القضاة، التعيين والضمانات

القضاة، التعيين والضمانات

القضاة، التعيين والضمانات
تقتصر دراسة هذا المبحث على تعيين القضاة، والضمانات التي كلفها المشرع لفائدتهم من أجل تمكينهم من أداء واجبهم في مواجهة سلطات الدولة الأخرى والخصوم.

المطلب الأول : تعيــيين القضــــاة.

يمكن التمييز بين مسألتين هما: طريقة التعيين، والشروط الواجب توافرها لذلك.

أولا : طريقـــة التعييــن

يتم اختيار القضاة طبقا لأحكام القانون العضوي رقم 04/11 المتضمن القانون الأساسي للقضاء عن طريق التعيين، وهي الطريقة المتبعة في منظم التشريعات المعاصرة، ويتم التعيين بمرسوم رئاسي، بناء على اقتراح من وزير العدل، وبعـد مداولة المجلس الأعلى للقضاء .

ثانيا : شروط التوظيـــف

ثمة جملة من الشروط يتطلبها القانون للمشاركة في مسابقة الالتحاق بالوظيفة القضائية، تتعلق بكون المترشح متمتعا بالجنسية الجزائرية، وأن يكون من حاملي شهادة الليسانس في الحقوق والشريعة الإسلامية بعد المعادلة، وأن يكون مستوفيا لباقي الشروط الأخرى ، التي يتطلبها القانون لشغل مختلف المناصب الإدارية ، لاسيما بلوغ  المترشح سن 23 سنة على الأقل وأربعين سنة على الأكثر، والإعفاء من التزامات الخدمة الوطنية، وتوفر شروط الكفاءة  البدنية لممارسة الوظيفة ، والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية والسمعة الطيبة.
غير انه واستثناء من تلك الأحكام، فانه يمكن وطبقا لنص المادة 41 من نفس القانون، تعيين القضاة مباشرة بصفتهم مستشارين بالمحكمة العليا أو مجلس الدولة، بناء اقتراح من وزير  العـدل وبعد مداولة المجلس الأعلى للقضاء على ألا تتجاوز هذه النسبة 20 بالمائة من عدد المناصب المالية المتوفرة بالنسبة لحاملي الدكتوراه بدرجة أستاذ التعليم العالي في الحقوق أو الشريعة ، والقانون أو العلوم المالية أو الإقتصادية أو التجارية ، والذين مارسوا على الأقل في الاختصاصات ذات الصلة بالميدان القضائي لمدة 10 سنوات ، وكذلك المحامين المعتمدين لدى المحكمة العليا ، الذين مارسوا فعليا ولنفس المدة على الأقل بهذه الصفة.

المطلب الثاني : ضمانات القضـــاة

لقد أحاط المشرع القاضي بجملة من الضمانات القانونية ، تكفل حمايته في مواجهة السلطات  الأخرى في الدولة من جهة ، وفي مواجهة  المتخاصمين من جهة أخرى، بل ثمة ضمانات أخرى ترمي إلى حمايته حتى من نفسه

أولا: ضمانات القاضي في مواجهة  السلطات العام :

متى  كان ثمة أي تدخل من طرف أية سلطة فالقاضي لا يستطيع أداء وظيفته ، لذلك  أحيط بجملة من الضمانات في مواجهة سلطات الدولة.

أ) المجلس الاعلى للقضاء:

هو مجلس يرأسه رئيس الجمهورية ووزير العدل كنائب له، إضافة إلى رئيس المحكمة العليا والنائب العام لديها، مع 10 قضاة يتم انتخابهم من زملائهم، اثنان منهم من المحكمة العليا أحدهما في الحكم والآخر في النيابة ، واثنان منهم من مجلس الدولة ، أحدهما في الحكم والثاني في النيابة، واثنان منهم من  المجالس  القضائية أحدهما في الحكم والثاني في النيابة، واثنان منهم من الجهات القضائية الإدارية، غير مجلس الدولة أحدهما في الحكم ولآخر في النيابة ، و الاثنان المتبقيان من المحاكم العادية ، أحدهما في الحكم والآخر في النيابة مع 6 شخصيات يختارهم رئيس الجمهورية خارج سلك القضاء، ويشارك في أعماله  المدير المكلف بتسيير شؤون القضاء .
أما مدة عضويتهم فهي 4 سنوات غير قابلة للتجديد، على أن يحدد نصفهم كل سنتين وينعقد  في دورتين  عاديتين في السنة ، مع إمكانية عقد دورة استثنائية بطلب من رئيسه ، ولا تصح مداولات إلا  بحضور ثلثي الأعضاء، وتتخذ قراراته بأغلبية الأصوات .
ومن أهم صلاحياته، دراسة ملفات تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم وتأديبهم،عند الإخلال بواجبات الوظيفة، وعن كل عمل يمس الشرف أو الآداب من جانب القاضي، وتدخل ضمن هذه الأحوال التخلف عن الجلسات، والتأخير عن الفصل في الدعاوى بدون عذر ، وإفشاء سر المداولات ، والتمييز بين المتقاضين ، ومزاولة التجارة ، والقرض من الآخرين ، والتلفظ بالعبارات النابية ، وشراء الحقوق المتنازع فيها ، والداخلة في اختصاص المحكمة التي يباشر عمله فيها ، وهي الأفعال التي تثبت بموجب محاضر ، وتحرر من طرف مفتشي وزارة العدل ، والتي كان يتعين أن تكون هذه المفتشية تابعة للمجلس الأعلى للقضاء وليس للوزارة ، وهو التأديب الذي يمكن أن ينتهي بالعزل.

ب) الحصانة من المحاكمة الجنائية:

على الرغم من أن القاضي يسأل جنائيا متى ارتكب جريمة ، لكنه لا يجوز القبض عليه وحبسه دون الحصول على إذن المجلس الأعلى للقضاء ( م30 ، ق 04/ 11) ، وهي متابعة تتم وفقا لأحكام  قانون الإجراءات الجزائية ، بحيث يتم إخطار النائب العام ، الذي يتولى عرض الملف على غرفة الإتهام ، فان رأت وجها للمتابعة أحالته إلى جهة قضائية ، غير التي يباشر فيها اختصاصاته ، وأن الدعوى التأديبية في هذه الحالة لا تحرك إلا  بعد أن يصبح الحكم الجزائي نهائيا .

ثانيا: ضمانات القضاة في مواجهة الخصوم :

لقد تضمن قانون الإجراءات المدنية والادارية، النص على رد القضاة كضمان لهم في مواجهة الخصوم ، حيث أجازت المادة 241 من:(ق.ا.م.ا)، رد القاضي عن نظر الدعوى، إذا كان لزوجه مصلحة شخصية في النزاع أو إذا وجدت له أو لزوجه قرابة أو مصاهرة بأحد الخصوم أو أحد المحامين  أو وكلائهم حتى الدرجة الرابعة، أو كان له ولزوجه و أصولهما وفروعهما خصومة مع أحد  الخصوم ، أو كان دائنا أو مدينا لأحدهم أو أن قد سبق له وأن أفتى أو أدى شهادة في النزاع أو فصل فيه على مستوى محكمة أول درجة، أو سبق له وأن كان ممثلا قانونيا لأحدهما في الدعوى أو أحد الخصوم بصدد خدمته أو كان بينه وأحدهم  عداوة شديدة، وذلك إما عن طريق تنحيته عن نظر الدعوى من تلقاء نفسه، وإما بطلب من الخصوم، يتم تقديمه وفقا للأوضاع المنصوص عليها بالمادة 242 247 من :(ق.ا.م.ا).
ويخضع طلب الرد، للأوضاع المقررة لعرائض افتتاح الدعوى،ويجب أن يعرض على القاضي المطلوب رده ، والذي يتعين عليه، أن يقرر كتابة في ظرف يومين موافقته أو رفضه للرد ، وأن يجيب على أسباب الرد.
أما بالنسبة للجهة القضائية المختصة بنظر دعوى الرد، فهي تتحدد باختلاف الجهة القضائية، التي يعمل بها المدعى عليه، فان كان قاض بمحكمة انعقد الإختصاص لغرفة المشورة بالمجلس القضائي خلال مدة 8 أيام، وان كان اعضوا بالمجلس القضائي، فالاختصاص ينعقد للمحكمة العليا، ويتعين أن يحكم على طالب الرد ،الذي يخسر طلبه،بغرامة مدنية لا تجاوز ألف دينار وذلك من دون المساس بحق  القاضي المطلوب رده، في إقامة دعوى التعويض.
google-playkhamsatmostaqltradent