المنهج التجريبي

المنهج التجريبي 

المنهج التجريبي

مقدمة

إن البحث التجريبي هو أحد أنواع البحث وأكثرها دقه وربما كان أشدها صعوبة وتعقيدا وأن مهمة البحث التجريبي يتعدى الوصف أو تحديد حاله ولا يقتصر نشاطه على ملاحظة ما هو موجود وصفه بل يقوم بمعالجة عوامل بحثه تحت شروط مضبوطة ضبطا دقيقا ليتحقق من كيفية حدوث حادثة معينة، ولتحديد أسباب حدوثها، وفيه يقوم الباحث بالتواصل إلى ما سيكون تحت ظروف مضبوطة، وعن طريقه تتم السيطرة على عوامل محددة في الموقف وإطلاق عامل أو عوامل لبيان مدى تأثيرها في متغير ما، والوصول إلى نتائج يتم حسابها بدقة، ومن أجل هذا يعرف البحث تجريبي بأنه: تعديل مقصود مضبوط للظروف المحددة لحادثة من الحوادث وتفسير التغيرات التي تطرأ في هذه الحادثة نتيجة ذلك.

تعريفات البحث التجريبي:

هناك تعريفات عديدة للبحث التجريبي غير ما ذكر نورد بعضا منها:

1. محاولة لضبط كل العوامل الاساسية المؤثرة في المتغير أو المتغيرات التابعة في التجربة ما عدا عاملا واحدا يتحكم فيه الباحث و يغيره على نحو المعين بقصد تحديد وقياس تأثيره على المتغير أو المتغيرات التابعة.

2. البحث التجريبي يقوم أساسا على أسلوب التجربة العلمية التي تكشف عن العلاقات المسببة بين المتغيرات المختلفة التي تتفاعل مع الديناميات أو القوى التي تحدث في الموقف التجريبي.

3. هو ذلك النوع من البحوث الذي يستخدم التجربة في اختبار فرض يقرر علاقة بين عاملين متغيرين وذلك عن طريق الدراسة للمواقف المتقابلة التي ضبطت كل المتغيرات ما عدا المتغير الذي يهتم الباحث بدراسة تأثيره.

4. هو تغير معتمد ومضبوط للشروط المحددة لحادثة ما وملاحظة التغيرات الناتجة في الحادثة ذاتها وتفسيرها.

 شروط البحث التجريبي:

 هناك بعض النقاط يجب مراعاتها بالبحث التجريبي منها:

1. ينبغي أن يقرر الباحث أي المتغيرات يحتمل أن يكون لها تأثير في التجربة التي ينوي القيام بها.

2. اعتبار باقي المتغيرات غير تجريبية وعليه أن يقرر وسائل ضبطها والتحكم فيها وهذا ما يقود إلى التفكير في التصميم العام للتجربة.

3. ينبغي على الباحث أثناء التفكير في تصميم التجربة أن يفكر في المجتمع الذي سيتعامل معه.

4. ينبغي أن يقرر الباحث كيف يحصل على عينات ممثلة للمجتمع الذي اختاره ميدانيا لإجراء التجربة.

5. ينبغي على الباحث أن يتوصل إلى قرار بشان الأدوات التي يستخدمها في تقدير نتائج التجربة.

6. ضرورة إجراء تجربة استطلاعية صغيرة للتأكد من امكانية نجاح الطرق التجريبية المستخدمة.

7. وضع فرض إحصائي للإجابة عليه وهناك نوعان من الفرضيات هما الصفرية والبديلة ويفضل استخدام الفرضيات الصفرية.

8. وضع حدود ثقة أو حدود الاحتمال وهذه تختلف في الدراسة العلمية عن الدراسات الانسانية ومدى أهميه البحث وهناك مستويات 0.01، 0.05، 0.001...الخ.

طبيعة البحث التجريبي:

إن البحث التجريبي لا يقتصر على إجراء الاختبارات لتحديد أسباب الظاهرة، وإنما يتعدى إلى تنفيذ الإجراءات الأخرى بعناية تامة، وبدون هذه الإجراءات فان عمليه الاختبار تصبح لا قيمه لها، وعلى الباحث التجريبي أن يقوم بالخطوات التالية في دراسته التجريبية:

1. التعرف على المشكلة وتحديدها.

2. صياغة الفروض واستنباط نتائجها.

3. وضع تصميم تجريبي يتضمن جميع النتائج وشروطها وعلاقاتها.

وقد يستلزم ذلك:

‌أ. اختبار عينه.

‌ب. تصنيفها إلى مجموعات لضمان التجانس.

‌ج. ضبط العوامل غير التجريبية.

‌د. إجراء اختيارات استطلاعيه لإكمال نواحي القصور في الوسائل أو التصميم التجريبي.

‌ه. تحديد مكان إجراء التجربة ودقتها ومده استغراقها.

4. إجراء التجربة.

5. تنظيم البيانات الخام واختصارها بطريقه تؤدي إلى أفضل تقدير غير متميز للأثر الذي يفترض وجودها.

6. تطبيق اختبار دلالة مناسب لتحديد مدى الثقة في نتائج الدراسة.

والباحث التجريبي لا يقتصر على وصف الظواهر كما في البحوث الوصفية أو السرد التاريخي لواقعة معينة في الماضي، وإنما يدرس متغيرات هذه الظاهرة ويحدث في بعضها تغييرا مقصودا ويتحكم في متغيرات أخرى ليتوصل إلى العلاقات السببية بين هذه المتغيرات ومتغيرات ثالثة في الظاهرة.

ويتلخص البحث التجريبي في الآتي:  إذا كان هناك موقفان متشابهان تماما من جميع النواحي ثم أضيف عنصر معين إلى ٲحد الموقفين دون الآخر، فان أي تغير أو اختلاف يظهر بعد ذلك بين الموقفين يعزى إلى وجود هذا العنصر المضاف، وكذلك في حالة تشابه الموقفين وحذف عنصر معين من ٲحدهم دون الآخر، فٳن أي اختلاف أو تغير يظهر بين الموقفين إلى غياب هذا العنصر ويسمى المتغير الذي يتحكم فيه الباحث عن قصد في التجربة بطريقة معينة ومنظمة بالمتغير المستقل أو المتغير التجريبي، أما السلوك الناتج عن المتغير المستقل فيسمى بالمتغير التابع أو المتغير المعتمد والتجربة في ٲبسط صورها تتضمن متغيرا تجريبيا ومتغيرا تابعا، ويمكن أن تشمل التجربة أكثر من متغير مستقل وأكثر من متغير تابع.

المشكلة والفروض في التجربة:

يبدأ البحث التجريبي بتحديد مشكلة ما وتحليلها منطقيا دقيقا، وبصياغة فروض عامة يستنبط منها فروض صغرى تكون بمثابة نتائج محددة ثم يصمم بعد ذلك موقف تجريبي مضبوط لاختيار صحة الفرضيات.

إن وضوح الفرض واستنباط نتائجه بتجربة يعني عاملين هما المتغير المستقل والمتغير التابع، فالمتغير المستقل هو العامل الذي يستخدمه الباحث عن قصد في الموقف ويصنعه تحت الملاحظة للتأكد من علاقته بالمتغير التابع وتأثيره فيه.

أما المتغير التابع فهو الظاهرة التي تبدو أو تختفي أو تتغير كلما ٲدخل الباحث في الموقف المتغير المستقل أو غيّر فيه.

أسس التجربة:

البحث التجريبي كغيره من البحوث يبدأ بالتعرف على المشكلة وتحليلها وتحديدها ومن ثم صياغة الفروض لها واثبات النتائج المترتبة عليها منطقيا، ومن ثم إجراء اختبار للتحقق فيما إذا كانت النتائج المتوقعة في حالة صدق الفروض يمكن ملاحظتها أو قياسها.

هناك الكثير من الباحثين عندما يحاولون القيام ببحث تجريبي ينقصهم التصور الدقيق في تحليل المشاكل وصياغة الفروض، ولذلك فإنهم يقومون بالتجريب على أساس عملية المحاولة والخطأ انطلاقا من المقولة: " إذا جربنا هذا، فماذا يحدث؟"  وليس لديهم فكرة عما يختبرونه  أو أن فكرتهم غامضة، وفي كثير من الأحيان ينقصهم التصور في خطط الملاحظة وتتبع ما يحدث، وٲن هذا يعني بأنهم لا يصلون إلى تفسيرات سببية لنتائجهم وخاصة في البحوث الإنسانية كالعلوم السلوكية إلا أن ذلك يقود إلى عدم الحصول على نتائج مهمة. وفي البحوث التجريبية يتطلب أن يكون هناك تصور واضح للفرد والنتائج المستنبطة وهذا يتطلب تحديد عاملين هما:

1. المتغير المستقل   2. المتغير التابع.

فالفرض يقترح أن شرطا ما( متغير مستقل)  يؤدي إلى حدوث شرط آخر( متغير تابع) فنقول أن:

الشرط(A) سبب الشرط (B) ونعني بالشرط (A) المتغير المستقل والشرط (B) المتغير التابع.

ولاختبار صدق نتيجة مستنبطة من فرض ما يعمم الباحث التجربة ويحاول أن يضبط الشروط كافة فيها عدا المتغير المستقل الذي يطلق ليلاحظ ما يحدث للمتغير التابع كنتيجة لتعرضه للمتغير المستقل. والمتغير التابع هو الظاهرة التي توجد أو تختفي أو تتغير حينما يطلب الباحث المتغير المستقل أو يبعده أو يغير فيه.

 والمتغير المستقل هو العامل الذي يتناوله  الباحث بتغيير للتحقق من علاقته بالمتغير التابع الذي هو موضوع الدراسة.

 بعض الأمثلة:

 مثال(1): في علم النبات يفترض عالم النبات أن ضوء الشمس (المتغير المستقل) يؤثر في نمو النبات (المتغير التابع).

 مثال (2): في علم الكيمياء يفترض عالم الكيمياء أن حامض الهيدروكلوريك (المتغير المستقل) يؤثر في كربونات الكالسيوم (المتغير التابع).

 مثال(3): في ميدان التربية فقد يفترض التربوي أن الأطفال يتعلمون الهجاء عن طريق التدريب الموزع بصوره أفضل من التدريب المكثف، أن المتغير المستقل في هذه التجربة هو توزيع التدريب، والمتغير التابع الذي يتأثر بذلك هو مهارة الهجاء.

ولاختبار صدق هذه الفرضيات نلاحظ في المثال الأول أن عالم النبات يقوم بإحضار نباتين من نوع واحد ويغطي كل منهما بناقوس زجاجي، فيضع احدهما في مكان ضليل بينما يضع الثاني في ضوء الشمس. وبعمله هذا غيّر من كمية الضوء التي تسقط على النبات وبذلك يحصل على دليل تجريبي مباشر على أن ضوء الشمس يؤدي إلى نمو النبات بينما يعوق غيابه هذا النمو. وكذلك الحال بالنسبة إلى المثالين الآخرين.

وفي الامثلة في أعلاه فان الباحث التجريبي يحاول ضبط جميع الشروط بحيث تكون واحدة فيما عدا المتغير التجريبي الذي يخضع للتغير، وبناء على النتيجة يمكن أن يرد أي فرق إلى المتغير المستقل.

 مطالب التجربة:

يجب أن نعلم أن التجريب ليس مجرد عملية تغيير لأحد المتغيرات لمعرفة ما يحدث لمتغير آخر وإنما يعتمد على الملاحظة المضبوطة وٲنه يجب أن يتمكن من ضبط جميع العوامل التي تؤثر في المتغير التابع، وان عدم ضبط العوامل فانه لا يمكن التأكد مما إذا كان تغيير المتغير المستقل أم أي عامل آخر هو الذي أنتج الأثر المعين.

وٳن جودة التجربة تتمثل بمقدار الضوابط المستخدمة في تجربة وقد يحاول بعض الباحثين اختبار صحة فروض غير واضحة في صياغتها ودون محاولة التعرف على العوامل التي تؤثر في المتغير التابع وضبطها، ولكن نتائج دراستهم لا يمكن قبولها كتجارب علمية. وأحيانا يقوم باحثون بضمان درجة معينة من الضبط، إلا أن نتائجهم تكون موضع شك وتساؤل وذلك نتيجة قصور في إجراءاتهم التجريبية، ولا شك أن توفير درجة كافية من ضبط المتغيرات أمر بالغ الصعوبة.

الضبط في التجربة:

إن ضبط المتغيرات المؤثرة في المتغير التابع في التجربة متنوعة وكثيرة وبالإمكان تقسيمها إلى ثلاثة أنواع من المتغيرات هي:

1. متغيرات مرتبطة بخصائص أفراد التجربة: إن التجارب التي تتكون من مجموعة تجريبية  وأخرى ضابطة يتطلب إن يراعى التكافؤ بين المجموعتين من حيث المتغيرات أو الخصائص التي تؤثر في المتغير التابع لذلك فان إستراتيجية هذا النوع من البحث التجريبي تعتمد أساسا على التكافؤ في متغيرات لكي يظهر بوضوح الأثر الحقيقي للمتغير أو المتغيرات المستقلة في التجربة.

2. متغيرات مرتبطة بإجراءات التجربة والعامل التجريبي: إن الهدف الأساسي للتجربة، والعامل التجريبي ينبغي أن يتوفر فيه درجه كافية من القوة أو التأثير التي ينشٲ عنها تغيرات معينة في المتغير التابع ويمكن ملاحظتها وتقديرها. وهناك عوامل تؤثر على المتغير التابع وترتبط بالمتغير المستقل والعامل التجريبي ذاته وأسلوب تقديمه في إطار التجربة، في حالة استخدام عامل تجريبي معين في أكثر من مجموعة تجريبية مثلا، لذلك ينبغي أن يتحكم الباحث في طبيعة الظروف والخصائص والإجراءات المتعلقة في تناول هذا العامل واستخدامه على نحو محدد مع جميع المجموعات.

إن مسٲلة ضبط العامل التجريبي وإجراءات التجربة له أهميه كبيرة في البحث التجريبي حتى يمكن إرجاع الاختلاف الظاهر إلى ٲثر المتغير التجريب وحده وليس إلى متغيرات أخرى لم تضبط في التجربة و تؤثر في ٲثر المتغير بالزيادة والنقصان.

3. متغيرات خارجية مؤثرة في التجربة: قد يكون هناك أنواع أخرى من المتغيرات الخارجية التي يمكن أن تؤثر في ٲثر العامل التجريبي في الجانبين الزيادة والنقصان في الأثر منها المتغيرات المرتبطة بعامل الوقت والظروف والخصائص الفيزيقية التي يتم فيها إجراء التجربة إذ من الضروري ضبط مثل هذه المتغيرات حتى لا تكون في صالح إحدى المجموعات.

أهداف ضبط التجربة: يهدف ضبط المتغيرات في التجربة إلى:

1. عزل المتغيرات.

2. تثبيت المتغيرات.

3. التغيير الكمي في المتغير أو المتغيرات التجريبية.

طرق ضبط المتغيرات: توصل الباحثون إلى عدد من الطرق لضبط المتغيرات منها:

1. طرق الضبط الفيزيقية (الضبط المادي):

وهو لون من الضبط المباشر يتمثل في التحكم في بعض الظروف والعوامل المادية المتصلة بالتجربة، ويستخدم الوسائل الفيزيقية الاتية:

ا.  وسائل كهربائية     ب. وسائل جراحية     ج. العقاقير

2. طرق الضبط الانتقائية: وتستخدم كثيرا في التجارب التربوية والنفسية التي تتطلب استخدام أكثر من مجموعة تجريبية وضابطة، لتحقيق درجة مقبولة من التكافؤ بين أفراد المجموعات بالنسبة للمتغيرات المؤثرة في التجربة عدا المتغير التجريبي. وهو الذي يتمثل في انتقاء بعض العوامل المتغيرات ذات الصلة بالمتغير التابع وتثبيتها حتى لا تؤثر في نتائج التجربة بما يشوه فعل المتغير المستقل أو يشكك في أثره.

3. طرق الضبط الإحصائي: لما كان من الصعب بل من المستحيل أحيانا تحقيق الضبط المادي أو الانتقائي لبعض المتغيرات لجٲ الباحثون إلى بعض الأساليب الاحصائية التي تحقق هذا الضبط وتضمن دقه نتائج التجربة. ومن هذه الأساليب الاحصائية الاختبار التائي أو تحليل التباين  أو غير ذلك من الأساليب الإحصائية.

التصميم التجريبي: يعد اختبار التصميم التجريبي من ٲخطر المهام التي تقع على عاتق الباحث عند قيامه بتجربة علمية، إذ أن سلامة التصميم وصحته هي الضمان الأساسي للوصول إلى نتائج موثوق فيها، ومن المتفق عليه أن سلامة تصميم لها جانبان ٲحدهما داخلي والآخر خارجي وفيما يأتي مختصر عن كل منهما:

- السلامة الداخلية للتصميم: تتحقق السلامة الداخلية لتصميم عند التأكد من أن العوامل الداخلية قد تم السيطرة عليها في التجربة ومن هذه العوامل: ظروف التجربة والحوادث المصاحبة لها، إجراءات التجربة، أدوات القياس...الخ.

- السلامة الخارجية للتصميم: إن السلامة الداخلية ليست هي فقط ما يراعى في التصميم التجريبي، إذ ينبغي على الباحث مراعاة السلامة الخارجية المتعلقة بمدى تمثيل مواد التجربة أو أفرادها للمجتمع الكبير الذي ينتمون إليه ومدى امكانية تصميم نتائج التجربة.

أنواع تصميم التجريبي:

إن التصميم التجريبي للباحث كالرسم الهندسي المعماري، فإذا جاء هذا التصميم مبهما أو غير دقيقا جاءت نتائج البحث ضعيفة القيمة ومبهمة، تصميم الذي يحسن الباحث وضعه صيغته فٳنه يضمن الهيكل السليم والإستراتيجية المناسبة التي تضبط له بحثه وتوصله إلى نتائج يمكن الاعتماد عليها في الإجابة على الأسئلة التي طرحتها مشكلة البحث وفروضه، فالتصميم يقترح على الباحث الملاحظات التي ينبغي أن يقوم بها والأسلوب الذي ينبغي عليه أن يتبعه كما يقترح عليه الأدوات الإحصائية المناسبة وكيفية تحليل المادة التي يجمعها والنتائج المحتملة التي يمكن أن يستخلصها من التحليل. ولا يوجد نموذج واحد للتصميم يصلح لكل بحث فطبيعة المشكلة الذي يتخذها الباحث موضوعا للتجربة وظروف العينة التي يختارها هي التي تحدد نوع التصميم وصورته، من ٲجل هذا التعدد في التصميمات التجريبية والاختلاف في ما بينها، يمكن تصنيفها بحسب درجاته الضبط إلى ثلاثة أنواع هي:

أولا: التصميم التجريبي ذي الضبط المحكم: اتجهت الأبحاث التجريبية في العقود الأخيرة إلى المزيد من الدقة والأحكام فابتدع الباحثون تصميمات تحقيق درجات عالية نسبيا من الضبط أملا في الوصول إلى المستوى الذي بلغته التجارب في العلوم الوصفية، و مما هو جدير بالذكر أن جوهر هذا النوع من التصميم العالي الضبط هوا لمجموعه الضابطة واليك نماذج من التصميمات ذات الضبط المحكم:

1. تصميم المجموعة العشوائية الاختيار ذات الاختبار القبلي والبعدي.

2. تصميم المجموعات الاربعة العشوائية.

3. تصميم المجموعة الضابطة العشوائية الاختيار ذات الاختبار البعدي فقط.

ثانيا: التصميمات ذات الضبط الجزئي: من صعوبة على الباحث في بعض المواقف أن يضبط كل العوامل المطلوبة لذلك يلجئ إلى نوع من التصميمات تعرف بذي الضبط الجزئي ومن نماذج هذا اللون من التصميم:

1. تصميم المجموعة الضابطة اللاعشوائية الاختيار ذات الاختيار القبلي والبعدي.

2. التصميم الدوري للمجموعات.

3. تصميم المجموعة الواحدة ذات الاختبارات المسلسلة القبلية والبعديه.

4. تصميم المجموعة الضابطة ذات الاختبارات المسلسلة القبلية والبعديه.

ثالثا: التصميم التجريبي ذو الحد الأدنى من الضبط: يعرف باسم تصميم المجموعة الواحدة ذات الاختبار القبلي والبعدي، ويعد هذا النوع ابسط أنواع التصميم التجريبي لما فيه من ضبط قليل، إذ يتناول عادة مجموعة واحدة يجري عليها اختبار قبلي في بداية التجربة ثم اختبار بعدي في نهايتها بعد التعرض للمتغير المستقل.

حدود البحث التجريبي:

إن من المسلم به أن الطريقة التجريبية هي أفضل الطرق للحصول على معلومات وحقائق تكون نتائجها ذات فائدة في التواصل إلى قرارات وحلول مقنعة، ومع ذلك فٳن القائمين بمثل هذه البحوث وجدوا أنفسهم أمام صعوبات تختلف طبقا لنوع الدراسة، فعلماء الدراسات الإنسانية واجهوا صعوبات غير التي واجهها علماء الطبيعة، وذلك بحكم المجال الذين يبحثون فيه، وفيما يأتي تقييم للبحث التجريبي في العلوم الإنسانية من حيث مدى ارتقائه إلى مستوى البحث التجريبي في العلوم الطبيعية، مع التطرق إلى المشكلات التي تحول دون هذا الارتقاء.

صياغة المشكلة وفرض الفروض: يستلزم الأمر في المنهج العلمي تحديدا للمشكلة وتحليلا لها وصياغة للفروض، والتدقيق في المسلمات والقضايا المنطقية التي تقوم عليها الخطة التجريبية.

الملاحظة والتجريب: إن السبب في اعتبار البحث التجريبي طريقة علمية في الوصول إلى المعرفة هو استخدامه الملاحظة المضبوطة في اختبار الفروض، ويصادف البحث التجريبي في بعض العلوم الإنسانية كالتربية وعلم النفس صعوبة في تحقيق شرط الملاحظة المضبوطة بالمستوى التي تجري عليه تجارب العلوم الطبيعية، ومصدر هذه الصعوبات هو أن موضوع البحث التجريبي في العلوم الإنسانية هي الإنسان بكل مظاهر سلوكه الاجتماعية والنفسية وهي معقدة، فضلا عن مشكلات أخرى يواجهها الباحث في حقل التجربة وبالإمكان حصرها في ثلاثة مجالات هي:

المشكلة الأخلاقية، والمشكلة المتعلقة بأدوات التجربة، والمشكلة المتعلقة بضبط التجربة.

التصميم والتنبؤ: إن ميدان المعرفة يبدي تقدما على ما يتوصل إليه الباحثون من تجاربهم وفهمهم العلمي للظواهر التي يعالجونها، فالأبحاث الوصفية لا يمكن الوصول باستخدامها إلى مستوى متقدم. أما البحث التجريبي فٳنه يوصل إلى مستوى ارقي من الفهم والتفسير، وٳن هذا المستوى يتوقف على قدره الباحث وإمكانياته على تصميم نتائج بحثه في مواقف أخرى خارج مجال تجربته، ولكن هذه القاعدة العلمية لا يمكن أن تنسحب بالثقة نفسها على الظواهر والأبحاث الإنسانية والاجتماعية لٲن عقول الناس وأجسامهم واتجاهاتهم وسلوكهم وقواعد المجتمع وقيمه ومبادئه ومثله بوجه عام قد تختلف من موقف إلى أخر ومن بيئة إلى أخرى. ولكن لا يعني هذا عدم إمكانية تعميم نتائج البحوث الاجتماعية والسلوكية، وإنما يمكن تعليمها خارج حدودها إذا ما قام الباحثون باستيفاء شروط السلامة الخارجية في تصميماتهم التجريبية وعلى الأخص ما تتعلق بالعينة وتمثيلها للمجتمع وإجراء التجربة في مواقف ٲقرب إلى الواقع، وٲن تستهدف التجربة معرفة تأثير المتغير المستقل.(1)

تطبيق المنهج التجريبي: المعايير، والمجالات:

معتمد هذا المنهج الملاحظة والتجربة والقيس، فيمكن تطبيقه في دراسة كل الظواهر الواقعية التي يمكن ملاحظتها، وقيسها، باي من المقاييس أو المكاييل، ولهذا فانه يجري استخدامه بكفاءة عالية في دراسة المادة الجامدة. وإذ برهن مندل على امكان دخول الرياضيات مجال دراسة المادة الحية بأبحاثه في الوراثة، واستخدم كلود برنارد المنهج التجريبي في دراسة البيولوجيا، صار تطبيق هذا المنهج التجريبي في دراسة المادة الحية مشروعا.

ثم برهنت النتائج والتقدم المذهل في دراسات الطبيعة، والتضاعف المعرفي في زمن يقل عن أربع سنوات الآن، على سلامة الأخذ بهذا المنهج الذي حقق في قرنين ما عجز عنه المنهج الاستدلالي في أكثر من ألف سنة.

أما في العلوم السلوكية فان تطبيقه حقق تقدما مذهلا فيها حق، تطبيقه حقق تقدما مذهلا فيها حقا، حيثما أمكنت الملاحظة وأمكن القيس، وبه خطت الدراسات النفسية مثلا أشواطا مذهلة، حين طبقت في دراسات السلوك الخاضع للملاحظة الخارجية المنهج التجريبي، المطبق في الفيزياء والفيزيولوجيا، فأمكنه –أي علم النفس- أن يصل إلى قوانين مثل قانون فيبرفي العلاقة بين المثير والاستجابة، أو إلى قوانين مثل قوانين الإحساس والتعلم والإدراك، وغير ذلك.

في الدراسات القانونية:

وبتطبيق الشيء الذي نادى به دوركهايم تصير الظواهر الاجتماعية قابلة للملاحظة والقيس، وتصبح الظاهرة القانونية – بحكم أنها ظاهرة اجتماعية، خاضعة لتطبيق المنهج التجريبي حيثما أمكنت الملاحظة، وأمكن القيس. وهذا إمكان واسع جدا في مجالات العمل القانوني، فأبحاث الجريمة وعلاقاتها بالذكاء والبيئة، وتأثير المخدرات، وقياس الذاكرة المفيد جدا في علم النفس القضائي، ودراسات السلوك المنحرف، ودراسات الاتجاهات نحو القانون وأمثالها وكذلك الحكم في الأدلة المادية، أمور كلها تتطلب المنهج التجريبي دون غيره من المناهج.

ولقد بينت النتائج الجيدة لتطبيقه في مختلف الدراسات القانونية، التي تلاحظ وتقاس، بينت صواب استخدامه في مجالات البحوث، والعلاقة بين القانون والحياة الاجتماعية، وعلاقة القانون بتقسيم العمل الاجتماعي، والحماية القانونية للبيئة، والعلاقة بين الجريمة والعقاب، وإصلاح السياسات التشريعية والقضائية، ولقد طبقه دوركهايم بنجاح في دراسته للعلاقة بين القانون، وبين الروابط الاجتماعية، والتأثير والتأثر المتبادلين بينهما في كتابه: (تقسيم العمل الاجتماعي (1893)م واستخلص نتائج علمية جيدة.

وتوجد أمثلة كثيرة أخرى للجدوى الجيدة، لتطبيق المنهج التجريبي في المجالات القانونية منها: الدراسات البحثية التي قامت بها: بولندا عام 1960- باستخدامها هذا المنهج لإصلاح نظامها القضائي وقانون الإجراءات والمرافعات، وكذلك دراسة الأستاذ موربيرجر لظاهرة البيروقراطية في مصر الحديثة عام 1954 /1953م.(2)

المرجع

  1. د. رحيم يونس كروالعزاوي، مقدمة في منهج البحث العلمي، دار دجلة الطبعة الأولى، 2008، عمان، ص109-121.
  2. د. صلاح الدين شروخ، منهجية البحث العلمي، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، ص119-122.

google-playkhamsatmostaqltradent