منهجية التعليق على نص قانوني مع نموذج تطبيقي من إعداد د. لوني نصيرة

منهجية التعليق على نص قانوني مع نموذج تطبيقي من إعداد د. لوني نصيرة

منهجية التعليق على نص قانوني مع نموذج تطبيقي من إعداد د. لوني نصيرة
من إعداد: د. لوني نصيرة

منهجية التعليق على نص قانوني "مع نموذج تطبيقي"

مقدمة

يعتبر التعليق على نص قانوني من بين أهم الدراسات التطبيقية في القانون، ذلك أن إتقان و استيعاب المنهجية القانونية التي تسمح بالتعليق على النص، و تتمثل هذه المنهجية في مجموعة من الخطوات يتعين على المعلق إتباعها وفق الخطة الكلاسيكية المعروفة في كتابة البحوث القانونية المتمثلة في: مقدمة، موضوع وخاتمة، وعليه فيما تتمثل المنهجية المعتمدة و الخطوات المتبعة للتعليق على نص قانوني ؟
ان التعليق على النص القانوني عبارة عن محاولة لتفسير و توضيح النص بقدر من الحرية و بأسلوب شخصي إلى حد معين، عن طريق البحث في مكوناته و عناصره، وصولا إلى إعطاء فكرة تركيبية عن الموضوع[1] من هذا المنطلق نتطرق الى المرحلة التحضيرية للتعليق (المبحث الأول)، ثم إلى المرحلة التحريرية للتعليق على نص قانوني (المبحث الثاني).

المبحث الأول: المرحلة التحضيرية للتعليق على نص قانوني

خلال هذه المرحلة يقوم الطالب بتحليل النص تحليلا  شكليا و موضوعيا.

المطلب الأول: الضوابط الشكلية للتعليق على نص قانوني

حيث يتم فيها التعليق على النص من الناحية الشكلية و تتضمن المراحل التالية:

الفرع الأول: تحديد موقع النص و ظروف صدوره

أولا: تحديد موقع النص ( المصدر الشكلي)

ويقصد به موقع النص من المرجع الذي اخذ منه، فيتم ذكر المصدر ورتبته ضمن سلم القواعد القانونية، بحيث يتم ذكر رقم المادة، الفصل، الباب، الكتاب، الأمر، الجريدة الرسمية، العدد.

ثانيا: تحديد تاريخ النص

وذلك باعتبار أن بعض النصوص قد تصدر في ظروف سياسية و اقتصادية أو[2] اجتماعية معينة و خاصة.

الفرع الثاني: التحليل الشكلي للنص

تتضمن هذه المرحلة البحث في الشكل الخارجي أو الظاهري للنص
أولا: البناء المطبعي: (البنية الطبوغرافية) قد يوحي البناء الخارجي للنص بمجموعة من المعلومات المفيدة في التعليق كطول أو قصر النص، عدد الفقرات، تحديد المصطلحات المستعملة في النص و تحديد دلالتها كالتوكيد، الوجوب، الجواز، الاختيار، الإلزام، الأمر..
ثانيا: البناء اللغوي و النحوي للنص: ويتم ذلك بشرح المصطلحات و الكلمات المفتاحية للقاعدة القانونية، من اجل تفادي الخلط بين المصطلحات المتشابهة، كما يتم تحديد الأسلوب المستعمل وعادة ما يكون الأسلوب الخبري، و ما إذا كان سهل الفهم أم صعب.
ثالثا: البناء المنطقي: منطق النص يظهر من خلال الأسلوب المستعمل فيه، ورغم انه ليس من السهل التعرف على الأسلوب المستعمل، إلا أن هناك تعابير و صيغ تقربنا من معرفته، سواء كان أسلوب الاستنباط، الاستقراء، النفي ...

المطلب الثاني: التحليل الموضوعي للنص (الضوابط الموضوعية)

يقتضي التحليل الموضوعي دراسة النص من حيث المضمون، اي انه ينصب على المسألة القانونية او القاعدة القانونية التي يبنى عليها النص و لا يمكن ذلك إلا بقراءة النص عدة مرات مع دراسة كل كلمة وردة فيه، وتحليل كل فكرة على حدى[3]

الفرع الأول: استخراج الفكرة العامة للنص

أي استخراج المعنى الإجمالي للنص، و يسهل استخراجها بعد قراءة متأنية للنص و فهمه فهما جيدا بحيث يتبين موضوع المسالة القانونية التي يتعلق بها، و الهدف منه هو تأطير المسالة المراد مناقشتها حتى لا يتم الخروج عن الموضوع.

الفرع الثاني: استخراج الأفكار الأساسية

بعد استخراج الفكرة العامة يتم تقسيم النص إلى فقرات مع ذكر بداية و نهاية كل فقرة ووضع فكرة أساسية لها[4]

الفرع الثالث: طرح الإشكالية

 هي السؤال القانوني الذي يطرحه النص بحسب الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه، و تستخرج عادة من المعنى الإجمالي للنص، بتأكيد الفكرة التي جاء بها النص، أو فيها أو تقديرها أو البحث عن أفكار جديدة أغفلها النص وتكون الإشكالية تخدم الموضوع، و بسيطة غير مركبة و تتمثل في التساؤل يراود ذهن الباحث و يحاول إيجاد حل او جواب مناسب له، ة تحدد عبارات الإشكالية بشكل دقيق و بصيغة واضحة[5] تنتهي بعلامة استفهام.

المبحث الثاني: المرحلة التحريرية للتعليق على نص قانوني

المطلب الأول: التصريح بالخطة

بعد طرح الإشكالية و استخراج الفكرة العامة و الأفكار الأساسية يتم وضع خطة تعبر عن التصوير العام للموضوع.
تعتبر الخطة البناء الهيكلي للنص، لذا لابد على الباحث عند صياغتها مراعاة الشروط الواجب توافرها من توازن في الخطة، الربط بين العناوين الأساسية و الفرعية، عدم التناقص و التكرار.
والاعتماد على مبدأ أحادية ثنائية التقسيم و لتحليل النص يستعين الباحث بجمع المعلومات المكتبية، و توفير المادة العلمية، فيعتمد على الآراء الفقهية، الأحكام القضائية.

المطلب الثاني: المناقشة

تتم المناقشة بتحرير ما جاء في عناوين الخطة بدءا بالمقدمة و مرورا بصلب الموضوع و الانتهاء بالخاتمة.

الفرع الأول: المقدمة

من خلالها يقوم الباحث بذكر الفكرة الأساسية التي يتضمنها النص و العوامل التي أدت إلى إصداره تكون تمهيدا لما سيتم معالجته.
ويتم فيها عرض المسالة القانونية المراد مناقشتها بصورة وجيزة.

الفرع الثاني: دراسة صلب الموضوع

يتم التعليق على النص القانوني وفقا للخطة المقترحة[6]
كما يجب تفادي إعادة كتابة ما جاء في النص، بل يجب شرح الأفكار و نقدها و إبداء الرأي مع تبريرها بالاعتماد على الأسس القانونية التي تخدم الموضوع.

الفرع الثالث: الخاتمة

يتم فيها ذكر النتائج المتوصل إليها خاصة تلك التي على صلة مباشرة على الإشكالية المطروحة.
والتوصل إلى مرحلة يتم فيها الاستنتاجات الأساسية المستنبطة من النص التشريعي موضوع المعالجة، و طرح المقترحات المقدمة من اجل تعديل او مراجعة النص، سواء في صياغته او على مستوى أحكامه، مع إمكانية طرح صيغة بديلة للنص.
بعد ان تطرقنا إلى دراسة المنهجية المعتمدة في التعليق على نص قانوني، ارتأينا ختام بحثنا هذا بنموذج تطبيقي للتعليق على نص قانوني و يكون كالتالي:
التعليق على نص المادة 01 من القانون المدني الجزائري:
نص المادة: يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها او في فحواها.
وإذا لم يوجد نص تشريعي، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة.
مقدمة:
طبيعة النص: النص الذي بين أيدينا هو نص ذو طبيعة قانونية تشريعية كونه عبارة عن مادة مأخوذة من القانون المدني الجزائري.
مصدر النص: النص هو المادة 01، مأخوذ من الباب الأول المعنون آثار القوانين و تطبيقها، من الكتاب الأول المسمى أحكام عامة، من الأمر رقم 75-58 مؤرخ في 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني معدل و متمم.
التحليل الشكلي:
البناء المطبعي: كتب النص بآلة الحاسوب وهو خال من الأخطار المطبعية كما أنه قصير متكون من ثلاث فقرات قصيرة تربط بينهم حروف العطف المتمثلة في الواو و الفاء وهي:
الفقرة الأولى: تبدأ من يسري القانون........فحواها.
الفقرة الثانية: وإذا لم يوجد نص................العرف.
الفقرة الثالثة: فإذا لو يوجد.................العدالة.
البناء اللغوي: جاءت المادة بألفاظ و لغة سهلة وواضحة تحتوي على بعض المفردات المفتاحية نذكر منها:
العرف: هو مجموعة من القواعد القانونية غير المكتوبة الناشئة عن إتباع الناس عامة او فئة منهم لسلوك معين لمدة طويلة مع اعتقادهم بإلزاميتها وان مخالفتها ينتج عنها توقيع جزاء مادي.
مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة: هو مجموعة من القواعد التي لم يشرعها البشر و إنما نجدها في ذات الإنسان أي فطرته و ما عليه سوى اكتشافها و تطبيق قواعده التشريعية الموضوعية عليها.
البناء المنطقي: جاء البناء المنطقي للمادة 01 متسلسلا ما أعطى للنص صفة السهولة و الوضوح فقد استعمل المشرع الأسلوب الخبري المناسب للإعلام و الأخبار.
التحليل الموضوعي
الفكرة العامة: تتمثل مصادر القانون المدني الجزائري في التشريع، الشريعة الإسلامية و مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
الأفكار الأساسية:
1- يعتبر التشريع مصدرا رسميا للقانون.
2- يلجأ القاضي إلى مبادئ الشريعة الإسلامية و العرف في حالة غياب نص تشريعي.
3- تعتبر مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة مصدرا احتياطيا في حالة غياب المصادر الأصلية.
طرح الإشكالية: فيما تتمثل مصادر القانون طبقا للقانون المدني الجزائري ؟
التصريح بالخطة
مقدمة:
الإشكالية: فيما تتمثل مصادر القانون طبقا للقانون المدني الجزائري ؟
المبحث الأول: المصادر الرسمية
المطلب الأول: التشريع
        الفرع الأول: التشريع الأساسي
        الفرع الثاني: التشريع العادي
        الفرع الثالث: التشريع الفرعي
المطلب الثاني: الشريعة الإسلامية
المطلب الثالث: العرف.
المبحث الثاني: المصادر الاحتياطية
المطلب الأول: مبادئ القانون الطبيعي
المطلب الثاني: قواعد العدالة
خاتمة.


[1] شروخ صلاح الدين، الوجيز في المنهجية القانونية التطبيقية، دار العلوم للنشر و التوزيع، عنابة، الجزائر، 2010، ص 73-74.
[2] بوسعدية رؤوف، محاضرات في منهجية العلوم القانونية، جامعة محمد لمين دباغي، سطيف2، كلية الحقوق، 2016، ص50.
[3] سقلاب فريدة، محاضرات في منهجية العلوم القانونية، موجهة لطلبة السنة الثانية حقوق، كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2017-2018، ص 68.
[4] غناي زكية، منهجية الأعمال الموجهة، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، 2012، ص 75.
[5] نادية ابراهيم مصطفى المحروقي، احمد محروس على ناجي، الوجيز فياعداد البحث العلمي القانوني، ط1، مكتبة القانون و الاقتصاد، الرياض،2012، ص54.
[6] عبودة عبد الله العسكري، منهجية البحث العلمي في العلوم القانونية، ط2، دار النمو، دمشق، 2004، ص 138.
google-playkhamsatmostaqltradent