بحث حول صنـدوق ضمـان السيارات

بحث حول صنـدوق ضمـان السيارات

صنـدوق ضمـان السيارات

  • من إعداد: قادري عبد المطلب

مقدمة:

إن إلزامية التأمين المقررة في المادة الأولى من الأمر 74-15 ساعدت إلى حد كبير في جبر الأضرار الجسمانية التي يتعرض لها ضحايا حوادث المرور، من خلال إلزام مالكي المركبات بالتأمين عليها من جهة، وإلزام شركات التأمين بتنفيذ التزاماتهم اتجاه المكتتبين من جهة أخرى، غير أن هذه الالتزامات قد تسقط أحيانا، أو لا يمكن أدائها لأسباب معينة، فيجد ضحية حادث المرور نفسه عاجزا عن استيفاء تعويضه، من شركة التأمين وحتى من المتسبب في الحادث، فكيف يمكنه الحصول على تعويض؟

في الحقيقة لم يترك المشرع الجزائري هذه المسألة دون تنظيم، بل أنشأ صندوقا خاصا يتولى تعويض ضحايا حوادث المرور، ويضمن حصولهم على تعويضات تتناسب مع الأضرار الجسمانية التي لحقت بهم يسمى صندوق ضمان السيارات.

ولتعرف على هذا الصندوق والمهام التي يقوم بها، وجب الإجابة على التساؤلات التالية:

  • ماهو صندوق ضمان السيارات؟.
  • من هم الأشخاص الذي يمكنهم الاستفادة من خدماته؟.
  • كيف يتم تعويض ضحايا حوادث المرور من طرف الصندوق؟.

أولا: تعريف صندوق ضمان السيارات:

هو مؤسسة عمومية تشتغل تحت وصاية وزارة المالية أنشئت أول مرة بموجب الأمر 69-107، المؤرخ في 31 ديسمبر 1969 تحت اسم الصندوق الخاص بالتعويضات، ثم تم تغيير أسمه ليصبح "صندوق ضمان السيارات"، وذلك بموجب المادة 117 من قانون المالية لسنة 2003.

يتم إدارة و تسير هذا لصندوق من قبل مدير عام، يتم تعينه باقتراح من الوزير المكلف بالمالية إلى جانب مجلس إدارة يتكون من 08 أعضاء هم:

  • الوزير المكلف بالمالية أو ممثل عنه كرئيس لمجلس الإدارة.
  • ممثل عن وزير الدفاع.
  • ممثل عن الوزير المكلف بالداخلية.
  • ممثل عن وزير العدل.
  • ممثل عن وزير المكلف بالمالية ممثل عن وزير النقل.
  • ممثلين من جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين.

ثانيا: تمويل الصندوق:

إن الطبيعة الخاصة لصندوق ضمان السيارات و المهام الحساسة التي يتولاها تجعل من ضرورة تزويده بالإعتمادات المالية الكافية، لتعويض ضحايا حوادث المرور أمر ضروري وحتمي، لذلك خصه المشرع الجزائري بمصادر متعددة للتمويل أهمها:

  • رصيد حساب التخصيص رقم 029-302 الذي عنوانه الصندوق الخاص بالتعويضات.
  • مساهمات مسئولي الحوادث غير المؤمنين.
  • التحصيلات التي أجريت على عاتق أصحاب التعويضات.
  • حصائل توظيف أموال الصندوق.
  • الزيادات الحاصلة على الغرامات المالية في إطار العقوبات على تأمينات السيارات.
  • مساهمات شركات التأمين المحددة ب03٪ من أقساط التأمين الصافية من الإلغاءات و الرسوم بما في ذلك الضمانات الفرعية المقبوضة بعنوان تأمين السيارات.
  • مساهمات شركات التأمين بالتناسب مع المقبوضات من فرع السيارات.
  • التخصيصات المحتملة من ميزانية الدولة.

ثالثا: الحالات التي يتدخل فيها الصندوق:

يكلف صندوق ضمان السيارات بتحمل كل أو جزء من التعويضات المقررة لضحايا الحوادث الجسمانية أو ذوي حقوقهم، وذلك عندما تكون هذه الحوادث مسببة من مركبة برية ذات محرك  و يكون المسئول عن الأضرار بقي مجهولا، أو سقط حقه في الضمان وقت الحادث، أو كان ضمانه غير كاف أو كان غير مؤمن له، أو ظهر بأنه غير مقتدر كليا أو جزئيا.

وبالتمعن في الفئات المعنية بالتعويض من صندوق ضمان السيارات، يبدو أن المشرع قام بتحديدهم على سبيل الحصر ولم يترك المجال للاجتهاد و التخمين، غير أن المثير للانتباه هو استعماله للفقرة " أو كان ضمانه غير كاف" و هي عبارة غامضة لم نتمكن من تحديد الغاية من إدراجها في نص المادة 24 من الأمر 74-15 خاصة و أن التأمين القاعدي للمركبات أو ما يعرف قانونيا بالتأمين من المسؤولية المدنية (RC) يفترض أن يغطي كل الأضرار الجسمانية المرتبطة بحوادث المرور فكيف يكون التأمين غير كافي؟.

وعلى العموم فإن ضحايا حوادث المرور أو ذوي حقوقهم، يمكنهم الحصول عن تعويضات من صندوق ضمان السيارات، إذا توفرت فيهم الشروط السابقة الذكر إلى جانب شروط مكملة أخرى نصت عليهم المادة 30 من الأمر 74-15 هي:

  • أن يثبت الضحايا أنهم جزائريون أوبأن محل إقامتهم يقع في الجزائر أو أنهم من جنسية دولة سبق لها أن أبرمت الجزائر إتفاق معاملة بالمثل.
  • أن التعويض يكون ضمن الشروط المحددة في الأمر 74-15 ولا يمكن أن يترتب عنه حق بالتعويض الكامل من جهة أخرى.
  • إذا أمكن للضحايا أو ذوي حقوقهم المطالبة بتعويض جزئي بعنوان هذا الحادث نفسه فإن الصندوق الخاص بالتعويضات لا يضمن إلا التعويض التكميلي.
  • إذا بقي المتسبب في الحادث مجهولا أو إذا كان معروفا وغير مؤمن له أو سقط ضمانه بأن ظهرت عدم مقدرته المالية كليا أو جزئيا بعد المصالحة، أو على أثر حكم القضاء المتضمن الحكم عليه بدفع التعويض عن الضرر.

رابعا: تعويض المستفيدين من طرف الصندوق:

تختلف إجراءات مطالبة صندوق ضمان السيارات بالتعويض، حسب الحالات التي تم الإشارة إليها أعلاه والتي يمكن حصرها فيما يلي:

1. حالة الأضرار اللاحقة بالضحايا من فاعلين مجهولين:

في هذه الحالة يكون على الضحية أن تتوجه مباشرة إلى الصندوق الخاص بالتعويضات من أجل الحصول على التعويض المناسب، ولكن يجب مراعاة ما يلي:

  1. أجل التوجه إلى الصندوق: حسب المادة 17 من المرسوم 80-37 هو خمس سنوات ابتداء من تاريخ الحادث، حيث يجب على الضحية أو ذوي حقوقها مطالبة الصندوق ضمن الآجال القانونية.

  2. طلب التعويض: أن يوجه الطلب إلى صندوق ضمان السيارات، بواسطة رسالة مضمونة الوصول مرفقة بإشعار بالاستلام، إلى عنوانه بالجزائر العاصمة، وفي ثنايا هذا الطلب يجب أن يثبت صاحبه أنه جزائري، أو بأن له إقامة عادية في الجزائر، أو بأنه من جنسية دولة سبق لها وأن أبرمت مع الجزائر اتفاق المعاملة بالمثل.

  3. فوات أجل المطالبة بالتعويض: إذا لم يقم المصاب أو ذوي حقوقه بمطالبة الصندوق بالتعويضات في الآجال القانونية، فإنه يجوز للضحية أو ذوي حقوقها الذين فاتهم الأجل أن يرفعوا طعنا استثنائيا أمام وزير المالية، ويوضح في هذا الطعن كافة الظروف التي منعت المصاب أو ذوي حقوقه، من مطالبة الصندوق خلال المهل المنصوص عليها قانونا ويبت وزير المالية في هذا الطعن.

  4. إثبات بقاء المسئول عن الحادث مجهول: و يمكن استعمال كل الطرق لإثبات ذلك مثل شهادة الشهود أو أي وسيلة إثبات أخرى .

  5. رد الصندوق على طلب التعويض: يتراوح رد الصندوق بين القبول الرفض، وعلى العموم فإنه لا يثار أي إشكال في حالة قبول الصندوق للمطالبة، لكن الأمر يختلف في حالة الرفض، حيث يستطيع الصندوق الاعتراض على حق التعويض أو مبلغه و في هذه الحالة يستطيع الضحايا أو ذوي حقوقهم اللجوء إلى القضاء المختص نوعيا و محليا لحل النزاع.

2. حالة الأضرار اللاحقة بالضحايا من فاعلين معلومين:

في حالة ما إذا ارتكب حادث المرور من قبل شخص معروف لكنه غير مؤمن له أو معسر أو يجري تحقيق أن تأمينه ناقص فإنه يجب مراعاة ما يلي:

  1. أجال مطالبة الصندوق: يوجد في هذه الحالة كما في حالة المسئول عن الحادث مجهول أجلان يجب على الضحايا التقييد بهما تحت طائلة سقوط الحق، حيث يجب على الضحايا أو ذوي حقوقهم تقديم طلبهم خلال خمس سنوات من تاريخ حصول الحادث أو من تاريخ الحكم القضائي الذي أكتسب قوة الشيء المقضي فيه.

  2. توجيه الطلب: يجب توجيه طلب التعويض إلى الصندوق الخاص بالتعويضات خلال مهلة خمس سنوات نفسها ابتداء من تاريخ الحادث وإما من تاريخ الحكم القضائي الذي أكتسب قوة الشيء المقضي فيه، وتجدر الإشارة أن الصندوق يبدي رأيه في هذا الطلب خلال مهلة أقصاها شهران من تاريخ استلامه، فإن انقضت هذه المهلة دون جواب بالرفض أو القبول يحق للمصاب أو ذوي حقوقه التمسك بالمتابعة القضائية للصندوق.

الخاتمة:

رغم النقائص المسجلة على هذا الصندوق وطرق عمله، يمكن القول أنه ساهم إلى حد بعيد في جبر أضرار ضحايا حوادث المرور، وتكريس مبادئ التكافل الاجتماعي التي تتبناها الدولة الجزائرية.

google-playkhamsatmostaqltradent