مفهوم القانون التجاري

مفهوم القانون التجاري

مفهوم القانون التجاري

إن القانون التجاري فرع من فروع القانون الخاص ظهر كقانون مستقل عن القانون المدني في نهاية القرن التاسع عشر، تحت تأثير الحاجة الاقتصادية والرغبة في إفراد قانون يهتم بالتجار وبالأعمال التجارية. إن قواعد القانون التجاري تتطور مع مرور الزمن تماشيا مع تطورات الحياة الاقتصادية.

إستلزم ظهور هذا الفرع القانوني، الذي كان يسمى في بداياته ب jus ou consuetudo " mercatorum" ، نظرا لتطبيقه على فئة التجار، إصدار نصوص صريحة لتطبيقها على هذه الفئة من الأشخاص و على فئة معينة من الأعمال ألا و هي الأعمال التجارية. 

سنتناول تعريف القانون التجاري ومصادره من مصادر رسمية ومصادر احتياطية (مبحث أول) ثم نستعرض في المبحث الثاني خصائص هذا القانون ونطاقه.

المبحث الأول: تعريف القانون التجاري ومصادره

يقال عن القانون التجاري أنه قانون استثنائي (Droit d’exception) رغم أنه تابع للقانون المدني الذي يعد الشريعة العامة له. حاول الفقه، من جيل رواد المدرسة التحليلية، وضع تعريف للعمل التجاري وللقانون التجاري مقترحا جملة من الضوابط يتم على ضوئها تعريف هذا القانون، لكن كل هذه المقترحات الفقهية لم تسلم من النقد مما صعب الوصول الي تعريف مضبوط للقانون التجاري. 

هذه الصعوبة لم تمنع من ابداء تعريفات للقانون التجاري رغم أن هذه التعريفات أعيب عليها أنها غير جامعة وغير مانعة (مطلب أول). لهذا القانون مصادر عديدة ومتعددة تنقسم الى مصادر رسمية ومصادر احتياطية نستعرضها بالتفصيل في المطلب الثاني.

المطلب الأول: تعريف القانون التجاري وظروف ظهوره

كون التجارة تلعب دوار هاما في الحياة الاقتصادية، كان لابد من وضع نظام قانوني ينظم هذا المجال. هذا ما أدى إلى ظهور القانون التجاري كوليد البيئة التجارية وكرد للمتطلبات الاقتصادية. بعد ان نتعرض الى التعريف الذي استقر عليه الفقه لإعطائه لهذا القانون (فرع أول)، نستعرض التطورات التاريخية التي رافقت ظهور هذا القانون (فرع ثاني). 

الفرع الأول: تعريف القانون التجاري

ظهر القانون التجاري للوجود كقانون مستقل عن القانون المدني الذي كان شريعته العامة، تحت ضغط الحاجة الاقتصادية والضرورة العملية التي إستلزمت إخضاع فئة معينة من المعاملات (الأعمال التجارية) وفئة معينة من الأشخاص (التجار) لنظام قانوني خاص يتفق مع مقتضيات التجارة ومطالبها. 

إستقر الفقه على تعريف القانون التجاري بأنه: "فرع من فروع القانون الخاص يشمل على مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم طائفة معينة من الأشخاص وهم التجار وطائفة معينة من الأعمال وهي الأعمال التجارية".

هناك تعريفات اخرى للقانون التجاري منها ما يعبر عن اتجاه خاص بصاحبها كتعريف ريبر Ripert الذي يعتبر القانون التجاري بأنه: "القانون الذي ينظم العمليات القانونية التي يقوم بها التجار فيما بينهم أو بينهم و بين عملائهم" ومنها ما هو صحيح في جملته لكن ينقصه بعض التحديد والضبط كما هو عليه  الحال بالنسبة للتعريف الذي أعطاه الأستاذين لاقارد Lagarde وحامل Hamel والذي يعتبر القانون التجاري بأنه "قانون للأعمال".

الفرع الثاني: ظهور القانون التجاري

كانت التجارة مهنة حقيرة في العصور القديمة تحترف فقط من طرف العبيد والأجانب هذا ما أدى الى عدم ظهور قانون تجاري ككيان مستقل إلا في عهد قريب. لكن هذا لا يمنع من العثور لدى الشعوب القديمة على بعض القواعد التجارية التي لا يزال العمل بها الى حد الان.

أما في العصور الوسطى ونتيجة سقوط الامبراطورية الرومانية، تقلصت حركة التجارة الداخلية والدولية وطغى نظام الاقتصاد المغلق والمحصور. لعبت الكنيسة في أوروبا دور غير مباشر في تطوير القانون التجاري إذ منعت قرض المال بفائدة، هذا ما دفع أصحاب رؤوس الأموال الى البحث عن وسيلة أخرى لاستثمار اموالهم. عرفت العصور الوسطى ظهور القانون التجاري بمعناه المعروف اليوم، إذ وضعت القواعد التجارية في حي Calle-mala والذي يعني الحي السيئ وهو الشارع الذي كانت تجتمع فيه أكبر طائفة للتجار. كان التجار يجتمعون أيضا في المدن الإيطالية ويتضامنون فيما بينهم حتى أصبح لهم نفوذ قوي وكانوا يكونون طوائف معينة لكل تجارة وكل طائفة تنتخب رئيسا لها يسمى القنصل ويتولى الفصل في المنازعات بين التجار وبين من يقومون بالأعمال التجارية حتى وإن لم يكونوا تجارا. هكذا أنشأ تجار المدن الإيطالية قضاء تجاري مستقل عن القضاء العادي.

بعد ذلك ظهرت عدة أسواق في مختلف نواحي أوروبا (خاصة في فرنسا وألمانيا) إنتشرت فيها عادات وأعراف تعامل بها التجار الى أن اصبحت قواعد قانونية تستعمل في جميع الأسواق.

تميزت العصور الحديثة بامتداد الحركة التجارية الى حوض المتوسط والى الموانئ الأوروبية المطلة على المحيط الأطلنطي، اضافة الى تدفق المعادن الثمينة في الأسواق الاوروبية مما أدى الى انهيار ثمنها. كل هذا أدى الى اضمحلال الطابع الدولي للقانون التجاري ومهد لمرحلة تقنينه.

ظهرت الحاجة الى تقنين القانون التجاري نظرا لعدم الاستقرار الاقتصادي الذي ساد في القرن التاسع عشر وهذا في ظل النظام الحر.

يرجع أول تقنين للقانون التجاري الفرنسي الذي استنبط منه المشرع الجزائري الحيز الأكبر من القواعد الى عهد لويس الرابع عشر الذي أصدر أمرا ملكيا للقضاء على الفوضى القانونية السائدة في ذلك الوقت والناتجة عن تعدد الأعراف والعادات في المدن بين مختلف المقاطعات الفرنسية، فشكل لجنة من الخبراء كان من أبرز أعضائها جاك صافاري Jacques Savary، قامت بتحريات حول مختلف الأعراف الى أن توصلت الى وضع أول تقنين للتجارة البرية سنة  1673 وسمي بتقنين صافاري.

عرف هذا التقنين تعديلات عديدة تحت تأثير الحركة الاصلاحية التي عرفتها البلاد في القرن الثامن عشر و تحت تأثير إفرازات الثورة الفرنسية لسنة 1789.

المطلب الثاني: مصادر القانون التجاري

يقصد بمصدر القانون المنبع الذي استمدت منه مواده وأحكامه أو بمعنى اخر بماذا تأثر المشرع قبل وضعه لقواعد ذلك القانون. كغيره من فروع القانون، للقانون التجاري مصادر ومنابع مختلفة. تنقسم هذه المصادر إلى نوعين: مصادر رسمية، يجب على القاضي الاستناد عليها عند دراسة القضايا المطروحة أمامه، ومصادر تكميلية أو تفسيرية يجوز للقاضي الاسترشاد بها لكنه غير ملزم بإتباعها أي يجوز له صرف النظر عنها.

الفرع الأول: المصادر الرسمية للقانون التجاري

يقصد بها تلك المصادر التي توصف بالقوية والتي يجب على القاضي الإستناد إليها حسب ترتيبها عند دراسته للقضايا المطروحة أمامه، وهذه المصادر هي:

أولا: التشريع (القانون)

يعتبر التشريع أو القانون الذي تصدره الهيئات المختصة (رئيس الجمهورية، الحكومة، البرلمان) أول وأهم مصدر للقانون التجاري في الجزائر. يستمد القانون التجاري الجزائري مصدره من الأمر رقم 75-59 الصادر في 26 جويلية 1975 المتضمن القانون التجاري والذي شهد العديد من التعديلات آخرها سنة 2015 بموجب القانون رقم 15-20. تنظم مهنة التجارة أيضا بالقانون المتعلق بالسجل التجاري.

ثانيا: مبادئ الشريعة الإسلامية

ينص القانون الجزائري على أنه في حالة غياب نص قانوني فعلى القاضي الاستناد إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لحل النازع المطروح أمامه. هذا ما يعطي للشريعة الإسلامية صفة المصدر الرّسمي الثاني للقانون التجاري بعد التشريع. يقصد بمبادئ الشريعة الإسلامية تلك الأحكام المستقاة من الكتاب (القرآن الكريم)، من السنة النبوية، من الإجماع ومن القياس.

ثالثا: العرف والعادات التجارية

يقصد بالعرف اعتياد الناس على اتباع سنة أو نظام معين في العمل، بحيث تنشأ عن تواتر العمل بهذه السنة قاعدة يشعر الناس بإلزامها. يعرف العرف أيضا بأنه تلك القاعدة أو السنة ذاتها التي تحمل إعتقاد الناس بأنهم ملزمون على اتباعها في العمل. من أمثلة العرف في المواد التجارية البيع بالعربون في بعض الأسواق خاصة أسواق السيارات المستعملة.

أما العادات التجارية فيقصد بها تلك القواعد التي اعتاد الأفراد إتباعها في معاملاتهم التجارية دون أن تصل إلى درجة الإلزام القانوني، ولذلك لا نطبق العادة التجارية إلا في حالة اتفاق المتعاقدين صراحة أو ضمنيا على الأخذ بها. لذا لا تطبق العادة في حال جهل الأطراف بوجودها، بخلاف العرف الذي يطبق على الأطراف ولو لم يعلموا بوجوده ما لم يتفقوا على استبعاده صراحة. 

بالتالي فالعادة التجارية لا تطبق إلا إذا اثبت من يتمسك بها وجودها واتفاق الأطراف على الأخذ بها. عندما يطبق القاضي العادة يعتبرها قرينة على إرادة الأطراف على تطبيقها ولو أرادوا غير ذلك لأفصحوا عما يخالف ذلك وعلى من يحتج بالعادات تقديم الدليل على وجودها. من أمثلة العادات التجارية السائدة عندنا ما جرى عليه العمل من اتباع مسلك معين في حزم البضائع أو تقديرها وزنا أو قياسا أو ما جرت عليه العادة في تحديد مدة معينة لفحص البضائع في بعض البيوع التجارية.

من أهم الانتقادات التي يمكن توجيهها للعرف والعادات التجارية هي أن قواعدهما غامضة كونها غير مكتوبة، أن قواعدهما لا تعطي إجابات قانونية لمعظم المسائل الهامة مثل صحة التعاقد والأهلية.

الفرع الثاني: المصادر المكملة (التفسيرية)

يقصد بها تلك المصادر التي يجوز للقاضي الاستناد عليها لكنه غير ملزم بإتباعها وبالتالي يمكن له صرف النّظر عنها وتتمثل هذه المصادر في الفقه والقضاء.

أولا: الفقه

يقصد به آراء الفقهاء ورجال القانون ونظرياتهم المستخلصة من تحليلهم ومعالجتهم لمختلف القواعد القانونية والأحكام القضائية المتعلقة بالمسائل التجارية. ان للفقه دور كبير في تكوين قواعد القانون التجاري عن طريق مساهمته في تفسير أحكام القانون وشرح الغموض التي تظهر على نصوصه.

لكن اذا كان للفقه دوار في انشاء قواعد القانون التجاري فدوره محدود جدا في تطوير هذه القواعد التي تتأثر فقط بتطور الحياة الاقتصادية

ثانيا: القضاء

وهو مجموعة المبادئ التي قررتها الجهات القضائية (المحاكم والمجالس القضائية...) في أحكامها وقراراتها، ولما كانت نصوص القانون التجاري تعجز عن ملاحقة التطور المستمر في الحياة التجارية فقد بذل القضاء جهدا كبيرا لسدّ هذا النّقص والتوفيق بين تلك النّصوص والتطور الذي لحقته التجارة.

يعتبر القضاء في الأنظمة الأنجلوساكسونية من أهم المصادر الرسمية نظرا لاستناد القضاء كثيرا الى ما يسمى بالسابقة القضائية (précédent judiciaire) في جزء كبير من أحكامه و مفادها أن الجهات القضائية المختصة للنظر في نزاع معين أن تكون مجبرة لإعطاء النزاع ذات الحل الذي اعطي في الماضي لنزاع مشابه. هذا الأمر يستتبع حتما تقيد المحاكم الابتدائية بالجهات القضائية الأعلى منها درجة

المبحث الثاني: خصائص القانون التجاري ونطاقه

رغم استقلاله الحديث عن القانون المدني، يتميز القانون التجاري بالعديد من الصفات التي تميزه عن القوانين الأخرى (مطلب أول). ان تحديد نطاق القانون التجاري ليس بالمسألة السهلة نظرا لتنازع تيارين متعارضين وهما التيار المرتكز على المعيار الموضوعي والتيار الذي يركز رأيه على الأخذ بالمعيار الشخصي (مطلب ثاني).

المطلب الأول: خصائص القانون التجاري

يتميز القانون التجاري بالعديد من الخصائص التي من شأنها أن تبرر عدم تطبيق القانون المدني في الحياة التجارية ومن هذه الخصائص يمكن أن نذكر:

الفرع الأول: السرعة

على عكس الأعمال المدنية التي تتصف بالبطء حيث أنّه قبل إبرام العقد يجب المناقشة، تبادل الآراء، التدقيق، احترام الشكليات... فإن الأعمال التجارية تتسم بالسّرعة باعتبارها تتكرر في حياة التاجر ولكونها تزد على منقولات متجدّدة الاستهلاك، معرضة للتلف...الخ.

الفرع الثاني: الائتمان والثقة

إن أغلب العمليات التجارية تتم بتأجيل الدّفع سواء بين التجار أنفسهم أو بين التجار والبنوك هذا ما يجعل التجار يرتبطون بروابط متتابعة مما يخلق لديهم الثقة والائتمان هذا ما يترجم على قواعد القانون التجاري التي لا تتطلب الكثير من الإجراءات كما هو الحال في القوانين الأخرى.

الفرع الثالث: قانون حديث النشأة وسريع التطور

بالمقارنة مع القانون المدني فإنّ القانون التجاري هو قانون حديث النشأة ولم يظهر للوجود كقانون مستقل إلاّ في عهد قريب تحت تأثير المتغيرات الاقتصادية. يعد القانون التجاري أيضا قانونا متطوّرا وفي حركة مستمرة وقواعده عرضة للتعديلات والتتميمات تحت تأثير تطور الحياة التجارية، فنجد حاليا مثلا العديد من القواعد التي تنظم التجارة الإلكترونية وهي أحكام لم تكن فيما قبل.

الفرع الرابع: توسع رقعة النظام العام فيه

يقصد بفكرة النظام العام وجود قواعد آمرة لا تقبل مخالفتها من طرف الأفراد، القانون التجاري، ورغم احتوائه للعديد من القواعد المكملة، إلاّ أنّه تكثر فيه القواعد الآمرة وذلك نظرا لما تتطلبه الرغبة في حماية الأنظمة الاقتصادية وحماية حركة رؤوس الأموال.

المطلب الثاني: نطاق القانون التجاري

يتنازع معيارين لتحديد نطاق القانون التجاري وهما المعيار الموضوعي (فرع أول) والمعيار الشخصي (فرع ثان). إلا أنه لا يمكن الأخذ بأحد المعيارين على حدى فنجد أن المشرع الجزائري مزج لدى وضعه لقواعد القانون التجاري بين المعيارين (فرع ثالث).

الفرع الأول: المعيار الموضوعي 

يتجه جانب من الفقه الى تحديد العمل التجاري استنادا الى معايير موضوعية يمكن جمعها في معياري التداول والمضاربة.

وفقا لهذا المعيار يطبق القانون التجاري على الأعمال التجارية حتى لو كان القائم بها غير تاجر، ويطبق القانون المدني على الأعمال المدنية حتى لو كان القائم بها تاجرا . يعد القانون التجاري في ظل هذا المعيار قانون الأعمال التجارية لا قانون التجار. قيل في تبرير هذا المعيار أنه كان أكثر تماشيا مع فكرة المساواة بين المواطنين ومبدأ حرية التجارة الذي يسمح لكل فرد أن يزاول العمل التجاري مما يستلزم خضوع هذا العمل لأحكام القانون التجاري.

يبرر أنصار هذا المعيار طرحهم بأن الأعمال التجارية لم تعد حكرا على التجار بعد تعميم الأخذ بالأساليب التجارية في التعامل بين المواطنين كالأعمال المصرفية و استعمال الأوراق التجارية اذ ليس من المنطق أن يطبق على أعمال من طبيعة واحدة أحكام مختلفة لمجرد اختلاف صفة الشخص القائم بها وأن هذا الأساس هو الذي يتفق أكثر مع مبدأ المساواة أمام القانون.

الفرع الثاني: المعيار الشخصي

يعتمد هذا المعيار في تحديد نطاق القانون التجاري على شخص التاجر بغض النظر عن طبيعة العمل الذي يقوم به. ان هذا الطرح جاء كنتيجة لاستخلاص أن دور الأعمال التجارية في الحياة العملية لم يفلح في تحديد العمل التجاري وتمييزه عن غيره من الأعمال. بحسب أنصار هذا المذهب فان القانون التجاري ينظم مهنة التجار، فهو قانون مهني ينظم نشاط محترفي التجارة وبذألك فان نقطة البداية في هذا المذهب بتحديد الحرف التجارية والأشخاص المنتسبين اليها.                                                         

ومن بين الحجج التي استند اليها أنصار هذا الرأي الحجة القانونية، ومقتضاها أن غالبية الأحكام التي قررها التقنين الجديد لا تجد تبريرا لها إلا في فكرة المهنة التجارية، كالأحكام الخاصة بالقيد في السجل التجاري وامساك الدفاتر التجارية.

الفرع الثالث: موقف المشرع الجزائري من النظريتين

إن تأثر القانون التجاري الجزائري بالقانون الفرنسي جعله يأتي أيضا مؤسسا على النظرية المادية التي جاء بها القانون التجاري الفرنسي الصادر عام 1807 والذي كان يبدو أمام واضعيه أن مبادىء الثورة المتعلقة بمساواة الجميع أمام القانون ومبدأ حرية التجارة والصناعة لا يتناسب مع إلاحتفاظ بقانون طائفي يرتبط بطبقة معينة، فالقانون التجاري يجب أن يكون على وجه الخصوص قانون الأعمال التجارية وتعريف التاجر يتم عن طريق ما يباشره من أعمال.

يبدو ذلك واضحا من نص المادة 2 من القانون التجاري الجزائري والتي جاءت بتعداد بعض الأعمال التجارية ومنها المنفردة كالشراء لأجل البيع والسمسرة والوكالة بالعمولة فهي تجارية مهما كانت صفة الشخص الذي يقوم بها.

أخذ المشرع بالنظرية الشخصية فيما يخص الأعمال التجارية بالتبعية، اذ تكتسب الأعمال المدنية الصفة التجارية لصدورها من تاجر لحاجات تجارية وتخضع بالتالي للقانون التجاري، رغم كونها في الأصل تصرفات مدنية. يتضح من ذلك أن شخصية القائم بهذه الأعمال هي التي تحدد طبيعته التجارية أو المدنية. على العموم، أخذ المشرع الجزائري لتطبيق أحكام القانون التجاري النظرية المادية مع اضافة بعض أحكام النظرية الشخصية.

المرجع:

  1. د. مصاد رفيق، محاضرات في مقياس القانون التجاري، موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس حقوق، جامعة أكلي محند أولحاج- البويرة- ، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية: 2019/2020، ص4 إلى ص15. 
google-playkhamsatmostaqltradent