نطاق تطبيق القانون

نطاق تطبيق القانون

نطاق تطبيق القانون

يقصد بنطاق تطبيق القانون، تحديد مجال سريانه من حيث الأشخاص المخاطبين بأحكامه، والمكان والزمان.

المبحث الأول: تطبيق القانون من حيث الأشخاص (مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون)

المطلب الأول: مفهوم المبدأ:

"أي تطبيق القانون بعد ظهوره على كافة الأشخاص المخاطبين بأحكامه، سواء علموا به أو لم يعلموا  ،حيث يفترض علم الكافة بالقانون بعد أن يتاح لهم ذلك بنشره".

ويفترض العلم بالقانون بعد يوم كامل من تاريخ نشر التشريع في الجريدة الرسمية بالنسبة لسكان الجزائر العاصمة، وبعد يوم كامل من وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة بالنسبة للنواحي الأخرى (وذلك حسب ما جاء في المادة 04 من القانون المدني).

والهدف من هذا المبدأ هو دعم النظام العام وسيادة القانون ومساواة الأفراد أمامه، وقد نصت المادة 74 من الدستور (المادة 60 سابقا) على أنه: "لا يعذر بجهل القانون، يجب على كل شخص أن يحترم الدستور وقوانين الجمهورية".

ويرجع أصل هذا المبدأ إلى القانون الروماني (قانون الألواح الإثنا عشر).

المطلب الثاني: الأساس الذي يقوم عليه مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون

إن الجهل بالقانون لا يعفي من يدعيه من تطبيقه عليه، فالأخذ بهذا المبدأ يرجع إلى ضرورة فرض سلطان القانون على كافة المخاطبين بأحكام قواعده، تحقيقا للنظام العام في المجتمع ولاعتبارات العدالة التي تتطلب تطبيق القانون على كافة الأفراد دون استثناء. فلا يستساغ أن يتوقف سلطان القانون على الظروف الخاصة بكل شخص، بحيث يطبق القانون على من كان عالما به، ويعفى من لم يعلم به من تطبيقه. فالسماح لهذا الاخير بالإعتذار بجهل القانون من شأنه أن يؤدي إلى الفوضى، والى ضياع الامن وتقويض النظام، عن طريق فتح باب الإدعاء بجهل القانون كلما كانت مصلحة الشخص متعارضة معما تقضي به أحكامه. وبذلك يمكن من يريد التهرب من أحد أحكام القانون الإدعاء بعدم العلم به، وهذا ما ينجر عنه التقليص من حالات تطبيق القانون، أضف إلى ذلك أنه ليس من العدل في شيء تطبيق القانون على من علم به وافلات من لم يكن عالما به من التطبيق، لما في ذلك من معنى الجزاء السلبي على العالم بالقانون. ثم أفلا ينطوي قبول الإحتجاج بجهل القاعدة القانونية على نفي صفة الإلزام عنها، إذ يجعل إلزامها رهنا بالعلم بها؟

إن أهم ما يميز القاعدة القانونية هو خاصية إلزامها الذاتي الذي ينبعث منها لا من عامل خارجي عنها كالعلم بها. فالقانون يسري في حق كل شخص، سواء علم به أم لم يعلم به، وحكمه ملزم له دون حاجة إلى تقوية هذا الإلزام بإلتزام آخر مصطنع هو الإلتزام بالعلم بالقانون.

المطلب الثالث: نطاق مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون

الفرع الأول: من ناحية مصدر القاعدة القانونية

رأينا أن للقانون عدة مصادر رسمية (تشريع، شريعة، عرف، مبادئ القانون الطبيعي وقانون العدالة)،  وقد يوحي المصطلح الفرنسي nul n'est censé ignorer la loi أن مجال هذا المبدأ يقتصر على التشريع دون سواه من المصادر الأخرى، والحال أن المبدأ المذكور يمتد إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والعرف أيضا.

حيث يدخل في نطاق مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون، كل القواعد القانونية أيا كان مصدرها، حيث لا يجوز الإعتذار بجهل الشريعة الإسلامية أو بجهل العرف، متى كان ثابتا ومستقرا.

الفرع الثاني: من حيث نوع القاعدة القانونية

رأينا ان القواعد القانونية تقسم من حيث درجة إلزامها إلى قواعد آمرة وقواعد مكملة، بحيث يمتد مبدأ لا عذر بجهل القانون إلى القواعد الآمرة، وكذلك المكملة، لأنها جميعا قواعد ملزمة.

المطلب الرابع: الإستثناءات الواردة على مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون

يرد على مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون مجموعة من الاستثناءات التي قال بها الفقه، والتي حرصت بعض التشريعات على النص عليها، وأهم هذه الاستثناءات:

الفرع الأول: حالة القوة القاهرة

وهي حادث يستحيل دفعه، حيث يجوز الإعتذار بجهل القانون إذا ثبت استحالة علم الأفراد به لعدم وصول الجريدة الرسمية إلى منطقة معينة بسبب قوة قاهرة، كحدوث زلزال أو فيضان أو تعرض منطقة لإحتلال العدو أو إنقطاع المواصلات، أو غير ذلك من الظروف التي تؤدي إلى استحالة العلم بالقانون بالوسيلة المخصصة لذلك.

فيمكن الإعتذار بجهل القانون وعدم تطبيق احكامه، إلا بعد زوال القوة القاهرة ووصول الجريدة الرسمية، ومجال هذا الإستثناء ينصرف فقط إلى قواعد التشريع دون غيره لأنه الوحيد الذي ينشر في الجريدة الرسمية.

وقد نصت المادة 37 /01 من قانون العقوبات العراقي صراحة على هذا الإستثناء، كما أخذت به محكمة النقض المصرية في أحكامها.

الفرع الثاني: الإستثناءات المختلف فيها

أي أنها استثناءات لم يسلم بها غالب الفقه، ولم يقع اجماع بصددها، ومنها:

1/ حالة الغلط في القانون (إبطال العقد لغلط في القانون): أي ذلك الغلط الذي يكون بسبب جهل المتعاقد بحكم القانون في مسألة معينة، وقد نصت المادة 81 من القانون المدني الجزائري على أنه: "يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد أن يطلب إبطاله".

ومن أمثلة الغلط في القانون التي تجيز للمتعاقد طلب إبطال العقد:

- أن يتعهد شخص بالوفاء بدين وهو يعتقد أن هذا الدين ملزم له، فيجوز له أن يطلب إبطال التعهد (للغلط في القانون الذي ينصب هنا على صفة جوهرية في الشيء).

- أن يهب رجل لمطلقته مالا وهو يعتقد أنه استردها لعصمته جاهلا أن الطلاق الرجعي ينقلب بائنا بانتهاء العدة، ولا ترجع إلى عصمته إلا بعقد جديد، فيجوز له أن يطلب إبطال الهبة (للغلط في القانون الواقع هنا في شخص المتعاقد).

- أن يبيع وارث حصته في التركة، وهو يحسب أنه يرث الربع فإذا به يرث النصف فيجوز له في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع (للغلط في القانون الذي وقع في القيمة).

من الأمثلة السابقة فإن حالة الغلط في القانون لا تمثل قيدا أو استثناء من مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون، لأن الإدعاء بوقوع غلط في القانون لا يعني أن الشخص المتعاقد أفلت من الخضوع للقانون، بل يطبق دائما، ويخول لكل متعاقد إبطال العقد بسبب الغلط وهو في ذلك يطالب بتطبيق القانون.

2/ الجهل بتشريع غير جنائي يتوقف عليه تقرير المسؤولية الجنائية: الأصل أن الجهل بأحكام قانون العقوبات لا يعفي مرتكب الجريمة من المسؤولية الجنائية غير أن الجهل بأحكام تقنين آخر كالتقنين المدني يأخذ حكم الجهل بالواقع ويؤدي إلى نفي القصد الجنائي عن الفاعل، وقد أخذ تقنين العقوبات اللبناني بذلك في المادة 223 منه:"  يعد مانعا من العقاب:

-الجهل والغلط الواقع على شريعة مدنية أو إدارية يتوقف عليها فرض عقوبة ".

وهو ما أخذ به القضاء الفرنسي، حيث قضى ببراءة عامل من تهمة السرقة لانتفاء القصد الجنائي لديه وكان قد استولى على كنز عثر عليه في أرض مملوكة للغير بأكمله، جاهلا قواعد القانون المدني التي كانت تجعل له نصفه فقط والنصف الآخر لمالك العقار، وقد حذت محكمة النقض المصرية حذو هذا الإتجاه.

مثال آخر: حالة الإستحواذ على تركة المورث معتقدا أنه الوريث الوحيد، وهنا فمتابعته بتهمة الإستيلاء على التركة قبل قسمتها ناتج عن جهله التشريع الخاص بقواعد الميراث (مبرر الإعفاء المادة 363 من قانون العقوبات).

ويرى غالب الفقه أن رفع المسؤولية الجنائية في هذه الحالة لا يشكل خروجا عن مبدأ عدم جواز الإعتذار بجهل القانون، لأن الحكم ببراءة المتهم لا يمنع تطبيق القاعدة الواردة في التقنين المدني حيث تسري عليه، كما أن الإعفاء من المسؤولية الجنائية ليس للجهل بالقاعدة المدنية، بل لإنتفاء القصد الجنائي بعدم العلم بالقاعدة المدنية، وهو أحد أركان الجريمة.

واعمال هذا الركن هو تطبيق للقانون وليس إعفاء منه على أساس الجهل به.

3/ جهل الأجنبي بأحكام تقنين العقوبات للدولة التي نزل بها منذ مدة وجيزة: نصت عليه بعض قوانين العقوبات لبعض الدول، قانون العقوبات العراقي في مادته 37 نص على عفو الأجنبي من العقاب إذا ارتكب جريمة خلال سبعة (07) أيام من قدومه، إذا ثبت جهله بالقانون وكان قانون محل إقامته لا يعاقب عليها، كما نص قانون العقوبات اللبناني في مادته 223 على مدة ثلاثة (03) أيام، وقد استبعد المشرع الجزائري هذا الإستثناء، وهو ما أكدته أيضا الممارسة القضائية.

هناك أيضا استثناءات متصلة بالأشخاص، ويتعلق الأمر: بالحصانة البرلمانية، والحصانة الدبلوماسية (البعثة الدبلوماسية) نصت على ذلك المواد 126، 127 و128 من الدستور.

المبحث الثاني: تطبيق القانون من حيث المكان

لا توجد دولة في العالم إلا وبداخلها مواطنين ورعايا أجانب، ولها في الخارج جالية في دول مختلفة، وبالتالي فإن تطبيق القانون من حيث المكان يثير التساؤلين الآتيين:

- هل يطبق قانون الدولة في داخل إقليمها على كل المقيمين بها، مواطنين كانوا أم أجانب؟ أيا كانت جنسيتهم؟

- أم أن قانون الدولة ينحصر تطبيقه على مواطنيها أينما وجدوا سواء كانوا داخل إقليمها أم خارجه؟

وتحديد نطاق تطبيق القانون من حيث المكان يتم وفقا لأحد المبدئين أو بالأحرى عن طريق الجمع بينهما وهما: مبدأ إقليمية القوانين، ومبدأ شخصية القوانين.

المطلب الأول: مفهوم مبدأي إقليمية وشخصية القوانين

الفرع الأول: مفهوم مبدأ إقليمية القوانين

يقصد به سريان القانون على كل ما يقع داخل إقليم الدولة، وعلى كل الأشخاص الموجودين فيه ،سواء كانوا من المواطنين أم من الأجانب، ويقابل هذا المعنى عدم سريان القانون خارج إقليم الدولة حتى على رعاياها.

فلو اعتبرنا أن القانون الجزائري إقليمي التطبيق فإنه يترتب على ذلك:

- أنه دون سواه يسري على ما يقع داخل الإقليم الجزائري، وعلى كل الأشخاص الموجودين فيه بغض النظر عن جنسياتهم.

- أنه لا يمتد إلى خارج الإقليم الجزائري، حتى ولو تعلق الأمر بجزائريين، فإنهم يخضعون لقانون الدولة التي يقيمون فيها.

أساس هذا المبدأ: ويستند مبدأ إقليمية القاعدة القانونية إلى فكرة سيادة الدولة على إقليمها، حيث يعتبر تطبيق قوانين الدولة في إقليمها على كل الأشخاص الموجودين فيه من أهم مظاهر السيادة (المادة 13 من الدستور، المادة 04 من القانون المدني، والمادة 03 من قانون العقوبات).

وينصرف مفهوم الإقليم إلى الأرض اليابسة وما تحتها وكذلك الإقليم المائي وكذا الجوي.

الفرع الثاني: مفهوم مبدأ شخصية القوانين

يقصد به سريان القاعدة القانونية على الأشخاص المنتمين إلى الدولة، سواء كانوا موجودين على إقليمها أو في الخارج، وعدم سريانها على الأجانب حتى ولو كانوا مقيمين في إقليمها.

أساس هذا المبدأ: ويقوم مبدأ الشخصية على أساس ما للدولة من سيادة على رعايا أينما وجدوا، نظرا للعلاقة التي تربطهم بها، حيث وضعت التشريعات من أجلهم، فيجب خضوعهم لها أينما وجدوا.

فلو اعتبرنا أن القانون الجزائري شخصي التطبيق، فمعنى ذلك ما يلي:

- أنه يطبق على الجزائريين ولو وجدوا خارج الإقليم الجزائري.

- أنه لا يسري على الأجانب ولو وجدوا بالجزائر.

الفرع الثالث: مدى تطبيق مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين

إن التطبيق المطلق لمبدأ الإقليمية يؤدي الى تطبيق كل دولة لقوانينها على اقليمها فقط، ولا يمتد ذلك الى غيرها من أقاليم الدول، لكن هذا الفرض لا يمكن أن يتحقق لأن لكل دولة أجانب على اقليمها ولها مواطنين في دول أخرى.

كما أن الأخذ بمبدأ الشخصية يؤدي إلى التعارض مع سيادة الدولة على اقليمها حيث سيسمح ذلك للأجنبي بمخالفة قواعد النظام العام في الدولة التي يقيم فيها، مما يحتم تطبيق قوانين الدولة.

وعليه يتم الأخذ بالمبدأين معا، كل منهما في نطاق معين، فنشأ التنازع بين قوانين دول مختلفة، حيث تأخذ تشريعات الدول الحديثة بمبدأ إقليمية القوانين كأصل، وبمبدأ شخصية القوانين كاستثناء.

المطلب الثاني: مدى السريان الإقليمي للقانون الجزائري

الفرع الأول: الأصل في القانون الجزائري هو سريانه إقليميا

ويجد مبدأ إقليمية القوانين أساس تطبيقه في مجال القانون العام المجسد لسيادة الدولة.

- فالقانون الدستوري، يوضح تنظيم السلطات وتحديد حقوق وحريات الافراد، ونظرا لخصوصية هذه القواعد الدستورية، فلا يتصور تنفيذها خارج حدود الدولة، فهي إقليمية التطبيق، مثل القواعد المنظمة للسلطة التشريعية أو الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، غير أنه فيما يتعلق بالحقوق السياسية كحق الانتخاب وحق الترشح، وتقلد الوظائف العليا فتقتصر على المواطنين أينما وجدوا وبالمقابل يخضعون لواجبات معينة كالخدمة الوطنية.

- وفي المجال الجنائي، يعد قانون العقوبات مظهرا من مظاهر سيادة الدولة، ويحكمه مبدأ إقليمية القوانين، الذي يؤدي إلى خضوع الجرائم المرتكبة على إقليم الدولة لقانونها الوطني، وبالمقابل لا يمتد تطبيق قانون العقوبات –كأصل- إلى خارج إقليم الدولة، حيث تنص المادة 3/ 1 من قانون العقوبات: "يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية"، أي بغض النظر عن جنسية المجني عليه أو طبيعة الجريمة.

- كما ينطبق مبدأ الإقليمية أيضا في مجال القانون الإداري، فالقواعد المتعلقة بلوائح الضبط وقواعد المالية بما تحمله من رسوم وضرائب تسري على المواطنين وعلى غيرهم من الأجانب الموجودين داخل الإقليم.

- وفي مجال القانون الخاص، نجد أن الأصل فيه خضوعه لمبدأ الإقليمية فالقانون المدني والتجاري والبحري يطبق على كل المقيمين على إقليم الدولة وطنيين او أجانب، وبالمقابل لا ينفذ القانون الخاص كقاعدة عامة إلى الخارج (عدا العلاقات الخاصة ذات العنصر الأجنبي)، حيث تنص المادة 4 من القانون المدني الجزائري: "تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية".

الفرع الثاني: الاستثناءات الواردة على مبدأ إقليمية القانون الجزائري (التطبيق الشخصي):

إذا كان الأصل في القانون الجزائري هو تطبيقه تطبيقا إقليميا، إلا أنه يتم الخروج عنه في بعص الأحوال استثناء، أي سريان القانون الجزائري سريانا شخصيا.

1- في المجال الإداري: حيث أن تولي الوظائف العامة (التوظيف) مقصور كقاعدة عامة على الوطنيين دون الأجانب، وهذه القاعدة لا تمنع من الإستعانة ببعض الأجانب في إطار اتفاقات خاصة.

2- في المجال الدستوري (مجال الحقوق والحريات العامة): فالأجانب لا يتمتعون بأهلية اكتساب الحقوق العامة والتحمل بالواجبات السياسية، حيث ترتبط بعض الحقوق والواجبات بجنسية الشخص، مثل حق الإنتخاب، الترشح (المادة 62 من الدستور)، واجب الدفاع عن الوطن (المواد 75 و76 من الدستور) فمثل هذه الحقوق والواجبات تقتصر على المواطنين الجزائريين أينما وجدوا حيث يطبق القانون بشأنها تطبيقا شخصيا، ولا يتصور تطبيق هذه الأحكام على الأجانب ولو كانوا مقيمين في الجزائر.

3- في مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات: الأصل في ذلك هو مبدأ الإقليمية كما جاء في المادة 3/ 1 من قانون العقوبات، إلا أن الفقرة الثانية من نفس المادة نصت على:"كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجازئية ".

فقد أورد المشرع استثناء على مبدأ الإقليمية في المجال الجنائي ،يخص الجرائم المرتكبة في الخارج، ونجد المادة 582 من قانون الإجراءات الجزائية تحدد كيفية ذلك بقولها: "كل واقعة موصوفة بأنه جناية معاقب عليها في القانون الجزائري ارتكبها جزائري في خارج إقليم الجمهورية يجوز أن تتابع ويحكم فيها في الجزائر، غير أنه لا يجوز أن تجري المتابعة أو المحاكمة إلا إذا عاد الجاني إلى الجزائر ولم يثبت أنه حكم عليه نهائيا في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم بالإدانة أنه قضى العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل العفو عنها ".

ونصت المادة 583 من ذات القانون على أن: "كل واقعة موصوفة بأنه جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أم في نظر تشريع القطر الذي ارتكبت فيه يجوز المتابعة من أجلها والحكم فيها في الجزائر إذا كان مرتكبها جزائريا".

فحتى يتم محاكمة جزائري عن جريمة ارتكبت في الخارج (الأخذ بمبدأ التطبيق الشخصي) يشترط ما يلي:

- أن يكون المتهم جزائريا متهما بارتكاب جناية أو جنحة.

- عودة المتهم إلى الجزائر قبل انقضاء الدعوى العمومية بالتقادم.

- أن لا يكون المتهم قد خضع لحكم في الخارج، لأنه لا يجوز معاقبة شخص مرتين على فعل واحد.

- تقديم شكوى من الطرف المضرور أو الإبلاغ من الجهات الرسمية للدولة التي ارتكبت فيها الجريمة.

الفرع الثالث: التطبيق العيني لقانون العقوبات (المادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية)

بالإضافة إلى الإستثناء السابق الإشارة إليه والذي يؤدي إلى تطبيق قانون العقوبات تطبيقا شخصيا فقد يؤدي الإستثناء هذا إلى تطبيق قانون العقوبات تطبيقا عينيا، أي سريان أحكامه على كل من يرتكب جريمة في الخارج تخل بأمن الدولة الجزائرية أو تمس بالثقة في عملتها النقدية عن طريق تزييفها، أو تخل بالثقة في أوراقها الرسمية بتزويرها، وذلك بغض النظر عن جنسية مقترف الجريمة جزائري أو أجنبيا.

والسبب في الأخذ بمبدأ العينية أن هذه الجرائم تمس بالمصالح الأساسية للدولة وقد لا يهم غيرها ملاحقة ومحاكمة المتهم على تلك الجرائم.

- في مجال تطبيق قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص: أجمعت القوانين والتشريعات المعاصرة على حق الأجنبي في التمسك بقانونه الشخصي إذا تعلق الأمر بالأحوال الشخصية (زواج، طلاق، ...)، كما يمتد قانون الدولة ليشمل رعاياها في الخارج بخصوص ذات الموضوع.

تناول القانون المدني الجزائري قواعد تنازع التشريعات من حيث المكان (قواعد الإسناد) في المواد من 09 إلى 24، وهي تتكفل ببيان القانون الواجب التطبيق على العلاقات الخاصة ذات العنصر الأجنبي التي تنظر أمام القضاء الوطني خاصة في مسائل الاحوال الشخصية.

وقواعد الإسناد يمكن أن تعين قانونا أجنبيا لتنظيم علاقة نشأت في الجزائر ويترتب على ذلك وجوب تطبيق القاضي الوطني لقانون أجنبي على النزاع المعروض أمامه ،وهو في ذلك تلقى الأمر بتطبيق القانون الأجنبي من قانونه الوطني لأن قواعد الإسناد قواعد وطنية.

ويعتبر تطبيق القانون الأجنبي خروجا عن مبدأ الإقليمية وأخذا بمبدأ السريان الشخصي لهذا القانون الأجنبي، وقد تعين قواعد الإسناد القانون الجزائري لتنظيم علاقة قانونية ناشئة خارج الإقليم الجزائري، ويكون ذلك أيضا خروجا عن مبدأ إقليمية القانون وتطبيقا لمبدأ الشخصية.

مثلا: لو حدث نزاع متعلق بالشروط الموضوعية لعقد الزواج فإن القاضي الجزائري حسب المادة 11 من القانون المدني  يلزم بتطبيق القانون الشخصي للزوجين، فإذا تزوج فرنسيان في الجزائر طبق على زواجهما القانون الفرنسي، كما تنص المادة 16 من القانون المدني على أن القانون الواجب التطبيق بشأن الميراث هو قانون المورث وقت موته، فإذا توفي اسباني في الجزائر، فإن القانون الإسباني هو الذي يطبق بشأن تركته، وهو استثناء من مبدأ الإقليمية.

مع الإشارة إلى أن تطبيق القانون الشخصي للأجنبي في مسائل الأحوال الشخصية، متوقف على عدم مخالفته للنظام العام لدولة القاضي، والا امتنع القاضي عن تطبيقه (المادة 24 من القانون المدني).

الآثار الشخصية والمالية التي يرتبها عقد الزواج (حسب المادة 12 من القانون المدني) يطبق قانون الزوج وقت الزواج.

ويسري على انحلال الزواج (حسب المادة 12 /2 من القانون المدني) قانون الزوج وقت رفع الدعوى.

أما الهبة والوصية والوقف فتخضع لقانون جنسية الواهب أو الهالك وقت إجرائها.

تطبيق1: -بتاريخ 12/02/2003 ارتكب محمد جريمة قتل بسيارته أثناء تواجده في تونس.

أي قانون يطبق؟

-على فرض أن محمد صدرت ضده عقوبة ولكن لم تنفذ بسبب فراره إلى الجزائر حيث قدمت ضده شكوى من طرف السلطات التونسية.

هل يختص قانون العقوبات الجزائري بهذه الجريمة؟ وعلى أي أساس؟

-على فرض أن هذه الشكوى المقدمة كانت بعد انقضاء الدعوى العمومية بالتقادم.

هل يمكن تطبيق قانون العقوبات الجزائري ضد محمد؟

-على فرض أن محمد الجزائري كان قد زور العملة الوطنية في تونس، وبرجوعه إلى الجزائر لم تقدم السلطات التونسية شكوى ضده.

هل يطبق القانون الجزائري؟ وعلى أي أساس؟

تطبيق2: أثناء تواجد (عمر) بالمغرب، ارتكب جنحة سرقة، قبض عليه وصدر ضده حكم بالحبس لمدة سنتين، قبل توقيع العقوبة عليه تمكن من العودة إلى أرض الوطن فقدمت السلطات المغربية شكوى ضده.

هل يمكن تطبيق قانون العقوبات الجزائري على هذه الجريمة؟ وعلى أي أساس؟

صدر ضد عمر حكم بالسجن من طرف محكمة الجزائر ولما علم بذلك الحكم فر إلى تونس.

أي قانون سيطبق عليه؟ وعلى أي أساس؟

المبحث الثالث: تطبيق القانون من حيث الزمان

إن قواعد التشريع لا تستقر على حال واحد، بل تلحقها يد التغيير بالإلغاء أو الإضافة كلما استجدت ظروف سياسية أو اجتماعية او اقتصادية وغيرها.

ويقصد بالنطاق الزمني للقانون: ذلك المجال الزمني الذي يتحدد بموجبه سريان التشريع منذ لحظة نفاذه إلى غاية لحظة إلغائه.

*التمييز بين تنازع القوانين من حيث المكان وتنازع القوانين من حيث الزمان: يتعين علينا قبل معرفة قواعد تنازع القوانين من حيث الزمان، التمييز بين تنازع القوانين من حيث المكان وتنازع القوانين من حيث الزمان.

وجه الشبه بينهما: إن وجه الشبه بين تنازع القوانين من حيث المكان وتنازع القوانين من حيث الزمان يكمن في أن الإشكالية التي يثور حولها التنازع واحدة وهي تحديد القانون الواجب التطبيق. فبخصوص تنازع القوانين من حيث المكان نحن أمام ظاهرة تعدد القواعد القانونية وتنوعها من حيث مضمونها، ونحن أمام احتمال تطبيق أكثر من قاعدة قانونية. وقد نظم المشرع الجزائري هذا التنازع في المواد من 09 إلى 24 من القانون المدني، وفيما يخص تنازع القوانين من حيث الزمان نحن أمام تعدد في القواعد القانونية وتنوع مضمونها في المكان الواحد من زمن إلى زمن.

وجه الإختلاف بينهما: رغم التشابه بين ظاهرة تنازع القوانين من حيث المكان وتنازع القوانين من حيث الزمان على النحو السابق شرحه، إلا أن الفر ق بينهما يكمن في أن تنازع القوانين من حيث المكان يقع بين قوانين صادرة عن دول مختلفة (فهو كما قال البعض تنازع بين السيادات)، فالمادة 11 من القانون المدني الجزائري تلزم القاضي بخصوص الشروط الموضوعية لعقد الزواج أن يطبق قانون كل من الزوجين، فإن كانا من جنسية مختلفة لجأ القاضي للقانونين معا، أما تنازع القوانين من حيث الزمان فهو يثور بين قوانين دولة واحدة.

المطلب الأول: إلغاء القوانين

الفرع الأول: المقصود بإلغاء القاعدة القانونية

وقف العمل بها وتجريدها من قوتها الملزمة، فقد تعمد السلطة المختصة لسبب من الأسباب إلى استبدال قاعدة قانونية بقاعدة أخرى، وقد تلجأ إلى الإستغناء عنها كليا دون إحلال قاعدة جديدة محلها.

إلغاء القاعدة القانونية يختلف عن إبطالها، الإلغاء، إلغاء قاعدة تشريعية صحيحة، إزالة أثرها بالنسبة للمستقبل فقط، أما الإبطال ينصب على قاعدة معيبة التكوين، إبطالها يزيل أثرها بالنسبة للماضي.

الفرع الثاني: السلطة التي تملك الإلغاء

السلطة التي تملك الإلغاء هي السلطة التي تملك سن القاعدة القانونية أو سلطة أعلى منها وقد رأينا من خلال دراستنا للمصادر أن القواعد القانونية التي تستمد قوتها من التشريع تحتل مكان الصدارة ثم تليها مبادئ الشريعة ثم العرف وترتيبا على ذلك لا يمكن إلغاء قاعدة تشريعية إلا بقاعدة تشريعية تساويها في القوة أو أعلى منها درجة. فلا يمكن إلغاء قاعدة دستورية إلا بقاعدة دستورية أخرى، ولا يمكن إلغاء تشريع عاد إلا بمثله ونفس الامر بالنسبة للتشريع الفرعي فلا يلغى الا بقاعدة قانونية تماثله في القوة أو أعلى منه درجة، وعليه:

- يتم إلغاء التشريع الأساسي بتشريع أساسي جديد.

- يتم إلغاء تشريع عادي أو عضو ي بتشريع عادي أو عضوي أو أساسي.

- يتم إلغاء تشريع فرعي بتشريع أساسي، تشريع عادي، أمر، تشريع عضوي أو لائحة أخرى.

- لا يمكن للعرف إلغاء قاعدة تشريعية.

ولا يسقط التشريع بإهماله أو عدم اعماله مدة طويلة من الزمن.

الفرع الثالث: صور الإلغاء

نصت المادة الثانية من القانون المدني: (لا يسري القانون إلى على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي ولا يجوز إلغاء القانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء.

وقد يكون الإلغاء ضمنيا إذا تضمن القانون الجديد نصا يتعارض مع نص القانون القديم أو نظم من جديد موضوعا سبق أن قرر قواعده القانون القديم).

من خلال النص أعلاه (المادة 02 من القانون المدني) يتضح أن للإلغاء صورتين هما: الإلغاء الصريح والإلغاء الضمني.

1/ الإلغاء الصريح: L’abrogation expresse: وله صورتان: 

أ/ النص صراحة على الإلغاء: يكون الإلغاء صريحا إذا صدرت قاعدة جديدة تقضي صراحة بهذا الإلغاء، مثال: ما نصت عليه المادة 223 من قانون الأسرة بقولها: (تلغى جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون)، وما نصت عليه المادة 41 من قانون الجنسية بقولها: "تلغى جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون"،  وما نصت عليه المادة 41 من قانون الجنسية الصادر بالأمر 70 /86 (15/12/1970) بقولها: "يلغى القانون 63 /96 المؤرخ في 27 مارس 1963 والمتضمن قانون الجنسية الجزائرية"، وما نصت عليه المادة 77 من الأمر رقم 66 /133 المؤرخ في 02 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العامة بقولها: "تلغى جميع النصوص التشريعية والتنظيمية المخالفة لهذا الأمر"، وما نصت عليه المادة 1064 من القانون 09 /08 المؤرخ في 25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية بقولها: "تلغى بمجرد سريان مفعول هذا القانون أحكام الأمر رقم 66 /154 ... ".

فالإلغاء الصريح يفصح فيه المشرع صراحة عن نيته في تجريد القواعد القانونية من قوتها الملزمة وعادة ما يستبدلها بقواعد أخرى، وقد يتغاضى عنها تماما دون استبدال.

ب/ توقيت سريان النص التشريعي لمدة معينة: (التشريع المؤقت loi temporaire): قد يحدث الإلغاء الصريح بصورة أخرى كأن ينص في التشريع على توقيت القاعدة القانونية بمدة معينة، كأن يتعلق بظرف الحرب أو الزلزال مثلا، وقد ينص في التشريع على العمل بقاعدة معينة إلى أن يتحقق أمر معين وفي هذه الحالة يصبح التشريع ملغى من تلقاء نفسه دون حاجة إلى نص جديد يلغيه إذا تحقق هذا الأمر (التشريع المؤقت).

2/ الإلغاء الضمني  L’abrogation Tacite :لا يتم فيه النص صراحة على الالغاء وانما يستخلص من موقف المشرع ومن ظروف الحال، وللإلغاء الضمني صورتين أيضا:

أ/ حالة تعارض بين قاعدة جديدة وقاعدة قديمة: عند صدور قاعدة جديدة تتعارض في مضمونها مع قاعدة قديمة بحيث يتعذر تطبيق القاعدتين معا لاختلاف مضمونهما، فإن ذلك يعني ضمنا أنه تم الإستغناء عن القاعدة القديمة، والتعارض الضمني بين قاعدتين يتخذ هو الآخر إحدى الصورتين:

-الصورة الأولى: التعارض الكلي بين القاعدة الجديدة والقاعدة القديمة: إذا كان التعارض كليا وتاما بين القاعدتين بحيث يستحيل التوفيق بينهما وتطبيقهما معا اعتبرت في هذه الحالة القاعدة القديمة ملغاة ضمنيا بالقاعدة الجديدة، والقاعدة : أن التشريع الجديد يلغي التشريع القديم فيما يقع بينهما من تعارض.

-الصورة الثانية: التعارض الجزئي بين القاعدة القديمة والجديدة: إذا كان التعارض جزئيا أي وقع في بعض الأحكام دون الآخر، فإن الإلغاء لا يكون إلا في حدود التعارض بين القديم والجديد أي يكون جزئيا، ويشترط لتطبيق هذا الحكم أن تعالج القاعدة الجديدة ذات الموضوع الذي مسته القاعدة القديمة فيعمل بقاعدة "الجديد يلغي القديم".

ب/ حالة إعادة تنظيم نفس الموضوع من جديد:قد يلجأ المشرع إلى إعادة تنظيم مسألة معينة دون أن يشير صراحة لإلغاء النصوص السابقة التي كانت تنظمها مما يعني ضمنا الإستغناء عن القواعد القديمة، مثلا: إصدار تنظيم جديد لتسيير البلدية يخالف التنظيم القديم ولم ينص المشرع في التنظيم الجديد على إلغاء التنظيم القديم صراحة، أو إصدار دستور جديد.

مثال: القانون 91  /10 المؤرخ في 21/04/1991 الذي يتعلق بالأوقاف مع أنه سبق أن نظم جانبا من الأوقاف بالمواد من 213 إلى 220 من قانون الأسرة، فتعتبر هذه المواد ملغاة ضمنيا.

المطلب الثاني: تنازع القوانين من حيث الزمان

لما كانت القوانين تنظم علاقات الأفراد وتحكم نشاطهم، ثار التساؤل عند تعديل التشريع أو إلغائه:

لأي قانون تخضع العلاقة هل للقانون القديم أو للقانون الجديد؟

ويحكم هذه المشكلة مبدئين هما: مبدأ عدم رجعية القوانين ومبدأ الأثر الفوري والمباشر للقانون.

الفرع الأول: مبدأ عدم رجعية القوانين (عدم رجعية التشريع الجديد)

يقصد به عدم سريان أحكامه على الماضي سواء بالنسبة للوقائع التي تكون قد حدثت أو المراكز القانونية التي تكون قد تكونت في ظل القانون السابق، أو بالنسبة للآثار التي ترتبت على تلك الوقائع أو المراكز القانونية في ظل هذا الأخير، وقد نصت على هذا المبدأ المادة الثانية من القانون المدني الجزائري بقولها: (لا يسري القانون إلا على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي ولا يجوز إلغاء القانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء...).

وهذا يعني أنه ليس للقانون آثار على وقائع حدثت في الماضي في ظل نص معين، فلا يتصور من حيث الأصل أن يصدر المشرع النص اليوم ليخاطب الأفراد ويحاسبهم على وقائع حدثت في الماضي. فهذا المبدأ تقرر بحسب الأصل لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم ويكون انحرافا عنه أن تسري القوانين على الماضي.

1/ الأساس الذي يستند إليه المبدأ: يقوم على الاعتبارات الآتية:

أ/ العدل: حيث أنه ليس من العدل في شيء أن نحاسب الأفراد عن تصرفات ووقائع حدثت في الماضي، لأنه لا يمكن لهؤلاء أن يتنبؤوا بما قد يصدره المشرع من قواعد في المستقبل، ولما استحال العلم تعين سريان القانون فقط على المستقبل لا على الماضي.

ففي مجال العقوبات مثلا إذا كان فعل معين لا يشكل جريمة في زمن معين، فإن جرمه المشرع في وقت لاحق فإن النص الجديد يسري فقط على المستقبل، لأن القول بخلاف ذلك يعني أن يد العقاب ستمس أفراد أبرياء لأنهم ارتكبوا هذا الفعل وقت أن كان مباحا ولا عقوبة عليه، وفي ذلك مساس بمقتضيات العدل، وفي المجال المالي ليس من العدل أن يصدر المشرع نصا اليوم يلزم الأفراد بدفع ضريبة أو رسم معين ليسري مجاله وامتداده على الوقائع التي حدثت في الماضي.

وبالتالي فإن مقتضيات العدالة تحتم أن يكون للقانون سريان فقط على الحاضر والمستقبل.

ب/ الحرص على استقرار المعاملات (دعم أسس النظام): يعتبر مبدأ عدم رجعية القوانين ضمانا لا غنى عنه لإرساء معالم النظام والإستقرار في المجتمع، لأن سريان القانون على الماضي يؤدي إلى إضطراب المعاملات وتداخلها بحكم إخضاع العلاقة الواحدة لقاعدتين مختلفتين.

2/ بعض تطبيقات المبدأ في القانون الجزائري:

- في المجال الجنائي: نصت المادة 58 من الدستور الجزائري على أن:"لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المجرم"، ونصت المادة الثانية من قانون العقوبات على ما يلي: "لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة"، من هذين النصين يتبين لنا أن الأصل في المجال الجنائي هو عدم رجعية القوانين (لأن القول بخلاف ذلك يترتب عليه المساس بمبدأ شرعية التجريم والعقاب والمساس بمقتضيات العدالة ذاتها).

- في المجال المالي: جاء في المادة 78 من الدستور:"لا يجوز أن تحدث أية ضريبة إلا بمقتضى القانون ولا يجوز أن يحدث بأثر رجعي أية ضريبة أو جباية أو رسم أو أي حق كيفما كان نوعه"، من النص يتضح أن المؤسس الدستوري رفع مبدأ عدم رجعية القوانين في المجال المالي إلى مصف المبادئ الدستورية فحظر على السلطة التشريعية سن قانون يلزم الأفراد بضرائب أو رسوم يكون لها أثر رجعي.

3/ الإستثناءات الواردة على المبدأ: إن مبدأ عدم رجعية القوانين رغم أهميته، يرد عليه عدة استثناءات تجعل من رجعية القانون في مواضع معينة أمرا مقبولا، وهذه الإستثناءات هي:

أ- القانون الجنائي الأصلح للمتهم: وهو ما تضمنته المادة الثانية من قانون العقوبات: (لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة)، وتطبيق القانون الأصلح للمتهم يكون عند إلغاء التجريم أو تخفيف العقاب فيكون من مصلحة المتهم أن يطبق عليه القانون الجديد بأثر رجعي مع أن الجريمة ارتكبت في ظل قانون قديم، فليس من الصالح العام عقاب الشخص على فعل أصبح مباحا أو معاقبته بعقوبة قد ظهرت شدَّتها فانتهى الأمر إلى تخفيفها.

ويجدر التمييز بين حالتين:

الحالة الأولى: إذا كان القانون الجديد يبيح الفعل الذي كان مجرما فإنه يطبق بأثر رجعي في جميع مراحل الدعوى العمومية، ويمحو أثر الحكم، أي أنه يمنع تنفيذ العقوبة ويفرج على المحكوم عليه إذا كان قد أمضى مدة في السجن (والحكمة من إقرار المبدأ أن العقوبة مقررة لمصلحة المجتمع، فإن رأت الجماعة ممثلة في السلطة التشريعية العدول عن تجريم الواقعة فلا جدوى من معاقبة الجاني ومطاردته عن فعل أصبح مباحا).

مثال: إذا منع المشرع على الأفراد التعامل بعملات أجنبية وأخضع الفعل لعقوبة ثم أباح ذات الفعل في زمن لاحق، فإن لهذه الإباحة سريان على الماضي لأنه لم يعد من مصلحة المجتمع أن تقيد حرية الفرد على فعل أصبح مباحا.

الحالة الثانية: إذا كان القانون الجديد قد خفف العقوبة وأبقى على التجريم، ففي هذه الحالة ينبغي أن نميز بين فرضيتين:

الفرضية الأولى: إذا كان المتهم لا يزال بعد في مرحلة التحقيق أو صدر ضده حكما غير نهائي فيكون من حقه الطعن بالإستئناف أو المعارضة أو النقض بحسب الحالات ليستفيد من القانون الجديد.

الفرضية الثانية: إذا كان الحكم الذي صدر ضد المتهم نهائيا أي غير قابل للطعن فيه بالطرق القانونية المعروفة فلا يستفيد من مبدأ تطبيق القانون الأصلح للمتهم.

ب- النص صراحة على سريان التشريع على الماضي: لاعتبارات موضوعية تتعلق بالنظام العام وبغرض تحقيق مصلحة اجتماعية، قد ينص التشريع على سريان أحكامه على الماضي بأثر رجعي، ومثال ذلك: ما نصت عليه المادة الأولى من الأمر رقم 71 /65 المؤرخ في 22 سبتمبر 1971 المتعلق بإثبات كل زواج لم يكن موضوع عقد محرر أو منسوخ في سجلات الحالة المدنية بقولها:"إن كل قران انعقد قبل صدور هذا الأمر ونتج عنه أولاد ولم يكون موضوعا لأي إجراء ولا لأي عقد محرر أو منسوخ في سجلات الحالة المدنية يمكن أن يسجل في سجلات الحالة المدنية..".

مثال: المادة 1003 من القانون المدني التي تقضي بسريان مفعول الأمر 75 /58 (26/09/1975) ابتداء من 05/07/1975، أي تطبيقه بأثر رجعي، ونفس الأمر ينطبق على المادة 842 من القانون التجاري 75 /59 التي قضت بسريانه بأثر رجعي.

جـ- إذا كان القانون الجديد قانونا تفسيريا (تطبيق التشريعات التفسيرية بأثر رجعي): قد يحمل التشريع عبارات غامضة يصعب معرفة مقصد المشرع من خلالها، لذا يلجأ أحيانا إلى إصدار تشريعات تفسيرية لرفع اللبس على النصوص فيكون لها أثر على الماضي، لأنها جاءت لتكشف عن مضمون النص الأصلي، فالتشريعات التفسيرية لا تأتي بأحكام جديدة بل هي شارحة للنص القديم، ومجرد تكملة له فيجوز أن تطبق بأثر رجعي من تاريخ صدور النص محل التفسير. مع الإشارة إلى أن هذا الإستثناء لقي معارضة من جانب الفقه وذلك لسببين:

أولهما: قلة التشريعات التفسيرية.

ثانيهما: أن التفسير عمل معقود للسلطة القضائية، وفي هذا المجال يرى الفقيه روبييه أن التشريعات التفسيرية فضلا عن ندرتها في العصر الحديث فهي لا تستند إلى أساس سليم، فالقضاء هو صاحب الإختصاص الأصلي في تفسير القانون طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات وقد أثبت قدرته في حسم أكبر المنازعات صعوبة ودقة، كما أن تعدد المجالس التشريعية قد يعيق هذا الأمر، فينفي وجود إرادة واحدة لأن الجهة القائمة بتفسير النص قد لا تكون هي نفس الجهة التي أصدرت النص.

الفرع الثاني: مبدأ الأثر المباشر أو الفوري للقانون الجديد

أي تطبيق التشريع الجديد بأثر فوري مباشر على كل ما يقع بعد نفاذه حتى لو كان مترتبا على وقائع أو مراكز نشأت تحت سلطان القانون القديم، وبالتالي يقف العمل بالتشريع السابق الذي صدر التشريع الجديد لتعديله أو إلغائه، وذلك لمنع استمرار سريان التشريع القديم بعد نفاذ التشريع الجديد.

حيث يرى أصحاب النظرية الحديثة أن مبدأ عدم رجعية القوانين لا يكفي لوحده لحسم مسألة تنازع القوانين من حيث الزمان، وانما يحتاج إلى مبدأ آخر يكمله هو مبدأ الأثر المباشر أو الفوري للقوانين، وتطبيقا لهذا المبدأ الأخير فإن القانون الجديد يسري بأثر فوري مباشر على المراكز الجارية سواء كانت في طور التكوين أو في طور الإنقضاء، أو في سبيل إنتاج آثارها، حيث تنص المادة الثانية من القانون المدني على أنه: (لا يسري القانون إلا على ما يقع في المستقبل ولا يكون له أثر رجعي).

1/ بعض تطبيقات المبدأ: ينطبق المبدأ على المراكز القانونية التي هي في طريقها إلى التكوين، ومثال ذلك:

أ/ الوصية: من أبرز الأمثلة التي حوتها مختلف كتب الفقه بشأن المراكز القانونية ذات التكوين المتتابع الوصية، فهي تتكون على مرحلتين، الأولى تحرير الوصية في ظل القانون القديم وحدثت الوفاة في ظل القانون الجديد، فإن تطبيق مبدأ الأثر المباشر والفوري يترتب عليه إعمال الأحكام التالية:

- تخضع صحة الوصية من ناحية الشكل للقانون القديم الذي تم تحريرها في ظله فلا يؤدي القانون الجديد إلى إبطال وصية كانت صحيحة من حيث الشكل طبقا للقانون القديم، لأن الشكل يرتبط بالقانون المعمول به ساعة القيام بالتصرف.

- أما من حيث الموضوع فإن الوصية تخضع للقانون المعمول به وقت الوفاة فإذا وقع تغيير في مقدارها (المقدار الذي تخضع له الوصية) وجب تطبيق ما جد من مقدار.

ب/ التقادم: يعتبر التقادم وسيلة لاكتساب الملكية وهو وسيلة أيضا لانقضاء الحقوق الشخصية وبعض الحقوق العينية ويطلق على النوع الأول التقادم المكسب والثاني التقادم المسقط، والتقادم يتطلب مضي فترة من الزمن فهو من المراكز القانونية المتسلسلة وطول مدة التقادم قد يتخللها صدور قانون جديد يطيل مدة التقادم مثلا أو يقصر فيها، ففي هذه الحالة يخضع التقادم كقاعدة عامة من حيث تقريره ومدته وشروطه للقانون الجديد.

2/ الإستثناء الوارد على المبدأ (إمتداد التشريع القديم): قد يستمر تطبيق القانون القديم حتى بعد نفاذ القانون الجديد على جميع الآثار التي ترتبها الم اركز العقدية التي تكونت في ظل القانون القديم، أي أن القانون القديم يخترق الحاجز ويمتد أثره ليدخل في منطقة نفوذ القانون الجديد، وهو ما عبر عنه الفقه بالأثر المستمر للقانون القديم.

ويقتصر مجال الإستثناء على مراكز تم إنشاؤها بمقتضى عقود تم إبرامها في ظل التشريع القديم، أي المراكز العقدية الجارية التي تكونت في ظل القانون القديم وظلت قائمة منتجة لآثارها بعد نفاذ التشريع الجديد، فإذا صدر قانون جديد يخفض من نسبة الفوائد الإتفاقية فإنه لا يمس المراكز التي أبرمت في ظل القانون القديم، بل يظل سلطان هذا الأخير ممتدا لما بعد صدور القانون الجديد تطبيقا للاستثناء الوارد على مبدأ الأثر الفوري للقانون.

وتبدو الحكمة في قصر مجال الإستثناء على العقود في أن المتعاقدين حينما يقدمان على إبرام العقد إنما يضعان بعين الإعتبار القانون المعمول به ساعة التعاقد ويفرض كل طرف شروطه على أساس هذا القانون، ومن ثم فإن تغييره في وقت لاحق قد يهز المراكز العقدية إذا تضمن النص الجديد أحكاما مخالفة للنص القديم ومس الوعاء العقدي.

الفرع الثالث: الحلول التشريعية لبعض مسائل تنازع القوانين من حيث الزمان

إضافة إلى القانون الجنائي الأصلح للمتهم، وضع المشرع الجزائري حلولا لبعض حالات تنازع القوانين من حيث الزمان وردت في المواد 06، 07 و08 من القانون المدني:

1/ تنازع القوانين في مسألة الأهلية: نصت المادة السادسة من القانون المدني (تعديل 2005) على أنه: "تسري القوانين المتعلقة بالأهلية على جميع الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها، واذا صار شخص توفرت فيه الأهلية بحسب النص القديم ناقص الأهلية طبقا للنص الجديد فلا يؤثر ذلك على تصرفاته السابقة".

فعملا بمبدأ فورية القوانين فإن أحكام الأهلية تسري في الحال بأثر مباشر ولا تمس التصرفات التي عقدها الراشدون في ظل القانون القديم، فتبقى صحيحة حتى ولو رفع القانون الجديد سن الرشد بالنسبة لهم فصاروا قصرا.

2/ تنازع القوانين بخصوص أحكام التقادم: نصت المادة 07 من القانون المدني (تعديل 2005) على أنه:"تطبق النصوص الجديدة المتعلقة بالإجراءات حالا، غير أن النصوص القديمة هي التي تسري على المسائل الخاصة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه فيما يخص المدة السابقة على العمل بالنصوص الجديدة".  ومنها يتضح أن القانون الجديد المعدل لمدة التقادم ينطبق بأثر فوري على كل تقادم بدأ فيظل القانون القديم ولم يكتمل إلا في ظل القانون الجديد، وهنا ينبغي التمييز بين حالتين بخصوص تعديل أحكام التقادم.

أ/ الحالة الأولى: حالة زيادة التشريع الجديد مدة التقادم: لا يثير تطبيق القانون الجديد أية صعوبة في المجال العملي إذا تضمن زيادة في مدة التقادم كأن يرفعها من 15 إلى 20 سنة وقد انقضى منها 10 سنوات، ففي هذه الحالة لا يكتمل التقادم إلا باكتمال المدة المنصوص عليها في التشريع الجديد، إعمالا للأثر المباشر للتشريع الجديد، مع احتساب المدة التي انقضت في ظل التشريع القديم ، أي بعد انقضاء 10 سنوات في المثال السابق.

ب/ الحالة الثانية: حالة تخفيض التشريع الجديد مدة التقادم: ينبغي التمييز بين صورتين:

- الصورة الأولى: إذا كان الباقي من المدة التي يتطلبها القانون القديم أطول من مدة التقادم التي أقرها القانون الجديد بأكملها، ففي هذه الحالة يطبق القانون الجديد ويصرف النظر عن المدة التي انقضت في ظل القانون القديم، وهذا يعني أن مدة التقادم ستبدأ في السريان طبقا للقانون الجديد.

فلو فرضنا مثلا: أن مدة التقادم التي فرضها القانون القديم هي 15 سنة ومدة التقادم في ظل القانون الجديد هي 10 سنوات فإذا أمضى الحائز ثلاث سنوات وصدر النص الجديد، فإنه يسري في حقه القانون الجديد ويصرف النظر عن المدة التي قضاها في ظل القانون القديم.

- الصورة الثانية: إذا كان الباقي من المدة التي يتطلبها القانون القديم أقصر من المدة التي قررها القانون الجديد، ففي هذه الحالة يتعين تطبيق القانون القديم إعمالا للإستثناء الوارد على مبدأ الأثر الفوري للقانون وهو الأثر المستمر للقانون القديم.

مثال: إذا كان القانون القديم يجعل مدة التقادم 15 سنة وصدر بعده قانون يخفِضها إلى 10 سنوات وأمضى المعني أي الحائز 10 سنوات فهنا المدة المتبقية وهي 05 سنوات أقل من مدة التقادم الجديدة، لذا وجب أن يمتد القانون القديم في السريان تجسيدا للإستثناء الوارد على مبدأ الأثر الفوري وهو استمرارية تطبيق القانون القديم (الأثر المستمر للقانون القديم) وهو ما أشارت إليه صراحة المادة السابعة من القانون المدني الجزائري في صياغتها الجديدة بعد تعديل 2005.

3/ تنازع القوانين بخصوص الإثبات: نصت المادة الثامنة من القانون المدني الجزائري تعديل 2005 على أنه: "تخضع الأدلة المعدة مقدما للنصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده".

فإذا كان المشرع في مرحلة معينة يعترف بحجية العقد العرفي، فإن غير النص أو استبدل الدليل القديم (الورقة العرفية) بالدليل الجديد (الورقة الرسمية مثلا)، فإن حجية الورقة العرفية تظل قائمة طالما أعدت في زمنها ولا تنسفها الورقة الرسمية، ومثل ذلك بالنسبة لأدلة الإثبات الأخرى، وتطبيقا لهذا النص إذا أحدث القانون الجديد وسيلة إثبات أو ألغى وسيلة قديمة أو عدلها تشديدا أو تخفيفا، فإنه في جميع الأحوال لا يسري على الماضي لأن العبرة بالقانون الذي نشأ في ظله التصرف.

فالتشريع واجب التطبيق على قواعد الاثبات من حيث الزمان هو التشريع الذي كان ساريا وقت نشوء الحق المراد اثباته، فلو كان التشريع يجيز الاثبات بشهادة الشهود مثلا، جاز هذا الاثبات ولو كان التشريع الجديد وقت رفع الدعوى لا يجيز الاثبات الا بالكتابة.

تطبيق: لم تقم شركة (ش.ت.ت.ص) وهي شركة تجارية، بدفع الضرائب المستحقة عن السنة المالية 1982 في وقته، صدر قانون المالية لسنة 1983 حيث رفع الضرائب المفروضة على ذلك النوع من الشركات التجارية، فطبقت مديرية الضرائب المادة 49 من قانون المالية لسنة 1983 وفرضت ضرائب مرتفعة على هذه الشركة حسب ما ينص عليه التشريع الجديد عن السانية المالية الماضية.

رفعت الشركة التجارية دعوى قضائية تطالب فيها بتخفيض نسبة الضرائب حسب ما ينص عليه قانون المالية لسنة 1982.

- حدد الإشكال الذي تثيره الوقائع المذكورة؟

- ما رأيك في تطبيق مديرية الضرائب للمادة 49 من قانون المالية لسنة 1983؟

- كيف سيكون حكم المحكمة؟

المرجع:

  1. د. علال ياسين، مطبوعة بيداغوجية بعنوان: نظرية القانون، محاضرات ألقيت على طلبة السنة الأولى جذع مشترك، جامعة 8 ماي 1945 – قالمة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم القانونية والإدارية، السنة الجامعية 2019/ 2020، ص78 إلى ص103. 
google-playkhamsatmostaqltradent