
2- التعذيب النفسي: بالإضافة للتعذيب الجسدي اعتمد العدو الفرنسي حرباً نفسيّة وُلدت مع قيام الثورة التحريريّة في 01 نوفمبر 1954، وتنوّعت وأصبحت فن برع فيه الفرنسيّون وتفنّنوا فيه، حيث بعد عجزهم عن القضاء على إرادة الشعب الجزائري بالتعذيب الجسدي توجّهوا إلى الجانب النفسي،  وهو أقسى أنواع التعذيب وأشدّه ولاسيما على ذوو الشهامة والكرامة والغيرة.
أ- التعذيب بانتهاك العرض: كان يُمارس على النساء وخاصّة الفتيات القاصرات، حيث تتمّ هذه الأعمال بمُرافقة أعلى المسؤولين في الجيش الفرنسي، فمن لم يقدروا على انتزاع اعتراف منه أحضروا زوجته أو ابنته أو أُخته أو إحدى محارمه الأخريات ويهدّدونه باغتصابهنّ تحت سمعه وبصره، كان لتلك الممارسات الشنيعة أثار نفسيّة كبيرة تُلازم المرأة المغتصبة مدى الحياة، بالإضافة إلى زوجها أو أخوها أو أبوها الذي ارتكبت الجريمة أمام أنظاره، وفي هذا الصدد يقوم فرانز فانون بوصفه للمرأة المغتصبة: "في الحلم تُصبح المرأة كضحيّة وتُدافع عن نفسها كأنثى الإبل لكونها بلا وعي تتعرّض للهزيمة من طرف أوروبي وتُغلب على أمرها وقد تمزّقت تمزيقاً...".
ب- الحرمان من النوم: كان السجناء ما إن يمرّ الثلث الأوّل من الليل حتى يستيقظوا على صيحات حرّاس السجن لينقلوهم إلى جناح أخر وهم بين الغفلة واليقظة، فإذا بالعمليّة تتكرّر دوماً بالضرب والشتم، ففي سجن سركاجي رغم سعته فإنّ السجناء ينامون مكدّسين على بعضهم البعض في اتجاه مُعاكس، ويجب أن يكون الرأس تحت الغطاء كما أنّ السجين يجب أن يكون ممدّداً طوال الليل وممنوع من ثني الركبتين وإلاّ فإنّ حرّاس الليل يضربونه على رُكبتيه،  بالإضافة إلى المداهمات الليليّة للمنازل التي يقوم بها المستعمر الفرنسي وما تسبّبت به من فزع لدى الأطفال والنساء والمرضى وغيرهم.
ج- استعراض الجثث: لم يكتف العدو الفرنسي بتعذيب الجزائريين بل تعدّى ذلك إلى استعراض جُثث هؤلاء الضحايا بعد التنكيل، حيث يقوم المستعمر بالتجوّل بجثثهم في الشوارع والطرقات أمام الناس لزرع الرعب والهلع في قلوبهم، حيث تمّ في شهر فيفري من سنة 1959 عرض جثّة شاب كان قد ارتكب عمليّة ضد المستعمر؛ لمدّة ساعتين في ساحة كارنو بالإضافة إلى قيام المستعمر بقتل أحد أفراد عائلة المجاهد وإلصاقه بالمسامير على الباب الرئيسي لمنزله.   

ثانياً: الأجهزة المشرفة على التعذيب أثناء الثورة التحريريّة

عند الحديث عن الأجهزة الأمنيّة التي مارست التعذيب ضد المعتقلين الجزائريين خلال حرب التحرير نجدها مُتعدّدة وكثيرة، وعلى الرغم من تعدّدها وكثرتها إلاّ أنّها عملت من أجل غاية مُحدّدة وهي مُمارسة القسوة والبطش ضد المعتقل والمواطن الجزائري من أجل الحصول على المعلومات وإجهاض المشروع الثوري في الجزائر، ومن خلال تتبّع نشاطات هذه الأجهزة خلال فترة الثورة التحريريّة نجدها تزداد وتتّسع كلّما اتّسع نطاق الثورة وامتدادها وهو ما يدفعنا لتقسيمها لمرحلتين: 
1- المرحلة الأولى: 1954- 1957: في هذه المرحلة كانت سُلطة التعذيب بيد أجهزة الشرطة والجندرمة والمكتب الثاني وغيرها، حيث اختلفت هذه الأجهزة باختلاف المهام المسندة إليها والتي تتمثّل في فرض الأمن والاستقرار، إلاّ أنّ كل تلك المصالح والأجهزة تفنّنت في تعذيب الجزائريّين سواء في المدن أو الأرياف حيث نذكر منها:
أ- جهاز الشرطة: كان لهذا الجهاز دور كبير في عمليّة الاستنطاق عن طريق التعذيب وكان له عدّة تجاوزات خلال هذه الفترة، حيث كان يقوم بممارسات تُشبه الممارسات التي كان يقوم بها الغيستابو ( qestapo )، أي جهاز الشرطة السريّة النازيّة. 
حيث جاء في إحدى شهادات الذين تعرّضوا للتعذيب من طرف هذا الجهاز ما يلي: "مُستشار بلديّة يُصرّح بشرفه بإلقاء القبض عليه من طرف البوليس ونقله إلى مركز الشرطة، لتبدأ عمليّة الاستنطاق من طرفهم، حيث شرع في تعذيبي عشرات الأعوان ابتداء بالضرب، وبعد خلع الملابس تمّ ربطي من رجلي ويدي وشرعوا في تعذيبي بواسطة أنبوب الماء". 
ب- مديرية الأمن الإقليمي ( D S T ): لم يقتصر الاستنطاق فقط على مصالح الشرطة خلال هته المرحلة، وإنّما كان هناك جهاز أخر لعب دوراً كبيراً في عمليّة البحث عن المعلومات؛ وهو مديريّة الأمن الإقليمي ( direction de sécurité territoriale ) والذي يعرف اختصاراً بـ ( D S T )، وعلى الرغم من أنّ هذا الجهاز كان مُرتبطاً بحماية الأمن الخارجي الفرنسي من أي هجمات أو تهديدات خارجيّة، إلاّ أنّه كُلّف بمهام الاستنطاق من أجل جمع المعلومات لمواجهة تنامي الثورة التحريرية في الجزائر، وقد ركّزت مديريّة الأمن الإقليمي في نشاطها للقضاء على القيادة السياسيّة للثورة التي اُعتبرت العقل المفكّر للجناح العسكري.
حيث كان المقر الرئيسي للمديريّة في منطقة بوزريعة يستقبل العشرات من المعتقلين بقصد الاستنطاق، وكان يتمّ من خلال ذلك استخدام شتّى أنواع التعذيب من أجل الحصول على المعلومات، وأشار العديد من الشهود إلى قسوة صرخات الاستغاثة التي كان يُطلقها المعتقلين نتيجة التعذيب في المركز التابع لمديرية الأمن الإقليمي.  
ب- الجندرمة Le Gendarmerie: لم يقتصر التعذيب في المدن فقط بل تعدّاه إلى الأرياف والمناطق النائية من خلال وجود أجهزة مختصّة في الاستنطاق بها، من هذه الأجهزة نجد جهاز الجندرمة أو الدرك الفرنسي الذي يُعتبر سيّد الاستنطاق والاعتقال والقمع والتعذيب في الأرياف كونه يقوم بمهمّة البوليس في الأرياف.   
حيث كانت هناك فِرق مُختصّة بالاستنطاق ضمن قوّات الجندرمة، ولديها غُرف خاصّة تتوفّر على وسائل التعذيب المختلفة، حيث كانت هي المكلّفة باستنطاق المعتقلين الذين يتمّ إحضارهم من المناطق الريفيّة،  وكانت هذه الفرق تقوم بأعمال وحشيّة تجاه المعتقلين لأنّها كانت بعيدة عن المراقبة الإعلاميّة والمنظّمات المدافعة عن حقوق الإنسان.
د- وحدات الجيش الفرنسي: لم يقتصر تعذيب الجزائريين على جهازي الشرطة والدرك وإنّما مارس التعذيب ضد الجزائريين الجيش الفرنسي بجميع وحداته الذي لم يذّخر جهداً في استعمال جميع وسائل التعذيب الوحشيّة ضد الجزائريين.
حيث كانت القوّات الفرنسيّة بمختلف أصنافها تقوم بممارسة التعذيب أثناء العمليّات العسكريّة التي تقوم بها، وكانت مسألة الشتم والضرب هي أدنى تصرّف تقوم به القوّات الفرنسيّة المسلّحة اتجاه الجزائريين خلال حملات الاعتقال، وبعد ذلك يتمّ نقلهم إلى مراكز القيادة العسكريّة أين يتمّ استنطاقهم من قبل ضابط المخابرات المختص في الاستنطاق.
و- المقاتلين الجزائريين في صفوف الجيش الفرنسي: لقد ساهم بعض الجزائريين ممّن باعوا شرفهم وخانوا وطنهم في دعم الأجهزة الأمنيّة والقوّات المسلّحة الفرنسيّة التي كانت تعذّب الجزائريين، إذ قام هؤلاء وللأسف بدور مؤثّر في الكثير من الأحيان من خلال مُساهمتهم في القبض على العشرات من المجاهدين، وذلك لكونهم قاموا بدور الجواسيس والعيون التي كانت ترى من خلالها الأجهزة الفرنسيّة بمختلف أنواعها، حيث شجّعت فرنسا على تكوين مثل هذه التنظيمات من أجل التأثير النفسي على معنويات الشعب الجزائري وإيهامه بأنّ هناك من الجزائريّين من يقبل بوجود المستعمر ويتعاون معه لإنهاء الثورة التحريريّة، لقد سعت فرنسا لتفريخ هذه التنظيمات المسلّحة المحليّة من أجل خلق قوّة ثالثة مُناهضة لجبهة التحرير الوطني أملاً في القضاء عليها،  حيث نذكر باختصار أصناف تلك التنظيمات:
- الفرقة المتنقّلة للشرطة الريفيّة: أُسست هذه الفرقة في 24 جانفي 1955 بمبادرة من الحاكم العام جاك سوستال (Jacques Soustelle) وكانت تحت وصاية مديريّة الأمن الوطني.  
- المخازنية: هي وحدات شبه عسكريّة مُتكوّنة من الجزائريين، تمّ تأسيسها عام 1955، كانت مهمّتها حماية الفرق الإداريّة الخاصّة وكانت كل وحدة منها تتكوّن من 30 عنصر.  
- الحَرْكَة: تأسّست فرق الحَرْكَة رسمياً عام 1956 وهي بمثابة قوّات مُتنقّلة ذات طابع قبلي، ويُشارك هؤلاء مع القوات الفرنسيّة في العمليّات العسكريّة، حيث كانت تلك الفرق تعمل من أجل إجبار الجزائريين على دفع الضرائب ومُراقبتهم لمنعهم من تقديم الدعم والمساعدة للمجاهدين،  كما شاركت بمعيّة القوّات الفرنسيّة في مُمارسة التعذيب، وذهب الكثير من الجزائريين ضحيّة ما قاموا به ومن بين تلك الفرق:
أ- فرقة قوبيس
ب- فرقة بشاغا بوعلام
ج- فرقة بلونيس
- فرق الدفاع الذاتي: تمّ تأسيسها سنة 1956 وهي فرق مكلّفة بحراسة المناطق الريفيّة والتصدّي للهجمات المسلّحة التي كان يقوم بها مقاتلي جيش التحرير الوطني على أملاك المعمّرين وأعوان الإدارة الفرنسيّة والمتعاونين معها، حيث ساهمت فرق الدفاع الذاتي في عمليّات التعذيب، إذ حينما كانوا يُلقون القبض على مُجاهد أو مُتعاون مع جيش التحرير الوطني؛ يقومون باستنطاقه مُباشرة بكل وحشيّة سعياً للحصول على معلومات قبل أن يسلّم إلى القوات الفرنسيّة.  
2- المرحلة الثانية: 1957-1961: بعد انعقاد مؤتمر الصومام في أوت 1956 عرفت الثورة التحريريّة مُنعرجاً مُهماً، فقد تمّ إعادة هيكلة البنية العسكريّة لجيش التحرير الوطني، الأمر الذي مكّنه من تحقيق انتصارات هامّة وهو ما أقلق السلطات الفرنسيّة، حيث قرّرت في عام 1957 نقل صلاحيّات الإدارة المدنيّة إلى الجيش بما فيها السلطات القضائيّة ونتيجة لذلك أصبح الاستنطاق من صلاحيّات الجيش، وهو ما تطلّب تكوين أجهزة جديدة في الاستنطاق وتمّ دمج مصالح المخابرات للشرطة والجيش في إدارة واحدة على أمل اختصار الزمن للوصول إلى المعلومات التي تمكّن الجيش من إنهاء حرب الجزائر،  حيث تمثّلت تلك الأجهزة فيما يلي:
أ- جهاز الحماية العمرانية ( D P U ): أُنشأ هذا الجهاز في 04 مارس 1957 من طرف روبير لاكوست (Robert Lacoste)، حيث لعب دوراً كبيراً في تعذيب الجزائريين داخل المدن العمرانيّة الكبرى، ومُعظم أفراد جهاز الحماية العمرانية كانوا من الأوروبيين المتطرّفين أمثال كوفاكس (covacs).
ب- مركز الاستعلامات والعمل ( C R A ): تتمثّل مهامه في الاستنطاق وهو موجود في كل ناحية عسكريّة وذلك من خلال اندماج الجيش والشرطة والمخابرات، حيث أشار الجنرال  شال (Châle) إلى أنّ تعدّد الأجهزة الإستخباراتيّة هو أمر مُضر بالعمل الإستخباراتي، لذا عمل على جمع وتركيز هذا القطاع المهم في جهاز واحد، وبناءاً عليه سعى إلى تأسيس جهاز استخباراتي أخر وهو مركز الاستعلامات والعمل في عام 1958، حيث أُقيمت هذه المراكز في كل ناحية عسكريّة تُقابلها إدارياً الدائرة العمرانيّة عبر كامل التراب الجزائري، إذ بلغ عدد الفروع والمراكز التابعة لمركز المخابرات والعمل في نهاية عام 1959 حوالي 80 مركزاً بمعدّل مركز في كل دائرة حضريّة.   
كما تقاسم كل من جهاز الحماية ومركز المخابرات والعمل مُمارسة التعذيب، حيث كان التعذيب من صلاحيّاتهما في الفترة من 1957 إلى 1961.
ج- جهاز التدخّل من أجل الحماية ( D O P ): عاد الجيش الفرنسي من حرب الهند الصينيّة بخبرة طويلة في ميدان التعذيب لذلك أنشأ جهاز الحماية المدنيّة الرهيب ( D O P )، وهو عبارة عن جهاز تنسيق بين مختلف مصالح الأمن (جيش، درك، شرطة)، كما درس تقنيّات الاستنطاق لاستغلال كل المعلومات المتحصّل عليها لقمع الجزائريين. 
حيث لعب جهاز الحماية دوراً كبيراً في تعذيب الجزائريين، وبلغ ذروته في خريف 1957 بانتشار مراكز ومصالح هذا الجهاز عبر مختلف أرجاء ونواحي الوطن، وكان لهذا الجهاز تنظيم هيكلي إداري مُنظّم مُهمّته الأساسيّة الاستنطاق والتعذيب بشتّى الوسائل. 
كما كان أعضاء جهاز التدخّل من أجل الحماية يتفنّنون ويُبدعون إن صحّ التعبير في مجال التعذيب، حيث يُمارسون التعذيب بالطرق التقليديّة ( الكهرباء، الماء، النار...)، بالإضافة كذلك للطرق الحديثة والمتطوّرة والمبتكرة التي اكتسبوها من خلال تجاربهم في ميدان التعذيب.
ولم ينجوا من التعذيب داخل أروقة هذا الجهاز أحد سواء من النساء أو الأطفال أو الشيوخ أو الرجال، إلى جانب ذلك لم يقتصر نشاط هذا الجهاز على جمع المعلومات والتعذيب، وإنّما قام عناصره بتنفيذ الإعدامات بحق المعتقلين في حالة التأكّد من أنّ المعتقل قام بعمل فدائي ضد المستعمر الفرنسي أو تمسّك بمبادئه ورفض تقديم معلومات لجهاز الاستنطاق. 

خاتمة

في ختام هذه المداخلة لا يسعنا إلاّ أن نقول بأنّ التعذيب هو أبشع جريمة يمكن أن تُرتكب في حق الإنسان، وهو بذلك يشكّل وسيلة لا إنسانيّة لتدمير الحياة والسلامة الجسمانيّة والنفسيّة للبشر، حيث أخذ فعل التعذيب بُعداً قانونياً أكثر وضوحاً خاصّة مع تزايد الحركيّة الدوليّة الداعية إلى احترام حقوق الإنسان وبالتحديد عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور منظّمة الأمم المتحدة.
فرنسا الاستعماريّة ورغم مُصادقتها على مُختلف المواثيق الدوليّة المجرّمة للتعذيب، فهي لم تلتزم إطلاقاً بما وقّعت عليه، والدليل هو استعمالها للتعذيب في الجزائر كوسيلة لقمع الثورة التحريريّة والضغط على الموطنين الجزائريين من أجل الحصول على المعلومات وإذلالهم وتخويفهم من دعم الثورة أو الالتحاق بها، إنّ حجم التعذيب الرهيب المرتكب من طرف المستعمر الفرنسي في الجزائر، جعل العديد من المؤرّخين والقانونيين يُنادون بضرورة إخضاع فرنسا لسلطان النصوص القانونيّة الدوليّة التي وقّعت عليها والمتعلّقة باحترام حقوق الإنسان وتجريم التعذيب. 
من خلال هذه المداخلة لا يسعنا إلاّ أن نورد مجموعة النتائج المتوصّل إليها من خلال هذا البحث وهي كالتالي:
1- يُعتبر التعذيب سلوكاً مجرّماً من مختلف المواثيق الدّوليّة نظراً لما يترتّب عنه من أثار خطيرة على سلامة الإنسان الجسديّة والنفسيّة، حيث تمتدّ أثاره إلى غاية وفاة الشخص الخاضع للتعذيب.
2- استعمال فرنسا الاستعماريّة لأسلوب التعذيب بشكل مكثّف وممنهج، حيث تولّت عمليّة التعذيب العديد من الأجهزة وخلال مراحل عديدة، فبدءاً بالشرطة الفرنسيّة مُرواً بالدرك الفرنسي وانتهاءاً بالجيش الفرنسي والمرتزقة الجزائريين الذي باعوا دممهم للمستعر الفرنسي، كما تعدّدت أساليب التعذيب باستعمال مختلف الطرق والوسائل.
3- انطلاقاً من أحكام القانون الدولي الإنساني يُمكن مُساءلة فرنسا جزائياً عن جرائم التعذيب المرتكبة في الجزائر، حيث أثبتت الدراسة أنّ كل أركان الجريمة متوفّرة خاصّة مع وجود دلائل واعترافات من قبل ضبّاط فرنسيين بأنهم قاموا بارتكاب جريمة التعذيب لقمع الثورة التحريريّة وبأمر من الجهات العليا في الدولة الفرنسيّة.
أمّا كتوصيات في نهاية هذه المداخلة فإنّ ندعو إلى ما يلي:
1- ضرورة دعوة المستعمر الفرنسي للاعتذار عن جرائمه التي قام بارتكابها في الجزائر والاعتراف بها وبالأخص منها جريمة التعذيب، وبالتالي ضرورة تقديم تعويض مدني لضحايا التعذيب المرتكب من طرف المستعمر أو لذويهم.
2- القيام بجمع كل الأرشيف الجزائري وغير الجزائري الذي يؤرّخ لمختلف السلوكات الإجراميّة المرتكبة من طرف المستعمر الفرنسي في الجزائر، وتكوين ملف في هذا الشأن يتضمّن تصريحات الضحايا واعترافات الجلاّدين من أجل المطالبة بالحق أو على الأقل التعريف بجرائم المستعمر أمام مُختلف الهيئات والمنظّمات الدوليّة.  
3- نثمّن عقد مثل هذه الملتقيات الأكاديميّة خاصّة في كليّات الحقوق وذلك من أجل منح صبغة أكاديميّة والبحث عن وصف قانوني لمختلف السلوكات الفرنسيّة في الجزائر، لندعو في الأخير إلى توسيع نطاق مثل هذه الملتقيات والندوات القانونيّة لتكون ذات طابع وبعد دولي من أجل كشف الجرائم الفرنسيّة لمختلف الأكاديميين والقانونيين في العالم وكشف زيف ما تدّعيه فرنسا من احترام لحقوق الإنسان وهي صاحبة السجل الأسود في حقوق الإنسان.
google-playkhamsatmostaqltradent