تقسيمات القانون

تقسيمات القانون

تقسيمات القانون

القانون عبارة عن مجموعة القواعد التي تحكم سلوك الأشخاص في المجتمع على وجه ملزم، وقواعد القانون ليست من صنف واحد، فمنها ما ينظم علاقات الأفراد فيما بينهم، ومنها ما ينظم علاقات الدول فيما بينها وعلاقاتها بالمنظمات الدولية، وبالتالي سيختلف مضمون القواعد القانونية، لذلك يقسم القانون من حيث العلاقة التي ينظمها إلى قانون عام وقانون خاص.

كما يقسم القانون من حيث درجة إلزام قواعده إلى قواعد آمرة وهي التي لا يجوز للأشخاص مخالفتها، وقواعد مكملة، والتي يمكن للأطراف الإتفاق على مخالفتها.

المبحث الأول: تقسيم القانون إلى عام وخاص (حسب طبيعة العلاقة التي ينظمها)

ينقسم القانون من حيث طبيعة الروابط القانونية التي ينظمها إلى: القانون العام والقانون الخاص، وهو التقسيم الرئيسي للقانون، وهو تقسيم تقليدي لا يزال مستقرا ومسلما به في الفقه الحديث، إذ هو ذو فائدة عملية واضحة، ناشئة عن التفرقة الواجبة في المعاملة بين الدولة صاحبة السلطة في الجماعة، وبين الأفراد الخاضعين لهذه السلطة، حيث يرجع تاريخ هذا التقسيم إلى القانون الروماني، وقد كان هدفه جعل الحاكم يتميز عن المحكومين، بإعطائه سلطات وامتيازات خاصة، ثم انتقل هذا التقسيم إلى الفقه اللاتيني الحديث.

المطلب الأول: معايير وفوائد التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص

الفرع الأول: معايير التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص

رغم أن التفرقة العادية بينهما مستقرة ومسلم بها إلى حد ما، إلا أن تحديد معيار هذه التفرقة يثير جدلا كبيرا، وقد ازدادت صعوبة التفرقة مع تطور وظيفة الدولة، حيث أن الدولة حينما تدخل في علاقات قانونية فإن ذلك يكون بإحدى صفتين:

- فقد تدخل الدولة في علاقة قانونية باعتبارها صاحبة السلطة والسيادة.

- وقد تدخل في علاقة قانونية بصفتها شخصا عاديا وليس باعتبارها صاحبة سيادة.

وقد أورد الفقه عدة معايير للتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص:

1/ معيار الأشخاص أطراف العلاقة القانونية: حسب هذا المعيار، فحين يتعلق الأمر بالدولة أو أحد فروعها وعلاقتها بالأفراد، أو بدول أخرى، نكون بصدد القانون العام، وحين يتعلق الأمر بالأفراد وعلاقاتهم بغيرهم من الأفراد الآخرين نكون بصدد القانون الخاص.

لكن هذا المعيار منتقد، ذلك أن الدولة كثيرا ما تدخل في علاقات مع الأفراد، لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطة في الجماعة، ولكن بوصفها مجرد شخص معنوي عادي كبقية الأشخاص المعنوية الخاص، ومن ثم لا ينبغي إخضاع هذه العلاقة لقواعد القانون العام، بل يجب أن تخضع لقواعد القانون الخاص، فالدولة حين تقوم بالتصرف في أملاكها الخاصة أو إستغلالها، تظهر كشخص عادي، وفي هذه الحالة يخضع نشاطها للقانون الخاص.

وعلة ذلك أن الدولة باعتبارها صاحبة السلطة والسيادة تهدف مباشرة إلى تحقيق المصلحة العامة للجماعة، أما إذا كانت لا تمارس السيادة فإنها تهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة. وبالتالي فإن معيار التفرقة القائم على أساس النظر إلى الأشخاص أطراف العلاقة القانونية لا يمكن إعتماده.

2/ معيار طبيعة القواعد القانونية: يذهب هذا المعيار إلى أن قواعد القانون العام آمرة لا يجوز مخالفتها، بينما قواعد القانون الخاص مكملة يجوز للأفراد الإتفاق على مخالفتها.

وبالتالي فإن وسيلة القانون العام هي القرار الإداري، بينما وسيلة القانون الخاص هي العقد.

غير أن هذا المعيار منتقد أيضا، فإذا كانت قواعد القانون العام كلها آمرة، فإن القانون الخاص يتضمن أيضا إضافة إلى القواعد المكملة كثيرا من القواعد الآمرة التي لا يجوز الإتفاق على مخالفتها لاتصالها بالنظام العام والآداب العامة، كقواعد الأحوال الشخصية، والحقوق العينية، والكثير من القواعد في القانون المدني والتجارية البحري وغيره.

لذا لم يعتمد هذا المعيار بدوره كأساس للتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص.

3/ المعيار الذي يعتمد على أساس السيطرة والمساواة: وقالوا بأن الدولة في تحقيقها للمصلحة العامة باعتبارها صاحبة السيادة تملك ما لا يملكه الأفراد العاديون في التصرف، فهي تملك تكليف الأفراد بالقيام بأعمال معينة (التسخير)، كما تملك نزع ملكية الأفراد جبرا عنهم وهذا ما لا يستطيعه الأفراد العاديون، وهي في علاقاتها بموظفيها تتمتع بسلطات قِبَلهم لا يتمتع بها الأفراد العاديون قِبَل من يعملون لحسابهم، لذلك سمي القانون العام بأنه القانون الذي يستند للقوة أو السلطة، بخلاف ما إذا لم تكن الدولة تتصرف بصفتها صاحبة السلطة أو القوة فإن أساس القاعدة التي تحكمها هو المساواة بين الطرفين وهذا هو القانون الخاص الذي يستند إلى المساواة بين طرفي العلاقة القانونية.

ولكن هذا المعيار بدوره غير سليم على الإطلاق، فليس كل قواعد القانون العام قواعد سيطرة واخضاع للفرد وانكار لحرية الإرادة والإختيار، مثاله: القواعد الدستورية المقررة للحريات العامة الفردية.

كما أن القانون الخاص ليس كله قانون الحرية وسلطان الإرادة، فحرية الأفراد تتوقف حتما عند القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام والآداب العامة.

4/ معيار المصلحة: حسب هذا المعيار، فالقانون العام هو الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، والقانون الخاص هو الذي يهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة للأفراد.

ويبقى هذا المعيار غير دقيق أيضا ويؤدي إلى الخلط التام بين القانون العام والقانون الخاص، إذ من الصعب الفصل تماما بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، ولذلك فإن القانون العام إذا كان يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة فإن تحقيقها يستتبع بذلك تحقيق بعض المصالح الخاصة (مثلا عقاب المجرم والحكم عليه بالتعويض للطرف المدني) وكذلك فإذا كان القانون الخاص يهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة فإنه يحقق بالتبعية والضرورة مصلحة عامة، (إذ لا يتصور أن يعمل القانون على تحقيق المصلحة الخاصة إذا تعارضت مع المصلحة العامة للجماعة)، فالزواج هو من أنظمة القانون الخاص، إذا كان يحقق مصالح خاصة فردية إلا أنه يحقق في نفس الوقت مصلحة عامة للجماعة، فتنظيم الأسرة وتنظيم العلاقات بين أفرادها يعتبر في طليعة المصلحة العامة للجماعة، وكذلك بالنسبة لتنظيم المشرع العلاقة بين العامل وأصحاب العمل فهو يستهدف المصلحة الخاصة للطرفين وكذا المصلحة العليا للمجتمع، وكذا القواعد التي تنظم البيع والإيجار، فاستقرار هذه المعاملات يحقق المصلحة العامة.

5/ المعيار المالي (معيار طبيعة القاعدة): فيرى أصحابه أن القانون العام لا ينظم العلاقات المالية بينما القانون الخاص ينظم العلاقات المالية، وهذا المعيار غير صحيح لأن القانون العام فيه جانب مالي متعلق بالضرائب والأموال العامة، فالدولة حينما تفرض ضريبة أو رسما تفرضها من موقع سيادي، ومما لا شك فيه أن هذه القواعد من القانون العام، كما أن القانون الخاص فيه جانب غير مالي متعلق بالحقوق اللصيقة بالشخصية وكذلك علاقات الأسرة.

6/ معيار طبيعة العلاقة القانونية نفسها (معيار السلطة العامة): أمام سقوط المعايير سابقة الذكر، ركز جانب من الفقه على معيار السلطة العامة، فالقانون العام وفق وجهة نظرهم ينظم تكوين السلطات العامة في الدولة والعلاقات فيما بينها، كما ينظم العلاقات بين هذه السلطات وبين الأفراد. فهو: "الذي يحكم العلاقات التي تكون الدولة أو أحد فروعها (الوزارات، الولايات، البلديات، الهيئات العامة والجامعات...الخ) بصفتها صاحبة السيادة والسلطة العامة في المجتمع طرفا فيها "، أما القانون الخاص فهو القانون الذي يحكم العلاقات بين الأفراد العاديين أو بينهم وبين الدولة باعتبارها شخصا من أشخاص القانون الخاص، حيث "يحكم العلاقات بين الأشخاص (الطبيعية أو المعنوية) التي لا تكون الدولة أو أحد فروعها طرفا فيها بوصفها صاحبة السيادة والسلطة".

ويترتب على هذا القول نتيجة مهمة، وهي أنه ليس كل علاقة تكون الدولة أحد أطرافها هي علاقة يحكمها القانون العام، بل ينبغي حتى يكون الأمر كذلك أن تدخل الدولة في العلاقة بصفتها صاحبة سلطة وسيادة.

فتستطيع الدولة أو الولاية أو البلدية أن تتعاقد مع أحد الأفراد تحت عنوان السلطة العامة وبوصفها السيادي فتحكم هذه العلاقة قواعد القانون العام، كأن تتعاقد الولاية مثلا مع أحد المقاولين على إنشاء طريق عام، فإن هذا العقد يخضع لقواعد القانون العام ويتيح للإدارة استعمال أدوات القانون العام، كما تستطيع الدولة أو الولاية أو البلدية أن تتعاقد بوصفها شخصا من أشخاص القانون الخاص كأن تمارس نشاطا تجاريا أو صناعيا، فتحدث مؤسسة إنتاج أو توزيع، أو أن تكون للدولة مجموعة مساكن ومحلات فتقوم بتأجيرها أو بيعها للأفراد، فإن هذه العلاقة تخضع للقانون الخاص، أو كأن يوصي شخص للدولة فإن هذه الوصية تخضع للقانون الخاص.

فالقانون العام يبدأ حين تتعامل الدولة مع الأفراد باستعمال امتيازات السلطة العامة، فيلزم هؤلاء بالخضوع إليها ويسلموا لها بالمرتبة العليا بما تعود عليهم هذه الرتبة من إلتزامات وتكاليف، فالعلاقة التي ينظمها القانون العام على النحو الذي وصفناه، علاقة لا يحكمها مبدأ المساواة بين أطراف العلاقة وهو ما لا نجده في روابط القانون الخاص التي لا تعير تمييزا بين أطراف العلاقة وتجعلهم في مرتبة واحدة.

الفرع الثاني: أهمية التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص

حيث أن الغرض من أحكام القانون العام هو تنظيم العلاقة القانونية المتعلقة بحق السيادة فإنه يترتب على ذلك وجود اختلافات بين أحكام القانون العام وأحكام القانون الخاص سواء من الناحية النظرية أو العملية، ويمكن تلخيص هذه الفوارق فيما يلي:

1/ في مجال الإمتيازات والعقود: فالقانون العام وهو يحكم المسائل المتعلقة بالسيادة يزود السلطات العامة في المجتمع بصلاحيات لا يخولها القانون الخاص للأفرد، كنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة ،وفرض الضرائب وكذلك السلطات المخولة للدولة في العقاب على الجرائم وتعديل العقود الإدارية من طرف واحد أو إلغائها.

أما علاقة الدولة بعمالها وموظفيها فتختلف عن علاقة صاحب العمل بعماله في نطاق القانون الخاص، كما تتقرر مسؤولية الدولة والأشخاص المعنوية المتفرعة عنها ومسؤولية الموظفين فيها على أسس وقواعد مختلفة عن القواعد العامة المقررة في القانون الخاص بشأن مسؤولية الأفراد والأشخاص المعنوية الخاصة.

2/ في مجال الأموال العامة: يخصص القانون للأموال العامة المملوكة للدولة والأشخاص الإعتبارية العامة حماية خاصة تتمثل في عدم جواز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم حتى تدوم المنفعة العامة وذلك على خلاف الأموال الخاصة.

3/ في مجال القواعد القانونية: يتميز القانون العام بأن قواعده قواعد آمرة لا يجوز الإتفاق على مخالفتها لأن المقصود بها حماية الصالح العام، بينما يتضمن القانون الخاص إلى جانب القواعد الآمرة، الكثير من القواعد المكملة وهي التي يجوز للأفراد الإتفاق على مخالفتها لأنها تتعلق بمصالحهم الخاصة.

4/ في مجال الإختصاص القضائي: حيث أن المنازعات التي تكون الدولة أو أحد فروعها طرفا فيها (القانون العام) يكون النظر فيها من اختصاص القضاء الإداري (ممثلة في المحاكم الإدارية ومجلس الدولة)، بينما يكون النظر في الدعاوى التي لا تكون الدولة أو أحد فروعها طرفا فيها (القانون الخاص) من اختصاص القضاء العادي.

يعرف هذا النظام بإزدواجية القضاء (يقابله نظام القضاء الموحد) المكرس في الجزائر بموجب دستور 1996، والمثبت بكل من القانون العضوي 98 /01 المتعلق بمجلس الدولة والقانون 98 /02 المتعلق بالمحاكم الإدارية.

نظرا للإختلاف بين أحكام القانون العام وأحكام القانون الخاص فقد عمدت الكثير من الدول ومنها الجزائر على إنجاز جهة قضائية مستقلة عن القضاء العادي تتخصص بالنظر في المنازعات المتعلقة بالقانون العام، وهي المحاكم الإدارية التي ظهرت لأول مرة في النظام القضائي الفرنسي وانتقلت فيما بعد إلى أنظمة قضائية أخرى منها النظام القضائي الجزائري.

إذا كانت التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص لا تزال قائمة رغم ما تعرضت له من انتقادات فإن ذلك لا يعطيها صفة مطلقة أو جامدة فهذه التفرقة ليست تفرقة محتومة لا يخلو منها أي نظام قانوني، فالنظام الأنجلوسكسوني والشريعة الإسلامية لا يعرفان هذه التفرقة، كما أن وجود هذه التفرقة والتسليم بها لا يمنع من وجود فروع للقانون يصعب اعتبارها من القانون العام أو الخاص كما أن هذه التفرقة ليست جامدة ثابتة الحدود بل هي تفرقة مرنة تخضع في الزمان والمكان لما يعتبر من حق السيادة في الجماعة.

المطلب الثاني: فروع القانون العام والقانون الخاص

نتناول دراسة هذا الموضوع، بالتطرق أولا الى القانون العام وفروعه، وثانيا إلى القانون الخاص وفروعه.

الفرع الأول: القانون العام وفروعه

يقصد بالقانون العام مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها بوصفها صاحبة سيادة وسلطة، سواء كانت هذه القواعد تنظم علاقتها مع بقية الدول أو علاقات سلطات الدولة بعضها مع البعض أو مع باقي الأشخاص.

وعليه، يقسم القانون العام إلى: قانون عام خارجي، وقانون عام داخلي.

القسم الأول: القانون العام الخارجي (القانون الدولي العام Droit international public)

يعرف القانون الدولي العام بأنه: مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الدول في زمن السلم والحرب، وعلاقاتها مع المنظمات الدولية، وعلاقات هذه الأخيرة مع بعضها. (كمنظمة الأمم المتحدة، الإتحاد الأوروبي، منظمة الإتحاد الإفريقي، جامعة الدول العربية، منظمة الصحة العالمية ،UNESCO، ...).

وقد كان جزء كبير من الفقه يشكك في مدى إعتبار القانون الدولي قانونا بالمعنى الصحيح، حيث يرون أن القاعدة القانونية لابد أن تجمع بين شروط ثلاثة وهي:

1/ وجود سلطة تشريعية تقوم بسنها.

2/ أن تكتسب طابع الجزاء.

3/ وجود سلطة قضائية تطبق هذه القواعد،

وهو حسب رأي هذا الفريق ما لا يتوفر في القانون الدولي مثلما هو الحال في القانون الداخلي، فهي مجرد قواعد أخلاقية، لكن من الناحية العملية نجد أن قواعد القانون الدولي معترف بها من قبل حكومات الدول جميعا، وهو ما تنص عليه مختلف الدساتير.

أما ما يتعلق بالجزاء الدولي، فيأخذ شكلا مختلفا عن القانون الداخلي، حسب طبيعة الشخص المخاطب بالقاعدة (دولة، منظمة دولية)، حيث يأخذ صورا متعددة مثل: مبدأ المعاملة بالمثل، تدخل الدول لإرغام الدولة المعتدية على القيام بواجبها، عقوبات إقتصادية، عقوبات عسكرية، قطع العلاقات الدبلوماسية ،فصل الدولة من عضوية المنظمة الدولية  ... الخ.

- مصادر القانون الدولي العام: وتتمثل خاصة في: المعاهدات الدولية ، العرف الدولي، المبادئ القانونية العامة وقرارات المنظمات الدولية (وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة).

- موضوعات القانون الدولي العام:

1/ يبين العناصر التي يجب توافرها في جماعة لاكتساب الشخصية الدولية، ويبين أنواع الدول.

2/ يحدد القواعد التي تخضع لها الدول في حالة السلم، حيث يبين حقوق الدول وواجباتها، كما ينظم العلاقات الدبلوماسية، وينظم الإتفاقيات الدولية وكيفية إبرامها وآثارها وانتهائها، ويبين قواعد المسؤولية الدولية، وطرق فض النزاعات والوساطة والتحكيم، وكيفية اللجوء إلى المحكمة الدولية ... الخ.

3/ يحدد القواعد التي تحكم علاقات الدول وقت الحرب ويسمى حينئذ بالقانون الدولي الإنساني، حيث يبين حقوق الدول المتحاربة وواجباتها وبيان الحرب المشروعة واللامشروعة، والأسلحة المحرمة دوليا وحقوق الدول المحايدة وواجباتها، واتفاقيات الهدنة والصلح وانهاء الحرب ... الخ.

4/ ينظم إنشاء المنظمات الدولية والإقليمية وعلاقاتها فيما بينها ... الخ.

القسم الثاني: القانون العام الداخلي

هو مجموعة القواعد التي تحكم العلاقات التي تقوم بين الدولة أو أحد فروعها حين تعمل بصفتها صاحبة السيادة والسلطة العامة، وبين الأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص المعنوية الخاصة، أو العلاقات التي تقوم بين الدولة وأحد فروعها، أو فيما بين هذه الفروع.

فالقانون العام الداخلي هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات المتصلة بحق السيادة في الجماعة داخليا لا خارجيا.

أو بتعبير آخر، مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات المتصلة بحق السيادة داخليا، ويشمل عدة فروع أهمها: القانون الدستوري، القانون الإداري، القانون المالي، القانون الجنائي.

1/ القانون الدستوري Droit constitutionnel: وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد شكل الدولة (ملكي/ جمهوري، بسيطة/متحدة)، ونظام الحكم فيها (ديموقراطي/ ديكتاتوري)، وتنظيم السلطات العامة (السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، السلطة القضائية)، واختصاص كل سلطة وعلاقة كل منها بالأخرى، وتحدد الحريات العامة للأفراد (حرية الرأي والتعبير والإنتقال) وحقوقهم وواجباتهم قِبَل الدولة (الأعباء العامة، الضرائب، الخدمة الوطنية).

ويعد القانون الدستوري القانون الأساسي للدولة، فهو أسمى قانون فيها، بحيث لا تملك أي قاعدة قانونية أخرى عادية أو فرعية أن تخالفه، وان حدثت هذه المخالفة أمكن الطعن في القانون المخالف بعدم الدستورية.

الدساتير الجزائرية: عرفت الجزائر أربعة دساتير: دستور 1963، دستور 1976، دستور 1989، دستور 1996 تم تعديله سنة 2002 وسنة 2008، وسنة 2016 وكان آخر تعديل سنة 2020، وقد تضمن هذا الأخير أربعة أبواب جاءت كما يلي:

الباب الأول: المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري.

الباب الثاني: تنظيم السلطات.

الباب الثالث: الرقابة والمؤسسات الإستشارية (ومراقبة الانتخابات).

الباب الرابع: التعديل الدستوري.

2/ القانون الإداري Droit administratif

 أ/ المفهوم الواسع: يقصد به مجموعة القواعد التي تحكم الإدارة العامة سواء كانت هذه القواعد متميزة غير معهودة في مجال روابط القانون الخاص، أو شبيهة بها.

ب/ المفهوم الضيق: ويقصد به مجموعة القواعد القانونية المتميزة والمختلفة عن قواعد القانون الخاص التي تحكم الإدارة العامة من حيث تنظيمها ونشاطها وما يترتب عن هذا النشاط من منازعات.

ج/ خصائص القانون الإداري: يتميز بالخصائص التالية:

- القانون الإداري قانون حديث النشأة، نشأ في فرنسا بغرض مراقبة مشروعية أعمال الإدارة في أواخر القرن الثامن عشر.

- القانون الإداري قانون غير مقنن بسبب تطوره المستمر، حيث لا يحتويه كتاب واحد موحد، بل يتشكل من مجموعة من النصوص القانونية المتناثرة . (قانون الوظيف العمومي، قانون الصفقات العمومية، قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، قانون البلدية، قانون الولاية، قانون الأملاك الوطنية... الخ ).

- القانون الإداري قانون قضائي وذلك بسبب الدور الذي لعبه القضاء الإداري وخاصة مجلس الدولة الفرنسي، في تثبيت قواعد وابتداع الحلول المناسبة لكل ما يعرض عليه من منازعات تكون الإدارة طرفا فيها.

د/ موضوعات القانون الإداري: تتمثل فيما يأتي:

- تنظيم الإدارة العامة، حيث يهتم بالشخصية المعنوية للإدارة العامة، المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية (أركانها، صورها، مزاياها وعيوبها).

- نشاط الإدارة: ويبرز في صورتين: الضبط الإداري، المرفق العام.

- أساليب الإدارة أو الأعمال الإدارية: والتي تظهر في إصدار القرارات الإدارية، إبرام الصفقات العمومية (العقود الإدارية).

- وسائل الإدارة: والتي تنحصر في الوسائل البشرية والأموال العامة، أي في كل من نظرية الموظف العام ونظرية المال العام.

- منازعات الإدارة: من حيث الجهة القضائية المختصة بالفصل في المنازعات الإدارية والمتمثلة في المحاكم الإدارية ومجلس الدولة، بالإضافة إلى الإجراءات المتبعة لرفع الدعاوى الإدارية كدعوى الإلغاء، ودعاوى المسؤولية.

3/ القانون المالي Droit financier: يقصد به مجموعة القواعد القانونية التي تحكم مالية الدولة من حيث تحديد مصروفاتها ووجوه إنفاقها، وبيان إيراداتها ومصادر هذه الإيرادات كالرسوم والضرائب والقروض وكيفية تحصيلها، كما يشتمل أيضا على القواعد التي تتبع في تحضير الميزانية السنوية للدولة وفي تنفيذها وفي الرقابة على هذا التنفيذ.

وقد صدرت عدة قوانين تنظم المالية العامة في الجزائر، أهمها القانون رقم 84 /17 المؤرخ في 07 /07 /1984 المتعلق بقوانين المالية، (صدور قانون عضوي 18 /15 المؤرخ في 02 /09 /2018 يتعلق بقوانين المالية يطبق على إعداد الميزانية ابتداء من 2023).

ويتم تمويل الميزانية السنوية للدولة بإيرادات متنوعة يتم تحصيلها من:

أ/ إيرادات الدومين العام: أي ممتلكات الدولة من مساكن ومحلات ومخازن ومسارح ومتاحف وملاعب...  (بيعها أو إيجارها).

ب/ الضرائب: وتكون المباشرة (المبالغ المفروضة على المداخيل) أو غير المباشرة (المفروضة على الإستهلاك).

ج/ الرسوم: وهي مبالغ يدفعها الفرد للإدارة مقابل خدمات تنفرد بها الدولة.

يعتبر القانون المالي حديث النشأة حيث كان داخلا في نطاق القانون الإداري باعتباره منظما للجانب المالي لنشاط الإدارة، غير أنه استقل عنه الآن نظرا لأهميته وكثرة قواعده، فأصبح بذلك فرعا قانونيا من فروع القانون العام الداخلي قائما بذاته.

وتبدو الحكمة من اعتبار القانون المالي فرعا من فروع القانون العام، أن الدولة حين تفرض ضريبة مباشرة أو غير مباشرة أو تفرض رسما نتيجة الإنتفاع بخدمة ما، تكون طرفا في العلاقة بوصفها السيادي، فتفرض ما يجب فرضه دون أن تساوم الافراد أو تقف معهم موقف المساواة، فتسن من القوانين وترسم الإجراءات ما يلزمهم بدفع مستحقاتهم.

4/ القانون الجنائي Droit pénal: ويطلق عليه أيضا القانون الجزائي، وهو ذلك الفرع من فروع القانون الذي يضم مجموعة القواعد القانونية الموضوعية والإجرائية في مجالي التجريم والعقاب، التي تحدد الجريمة والمجرم والعقوبة، وتبين الإجراءات القانونية لتعقب المجرم ومحاكمته وتنفيذ العقوبة عليه.

وبناء على هذا التعريف ينقسم القانون الجنائي إلى قسمين: قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية.

أ/ قانون العقوبات: وهو عبارة عن مجموعة القواعد الموضوعية التي تحدد الجرائم وتبين العقوبات المقررة لها وتبين شروط المسؤولية الجنائية وظروف الإعفاء والتخفيف منها، ومن أهم المبادئ المقررة في قانون العقوبات أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون (المادة الأولى من قانون العقوبات). وقانون العقوبات بدوره يقسم إلى قسمين: القسم العام والقسم الخاص.

أ-1/ القسم العام: يتناول القواعد العامة للمسؤولية الجنائية، مبينا تعريف الجريمة وأركانها ويقسمها إلى جنايات، جنح ومخالفات، تبعا للعقوبة المقررة لكل منها، كما يحدد أسباب الإباحة والإعفاء من العقوبة (الجنون، الإكراه، الدفاع الشرعي)، كما يتناول الظروف المخففة والمشددة.

أ-2/ القسم الخاص: ويتناول القواعد الخاصة بكل جريمة على حدى، مبينا أركانها وصورها المختلفة وعقوبتها، حيث يقسمها إلى:

  • جرائم واقعة على الأفراد: كالقتل والضرب والجرح ...الخ.
  • جرائم واقعة على الأموال: كالسرقة والإختلاس ... الخ.
  • جرائم واقعة على الشرف: كالسب والقذف ... الخ.
  • جرائم واقعة على الآداب العامة: كالجرائم الأخلاقية.
  • جرائم واقعة على أمن الدولة: كالخيانة والتجسس والأفعال الإرهابية.

وقد صدر قانون العقوبات الجزائري بموجب الأمر رقم 66 /156 المؤرخ في 08 جوان 1966 المعدل والمتمم.

ب/ قانون الإجراءات الجزائية: وهو مجموعة القواعد القانونية التي تبين الإجراءات الواجبة الإتباع من وقت وقوع الجريمة إلى حين توقيع العقاب على مرتكبيها وما يتطلبه ذلك من حبس  وافراج وتفتيش ومحاكمة الجاني وما يتطلبه ذلك من تحديد المحكمة المختصة وبيان إجراءات المحاكمة وصدور الحكم وطرق الطعن فيه وتنفيذه.

وقد صدر قانون الإجراءات الجزائية بموجب الأمر رقم 66 /155 المؤرخ في 08 جوان 1966 المعدل والمتمم ، ويعتبر قانونا شكليا أو إجرائيا لأنه يقتصر على بيان الإجراءات الواجب اتباعها لتطبيق أحكام قانون العقوبات.

الفرع الثاني: القانون الخاص وفروعه

يعرف القانون الخاص على أنه: "مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الأفراد، أو فيما بين الأفراد والدولة أو أحد فروعها، باعتبارها شخصا معنويا عاديا وليس باعتبارها صاحبة السيادة والسلطة"، ويتفرع القانون الخاص إلى عدة فروع أهمها:

1/ القانون المدني Droit civil: وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم السلوك الخاص للأشخاص في المجتمع بغض النظر عن طبيعتها وعن المهنة التي يمتهنونها، عدا ما تنظمه الفروع الأخرى للقانون الخاص.

ويعتبر القانون المدني أقدم فروع القانون الخاص، وهو دعامة القانون الخاص والشريعة العامة له:

- أي أنه يعتبر المرجع الأساس لحسم كل أمر لم يرد بشأنه نص في القانون الخاص، بحيث إذا لم نجد نصا يحكم أي نزاع في القانون التجاري أو قانون العمل أو أي قانون خاص آخر تطبق قواعد القانون المدني، مثل نزاع في الشركات التجارية أو العقود التجارية.

- كما أن قواعد القانون المدني تخاطب جميع الأفراد في المجتمع دون استثناء بغض النظر عن مهنهم وطوائفهم وذلك خلافا لفروع القانون الخاص الأخرى.

ويرجع أصل التسمية "القانون المدني" إلى القانون الروماني "jus civil" وهو القانون الذي كان يحكم روما ومواطنيها والى جواره كان يتواجد "قانون الشعوب "jus gentium" والذي كان يحكم الأجانب، واستمر هذا التقسيم فترة من الزمن إلى حين صدور مدونة جوستينيان التي وحدت القواعد القانونية في كتاب واحد تحت إسم القانون المدني، ثم بعد ذلك تطور هذا المصطلح وأصبح مرادفا لإصطلاح القانون الخاص.

أ/ موضوعات القانون المدني: ينظم علاقات الأشخاص في المجتمع، وتنقسم القواعد المنظمة لهذا العلاقات إلى مجموعتين:

أ-1/ قواعد الأحوال العينية: وهي مجموعة القواعد المنظمة للعلاقات المالية للشخص، وتشمل الحقوق المالية بأنواعها المختلفة وتقسم الحقوق المالية إلى قسمين:

- الحقوق الشخصية (حقوق الدائنية): يقصد بها الحقوق المالية التي تترتب لصالح شخص يسمى الدائن قِبَل شخص آخر يسمى المدين، حيث يلتزم المدين بالقيام بأداء معين ذو قيمة مالية لفائدة الدائن.

والرابطة الموجودة بين الدائن والمدين تتعدد مصادرها، فقد يكون مصدرها: العقد أو الإرادة المنفردة أو المسؤولية التقصيرية (الفعل الضار) أو الإثراء بلا سبب (الدفع غير المستحق، الفضالة) أو القانون، ويخضع كل من هذه المصادر إلى قواعد خاصة.

-الحقوق العينية: وتشمل الروابط المتعلقة بالأموال وأنواعها وسلطة الشخص على مال معين بالذات.

أ-2/ بعض القواعد المتعلقة بشخصية الإنسان: وهي تنظم الروابط الناشئة من صلة الشخص بأسرته، وتشمل القواعد التي تحكم بداية الشخصية القانونية ونهايتها، وحالات الشخص، واسمه وموطنه وأهليته. 

وقد صدر القانون المدني الجزائري بموجب الأمر 75 /58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتعلق بالقانون المدني المعدل والمتمم.

ويعتبر القانون المدني الشريعة العامة للقانون الخاص، فيطبق في كل ما لم يرد بشأنه نص في فروع القانون الخاص الأخرى، بحيث يشمل المبادئ القانونية العامة والمشتركة بين جميع الفروع، حيث يعرِف الأشخاص والأشياء وغيرها.

2/ القانون التجاري Droit commercial: وهو مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تحكم النشاط التجاري، أي أنه يعنى بطائفة التجار وما يمارسونه من أعمال تجارية، ووسائل الدفع التجارية والشركات التجارية بمختلف أنواعها. وتتمثل أهم موضوعات القانون التجاري فيما يلي:

  • تحديد الاعمال التجارية.
  • تحديد شروط إكتساب صفة التاجر  والتزامات التاجر.
  • المحل التجاري.
  • الشركات التجارية.
  • الأوراق التجارية.
  • كما ينظم الإفلاس والتسوية القضائية.

أ /الحكمة من استقلال القانون التجاري عن القانون المدني: إن الروابط التي ينظمها القانون التجاري كانت تدخل في الروابط المالية التي تخضع لقواعد القانون المدني، لكن بعد أن تطورت التجارة وازدهرت أصبحت قواعد القانون المدني لا تلائم أحكام النشاط التجاري، فظهر القانون التجاري كنوع مستقل من القانون الخاص، والسبب في ذلك يرجع إلى:

- سرعة المعاملات التجارية،

- والى الإئتمان التجاري "crédit" أو الثقة في شخص التاجر وأعماله،

- ظهور نظم جديدة في التجارة لم يكن لها وجود في التعامل غير التجاري، كالبنوك والبورصات والأوراق التجارية،

مما اقتضى إفراد قانون مستقل لتنظيم العلاقات التجارية تأخذ قواعده في الإعتبار هذين العاملين وتساعد على إزدهار التجارة وتقدمها.

ويبقى القانون المدني الشريعة العامة للقانون الخاص بما في ذلك القانون التجاري، حيث تطبق قواعد القانون المدني فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القانون التجاري.

وقد صدر التقنين التجاري الجزائري في 26 سبتمبر 1975 بالأمر 75 /59 المعدل والمتمم.

3/ القانون البحري Droit maritime: وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التجارية الناشئة عن الملاحة البحرية.

وقد كان القانون البحري تابعا للقانون التجاري على أساس أن الأعمال التي ينظمها تعتبر أعمالا تجارية، إلا أنه استقل عنه نظرا لضخامة وسيلة التجارة البحرية (السفينة) وما تتعرض له من مخاطر ذات طبيعة خاصة وما يرد عليها من عقود ومعاملات.

وتتمثل موضوعات هذا القانون في:

‌أ- أداة الملاحة البحرية أي السفينة (بناءها، تجهيزها، ما يرد عليها، من تصرفات مثل البيع أو الرهن أو الإيجار ... الخ).

‌ب- نشاط السفينة وما يتعلق به من علاقة مالك السفينة بربانها وملاحيها وعقود نقل الأشخاص والبضائع.

‌ج- مسألة التأمين البحري، أي التأمين ضد المسؤولية الناتجة عن استخدام السفينة وما تتعرض له من أخطار.

وقد انفصل القانون البحري عن القانون التجاري نظرا لما تتمتع به السفينة من خصائص وتعرضها لأخطار من طبيعة خاصة.

وقد صدر القانون البحري الجزائري في 23 أكتوبر 1976 بموجب الأمر رقم 76 /80 (تضمن 887 مادة)، وقد تقرر سريان مفعوله اعتبارا من 05 جويلية 1975، وعدل وتمم بالقانون رقم 98 /05 (25 يونيو 1998).

ونظرا للمجال الواسع للقانون البحري فإن نصوصه لا تتوقف على القانون السابق، بل إن كثيرا من قواعده نجدها في إتفاقيات دولية إنظمت إليها الجزائر مثل إتفاقية بروكسل 10 /04/1962.

/4 القانون الجوي Droit aérien: ويشتمل على مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الناشئة عن الملاحة الجوية، فيتناول الطائرة، ومسؤولية الناقل الجوي وغيرها من المسائل المرتبطة بذلك، ويستمد معظم قواعده من الإتفاقيات الدولية.    وقد صدر القانون رقم 98 /06 بتاريخ 27 يونيو 1998 الذي يحدد القواعد العامة للطيران المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 15 /14 المؤرخ في 15 يوليو 2015.

5/ قانون العمل Droit du travail: وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات العمل الفردية والجماعية والآثار المترتبة عنها بين العامل (المستخدَم employé) ورب العمل (المستخدِم employeur)، وتتمثل أهم مواضيع قانون العمل في:

أ/ تنظيم علاقات العمل الفردية والجماعية،

ب/ تنظيم منازعات العمل،

ج/ تنظيم ممارسة الحق النقابي،

د/ تنظيم الحماية الإجتماعية للأجراء وغير الاجراء.

ويحكم علاقات العمل في الجزائر حاليا القانون رقم 90 /11 المؤرخ في 21 /04 /1990 ومجموعة أخرى من القوانين.

6/ قانون الأسرة Droit de la famille: وهو مجموع القواعد القانونية التي تنظم الأحوال الشخصية للأفراد، وقد صدر قانون الأسرة الجزائري بموجب القانون رقم 84 /11 المؤرخ في 09 جوان 1984 المعدل بموجب الأمر رقم 05 /02 المؤرخ في 27 /02 /2005.

وينظم قانون الأسرة المواضيع التالية: الزواج وآثاره، الطلاق وآثاره، النيابة الشرعية (الولاية ،الوصاية، التقديم، الحجر، المفقود والغائب، الكفالة)، الميراث، الوصية والهبة والوقف.

7/ قانون الإجراءات المدنية والإدارية Droit de production civil et administratif (قانون مختلط): وهو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم وتنظم إجراءات التقاضي أمام المحاكم المدنية (العادية) والمحاكم الإدارية، وتنظم ترتيب المحاكم واختصاصها، للوصول إلى حماية الحقوق المقررة في مختلف القوانين.

ويمكن اعتبار قانون الإجراءات المدنية والإدارية قانونا مختلطا، حيث يحتوي على قواعد من القانون الخاص تتعلق بالحقوق الخاصة للأفراد، وقواعد من القانون العام تتناول سير وتنظيم مرفق القضاء، وتنظم الإجراءات أمام جهات القضاء الإداري.

وتتمثل موضوعات هذا القانون في:

قواعد واجراءات رفع الدعوى القضائية، قواعد الإختصاص النوعي والمكاني، نظام الجلسات ،إجراءات التحقيق، سقوط الدعوى والمصاريف القضائية، إصدار الاحكام والطعن فيها، إجراءات تنفيذ الاحكام القضائية ...الخ.

وقد صدر قانون الإجراءات المدنية والإدارية (1065 مادة) بموجب القانون رقم 08 /09 المؤرخ في 25 /02/ 2008، والذي ألغى الأمر 66 /154 المتضمن قانون الإجراءات المدنية.

8/ القانون الدولي الخاص Droit international privé: وهو مجموعة القواعد القانونية التي تبين القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة بالنسبة إلى العلاقات المالية أو الشخصية للأفراد إذا اقترن بها عنصر أجنبي.

والمقصود بالعنصر الأجنبي كأن يكون أحد طرفي العلاقة القانونية أو كلاهما أجنبيا عن الدولة التي رفع النزاع أمام محاكمها، أو أن يكون مصدر العلاقة عقد أبرم في بلد أجنبي، أو محل العلاقات مالا موجودا في بلد أجنبي. (عناصر العلاقة: الأشخاص، السبب، الموضوع)، وتتمثل موضوعات القانون الدولي الخاص في:

- تنازع القوانين من حيث المكان: (المواد من 9-24 من القانون المدني الجزائري)، وهي قواعد الإسناد التي تحدد القانون الواجب التطبيق حينما يكون النزاع المعروض مشتملا على عنصر أجنبي فيجري البحث عن التشريع الذي يجب تطبيقه.

- الجنسية.

- تنازع الإختصاص القضائي الدولي، (أنظر المواد 41 و42 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري).

- تنفيذ الأحكام والقرارات الأجنبية (المادة 605 قانون الإجراءات المدنية والإدارية).

- مركز الأجانب. 

أمثلة: أ/ إذا تزوج جزائري من جزائرية في فرنسا، ثم ثار نزاع بينهما بشأن هذا الزواج فهل ينعقد الإختصاص بالفصل فيه للمحاكم الجزائرية باعتبارها محاكم جنسية الزوجين ؟ أم للحاكم الفرنسية لأنها محاكم الدولة التي أبرم فيها عقد الزواج؟ واذا افترضنا ان الإختصاص ثبت لمحاكم جزائرية فما هو القانون الذي يجب تطبيقه (جزائري أو فرنسي)؟

ب / لو باع تونسي لجزائري عقارا موجودا بالمغرب وأبرم عقد البيع في الجزائر، فما هو القانون الواجب التطبيق.

الفرع الثالث: فروع حديثة للقانون

  • قانون التهيئة العمرانية: القانون رقم 20 /01 المؤرخ في 12 /12/2001.
  • قانون التعمير: القانون رقم 90 /29 المؤرخ في 01 /12/1990.
  • قانون الصحة: القانون رقم 85 /05 المؤرخ في 16 /02/1985 معدل ومتمم للقانون 98 /09 المؤرخ في 19 /08/1998.
  • قانون النقل: القانون رقم 01 /13 القانون التوجيهي للنقل البري.
  • القانون المصرفي: القانون رقم 03 /11 المؤرخ في 26 أوت 2003.
  • قانون المرور: القانون رقم 01 /14 المؤرخ في 19 أوت 2001.
  • قانون التأمين: القانون رقم 95 /07 المؤرخ في 25/01/1995.
  • قانون البيئة: القانون رقم 03 /10 المؤرخ في 19/07/2003.
  • القانون الجبائي: القانون رقم 01 /21، قانون الإجراءات الجبائية.
  • القانون الجمركي: القانون رقم 79 /07 المؤرخ في 21/07/1979 المعدل بالقانون رقم 98 /10 المؤرخ في 22 أوت 1998.
  • قانون الإستثمار: القانون رقم 01 /03 المؤرخ في 20/08/2001.
  • قانون الأعمال.
  • قانون حماية المستهلك: القانون رقم 09 /03 المعدل والمتمم.
  • قانون التقييس: ينظم الأوصاف التقنية للمنتوج (طبيعته، صنفه، منشئه، مميزاته، تركيبه ...)، القانون رقم 89/23 المؤرخ في 19/12/1989.
  • قانون المنافسة: الأمر رقم 03 /03 المؤرخ في 19/07 2003 معدل ومتمم.
  • قانون الملكية الفكرية: (الأمر 03 /06 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بالعلامات. الأمر 03 /07 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق ببراءة الإختراع. الأمر 03 /08 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة الأمر 03 /05 المؤرخ في 19/07/2003 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة).

المبحث الثاني: تقسيم القانون من حيث درجة إلزام قواعده

إن قواعد القانون هي قواعد ملزمة، إلا أن درجة الإلزام هذه تختلف في بعض القواعد عن البعض الآخر، فنجد القانون أحيانا ينظم سلوك الأشخاص بقاعدة قانونية محددة ولا يرضى بغيرها حيث لا يمكنهم اختيار غيرها أو مخالفتها (القواعد الآمرة)، وقد ينظمه بطريقة يترك فيها لأطراف العلاقة الخيار بين الأخذ بهذه القاعدة أو الإتفاق على خلافها (القواعد المكملة).

المطلب الأول: تعريف القواعد الآمرة والمكملة:

الفرع الأول: القواعد القانونية الآمرة impératives:

هي القواعد التي يجبر الأشخاص على احترامها ولا يجوز لهم الإتفاق على مخالفتها، وان حدث الإتفاق على مخالفتها كان الإتفاق باطلا.

فهي قواعد متعلقة بالمصالح الأساسية للمجتمع وسلامته، فيبطل كل اتفاق بين الأفراد على عكس القواعد المكملة، فالقواعد الآمرة قواعد مطلقة التطبيق، ذلك أنها قواعد تتعلق بكيان المجتمع وأسسه.

أمثلة عن القواعد الآمرة:

  • جميع قواعد القانون الدستوري والإداري والجبائي والمالي.
  • قواعد تقنين العقوبات التي تجرم القتل، السرقة، التزوير، الرشوة،... 
  • القاعدة التي تبين المحرمات من النساء، المادة 23 من قانون أسرة.
  • القاعدة التي تبين نصيب كل وارث، المواد 144-149 من قانون الأسرة.
  • القاعدة التي تمنع التنازل عن الأهلية، المادة 45 من القانون المدني.
  • القاعدة التي تحرم التعامل في تركة شخص على قيد الحياة، المادة 92 /2 من القانون المدني.
  • القاعدة التي تأمر بأداء الضرائب أو التي تأمر بأداء واجب الخدمة الوطنية.

الفرع الثاني: القواعد القانونية المكملة supplétives :

هي القواعد التي تنظم سلوك الأشخاص على نحو معين، ولكن يجوز لهم الإتفاق على ما يخالفها، لكونها لا تتعلق بالمصلحة العامة للجماعة بل تتعلق بالمصالح الخاصة للأفراد، لذلك ترك المشرع لهم حرية تدبير مصالحهم ولو على نحو مخالف لما تقضي به القاعدة المكملة.

لكن إذا لم يتفق الأفراد على تطبيق ما يخالفها فعند ذلك تطبق عليهم هذه القواعد.

1/ أمثلة عن القواعد المكملة:

- القاعدة التي تقضي بأن يكون ثمن المبيع مستحق الوفاء في المكان الذي يسلم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك (المادة 387 من القانون المدني الجزائري).

- القاعدة التي نصت عليها المادة 277 من القانون المدني الجزائري: "لا يجبر المدين الدائن على قبول وفاء جزئي لحقه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك".

- ما نصت عليه المادة 395 من القانون المدني الجزائري: "إن نفقات تسليم المبيع تكون على المشتري ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك".

2/ جدوى القواعد المكملة: فالقواعد المكملة لا تهدف إلى حماية مصالح المجتمع الأساسية، إنما تتعلق بمصالح الأفراد الغير متعلقة بالنظام العام لذا يسمح لهم باستبعاد حكمها إن شاؤوا والأخذ بأحكام غيرها يختارونها لأنهم أدرى بمصالحهم، واذا لم يوجد اتفاق على ما يخالف حكمها، فإنها تكون ملزمة مثل القواعد الآمرة ويلتزم القاضي بتطبيقها على علاقات الأفراد.

المطلب الثاني: التمييز بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة

يتم ذلك استنادا إلى: المعيار الشكلي (اللفظي) والمعيار الموضوعي.

الفرع الأول: المعيار الشكلي (اللفظي)

يمتاز هذا المعيار بسهولة اعماله، إذ يستند إلى عبارة النص القانوني وألفاظه، فقد يتم صياغة النص بعبارات تدل بوضوح ما إذا كانت القاعدة آمرة أو مكملة.

- حيث تكون القواعد آمرة: كما لو صرح النص على عدم جواز الاتفاق على ما يخالف مضمونه، أو أبطل كل اتفاق على ما يخالفه، أو عاقب مخالف هذا الحكم، فتأتي صياغة القواعد الآمرة: (لا يجوز، يقع باطلا، لا يصح، يعاقب، يتعين، يلزم).

مثلا: نص المواد 92، 402، 403، 430، 454 من القانون المدني الجزائري، المواد 107، 110 من تقنين العقوبات.

وتكون القواعد مكملة، إذا أجازت صراحة للأفراد الإتفاق على ما يخالفها، فترد القواعد المكملة بالصياغة التالية: (ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، يجوز الإتفاق على خلاف ذلك، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك).

مثلا: المواد 277، 281، 365، 368، 387، 388، 389، 392، 395، 486 و488 من القانون المدني ... الخ.

الفرع الثاني: المعيار الموضوعي (المعنوي)

ويعتمد على تحليل النص ومدى تعلقه بالنظام العام والآداب العامة، فإذا كان النص يتعلق بالنظام العام والآداب العامة فهو قاعدة آمرة لا يجوز الإتفاق على خلافها، (مثل: المادة 93 من القانون المدني الجزائري)، أما إذا كان النص يتعلق بمصلحة خاصة للأفراد ولا يتعلق بالنظام العام والآداب العامة، فيعد قاعدة مكملة (مثل: المادة 127 من القانون المدني).

*مفهوم النظام العام: لم يعرفه المشرع وترك ذلك للفقه والقضاء، ويعتبر من الأفكار المرنة التي تتغير تبعا لظروف الزمان والمكان، ويقصد به: مجموعة المصالح الجوهرية للمجتمع أو مجموعة الأسس التي يقوم عليها كيان الجماعة سواء كانت سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية أو خلقية، وهو فكرة نسبية تتغير وفقا للمكان والزمان.

*مفهوم الآداب العامة: هي تلك الأسس الخلقية الضرورية لحفظ كيان المجتمع، أي هي القدر من المبادئ التي تنبع من التقاليد والمعتقدات الدينية والأخلاق في المجتمع، والتي يتكون منها الحد الأدنى للقيم والأخلاقيات التي يعد الخروج عنها إنحرافا وتحللا يدينه المجتمع.

ويتضح أن قواعد القانون العام متعلقة دائما بالنظام العام، فهي قواعد آمرة (قواعد القانون الدستوري قواعد آمرة (الحقوق والحريات)، قواعد القانون الجنائي آمرة، وقواعد القانون الإداري والقانون المالي، كذلك قواعد قانون الأسرة وقواعد القانون الدولي الخاص.

وبالتالي تنحصر أهمية التفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة في نطاق القانون الخاص، وبالتالي تزداد أهمية الإعتماد على فكرة النظام العام كوسيلة للتمييز بين النوعين من القواعد.

أمثلة عن القواعد الآمرةأمثلة عن القواعد المكملة
القانون المدنيالمواد 40، 378، 426، 882، 434،388، 395، 394،
القانون التجاريالمواد 01، 09، 19، 79،188،
القانون البحري16633،
القانون الدولي الخاصكلها متعلقة بالنظام العام/
قانون الإجراءات المدنية والإداريةقواعد الإختصاص النوعي والمكاني، الأحكام وتبليغها والطعن ومواعيده وإجراءاته، تنفيذ الأحكام، رد القضاة، ..الخالتحكيم الدولي (اتفاقية التحكيم) المواد 1006، 1041،

المرجع:

  1. د. علال ياسين، مطبوعة بيداغوجية بعنوان: نظرية القانون، محاضرات ألقيت على طلبة السنة الأولى جذع مشترك، جامعة 8 ماي 1945 – قالمة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم القانونية والإدارية، السنة الجامعية 2019/ 2020، ص23 إلى ص49.

google-playkhamsatmostaqltradent