الشخص الطبيعي

الشخص الطبيعي

الشخص الطبيعي

يطلق لفظ الشخص لغة على الإنسان وحده، لٲنّ الشخصية تعبير عن صفة كائن. متميز له غاية خاصة به، وهي صفة لا تتوافر لغير الإنسان أمّا في لغة القانون فهو كل من يتمتع بالشخصية القانونية، والتي هي قابلية الشخص لٲن يكون صاحب حق أو محمّلا بالالتزام.

أهم النقاط التي ستتعرض لها في هذا المطلب هي بداية الشخصية القانونية ونهايتها ، ومميزات الشخصية الطبيعية بما فيها أهلية الأداء.

الفرع الٲوّل: بداية الشخصية القانونية ونهايتها

أوّلا : بداية الشخصية القانونية

تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا (المادة  /251 ق.م) والميلاد المقصود هنا هو انفصال المولود عن أمّه انفصالا تامّا، وثبوت حياته ولو للحظات، أي يجب أن يولد حيّا ومظاهر الحياة عند المولود تتمثل إمّا في الصراخ أو الحركة أو التنفس.

وتثبت واقعة الميلاد بالسجلاّت المعدّة لذلك لدى مصالح الحالة المدنية، أو بكافة الطرق الأخرى كاستصدار حكم قضائي.

الشخصية القانونية مرتبطة بميلاد المولود حيّا (المادة 2/25 ق.م)، وما يثبت له هو أهلية الوجوب التي يكتسب من خلالها الحقوق ويتحمل الالتزامات.

يثبت للحمل الحق في الميراث (المادة 128 من قانون الأسرة)، بٲن يوقف له أوفر نصيب (173 ق.ٲ)،  كما له الحق في ثبوت نسبه لأبيه إذا كان الزواج شرعيا، أو إذا وضع الحمل خلال 10 أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة (المادة 4" ق.ا) وللحمل حق في الهبة (المادة 209 ق.ا)،  والوصية (المادة 187 ق.ٲ) كما تثبت له الحقوق اللصيقة بالشخصية كحقه في الحياة وحقه في عدم التعرض له بمنع الإجهاض.

الملاحظة الأساسية فيما سبق، أنّ اكتساب الشخصية القانونية واكتساب الحقوق السابقة متوقف على ولادة الجنين حيا أمّا إذا وُلد ميتا فيعتبر كأنّه لم يكن و يُعاد ما حفظ له إلى أصحابه أو ورثتهم.

ثانيا˸ نهاية الشخصية القانونية

تنتهي الشخصية القانونية بالوفاة الطبيعية أو الوفاة الحكمية:

1. الوفاة الطبيعية

المقصود بالوفاة الطبيعية الوفاة الفعلية، وتثبت واقعة الوفاة بالسجلات المعدّة لذلك، أو بكل الطرق القانونية التي تثبت ذلك (المادة 26 ق.م) وتنتهي الشخصية القانونية بالوفاة، فتنتقل أمواله للورثة بعد سداد الديون، وتعتدّ زوجة المتوفى عدّة الوفاة وهي 4 أشهر و 10 من تاريخ الوفاة.

2. الوفاة الحكمية

قد تنتهي حياة الشخص الطبيعي بالوفاة الحكمية أي بحكم من القاضي، وذلك إذا استحال التأكد من الوفاة الطبيعية، ويتحقق ذلك في حالتي الغائب والمفقود، ولا يمكن للقاضي أن يحكم بالوفاة إلاّ بعد الحكم بالفقدان.

‌أ. تعريف الغائب: تنص المادة 110 ق.ٲ على الأتي ˸ "الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدّة سنة وتسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود ".

‌ب. تعريف المفقود: تنص المادة 109 ق.ٲ ˸"المفقود هو الشخص الغائب الذي لا يعرف مكانه ولا يعرف حياته من موته ولا يعتبر مفقودا إلاّ بحكم "

إذا حلّلنا تعاقب المادتين وإذا دمجنا بينهما نفهم أنّ الشخص قد نعتبره غائبا بتوفر شروط الغياب ثم نعتبره مفقودا إذا لم يُعرف حياته من موته والحكم بالفقدان لا يصدر كما يُفهم من نص المادة السابقة إلاّ بعد توافر شروط الغياب أوّلا ثم شرط عدم التحقق من الحياة أو الموت و نفهم من المادة 110 و 109 أنّ الشخص الغائب يعتبر كالمفقود بعد التأكد من الشروط الخاصة بالمفقود في المادة 109، وبعدها يصدر الحكم بالفقدان ولن يصدر هذا الحكم إلاّ بطلب من له مصلحة في ذلك أو من النيابة العامة ( 114 ق.م).

‌ج. الحكم بوفاة المفقود˸ لن يصدر الحكم بوفاة المفقود إلاّ بطلب نفس الأشخاص المذكورين في المادة السابقة والحكم بوفاته لن يكون إلاّ في حالتين:

1. إذا كانت ظروف غياب الشخص استثنائية، كحالة الحروب والكوارث الطبيعية، فالحكم بالوفاة يكون بعد مرور 4 سنوات بعد فقدانه والتحري.

2. إذا كانت ظروف غيابه عادية، فالسلطة التقديرية للقاضي لتحديد تاريخ الحكم بالوفاة، وذلك دائما بعد مرور 4 سنوات من الفقدان والتحري.

قد يفهم أنّ الحكم بالموت لا يكون إلاّ بعد مرور 4 سنوات من تاريخ الحكم بالفقدان وليس من تاريخ الفقدان رغم أنّ المشرّع الجزائري لم يشر صراحة إلى ذلك.

‌د. آثار الحكم بالفقدان ( المادة 111 ق.ٲ)

1. حصر أموال المفقود وتعيين مقدما لتسييرها وتسلّم ما يستحقه من ميراث و تبرع وأرباح ...

2. تبقى زوجة المفقود في عصمته إلاّ إذا استعملت حقها في طلب التطليق بناء على الفقرة 5 من المادة 53 من تقنين الأسرة، وهو التطليق بسبب الغيبة لمدة تفوق سنة دون عذر أو نفقة.

3. لا يورّث المفقود ولا تقسّم أمواله إلاّ بعد صدور الحكم بوفاته.

‌ه. أثار الحكم بموت المفقود ( المادة 115 ق.ٲ)

1. توزيع تركته عند تاريخ صدور الحكم بالوفاة لأنّه يعتبر شهادة وفاة.

2. تعتد زوجة المفقود عدّة الوفاة (المادة 59 ق.ٲ) إذا كانت في عصمته، رغم أنّ المشرّع أشار بعبارة "فقده" و ليس الحكم بموته وهذا نظنه هفوة، لأنّه من غير المنطقي أن تعتد بعد الحكم بالفقدان، وإنّما يكون ذلك بعد الحكم بالوفاة لٲنّ نفس الأمر يسري على تقسيم تركته.

‌و. آثار عودة المفقود حيا:

إذا عاد المحكوم عليه بالوفاة حيا:

 -يسترجع ما بقي عينا من أمواله أو قيمة ما بيع منها.

 -بالنسبة للزوجة فٳنّ المشرّع الجزائري سكت عن ذلك، وإذا رجعنا إلى فقه الإمام مالك فعصمة الزوج الأوّل تسقط بدخول الثاني بها.

الفرع الثاني: مميزات الشخص الطبيعي

يتمتع الشخص الطبيعي باسم يميزه عن غيره، وحالة عائلية وسياسية ودينية كما يتميز بذمة مالية وموطن وأهلية.

أوّلا: الاسم

هو الوسيلة القانونية التي يتميز بها الشخص عن غيره، ويقصد به الاسم الشخصي Prénom واللقب أو الاسم العائلي Nom . وتنص 1/28  ق.م على ما يلي ˸ "يجب أن يكون لكل شخص لقب واسم فأكثر ولقب الشخص يلحق أولاده" وهذا هو الاسم المدني كما يمكن للشخص أن يكون له أكثر من اسم و يتمثل ذلك في الآتي:

1. اسم الشهرة surnom : وهو عامة من صنع الناس.

2. الاسم المستعار˸ يطلقه الشخص على نفسه لإخفاء شخصيته، وقد يكون غرض ذلك سياسيا كرجال الثورة الجزائرية.

3. الاسم التجاري: وهو عنصر من عناصر المحل التجاري، وهو قابل للتصرف فيه.

- اكتساب الاسم المدني: يُكتسب في الظروف الطبيعية عن طريق الأتي:

1- النسب إذا كان الزواج شرعيا، وينسب الولد لأبيه بعد الوفاة أو الطلاق إذا ولد خلال مدّة أقصاها 10 أشهر.

2- إقرار البنوة لمجهول النسب.

3- يثبت بالقانون في حالة الطفل اللقيط الذي يختار له ضابط الحالة المدنية عدّة أسماء يُعتبر آخره اسمه العائلي.

4- بسبب الزوجية: وهي عادة غريبة حيث تكتسب الزوجة لقب زوجها دون فقدان لقبها الأصلي، وتفقده بعد الطلاق و تحتفظ به بعد الوفاة إذا لم تتزوج بأخر.

- حماية الاسم ˸ يحظى الاسم بحماية قانونية لأنّه من الحقوق اللصيقة بالشخصية، فيمنع استعماله دون وجه حق، وهذا ما نجده في المادة 48 ق.م والمادة 249 من تقنين العقوبات.

ثانيا˸ الحالة

الخاصية الثانية التي تميّز بين الأشخاص الطبيعية هي حالة الشخص، وهي تمثل مجموعة الروابط التي تربط الشخص بدولته وأسرته وما يؤمن به من ديانة.

1. الحالة السياسية

تمثل الجنسية الرابطة السياسية لمواطني الدولة الواحدة وقد تكون هذه الجنسية أصلية أو مكتسبة.

تثبت الجنسية الأصلية بطريقتين وهما حق الدم وحق الإقليم تُمنح استنادا على حق الدم عندما يحمل المولود جنسية والديه أو ٲحدهما كما تنص عليه المادة 06 من قانون الجنسية الجزائرية والمعدلة وفقا للأمر رقم 05-01 بنصها ˸ "يعتبر جزائريا الولد المولود من أب جزائري و أم جزائرية".

وقد تمنح الجنسية استنادا إلى حق الإقليم، بحيث يرتبط منح الجنسية بالولادة في إقليم معيّن، وهذا ما نصّت عليه المادة 07 من تقنين الجنسية ووفقا للأمر السابق ˸"يعتبر من الجنسية الجزائرية بالولادة في الجزائر:

1) الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين

 -غير أنّ الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين يعدّ كأنّه لم يكن جزائريا قط إذا ثبت خلال قصوره انتسابه إلى أجنبي أو أجنبية و كان ينتمي إلى جنسية هذا الأجنبي أو الأجنبية وفقا لقانون جنسية ٲحدهما.

- إنّ الولد الحديث الولادة الذي عثر عليه في الجزائر يعدّ مولودا فيها ما لم يثبت خلاف ذلك.

2) الولد المولود في الجزائر من أب مجهول وأم مسماة في شهادة ميلاده دون بيانات أخرى تمكّن من إثبات جنسيتها".

و قد تثبت الجنسية الجزائرية بالزواج من جزائري أو جزائرية وفقا للشروط المذكورة في المادة 9 مكرر من الأمر السابق.

2. الحالة المدنية أو الخاصة

تبين الحالة الخاصة للشخص مركزه القانوني بالنسبة لأسرة معينة ينتسب إليها وصلته بأفرادها وتسمى بالقرابة والقرابة أنواع˸ قرابة الدم التي تنشا عن النسب، وقرابة المصاهرة التي تنشا بعد الزواج ، وقرابة الرضاع التي تعرفها الشريعة الإسلامية.

‌أ. قرابة النسب أو الدم: هي الصلة القائمة بين الأشخاص بناء على دم واصل مشترك سواء كان ذكرا أو أنثى، فالإخوة أقارب يجمعهم أصل واحد وهو الأب، وأبناء الأعمام وأبناء العمات أقارب نسب يجمعهم أصل واحد وهو الجد.

تنقسم قرابة النسب إلى قرابة مباشرة وقرابة غير مباشرة أي قرابة حواشي.

- القرابة المباشرة: تنص المادة 1/33 من التقنين المدني على أنّ القرابة المباشرة هي الصلة التي تربط الأصول بالفروع، كالجد أو الجدة مع الأولاد و الأحفاد.

وتحسب القرابة المباشرة باعتبار كل فرع درجة صعودا إلى الأصل دون حسابه كما يلي:

الشخص الطبيعي

• الحفيد بالنسبة لجده قرابة مباشرة من الدرجة الثانية، و هكذا...
• الابن بالنسبة لأبيه قرابة مباشرة من الدرجة الأولى.

- القرابة غير المباشرة (قرابة الحواشي): هي الرابطة الموجودة الرابطة الموجودة بين أشخاص يجمعهم أصل واحد دون أن يكون احدهم فرعا للآخر (المادة2/33  ق.م) ، كالقرابة بين أبناء الأعمام وأبناء الخالات بل وحتى بين الإخوة وتحسب الدرجات صعودا من الفرع باحتساب كل فرع درجة إلى الأصل دون حسابه نزولا منه إلى الفرع الآخر بحساب كل فرع درجة كذلك، مع التأكيد على عدم حساب الأصل المشترك بين الطرفين المراد معرفة درجة القرابة بينهما.

- ٲ و ب أخوة ˸ قرابة حواشي من الدرجة الثانية .

- ج و د أبناء عم ˸ قرابة حواشي من الدرجة الرابعة

 - هـ و و  قرابة حواشي من الدرجة السادسة.

 -ٲ و د عمومة ˸ قرابة حواشي من الدرجة الثانية.

‌ب. قرابة المصاهرة: وهي قرابة تنشا بسبب الزواج، حيث تنص المادة 35 من التقنيين المدني على الأتي: يُعتبر أقارب احد الزوجين في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الأخر "فيحتفظ فيها كل قريب بنفس درجة قرابته بالنسبة للزوج الآخر.

 -فأخت الزوجة تعتبر قريبة قرابة غير مباشرة من الدرجة الثانية مصاهرة بالنسبة لزوج أختها، لأنّها بالنسبة للزوجة التي هي أختها قريبة قرابة نسب غير مباشرة من الدرجة الثانية.

 -أب الزوج بالنسبة للزوجة قريب قرابة مباشرة من الدرجة الأولى مصاهرة، لأنّه قريب قرابة نسب من الدرجة الأولى بالنسبة لابنه، الذي هو الزوج في هذه الحالة.

‌جـ. قرابة الرضاع: انفردت قواعد الشريعة الإسلامية بتنظيم هذا النوع من القرابة، حيث أنّ رضاع طفل من امرأة غير أمه يُنشئ علاقات أسرية من نوع خاص، فتبيح ما تبيحه قرابة النسب وتحرم ما تحرمه. حيث يصبح الرضيع دون إخوته وأخواته ولدا للمرضعة ولزوجها وأخا لجميع أولادها، ويسري التحريم عليه وعلى فروعه ( المادة 28 ق.ٲ) ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ( المادة 27 ق.ٲ)، وهذه المادة نص لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم.

والرضاع الذي يؤخذ بعين الاعتبار هو ما حصل قبل الفطام أو في الحولين سواء كان اللبن قليلا أو كثيرا ( المادة 29  ق.ٲ).

‌د. أهمية القرابة و أثارها:

 -يترتب عن معرفة نوع القرابة ودرجتها في الشريعة الإسلامية وكذا قانون الأسرة الجزائري تحديد أصحاب الحق في النفقة والحضانة والميراث وتحديد المحارم في الزواج أي موانع الزواج المؤبدة والمؤقتة.

 -كما يترتب على تحديد نوع القرابة جواز رد القاضي والخبير إذا كانت هناك قرابة بينه أو بين زوجة وٲحد الخصوم إلى غاية الدرجة الرابعة.

 -تحديد التعويض عن الضرر المعنوي للأقارب....

- لا يجوز سماع شهادة أقارب ٲحد الخصوم أو اصهراه أو زوج احد الخصوم ولو بعد الطلاق.

3. الحالة الدينية: يعتبر الانتماء إلى دين معيّن من الخصائص التي تميّز بين الأشخاص الطبيعية، ويترتب على ذلك إتباع تعاليم و تطبيق أحكام خاصة على علاقات الأفراد فيما بينهم. فالمسلمون يجب أن يلتزموا بمبادئ الشريعة الإسلامية التي تنظم علاقاتهم وتصرفاتهم لاسيما في العلاقات المالية ومسائل الأحوال الشخصية.

ثالثا: الأهلية

بمجرد ولادة الشخص حيا فٳنّه يكتسب الشخصية القانونية، وتعتبر الأهلية إحدى مميزات هذه الشخصية والتي تجعل الشخص أهلا لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات وأهلية الإنسان أهليتان˸ أهلية وجوب La capacité de jouissance  وأهلية الأداء La capacité d’exercice.

1. أهلية الوجوب: هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، وتثبت للجنين قبل ولادته كحقه في الإرث مثلا، ولا يكتسب من الحقوق إلاّ تلك التي لا تشترط قبولا منه كثبوت النسب والميراث والوصية.

الفرق بين تعريف أهلية الوجوب والشخصية القانونية يكمن في أنّ الشخص الطبيعي يمتلك شخصية قانونية كاملة ولكن يمكن أن لا يمتلك أهلية وجوب كاملة كالأجنبي الذي لا يحق له اكتساب بعض الحقوق رغم أنّ له شخصية قانونية كاملة.

2. أهلية الأداء: هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه والتصرف فيها والالتزام بالواجبات بنفسها وتمر أهلية الأداء بعدة مراحل تبعا لسن الشخص وحالته الصحية، فقد تكون أهليته منعدمة أو ناقصة أو كاملة.

- انعدام الأهلية: رغم بداية الشخصية القانونية منذ الولادة إلاّ أنّ أهلية الأداء لا تثبت لانعدام الإدراك و التمييز فالصبي غير المميز هو الصبي الذي لم يبلغ الثالثة عشر سنة بعد أن كان سن التمييز ستة عشر سنة قبل تعديل 2005 للمادة 42 من التقنيين المدني ويُمنع عديم التمييز من ممارسة كل تصرفاته القانونية سواء النافعة نفعا محضا أو الضارة ضررا محضا أو الدائرة بين النفع و الضرر.

- نقص الأهلية: من بلغ سن التمييز (13 سنة) ولم يبلغ سن الرشد (19 سنة) يعتبر ناقص الأهلية ويمكن للصبي المميز مباشرة التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فيسمح له بممارستها على أن تكون قابلة للإبطال لصالح ناقص الأهلية، ويستثنى من ذلك القاصر الذي تمّ ترشيده بحكم قضائي لمباشرة بعض التصرفات وذلك لممارسة الأعمال التجارية (المادة 38 ق.م).

- كمال الأهلية: يعتبر الشخص البالغ 19 سنة كامل الأهلية إذا لم يتعرض لمانع أو عارض من موانع وعوارض الأهلية (المادة 40 ق.م).

3. عوارض الأهلية: قد يبلغ الشخص سن الرشد و لكن يكون في حالات صحيّة ونفسية تجعله غير مكتمل الأهلية، وهذه الحالات هي: الجنون، العتة، السفه والغفلة.

- الجنون والعته: الجنون حالة مرضية تجعل الإنسان فاقدا لعقله وعديم التمييز. أمّا العته فهو خلل يصيب العقل دون أن يصل إلى حد الجنون، بحيث يكون المصاب به قليل الفهم متذبذب الحديث، لهذا يعتبر المجنون والمعتوه فاقدي التمييز لتصرفاهما نفس الحكم بالنسبة لعديم التمييز ما دون 13 سنة (المادة  2/42 ق.م).

إنّ تصرفات المجنون والمعتوه باطلة لانعدام الإدراك ونقصانه عندهما، وهذا ما جاء في نص المادة 107 من تقنين الأسرة الجزائرية، حيث نصّ القانون على إمكانية الحجر على المجنون والمعتوه بطلب من ذوي المصلحة، فتصدر هذه المحكمة حكما بالحجر وتعين مقدما لرعاية شؤون المحجور عليه.

- السفه والغفلة ˸ السفه مرض يصيب النفس ويضعفها، ومن نتائجه تبذير المال على غير مقتضى العقل والشرع لغلبة الهوى عليه أمّا الغفلة فهي السذاجة والطيبة الزائدة للقلب التي تؤدي إلى عدم التمييز بين النافع والضار، فيكون المتصف بها عرضة للغبن الفاحش وتضييع الأموال وقد أبقت المادة 43 من التقنين المدني بعد تعديلها على السفيه وذي الغفلة في نفس مرتبة الصبي المميز أي ناقص الأهلية. وألغت بذلك المعتوه والذي تعتبره عديم التمييز وفقا للمادة 42 أعلاه. وينطبق على تصرفات السفيه والمغفل نفس أحكام ناقص الأهلية و طبقا لأحكام المادة 101 من تقنين الأسرة فٳنّه يمكن إصدار حكم بالحجر على السفيه وتعيين مقدم يقوم على شؤونه.

4. موانع الأهلية: عكس عوارض الأهلية فٳنّه في بعض الحالات يتمتع الشخص بكامل قواه العقلية وكامل إرادته، إلاّ ٲنّه تطرأ عليه ظروف معينة تمنعه من مباشرة التصرفات القانونية. من هذه الموانع ما قد يكون ماديا وهو الغيبة، أو قانونيا كالتعرض لعقوبة جنائية أو شهر الإفلاس، أو طبيعيا كاجتماع عاهتين في شخص.

‌أ. الغيبة: هي حالة من الحالات التي تمنع الشخص من ممارسة تصرفاته القانونية بنفسه، ولهذا بطلب من ذوي المصلحة يعين القاضي من ينوب عنه في ذلك.

‌ب. الحكم بعقوبة جنائية: من العقوبات المطبقة بقوة القانون العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 09 من قانون العقوبات، والتي تسلط على المحكوم عليه بعقوبة جنائية، ومنها منع الشخص من مباشرة حقوقه المالية، فيعين مقدم لينوب عنه.

‌ج. الحكم بشهر الإفلاس: إذا توقف التاجر عن دفع ديونه وثبت عدم قدرته على سدادها يحكم عليه بشهر إفلاسه ويعين وكيل التفلسة الذي يقوم مقامه في إدارة أمواله والتصرف فيها.

‌د. اجتماع عاهتين: تنص المادة 80 ˸ من التقنين المدني على ما يلي ˸"إذا كان الشخص أصمّ أبكم أو أعمى أصمّ أو أعمى أبكم وتعذّر عليه بسبب تلك العاهة التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له مساعدا قضائيا يعاونه في التصرفات التي تقتضيها مصلحته، ويكون قابلا للإبطال كل تصرف عيّن من اجله مساعد قضائي إذا صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته بدون حضور المساعد بعد تسجيل قرار المساعدة"

5. النيابة الشرعية: تنص المادة 81 من تقنين الأسرة على ما يلي ˸"من كان فاقد الأهلية أو ناقصها لصغر في السن أو جنون أو عته أو سفه، ينوب عنه قانونا و لي، أو وصي أو مقدم طبقا لأحكام هذا القانون" .

‌أ. الولاية ˸ تثبت الولاية للأب وبعد وفاته الأم، وتحلّ محل الأب في حالة غيابه أو حصول مانع للقيام بالأمور المستعجلة الخاصة بالأولاد أمّا في حالة الطلاق فتُمنح الولاية لمن أسندت له الحضانة (المادة 87 ق.ٲ).

وتستلزم الولاية رعاية الأولاد والإنفاق عليهم إذا لم يكن لهم مال، بالنسبة للذكور إلى غاية بلوغهم سن الرشد وبالنسبة للإناث إلى غاية دخولهنّ ويستمر واجب النفقة إذا كان الولد عاجزا بدنيا أو عقليا أو مزاولا للدراسة (المادة 75 ق.ٲ).

- سلطات الولي: ينبغي على الولي أوّلا أن يحرص على أموال القاصر، وله بعد ذلك التصرف فيها مع وجوب استئذان القاضي في التصرفات الآتية:

1. بيع العقار وقسمته ورهنه و إجراء المصالحة.

2. بيع المنقولات ذات الأهمية الخاصة.

3. استثمار أموال القاصر بالإقراض أو الاقتراض أو المساهمة في شركة.

4. إيجار أموال القاصر لمدة تزيد عن ثلاث أو تمتد لأكثر من سنة بعد بلوغه شن الرشد (المواد 88 ، 89 ، 90 ق.ٲ) .

 -انتهاء مهمة الولي: يتم ذلك بعجزه، بموته، بالحجر عليه أو بإسقاط الولاية عنه (المادة 91 ق.ٲ)

‌ب. الوصاية ˸ يجوز تعيين وصي من طرف الأب أو الجد إذا لم تكن للقاصر أم أو ثبت عدم أهليتها للقيام بمهمتها (المادة 92 ق.ٲ).

للوصي نفس سلطات الولي في إدارة أموال القاصر والتصرف فيها وتنتهي مهمة الولي بوفاة القاصر أو بلوغه سن الرشد، أو بالتخلي عن الوصاية أو عزل الموصي أو زوال أهليته أو موته، أو بانتهاء مهام الوصاية ( المادة 96 ق.ٲ).

‌ج. التقديم : إذا لم يكن للقاصر وليا أو وصيا يعين القاضي له مقدما بناء على طلب من ذوي المصلحة أو النيابة العامة (المادة 99 ق.ٲ).

يخضع المقدم لنفس أحكام الوصي (المادة 100 ق.ٲ).

رابعا˸ الموطن

الموطن هو المكان الذي يُعتدّ به القانون بالنسبة لعلاقات الشخص ونشاطه القانوني ليتسنى له ممارسة حقوقه المدنية وعدم الهرب من التزاماته ولكل شخص موطن خاص به، ويمكن التمييز عدة أنواع من الموطن:

‌أ. الموطن العام: و يتمثل في:

- الموطن القانوني والإلزامي، أي أنّ موطن القاصر أو الغائب هو موطن من ينوب عنهما.

- الموطن العام الإداري الذي اختاره الشخص ليقيم فيه ويسمى موطنا عاما لانّ هذا الأخير اختاره ليباشر فيه جميع حقوقه المدنية.

‌ب. الموطن الخاص: وهو خاص ببعض أعمال الشخص وعلاقاته ويشمل:

 -الموطن التجاري والحرفي.

- موطن القاصر المأذون له بالتجارة بالنسبة للأعمال التي يستطيع مباشرتها.

‌ج. الموطن المختار: يختاره الشخص لتنفيذ عمل قانوني معيّن (المادة 39 ق.م).

خامسا: الذمة المالية

كل شخص يتمتع بذمة مالية مستقلة وهي مجموع حقوق الشخص والتزاماته وهذا ما يعرف بالمجموع القانوني، لٲنّ المجموع الفعلي هو مجموع ما للشخص من حقوق فقط أي الجانب الايجابي للذمة المالية.

الذمة المالية هي وعاء افتراضي زوّد القانون به كل شخص لتلقّي حقوقه والتزاماته، فتمثل الحقوق الجانب الايجابي والالتزامات الجانب السلبي.

وتتمثل أهمية الذمة المالية في عنصرين، وهما حق الضمان العام ومبدأ لا تركة إلاّ بعد سداد الديون.

المرجع

  1. د. آيت شاوش دليلة، محاضرات في مادة المدخل للعلوم القانونية "نظرية الحق"، جامعة عبد الرحمان ميرة –بجاية، الجزائر، السنة الجامعية 2014/ 2015، ص36 الي ص52.

google-playkhamsatmostaqltradent