آثار عقد الإيجار

آثار عقد الإيجار

آثار عقد الإيجار

تمهيد

تتمثل آثار عقد الإيجار في مجموع الالتزامات والحقوق التي ينشئها هذا العقد حيث ينشئ من ناحية التزامات على عاتق المؤجر تتخلص في: التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة المّدّة المتفق عليها، وهذا يقتضي منه، تسليم العين بحالة تصلح للاستعمال، وصيانتها حتى يتمكن المستأجر من الانتفاع بها، كما ينشئ عقد الإيجار، ومن ناحية أخرى، التزامات على عاتق المستأجر، حيث يلتزم بالوفاء بالأجرة، وبالانتفاع بالشيء المؤجر على نحو لا يضر بالمؤجر، وبرد العين المؤجرة وملحقاتها. 
هذه الالتزامات غير متعلقة بالنظام العام، وبالتالي، يكون للمتعاقدين حق الإضافة إليها أو الانتقاص منها، لذا فإن الأحكام التي جاء بها القانون لا تسري إلا عند عدم الاتفاق على ما يخالفها، أي أن الإرادة المشتركة تفصح عن ترك هذه المسألة للقواعد العامة.

الفصل الأول: التزامات المؤجر

بينا في البداية أن التزامات المؤجر تدور حول فكرة واحدة وهي التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، وأن هذه الفكرة تقتضي من المؤجر التزامه بتسليم العين المؤجرة بحالة تصلح معها للاستعمال المتفق عليه أو وفق ما أعّدّت له، وبصيانة هذه العين، وضمان انتفاع المستأجر بها بالامتناع عن التعرض الشخصي له أو تعرض الغير المبني على سبب قانوني، وهذا ما نوالي دراسته في ثلاثة مباحث.

المبحث الأول: التزام المؤجر بالتسليم

أحالت المادة 478 من التقنين المدني إلى أحكام البيع المتعلقة بتسليم المبيع، خاصة فيما يتعلق بزمان ومكان التسّليم، وتحديد الشيء المؤجر وملحقاته، ومقدار العجز أو الزيادة فيه مع الإشارة إلى أن الإحالة على أحكام البيع تقتصر على ما يتعلق بطبيعة عقد الإيجار.
من هنا سنعرض بإيجاز شديد، ومنعا للتكرار، لمحل التسليم وكيفيته وزمان ومكان التسليم وأخيرا لجزاء الإخلال بالتسليم في أربعة مطالب.

المطلب الأول: محل التسليم

يشمل التسليم العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأْنْ تفي بما أعدت له من منفعة (المادة 476/1 من التقنين المدني) والمقصود بذلك أن المؤجر يلتزم بتسليم العين المتفق عليها في العقد بذاتها، ولا يجوز له أن يسلم عينا أخرى بدلا منها حتى ولو كانت تزيد عن المتفق عليه في قيمتها أو في منفعتها. كما يلتزم المؤجر بأن يسلم مع العين المؤجرة كل ما يعتبر من ملحقاتها. 
كما نصت المادة 16 من المرسوم 76-147 على وجوب تسليم المصلحة المؤجرة للعين المؤَجَّرة في حالة جيدة قابلة للسكن، وهو نفس نص المادة 22 من نموذج عقد الإيجار الملحق به كما نصت المادة 7 من نموذج عقد الإيجار المصادق عليه بموجب المرسوم 94-69 بوجوب تسليم العين المؤجرة وملحقاتها المحتملة صالحة للسكن، كما يجب تسليم التجهيزات والتركيبات صالحة الاستعمال.
أما نص المادة 5 من النموذج الملحق بالمرسوم 08-142، ونص المادة 2 من دفتر الشروط الملحق به، فأوجبا تسليم السكن المؤجر في حالة حسنة مع الملحقات إن وجدت، أما التجهيزات والمعدات المرتبطة بها فيجب أن تكون في حالة اشتغال حسنة.
والملحقات هي الأشياء المعدة بصفة دائمة لاستعمال العين وذلك طبقا لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين. وكان المشرع سابقا قد نص في المادة 476 من التقنين المدني على تحديد الملحقات وفقا لاتفاق الطرفين أو تبعا لطبيعة الأشياء، كما هو الحال في اعتبار الفناء أو الحديقة من ملحقات المنزل، أو وفقا لعرف الجهة، كما في جريان العرف على إلحاق الحديقة بالطابق الأرضي دون الطوابق الأخرى، وكل هذا ما لم يوجد اتفاق مخالف بين الطرفين غير أنه حذف الجزء المتعلق بالملحقات تفاديا منه للإحالة غير السليمة إلى أحكام عقد البيع بخصوص الملحقات، لـكنه أوقع نفسه في معضلة أكبر وهي عدم النص على الملحقات أصلا.
ويلاحظ في هذا الصدد أن من الملحقات ما يكون استعماله مشتركا بين المستأجر وغيره، كما هو الحال في المصعد أو في السلم العمومي، وفي هذه الحالة يكون تسليم هذه الملحقات بتمكين المستأجر من استعمالها بشرط عدم إعاقة استعمال الآخرين، ومن الملحقات ما يستحدث بعد الإيجار، كتركيب مصعد بعد تسليم الوحدات السكنية، ومثل هذه الملحقات يكون للمستأجر الانتفاع بها، ولكن إذا ترتب على وجودها زيادة في المنفعة التي يحصل عليها المستأجر تجاوز الحد الذي يقضي العرف بالتسامح فيه، كان للمؤجر أن يطلب زيادة في الأجرة ،يلزم بها المستأجر إذا أراد الانتفاع بها.
من ناحية أخرى، يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعددت له من منفعة فالمؤجر لا يلتزم فقط بتسليم العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت التسليم، بل يلزم بأن يسلم تلك العين بحالة تصلح معها للانتفاع الذي أجرت من أجله.
ويرجع في تعيين المنفعة التي أجرت لها العين إلى اتفاق المتعاقدين، فالاتفاق هو الذي يبين ما إذا كانت العين قد خصصت للسكنى أو لمباشرة صناعة أو تجارة معينة، فإذا كان البناء المؤجر معدا للسكنى، على سبيل المثال، أو ليكون مصنعا وجب تسليمه في حالة يصلح معها لهذا الاستعمال.
ولتحقيق الغرض الذي أعّدّت له العين المؤجرة، يلتزم المؤجر بأن يجري فيها قبل تسليمها جميع الإصلاحات والترّميمات اللازمة التأجيرية منها والضرّورية وفي ذلك يختلف التزام المؤجر عن التزام البائع، حيث يتشدد المشرع في الأول دون الأخير. كما يلتزم المؤجر فضلا عن ذلك، بإزالة العيوب والعوائق التي تعوق الانتفاع بالعين فيما أعدت له. وكل ما يسري على العين المؤجرة يسري على ملحقاتها. 
غير أن نص المادة 476 من التقنين المدني لا يعدو أن يكون نصا مقررا لإرادة المتعاقدين. بمعنى أنه يجوز الاتفاق على ما يخالفها بالزيادة أو الإنقاص في مدى التزام المؤجر، كأن يتفق الطرفان على قيام المؤجر بتركيب مصعد لبناءٍ مكوَنٍّ من طابقين، أو يتفقا على أن يسلمّ البناء بالحالة التي كان عليها وقت التعاقد.
وتجدر الإشارة إلى أنه وإن كان من المفروض أن يسلم المسكن صالحا للسكن مبلطا ومجصصا ومدهونا، ومحتويا على الأبواب والنوافذ، وأنابيب المياه والصنابير، والغاز، وأسلاك الـكهرباء، مع سلامتها وصلاحيتها للاستعمال، إلا أنه وفي كثير من الأحيان نجدها غير متوفرة، ومع ذلك يمضي المستأجر العقد نظرا لاحتياجه للمسكن خصوصا في ظل أزمة السكن الخانقة التي تعيشها الجزائر، ويقوم هو بتلك الترميمات والإصلاحات ولا يطالب بها المؤجر. 

المطلب الثاني: كيفية التسليم

يتم تسليم العين المؤجرة وملحقاتها بالـكيفية التي يتم بها تسليم المبيع ويتم ذلك عن طريق وضع الشيء المؤجر تحت تصرف المستأجر وضعا يتمكن معه من حيازته والانتفاع به دون عائق، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إعلام المستأجر بهذا الوضع. فإذا تم ذلك برئت ذمة المؤجر، ولو لم يتسلمه فعليا بل بمجرد تمكنه من تسلمه، وهنا يلتزم بالأجرة سواء انتفع بالعين أو لم ينتفع بها.
ويقوم التسليم الحكمي مقام التسليم الفعلي في الحالة التي تكون فيها العين في حيازة المستأجر من قبل على سبيل الوديعة أو العارية مثلا، ويتم التسليم الحكمي عن طريق تغيير سند الحائز. 
على أن تمام التسليم يقتضي، ليس فقط مجرد التخلي عن العين المؤجرة والترخيص للمستأجر في الانتفاع بها، بل يلتزم إزالة العوائق التي تحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، أيا كان مصدر هذه العوائق، يستوي في ذلك أن يكون العائق ماديا أو قانونيا، ناشئا عن فعل المؤجر نفسه أو أحد أتباعه أو راجعا إلى فعل الغير، مادام قد وجد هذا التعرض قبل التسليم كما تقول محكمة النقض المصرية. 
هذا وتختلف طريقة التسليم بحسب طبيعة الشيء المؤجر نفسه وعما إذا كان عقارا أم منقولا ماديا، أم منقولا معنويا فإذا كان المال المؤجر عقارا فإن تسليمه يمكن أن يتم بتسليم مفاتيحه إذا كان من المباني على سبيل المثال وإذا كانت العين المؤجرة منقولا ماديا فيكون تسليمه بالمناولة.
أما إذا كانت العين المؤجرة مالا معنويا، فإن تسليمها يكون بتسليم سند الشيء وبالترخيص للمستأجر في استعماله والانتفاع به وإن كان المرجع في كل ذلك هو إرادة المتعاقدين، فلهما أن يحددا طريقة معينة للتسليم وللقاضي بخصوص ذلك سلطة تقديرية. 
غير أن المشرع الجزائري في نص المادة 467/2 من التقنين المدني .– وفق تعديل ماي 2007- يجعل تسليم العين المؤجرة وفقا لإجراءات معينة تتمثل في:
معاينة المستأجر للعين المؤجرة وجاهيا، أي بحضور المؤجر، ويتم تحرير محضر بذلك أو بيان توصف فيه العين المؤجرة وملحقاتها والحالة التي هي عليها ،ثم يلحق هذا المحضر أو البيان الوصفي بعقد الإيجار. وعلى هذا نصت المادة 3 من المرسوم 76-147 والمادة 5 من النموذج الملحق به. 
ولـكن ماذا يترتب عن عدم القيام بهذا الإجراء؟ 
نصت المادة 476/3 من التقنين المدني على أنه في حالة تسليم العين المؤجرة دون تحرير محضر أو بيان وصفي بذلك، فإنه لا يبطل عقد الإيجار كما لا تكون هناك عقوبات مباشرة، ولـكن يكون ذلك في غير صالح المستأجر إذ يعتبر قد تسلم العين المؤجرة في حال حسنة، بمعنى أنه تسلمها في حالة تصلح للانتفاع بها .
على أن هذا الحكم ليس على إطلاقه بل يمكن لهذا المستأجر أن يثبت أن العين المؤجرة لم يتسلمها في حالة تصلح للإيجار والانتفاع بها على الوجه المقصود.
وللمستأجر أن يثبت ذلك بكافة الطرق، فحالة العين المؤجرة هي مجرد وقائع يمكن إثباتها بكافة وسائل الإثبات. 

المطلب الثالث: زمان ومكان التسليم ونفقاته

أولا- زمان التسليم: عرفنا من قبل أن المادة 478 من التقنين المدني قد أحالت بخصوص زمان التسليم ومكانه إلى الأحكام عقد البيع، على أنه في عقد البيع نطبق القواعد العامة في الالتزام المنصوص عليها في المادة 281 التي تنص على أنه يجب الوفاء فور انعقاد العقد ما لم يوجد اتفاق بخلاف ذلك. فالأصل في التسليم أن يتم في التاريخ الذي اتفق عليه، أو الذي حدده المؤجر عند إبرام العقد، مع مراعاة المواعيد التي تستلزمها طبيعة الشيء المؤجر وما يقضي به العرف. وأما إذا لم يحدد ميعاد للتسليم، ولم يوجد عرف ولم يمكن استخلاص شيء من طبيعة العين المؤجرة وجب التسليم فور إبرام عقد الإيجار.
ولـكن يلاحظ أنه إذا كان يجوز للمستأجر أن يطالب المؤجر بالتسليم متى حل وقت هذا الأخير حتى ولو كانت الأجرة لم تدفع بعد طالما لم يحّلّ أجل دفعها، فإنه يجوز للمؤجر أن يرفض التسليم وأن يحبس العين المؤجرة إلى أن يستوفي ما استحق من الأجرة، ولا يجوز للمؤجر حبس العين حتى إذا قدم له المستأجر رهنا أو كفالة (المادة 200/1 من التقنين المدني)، ولو أن الرهن أو الـكفالة لا يغنيان المؤجر عن حصوله عن الأجرة. بل يجوز للمؤجر أن يحبس العين المؤجرة ولو لم يحل الأجل المشترط لدفع الأجرة إذا سقط حق المشتري في الأجل، بأن حكم بإفلاسه أو إعساره، أو أضعف التأمينات المقّدّمة للمؤجر أو لم يقّدّم ما وعد بتقديمه من تأمينات (المادة 211 من التقنين المدني).
ولكن يجوز للمستأجر أن يطالب المؤجر بتسليم العين إذا هو قّدّم رهنا أو كفالة، تأمينا لدفع الأجرة عند حلول أجلها.
أما في حالة التصّدير، فإنه وحسب المادة 368 من التقنين المدني، يكون التسليم وقت وصول الشيء المصّدّر إليه، ما لم يوجد اتفاق بغير ذلك.
ثانيا- مكان التسليم: وفقا لنص المادة 282 من التقنين المدني، إذا كان الشيء المؤجر شيئا معينا بالذات، يكون التسليم في المكان الذي توجد فيه العين وقت التأجير أما إذا كانت العين معينة بالنوع، فيكون التسليم في المكان الذي يوجد فيه موطن المؤجر، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك، كأن يتفق المؤجر على تصدير العين المؤجرة للمستأجر، فيكون مكان التسليم هو المكان المتفق على تصدير العين إليه (المادة 368 من التقنين المدني.) 
وعلى ذلك، إذا كان الشيء المؤجر منقولا، ولم يعين مكان وجوده، فإن التسليم يلزم أن يحصل في موطن المؤجر؛ لأن الفرضَ أن المنقول موجود في موطن المؤجر. ومع ذلك، إذا كان الشيء المؤجر واجب الإرسال إلى مكان معين، فإن التسليم لا يتم إلا بوصوله فيها. أما إذا كان الشيء المؤجر عقارا، فإن تسليمه يتم -بطبيعة الحال- في محل وجوده. والأمر في النهاية مرده إلى إرادة المتعاقدين. 
ثالثا-  نفقات التسليم: تطبيقا للقواعد العامة، فإن المؤجر يتحمل نفقات تنفيذ الالتزام بالتسليم إلا إذا اتفق على خلاف ذلك (المادة 283 من التقنين المدني).
ونفقات التسليم متعددة ومختلفة حسب طبيعة الشيء المؤجر، ومن ذلك مثلا:
مصاريف الفرز والنقل إلى مكان التسليم، والمصاريف الأخرى التي يستلزمها وضع العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر، وتشمل هذه النفقات كل ما يلزم لوضع العين وملحقاتها تحت تصرف المستأجر في مكان الواجب التسليم فيه. 

المطلب الرابع: جزاء الإخلال بالتسليم

إذا أخل المؤجر بالتزامه بالتسليم كان للمستأجر وفقا للقواعد العامة حق طلب التنفيذ العيني أو الفسخ، وله إنقاص الأجرة مع طلب التعويض إذا كان له مقتضى (المادة 119 من التقنين المدني). 
ويمكن التمييز بين ثلاث صور للإخلال بالالتزام بالتسليم وهي: عدم التسليم والتأخير في التسليم، والتسليم للشيء المؤجر في حالة لا يصلح معها للانتفاع به.
أولا- جزاء عدم التسليم: إذا لم يقم المؤجر بالتسليم أصلا جاز إجباره عليه طالما كان التسليم ممكنا، أما إذا كان التسليم غير ممكن لهلاك العين هلاكا كليا لسبب أجنبي لا يد لأحد المتعاقدين فيه، أو لوجود مستأجر مفضل يشغل العين، فلا يكون للمستأجر سوى حق المطالبة بالفسخ واسترداده ما عجلّه من أجرة، ما لم يكن الهلاك بعد إعذار المستأجر بتسلم العين المؤجرة، وهذا مستخلص من نص المادة 396 من التقنين المدني أما إذا كان الشيء المؤجر قد أصابه هلاك جزئي أو لحقه بعض التلف قبل التسليم لسبب أجنبي، كان للمستأجر حق طلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من منفعة أما إذا كان الهلاك أو التلف جسيما كان للمستأجر حق طلب فسخ العقد. 
ثانيا- جزاء التأخير في التسليم: إذا قام المؤجر بتسليم العين المؤجرة بعد الميعاد، كان للمستأجر أن يطلب إعفاءه من الأجرة التي تقابل مدة التأخير ويجوز بالإضافة إلى ذلك أن يطلب المستأجر التعويض عما لحقه من أضرار أخرى إذا كان التأخير يعود إلى خطأ من جانب المؤجر (المادة 176 من التقنين المدني).
ثالثا- جزاء التسليم للعين أو ملحقاتها في حالة لا تصلح معها للانتفاع المقصود: جاءت المادة 477 من التقنين المدني بتطبيقين اثنين على هذه الحالة:  
أولها: إذا كانت العين المؤجرة وقت التسليم في حالة لا تصلح معها للانتفاع المقصود، كما لو كانت غير صالحة للسكن أصلا. 
وثانيها: إذا كانت العين المؤجرة في حالة ينقص معها الانتفاع بها نقصا كبير، كما إذا تبين عند تسليم العين أن بعض حجراتها قد هدمت.
في هاتين الحالتين يكون للمستأجر حق طلب الفسخ، أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من منفعة مع التعويض في الحالتين إذا كان له ما يبرره، كل ذلك دون إخلال بحق المستأجر في إلزام المؤجر بالقيام بما يلزم من الإصلاحات ليتمكن من الانتفاع المقصود. 
وهناك تطبيق آخر لم ينص عليه المشرع الجزائري في التقنين المدني، ونصت عليه بعض التشريعات العربية ،مثل المشرع الـكويتي في نص المادة 570، والبحريني في نص المادة 513، وهو إذا كانت العين المؤجرة وقت التسليم في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، كما إذا كانت الدار آيلة للسقوط أو تنبعث من أرضيتها غازات سامة أو كريهة وتسبب ضررا بالصحة في هذه الحالة يكون للمستأجر حق طلب فسخ العقد، دون حقه في إنقاص الأجرة، وهذه حالة متعلقة بالنظام العام.
وهذا ما نص عليه صراحة في المادة 13/4 من المرسوم 76- 147، حيث ألغى حق البقاء في الأمكنة غير الصحية المحظور شغلها، والأماكن التي صدر بشأنها قرار بخطورتها يقضي بترميمها أو هدمها. 
كما أشار إلى ما يشبه هذا قبل صدور القانون 07-05، وذلك في نص المادة 487/2 من التقنين المدني عند تعرض الغير للمستأجر بشكل خطير بحيث يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، فيكون له إما الفسخ أو إنقاص الأجرة. 
وعلة ذلك أنه بالفسخ يزول الخطر بعكس الحال عند طلب إنقاص الأجرة فلا يرفع عن المستأجر ومن في حكمه الخطر الذي يتهدّدهم ومن هنا يحق للمستأجر أن يطلب الفسخ حتى ولو كان قد سبق تنازله عن طلب هذا الحق. 

المبحث الثاني: التزام المؤجر بالصيانة

إن تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة طوال مدة الإيجار يقتضي أن تظل العين صالحة لما أعدت له من منفعة طوال هذه المّدّة. على أن بقاءها كذلك يتطلب استمرار العين على الحالة التي سلمت عليها، لذلك نصت المادة 479/1و2و3 من التقنين المدني على أن :"يلتزم المؤجر بصيانة العين المؤجرة لتبقى على الحالة التي كانت عليها وقت التسليم. 
ويجب عليه أن يقوم بالترميمات الضرورية أثناء مدة الإيجار، دون الترميمات الخاصة بالمستأجر. 
ويتعين عليه أن يقوم لاسيما بالأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص وأعمال تنظيف الآبار وكما يتعين عليه صيانة وتفريغ المراحيض وقنوات تصريف المياه". 
فإن كان المشرع الجزائري قد حدد أوجه أعمال الصيانة بشكل عام في نص المادة 479 من التقنين المدني، فإنه كان أكثر وضوحا في نص المادة 18 من نموذج عقد الإيجار الملحق بالمرسوم 76- 147، حيث ذكر على سبيل المثال لا الحصر:  
- إصلاح أو ترميم الأسطح والأسقف،
- ترميم الجدران الحاملة وهياكل البنايات، وكذلك الواجهات،
- إصلاح أو تبديل أعمال النجارة الخارجية،
- تصريف مجاري المياه القذرة،
- إصلاح المصاعد،
- إصلاح السلالم، وكافة الأجزاء المشتركة من العمارة،
- تجصيص الواجهات وتبييضها،
- تجديد دهانات كافة الأجزاء المشتركة وكذلك النجارة الخارجية،
- وكافة الترميمات التي تقع على عاتقها عن طريق التشريع أو التنظيم.
فضلا على أن المشرع قد نص في المادة 477 و480 من التقنين المدني على جزاء الإخلال بالالتزام بالصيانة وبذلك تقتضي دراسة التزام المؤجر بالصيانة أن نوضح مضمون هذا الالتزام وجزاء الإخلال به في مطلبين:

المطلب الأول: مضمون الالتزام بالصيانة

بديهي أنه باستبعاد ما لا يلتزم به المؤجر من إصلاحات يكُشَفَ لنا عن مضمون الالتزام بالصيانة: فمن ناحية إذا هلـكت العين المؤجرة أو أصبحت في حاجة إلى الترميم بسبب خطأ من المستأجر فلا يلتزم المؤجر بإعادتها إلى الحالة التي كانت عليها وفقا للقواعد العامة في المسؤولية بل يلتزم بذلك المستأجر، فضلا عن التزامه بدفع تعويض للمؤجر عما يكون قد أصابه من ضرر ويأخذ نفس الحكم خطأ تابعي المستأجر أو من يقيمون معه.
ومن ناحية أخرى، فإن المؤجر لا يلتزم بإعادة العين المؤجرة إلى ما كانت عليه في حالة هلاكها هلاكا كليا نتيجة قوة قاهرة أو نتيجة طول الاستعمال وعلة ذلك أن الهلاك الكلي لسبب أجنبي يؤدي إلى انفساخ عقد الإيجار من تلقاء نفسه إعمالا للقواعد العامة (المادة 481/1 من التقنين المدني). 
ومن ناحية ثالثة، فإن المؤجر لا يلتزم بالصيانة التأجيرية طبقا لنص المادة 497/2 من التقنين المدني، وهي الترميمات أو الإصلاحات التي تتميز بالبساطة والتي غالبا ما تكون المفاتيح والأقفال والبلاط المنكسر وتعمير الأبواب والشبابيك إذن من باب أولى، لا يلزم بالأعمال التي يقصد منها تزيين العين المؤجرة وقد بينها نص المادة 19 من النموذج الملحق بالمرسوم 76- 147، كالآتي:  
- ترميم أو تبديل الأجهزة الصحية المكسورة أو المعطوبة،
- إصلاح رشح المياه داخل الأمكنة،
- تركيب أو إصلاح الأجهزة الـكهربائية الموجودة،
- إصلاح أو تبديل الأقفال والمقابض والمفصلات "Targettes"والمزالج ،"Verrous"
- إجراء الدهانات الداخلية،
- تبديل البلاطة والقيشاني، (الخزف) داخل الأمكنة.
فهذه الأعمال خارجة عن نطاق التزامات المؤجر، وتقع على عاتق المستأجر. 
لـكن ماذا لو كانت الإصلاحات ضرورية، وكانت نفقاتها مرهقة للمؤجر فهل يقع ذلك على عاتق المؤجر وحده؟
لا يوجد نّصّ صريح في هذه المسألة فيما يتعلق بالإيجار، غير أنه وبالنظر إلى نص المادة 489 من التقنين المدني، التي تنص على أنه يمكن للمستأجر القيام بإصلاح العيب الموجود بالعين المؤجرة على نفقة المؤجر إلا إذا كان الإصلاح يشكل نفقة باهظة عليه (المؤجر)، يتبين أنه لا يحق للمستأجر إجراء الإصلاحات حتى الضرورية منها إذا كانت نفقاتها باهظة ما دام المؤجر هو من يقع عليه عبء الإصلاح، وبمفهوم المخالفة، لا يمكن للمستأجر أن يطالب المؤجر بتلك الإصلاحات بل له الحق في طلب الفسخ أو الإنقاص ما لم يكن بسبب الهلاك الكلي فيكون له طلب الفسخ دون الإنقاص لأن الإنقاص يكون عن الهلاك الجزئي البسيط أو نقص الانتفاع غير الجسيم.
غير أننا نرى أنه لا مانع من تطبيق نص المادة 107/2 المتعلقة بالظروف الطارئة، فيكون للقاضي حسب سلطته التقديرية ومراعاة لظروف الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، فلا يلتزم المؤجر بمثل هذه الترميمات إلا بالحد المناسب له والذي يحدده القاضي مراعيا في ذلك حال تقديره لهذا الحد أجرة العين ومدة بقاء المستأجر فيها.
وإذا كان المؤجر يلتزم بصيانة العين المؤجرة، فإن القانون قد أعطاه، بالمقابل الحق في إجراء الترميمات اللازمة لحفظ العين وهذا ما نصت عليه المادة 482/1 من التقنين المدني، وذلك في حالة الاستعجال. ولذلك لا يجوز للمستأجر أن يمنع المؤجر من القيام بمثل هذه الترميمات، حتى ولو ترتب عليها الإخلال بالانتفاع المقصود من العين المؤجرة، ويكون للمؤجر القيام بهذه الأعمال حتى ولو عارض المستأجر ذلك بشرط:
1- أن تكون هذه الترميمات لازمة لحفظ العين على وجه السرعة، كما هو الحال في إصلاح حائط مهدد بالسقوط.
2- أن تكون هذه الترميمات لا تحتمل التأخير أي مستعجلة، ويقع أمر إثبات ذلك على المؤجر.
3- أن يتم التنبيه على المستأجر قبل البدء فيها خلال مدة معقولة حتى يتخذ من الاحتياطات اللازمة لمواجهة ذلك وهذا تطبيقا للقواعد العامة.
بالمقابل يكون للمستأجر إذا أُخِلَّ بحقه في الانتفاع بالعين المؤجرة كليا أو جزئيا، أن يطلب إما فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بحسب الأحوال، غير أنه لا يحق له طلب الفسخ إذا ما بقي شاغلا للعين المؤجرة بعد انتهاء الترميمات (المادة 482/2 و3). 
بيد أن الأمر على خلاف ذلك بخصوص السكنات المؤجرة من طرف دواوين الترقية والتسيير العقاري، إذ بمقتضى نص المادة 17 من النموذج الملحق بالمرسوم 76-147، لا يمكن للمستأجر أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي يحدث له بسبب إجراء الترميمات الضرورية، كما لا يحق له أن يطالب بتخفيض الأجرة، حتى ولو تجاوزت مدة الأعمال 40 يوما، بل وفوق ذلك على المستأجر أن يخطر المؤجر بأي حدث يتطلب إجراء ترميمات وإلا كان مسؤولا تجاه المؤجر مسؤولية شخصية إلا أنه إذا وصل الحد إجلاء المستأجر من العين المؤجرة بسبب الأشغال فإن نص المادة 24 من هذا النموذج ألزم المؤجر بتوفير مكان صالح للسكن إلى حين إتمام الأشغال.

المطلب الثاني: جزاء الإخلال بالإلتزام بالصيانة

إذا أخل المؤجر بالالتزام بصيانة العين المؤجرة بعد إنذاره بذلك كان للمستأجر إما طلب التنفيذ العيني وإما فسخ العقد، وإما إنقاص الأجرة، مع التعويض في جميع الأحوال إذا كان له مقتضى، وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 480/1 من التقنين المدني. وهذه الجزاءات على النحو الآتي:  
أولا: التنفيذ العيني: للمستأجر أن يجبر المؤجر، بعد إعذاره على القيام بالترميمات اللازمة ولا يجوز للمؤجر أن يتفادى التنفيذ العيني بأن يعرض التنفيذ بمقابل أو الفسخ (المادة 164 من التقنين المدني). 
وإذا تقاعس المؤجر في القيام بهذه الترميمات رغم إعذاره بوقت مناسب وكانت الترميمات مستعجلة جاز للمستأجر القيام بنفسه بالترميمات اللازمة دون الحاجة إلى إذن من القضاء، كترميم جدار آيل للسقوط (المادة 480/2 من التقنين المدني) كذلك إذا كانت قليلة القيمة بشرط أن لا تكون من الترميمات التأجيرية، ومعنى كونها قليلة القيمة، أي لا تتحمل مصروفات الالتجاء إلى القضاء لاستصدار ترخيص، وهذه الحالة لم يشر إليها المشرع الجزائري. 
ثانيا – فسخ عقد الإيجار: للمستأجر أن يطلب الفسخ عند امتناع المؤجر عن القيام بإجراء الترميمات بعد إعذاره بوقت كافٍ (المادة 480/1 من التقنين المدني). بيد أن شرط الحكم بالفسخ هو حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة بسبب حاجتها إلى الترميم حرمانا جسيما، أو استمرار هذا الحرمان مدة من الزمن، أو يكون هذا الحرمان قد بلغ حدا يفوت عليه الغاية المقصودة من الإيجار.
وتطبيقا للقواعد العامة يجب إعذار المؤجر بوقت كاف قبل طلب الفسخ، كما يخضع طلب الفسخ لتقدير القاضي. فله أن يرفضه، أو أن يكتفي بإنقاص الأجرة، إذا لم يكن حرمان المستأجر من الانتفاع بسبب حاجة العين للترميم جسيما يبرر الفسخ (المادة 119/2 من التقنين المدني). 
ثالثا – إنقاص الأجرة: إذا قبل المستأجر البقاء في العين المؤجرة، بالرغم من حاجتها إلى الترميم وعدم قيام المؤجر بذلك، بعد إعذاره بوقت كاف، كان له أن يطلب إنقاص الأجرة بنسبة ما نقص في الانتفاع بها بسبب ما لحقها من تلف يستدعي ترميمها ولما كانت الأجرة هي مقابل التمكين من الانتفاع الكامل بالعين المؤجرة، لذا يكون للمستأجر حق إنقاص الأجرة من وقت حصول التلف، وليس من الوقت الذي يطالب فيه المستأجر المؤجر بإصلاح ما أصاب العين المؤجرة من تلف.
ويلاحظ أن إنقاص الأجرة كما يكون بديلا عن التنفيذ العيني، قد يجتمع معه أو مع الفسخ، وذلك بالنسبة للمدة السابقة على القيام بالتنفيذ العيني أو على الحكم بالفسخ.
كذلك يلاحظ أن إنقاص الأجرة لا يخل بحق المستأجر في المطالبة بتوقيع جزاء آخر على المؤجر إذا كان قد وقع منه خطأ أو تقصير أدى إلى زيادة الضرر الناشئ من نقص الانتفاع، حيث يجوز للمستأجر إذا كان المؤجر قد تسبب بخطئه في التلف الذي اقتضى الترميم، أو كان قد تأخر في إجراء الترميم بعد إعذاره أن يطالبه بإنقاص الأجرة وبالتعويض عما أصابه من ضرر (المادة 480/1 من التقنين المدني). 
رابعا – التعويض: يستحق المستأجر، بجانب طلب التنفيذ العيني أو الفسخ أو إنقاص الأجرة، تعويضا عما أصابه من ضرر بسبب إخلال المؤجر بالالتزام بصيانة العين المؤجرة (المادة 480/1 من التقنين المدني)، فإذا ترتب على سقوط سقف المنزل نقل الأثاث وتخزينه والإقامة في فندق، التزم المؤجر بتعويض المستأجر عن كل ما دفعه في ذلك، في حدود ما زاد عن الأجرة المتفق عليها. 
وقد نصت المادة 6 من نموذج عقد الإيجار الملحق بالمرسوم 08-142، وكذا المادة 3 من دفتر الشروط الملحق بهذا المرسوم، بأن عدم قيام المؤجر بالتزامه بالأشغال المفروضة عليه،ي ترتب عليه دفع تعويض للمستأجر عن الضرر الذي أصابه جراء الإخلال بانتفاعه.

المبحث الثالث: التزام المؤجر بالضمان

لا يكفي أن يسلم المؤجر العين المؤجرة وملحقاتها، وأن يتعهدها بالصيانة بإجراء الترميمات الضرورية وإنما يجب عليه، فوق ذلك، أن يضمن للمستأجر انتفاعا هادئا كاملا وعلى ذلك يسأل عن الفعل الذي يخل بانتفاع المستأجر أو يحول دونه. 
وبما أن كل الالتزامات تنطلق من فكرة التمكين من الانتفاع بالعين المؤجرة انتفاعا هادئا وكاملا، فإن على المؤجر أن يمتنع عن القيام بكل ما من شأنه أن يحول دون هذا الانتفاع، وهذا هو ضمان التعرض. كما يسأل المؤجر عما يظهر في العين المؤجرة من عيوب تحول دون الانتفاع أو تنقص منه، وهذا هو ضمان العيوب الخفية. 
وقد عالج المشرع الجزائري هذين الالتزامين في المواد 483 إلى غاية 487 وخصصها لضمان التعرض، في حين خصص المادتين 488و489 لضمان العيوب.

المطلب الأول: ضمان التعرض

الفرع الأول: ضمان التعرض الصادر عن المؤجر

نصت المادة 483 من التقنين المدني على أنه يمتنع المؤجر عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، ولا يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع. 
ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من تابعيه أو مأموريه، بل يمتد هذا الضمان إلى كل إضرار أو تعرض مبني على سبب قانوني يصدر من مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر. 
في سبيل دراسة هذا النص، ندرس أنواع التعرض وشروطه في مطلب أول ثم لبعض صوره في مطلب آخر، ثم نعرض للجزاء المترتب عليه في مطلب ثالث. 
أولا- أنواع التعرض وشروطه: نتعرض في هذا المطلب بالنسبة إلى أنواع التعرض، لكل من التعرض المادي والتعرض الشخصي، في الفرع الأول، ثم إلى الشروط الواجب توافرها حتى نكون أمام تعرض يضمنه المؤجر، في الفرع الثاني.
أ- أنواع التعرض: لأن المؤجر يلتزم أساسا بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة على الوجه المقصود من الإيجار، فإنه كان لزاما عليه أن يمتنع عن كل ما يحول بين المستأجر وبين هذا الانتفاع، فإن فعل ذلك فإنه يعتبر متعرضا ووجب عليه الضمان، وعليه فإنه يسأل عن تعرضه سواء كان التعرض ماديا أو قانونيا.
ويقصد بالتعرض المادي قيام المؤجر بأي عمل مادي يترتب عليه الإخلال بالانتفاع أو حرمان المستأجر من الفوائد التي تعود عليه من انتفاعه بالعين على الوجه المقصود بمقتضى عقد الإيجار، سواء كانت الفائدة مادية أو معنوية ،ودون أن يستند هذا التعرض إلى حق يدعيه ومثال ذلك دخول المنزل دون مبرر، تعلية منزل مجاور يحجب الضوء والشمس، أو دخول أرض زراعية لقطف ثمارها، أو منعه من استخدام المصعد وهناك من الفقه من يدخل في مفهوم التعرض المادي، ذلك التعرض المادي القائم على تصرفات قانونية ومثاله أن يعطي المؤجر للغير حقا عينيا أو شخصيا يتعارض مع حق المستأجر ويحتج به عليه، كالبيع إذا لم يكن للإيجار تاريخ ثابت سابق، أو إعطاء حق ارتفاق، أو تأجير العين لمستأجر آخر، أو رهن العين المؤجرة.
في حين يرى آخرون أنه إذا صح أن تكون مثل هذه الأعمال تعرضا، فإنه يكون من حق المستأجر أن يرجع بالضمان على المؤجر بمجرد صدور التعرض منه ولو لم يقم الغير الذي اكتسب حقه من المؤجر بالتعرض، وهذه نتيجة غير مقبولة، ذلك أن المستأجر ليس له الرجوع على المؤجر بشيء ما بقي منتفعا بالعين دون أن يحدث فعلا ما يخل بهذا الانتفاع. 
بينما يرى فريق من أنصار الرأي الأول أن تعرض المؤجر لا يعد تعرضا إلا إذ وقع تعرض للمستأجر بالفعل من الغير الذي اكتسب حقه من المؤجر وبذلك نكون أمام نوعين من التعرض القانوني، تعرض صادر من المؤجر وآخر من الغير. 
أما التعرض القانوني فيتحقق إذا ادعى المؤجر حقا على العين المؤجرة في مواجهة المستأجر من شأنه أن يحرمه من الانتفاع؛ لأن من وجب عليه الضمان امتنع عنه التعرض، ومثاله أن يقوم المؤجر بتأجير العين وهي غير مملوكة له ثم يتملـكها بعد ذلك ويطالب المستأجر بردها استنادا إلى ملـكيته، فإن حدث ذلك كان للمستأجر أن يدفع دعوى المؤجر بضمان تعرضه الشخصي، أو يؤجر له أرضا ثم يتبين أن له حق مرور لأرض مجاورة اكتسبها بالميراث أو الشراء، فينقضي حق الارتفاق باتحاد الذمة. 
ب- شروط التعرض الشخصي: إن الفعل الذي يصدر من المؤجر يعتبر تعرضا شخصيا لا بد له من شروط هي:
1- أن يكون من شأن الفعل الذي صدر عن المؤجر، الإخلال بانتفاع المستأجر على الوجه المقصود بمقتضى عقد الإيجار بالعين المؤجرة أو ملحقاتها.
أي أنه لا بد من وقوع التعرض فعلا. 
فإذا كان الفعل ماديا فلا بد أن تصدر عن المؤجر أفعال مادية تحول دون الانتفاع أو تخل به، فبمجرد التهديد لا يتحقق الضمان وإذا كان التعرض قائما على أسباب قانونية كبيع مؤجر للعين المؤجرة، فلا بد من تعرض المشتري فعلا ومطالبته بإخلاء العين المؤجرة وعلى ذلك يتقادم التزام المؤجر بضمان التعرض بخمس عشرة سنة من وقوع التعرض فعلا. 
2- كما يجب أن يكون ما صدر عن المؤجر من تعرض قد وقع أثناء مدة انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، سواء أثناء المّدّة المتفق عليها أو المجددة أو الممتدة أو المهلة القضائية. 
ومعيار تحديد الإخلال بالانتفاع هو هل من شأن العمل الذي أتاه المؤجر أن يحرم المستأجر من أية منفعة سواء مادية أو معنوية؟ 
لا يعد تعرضا قيام المؤجر بأي عمل لا يحول دون الانتفاع، كالقيام بترتيب رهن رسمي أو تسجيل حق تخصيص لأحد الدائنين أو تأجيرها لمستأجر يتقدم عليه المستأجر الأول. 
ويلاحظ أن تقدير الإخلال بالانتفاع هو مسألة واقع يستقل قاضي الموضوع بتقديرها. 
3- يلزم في الفعل الذي يصدر عن المؤجر أن يكون غير مشروع، وبالتالي إذا استمد المؤجر حقه من عقد الإيجار كأن يكون منصوصا في العقد على حق المؤجر في تعلية البناء، أو استمد حقه من القانون كحقه في الدخول إلى الأماكن المؤجرة للتحقق من تنفيذ المستأجر لالتزاماته التي يفرضها عليه القانون أو استمد حقه من حكم قضائي، كأن يضع المؤجر يده على العين المؤجرة بناء على حكم صادر بتعيينه حارسا عليها. 
ففي هذه الحالات الثلاث لا يعد ذلك تعرضا من المؤجر للمستأجر. 
ثانيا: بعض صور التعرض الشخصي: إن صور التعرض الشخصي الصادر من المؤجر غير واردة على سبيل الحصر، لذا سنذكر هنا البعض منها فقط، على سبيل الاستدلال والتوضيح.
الصورة الأولى: التغيير في العين أو في ملحقاتها: وهذه الصورة ذكرها المشرع في نص المادة 483/1 على سبيل المثال للتنويه بأهميتها، ومدلولها أنه يجب على المؤجر أن يترك العين المؤجرة وملحقاتها بنفس الحالة التي كانت عليها وقت الإيجار وعليه، لا يجوز للمؤجر أن يهدم أو يزيل جزءاً من العين، أو يسد نافذة أو يفتح بابا...الخ. كما لا يجوز له أن يجري أي تعديل على ملحقات العين، فلو كان للعين المؤجرة مرآبا ملحقا بها، فلا يجوز للمؤجر اقتطاعه وتحويله لغرض آخر.
وبالمقابل لا يجوز للمستأجر أن يجبر المؤجر بإجراء هذه التغييرات، إذا كانت تزيد في انتفاعه أو تسهله، إلا إذا اتفق على غير ذلك. 
ويطرح سؤال بهذا الصدد، هل يشترط لتحقق هذا المنع إلحاق الضرر بالمستأجر أم لا؟ 
هناك من قال بأنه يمنع على المؤجر القيام بأي تغيير حتى ولو لم يترتب عليه إضرار بالمستأجر، بل حتى ولو كان فيه فائدة لهذا المستأجر، لـكن الرأي الراجح يرى أن الأصل أنه يمكن للمؤجر إجراء أي تغيير في العين التي يملـكها، والقانون إذا منعه من القيام بذلك، إنما كان بهدف عدم الإخلال أو الإنقاص بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، وعليه إذا كانت التغييرات ليس من شأنها أن تحدث ضررا بحق المستأجر، أو أنها تفيده، فإن علة المنع تنتفي. 
الصورة الثانية: الإخلال بوجوه الانتفاع التي خصصت لها العين المؤجرة: وعليه إذا اقتضى عقد الإيجار تخصيص العين المؤجرة وملحقاتها لانتفاع معين ،فلا يجوز مثلا للمؤجر أن يقوم بأي عمل من شأنه الإخلال بوجوه هذا الانتفاع الذي خصصت له، فإذا اشتمل عقد الإيجار تزويد المستأجر بالـكهرباء والغاز ،فلا يجوز للمؤجر قطعها عنه.
الصورة الثالثة: الإخلال بالانتفاع نتيجة التغيير في عين مجاورة: فإذا كان المؤجر يملك عقارا مجاورا للعين المؤجرة، فإنه لا يجوز له أن يحدث في هذا العقار ما قد يخل بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، كأن يقوم بتعلية العقار المجاور، أو يفتح نوافذ تطل على العين...الخ.
الصورة الرابعة: مزاحمة أو منافسة المستأجر في تجارته أو صناعته: هناك من يقول بعدم ضمان المؤجر عدم منافسة أو مزاحمة المستأجر، سواء كانت هذه المزاحمة من طرف المؤجر نفسه أو من أحد أتباعه أو من طرف الغير الذي مكنه المؤجر من ذلك، على اعتبار حرية التجارة وحق الملـكية، وعلى اعتبار أن المؤجر ضامن للانتفاع الهادئ بالعين المؤجرة وليس ضامنا لما تدرّ به التجارة أو الصناعة على المستأجر من ربح.
وهناك من فرق بين ما إذا كان المكان قد أجر لمزاولة صناعة أو مهنة معينة أم لا، فإن كان كذلك لم يجز للمؤجر أن يزاحم المستأجر، وإن لم يكن المكان معدا خصيصا لصناعة معينة، فللمؤجر أن يزاحمه سواء بنفسه أو بغيره. 
الصورة الخامسة: أعمال التعرض الصادرة عن أتباع المؤجر: وهي الصورة التي نصت عليها المادة 483/2 من التقنين المدني والتابع هنا هو كل شخص قد عهد إليه بعمل يتصل بالعين المؤجرة، أو كان وجوده بها بناء على حق قرره له المؤجر، وبالتالي يدخل في مفهوم الأتباع:
‌أ- الأشخاص الذين يستعين بهم المؤجر في مباشرة حقوقه وتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار، سواء كانوا بدلاء عنه كالمقاولين والمهندسين، أم مساعدين له كالخدم وأهل المنزل والضيوف...الخ. 
‌ب- الأشخاص الذين ينوبون عن المؤجر، كالولي والوصي والقيم والوكيل. 
‌ج- الخلف العام والخلف الخاص للمؤجر، وكل من تلقى عنه حقا كمستأجر آخر من المؤجر ذاته. 
وحتى يسأل المؤجر عن أعمال أتباعه، لا بد من توافر شرطين هما:  
- أن يقع الفعل من التابع أثناء تأدية عمله كتابع أو بسببه طبقا للقواعد العامة في المسؤولية (المادة 136 من التقنين المدني). 
- ألا يكون الفعل الذي أتاه التابع ناتجا عن تقصير من المستأجر.
وفوق ذلك نصت المادة 23 من نموذج عقد الإيجار الملحق بالمرسوم 76- 147، على أن المؤجر يضمن كافة الأضرار والعوائق التي تخل بانتفاع المستأجر الناجمة عن فعل مندوبيه وحتى الغير.
ثالثا: جزاء التعرض الشخصي: إذا تحقق التعرض الشخصي من المؤجر للمستأجر، كنا أمام ثلاث حالات هي: إما التنفيذ العيني للالتزام، وإما فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة، وإما التعويض عن الضرر الذي أصابه.
الحالة الأولى: التنفيذ العيني: إذا بقي التعرض قائما وقت رفع الدعوى، كان للمستأجر طلب منع المؤجر من التعرض، فلو قام المؤجر بإقامة بناء في العين المؤجرة أو العقار المجاور لها مما يحجب الضوء عنها كان للمستأجر طلب وقف هذه الأعمال أو إزالة البناء إذا تم وللمحكمة السلطة التقديرية في إجابة طلب المستأجر أم لا، بأن يكون ذلك مرهقا للمؤجر.
الحالة الثانية: فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة (المادة 484/2 من التقنين المدني): على أن للمؤجر أن يدفع دعوى المستأجر بفسخ عقد الإيجار أو إنقاص الأجرة، بأنه مستعد للتنفيذ العيني، بالتوقف عن التعرض.
وهنا لا يصبح للمستأجر إلا أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر، فإن لم ينته التعرض ولم يطلب المستأجر التنفيذ العيني، ولم يعرضه المؤجر، كان للمستأجر طلب فسخ الإيجار، ولا يلزم القاضي بإجابته في ذلك، فقد يرى أن يعطي مهلة للمؤجر لتنفيذ التزامه عينا، أو يأمر بإنقاص الأجرة أو بتعويض المستأجر، طبقا للقواعد العامة (المادة 119/2 من التقنين المدني). 
الحالة الثالثة: التعويض: إن من حق المستأجر طلب التعويض عما أصابه من ضرر نتيجة إخلال المؤجر بالتزاماته، ويجوز القضاء بالتعويض مع التنفيذ العيني أو الفسخ أو إنقاص الأجرة (المادة 484/2 من التقنين المدني) .
ويكون تقدير هذا التعويض على أساس المسؤولية العقدية. وعليه يجوز الاتفاق على تعديل أحكام الضمان، إما بتشديد مسؤولية المؤجر أو تخفيفها، أو حتى الإعفاء منها، إلا إذا كان التعرض ناتجا عن غش أو خطأ جسيم (المادة 178 من التقنين المدني).
كما أنه في حالة تعدد المؤجرين، فإن كل واحد منهم ضامن للتعرض الذي قد يقع للمستأجر من أحدهم، وللمستأجر الرجوع على أي منهم بالضمان كاملا. 

الفرع الثاني: ضمان التعرض الصادر عن الغير

أولا: المقصود بالتعرض الصادر عن الغير وشروطه: إن التعرض الصادر من الغير ليس هو ذلك التعرض الذي يحدث للمستأجر من أتباع المؤجر، وإنما هو التعرض الحاصل من أي شخص مكنه المؤجر من حق على العين المؤجرة بحيث يترتب عليه الإخلال بانتفاع المستأجر بهذه العين على الوجه المقصود كأن يدعي أحد ملـكية العين ويطالب باستردادها.
وقد نصت المادة 483/2 من التقنين المدني على أن المؤجر يضمن إضافة إلى تعرضه الشخصي، تعرض أي مستأجر آخر أو أي شخص آخر تلقى الحق من المؤجر، ولا يضمن إلا التعرض القانوني. عدا ما نص عليه المشرع في المادة 23 من نموذج عقد الإيجار الملحق بالمرسوم 76- 147، المشار إليه أعلاه، حيث لم يفرق بين التعرض القانون والمادي الصادر من الغير، كونه ذكر عبارة "فعل" مجردة. 
وعلى ضوء هذه المادة نحدد الشروط الواجب توافرها حتى يتحقق الضمان. 
‌أ- أن يقع التعرض من الغير: أي أن يقع التعرض من أجنبي على عقد الإيجار، فإن وقع التعرض من المؤجر أو أحد أتباعه، قام ضمان المؤجر بالنسبة للتعرض المادي والقانوني معا، أما تعرض الغير فلا يضمن فيه المؤجر إلا التعرض القانوني.
‌ب- أن يدعي الغير حقا يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر: وعليه يجب أن يكون التعرض مبنيا على سبب قانوني، فيدعي الغير حقا يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر الثابت بمقتضى عقد الإيجار، كما أن الحق الذي يدعيه الغير لا يشترط أن يكون موجودا في الواقع ،بل يكفي مجرد الادعاء لقيام الضمان.
‌ج- أن يقع التعرض فعلا: فلا يكفي أن يدعي الغير حقا على العين المؤجرة قولا، بل لا بد من اتخاذه سبيلا عمليا لإظهار هذا الادعاء وتحقيقه كدخول العين مدعيا أن له حق ارتفاق بالمرور، أو أن يقوم بزراعة الأرض مدعيا ملـكيتها.
كما يشترط إلى جانب هذا كله أن يقع التعرض أثناء مدة الإيجار. 
ثانيا: بعض صور تعرض الغير
الصورة الأولى: التعرض الصادر من مستأجر آخر للعين ذاتها: تنص المادة 485 من التقنين المدني على حالة تعدد المستأجرين، بحيث يتزاحمون فيما بينهم- وقد ذكرنا ذلك فيما سبق ولا بأس أن نذكر بذلك ونزيد عليه-  وهنا نفرق بين أن يكون التزاحم بشأن مال منقول أم عقار.
فإذا كان منقولا، فضل من سبق منهم إلى وضع يده دون غش وٺتفق قاعدة التفضيل هذه مع القواعد العامة، فالأصل أن الدائنين متساوون جميعا فلا يتقدم أحدهم على الآخر ومن سبق منهم إلى استيفاء حقه فاز به، حتى ولو كان متأخرا في الوجود عن حقوق باقي الدائنين وتطبيق قاعدة الأفضلية هذه تقتضي أن يكون واضع اليد حسن النية، أي دون تواطؤ مع المؤجر أو علمه بوجود إيجار سابق على إيجاره. 
وفي حالة ما إذا لم يضع أي مستأجر يده على العين المؤجرة ثم طالبوا بتسليمها، فإنها لا تسلم لأي منهم، فليس لأحدهم أن يتقدم على الآخر، كما ليس لهم إلا الرجوع بضمان الاستحقاق على المؤجر. 
أما إذا كان التزاحم على عقار، في القانون المصري نجد أن المادة 573 من التقنين المدني، جعلت حق الأفضلية يكون بالأسبقية في وضع اليد أو بالتسجيل، غير أن المشرع الجزائري في نص المادة 485 سابق الذكر لم يفرق بين كون المال المؤجر منقولا أم عقارا، وعليه في القانون الجزائري تطبق على العقار نفس القواعد الواردة على المنقول، وقد حسم الخلاف الواقع في الفقه ،فجعل الأولوية لمن كان عقده ثابت التاريخ أي مسجلا، وإذا كانت التواريخ نفسها كانت الأولوية لمن وضع يده أولا. 
الصورة الثانية: التعرض الصادر من مستأجر لعين أخرى من المؤجر: ومؤداها تعرض مستأجر لمستأجر آخر لا يستأجران عينا واحدة ويجب هنا أن يكون المستأجران قد استأجرا من مؤجر واحد حتى تتحقق حالة التعرض، سواء تحقق جوارهم في منزل واحد أو منازل متجاورة. ونفرق هنا أيضا بين التعرض القانوني والتعرض المادي.
فالتعرض القانوني يضمنه المؤجر ويلتزم بمنعه وبتعويض المستأجر عما أصابه من ضرر، وللمؤجر أن يرجع على المستأجر المتعرض لمطالبته بالـكف عن التعرض والتعويض.
أما التعرض المادي، فلا يضمنه المؤجر، فهو لا يستند إلى حق يدعيه ،مستمد من عقد الإيجار. ولا علاقة لهذا التعرض بصفته كمستأجر، كشجاره مع الجيران أو إهانة أحدهما للآخر والقاضي هو من يقدر وجود علاقة التعرض بصفته كمستأجر أم لا. 
الصورة الثالثة: التعرض الصادر من جيران المستأجر: أي وقوع التعرض من جار لم يستأجر من نفس المؤجر وهنا يعتبر الجار من الغير، فلا يضمن إلا تعرضه القانوني، وهذا هو نص المادة 487 من التقنين المدني صراحة، إلا أنه قبل التعديل كان للمستأجر أن يرجع على المؤجر في حالة الإخلال الجسيم بانتفاعه، فيطالبه إما بفسخ عقد الإيجار أو بإنقاص الأجرة، وهذا ما نصت عليه المادة 487/2 من التقنين المدني.
الصورة الرابعة: التعرض الصادر من جهة حكومية: إذا قامت الإدارة بأعمال من شأنها أن تخل بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة أو تحرمه من الانتفاع بها، فهل يقع الضمان على المؤجر؟
إن الإدارة تعتبر من الغير لذلك فالمؤجر لا يضمن تعرضها المادي، ولـكنه يضمن تعرضها القانوني. ويكون تعرض الإدارة ماديا إذا لم تستند إلى حق تدعيه على العين المؤجرة أو إذا استندت إلى ما لها من امتيازات السلطة العامة ،كأن تنزع ملـكية العين أو تستولي عليها. 
أما إذا استندت إلى حق تدعيه، كأن تدعي ملـكية المحل المؤجر، فيكون هنا التعرض قانونيا، ووجب على المؤجر الضمان. وقد تعرضت المادة 486 من التقنين المدني لهذا النوع من التعرض. 
ويرى بعض الشراح أن عمل الإدارة يعد من قبيل القوة القاهرة، وبالتالي لا يلتزم المؤجر بالضمان، لـكن ذلك لا يمنع المستأجر من الرجوع على المؤجر وعلى الدولة في بعض الحالات، أي إذا ترتب عن عمل الإدارة حرمان المستأجر من انتفاعه بشكل جسيم، أما إذا كان الحرمان يسيرا، فلا يكون له الرجوع إلا على الدولة. 
وإذا تبين أن عمل الإدارة صدر مخالفا للقانون أو انطوى على تعسف في استعمال السلطة، كان للمستأجر إلى جانب حق الفسخ أو إنقاص الأجرة طلب التعويض من الجهة الإدارية وإذا كان للمؤجر دخل في عمل الجهة الحكومية، تحقق ضمانه وكان مسؤولا عن الفسخ أو إنقاص الأجرة، وكذا التعويض، كأن يترك المنزل دون ترميم حتى تسوء حالته، فتبادر الإدارة إلى هدمه. 
بينما إذا ثبت خطأ المستأجر دون المؤجر، فلا ضمان على المؤجر، كأن يدير المستأجر العين المؤجرة لأجل القمار، فتقوم الإدارة بغلقها، وحينها يلتزم المستأجر بدفع الأجرة إلى غاية نهاية الإيجار وبالتعويض إن كان له مقتضى. 
على أنه للمستأجر أن يرجع على المؤجر بالضمان عند تعرض الإدارة له، إذا جاء ذلك ضمن الاتفاق في عقد الإيجار.
هناك تساؤل أيضا يطرح في هذا المجال، وهو: هل يعتبر امتناع الإدارة عن إعطاء ترخيص للمستأجر تعرضا؟ وهذا يكون عندما يقرر المستأجر القيام بعمل أو حرفة تستلزم استصدار ترخيص لممارسته، فتمتنع الإدارة عن إعطائه إياه. 
إذا كان عدم منح الترخيص يرجع إلى عدم استيفاء المستأجر الشروط اللازمة، فلا ضمان على المؤجر، سواء بطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة أو التعويض كذلك إذا لم تكن العين المؤجرة قد أجرت خصيصا لممارسة ذلك النشاط كمن يؤجر منزلا لأجل الّسّكن ثم يريد استغلاله كفندق فترفض الإدارة منحه الترخيص. 
وعلى هذا يذهب بعض الفقه إلى أنه إذا ذكر النشاط في العقد وجب الضمان لـكن الفقه السائد يذهب إلى أنه يجب إضافة إلى ذلك، أن يبين الانتفاع المقصود بالإيجار بوضوح.
وإذا تعهد المؤجر للمستأجر بالحصول على الترخيص، وقع عليه تحمل فسخ العقد أو إنقاص الأجرة أو التعويض كما يجوز الاتفاق على أن المؤجر لا يتحمل بالضمان إذا لم يحصل المستأجر على الترخيص، وحينها لا يكون للمستأجر إلا الرجوع على الإدارة بالتعويض إذا كان عملها مشوبا بإساءة في استعمال السلطة أو مخالفا للقانون
ثالثا: الآثار المترتبة على قيام التعرض
أ- إخطار المؤجر بالتعرض: نصت المادة 484 من التقنين المدني على أنه إذا وقع التعرض من الغير، وجب على المستأجر أن يخطر المؤجر بوقوعه، فهو صاحب المصلحة في دفعه، لأنه ضامن له، وهذا الإخطار يجب أن يتم بمجرد وقوع التعرض أو في أقرب وقت ممكن.
 ويعتبر المستأجر قد أخطر المؤجر إذا قام المتعرض برفع دعوى عليه، فقام هذا الأخير بإدخال المؤجر ضامنا في الدعوى، أو أن يرفع المستأجر دعوى على المتعرض، ثم يدخل فيها المؤجر ضامنا، أو أن المؤجر علم بالتعرض عن طريق آخر وكان بإمكانه دفعه ولـكنه لم يفعل ذلك، وحينها لا يسقط حق المستأجر في الضمان.
والمستأجر يتحمل تقصيره في حالة عدم إخطار المؤجر في وقت مناسب، فإذا أثبت المؤجر في حالة عدم إخطاره أن لديه مستندات ٺثبت بطلان ادعاء المتعرض، سقط حق المستأجر في الرجوع بالضمان، بل للمؤجر أن يرجع على المستأجر بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب عدم إخطاره إلا إذا أثبت المستأجر أن المتعرض كان لا بد وأن ينجح في دعواه حتى لو حصل الإخطار.
والإخطار يمكن أن يتم على يد محضر قضائي أو بكتاب موصى عليه، أو حتى بكتاب عادي، ويجوز أن يكون الإخطار شفهيا، ويقع عبء إثبات وقوعه على المستأجر. 
 ب- دفع المؤجر للتعرض: إذا أخطر المستأجر المؤجر، كان على هذا الأخير أن يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لدفع هذا التعرض، كأن يرفع دعوى الحيازة إذا توافرت شروطها، أو دعوى استرداد الحيازة إذا نجح المتعرض بوضع يده على العين، أو أن يرفع دعوى منع التعرض، كأن يقوم المتعرض بإدخال مواشيه للرعي في الأراضي المجاورة...الخ.
وإذا كان التعرض بأن رفع المتعرض دعوى على المستأجر، وجب أن يتدخل المؤجر في الدعوى إن تم إخطاره أو علم بها دون إخطار، وإذا وجهت الدعوى إلى المستأجر فقط، لم يكن الحكم ملزما للمؤجر، أما إذا وجهت إلى المؤجر دون المستأجر، كان الحكم ساريا في مواجهة المستأجر، لأنه ليس إلا دائنا عاديا للمؤجر، تنفذ في مواجهته الأحكام الصادرة ضد هذا الأخير. 
وإذا رفعت الدعوى على المستأجر وحده، كان له أن يخرج منها حتى لو رفض المؤجر الدخول فيها، ولـكن من الأفضل للمستأجر البقاء في الدعوى، حتى يرجع على المؤجر بضمان الاستحقاق إذا نجح المتعرض وأخفق المؤجر في دفع التعرض. 
وإذا نجح المؤجر في دفع التعرض، لم يكن للمستأجر الرجوع عليه بالتعويض عما أصابه من ضرر، بل يرجع بذلك على المتعرض، لـكن إذا ترتب على التعرض وضع العين المؤجرة تحت الحراسة وتعطل انتفاع المستأجر بها، كان له أن يطلب إنقاص الأجرة أو إعفاءه منها طول فترة الحراسة، أو أن يطلب الفسخ. 
لـكن هل يمكن للمستأجر أن يدفع بنفسه التعرض القانوني الصادر من الغير؟ 
ذهب رأي إلى عدم جواز ذلك؛ لأن للمستأجر حق شخصي وليس حقا عينيا على العين المؤجرة، إذ حقه في ذمة المؤجر، ولـكن إذا امتنع على المستأجر الرجوع على المتعرض بنفسه، فلا يوجد مانع من الرجوع عليه بدعوى المؤجر ،تطبيقا لأحكام الدعوى غير المباشرة. 
ويذهب رأي آخر إلى أنه إذا كان التعرض بفعل مادي يعكر به حيازة المستأجر، كان لهذا الأخير رفع جميع دعاوى الحيازة، فله رفع دعوى استرداد الحيازة أو دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأعمال.
وإذا كان التعرض برفع المتعرض دعوى على المستأجر، فإن لهذا الأخير حق الدفاع عن نفسه في دعوى مرفوعة عليه.
‌ج- ضمان الاستحقاق: إذا أفلح المتعرض في تعرضه وأخفق المؤجر، وتقرر الحق المدعى به قضاء أو رضاء ، وترتب على ذلك حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة على الوجًه المقصودً من عقد الإيجار، كان للمستأجر أن يرجع على المؤجر بضمان الاستحقاق، ويترتب على ذلك أن يطلب حسب الظروف، إما فسخ العقد أو إنقاص الأجرة مع التعويض في الحالتين إذا كان له مقتضى، لـكن حتى يتحقق ضمان الاستحقاق لا بد من توافر الشروط الآتية:
1- ثبوت الاستحقاق للغير، فيقرر للمتعرض أي وجه من وجوه الانتفاع المقصود بالعين محل النزاع. 
2- أن يترتب على هذا الاستحقاق إخلال فعلي بالانتفاع المقصود بالعين، فلو ثبت الاستحقاق ولـكن لم يقم المستحق بمضايقة المستأجر أو أقر إيجاره، فلا رجوع بالضمان.
3- يجب أن يثبت عدم تقصير المستأجر في إخطار المؤجر بالتعرض في الوقت المناسب.
‌د- عدم قابلية الالتزام بالضمان للتجزئة: فإذا تعدد المؤجرون لعين واحدة أو ورث المؤجر ورثة متعددون وجب على كل منهم ضمان التعرض في العين كلها، وإذا وقع تعرض من الغير، للمستأجر أن يرجع على أي من المؤجرين بالضمان في كل العين لا في حدود حصته فقط، أما دعوى التعويض في حالة ضمان الاستحقاق فتنقسم على المؤجرين كل بقدر حصته.
‌ه- الاتفاق على تعديل أحكام الضمان: تنص المادة 490 من التقنين المدني بمفهوم المخالفة على أنه يجوز تشديد الضمان، كاشتراط المستأجر أن يكون له الحق في الفسخ متى حدث تعرض من الغير، كما يجوز تخفيف هذا الضمان ،بل ويجوز الاتفاق على الإعفاء من الضمان، لـكن التخفيف أو الإعفاء يقع باطلا إذا كان التعرض قانونيا (المادة 490/1 من التقنين المدني).

المطلب الثاني: ضمان العيوب الخفية

الفرع الأول: المقصود بالعيب الموجب للضمان وشروطه

أولا: المقصود بالعيب الموجب للضمان

نص المادة 488/1 من التقنين المدني على أن المؤجر يضمن جميع ما يوجد بالعين المؤجرة من عيوب تحول دون الانتفاع بها أو تنقص من هذا الانتفاع نقصا محسوسا.
ويقصد بالعيب الموجب للضمان كما جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية أنه :"هو الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السلِيمة للشيء"، وهذا تعريف الحنفية، حيث قالوا بأنه :"مَاَ َيَخلوُ عنَه أَصل الفطِرةَ الَّسَّليِمَةَ". وعرّفه الغزالي بأنه :"كلُوّصَفٍ مذَمُوُمٍ اقتْضَىَ العرُفُ سلاَمَةَ المبَيِعِ عَنْهُ غاَلِبِاِ".
فحتى نكون بصدد عيب، يجب أن تلحق الشيء آفة لا توجد عادة في مثله كأن يكون هناك عيب في الجدران ترتب عليه سماع كل ما يقال في الشقة المجاورة. 
كما يعد عيبا موجبا للضمان خلو العين من صفة تعهد المؤجر صراحة بتوافرها (المادة 488/2 من التقنين المدني)، أو من صفة يقتضيها الانتفاع بالعين ولو أن خلو العين من هذه الصفة لا يعد آفة طارئة. وبناء على ذلك، يختلف العيب الموجب للضمان عن الغلط في صفة جوهرية في العين لاختلاف أحكام كل منها، فالغلط وهم خاطئ يقوم في ذهن المستأجر بالنسبة إلى صفة جوهرية في الشيء يجعله يعتقد أن هذه الصفة متوافرة فيه، في حين أنها متخلفة حقيقة، أما العيب فهو آفة تعيب الشيء. 
ونلاحظ أنه إذا خلا الشيء من صفة اعتقد المستأجر توافرها فيه يعد غلطا وليس عيبا بينما إذا تعهد المؤجر بتوافر تلك الصفة أو كان الانتفاع المقصود من الإيجار يقتضيها، فإن عدم وجود تلك الصفة يعد عيبا موجبا للضمان إضافة إلى أنه واقع في غلط، فيكون له الخيار بين الدعويين. 
كما أن الغلط لا يخول المستأجر الرجوع على المؤجر إذا كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه بينما لا يشترط ذلك في العيب، إضافة إلى أن الغلط لا يخول المستأجر إلا طلب الإبطال بينما الرجوع على أساس العيب يخوله فضلا عن الفسخ، الحق في إنقاص الأجرة وإلزام المؤجر بإصلاح العيب مع التعويض إن كان له مقتضى.

ثانيا: شروط ضمان العيب

‌أ- أن يكون مؤثرا: فيجب أن يكون العيب يحول دون الانتفاع بالعين المؤجرة أو أحد ملحقاتها أو ينقص من هذا الانتفاع نقصا كبيرا ومعيار تحديد المنفعة المفقودة يكون على أساس الغاية المقصودة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له فمثلا قد يذكر المستأجر في عقد الإيجار أنه استأجر الأرض لزراعتها كروما، وعندها يجب أن تكون هذه الأرض صالحة لزراعة الـكروم، وإلا رجع على المؤجر بالضمان، لخلو الأرض من صفة يقتضيها الانتفاع بها على الوجه المعين في العقد.
ويعد العيب مؤثرا إذا خلت العين من صفة تعهد المؤجر صراحة في العقد بوجودها، كأن يضمن المؤجر خلو المنزل من الرطوبة، فهنا حتى ولو لم يحل العيب دون الانتفاع بالمنزل أو الإنقاص منه بشكل كبير إلا أنه يوجب الضمان، ولو كان الضرر يسيرا، بل حتى ولو لم يكن تخلف تلك الصفة آفة طارئة على الفطرة السليمة.
كما يعتبر العيب مؤثرا إذا خلا الشيء المؤجر من وصف يفترض وجوده فيه للانتفاع به على الوجه المقصود من الإيجار، مثل استئجار بناء لإقامة مصنع به آلات ثقيلة، فهذا يقتضي أن يكون البناء متينا حتى يكون صالحا لتحمل هذه الآلات. 
ومسألة كون العيب مؤثرا أم لا أمر نسبي يعود تقديره إلى قاضي الموضوع ويلاحظ أن المادة 488 السابقة الذكر، جاءت بحكم خاص في ما يتعلق بالعيب الذي جرى العرف على التسامح فيه، إذ لا يضمنه المؤجر حتى ولو كان العيب مؤثرا، ومثال ذلك جريان العرف على التسامح في رطوبة المنزل، ما لم تكن غير مألوفة. 
‌ب- أن يكون العيب خفيا: فالعيب الظاهر لا يضمنه المؤجر، ويعد العيب ظاهرا إذا كان باستطاعة المستأجر أن يتحقق من وجوده لو أنه قام بفحص الشيء المؤجر بعناية الرجل العادي ومع ذلك يضمن المؤجر العيب الخفي إذا أعلن للمستأجر خلو العين من العيب أو إذا أثبت المستأجر أن المؤجر قد أخفى العيب غشا منه.
‌ج- أن يكون العيب غير معلوم للمستأجر: إذ قد يحدث أن يكون العيب خفيا، ولـكن يثبت علم المستأجر به إما بإخطار المؤجر له بوجوده أو عن أي طريق آخر، فهنا لا يتحقق الضمان، وتكون العبرة بوقت علم المستأجر بالعيب عند التعاقد (المادة 488/3).
أما إذا علم المستأجر بالعيب على أساس أن المؤجر ارتضى إصلاح العيب، فإن لم يف به تحققت مسؤوليته كذلك إذا تفاقم العيب بسبب لا يد للمستأجر فيه، فتعد العين قد تلفت بقوة قاهرة ويحق عندها للمستأجر طلب إنقاص الأجرة أو التعويض . 
ويلاحظ أن مسألتي الإخطار والعلم بالعيب تعدان من الوقائع المادية، يجوز للمؤجر إثباتها بكافة الطرق. 
ولـكن هل يشترط أن يكون العيب قديما مثلما هو في البيع؟
يرى بعض الفقهاء أنه يجب أن يكون العيب قديما أي عند انعقاد العقد، ويفرق هنا بين ما إذا حدث بعد التسليم أو بعد العقد وقبل التسليم، وبين ما يكون وقت العقد فإذا حدث بعد التسليم، التزم المؤجر بالصيانة، لأن التزام المؤجر ممتد، لـكن التزام المؤجر هنا هو التزام بصيانة العين المؤجرة مما قد ينقص من منفعتها، وليس التزاما بضمان العيب. 
أما بالنسبة لنقص المنفعة الذي يطرأ بعد العقد وقبل التسليم، فيصعب وصفه بالعيب، ويجب على المؤجر أن يقوم بالإصلاح وفقا للالتزام، بأن يسلم العين في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة. 
أما العيب الذي كان موجودا وقت العقد فهو الذي يعتبر عيبا بالمعنى الفني، وهو الذي يمكن أن يكون خفيا وغير معلوم. 
بينما يذهب أغلب الشراح إلى القول بأن العيب لا يشترط أن يكون قديما أي يمكن أن يكون حادثا، فقد يحدث مثلا في تربة الأرض طارئ قبل التسليم يعد تلفا ولـكنه عيب، كأن يرتفع الماء فيها حتى السطح، وتصبح غير صالحة للزراعة وبالتالي لا يشترط قدم العيب كما هو الحال في عقد البيع، لأن عقد الإيجار عقد زمني مستمر، ويبقى المؤجر طوال مدة الإيجار ضامنا للمستأجر الانتفاع الهادئ الكامل بالعين المؤجرة، فإذا طرأ على العين عيب في أثناء مدة الإيجار، ضمنه المؤجر لـكن إذا حدث العيب بعد العقد بخطأ من المستأجر، فلا ضمان على المؤجر بشرط إثبات خطا المستأجر، كما أنه لا يشترط أن يكون العيب مستمرا فمن الممكن أن يكون مؤقتا، ويضمنه المؤجر. 

الفرع الثاني: الآثار المترتبة على ضمان العيوب الخفية

لقد حددت المادة 489 من التقنين المدني الجزائري التي تقابلها المادة 577 من التقنين المدني المصري، الآثار التي تترتب على وجود عيب خفي في العين المؤجرة. وهي إما التنفيذ العيني، أو فسخ عقد الإيجار أو إنقاص الأجرة والتعويض إن كان له مقتضى.
أولا: التنفيذ العيني: وهو أن يطالب المستأجر المؤجر بإصلاح العيب بالشكل أو على الوجه الذي يمكنه من الاستمرار بالانتفاع، كما على المؤجر أن يبادر إلى إصلاح العيب بمجرد علمه بوجوده، وإلا كان مخطئا.
لـكن إصلاح العيب يشترط فيه ألا يكون مرهقا للمؤجر، أي ألا تكون نفقاته باهظة، كأن يتطلب الأمر إعادة البناء من جديد (المادة 489/1 من التقنين المدني). 
لـكن متى تعد نفقات التصليح باهظة؟ 
لم يحدد المشرع الجزائري ذلك، لـكن المادة 573/3 من مشروع أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية، قالت بأن النفقات تكون باهظة إذا كانت لا ٺتناسب مع الأجرة.
كذلك قد نصت المادة 489/1 من التقنين المدني على أنه يجوز للمستأجر أن يقوم بإصلاح العيب الموجود وعلى نفقة المؤجر، بشرط ألا تكون النفقات باهظة، ويستوفي حقه مما أنفق خصما من الأجرة، وليس عليه استصدار ترخيص من القضاء لإجراء الإصلاح، خلافا لنص المادة 480 المتعلق بإجراء أعمال الصيانة.
ثانيا: فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة: للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة بحسب درجة الإخلال بالانتفاع، فإن كان الإخلال جسيما كان له طلب الفسخ، وإلا فله طلب إنقاص الأجرة، وهذه المسألة متروكة في تقديرها لقاضي الموضوع، إذ أن له أن يستجيب لطلب الفسخ، كما له أن يكتفي بالقضاء بإنقاص الأجرة، وله أيضا أن يمهل المؤجر حتى يقوم بإصلاح العيب فإذا قضى للمستأجر بإنقاص الأجرة، أنقصت من تاريخ الانتفاع بسبب العيب وإذا قام بإصلاح العيب، عادت الأجرة إلى ما كانت عليه.
ثالثا: التعويض: للمستأجر إضافة إلى إمكان طلبه إصلاح العيب أو إنقاص الأجرة أو الفسخ، أن يطلب التعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء وجود العيب، كأن يطالب المستأجر بفسخ العقد ثم يضطر إلى الانتقال إلى منزل آخر، وكانت أجرة هذا المنزل مرتفعة، فيعوضه عن ذلك، أو أن يطلب التعويض عن التلف الذي لحق منقولاته أو حتى الأضرار التي لحقت شخصه.
ونجد أن المادة 489/2 من التقنين المدني قد جعلت طلب التعويض مشروطا بأن يكون المؤجر عالما بالعيب، فإن كان جاهلا بوجوده، لم يكن للمستأجر طلب التعويض، وعبء إثبات العلم يقع على عاتق المؤجر. 
والملاحظ هنا أن الضمان في عقد البيع أشد منه في عقد الإيجار فيما يخص هذه المسألة، إذ أن البائع يضمن الضرر الذي أصاب المشتري من جراء وجود العيب ولو لم يكن عالما بوجوده وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن البائع يضمن العيب القائم فقط دون العيب الحادث، الذي يضمنه كذلك المؤجر، لـكن الأستاذ السنهوري يقول بأن الجهل بالعيب لا يصلح أن يكون عذرا في عدم التزام المؤجر بالتعويض إلا في حالة العيب القديم، فيجب أن يبقى فيه ملزما بالتعويض حتى ولو كان مجهولا من طرفه. 
ويلاحظ أيضا أن المشرع لم يضع لدعوى ضمان العيوب الخفية أجلا تسقط بمروره مثلما فعل في ضمان العيوب الخفية في عقد البيع، لذلك تسقط دعوى الضمان هنا حسب ما جاء مقررا في القواعد العامة، أي بمرور خمسة عشر سنة من الوقت الذي يصبح فيه الالتزام بالضمان مستحق الأداء، أي وقت ظهور العيب فلا يجوز قياس حالة الإيجار على حالة البيع، لأن تحديد ميعاد دعوى الضمان في حالة البيع هو إجراء خاص لا يجوز التوسع في تفسيره وتطبيقه بطريق القياس، كما أنه لا يتفق مع طبيعة عقد الإيجار، الذي يفرض على المؤجر التزاما بضمان العيوب الخفية التي تظهر في الشيء المؤجر خلال مدة الإيجار. 
وبالنسبة لمسألة تعديل أحكام مسؤولية المؤجر عن العيوب الخفية فحسب نص المادة 490/2 من التقنين المدني فإنه يجوز تعديل أحكام الضمان، إذ يجوز تخفيف أحكامه، كأن يشترط المؤجر على المستأجر ألا يضمن العيوب التي قد تظهر أثناء مدة الإيجار، إلا ما كان قائما منها وقت التعاقد أو التسليم. 
كما يجوز اشتراط الإعفاء من الضمان، لـكن إذا وردت عبارة الإعفاء عامة، فإنها تنحصر في إعفاء المؤجر من الإصلاح دون التعويض والفسخ وإنقاص الأجرة التي يبقى مسؤولا عنها، هذا بشرط ألا يكون المؤجر يعلم بوجود العيب أو أنه أخفاه غشا منه، وعبء الإثبات هنا يقع على عاتق المستأجر وللمستأجر بعد ثبوت حقه في الضمان أن ينزل عنه صراحة أو ضمنا . 

الفصل الثاني: التزامات المستأجر

يقابل الالتزامات التي ٺثقل كاهل المؤجر التزامات ثلاث يتحملها المستأجر هي: التزامه باستعمال العين فيما أعدت له والعناية بها والمحافظة عليها، والتزامه بالوفاء بالأجرة، وما يلحق بذلك من وضع منقولات في العين المؤجرة ضمانا للوفاء بتلك الأجرة، وأخيرا يلتزم المستأجر برد العين المؤجرة عند انتهاء عقد الإيجار. 
وإن كانت هذه هي الالتزامات الأساسية التي يلتزم بها المستأجر، إلا أنه يلتزم بجانب ذلك بالتزامات أخرى ثانوية، كالتزامه بالتَسّلَمُّ الفعلي للعين المؤجرة عند عرضها عليه من قبل المؤجر، والتزامه بسداد نصيبه في نفقات عقد الإيجار، لـكننا لن نعرض إلا للالتزامات الأساسية الثلاثة وذلك في المباحث الآتية. 

المبحث الأول: الالتزام باستعمال اللعين فيما أعدت له والمحافظة عليها

يتفرع هذا الالتزام إلى خمسة التزامات هي: وجوب استعمال العين المؤجرة فيما أعدت له، وعدم التغيير فيها تغييرا يضر بالمؤجر، والقيام بالترميمات التأجيرية، وإخطار المؤجر بكل ما يستوجب تدخله، وأخيرا بالمحافظة على العين المؤجرة. 
ومع ذلك ستنصب دراستنا في هذا المبحث على ثلاث مسائل فقط، دون دراسة القيام بالترميمات التأجيرية، وإخطار المؤجر بكل ما يستوجب تدخله؛ لأنه سبقت دراستهما. 

المطلب الأول: التزام المستأجر باستعمال العين المؤجرة فيما أعدت له

وفقا لنص المادة 491 من التقنين المدني، فإن المستأجر ملزم باستعمال العين المؤجرة وفق ما هو متفق عليه في عقد الإيجار، وإلا وجب أن يستعملها بحسب ما أعدت له؛ لذا يحسن بنا أن نوضح ماهية هذا الالتزام وجزاء مخالفته.

الفرع الأول: المقصود بالالتزام باستعمال الشيء

يلتزم المستأجر باستعمال العين وملحقاتها وألا يتركها بلا استعمال، إذا كان عدم الاستعمال يضر بها، كما في حالة إغلاق المحل التجاري وما قد يصاحب ذلك من انصراف العملاء عنه، وكما في حالة ترك المصنع دون استعمال مما قد يؤدي إلى صدأ آلاته.
ويتحدد نطاق هذا الالتزام بما تم الاتفاق عليه؛ فإذا اتفق على ترك العين دون استعمال مدة معينة، فلا مسؤولية على المستأجر، كما لو اتفق على زراعة الأرض بمحصولات معينة، مع تركها دون زراعة في الفترة التي تفصل بين مواسم زراعتها. فالمستأجر ملزم باستعمال العين في الحدود التي يسمح بها العقد ،فإذا اتفق على استعمال العين للسكن، فلا يجوز استعمالها للصناعة الحرفية أو كمقهى، وإلا كان للمؤجر أن يطلب فسخ العقد إذا ما ثبت أن استعمال العين استعمالا مخالفا لما تم الاتفاق عليه قد أضر بالمؤجر، وهذا ما هو استقر عليه القضاء. 
ومع ذلك لا يجوز المغالاة حال تطبيق تلك القاعدة؛ لأنه قد يقضي العرف بمزاولة نوع معين من أنواع التجارة بدلا من نوع آخر كذلك يتحدد نطاق هذا الالتزام إذا لم يوجد اتفاق بما يقضي به العرف، كما في حالة إغلاق المحل التجاري فترة الجرد السنوي أو الإجازة. 
فضلا عن ذلك، فإن التزام المستأجر باستعمال العين فيما أعدت له يتحدد بطبيعة العين نفسها، كما لو كانت العين المؤجرة قد شيدت لتكون مسكنا، أومصنعا، أو مدرسة.
هذا ويلاحظ أن الاتفاق الذي يتحدد على أساسه الالتزام باستعمال العين ،قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا، ويستخلص الاتفاق الضمني من الإرادة المشتركة للمتعاقدين، كما لو أعلن المالك عن تأجير مكان لغرض محدد كمقهى، ثم جاء من يستأجره بناءً على هذا الإعلان دون ذكر الغرض من الإيجار، هنا يمكن القول بأن المقصود هو استعمالها في الغرض المعلن عنه، فإذا لم يتم تحديد استعمال العين عن طريق الاتفاق الصريح أو الضمني، التزم المستأجر باستعمالها فيما أعدت له، ووفقا لما يقتضيه العرف طبقا لنص المادة 491 من التقنين المدني، فالأرض الزراعية لا يجوز استعمالها مثلا مخزنا للبضائع. 
بيد أن قصر استعمال العين المؤجرة فيما أعدت له منوط بعدم الإضرار بالمؤجر وهو ما نصت عليه المادة 492/1 من التقنين المدني، وعلى ذلك يجوز للمستأجر تغيير الاستعمال المقصود أساسا إذا لم يكن في ذلك ضرر على المؤجر، كما في حالة تحويل محل مؤجر بوصفه قاعة شاي إلى مطعم، ولـكن يتعين على المستأجر في هذه الحالة أن يثبت انتفاء الضرر وهذا ما يطلق عليه بالتغيير المعنوي. 
غير أن المشرع بعد تعديل التقنين المدني بموجب القانون رقم 07-05، ألغى من نص المادة 492/1 العبارة التي تجيز تغيير المؤجر لاستعمال العين المؤجرة إذا لم يحدث للمؤجر ضرر، وفضلا عن ذلك اشترط أن يكون التغيير بإذن مكتوب من المؤجر. 
وهذا بخلاف ما استقر عليه قضاء النقض في مصر من أنه لا يسأل المستأجر ولو استعمل العين المؤجرة في غير الغرض الذي أعدت له، أو على غير ما اتفق عليه؛ إذا لم يثبت حدوث ضرر للمؤجر.

الفرع الثاني: جزاء الإخلال بالالتزام باستعمال العين فيما أعدت له

إذا أخل المستأجر بالتزامه، بأن ترك العين المؤجرة دون استعمال، أو استعملها في غير ما أعدت له، أو تجاوز في استعماله الحد المألوف بالنسبة للشخص المعتاد، كما لو استعمل العين بشكل يضر بصحة الغير أو يقلقهم ويؤثر على راحتهم، أو يستعملها في غرض منافٍ للنظام العام والآداب، فللمؤجر مطالبته بالتنفيذ العيني، بأن يستعمل العين وألا يتركها دون استعمال، وأن يقتصر في استعماله على الغرض المقصود من الإيجار، وأن يستعملها الاستعمال المألوف وللمؤجر كذلك حق طلب فسخ عقد الإيجار، وإن كان للقاضي سلطة تقديرية في ذلك، فقد يقبل طلب الفسخ وقد يرفضه لعدم أهمية الإخلال الذي وقع من المستأجر. 
وللمؤجر أخيرا أن يطلب التعويض عما لحق به من ضرر نتيجة إخلال المستأجر بالتزامه، سواء كان قد طلب التنفيذ العيني أو الفسخ. على أن المشرع لم يشر إلى حالة الفسخ إذا غيّرّ المستأجر استعمال العين وفقا لما أعدت له أو اتفق عليه، ولـكن هذا لا يمنع من طلب المؤجر للفسخ طبقا للقواعد العامة في القانون المدني أي تطبيقا لنص المادة 119/1 من التقنين المدني. 

المطلب الثاني: التزام المستأجر بعدم التغيير في العين المؤجرة

إذا كان من الجائز للمستأجر أن يحدث تغييرا معنويا في العين المؤجرة كما في حالة تحويل العين المؤجرة قاعة شاي إلى مطعم شريطة ألا يكون في ذلك ضرر للمؤجر، إلا أنه لا يجوز له التغيير في مادة تلك العين، كأن يفتح أو يغلق نافذة أو يهدم جدارا، إلا بعد حصوله على إذن كتابي من المؤجر طبقا لنص المادة 492 /1 من التقنين المدني. 
ولـكن يلاحظ أن التزام المستأجر بعدم التغيير في العين المؤجرة تغييرا ماديا كما ذكرنا آنفا كان في ظل القانون القديم مقيدا بعدم الإضرار بالمؤجر، وترتيبا على ذلك، يجوز للمستأجر، ولو بدون إذن المؤجر، أن يحدث بالعين المؤجرة تغييرات مادية بشرط ألا تكون ضارة بالمؤجر (المادة 492/1 من التقنين المدني القديم)، وهذا هو الشأن في كل تغيير يسهل إزالة أثره، كإقامة حاجز خشبي في الشرفة لجعلها حجرة، أو إقامة فاصل خشبي يقسم الحجرة إلى حجرتين. 
بيد أن المشرع غير نظرته إلى هذه المسألة فأصبح يشترط وجود إذن كتابي من المؤجر يسمح فيه للمستأجر بإحداث تغيير في العين المؤجرة مهما كان هذا التغيير طبقا لنص المادة المذكورة أعلاه. فإذا أذن المؤجر للمستأجر بالقيام بتغيير معين حتى وإن ترتب عليه ضرر له ،سرى الاتفاق، وهذه التغييرات لا يتحمل المؤجر نفقتها لأنها ليست من الترميمات أو الإصلاحات الضرورية. 
ولـكن يلاحظ أن المشرع استثناء من عدم التغيير في العين المؤجرة تغييرا ماديا أجاز للمستأجر تركيب بعض الأجهزة التي تجعل استعمال العين أكثر راحة، كوضع أجهزة لتوصيل المياه والـكهرباء والغاز والتلفون، مادامت الطريقة التي توضع بها تلك الأجهزة تكون متفقة مع الأصول السليمة، وما دام لا يترتب على وضعها إضرار بالعين المؤجرة أو إنقاص من قيمتها، وهو ما نصت عليه المادة 493 /1 من التقنين المدني. وعلى ذلك ليس للمؤجر أن يعترض على تركيب هذه الأجهزة، بل إذا كان تركيبها مما يقتضي تدخل المؤجر كتقوية الجدران، جاز للمستأجر مطالبة المالك بإجراء هذه التقوية على أن يتحمل هو– المستأجر- نفقتها طبقا لنص المادة 493 /2 من التقنين المدني. 
ونلاحظ أن المشرع أضاف في نص المادة 492 /3 من التقنين المدني .
مسألة التغيير في العين المؤجرة تغييرا ماديا بإذن المؤجر بما يزيد في قيمتها، ويكون حينها للمستأجر أن يرجع على المؤجر – عند إرجاع العين المؤجرة – إما بالمصاريف التي أنفقها عليها أو بقيمة ما زاد في العين المؤجرة، كل هذا ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، كأن تكون النفقات على عاتق المستأجر أو أن تقسم عليهما بالتساوي أو بنسب معينة. 
جزاء الإخلال بعدم التغيير في العين المؤجرة: ذكر المشرع الجزائري الجزاء الواجب التوقيع على المستأجر إذا أخل بالتزامه بعدم التغيير في العين المؤجرة في نص المادة 492 /2 من التقنين المدني، حيث ألزم المستأجر الذي يحدث تغييرا في العين المؤجرة دون إذن مكتوب، بأن يرجع العين كما كانت في السابق، وهذا هو التنفيذ العيني، دون الإخلال بحقه في التعويض عن الضرر الذي أصابه.
وسبق وقلنا أن المشرع لم يذكر الجزاء المتمثل في الفسخ، وأنه يمكن تطبيق القواعد العامة في هذا الشأن، على أنه في حالة الفسخ تكون السلطة التقديرية للقاضي.

المطلب الثالث: التزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة

يلتزم المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة، وبأن يبذل في ذلك عناية الشخص المعتاد. هذا المعيار يستفاد من المادة 495/1 من التقنين المدني التي تنص على أنه :"يجب على المستأجر أن يعتني بالعين المؤجرة وأن يحافظ عليها مثلما يبذله الرجل العادي". 
والمعيار كما هو ظاهر هو معيار موضوعي يعتد بما يبذله الشخص العادي من العناية دون نظر إلى ما يبذله المستأجر شخصيا من عناية في المحافظة على الأشياء الخاصة به، زادت هذه العناية أو نقصت عن عناية الشخص العادي. ومرجع هذا بصفة خاصة هو عرف الجهة؛ فيجب على المستأجر المحافظة على ما بالعين المؤجرة من أدوات صحيّةّ والاهتمام بإغلاق صنابير المياه جيدا حتى لا يؤدي تسرب المياه منها من إتلاف ما بالمنزل...الخ. 
وجدير بالذكر أن المحافظة على العين المؤجرة يمتد أيضا إلى وجوب استعمالها استعمالا مألوفا، لذا يسأل المستأجر عما يصيب العين أثناء انتفاعه بها من تلف أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالا مألوفا، وهذا ما صرح به نص المادة 495 /2 من التقنين المدني، وعلى ذلك لا يسأل المستأجر عن الهلاك أو التلف الناشئ من الاستعمال المألوف، أو الناشئ عن سبب أجنبي. 
ومن أمثلة الاستعمال غير المألوف، أن يستهلك المستأجر كميات كبيرة من المياه والغاز والـكهرباء لمجرد زيادة أعباء المؤجر، إذا كان هذا الأخير هو الذي يتحملها، أو القيام بالأعمال الحرفية ليل نهار ودون توقف. 
هذا ويقع عبء الإثبات على المستأجر لا المؤجر، فعليه أن يثبت أنه قد بذل العناية المطلوبة في المحافظة على العين المؤجرة وفي استعمالها استعمالا مألوفا وأن الهلاك أو التلف الذي أصابها إنما كان نتيجة الاستعمال المألوف، أو كان نتيجة سبب أجنبي لايد له فيه، فمسؤولية المستأجر مسؤولية مفترضة، لـكنها قابلة لإثبات العكس. 
وعلة تحمل المستأجر عبء الإثبات تكمن في أنه يكون في وضع يمكِّنُهُ من معرفة أسباب التلف أو الهلاك أكثر من المؤجر باعتبار العين المؤجرة تحت يده فضلا عن ذلك فإن المستأجر لا يسأل فحسب عن الهلاك أو التلف الناشئ عن الاستعمال غير المألوف الصادر منه، بل أيضا عن الهلاك أو التلف الناشئ من استعمال تابعيه. 
يضاف إلى ذلك أنه يلزم لـكي يحافظ المستأجر على العين المؤجرة، أن يبادر إلى إخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله وهو ما نصت عليه المادة 497 من التقنين المدني، كأن تحتاج العين المؤجرة إلى إصلاح عاجل أو اكتشاف عيب به، أو يقع اغتصاب للعين المؤجرة، أو يعتدي عليها أجنبي بالتعرض أو بإحداث ضرر بها. ولذا يسأل المستأجر إذا أخل بهذا الالتزام وترتب على هذا الإخلال ضرر بالمؤجر. 
بيد أن المشرع الجزائري لم يحدد ميعادا أو شكلا للإخطار، بل نص فقط على وجوب أن يبادر المستأجر بالقيام به فورا، أي بمجرد وقوع ما يستوجب تدخل المؤجر. لذا فالأمر مرده إلى قاضي الموضوع. 
كذلك يلتزم المستأجر بالترميمات التأجيرية وفقا لنص المادة 494 من التقنين المدني، وهي الإصلاحات البسيطة التي يقتضيها استعمال العين استعمالا مألوفا، لـكون هذه الإصلاحات والترميمات تدخل ضمن مضمون العناية الواجب بذلها في استعمال العين المؤجرة كإصلاح صنابير المياه واستبدال الزجاج المكسور. 
ولما كان التزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة التزاما ببذل عناية ،وليس التزاما بتحقيق نتيجة، فضلا عن كونه غير متعلق بالنظام العام؛ جاز للطرفين الاتفاق على تشديد المسؤولية الناشئة عنه أو على تخفيفها أو على الإعفاء منها، وهذا ما صرحت به المادة 494 من التقنين المدني، ما لم يكن الهلاك أو التلف ناشئا عن غش المستأجر أو خطئه الجسيم وفقا للقواعد العامة . 
هذا الاتفاق قد يكون صريحا أو ضمنيا؛ ومثال الاتفاق الضمني ما قرره القضاء من أنه إذا كان الثابت من عقد الإيجار أن المركب المؤجر تكون في رعاية صاحبها لا في رعاية المستأجر، وأن رجال الأول -المؤجر-  هم الذين عليهم تنبيهه إلى ما يطرأ على المركب من خلل، فهذا وحده يكفي للقضاء بعدم مسؤولية المستأجر عن غرق المركب.

المبحث الثاني: الالتزام بالوفاء بالأجرة

يلتزم المستأجر بدفع الأجرة في الميعاد المتفق عليه أو الذي حدده القانون ،ويقابل هذا الالتزام عدة ضمانات كفلها المشرع للمؤجر لاستيفاء الأجرة. هذا ما نعرضه في مطلبين. 

المطلب الأول: أحكام الالتزام بالوفاء بالأجرة

إن التزام المستأجر بأجرة العين المؤجرة هي أهم التزاماته، لكون الأجرة مقابل المنفعة التي يحصل عليها من العين المؤجرة هذه الأجرة تستحق للمؤجر بمجرد أن يقوم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، ولو لم ينتفع بها فعلا. 
والأجرة تستحق للمؤجر ولو رد المستأجر العين المؤجرة قبل انتهاء مدة الإيجار، حتى ولو ادعى المستأجر عدم صلاحيتها للانتفاع المقصود، طالما أن هذا الادعاء لم يقره المؤجر ولم يثبت قضاء، إذ إن الرد قبل الأوان لا يؤثر في بقاء العقد قائما حتى نهاية مدته ما لم يتفق على غير ذلك. 
ولا يستطيع المستأجر التخلص من التزامه بدفع الأجرة كلها أو بعضها إلا إذا حرم من الانتفاع بالعين المؤجرة بقوة قاهرة حرمانا كليا أو جزئيا. 
لمن يكون الوفاء بالأجرة؟
الأصل أن يكون الوفاء للمؤجر أو نائبه ولو لم يكن مالكا، وهذا نص المادة 267 من التقنين المدني :"يكون الوفاء للدائن، أو لنائبه...". وإذا توفي المؤجر صح الوفاء للوارث بوصفه خلفا عاما للمورث، وعند تعدد الورثة فإن الوفاء يكون لكل منهم حسب نصيبه في الميراث. ويلاحظ أنه ليس لأحد الورثة أن ينفرد بالمطالبة بالأجرة إلا إذا كان لديه توكيل بذلك من بقية الورثة. 
بيد أنه استثناء من هذا الأصل نصت المادة 268 من التقنين المدني الجزائري على جواز دفع المستأجر بدل الإيجار لغير المؤجر أو نائبه أو خلفه العام، ويسري في حق المؤجر إذا أقر هذا الوفاء أو عاد عليه بمنفعة كأن يسدد الدين الذي على المؤجر لذلك الشخص الذي كان بصدد الحجز على أمواله فيجنبه هذا الأمر، فيسري في حق المؤجر بقدر تلك المنفعة، فإذا كانت المنفعة أقل مما دفعه المستأجر للغير، فإن هذا الأخير لا يبرأ من كامل الأجرة بل يبقى في ذمته مقدار الفرق بين المنفعة العائدة على المؤجر والأجرة المستحقة له، جاء في نص هذه المادة :"الوفاء لشخص غير الدائن، أو نائبه لا يبرئ ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء، أو عادت عليه منفعة منه، وبقدر هذه المنفعة، أو تم الوفاء بحسن نية للشخص [الذي] كان الدين في حيازته". كذلك يجوز له الوفاء لمن بيده مخالصة بالأجرة صادرة من المؤجر طبقا لنص المادة  267 :"...ويعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن، إلا إذا كان متفقا على أن الوفاء يكون للدائن شخصيا". كما يصح الوفاء للوارث الظاهر.
لـكن نتساءل عن حكم الوفاء للمؤجر الأصلي بعد أن انتقلت ملـكية العين المؤجرة إلى خلف خاص، أو بعد أن ترتب له عليها حق انتفاع؟
كان مؤدى القواعد العامة هو أن الوفاء الذي تم للمؤجر الأصلي لا يبرئ ذمة المستأجر تجاه الخلف الخاص طبقا نص المادة 268 من التقنين المدني ،ولكن لما كان منطق القواعد العامة يمثل إجحافا بالمستأجر الذي كثيرا ما يكون سبب دفعه الأجرة للمؤجر الأصلي إنما تم نتيجة جهله بقيام حق الخلف الخاص ،لذا صرح المشرع المصري في المادة 606 من القانون المدني المصري بأن وفاء المستأجر بالأجرة للمؤجر الأصلي يكون مبرئا لذمته تجاه الخلف الخاص، ما لم يقم هذا الأخير بإثبات علم المستأجر بقيام حقه، أو على الأقل كان من المفروض حتما علمه بقيام هذا الحق، وقد اتبعه المشرع الجزائري في نص المادة 512 من التقنين المدني. 
من ناحية أخرى، يكون الوفاء بالأجرة واجبا إلى من أحال المؤجر إليه الحق في قبض الأجرة، طالما أن المستأجر قد قبل هذه الحوالة أو أُعلِنِ بها وهو ما يستخلص من نص المادة 264 من التقنين المدني. ونفس الحكم يسري في حالة رهن العين المؤجرة رهنا حيازيا وفقا لمفهوم نص المادة 266 من التقنين المدني، أو في حالة وضعها تحت الحراسة بمقتضى نصوص المواد 606 وما بعدها من التقنين المدني، حيث يتعين على المستأجر الوفاء بالأجرة من وقت التنبيه عليه من طرف الدائن المرتهن أو الحارس حسب الإجراءات المعمول بها. 
ميعاد الوفاء بالأجرة: وفقا لنص المادة 498 /1 من التقنين المدني، فإن الوفاء بالأجرة يجب أن يتم في المواعيد المتفق عليها، وفي حالة عدم وجود اتفاق فان تلك المواعيد تتحدد وفقا لعرف الجهة. وقد جرى العرف على أن تدفع أجرة العقارات في أول كل شهر. 
بيد أن المادة 467 مكرر من التقنين المدني، والتي تجعل من عقد الإيجار عقدا مكتوبا تحت طائلة البطلان، ومن قبله المرسوم التشريعي 93-03، والمرسوم التنفيذي المرسوم التنفيذي رقم 94 – 69 المتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار، قد جاء بخصوص ميعاد الوفاء بالأجرة في المواعيد المتفق عليها كتابة بمقتضى نص المادة 30 من المرسوم التنفيذي 94-69، وقلنا أن هناك تناقضا أو عدم تناسق بين نصوص المواد. 
 فإذا لم يوجد ميعاد متفق عليه نتيجة أن العقد تم شفاهة، أو كتابة ولـكن لم ينص فيه على ميعاد الوفاء بالأجرة، وجب أن يكون ميعاد الوفاء هو أول كل شهر إذا كان الإيجار مشاهرة أي شهريا، وفي أول كل مدة معقود عليها الإيجار في الأحوال الأخرى. 
وإذا لم يوف المستأجر بالأجرة المتفق عليها أو تأخر في ذلك، كان للمؤجر بعد إعذاره أن يطلب فسخ العقد وإخلاء العين، لا سيما إن تكرر من المستأجر ذلك. 
مكان الوفاء بالأجرة: وفقا لنص المادة 498 /2 من التقنين المدني، فإن مكان الوفاء بالأجرة هو موطن المستأجر ما لم يكن هناك اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. وهذا النص ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة في القانون المدني مما هو منصوص عليه في المادة 282 /2 من التقنين المدني. 
إثبات الوفاء بالأجرة: يقع عبء إثبات الوفاء بالأجرة على عاتق المستأجر وفقا للقواعد العامة، وبالتالي لا يجوز الإثبات بغير الكتابة إذا كانت الأجرة تزيد عن 100 ألف دينار جزائري جملة واحدة، أو كانت تدفع على أقساط يجاوز كل قسط منها النصاب القانوني. ولقد نص التقنين المدني في المادة 499 منه على أن :"الوفاء بقسط من بدل الإيجار يعتبر قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة ،حتى يقوم الدليل على عكس ذلك". 
وهذه قرينة تعفي المستأجر من واجب الاحتفاظ بالإيصالات المثبتة للأجرة عن المدد السابقة ويكفيه الاحتفاظ بالإيصال الأخير، إذ لا يعقل أن يقبل المؤجر الوفاء بالأجرة متأخرة دون أن يكون قد استوفى ما سبقها. غير أن هذه القرينة بسيطة يمكن للمؤجر إثبات عكسها.
تقادم دين الأجرة: لما كانت الأجرة من الحقوق المتجّدّدة، لذا فإن دين الأجرة يتقادم بمضي خمس سنوات من تاريخ وجوب أدائها على المستأجر طبقا لنص المادة 309/1 من التقنين المدني، لـكن هذا الحكم لا يسري على غير الأجرة، ولذا لا يخضع مبلغ التعويض الذي قد يحكم به للمؤجر قبل المستأجر لمدة التقادم هذه، وإنما يتقادم بمضي 15 سنة وفقا لنص المادة 308 من التقنين المدني. كما أنه بمقتضى نص المادة 313 /2 من التقنين المدني، فإنه إذا حرر سند بحق المؤجر في الأجرة فلا ٺتقادم إلا بمضي 15 سنة. 
كذلك حسب نص المادة 344 من تقنين الإجراءات المدنية، فإنه إذا صدر حكم من القضاء يلزم المستأجر بدفع الأجرة، فلا ٺتقادم إلا بمضي 30 سنة من تاريخ صدورها. 
غير أن حقوق أصحاب الفنادق عن أجر الإقامة تسقط بمضي سنة واحدة طبقا لنص المادة 312 من التقنين المدني. 
وكل هذه المواعيد تحسب بالأيام، ولا يحتسب فيها اليوم الأول وفقا لنص المادة 314 من التقنين المدني، على أنه في المواعيد المقررة في تقنين الإجراءات المدنية لا يحتسب فيها اليوم الأول والأخير، إذ تحتسب المواعيد كاملة، وهذا ما نصت عليه المادة 463 ق.إ.م. 

المطلب الثاني: ضمانات استيفاء الأجرة

إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة كان للمؤجر الرجوع عليه بها طبقا للقواعد العامة. فضلا عن ذلك، فإن المشرع قد نص على ضمانات خاصة تكفل للمؤجر حصوله على الأجرة المستحقة.
أولا: الجزاءات وفقا للقواعد العامة: يكون للمؤجر في سبيل استيفائه لدين الأجرة حق الرجوع على المستأجر بالتنفيذ العيني، وذلك بإعذاره وطلب الحكم عليه بالأجرة المستحقة. وإذا ما صدر الحكم بالأجرة المستحقة جاز للمؤجر التنفيذ على أي مال من أموال المدين المستأجر بما فيها المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة والتي له عليها حق امتياز، من ناحية أخرى، يكون للمؤجر أن يطلب فسخ العقد مع احتفاظه بحقه في الأجرة، بسبب إخلال المستأجر بالتزامه بالوفاء بها.
ويلاحظ أن المؤجر قد يشترط على المستأجر، أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي، ولـكن هذا لا يغني عن الإعذار طبقا لما قرره نص المادة 120 من التقنين المدني، كما إذا تأخر عن سداد الأجرة ،وفي هذه الحالة يعتبر العقد مفسوخا بمجرد تحقق الشرط. 
من ناحية ثالثة، يكون للمؤجر حق المطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة التأخير في الوفاء بالأجرة ،بشرط قيام المؤجر بإعذار المستأجر بذلك طبقا لنص المادة 119 من التقنين المدني. 
ثانيا - ضمانات الوفاء بالالتزام بدفع الأجرة: قبل التعديل الذي جاء بموجب القانون 07- 05 كان من بين الضمانات الممنوحة للمؤجر لاستيفاء حقه قبل المستأجر أن يضع هذا الأخير في العين المؤجرة ما يكفي لضمان أجرة سنتين إن كانت مدة الإيجار تزيد عن تلك المّدّة، أو ما يضمن كل الأجرة إذا كانت مدة الإيجار تقل عن سنتين، وذلك بأن يضع أثاثا أو بضائع أو محاصيل... ويعفى المستأجر من ذلك إذا كان قد دفع الأجرة مقدما أو قدم تأمينات أخرى أو اتفق مع المؤجر على إعفائه منها، وهذا ما نصت عليه المادة 500 من التقنين المدني. 
غير أنه بعد التعديل لم يعد المستأجر ملزما بوضع ما يضمن الوفاء بالأجرة في العين المؤجرة، وإنما يكون للأطراف أن يتفقا على أن يقدم المستأجر كفالة عينية أو شخصية للوفاء ببدل الإيجار والتكاليف الأخرى التي قد تقع على المستأجر. 
ورغم أن نص المادة داخل ضمن التزامات المستأجر، إلا أننا لا نرى مانعا من توسيع نطاقه ليشمل المؤجر أيضا، فيكون بذلك وباتفاق الطرفين أن يقدم المؤجر كفالة للمستأجر لأجل تنفيذ التزاماته تجاهه. 
كما قرر المشرع للمؤجر امتيازا على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة ضمانا لاستيفاء حقوقه قبل المستأجر، ولتحقيق فعالية هذا الامتياز أوجب المشرع على المستأجر أن يضع في العين المؤجرة منقولات تكفي للوفاء بالأجرة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، قرر للمؤجر حق حبس هذه المنقولات وحق توقيع الحجز التحفظي عليها. 
1- حق الامتياز: للمؤجر بمقتضى 995 من التقنين المدني حق امتياز على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة لضمان استيفاء الأجرة المستحقة عن مدة سنتين أو لمدة عقد الإيجار إن كانت تقل عن مدة السنتين. كما أن حق الامتياز هذا يضمن كذلك كل حق آخر يثبت للمؤجر بمقتضى الإيجار، كالتعويض الذي قد يستحق له نتيجة إخلال المستأجر بالتزاماته، أيا كانت قيمته.
هذا الامتياز لا يكون إلا لمؤجر العقارات، ويقع على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة سواء كانت مملوكة للمستأجر نفسه أو لزوجته، أم كانت مملوكة للغير، بشرط أن يجهل المؤجر وقت وضعها في العين بوجود حق للغير عليها ،وبشرط ألا تكون هذه المنقولات مسروقة أو ضائعة، وإلا ثبت للمالك الحقيقي الحق في استردادها خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع طبقا لنص المادة 836 /1 من التقنين المدني. 
ويمتد هذا الامتياز فيقع على المنقولات المملوكة للمستأجر من الباطن إذا كان المؤجر قد اشترط صراحة عدم الإيجار من الباطن. أما إذا لم يشترط المؤجر ذلك، فإن الامتياز لا يثبت على منقولات المستأجر من الباطن إلا بقدر ما يكون للمستأجر الأصلي في ذمة المستأجر من الباطن وقت أن ينذره المؤجر بعدم دفع هذه المبالغ للمستأجر الأصلي، وهذا طبقا نص المادة 995 /3 من التقنين المدني. 
وشرط ثبوت هذا الامتياز هو تحقق وجود المنقولات في العين المؤجرة وعلى ذلك إذا نقلت هذه المنقولات أو خرجت من العين المؤجرة، فإن الأمر لا يخرج عن أحد الفرضين: إما أن تخرج هذه المنقولات أو تنقل بعلم المؤجر ودون معارضته، وفي هذا الفرض يسقط حقه في الامتياز على ما خرج أو نقل منها. والفرض الثاني، أن تخرج هذه المنقولات أو تنقل دون علم المؤجر أو رغم معارضته ،وفي هذه الحالة لا يسقط حق المؤجر في الامتياز عليها، ما لم يصطدم ذلك بقاعدة الحيازة في المنقول بحسن نية سند الملـكية. 
فقد نص المشرع الجزائري في المادة 995 /5 من التقنين المدني :"وإذا نقلت الأموال المثقلة بالامتياز من العين المؤجرة، على الرغم من معارضة المؤجر أو على غير علم منه ولم يبق في العين أموال كافية لضمان الحقوق الممتازة، بقي الامتياز قائما على الأموال التي نقلت دون أن يضر ذلك بالحق الذي كسبه الغير حسن النية على هذه الأموال، ويبقى الامتياز قائما ولو أضر بحق الغير لمدة ثلاث سنوات من يوم نقلها إذا أوقع المؤجر عليها حجزا استحقاقيا في الأجل القانوني . 
ومع ذلك فقد نص في آخر هذه الفقرة :"...غير أنه إذا بيعت هذه الأموال إلى مشتر حسن النية في سوق عام أو بالمزاد العلني أو ممن يتاجر في مثلها، وجب على المؤجر أن يرد الثمن إلى ذلك المشتري". 
كما أوضح المشرع مرتبة هذا الامتياز بنصه في المادة 995 /4 من التقنين المدني بأنه :"تستوفى هذه المبالغ الممتازة من ثمن الأموال الواقع عليها الامتياز بعد الحقوق المتقدمة الذكر، إلا ما كان من هذه الحقوق غير نافذ في [حق] المؤجر باعتباره حائزا حسن النية". 
وجدير بالذكر أن الحقوق المشار إليها هي امتياز المصروفات القضائية، وامتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة، وامتياز مصروفات الحفظ وصيانة المنقول، وامتياز الحقوق العامة مثل أجرة الخدم، وامتياز مصروفات الزراعة، وبذلك يأتي امتياز المؤجر في المرتبة السادسة. 
وهذا لا يعارض ما جاء به المشرع الجزائري فيما يتعلق بهذه المسألة وفقا لنص المادة 501 /2 من التقنين المدني :"يجوز للمؤجر أن يعترض على نقلها ،وإذا نقلت رغم اعتراضه أو دون علمه، جاز له استردادها من الحائز ولو كان حسن النية، ولهذا الأخير المطالبة بحقوقه"، حيث يسري حق الامتياز في مواجهة الغير، حسن النية، ويكون للمؤجر استردادها إذا كانت الأموال التي بقيت غير كافية للوفاء بحقوقه على المستأجر طبقا لنص المادة 501 /3 من التقنين المدني، ولا يكون للغير حينها إلا المطالبة بحقوقه تجاه المستأجر بالتعويض أو تجاه المؤجر إن كانت الأموال قد بيعت في سوق عام أو بالمزاد العلني أو ممن يتاجر في مثلها.
2- حق حبس المنقولات الموجودة: يكون للمؤجر ضمانا لكل حق يثبت له بمقتضى عقد الإيجار أن يحبس جميع المنقولات القابلة للحجز الموجودة في العين المؤجرة مادامت مثقلة بامتياز للمؤجر، ولو لم تكن مملوكة للمستأجر، وللمؤجر الحق في أن يمانع في نقلها، فإذا نقلت رغم معارضته أو بغير علمه، كان له الحق في استردادها من الحائز لها ولو كان حسن النية، مع عدم الإخلال بما يكون لهذا الحائز من حقوق.
وليس للمؤجر أن يستعمل حقه في الحبس أو في الاسترداد إذا كان نقل هذه الأشياء أمرا اقتضته حرفة المستأجر أو المألوف في شؤون الحياة، أو كانت المنقولات التي تركت في العين المؤجرة أو التي تم استردادها تفي بضمان الأجرة وفاءً تاما، وهذا مقتضى نص المادة 501 /3 من التقنين المدني.
3- حق توقيع الحجز التحفظي: بمقتضى نص المادة 995 /3 من التقنين المدني، يحق للمؤجر توقيع الحجز التحفظي على منقولات المستأجر والمستأجر من الباطن الموجودة بالعين المؤجرة، بهدف ضمان حق الامتياز المقرر له وفقا للقانون. فضلا عن ذلك يكون للمؤجر حق توقيع الحجز التحفظي على المنقولات التي نقلت من العين المؤجرة دون رضائه، ما لم يكن قد مضى على نقلها ثلاثون يوما من وقت علمه بخروج الشيء من يد المستأجر أو سنة من وقت الخروج طبقا لنص المادة 202 /2 من التقنين المدني.

المبحث الثالث: الالتزام برد العين المؤجرة عند انتهاء عقد الإيجار

إن رد العين المؤجرة إلى المؤجر عند انتهاء عقد الإيجار هو النتيجة الطبيعية للعلاقة الإيجارية، لـكون الإيجار لا يخول للمستأجر إلا حق الانتفاع المؤقت بالعين المؤجرة، من هذا ألزم المشرع الجزائري بمقتضى نص المادة 503 من التقنين المدني المستأجر برد العين المؤجرة وملحقاتها عند انتهاء الإيجار.  
ولدراسة هذا الالتزام يحسن بنا أن نوضح مضمونه، وكيفيته ومكان وزمان الوفاء به، وأخيرا جزاء الإخلال به وذلك في ثلاث مطالب:  

المطلب الأول: مضمون الالتزام برد العين المؤجرة

يشمل الرد العين المؤجرة وملحقاتها، حيث يجب على المستأجر رد العين المؤجرة ذاتها، فلا يجوز له أن يقتصر على رد قيمتها، أو أن يرد للمؤجر شيئا آخر ،مهما كان ذلك في صالح المؤجر، ما لم يوافق المؤجر على ذلك، كذلك يتعين على المستأجر، من ناحية أخرى، رد ملحقات العين المؤجرة، سواء كانت هذه الملحقات قد سلمت له عند بداية الإيجار، أو كانت قد نشأت عنه بعد ذلك، كما هو الحال في نتاج الماشية. 
إذن يتعين على المستأجر رد العين كاملة إلى المؤجر، وعند الاختلاف على ماهية العين المؤجرة وذلك لعدم وجود محضر جرد فإن المؤجر يلتزم بإثبات ماهيتها وملحقاتها. ولا يعفى المستأجر من الالتزام برد العين المؤجرة كاملة إلا إذا هلكت بسبب لا يسأل عنه، كما إذا هلـكت بقوة قاهرة، أو بسبب قدِم البناء ،أو عيب فيه ،أو بسبب عدم قيام المؤجر بما يفرضه عليه القانون من إصلاحات. 
وهنا نتساءل عن الحالة التي يجب أن تكون عليها العين المؤجرة عند الرد؟ وفقا لنص المادة 503 من التقنين المدني يجب رد العين المؤجرة –وملحقاتها- بالحالة التي كانت عليها وقت بداية الانتفاع بها، إلا ما يكون قد أصابها من هلاك أو تلف بغير خطأ ينسب إليه. 
وجدير بالذكر أن حالة العين المؤجرة تحدد بناء على محضر الجرد الذي تم بينهما عند بداية الانتفاع إن وجد أما إذا كان قد تًم التسليم دون كتابة محضر، أو دون بيان بأوصاف هذه العين افترض - حتى يقوم الدليل على العكس -  أن المستأجر قد تسلم العين في حالة حسنة.
غير أنه يراعى أن مناط أعمال القرينة التي وضعها المشرع على أن المستأجر قد تسلم العين في حالة حسنة هو الحالة الظاهرة وحدها باعتبار أنها لا تخفى على المستأجر عند التسليم، ولذلك فإذا كان ما بالعين من تلف قد أخفي بحيث يصعب على المستأجر تبينه، أو أن التلف قد طرأ على العين بعد التسليم جاز للمستأجر إثبات ذلك حتى لا يستطيع المؤجر مساءلته عن الحالة التي أصبحت عليها العين المؤجرة عند الرد، أي أن القرينة التي جاء بها المشرع، وهي افتراض أن المستأجر قد تسلم العين في حالة حسنة عند عدم وجود محضر جرد ،هي قرينه بسيطة قابلة لإثبات العكس. 

المطلب الثاني: كيفية الالتزام بالرد ومكان وزمان الوفاء به

يتم الالتزام بالرد بنفس الـكيفية التي يتم بها تسليم العين المؤجرة إلى المستأجر. ويتحقق ذلك بوضع العين المؤجرة تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها دون عائق ولا يلزم لتمام الرد أن يضع المؤجر يده عليها بالفعل، وإنما يكفي لذلك أن يخطره المستأجر بوضعها تحت تصرفه. 
وكما أن تسليم العين المؤجرة من المؤجر للمستأجر يتم بمحضر وجاهي، فإن عملية الرد كذلك تتم بموجب محضر وجاهي طبقا لنص المادة 503 /1 من التقنين المدني، فإذا لم يحرر محضر بذلك اعتبر هذا قرينة على أن العين قد ردُتّ في حالة حسنة، على أن هذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس وفقا لنص المادة 503 /2 من التقنين المدني. 
أما مكان الرد فيتحدد طبقا للقواعد العامة، ما لم يوجد اتفاق مخالف وعلى ذلك إذا اتفق الطرفان على مكان الرد عمل بهذا الاتفاق، وإلا كان مكان الرد هو مكان العقد فيما يتعلق بالأشياء القيميّةّ، وهو ما نصت عليه المادة 282 /1 من التقنين المدني، أو موطن المستأجر وقت الرد باعتباره المدين بالرد فيما يتعلق بالأشياء المثلية طبقا لنص المادة 282/2 من التقنين المدني. 
ووفقا لنص المادة 283 من التقنين المدني، فإن المستأجر يتحمل بمصروفات رد العين المؤجرة ما لم يحصل اتفاق بين المتعاقدين على غير ذلك، أو كان هناك نص يقضي بغير ذلك. 
ومن ناحية زمان الرد فإنه يتحدد بوقت انتهاء الإيجار طبقا لنص المادة 502 من التقنين المدني؛ وعليه لا يجوز للمستأجر أن يتأخر عن هذا الوقت ،وذلك دون حاجة إلى إنذار، ما لم يكن له الحق في حبس العين المؤجرة طبقا للقواعد العامة ،كحقه في التعويض بسبب إخلال المؤجر بالتزامه بالترميمات الضرورية، وكحقه في التعويض عما استحدثه المستأجر في العين المؤجرة من بناءٍ أو غراسٍ أو غير ذلك من التحسينات إذا رغب المالك في استيفائها في العين ،تطبيقا لنص المادة 504 من التقنين المدني ،بشرط أن تكون هذه التعويضات ثابتة ومحققه. وقد ينتهي الإيجار بالاسترداد، ويكون للمستأجر الحق في الحصول على تعويض يقضي به القانون، وفي هذه الحالة، يكون للمستأجر، أيضا، الحق في حبس العين المؤجرة إلى أن يستوفي حقه في التعويض. 
أما بالنسبة للمصروفات الـكمالية، وهي التي لا تضيف شيئا إلى جوهر العين ،كزخرفة العين وتجميلها فهذه لا يلتزم بها المؤجر وبالتالي، لا تخوّلّ المستأجر حبس العين وتأخير ردها بعد انتهاء عقد الإيجار، بل على المستأجر إزالتها دون إحداث ضرر بالعين المؤجرة، وإذا أراد المؤجر استيفاءها لزمه أن يدفع قيمتها إلى المستأجر مستحقة الإزالة. 
وبالنسبة للمصروفات النافعة، وهي التي تزيد في جوهر العين أو في الانتفاع بها دون أن تكون ضرورية لحفظها، فيتعين أن نفرق بين نوعين منها: مصروفات من قبيل الترميمات التأجيرية وهذه يتحملها المستأجر ولا تخوّلّ له حبس العين المؤجرة وتأخير ردها إلى المؤجر، ومصروفات من قبيل الترميمات الضرورية ،وهذه يتحملها المؤجر بحسب الأصل إلا أن المشرع قد وضع لها حكما في المادة 504، مفاده أنه إذا أحدث المستأجر بناءً أو غراسا أو أي تحسينات أخرى تزيد من قيمته، كان له عند انتهاء الإيجار أن يتركها، وبالمقابل يدفع له المؤجر ما أنفقه في هذه التحسينات أو ما زاد في قيمتها، وهذا هو مضمون نص المادة 504 /1 من التقنين المدني، وللمحكمة أن تمنح المؤجر أجلا حتى يتمكن من دفع هذه النفقات للمستأجر . 
وإذا كان للمستأجر أن يبقي التحسينات التي أقامها بالعين فإن هذا يعني أن للمستأجر أيضا أن يزيلها على نفقته، ما لم يكن في إزالتها إضرار بالعين المؤجرة .فإذا كان المستأجر قد حصل على إذن من المؤجر عند القيام بهذا الترميم نفسه ،أو كان الإذن غير لازم لـكون الترميم مستعجلا، فإن له أن يرجع بما أنفقه على المؤجر وبالتالي يكون له حبس العين المؤجرة إلى حين استيفاء ما أنفقه. وإن كانت كل هذه الأحكام غير متعلقة بالنظام العام ولذا يجوز الاتفاق على ما يخالفها،غير أنه إذا كانت التحسينات قد أقيمت دون علم المؤجر أو رغم معارضته، كان له أن يطالب المستأجر بإزالتها وبالتعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة الإزالة (المادة 504/2 من التقنين المدني). 
وجدير بالذكر أن المشرع الجزائري قد ألغى نص المادة 504 من التقنين المدني بموجب القانون 07-05. وهذا يفيد أنه على المستأجر ألا يحدث أي تغيير بالعين المؤجرة مهما كان دون إذن كتابي من المؤجر وفقا لنص المادة 492 من التقنين المدني؛ فلو قام بإجراء تحسينات في العين المؤجرة كبناء أو غراس دون إذن المؤجر فإنه لا يمكن له أن يرجع عليه بأي شيء، أما إذا أحدث المستأجر ذلك بإذن المؤجر، كان له الرجوع عليه إما بالمصاريف التي أنفقها عليها أو بقيمة ما زاد في العين المؤجرة، كما سبق وأن ذكرنا، وفقا لنص المادة 492 /3 من التقنين المدني. 

المطلب الثالث: جزاء الإخلال بالالتزام بالرد

يتحقق الإخلال بالالتزام برد العين المؤجرة في ثلاثة فروض: إذا لم يرد العين المؤجرة فور انتهاء الإيجار، أو تأخر في ردها بدون حق، أو قام بردها بحالة غير الحالة التي يتعين ردها بها.
فإذا لم يرد المستأجر العين إلى المؤجر عند انتهاء الإيجار جاز للمؤجر إجباره على ذلك متى كان الرد ممكنا، بأن كانت العين موجودة تحت يد المستأجر، أما عند عدم إمكانية التنفيذ العيني، فلا يكون للمؤجر إلا الرجوع بالتعويض دون إخلال بحقه في تسلم العين تطبيقا لنص المادة 503 /3 من التقنين المدني. 
أما إذا تأخر المستأجر في رد العين دون حق، فإنه طبقا لنص المادة 502 من التقنين المدني، يلزم بتعويض المؤجر عن هذا التأخير، ويقدر التعويض بما أصاب المؤجر من ضرر وفقا للقواعد العامة، إضافة إلى القيمة الإيجارية للعين عن تلك المّدّة.
ويدخل في عناصر التعويض أجرة المثل عن المّدّة التي تأخر فيها المستأجر، وليس الأجرة المتفق عليها. 
وأخيرا، إذا رد المستأجر العين المؤجرة في حالة غير الحالة الواجب الردّ عليها، بأْنْ  كانت ناقصة أو تالفة أو هالـكة، كان للمؤجر الحق في إجباره على الإصلاح، وهذا هو التنفيذ العيني، وللمؤجر أن يقوم بهذا الإصلاح على نفقة المستأجر، مع حق الأول في التعويض عن منفعة العين في الفترة التي يجري فيها الإصلاح، إذا كان هذا الإصلاح قد منع استغلال العين في هذه الفترة.
كما يكون للمؤجر حق طلب التعويض عما أصاب العين من هلاك أو تلف بدلا من التنفيذ العيني طبقا لنص المادة 503 /3 من التقنين المدني.

المرجع:

  1. د. سمير شيهاني، محاضرات في عقد الإيجار، جامعة آكلي محند أولحاج – بالبويرة، السنة الجامعية 2014-2015، ص115 إلى ص177.
google-playkhamsatmostaqltradent