التكييف القانوني للانتخاب

التكييف القانوني للانتخاب

التكييف القانوني للانتخاب

لقد أدت النقاشات حول مفهوم السيادة وحدودها الدستورية والسياسية في حقل القانون الدستوري إلى بروز تيارين٬ التيار الأول المؤمن بأن الشعب هو المصدر الوحيد للسيادة٬ يعتبر الانتخاب حق يكتسبه الفرد بمجرد اكتسابه للمواطنة٬ أمّا التيار الثاني صاحب نظرية سيادة الأمة٬ يعتبر الانتخاب وظيفة وليس مكسب طبيعي٬ لقد اختلفت الآراء الفقهية حول الطبيعة القانونية للانتخاب.

فهناك من اعتبره حق يتمتع به كل مواطن٬ كما ظهر اتجاه آخر يعتبره وظيفة يلزم المواطن بأدائها٬ كما ظهر رأي راجح كيّفه على أساس أنه حق منظم من قبل القوانين.

1: الانتخاب حق شخصي

يرى أنصار هذا الاتجاه أن الانتخاب حق لكل مواطن ويتمتع به كل باعتباره من الحقوق الطبيعية التي لا يمكن حرمان أحد من مزاولته٬ والانتخاب حق هو نتيجة لسيادة الشعب باعتبار أن لكل فرد جزء من السيادة يمارسها عن طريق انتخاب ممثله٬ كما أنه لكي يحقق ذلك يجب أن يكون الاقتراع عام وليس مقيد٬ أي لكل الأفراد٬ كما أن هذا الحق يمنح للأفراد كل حرية مزاولته أو في استعماله أو عدم استعماله دون أن يجبره احد على ذلك.

2: الانتخاب وظيفة

يرتكز هذا الرأي على وحدة السيادة وعدم قابليتها للتجزئة٬ وبالتالي الانتخاب وظيفة وليس حق٬ فالمواطنون يمارسون وظيفة كلفوا بها من قبل الأمة التي لها الحق في تحديد من يمارس تلك الوظيفة وليست ممنوحة لجميع المواطنين.

وبالتالي الانتخاب وفقا لهذه النظرية اقتراع مقيد٬ أي تقييد الانتخابات بشروط معينة سواء من حيث الثروة أو الكفاءة العلمية٬ كما يكون للأمة حق إلزام الأفراد على مباشرة الانتخاب.

3: الانتخاب حق ووظيفة

يجمع بين الرأيين معا٬ أي أن الانتخاب حق ووظيفة٬ أي هذا الرأي حول الجمع بين مميزات الحق ومميزات الوظيفة.

فالانتخاب يعتبر حقا شخصيا تحميه الدعوى القضائية في البداية٬ أي عند قيام الناخب بقيد إسمه في جدول الانتخابات ولكنه يتحول إلى مجرد وظيفة تتمثل في الاشتراك في تكوين الهيئات العامة في الدولة.

يذهب هذا الاتجاه إلى القول بأن الانتخاب حق ووظيفة٬ ويفسر هذا الرأي بأن الانتخاب حق فردي٬ ولكنه يعتبره وظيفة واجبه الأداء في نفس الوقت هذا القول مردود عليه لأنه لا يمكن الجمع بين هاتين الصفتين المتعارضتين في لحظه واحدة٬ بل يتم الجمع بينهما بشكل متتابع.

4: الانتخاب سلطة قانونية

إنّ الرأي الأول٬ ينقد على أساس أن الانتخاب رغم أنه حق يمكن للمشرع أن يقيده و ينظمه٬ أمّا الرأي الثاني الذي يقول أن الانتخاب وظيفة لا يمنع المشرع أيضا في توسيعه إلى أكبر عدد من المواطنين باسم المصلحة العامة٬ ولهذا ظهر رأي راجح في الفقه المعاصر الذي يكيّف الانتخاب على أنه سلطة قانونية  يقررها المشرع للمواطنين المشاركة في اختيار السلطات العامة في الدولة٬ والغاية من ذلك تحقيق المصلحة العامة٬ والقانون هو الذي يتولى تحديد مضمون هذه السلطة وشروط استعمالها بالنسبة لجميع المواطنين.

فنجد قوانين الانتخابات في الدول تحدد شروط ممارسه هذا الحق منها شرط السن٬ التمتع بالحقوق السياسية والمدنية٬ شرط الأهلية٬ شرط الجنسية...الخ.

المرجع:

  1. د. خلوفي خدوجة، محاضرات في مقياس القانون الدستوري والنظم السياسية، مطبوعة موجهة لطلبة السنة الأولى ليسانس جذع مشترك، جامعة أكلي محند أولحاج البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية: 2019 – 2020، ص18 إلى ص20. 
google-playkhamsatmostaqltradent