مشكلة البحث وفرضياته

 مشكلة البحث وفرضياته

مشكلة البحث وفرضياته

أولا: مشكلة البحث:

تعرف المشكلة بأنها سؤال بحاجة إلى توضيح أو إجابة٬ أو موقف غامض يحتاج إلى تفسير. بدون وجود مشكلة لا يكون هناك مبرر للباحث لمعالجة شيء. فالمشكلة هي نقطة البداية لتحرك الباحث وللحاجة لبحثه٬ وهي محور لعملياته البحثية حتى النهاية.  ولهذا يراعى في مشكلة البحث:

أ. أن تكون واضحة تعبر مباشرة عن العوامل المؤثرة.

ب. أن تكون مختصرة نسبيا ومدونة في موقع مناسب في خطة أو تقرير البحث.

  • تحديد المشكلة:

من المعروف أن العديد من البحوث والدراسات العلمية تفشل بشكل كبير لإخفاقها في تحديد مشكلة البحث تحديدا واضحا٬ يتم من خلاله تعريف الأسباب التي أدت إلى مشكلة من جهة والإبعاد المكونة للمشكلة نفسها من جهة أخرى. وتجدر الإشارة هنا إلى إن عملية تحديد المشكلة ليست عملية سهلة على الإطلاق وتحتاج إلى معرفة وجهد كبيرين من الباحث.

  • مصادر مشكلات البحث:

 لٲن مرحلة الوصول إلى مشكلة معينة تصلح للدراسة والبحث٬ تعد من أهم المراحل التي يمر بها الباحث٬ فإن عليه أن يتعرف على المصادر التي عن طريقها يمكن أن يتوصل إلى مشكلة مناسبة٬ وتشمل هذه المصادر:

- التخصص الذي يوفر للباحث الخبرة والمعرفة بالانجازات العلمية في المجال٬ والمشكلات التي تمت دراستها والمشكلات التي لا تزال قائمة وتحتاج إلى جهود علمية لدراستها.

- برامج الدراسات العليا وما تقدمه من حلقات دراسية ومقررات في مجال مناهج البحث وغير ذلك من الموضوعات.

- الخبرة العلمية والميدانية في العمل والوظيفة.

- الدراسات المسحية للبحوث والسابقة والجارية.

- الرسائل الجامعية (رسائل الماجستير والدكتوراه).

- التقارير والإحصاءات.

- أوراق المؤتمرات والندوات العلمية.

- مقالات الدوريات المتخصصة.

- الكتب والمراجع.

- الاتصالات الشخصية مع الخبراء والمتخصصين.

- المشرف أو الأستاذ الأكاديمي.

- المؤسسة التي يعمل فيها الباحث.

- الكشافات والمستخلصات والبليوغرافيات.

- الزملاء في المهنة والعمل.

وتكون الأفكار في دهن الباحث عن مشكلة البحث عامة في البداية وواسعة في مجالها لدرجه ٲنه من الصعب معالجتها من خلال دراسة واحدة.  وما تقدم تفكير الباحث في موضوع البحث واستعانته بزملائه أو بالمشرف الأكاديمي٬ يطور الباحث قدرته على صياغة المشكلة بطريقة أكثر تحديدا وأضيق مجالا.  ويوضح المثال التالي كيفية تحديد نطاق مشكلة البحث:

- مشكلة الأمية.

- مشكلة الأمية في الوطن العربي.

- مشكلة الأمية في الأردن.

- مشكلة الأمية في محافظة العاصمة عمان.

- برامج محو الأمية في محافظة العاصمة عمان.

- مشكلات برامج محو الأمية في محافظة العاصمة عمان.

- مشكلة التسرب من برامج محو الأمية في محافظه العاصمة.

- عوامل تسرب المرأة من برامج محو الأمية في محافظة العاصمة.

  • اعتبارات اختيار المشكلة:

هناك عدد اعتبارات يجب مراعاتها عند اختيار مشكلة البحث وأهمها:

- حداثة المشكلة٬ أي ٲنه لم يتم تناولها من قبل حتى لا تتكرر الجهود.

- أهمية المشكلة وقيمتها العلمية.

- اهتمام البحث بالمشكلة وقدرتها على دراستها وحلها.

- توفر الخبرة والقدرة على دراسة المشكلة.

- توفر البيانات والمعلومات الكافية من مصادرها المختلفة.

- توفر الوقت الكافي لدراسة المشكلة.

- توفر الإمكانات المادية والإدارية المطلوبة.

- عدم وجود جوانب أخلاقية تمنع إجراء المشكلة.

- أن تكون قابلة للبحث في ضوء الإمكانيات المتوفرة لدى الباحث.

ولتحديد المشكلة يمكن الاسترشاد بالأسئلة التالية:

- ما هي حدة المشكلة أو الظاهرة موضوع الدراسة؟

- ما هو تاريخ بروز هذه المشكلة أو الظاهرة؟

- هل هناك مؤشرات كافية حولها نستطيع تحديدها بوضوح؟

- هل ستكون إيرادات تنفيذ اقتراحات الدراسة أعلى بكثير من تكاليف إجرائها؟

- هل يمكن القيام بهذه الدراسة وهل تتوافر الخبرات العلمية لذلك؟

- هل هناك دراسات سابقة حول المشكلة يمكن الحصول عليها بتكلفة معقولة وخلال فترة زمنية معقولة؟

  • معايير صياغة المشكلة:

1. وضوح الصياغة ودقتها.

2. أن يتضح في الصياغة وجود متغيرات الدراسة.

3. وضوح الصياغة بحيث يمكن التوصل إلى حل للمشكلة (قابلة للاختيار).

ويفضل تحديد مشكلة البحث في صيغة سؤال كما هو الحال في الأمثلة التالية:

- ما ٲثر نظم المعلومات الإدارية على الأداء المؤسسي للشركات المساهمة العامة الأردنية؟

- هل يختلف تحصيل طلبة الصف الثالث الثانوي العلمي في الرياضيات باختلاف طريقة التدريس المستخدمة؟

- ما هي المشكلات التي تواجه المعلمين والمعلمات أثناء تدريسهم النصوص الأدبية للمرحلة الثانوية؟

- هل توجد علاقة بين اهتمام الوالدين٬ مستواهما الاقتصادي٬ والتعليمي والاجتماعي وتحصيل أبنائهم في المرحلة الابتدائية في محافظة الزرقاء؟

- ما مدى فاعلية رياض الأطفال في دولة البحرين في تنمية الاستعداد القرائي لدى تلاميذ الصف الأول الابتدائي؟

- ما هي المشكلات التي تواجه كليات المجتمع الخاصة في الأردن؟

وعند صياغة مشكلة البحث يجب ٲخذ الأمور التالية بعين الاعتبار:

1. ما العلاقة بين المتغيرات الداخلة في الدراسة؟ وهل هذه المتغيرات محدده وقابلة للقياس؟

2. يجب أن تصاغ المشكلة بشكل سؤال أو عدة أسئلة واضحة لا إبهام فيها.

مثال:

- ما العلاقة بين معدل الثانوية العامة والمعدل التراكمي لطلبة بكالوريوس العلوم عند تخرجهم من الجامعات الأردنية.

- ما أسباب عزوف الطلبة عند دراسة الكيمياء في الجامعات الأردنية؟

3. يجب أن يكون بالإمكان جمع البيانات عن المشكلة لاختبارها.

4. يجب أن لا تتعرض المشكلة لموضوعات حساسة من الناحية الأخلاقية أو الدينية.

5. يجب أن تكون المشكلة قابلة للحل من قبل الباحث ضمن الوقت والإمكانات المتاحة له.

ويمكن تقويم مشكلة البحث من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:

- هل تعالج المشكلة موضوعا جديدا أم موضوعا تقليديا مكررا؟

- هل سيسهم موضوع الدراسة في إضافة علمية جديدة معينة؟

- هل تمت صياغة المشكلة بعبارات محددة وواضحة؟

- هل ستؤدي المشكلة إلى توجيه الاهتمام ببحوث ودراسات أخرى؟

- هل يمكن تعميم النتائج التي يتم التوصل إليها؟

- هل ستقدم النتائج فائدة عملية إلى المجتمع؟

(نموذج لمشكلة البحث)

- مشكلة الدراسة:

تكمن مشكلة الدراسة في تقدير مدى فعالية برنامج الماجستير في تخصص المناهج والتدريس الذي تطرحه الجامعات الأردنية (الأردنية واليرموك) لتأهيل القادة والمشرفين التربويين٬ نظرا للدور المهم الذي يلعبه القائد المشرف التربوي في تطوير العملية التربوية٬ وضرورة امتلاكه للكفايات التي يتطلبها برنامج التطوير التربوي في الأردن٬ ونظرا للجهود الوطنية الكبيرة المبذولة في مجال التأهيل٬ وللاطمئنان على فعالية برامج التأهيل.

(نموذج لمشكلة البحث)

- مشكلة الدراسة:

إن المشكلة الرئيسية تكمن في معرفة ٲثر البرامج التلفزيونية على متعاطي المخدرات٬ حيث أضحى الحديث يدور عن وجود دور لوسائل الاتصال في ظاهرة انتشار تعاطي المخدرات وخاصة مع الانتشار الواسع لوسائل الاتصال بين الجماهير بمختلف مستوياتها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية فالباحث موسى يشير إلى دور وسائل الإعلام فيقول:" وهنا لا يسعنا إلا أن نعترف بخطورة وسائل الإعلام وبخطورة الآثار النفسية والاجتماعية التي تترتب على التعرض لها. إن دور وسائل الاتصال في التنشئة الاجتماعية٬ يلقي على الاتصال الجماهيري ووسائله مسؤولية ضخمة وخطرة في أن واحد باعتبار أن الإعلام هو الآخر مؤسسة اجتماعية٬ مثل المؤسسات الأخرى الأسرية والتربوية والدينية والثقافية٬ التي لها دور في غرس القيم الاجتماعية وصقل الشخصية.

ورغم أن من يتابعون البرامج التلفزيونية المستوردة منها أو المحلية لا يرون فيها ما يدعو بطريقة مباشرة إلى تعاطي المخدرات٬ ورغم وجود بعض المسلسلات والأفلام التي تظهر فيها لحظات من حياة متعاطي ومروجي المخدرات وحروب عصابات وصراعات فيما بينهم مع أجهزة الأمن٬ ورغم وجود برامج تلفزيونية ذات طابع رخيص أو عنيف بين هذا الكم الهائل من البث التلفزيوني فإننا نتساءل هل لمثل هذه البرامج دور في تعاطي المخدرات؟

ويمكن للباحث الاسترشاد بأدلة الرسائل الجامعية لاختيار المشكلة وللتعرف على الدراسات السابقة في هذا المجال ومن بين هذه الأدلة:

- دليل الرسائل الجامعية المودعة من الجامعات العربية في مركز الإيداع في مكتبة الجامعة الأردنية.

- ملخصات رسائل الماجستير في التربية في الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك.

- دليل رسائل الدكتوراه والماجستير في الجامعات العربية ويصدر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

- دليل الرسائل العلمية التي منحتها الجامعات العربية ويصدر عن إدارة المكتبات في جامعة الكويت.

ثانيا: الفرضيات Hypotheses

بعد تحديد مشكلة البحث أو الظاهرة المراد دراستها والاطلاع على الدراسات السابقة ذات العلاقة فإن على الباحث أن يقوم بإيجاد فرضيات معينة تكون بمثابة حلول مؤقتة أو أوليه يجري اختبارها بأساليب ووسائل مختلفة للتأكد من صحتها أو نفي ذلك.

  • مفهوم الفرضية:

الفرضية بشكل عام عبارة عن تخمين ذكي وتفسير محتمل يتم بواسطته ربط الأسباب بالمسببات كتفسير مؤقت للمشكلة أو الظاهرة المدروسة٬ وبالتالي فإن الفرضية عبارة عن حدس أو تكهن يضعه الباحث  كحل ممكن ومحتمل لمشكلة الدراسة٬  والفروض تأخذ غالبا صيغة التعميمات أو المقترحات التي تصاغ بأسلوب منسق ومنظم يظهر العلاقات  التي يحاول الباحث من خلالها حل المشكلة٬ وتشتمل الفرضيات عادة على بعض العلاقات المعروفة كحقائق  علمية والتي يقوم الباحث  بربطها ببعض الأفكار المتصورة التي ينسجها من خياله ليعطي بذلك تفسيرات وحلول أولية مقبولة لأوضاع الظاهرة أو المشكلة التي ما زالت مجهولة.

وبشكل عام فإن الفرضية تعني واحدا أو أكثر من الجوانب التالية:

- حل محتمل لمشكلة البحث.

- تخمين ذكي لسبب أو أسباب المشكلة.

- رأي مبدأي لحل المشكلة.

- استنتاج مؤقت يتوصل إليه الباحث.

- تفسير مؤقت للمشكلة.

- إجابة محتملة على السؤال الذي تمثله المشكلة.

وٲن أي شكل من الأشكال أعلاه تٲخده فرضية البحث٬ لابد وٲن يكون مبنيا على معلومات٬ أي أنها ليست استنتاجات أو تفسيرات عشوائية٬ وإنما مستندة إلى المعلومات والخبرات الكافية.

والفروض أو الفرضيات تشكل الخطوة الثالثة في طريقة البحث العلمي بعد تحديد المشكلة أو الظاهرة المراد دراستها وبعد حصر الدراسات السابقة عن نفس المشكلة أو الظاهرة٬ وعلى الرغم من أن الفروض عبارة عن تكهنات أولية لتفسير الظاهرة إلا أنها لا تأتي بمحض الصدفة٬ إذ تحتاج عملية وضع الفروض بأنواعها وصيغها المختلفة لمعرفة واسعة بالمشكلة أو الظاهرة المدروسة وبجميع الظروف المحيطة بها وكذلك توافر قدرة كبيرة عند الباحث على تنظيم الأفكار وترتيبها وربطها مع بعضها البعض في سبيل الوصول إلى تفسيرات مقبولة للمشكلة٬ وبالتالي يمكن القول أن عملية وضع وصياغة الفرضيات هي عملية إبداعية وتشكل إحدى الركائز الأساسية لعملية البحث العلمي.

  • مصادر اشتقاق الفرضيات:

يستطيع الباحث اشتقاق وصياغة فرضياته من مصادر عديدة أهمها:

أ. المعرفة الشخصية الواسعة للباحث ومدى قدرته على التخيل وتجميع وربط الأفكار مع بعضها البعض في أنماط تفسيرية معقولة.

ب. الملاحظة والتجربة والخبرة العملية خصوصا في ما يتعلق بالمشكلة أو الظاهرة المدروسة.

ج. الدراسات السابقة حول المشكلة أو الظاهرة قيد الدراسة.

  • فوائد الفرضيات:

تكمن أهمية الفرضيات في عملية البحث العلمي في الفوائد التي تحققها للباحث والبحث العلمي على حد سواء٬ ويمكن تحديد أهم هذه الفوائد في ما يلي:

أ. تحديد مسار عملية البحث العلمي وذلك من خلال توجيه الباحث بجمع بيانات ومعلومات معينة لها علاقة بالفرضيات التي تم وضعها من ٲجل اختبارها ومن ثم قبولها أو رفضها بما يتلاءم مع المبادئ والأصول العلمية المتعارف عليها.

ب. تساهم الفرضيات في تحديد المناهج والأساليب البحثية الملائمة لموضوع الدراسة وبالشكل الذي يساعد على اختبار الفرضيات.

ج. تزيد من قدرة البحث على فهم المشكلة أو الظاهرة المدروسة من خلال تفسير العلاقات بين المتغيرات والعناصر المختلفة المكونة لهذه المشكلة أو الظاهرة.

د. تساعد في الوصول إلى فرضيات جديدة وقوانين جديدة تعمل جميعا على تراكم المعرفة وتسرع وتيرة البحث من خلال الكشف عن أفكار وفرضيات جديدة يمكن دراستها.

  • صياغة الفرضيات:

هناك عدد من السمات أو الخصائص التي يجب أن تتصف بها الفرضيات٬ وٲن ينتبه إليها الباحث وأهمها:

- معقولية الفرضيات (منسجمة مع الحقائق العلمية وليست خيالية).

- إمكانية التحقق منها (قابلة للقياس والاختبار التجريبي).

- قدرتها على تقديم تفسيرات شاملة للظاهرة أو للمشكلة.

- لها علاقة بالحقائق والنتائج السابقة للبحوث.

- بساطة الفروض (واضحة وبعيدة عن التعقيد والغموض).

- تحدد وبشكل واضح العلاقات بين المتغيرات (المستقلة والتابعة).

ولكي يتمكن الباحث من اختبار الفرضيات بأسلوب علمي ودقيق٬ فإنه لا بد من صياغة فرضيات الدراسة وفق أسس وقواعد تساعد على ذلك٬ ومن أهم هذه الأسس ما يلي:

أ. توخي الدقة والوضوح عند صياغة الفرضيات واختصارها بأسلوب لغوي بسيط ما أمكن ذلك.

ب. بفضل صياغة الفرضيات على شكل علاقات بين متغيرات وبشكل يجعلها قابلة للقياس والاختبار.

ج. ضرورة أن تصاغ الفرضيات بما يتلاءم مع طبيعة ومحتوى المشكلة أو الظاهرة قيد الدراسة وبشكل يعمل على تفسيرها بناء على هذه الأسس. ويمكن صياغة الفرضية بإحدى طريقتين هما:

أ. طريقة الإثبات:

وتعرف الفرضيات في مثل هذه الحالة بالفرضيات المباشرة وتصاغ على شكل يؤكد وجود علاقة سالبة أو موجبة بين متغيرين أو أكثر.

* أمثله:

1. يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين أداء طلبة التوجيهي العلمي وطلبة التوجيهي الأدبي في مادة مبادئ الإحصاء.

2. توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات طلاب المجموعة التجريبية والضابطة في مقياس الاتجاه نحو التربية الصحية.

ب. طريقة النفي:

تعرف الفرضيات في هذه الحالة بالفرضيات الصفرية وتصاغ بأسلوب ينفي وجود علاقة بين متغيرين أو أكثر.

* أمثلة:

1. لا يوجد فرق له دلالة إحصائية في النهج الحياتي بين النساء العاملات والنساء غير العاملات.

2. لا يوجد فرق ذو دلالة إحصائية بين تحصيل الطلبة وتحصيل الطالبات في مقرر مبادئ الرياضيات.

  • اختبار الفرضيات:

تبقى الفرضية مجرد تخمين وتكهن إلى أن يتوصل الباحث إلى أدلة حية تؤيد صحة أو عدم صحة الفرضية٬ ومن هذا المنطلق يمكن القول أن القوانين العلمية ما هي إلا فروض لم يثبت بعد عدم صحتها كما أن الفروض عبارة عن قوانين لم تثبت صحتها بعد. ولكي يتم التأكد من صحة أو عدم صحة الفرضيات في أي دراسة فإنه يمكن إتباع أساليب وطرائق عديدة أهمها:

أ. طريقة الحذف:

في هذه الطريقة لابد للباحث من حصر جميع العوامل والأسباب ذات العلاقة بالمشكلة أو الظاهرة٬ ثم يبدأ باختبار هذه العوامل والأسباب وكل عامل يثبت عدم تأثيره في المشكلة أو الظاهرة أو ضعف وانعدام دورة يتم حذفه إلى أن يتم التوصل إلى العوامل ذات التأثير الكبير في المشكلة أو الظاهرة والتي يمكن من خلالها وضع تفسير منطقي ومقبول لمشكلة البحث أو الظاهرة المدروسة. وفي حال إثبات الاختبار لعدم تأثير جميع هذه العوامل في المشكلة أو الظاهرة فعندئذ لابد من البحث عن عوامل وأسباب أخرى كحلول للمشكلة. فمثلا لو أراد ٲحد الباحثين تحديد سبب تراجع إنتاجية الخضروات للدون الواحد في منطقة ما٬  فإن عليه أن يقوم بحصر جميع الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك مثل:  نقص المياه٬  نوعية التربة٬ سوء الإدارة٬ نوعية البذور٬ الخ٬  ثم يحاول اختبار هذه الأسباب سببا وذلك بأسباب ضعف أو قوة تأثيرها في الظاهرة المدروسة  بحيث يتم استثناء كل سبب  ضعيف أو عدم التأثير٬  ومن ثم يمكنه التوصل إلى السبب أو الأسباب ذات التأثير الكبير في الظاهرة٬ ومع إن هذا ليس بالأمر اليسير نظرا لما يتطلبه من معرفة وإلمام واسع بالظاهرة  والظروف المحيطة بها٬  إلا أن هذه الطريقة تعتبر من ٲبسط طرائق اختبار الفرضيات.

ب. طريقة التجربة الحاسمة:

يحاول الباحث في مثل هذه الطريقة الوصول إلى فرضين متناقضين٬ ومن ثم يبرهن على عدم صحة ٲحدهما وبالتالي يتأكد من صحة الفرض الآخر.

ج. استنباط المترتبات:

تستخدم مثل هذه الطريقة في حالة عدم إمكانية اختبار الفرضية بشكل مباشر والتأكد من صحتها أو نفي ذلك٬ وبالتالي يتم اللجوء إلى اختبار الفرضية بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال استنباط المترتبات التي ينبغي أن تحدث إذا كانت هذه الفرضية أو الفرضيات صحيحة٬ ومن ثم يجري اختبار هذه المترتبات للتأكد من صحتها وبالتالي صحة الفرضية٬ ولتوضيح ذلك إليك المثال التالي:

إذا ادعى ٲحد الأشخاص بأنه كاتب فإنه يمكن التأكد من ذلك من خلال مجموعة من المترتبات كالتالي:

- ٲنه عضو مسجل في اتحاد الكتاب أو رابطة الكتاب.

- قام بنشر مجموعة من الموضوعات والمقالات باسمه.

- يمتلك مكتبة خاصة في بيته.

- يهتم ويتابع حضور النشاطات الأدبية والثقافية.

وفي خطوة لاحقة يمكن اختبار صحة هذه المترتبات والتأكد من صحتها وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات كما يلي:

- فحص سجلات اتحاد الكتاب أو رابطة الكتاب للتأكد من عضوية هذا الشخص.

- البحث في الصحف والمجلات لحصر ما نشره هذا الشخص باسمه.

- القيام بزيارة لهذا الشخص في بيته للتأكد من اقتنائه لمكتبة خاصة.

- ملاحظة مدى حضوره للنشاطات الأدبية والثقافية.

وهكذا ومن خلال اختيار المترتبات واثبات صدق صحتها أو عدمه نستطيع إثبات أو نفي صحة الفرضية.

د. طريقة التلازم النسبي:

وهي إحدى الطرق الاستقرائية التي يعتبرها عالم الاجتماع دوركايم من أفضل الطرق لإثبات أو نفي وجود علاقة سببية بين ظاهرتين٬ في مثل هذه الطريقة  يقوم الباحث بالمقارنة  بين ظاهرتين  وتحديد التغيرات  التي تطرأ عليهما بشكل مستمر من ٲجل التأكد من وجود علاقة  بينهما ومن أمثله ذلك:

- انخفاض معدل المواليد عند المشتغلين في قطاعات اقتصادية غير قطاع الزراعة.

- ارتفاع معدل المواليد كلما انخفض مستوى معدل دخل الأسرة.

 وكما سبق الحديث في هذه الدراسة فإن التلازم قد يكون طرديا أو عكسيا.

وهناك طرق عديدة أخرى يمكن بواسطتها اختبار الفرضيات مثل:

- طريقة المقارنة النظرية.

- طريقة الاختبارات البيانية (مثل شكل الانتشار).

وفي ما يتعلق بالفرضيات الإحصائية فإنه يمكن اختبارها ( قبول أو فرض الفرضية) بأساليب إحصائية عديدة أهمها:  اختبار(ت) والذي يستخدم في حالات المجتمع وليس العينة٬ اختبار (ف) واختبار مربع كأي٬  وغيرها كما سيتضح في فصل الإحصاء والبحث العلمي.

في ما يلي مجموعة من الفرضيات مأخوذة من أبحاث محكمة ومنشورة في عدد من مجلات البحث العلمي العربية:

- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطات الاختبار البعدي المباشر (التحصيلي) بين الطلاب في المجموعة التجريبية والطلاب في المجموعة الضابطة.

- لا يوجد ارتباط ذو دلالة إحصائية على مستوى ٠٬٠٥ بين أراء المعلمين والطلبة نحو البرامج العربية المتلفزة.

- يوجد اختلاف ذو دلالة إحصائية في أهمية استخدام مواد التجميل بين النساء العاملات وغير العاملات.

- تمثل وسيلة النقل المملوكة الوسيلة الأكثر أهمية في الانتقال إلى السوق.

- يستخدم السوق لتحقيق وظائف أخرى غير التسوق.

- يرتبط مدى الإنفاق في السوق بمدى بعد مكان الإقامة عن السوق.

- يختلف كم ونوع الخدمات المقدمة من قبل التجمعات السكانية باختلاف الحجم السكاني لهذه التجمعات.

- تزداد كلفة إنتاج البضائع كلما بعدت المسافة عن السوق.

  • افتراضات البحث: Assumptions

يقصد بالافتراض تلك العبارة التي تمثل فكرة اعتبرت صحيحة٬ وبنيت على أساسها الدراسة بشكل عام والفرضيات بشكل خاص. وتذكر هذه الافتراضات في الدراسة للكشف عن الأفكار التي يعتبرها الباحث صحيحة وغير قابلة للتغيير ولا تحتاج إلى دراسة للتأكد من صحتها. ولا تعد هذه الافتراضات مقبولة إلا إذا توافرت بيانات موضوعية خاصة تدعمها٬ ومعرفة منطقية أو تجريبية أو مصادر موثوقة٬ يمكن الاطمئنان إليها.

ومن المؤكد أن قيمة الدراسة سوف تكون عرضة للشك إذا كانت افتراضاتها الأساسية موضع تساؤل٬ ولذلك فإن الباحث يختار هذه الافتراضات بعناية. ويجب أن تكون هذه الافتراضات ذات علاقة مباشرة بالدراسة٬ حيث يضع بعض الباحثين افتراضات في بحوثهم ليست ذات علاقة بالبحث. كذلك يجب على الباحث عدم وضع افتراض لا يمكنه الدفاع عنه.

مثال: الافتراضات التالية ظهرت في دراسة بعنوان: تقويم مدى فعالية برنامج الماجستير في تخصص المناهج وطرق التدريس في الجامعات الأردنية.

  • افتراضات الدراسة:

- تفترض هذه الدراسة قدرة الطلبة الذين أكملوا برنامج الماجستير بنجاح في تخصص المناهج وأساليب التدريس من كليات العلوم التربوية في الجامعات الأردنية على تحديد الجوانب المختلفة لهذا البرنامج.

- إن الطلبة الخريجين والذين أكملوا البرنامج بنجاح هم الأقدر على تقويم برنامج الماجستير في المناهج والتدريس الذي درسوه.

  • الفرضيات الإحصائية:

عند دراستنا للكثير من الظواهر فإننا نقوم بوضع فرضيات تخص بعض معالمها الإحصائية من مثل المتوسط الحسابي والتباين والنسبة المئوية ومعامل الارتباط وغيرها٬ ومن ثم نقوم بأخذ عينات من المجتمعات الخاصة بتلك الظواهر ونجمع عنها بيانات رقمية نستخدمها في الاستدلال على صحة الفرضيات أو على عدم صحتها. وتسمى الفرضيات في مثل هذه الحالة بالفرضيات الإحصائية ومن أمثلتها:

- متوسط طول البالغين في الأردن ١٧٠ سم.

- تباين الذكاء بين أطفال المرحلة الابتدائية (١٦).

- نسبة النجاح في الثانوية العامة هي ٦٥%.

- معامل الارتباط بين الذكاء والتحصيل هو ٠٬٠٦.

- أطول الذكور أعلى من أطوال الإناث في مرحلة المراهقة بعشرة سنتيمترات بالمتوسط.

- متوسط دخل الفرد العامل في الأردن لا يقل عن (١٥٠) دينارا.

المرجع:

  1. د. ربحي مصطفى عليان، البحث العلمي أسسه مناهجه وأساليبه، إجراءاته، بيت الأفكار الدولية، الأردن، ص69 إلى ص84.
google-playkhamsatmostaqltradent