المجلس الدستوري الجزائري ( نبذة تاريخية، التنظيم، الصلاحيات )

المجلس الدستوري الجزائري

المجلس الدستوري الجزائري

المجلس الدستوري الجزائري

نبذة تاريخية موجزة

إن المجلس الدستوري الجزائري الذي يقترن تاريخه بتاريخ الدساتير الجزائرية، ظلّ يتطور بشكل متقاطع، فبعد "إجهاض" إقراره في أول دستور جزائري، واختفائه في ثاني دستور جزائري وتعديلاته المتتالية، ظهر من جديد في ثالث دستور جزائري، ويسعى اليوم، بعد مرور عشرين سنة من وجوده، إلى فرض وجوده في الساحة السياسية والمؤسساتية للبلاد. ويبيّن التاريخ الدستوري الجزائري أن المسار الذي انبثق عنه شكل المجلس الدستوري الحالي، من حيث صلاحياته وتشكيلته وتنظيمه وسيره، قد مرّ، عبر خمس مراحل.
أول مرحلة  كانـت عام 1963، إذ نصّ أول دستور الجزائر المستقلة في مادته 63 على إنشاء مجلس دستوري يتولى حسب ما ورد في المادة 64 منه صلاحية: " الفصل في دستورية القوانين والأوامر التشريعية بطلب من رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الوطني ". غيرأن تنصيب هذه المؤسسة لم يتم، ولم يتاح لها بالتالي، ممارسة الصلاحيات الدستورية المخولة إياها بسبب الظروف السياسية المعروفة التي سادت تلك الفترة.
ثاني مرحلة كانت مع دستور 26 نوفمبر1976، فهذا الدستور لم يتضمن إقرار هيئة تتولى الرقابة الدستورية وإن نصت مادته 186 على أن: " الأجهزة القيادية في الحزب والدولة تــمارس الرقابة السياسية المناط بها، وذلك طبقا للميثاق الوطني ولأحكام الدستور".
ثالث مرحلة كانت مع بروز فكرة الرقابة الدستورية من جديد في النقاشات السياسية، بحيث أوصى المؤتمر الخامس لحزب جبهة التحريرالوطني (الحزب الواحد قبل إقرار التعددية الحزبية) بإنشاء جهاز أعلى تحت سلطة رئيس الجمهورية، الأمين العام للحزب، يكلف بالفصل في دستورية القوانين قصد ضمان احترام سمو الدستور، وتدعيم مشروعية وسيادة القانون، وتعزيز الديمقراطية المسئولة في بلادنا ودعمها. غير أن هذه التوصية لم تدرج في الدستور وبقيت دون تجسيد.
رابع مرحلة هي تلك التي تزامنت مع التعديل الدستوري في 23 فبراير 1989، وهو تعديل في درجة كبيرة من الأهمية، إذ نصّ، إلى جانب تكريس التعددية الحزبية السياسية والحريات العمومية وتبني مبدأ الفصل بين السلطات، على إنشاء مجلس دستوري يتمتع بصلاحيات أهم من تلك المخولة إياه بموجب دستور 1963، نذكر منها، على الخصوص، رقابة دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات ورقابة صحة الاستشارات السياسية الوطنية، بالإضافة إلى صلاحيات استشارية يمارسها في ظروف خاصة.
إن ميلاد الرقابة الدستورية من جديد يعدّ خطوة هامة في مسيرة بناء دولة القانون، وقد تعززت هذه الخطوة في ضوء التعديل الدستوري لـ 28 نوفمبر 1996 الذي أقــرّ توسيع صلاحيات المجلس الدستوري لتشمل رقابة القوانين العضوية، رقابة إجبارية قبل إصدارها، وفتح مجال الإخطارأمام سلطة دستورية جديدة وهي رئيس مجلس الأمة، كما رفع عدد أعضاء المجلس الدستوري من 07 إلى 09 أعضاء.
إن التعديل الدستوري لمارس 2016، - خامس مرحلة - ، قد أعاد النظر في تنظيم المجلس الدستوري، لاسيما في تشكيلته بزيادة عدد أعضاءه من 9 إلى 12 عضو او ذلك لضمان تمثيل متوازن للسلطات الثلاث بداخله، و إستحداث وظيفة نائب الرئيس لضمان إستقرارو ديمومة المؤسسة.
أيضا، دعمَ المركز القانوني لأعضاء المجلس الدستوري من خلال تمديد مدة العهدة لثمان (8) سنوات بهدف إعتماد المعايير الدولية وإقرار شروط السن والتأهيل والكفاءة والخبرة، والتمتع بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية بالنسبة لرئيس المجلس الدستوري ونائب الرئيس، وأعضاؤه، خلال عهدتهم وإخضاع أعضاء المجلس الدستوري لإلزامية أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهامهم.     
إستحداث أخر يتمثل في الإخطار حيث تم تمديده للوزير الأول والأقلية البرلمانية.   
تطور دستوري أخر، أدرجه التعديل الدستوري لمارس 2016، يتعلق بآلية تسمح لأحد أطراف النزاع بالإدعاء أمام جهة قضائية، بالدفع بعدم الدستورية لحكم تشريعي بإخطار المجلس الدستوري عن طريق الإحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة.
كل هذه التطورات كفيلة بدعم مكانة المجلس الدستوري ودوره في مسار بناء دولة القانون، و تعميق الديمقراطية التعددية و حماية الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية.

تـنظـيم المـجلـس الدسـتوري

1) - تشكيلة المجلس الدستوري :

 تسري على تشكيلة المجلس الدستوري أحكام الفقرة الأولى من المادة 183 من الدستور التي تنصّ على أن المجلس الدستوري يتكون من عشر (12) عضوا، وهذا منذ التعديل الدستوري في 06 مارس 2016.
وللإشارة فإن السلطات التأسيسية ممثلة فيه، إذ يعين رئيس الجمهورية بعنوان السلطة التنفيذية، أربعة أعضاء من بينهم رئيس ونائب رئيس المجلس الدستوري، ويمثل البرلمان عضوان عن كل غرفة، ينتخبهما نظرائهم بعنوان السلطة التشريعية، أما بعنوان السلطة القضائية، فتنتخب المحكمة العليا عضوين إثنين، وينتخب مجلس الدولة، عضوين إثنين أيضا. 
قبل مباشرة مهامهم، يخضع أعضاء المجلس الدستوري لإلزامية أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية و ذلك طبقا للمادة 183 (الفقرة 6) من الدستور.

2) - مدة العضوية :

 يعيّنا رئيس ونائب رئيس المجلس الدستوري بموجـــب أحـــكام الــــمادة 183، الفقرتان 4 و5 من الدستور، لفترة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات.
ويضطلع أعضاء المجلس الدستوري الآخرين، سواء أكانوا معينين أو منتخبين، بمهامهم مرّة واحدة مدتها ثماني (8) سنوات، ويجدد نصف عددهم كل أربع (4) سنوات.
كما يمكن أن تنتهي عهدة العضو بسبب الوفاة أو الاستقالة أو المانع الدائم. وفي هذه الحالات، تجرى مداولة يتم عقبها تبليغ السلطة الدستورية المعنية، حسبما إذا العضو المعني منتخبا أو معينا.

 3) - الواجبات المرتبطة بالعهدة :

 حـــالات الــتــنــافــي :

 يخضع عضو المجلس الدستوري للواجبات المحددة في أحكام النظام المؤرخ في 06 أفريل 2016 المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري، والذي ينص في مادته 76 على ما يلي: " يجب على أعضاء المجلس الدستوري أن يمارسوا وظيفتهم بنزاهة وحياد، وأن يحفظوا سرية المداولات، وأن يمتنعوا عن إتخاذ موقف علني في أي قضية تخضع لإختصاص المجلس الدستوري طبقا للمادة 183 (الفقرة الأخيرة) من الدستور".
وحرصا على ضمان حياد المؤسسة واستقلاليتها، أضفى المؤسس الدستوري على حالات التنافي صرامة شديدة، إذ تنص الفقرة 3 من المادة 183 من الدستور على ما يلي: " بمجرد انتخاب أعضاء المجلس الدستوري أو تعيينهم، يتوقفون عن ممارسة أي عضوية أو أي وظيــفة أو تكلــيف أو مهمة أخرى وأي نشاط آخر أو مهنة حرة ". ومن ثم، تتنافى ممارسة وظيفة قاضي الدستور في المجلس الدستوري مع ممارسة عهدة برلمانية أو وظيفة حكومية أو أي نشاط آخر عام أو خاص. كما يمنع على كل عضو بموجب المادة 10 (الفقرة 3) من القانون العضوي رقم 12-04 المتعلق بالأحزاب السياسية، الانخراط في أي حزب سياسي.
ومع ذلك، خفف المجلس الدستوري من هذا التشديد وهذه الصرامة بإتاحة الإمكانية أمام عضو المجلس الدستوري للمشاركة في الأنشطة الثقافية والعلمية إذا رغب في ذلك، على ألا تؤثر هذه الأنشطة على استقلالية المؤسسة وحيادها.

إجراءات عمل المجلس الدستوري

طبقا للمادة 189 (الفقرة 3) من الدستور، يحدد المجلس الدستوري قواعد عمله. وقد تضمن النظام المؤرخ في 16 أفريل 2016، تحديد هذه القواعد.
يعد الإجراء المتبع في مجال الرقابة الدستورية المقرر في النظام المذكور أعلاه، بسيطا بينما يعتبر معقدا نسبيا في مجال رقابة صحة الاستشارات السياسية الوطنية. ففي الحالتين، يكون الإجراء كتابيا، وتكون المداولات سرية، وتخضع لقاعدة النصاب التي تشترط حضور عشرة (10) أعضاء المجلس الدستوري على الأقل، حضورا فعليا. كما يتداول المجلس الدستوري في جلسة مغلقة بأغلبية أعضائه، وفي حالة تساوي الأصوات يكون صوت رئيس المجلس الدستوري أو رئيس الجلسة مرجحا.

1 - في مـجـال الـرقـابـة الـدستـوريـة :

يبتدئ الإجراء برسالة إخطار توجه إلى رئيس المجلس الدستوري من قبل السلطات الدستورية الأربع المؤهلة. تسجل رسالة الإخطار بالأمانة العامة للمجلس الدستوري، ويسلم وصل باستلامها.
وتفتتح مرحلة التحقيق في دستورية موضوع الإخطار من عدمه، بتعيين رئيس المجلس الدستوري مقررا من بين أعضاء المجلس الدستوري الذي يتولى التحقيق في الملف وإعداد مشروع رأي أو قرار، تسلم نسخة منه إلى كل عضو، مرفقة بتقرير يكون قد أعدّه في الموضوع. ويخول المقرر في هذا الصدد، أن يجمع كل المعلومات والوثائق المتعلقة بالملف الموكل إليه وأن يستشير أي خبير يختاره.
وفي ختام مرحلة التحقيق في الملف، يحدد رئيس المجلس الدستوري تاريخ عقد الجلسة العامة، ويستدعي لها الأعضاء. يبدي المجلس الدستوري آراءه ويتخذ قراراته بأغلبية أعضائه وبحضور عشرة (10) منهم على الأقل.
تعلل آراء المجلس الدستوري وقراراته، وتصدر باللغة الوطنية الرسمية (العربية) في غضون ثلاثين يوما الموالية للإخطار، وبطلب من رئيس الجمهورية، يخفض هذا الأجل إلى عشرة (10) أيام. عندما يُخطر المجلس الدستوري على أساس المادة 188 أعلاه فإن قراره يصدر خلال الأشهر الأربعة (4) التي تلي تاريخ إخطاره. ويمكن تمديد هذا الأجل مرة واحدة لمدة أقصاها أربعة (4) أشهر، بناء على قرار مسبّب من المجلس ويبلّغ إلى الجهة القضائية صاحبة الإخطار.
بعد توقيعها من رئيس المجلس الدستوري أو رئيس الجلسة، وتسجيلها من قبل أمــين عــام المجلس الدستوري الذي يتولى إدراجها في الأرشيف والمحافظة عليها. تبلغ آراء المجلس الدستوري وقراراته إلى رئيس الجمهورية والى السلطة صاحبة الإخطار، أي رئيس مجلس الأمة أو رئيس المجلس الشعبي الوطني، أو الوزير الأول، حسب الحالة.  كما ترسل إلى الأمين العام للحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية.

2 - في مـجـال مراقبة صحة الإستشارات السياسية الوطنية :

على غرار الرقابة الدستورية، يكون الإجراء المتبع في حالة مراقبة صحة الاستفتاء والانتخابات الرئاسية والتشريعية، كتابيا وسريا، إذ يفصل المجلس الدستوري في جلسة مغلقة، ووفق قاعدة النصاب المحددة وبأغلبية أعضائه، ويكون صوت رئيس المجلس مرجحا في حالة تساوي الأصوات. وفضلا عن ذلك، يتجلى مبدأ التعارض في الرأي أثناء دراسة المنازعات الانتخابية والفصل فيها.

أ - في مــجــال الاسـتـفـتاء :

يسهر المجلس الدستوري على صحّة عملية الاستفتاء، ويدرس الاحتجاجات، ويعلن النتائج النهائية للاقتراع.
يحق لكل ناخب أن يطعن في صحّة عمليات التصويت بإدراج احتجاجه في محضر تعداد الأصوات الموجود في مكاتب التصويت. وترسل محاضر تركيز نتائج كل ولاية في ظرف مختوم إلى المجلس الدستوري الذي يتحقق منها، قبل أن يعلن النتائج النهائية في الآجال المحددة في أحكام القانون العضوي المتعلق بالإنتخابات.                         

ب - في مجال انتخاب رئيس الجمهورية :

يتدخل المجلس الدستوري على مستويات ثلاثة هي :
- يفصل في صحة الترشيحات لانتخاب رئيس الجمهورية.
- يبت في الطعون التي يقدمها المترشحون أو ممثلوهم المفوضين قانونا، ويعلن النتائج النهائية للانتخاب.
- يراقب حسابات الحملة الانتخابية للمترشحين.

ب1- الـفـصـل فـي صـحـة الـترشـيحات :

تودع تصريحات الترشح لرئاسة الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 87 من الدستور، وفي أحكام أخرى من المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، بالأمانة العامة للمجلس الدستوري وفق الشروط والأشكال والآجال المحددة في القانون العضوي المذكور أعلاه، ويسلم وصل باستلام ملف الترشح.
ينص الأمر المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، في مادته 141 على أنــه: " لا يقبل ولا يعتد بانسحاب المترشح بعد إيداع الترشيحات. في حالة الوفاة أو حدوث مانع قانوني، يمنح أجل أخر لتقديم ترشيح جديد..... ".
يعين رئيس المجلس الدستوري من بين أعضاء المجلس الدستوري مقررا أو عدّة مقررين للتكفل بالتحقيق في ملفات الترشح. يستدعي رئيس المجلس الدستوري بعد ذلك أعضاء المجلس للاجتماع في جلسة مغلقة ودراسة التقرير والفصل في صحة الترشيحات.
بعد التحقق من قائمة الوثائق المكوّنة لملف الترشح المقدمة، والتأكد من أن كل مترشح يستوفي فعلا الشروط التي يقتضيها الدستور والقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، يضبط المجلس الدستوري قائمة المترشحين لانتخاب رئيس الجمهورية بقرار، ويبلغ هذه القائمة إلى المعنيين، وتعلم جميع السلطات المعنية بها. كما ترسل إلى أمين عام الحكومة لنشرها في الجريدة الرسمية للجمهورية.
عند انسحاب أحد المترشّحيْن من الدور الثاني، تستمر العملية الانتخابية طبقا للمادة 103 (الفقرة 2) من الدستور.
أما في حالة وفاة أو انسحاب أو حدوث مانع لأي من المترشحين الاثنين في الدور الثاني، يعلن المجلس الدستوري ضرورة القيام من جديد بمجموع العمليات الانتخابية، ويمدد، في هذه الحالة، آجال تنظيم الانتخابات الجديدة لمدة أقصاها ستون(60) يوما.

ب2 : الـبــت فـي الـطـعـون وإعلان النتـائـج :

يدرس المجلس الدستوري الطعون المتعلقة بعمليات الانتخابات طبقا لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات وأحكام النظام المحدد لقواعد عمله. وبعد ذلك، يعلن النتائج النهائية للاقتراع طبقا للقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.

ب3 : مراقبة حسابات الحملة الانتخابية :

إن كل مترشح لانتخاب رئيس الجمهورية ملزم بإعداد حساب حملة انتخابية يتضمن مجموع الإيرادات التي تحصل عليها والنفقات التي وظفها في حملته، وذلك حسب مصدرها وطبيعتها ووفق الشروط والكيفيات المقررة في المادة 209 مـن القانون العضوي رقم 12-04 المتعلق بنظام الانتخابات. وفي حالة عدم مراعاة الأحكام الواردة في المادة 209 من القانون العضوي المذكور أعلاه فإن ذلك يعرض المترشح للعقوبات الجزائية المنصوص عليها في المادة 232 من ذات القانون.
وينبغي أن يقدّم كل مترشح لانتخاب رئيس الجمهورية حساب حملته الانتخابية إلى المجلس الدستوري في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من إعلان النتائج النهائية.
يبتّ المجلس الدستوري في حساب الحملة الانتخابية، ويبلغ قراره إلى كل مترشح. وينشر القرار المتعلق بحساب الحملة الانتخابية للمترشح المنتخب، في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
يحدد قــرار المجلس الدستــوري قــبول حساب الحملة الانتخابية أو رفضه، ولا يمكن المترشح الذي رفض حساب حملته الانتخابية، أن يطالب بتسديد للمصاريف الحقيقية التي أنفقها.

ج - انــتـخـاب أعـضـاء البـرلـمـان :

أ- انــتـخـاب أعـضـاء المجلـس الشعبي الوطني :

يعلن المجلس الدستوري نتائج الاقتراع، ويبتّ في أحقية الطعون التي يقدمها المترشح أو الحزب السياسي. كما يراقب حسابات الحملة الانتخابية للمترشحين للمجلس الشعبي الوطني

أ1 - دراســة الطـعون وإعلان النتائج :

يبت المجلس الدستوري في أحقية الطعون التي يقدمها كل مترشح أو حزب سياسي شارك في الانتخابات، وذلك وفق الشروط والأجل المحدد في المادة 166 من القانون العضوي رقم 12-04 المتعلق بنظام الانتخابات. وإذا اعتبر المجلس الدستوري أن الطعن مؤسس يمكنه طبقا للمادة 166 (الفقرة 3) من القانون المذكور أعلاه، أن يعلن بقرار معلل، إما إلغاء الانتخابات المتنازع فيها، أو بإعادة صياغة محضر النتائج المعد، ويعلن فوز المترشح المنتخب قانونا.

أ2- مــراقـبة حسـابـات الحـمـلة :

يبت المجلس الدستوري في حسابات الحملة الانتخابية للمترشحين للعضوية في المجلس الشعبي الوطني حسب نفس الشروط المحددة بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية، على أن تقدم هذه الحسابات خلال الشهرين المواليين للإعلان النهائي لنتائج الاقتراع. ويتعرض المترشحون لنفس العقوبات الجزائية في حالة عدم مراعاتهم هذه الشروط. غير أن حسابات المترشحين المنتخبين لا تنشر في الجريدة الرسمية للجمهورية، وإنما ترسل إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني فقط.

ب - انــتـخـاب أعـضـاء مجلـس الأمـة :    

يبت المجلس الدستوري خلال جلسة مغلقة في أحقية الطعون المقدمة من قبل المترشح أو لحزب السياسي المشارك في الانتخاب، وذلك وفق الشروط والآجال المحددة في المواد 127 و 128 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات والنظام المحدد لقواعد عمله. ويعلن النتائج النهائية للانتخاب طبقا لأحكام المادة 128 من الأمر المذكور أعلاه.

صلاحـــيات المجلــس الدستـــوري

1 - صلاحيات المجلس الدستوري في الأوضاع العادية :

 أ - صلاحيات المجلس الدستوري في مجال الرقابة الدستورية ورقابة مطابقة بعض النصوص القانونية للدستور: 

عملا بأحكام المادة 186 من الدستور، يفصل المجلس الدستوري في دستورية المعاهدات والاتفاقات والاتفاقيات، والقوانين، والتنظيمات، وفي مطابقة القوانين العضوية والنظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان للدستور.
إن ممارسة هذه الرقابة، اختيارية أكانت أم إجبارية، وسواء أكانت رقابة الدستورية أو رقابة المطابقة للدستور، ليست تلقائية، إذ لا يمكن ممارســتها إلا بنـاء على إخطار من إحدى الســلــطات المؤهلــة دستوريا. وهذه الســلطات هي رئيــس الجمهوريـــة، ورئيـــس المجـــلس الشــعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة.
يصدر المجلس الدستوري آراء في الحالة الأولى، وقرارات في الحالات الثانية.
وفيما يخص القوانين العضوية والنظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان، يمارس المجلس الدستوري رقابة المطابقة للدستور إجباريا قبل إصدار الصنف الأول من هذه النصوص وقبل دخولها حيز التنفيذ بالنسبة للصنف الثاني منها.
وللإشارة، لم يصدر المجلس الدستوري، بعد مرور عشرين سنة من إنشائه، سوى عدد متواضع من الآراء والقرارات لأنه لم يخطر كثيرا كون الإخطار يكتسي طابعا اختيارا ومحدودا.
وفضلا عن ذلك، لم يخطر المجلس الدستوري، طوال هذه المدة، بالقوانين المتعلقة بالموافقة على الاتفاقات الدولية، وكذا بالنصوص التنظيمية (المراسيم الرئاسية والمراسيم التنفيذية).

ب- صلاحيات المجلس الدستوري في المجال الانتخابي :

عملا بالمادة 182 (الفقرة 2 و3) من الدستور، " يسهر المجلس الدستوري على صحّة عــمليات الاستفتاء، وانتخاب رئــيس الجــمهورية، والانتخابات التشريعية، ويعلن نتائج هذه العمليات." ويوضح القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات المذكور أعلاه، هذا الاختصاص.
تشتمل مراقبة صحّة الاستشارات السياسية الوطنية الكبرى على دراسة الطعون التي ترفع إلى المجلس الدستوري وفق الشروط وحسب الإجراءات المتضمنة في نظام الانتخابات، وتمتد كذلك إلى مراقبة حسابات الحملة الانتخابية.
وقد مارس المجلس الدستوري صلاحياته في مجال الانتخابات، ومنذ إنشائه، تسع (9) مرات. أربع مرات في إطار الانتخابات التشريعية (بما في ذلك انتخابات 1991 التي ألغيت)، وخمس مرات في إطار الانتخابات الرئاسية.
وفضلا عن ذلك، يصدر المجلس قرارات تتعلق باستخلاف أعضاء في البرلمان، إثر شعور مقاعدهم بسبب الوفاة أو قبولهم وظيفة حكومية أو انتخاب أحدهم عضوا في المجلس الدستوري.

2 - صلاحيات المجلس الدستوري في حالات خاصة :

خوّل المؤسس الدستوري المجلس الدستوري ورئيسه اختصاصات استشارية في بعض الحالات الخاصة هي :

 أ- فيما يخص المجلس الدستوري :

عملا بأحكام المادتين 107 و111 من الدستور، يستشير رئيس الجمهورية المجلس الدستوري قبل تقرير الحالة الاستثنائية، وقبل توقـــيع اتــفاقــيات الهدنة ومعاهدات السلم. كما أن رأي المجلس الدستوري مشروط في حالة التعديل الدستوري المقرر تطبيقا لأحكام المادة 210 من الدستور. ويستشار كذلك قبل تطبيق المادتين 102 و103 خلال فترات حدوث المانع أو شغور رئاسة الجمهورية بسبب وفاة رئيس الجمهورية أو استقالة.
وعلى صعيد آخر، يتدخل المجلس الدستوري في المسار الانتخابي المتعلق برئيس الجمهورية، وتمديد عهدة البرلمان. ففي الحالة الأولى، يمدد أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية بستين (60) يوما في حالة وفاة أحد المترشحين إلى الدور الثاني من هذه الانتخابات أو انسحابه أو حدوث أي مانع آخر له طبقا لأحكام المادة 103 من الدستور. أما في الحالة الثانية فإن المجلس الدستوري يستشيره رئيس الجمهورية في حالة حدوث ظروف خطيرة جدا تقتضي تمديد مـهـمـة البـرلمـان حسـب الحــالات المنصوص عليها في المادة 119 (الفقرتان 4 و5) من الدستور.
وأخيرا، يضطلع المجلس الدستوري بدور "الملاحظ" في حالات ثلاث هي:
1- في حالة حدوث مانع لرئيس الجمهورية بسبب مرض خطير ومزمن، إذ يجتمع المجلــس فـي هـذه الحالـة، وجــوبا، ويتثـــبت مــن حقـيقة هذا المانع، ويقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع.
2- ويجتمع المجلس الدستوري كذلك، وجوبا، في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاتــه، ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
3- كما يجتمع المجلس، وجوبا، إذ اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، بشعور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان، ويثبت بالإجماع، الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وحصول المانع لرئيس مجلس الأمة.
وقد مارس المجلس الدستوري صلاحياته الدستورية المقررة في هذا الصدد، مرّة واحدة لما اقترن فيها شغور رئاسة الجمهورية، بسبب الاستقالة، بشغور المجلس الشعبي الوطني، بسبب الحل. وبما أن هذه الحالة لم تكــن مقررة في دستور 23 فبراير 1989، فقد أصدر المجلس الدستوري بيان 11 يناير 1992 يثبت فيه الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية ويكلف " المؤسسات المخولة بالسلطات الدستورية أن تسهر على استمرارية الدولة وتوفير الشروط الضرورية للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري".

ب - فيما يخص رئيس المجلس الدستوري:

فضلا عن الصلاحيات الإدارية والمالية المخوّلة إيّاه بموجب المرسوم الرئاسي رقم 201-16 المؤرخ في 16 يوليو2016 المتعلق بالقواعد المتعلقة بتنظيم المجلس الدستوري، يستشير رئيس الجمهورية رئيس المجلس الدستوري في حالة تقرير حالة الطوارئ أو تقرير حالة الحصار.
وفي حالة اقتران الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية بشغور رئاسة مجلس الأمة، حسب الشروط المقررة في المادة 102 من الدستور، يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة.

المصالح الإدارية للمجلس الدستوري

تسري على تنظيم المصالح الإدارية للمجلس الدستوري وعملها، أحكام المرسوم رئاسي رقم 16-201 مؤرخ في 11 شوال عام 1437 الموافق 16 يوليو سنة 2016، يتعلق بالقواعد الخاصة بتنظيم المجلس الدستوري، وكذا مقرر رئيس المجلس الدستوري الذي يحدد تنظيم المصلحة الإدارية للمجلس الدستوري.
يتكون المجلس الدستوري من مصالح إدارية قليلة، إذ تحتوي على أمانة عامة وديوان ومركز للدراسات والبحوث الدستورية يرأسه مدير عام بمساعدة مديري الدراسات والبحث، ومصلحة إدارية تتكون من مديرية التوثيق ومديرية الإدارة العامة.
واستنادا إلى المادة 8 من المرسوم الرئاسي المذكور أعلاه، يتخذ الأمين العام، تحت سلطة رئيس المجلس الدستوري، التدابير اللازمة لتحضير أشغال المجلس الدستوري وتنظيمها.
ويكون التعيين في الوظائف العليا بمقرر من رئيس المجلس الدستوري بتفويض من رئيس الجمهورية، وفي حدود المناصب المالية الشاغرة. وتنهى المهام فيها حسب الأشكال نفسها.
وفي المجال المالي، رئيس المجلس الدستوري هو الآمر بالصرف، ويمكنه أن يفوّض إمضاءه إلى الأمين العام والى أي موظف يكلف بالتسيير المالي والمحاسبي في المجلس الدستوري.
المصدر : الموقع الرسمي للمجلس الدستوري
google-playkhamsatmostaqltradent