مفهوم التاجر والتزاماته القانونية

مفهوم التاجر والتزاماته القانونية

مفهوم التاجر والتزاماته القانونية

المبحث الأول: مفهوم التاجر

تستند العديد من القوانين التجارية عبر العالم في تحديدها لصفة التاجر الى العمل التجاري الممارس. هذا ما يشكل ربطا وثيقا بين المعيارين الأساسيين اللذان ينبني عليهما القانون التجاري ألا وهما الأعمال التجارية والتاجر.

إختلفت التشريعات في تحديد تعريف مدقق لمصطلح التاجر (مطلب أول) الذي يحتاج لاستيفاء شروط عديدة لاكتساب هذه الصفة (مطلب ثاني). سنتطرق في المطلب الثالث الى سرد طائفة الأشخاص الممنوعين من ممارسة التجارة (مطلب رابع).  

المطلب الأول: تعريف التاجر

لقد كانت هناك عدة تعريفات لمصطلح التاجر، إلاّ أنها لم تتمكن من رصد تعريف شامل وعام له، فيعرف المشرع الفرنسي التجار بأنهم: "أولئك الذين يمارسون الأعمال التجارية ويجعلونها حرفة معتادة لهم. تأثر المشرع الجزائري بهذا التعريف وأسقطه في المادة الأولى من القانون التجاري والتي تعتبر تاجر كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له.

المطلب الثاني: شروط إكتساب صفة التاجر

من نص المادة الأولى من القانون التجاري نستنتج أنّ المشرع الجزائري يضع شرطان لاكتساب صفة التاجر وهما: مباشرة الأعمال التجارية واحتراف الأعمال التجارية. يضيف الفقه شرطان آخران وهما توفر الأهلية التجارية وقيام التاجر بالأعمال التجارية لحسابه الخاص.

الفرع الأول: مباشرة الأعمال التجارية

لاكتساب صفة التاجر، يشترط في الشّخص أن يباشر الأعمال التجارية المنصوص عليها في القانون التجاري، وما أضافه الفقه والقضاء باستثناء الأعمال التجارية بالتبعية (التي لا يقوم بها إلا المتمتع بصفة التاجر). فبالتالي فإن كل شخص يمارس عمل تجاري سواء منفرد أو في شكل مقاولة يعد مكتسبا لصفة التاجر.

الفرع الثاني: إحتراف الأعمال التجارية

 يعد الإحتراف عنصر هام في إكتساب صفة التاجر وذلك طبقا لنص المادة الأولى من القانون التجاري " ... و يتخذه حرفة معتادة له". يقصد بإحتراف الأعمال التجارية أن يباشر الشخص، بصفة منتظمة ومستمرة، التجارة ويتخذها مهنة ومصدر رزق له.

يبدأ احتراف الشخص لمهنة التجارة بمزاولة أول عمل يتعلق بتجارته بما في ذلك الأعمال التحضيرية وينتهي الإحتراف باعتزال التجارة أو موت التاجر.

الفرع الثالث: توفر الأهلية التجارية

لا نجد في القانون التجاري أي نص يحدد السّن القانونية لممارسة التجارة، هذا ما يدفع بنا إلى الرّجوع إلى القواعد العامة أي إلى القانون المدني. طبقا للمادة 40 من هذا القانون فسن الرّشد محددة بـ 19 سنة كاملة، وبالتالي فإن كل شخص بالغا لهذا السّن وغير مصاب بإحدى عوارض الأهلية (الجنون، السّفه...)، يحق له أن يكتسب صفة التاجر.

استثناءا للقاعدة العامة، يسمح المشرع الجزائري ،طبقا للمادة 5 من القانون التجاري، للقاصر البالغ 18 سنة ممارسة التجارة وذلك بعد حصوله على إذن من الأب أو من الأم أو من مجلس العائلة مصادق عليه من طرف المحكمة يسمى الشخص المستفيد من هذا الاجراء بـ "القاصر المرشد".

لا تعد المرأة المتزوجة  والتي تباشر التجارة لمساعدة زوجها تاجرة طبقا لنص المادة 7 من القانون التجاري، وإذا أرادت اكتساب صفة التاجر عليها ممارسة التجارة بصفة مستقلة عن زوجها وهذا بإتباع كل الإجراءات القانونية المطلوبة.

فيما يخص أهلية الشخص الأجنبي لممارسة التجارة فتكون ببلوغه سن الرشد حسب قوانين بلده الأصلي (تطبيقا للمبدأ الشخصي). إستثناء لذلك، فإن التصرفات المالية التي يقوم بها الأجنبي في الجزائر وتنتج آثارها في الجزائر تخضع للقوانين الجزائرية المتعلقة بالأهلية.

فيما يخص أهلية الشخص الإعتباري فان هذا الأخير يتمتع، وفقا لنص المادة 50 من القانون المدني، بأهلية في الحدود التي يعنيها عقد إنشائه، أو التي يقررها القانون على ضوء ذلك، فإن الشخص الإعتباري يتمتع بالأهلية اللازمة لمباشرة الأعمال المدنية والتجارية التي خلق من أجل تحقيقها. يجب أن نوضح في هذا المقام أن أهلية الشخص الاعتباري محددة في الأعمال الموضحة في عقد انشائه وهو بالتالي غير مؤهل للقيام بإعمال تخرج عن هذا النطاق فمثلا شركة تجارية مختصة بصناعة الأجر غير مؤهلة لصنع مواد الخزف والسيراميك.

الفرع الرابع: ممارسة التاجر للأعمال التجارية لحسابه الخاص

لا يكفي لاكتساب صفة التاجر القيام بالأعمال التجارية على وجه الاحتراف وأن تتوفر لدى الشّخص الأهلية التجارية اللازمة بل يجب أن يقع العمل على وجه الاستغلال للحساب الشّخصي هذا ما ينفي صفة التاجر على عمال المراكز التجارية أو مستخدمي الشركات التجارية الذين وان يقومون بعمل تجاري لكن بفعل أن تربطهم برب العمل رابطة تبعية يخضعون فيها لتعليماته و أوامره وأن العمل يقام بحساب الغير فذلك يعطي صفة التاجر فقط للمستخدم Le patron)).

تطبيقا لقاعدة ممارسة التجارة للحساب الخاص، يعد مستأجر المحل التجاري الذي يباشر إدارته تاجرا لأنه يدير المشروع مستقلا عن المؤجر، كما أنه يتحمل خسائره وتعود عليه أرباحه، أما علاقته بالمؤجر فهي علاقة يحكمها عقد إيجار المحل التجاري وليست علاقة تبعية ناشئة عن عقد عمل.

نفس الشيء ينطبق على الوكيل بالعمولة (من أمثال وكلاء الفنانين واللاعبين المحترفين الذين يطلق عليهم بالفرنسية إسم les managers)، الذي يعتبر تاجرا لأنه يتعاقد باسمه الشخصي أمام الغير وإن كان لا يتعاقد لحسابه وهو بذلك يختلف عن الوكيل العادي الذي يتعاقد باسم غيره أمام الغير وفي حدود الأوامر الصادرة له من الموكل. كذالك السمسار يعد تاجرا لأنه يباشر عمله مستقلا عمن يتوسط لصالحهم في التعاقد، كما أنه لا يتعاقد بإسم الغير أو لحساب الغير في عقود السمسرة التي يجريها مع عملائه راغبي التعاقد.

المطلب الثالث: الأشخاص الممنوعين من ممارسة التجارة

إن بلوغ سن الرشد و عدم اعتراض الأهلية قد لا يكفيان لاكتساب صفة التاجر وهذا في حالة ما كان الشخص الراغب في مزاولة التجارة تحت طائلة أحد عناصر المنع من ممارسة التجارة. فما هي الحالات التي يمنع فيها على الشخص مزاولة النشاط التجاري؟

الفرع الأول: أصحاب المهن الحرة والموظفون العموميون

إن القوانين الخاصة بهذه المهن تفرض على المنتسبين لهذه القطاعات عدم ممارسة التجارة، فينطبق هذا الإجراء سواء على المحامين، الأطباء... أو على موظفين مثل أعوان الشرطة ،المنتسبين الى الجيش، القضاة، الولاة ،الوزراء، الموظفون السامون في الادارات العمومية... إلخ.

الفرع الثاني: الأشخاص الذين أشهر إفلاسهم ولم يرد اعتبارهم

من بين أثار شهر إفلاس تاجر منعه من ممارسة الأعمال التجارية، لكن في حالات معينة يمكن للتاجر استعادة هذا الحق وهذا في حالة حصوله على حكم برد الاعتبار.

الفرع الثالث: الأشخاص المحكوم عليهم من طرف القضاء

ويعني هذا الاجراء كل الأشخاص الذين حكمت عليهم الجهات القضائية بعقوبات سالبة للحرية في جنح أو جنايات لمدة حبس تفوق 3 أشهر بالسرقة، خيانة الأمانة وكذا الأشخاص المحكوم عليهم في جنح أو جنايات متعلقة بالتهرب أو الغش الجنائي أو بعقوبات متعلقة بجرائم اقتصادية بصفة عامة.

المبحث الثاني: التزامات التاجر

تقع على التاجر عدة التزامات مباشرة مع اكتسابه صفة التاجر. سندرس في ما يلي التزامين أساسيين يقعان على التاجر وهما الإلتزام بمسك الدفاتر التجارية (مطلب أول) والالتزام بالتسجيل في السجل التجاري (مطلب ثاني).

المطلب الأول: الالتزام بمسك الدفاتر التجارية (Les livres de commerce)

إن الالتزام بمسك الدفاتر التجارية فرضه المشرع الجزائري في المواد 9 و 10 من القانون التجاري. تنقسم هذه الدفاتر إلى عدة أنواع منها الاجبارية ومنها الاختيارية (فرع أول). إن لمسك الدفاتر التجارية اهمية كبيرة في حياة التاجر (فرع ثاني) لهذا قرر المشرع العديد من الجزاءات ضد كل تاجر لا يمتثل لهذا الالتزام (فرع ثالث). 

الفرع الأول: أنواع الدفاتر التجارية

يلتزم التاجر بمسك دفترين اجباريين وهما دفتر اليومية (1) ودفتر الجرد (2).

أولا: دفتر اليومية (Le livre journal)

يلتزم كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر بمسك دفتر لليومية يسجل فيه يوما بيوم عمليات المقاولة. على التاجر أن يراجع على الأقل نتائج هذه العمليات شهريا بشرط أن يحتفظ بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة تلك العمليات.

ثانيا: دفتر الجرد (Le livre inventaire)

يجب على التاجر، حسب المادة 10 من القانون التجاري، أن يجري سنويا جردا لعناصر مقاولته وأن يقفل كافة حساباته بقصد إعداد الميزانية وحساب النتائج. تنسخ بعد ذلك هذه الميزانية وحساب النّتائج في دفتر الجرد.

يمسك دفتر اليومية ودفتر الجرد بحسب التاريخ وبدون ترك بياض أو تغيير من أي نوع كان أو نقل إلى الهامش وترقم صفحات كل من الدّفترين ويوقع عليهما من طرف قاضي المحكمة أو من عون مفوض حسب الإجراء المعتاد.

بالإضافة إلى الدفترين المذكورين أعلاه، يلتزم التجار بالقيام أو بتكليف شخص آخر للقيام بالتحقيق في حساباتهم وحواصلهم والتصديق عليها، حسب الأشكال التي نص عليها القانون، والقيام بعملية النّشر المنصوص عليها قانونا تحت مسؤوليتهم المدنية والجزائية. إن الإعلانات المنشورة بانتظام هي وحدها التي لديها حجية أمام المحاكم وأمام الإدارات العمومية.

الفرع الثاني: أهمية مسك الدفاتر التجارية

يعود مسك دفاتر تجارية منتظمة بفائدة كبيرة سواء على التاجر أو على المصالح المختلفة للدولة. تظهر الأهمية خصوصا فيما يلي: 

- تهدف هذه الدفاتر إلى ضبط تطور الذمة المالية للتاجر بطريقة موضوعية وطبقا للتقنيات التنظيمية كما تسهل المأمورية للشركاء في شركة تجارية لمعرفة وضعية شركتهم.

- يجوز للقاضي قبول الدفاتر التجارية المنتظمة كإثبات بين التجار بالنسبة للأعمال التجارية ولا يمكن التقديم أمام القضاء إلاّ الدفاتر التي تراعى فيها الأوضاع القانونية مثل كيفية الكتابة، التأريخ، عدم الشطب...

- يجوز للقاضي أن يأمر، و لو من تلقاء نفسه، بتقديم الدفاتر التجارية أثناء نشوب نزاع وذلك بغرض إستخلاص ما يتعلق بهذا الخلاف (المادة 16 ق ت ج).

الفرع الثالث: الجزاءات المترتبة على عدم مسك الدفاتر التجارية

إن عدم امتثال التاجر للالتزام المتعلق بمسك الدفاتر التجارية تترتب عنه العديد من الجزاءات سواء مدنية أو جزائية.  

أولا: العقوبات المدنية

- إذا لم يمسك التاجر دفاتر تجارية منتظمة فلا يعتد بها في الإثبات لمصلحته إذا وقع في نزاع مع تاجر اخر بل يؤخذ بها على أنها قرائن وعناصر في الاثبات وليس كأدلة كاملة وهو ما أشارت اليه المادة 14 من القانون التجاري.

- إن إدارة الضرائب تصبح مجبرة على فرض ضرائب جزافية على أرباح التاجر ذو الدفاتر الغير منتظمة.

- يحرم التاجر، الذي لا يمسك دفاتر تجارية منتظمة، من الإستفادة من الصلح الواقي من الإفلاس في حالة التوقف عن تسديد ديونه، وهذا لصعوبة تحديد مركزه المالي كما لا يستفيد من هذا الاجراء نظرا لعدم إنطباق صفة حسن النية عليه نتيجة إهماله وتقصيره في مسك الدفاتر.

ثانيا: العقوبات الجزائية 

يتضح لنا من خلال دراسة المواد 370 /6، 371 /5، 374 و 378/ 5 من القانون التجاري أن المشرع الجزائري حدد بصفة صريحة عقوبة الافلاس بالتقصير أو الإفلاس بالتدليس كعقوبة ضد كل تاجر لم يلتزم بمسك دفاتر تجارية منتظمة أو أخفى بعض الحسابات.

المطلب الثاني: الالتزام بالقيد في السجل التجاري 

يقصد بالتسجيل في السجل التجاري، بمفهوم القانون رقم 04/ 08 المتعلق بممارسة الأنشطة التجارية، كل قيد أو تعديل أو شطب يحدثه التاجر بمعية مصالح المركز الوطني للسجل التجاري. ان هدا الالتزام يقع على كل الاشخاص المحددين قانونا (فرع أول). عرف نظام السجل التجاري تطورا مستمرا منذ الاستقلال (فرع ثاني) حتى أصبح يؤدي وظائف متفرعة (فرع ثالث). إن القيد في السجل التجاري تترتب عنه العديد من الاثار (فرع رابع) كما قررت العديد من العقوبات ضد الأشخاص الذين لا يمتثلون لهذا الإلتزام (فرع خامس).

الفرع الأول: الأشخاص الملزمين بالقيد في السجل التجاري

إن القيد في السجل التجاري يعد من بين الالتزامات الواقعة على التجار بمقتضى المادتين 19 و 20 من القانون التجاري. يقع هذا الإلتزام على كل شخص طبيعي له صفة التاجر في نظر القانون الجزائري وممارسا أعماله التجارية داخل القطر الجزائري وعلى كل شخص معنوي تاجر بالشّكل أو يكون موضوعه تجاريا، ومقره في الجزائر أو كان له في الجزائر مكتب أو فرع أو أي مؤسسة كانت.

الفرع الثاني: التطور القانوني لتنظيم السجل التجاري في الجزائر

ظلت القوانين الفرنسية المنظمة للتجارة وبالخصوص للسجل التجاري والصادرة قبل إلاستقلال سارية المفعول إلى غاية صدور القانون التجاري الجزائري في جويلية من عام 1975. تلى صدور هذا النص الجوهري صدور العديد من القوانين الأخرى وخاصة تلك المتعلقة بتنظيم السجل التجاري.

مر نظام السجل التجاري بمرحلتين. تميزت الأولى (1975-1990) بإتخاذ المشرع الجزائري لموقف وسطي بين التشريعات التي تعتبر السجل التجاري وظيفة إدارية، كما هو عليه الحال التشريع الفرنسي، وبين التشريعات التي تعتبر السجل التجاري وظيفة إشهارية لفائدة الغير يشرف عليها قاضي مختص كما إتجه إليه التشريع الألماني.

بدأت هذه المرحلة بصدور أول نص منظم للسجل التجاري ألا وهو المرسوم رقم 79-15 الصادر في 25 جانفي 1979 المتضمن تنظيم السجل التجاري والذي ألغي بموجب المرسوم رقم 83-258 الصادر في 16 أفريل 1983 يتعلق بالسجل التجاري. تلا هذين النصين المرسوم رقم 88-229 الصادر في 5 نوفمبر 1988 يتضمن تخفيف شروط التسجيل في السجل التجاري.

مع تجسيد التحول الاقتصادي مع بداية التسعينات والإبتعاد عن الإقتصاد الموجه لصالح اقتصاد السوق، عرف نظام السجل التجاري تحولا ملحوظا بدا بإصدار المرسوم رقم 90-22 الصادر في 18 أوت 1990 يتعلق بالسجل التجاري، الذي تلاه القانون رقم 91-14  الصادر في 14 سبتمبر 1991 المتعلق بالسجل التجاري.

تعديل القانون التجاري سنة 1996 رافقه صدور العديد من النصوص المنظمة للسجل التجاري من بينها الأمر رقم 96/07 الصادر في 10 جانفي 1996 المنظم للمركز الوطني للسجل التجاري والمرسوم التنفيذي رقم 4 أولا:97 الصادر في 8 جانفي 1997 المتعلق بشروط  القيد  في السجل التجاري، الملغى  بموجب المرسوم التنفيذي رقم 15/111 المؤرخ  في 3 مـايـو سـنـة 2015 المحدد لكيفيات الـقـيـد والـتـعـديل والشطب في السجل التجاري.

الفرع الثالث: وظائف السجل التجاري

يتمتع النظام الوطني للسجل التجاري بعدة وظائف تتأحرج بين الوظيفة القانونية والسماح لصاحبه باكتساب صفة التاجر إلى الوظيفة الاحصائية والسماح للدولة بمعرفة عدد المتدخلين في الحقل التجاري. يهدف السجل التجاري أيضا الى تجميع البيانات الاحصائية عن التجار وتمكين الدولة من خلال بيانات السجل التجاري معرفة أوجه النشاط إلاقتصادي التي تحتاج الى تشجيع. كما يستعمل هذا السجل كوسيلة هامة للشهر سواء للتجار أنفسهم أو في علاقتهم بالغير.

أولا: الوظيفة القانونية

إن القيد في السجل التجاري يكسب الشخص (طبيعيا كان أم معنويا) صفة التاجر. إضافة لذالك فإن القيد في السجل التجاري يمكن كل صاحب مصلحة من معرفة البيانات التي يريدها عن التاجر الذي يرغب في التعامل معه مستقبلا من خلال البيانات المقيدة في السجل التجاري. يساعد القيد في السجل التجاري من الحد من المنافسة غير المشروعة، ويعد شرطا لازما لحماية الاسم التجاري كما يحقق إستقرار المعاملات وتدعيم إلائتمان.

ثانيا: الوظيفة الاحصائية

يعد السجل التجاري أداة احصائية هامة للدولة تتمكن من خلاله معرفة وحصر بشكل دقيق عدد التجار ،سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو شركات تجارية.  لهذا الغرض، يشترط القانون أن تكون البيانات التي تدون في السجل التجاري صحيحة وتعبر عن حقيقة نشاط التاجر ،لذلك يطلب من التجار اعطاء المستندات الدالة عليها مع إخضاعها للتحقق و الفحص.

قصد تحقيق هذا الهدف وضعت الدولة هيكلا متكونا من المركز الوطني للسجل التجاري (CNRC) يوجد في العاصمة ويوضع تحت مراقبة ومتابعة وزارة التجارة و مراكز محلية متواجدة في كل ولاية. يشرف على السجل التجاري المحلي مأمور يعينه مدير المركز الوطني للسجل التجاري.

ثالثا: الوظيفة التخطيطية

يملك المركز الوطني للسجل التجاري قاعدة بيانات احصائية عن التجار وعن المشاريع التجارية، تمكن الدولة من معرفة أوجه النشاط الاقتصادي التي تحتاج الى تشجيع لتنميتها بذلك تستطيع الدولة رسم السياسة الاقتصادية وتوجيه الاقتصاد الوطني.

رابعا: الوظيفة الاستعلامية

يعد السجل التجاري وسيلة أساسية وهامة للشهر والعلانية سواء للتجار أنفسهم أوفي علاقة التجار بالغير. يقدم السجل التجاري خدمة لكل من يتعامل مع التاجر سواء بائع أو مقرض ويمكنه من معرفة أحواله ونشاطه التجاري ومركزه المالي، قبل أن يقدم على التعامل معه وذلك بالرجوع للبيانات المتعلقة بالتاجر المبينة في السجل، خاصة بعد إعتماد السجل التجاري الإلكتروني.

الفرع الرابع: الآثار المترتبة على القيد في السجل التجاري

ينجر عن الامتثال للالتزام المتعلق بالقيد في السجل التجاري العديد من الاثار أولها إكتساب صفة التاجر (1) إضافة لاكتساب الشركة للشخصية المعنوية (2) مباشرة بعد القيد يسلم للتاجر سجلا تجاريا واحدا يذكر رقمه في كل معاملاته (3).

أولا: إكتساب صفة التاجر

من بين الآثار المترتبة عن التسجيل في السجل التجاري اكتساب صفة التاجر إزاء القوانين المعمول بها والخضوع لكل النّتائج النّاجمة عن هذه الصّفة (م 21. ق.ت.ج). فبالنسبة للأشخاص الطبيعيين التسجيل يكسبهم صفة التاجر وينجر عن ذلك التمتع بكل الحقوق التي تنجم عن هذه الصفة إضافة إلى الخضوع لكل الالتزامات الناجمة عن هذه الصّفة (مثل الالتزامات الضريبية...).

لا يمكن لغير المسجلين بعد انقضاء مهلة الشهرين أن يتمسكوا بصفتهم كتجار أمام الغير أو أمام الإدارات العمومية إلاّ بعد تسجيل أنفسهم، غير أنّهم لا يمكن لهم الاستناد إلى عدم التسجيل في السجل التجاري بقصد التهرب من بعض المسؤوليات والواجبات الملازمة لهذه الصّفة (م22).

ثانيا: اكتساب الشركة للشخصية المعنوية

بالنسبة للأشخاص المعنوية، فبالإضافة لاكتساب صفة التاجر فان التسجيل في السجل التجاري كاف لاكتساب الشخصية المعنوية والتي تمنح للشخص المعنوي حرية التصرف مثل شخص طبيعي كحرية التعاقد، التوظيف اكتساب ذمة مالية...

نصت المادة 549 من القانون التجاري أنه لا تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية إلا من تاريخ قيدها بالسجل التجاري. فقيد الشركة في السجل التجاري يعتبر بمثابة شهادة ميلاد لها، لأن بموجب هذا القيد تصبح لديها الأهلية التي تسمح لها بمزاولة نشاطاتها التجارية.

ثالثا: تسليم التاجر سجلا تجاريا واحدا و ذكر رقم السجل في معاملات التاجر

لا يسلم للتاجر إلا سجلا تجاريا واحدا، طبقا لنص المادة 16 من قانون السجل التجاري، ولا يمكن للإدارات أن تطلب من التاجر صورا أو نسخا من السجل التجاري إلا في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة. يمكن للتاجر اصدار مستخرج السجل التجاري بواسطة اجراء الكتروني وهذا حسب ما نصت عليه المادة 5 مكرر من القانون رقـم 13-06 المؤرخ في 23 يـولـيو سـنة 2013 يـعـدل ويـتمم الـقانون رقم 04-08 المؤرخ في 14 غشت سنـة 2004 والمتـعـلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية.

إن ذكر رقم سجله التجاري واجب على التاجر في مختلف تعاملاته التجارية، طبقا للمادة 27 من القانون التجاري و التي تنص: "يجب على كل شخص طبيعي او معنوي مسجل في السجل التجاري أن يذكر في عنوان فواتيره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو على كل المراسلات الخاصة بمؤسسته  الموقعة عليه منه وباسمه مقر المحكمة التي وقع فيها التسجيل بصفة اصلية ورقم التسجيل الذي حصل عليه.".

الفرع الخامس: الجزاءات المترتبة على مخالفة أحكام السجل التجاري

نظرا لأهمية القيد في السجل التجاري وبغرض الحد من التجارة الفوضوية والتجارة المستترة، اعتمد المشرع الجزائري عديد الجزاءات ضد الاشخاص المخالفين لأحكام القوانين والتنظيمات المتعلقة بالسجل التجاري.

أولا: الجزاءات المدنية

- طبقا لنص المادة 22 من القانون التجاري لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري والذين لم يبادروا بتسجيل أنفسهم عند انقضاء مهلة الشهرين أن يتمسكوا بصفتهم كتجار لدى الغير أو لدى الادارات العمومية إلا بعد تسجيلهم كما لا يمكن لهم الإستناد لعدم تسجيلهم في السجل بقصد تهربهم من المسؤوليات والواجبات الملازمة لهذه الصفة.

- لا يمكن للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للتسجيل في السجل التجاري، أن يحتجوا تجاه الغير المتعاقدين معهم بسبب نشاطهم التجاري أو لدى الإدارات العامة، بالوقائع موضوع الإشارة المشار إليها في المادة 25 وما يليها، إلا إذا كانت هذه الوقائع قد أصبحت علنية قبل تاريخ العقد بموجب إشارة مدرجة في السجل ما لم يثبتوا بوسائل البينة المقبولة في مادة تجارية أنه في وقت إبرام إلاتفاق ،كان أشخاص الغير من ذوي الشأن ،مطلعين شخصيا على الوقائع المذكورة. 

- يبقى التاجر مسؤولا عن التزاماته في حالة التنازل عن المحل التجاري أو في حالة توقفه عن نشاطه التجاري ولا تخلى مسئوليته إلا ابتداء من اليوم الذي وقع فيه إما الشطب و اما الإشارة المطابقة و اما الإشارة التي تتضمن وضع المتجر على وجه تأجير التسيير.       

ثانيا: الجزاءات الجنائية:

- تعاقب المادة 27 من القانون التجاري بغرامة مالية كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري ولم يذكر في عنوان فواتيره أو طلباته أو تعريفاته أو نشرات الدعاية أو على كل المراسلات الخاصة بمؤسسته والموقعة منه أو باسمه، مقر المحكمة التي وقع فيها التسجيل بصفة أصلية ورقم التسجيل الذي حصل عليه.

- تعاقب المادة 28 من القانون التجاري كل شخص طبيعي أو معنوي ،غير مسجل في السجل التجاري و يمارس بصفة عادية نشاطا تجاريا. إضافة الى ذالك، تأمر المحكمة بتسجيل الاشارات أو الشطب الواجب في السجل التجاري خلال مهلة معينة وعلى نفقة المعني.

المرجع:

  1. د. مصاد رفيق، محاضرات في مقياس القانون التجاري، موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس حقوق، جامعة أكلي محند أولحاج- البويرة- ، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية: 2019/2020، ص38 إلى ص55. 
google-playkhamsatmostaqltradent