تقسيمات الحقوق

تقسيمات الحقوق

تقسيمات الحقوق

للحق أنواع وتقسيمات فهو يختلف باختلاف موضوعه ومضمونه وأطرافه، وقد اختلفت تقسيمات الحق من فقيه إلى آخر فمنها حقوق سياسية ومدنية وحقوق عامة وخاصة وحقوق عائلية ومالية وحقوق شخصية وأدبية ومعنوية، والحقوق المالية قد تكون حقوق شخصية تقرر لشخص قبل شخص آخر ،وقد تكون حقوق عينية تثبت لشخص على شيء معين واما حقوق معنوية ذهنية، أي هناك حقوق مالية وحقوق غير مالية، هذه الحقوق تمكن صاحبها من استعمالها وفقا لطبيعة هذا الحق وفي حدود نطاقه ومضمونه والسلطات التي يخولها له القانون ،فالقانون منح للأشخاص سلطات لتحقيق مصلحتهم في استعمالهم لحقوقهم العينية، أما الحق الشخصي فهو رابطة بين شخصين دائن ومدين بمقتضاها يكون للدائن أن يطالب بأداء معين فإذا نظرنا إليها من ناحية الدائن اتضح لنا جانب الحق فيها.

تتميز الحقوق المالية بأنها كثيرة ومتنوعة بحكم تنوع محل الحق المالي، فقسم الفقه الحقوق إلى حقوق غير مالية وحقوق مالية، ويقوم هذا التقسيم على مدى توافر أو تخلف القيمة المالية في الحق وما يستتبعه من آثار مختلفة.

وعليه وفي إطار هذا المبحث أتناول الحقوق الغير مالية وبدورها تنقسم إلى عدة أقسام وهذا في المطلب الأول، ثم بعد ذلك أتطرق إلى الحقوق المالية وما تتميز به هذه الحقوق في المطلب الثاني. 

المطلب الأول: الحقوق غير المالية

تنقسم الحقوق الغير مالية إلى ثلاث أقسام، فهناك حقوق ذات طابع فريد بأن ليس لها محل خارج صاحبها نفسه وتسمى بالحقوق اللصيقة بالشخصية وهذا ما سوف نتطرق إليه في الفرع الأول، وهناك نوع آخر من الحقوق وتسمى بالحقوق السياسية تلك الحقوق التي يتمتع بها الشخص باعتباره عضوا في الجماعة وهذا في الفرع الثاني، كما أن هناك حقوق تنشأ عن مركز الفرد في محيط أسرته وتسمى حقوق الأسرة وهذا ما سوف نتناوله في الفرع الثالث.

الفرع الأول: الحقوق اللصيقة بالشخصية

تعتبر الحقوق اللصيقة بالشخصية من بين الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها للغير ولا تقوم بمال ولا تنتقل للغير بالبيع أو الوصية ولا بالتوارث ولا يجوز التوكيل باستخدامها وهي حقوق غير قابلة للتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرف، وعليه تناولت تعريف الحقوق اللصيقة بالشخصية أولا، أنواع الحقوق اللصيقة بالشخصية ثانيا، خصائص الحقوق اللصيقة بالشخصية ثالثا. 

أولا- تعريف الحقوق اللصيقة بالشخصية:

يقصد بهذه الحقوق بأنها "الحقوق التي تثبت للشخص لكونه إنسانا" أي أنها ذات طابع فريد بأن ليس لها محل خارج صاحب الحق نفسه، فهذه الحقوق تنصب على مقومات وعناصر الشخصية ذاتها في مظاهرها المختلفة، وهذه الحقوق تثبت للشخص لكونه إنسانا ولذلك فإن هذه الحقوق يتمتع بها المواطنين والأجانب على حد سواء، ونظراُ لارتباط هذه الحقوق ارتباطا وثيقا بمقومات وعناصر الشخصية فسميت لذلك بالحقوق اللصيقة بالشخصية أو الحقوق الشخصية، فهذه الحقوق تقررت للمحافظة على كيان الإنسان المادي والمعنوي فبدونها لا يكون الإنسان آمنا على حياته وحرية نشاطه، كما للفرد الحق في الحياة وله كذلك الحق في سلامة جسمه وشرفه وحق المساواة وحرية التفكير ...إلخ.

وظهور هذه الحقوق يعتبر حديثا نسبيا، هذه الحقوق تقترب إلى حد كبير من الحريات حيث أنها تمنح لكل إنسان لكن هذه الحقوق تنشئ على خلاف الحريات منطقة من الحماية المدعمة والمانعة لمنافسة الآخرين بحيث يمكن أن نضعها على حدود فكرة الحق، هذه الطائفة من الحقوق وان كانت تعكس وجهي الشخصية وما ترتكز عليه من مقومات مادية ومعنوية على السواء، إلا أنه يصعب حصر الحقوق المتفرقة عن هذه الحقوق والتي تعمل على حمايتها وتدعيمها. 

ثانيا- أنواع الحقوق اللصيقة بالشخصية:

تتصل هذه الاخيرة بالكيان المادي والكيان المعنوي للإنسان

1- الحقوق المتصلة بالكيان المادي للإنسان:

وهي مجموعة الحقوق التي تكفل للإنسان حماية شخصيته ،وبالتالي حقوق لصيقة بشخصية الإنسان كحقه في الحياة وسلامة جسمه، مما يترتب على الغير واجب احترام هذه الحقوق وعدم الاعتداء عليها، كذلك يقع على الإنسان الامتناع على التصرف في هذه الحقوق سواء بالتنازل أو التصرف في أعضائه.

2- الحقوق المتصلة بالكيان المعنوي للإنسان:

حيث تقتضي صفة الإنسان وجود هذه المقومات كحق الإنسان في اسمه ومنع الغير من انتحاله والحق في السمعة والشرف، ويترتب على ذلك تجريم القذف والسب والبلاغ الكاذب لما في ذلك من مساس بشرف الإنسان، وسمعته والتعويض عن الضرر الذي لحقه.

ثالثا- خصائص الحقوق اللصيقة بالشخصية:

من بين الخصائص أنها لا تزول عن صاحبها ويترتب على ذلك أنها لا تصلح محلا للتصرف، وأنها لا يرد عليها تقادم، ولا تنتقل للورثة بعد وفاة صاحبها، كما أنها غير قابلة للحجز عليها لأنها حقوق غير مالية.   

الفرع الثاني: الحقوق السياسية

الحقوق السياسية هي تلك الحقوق التي يتمتع بها المواطنون دون الأجانب ومن خلال هذا الفرع أتناول تعريف الحقوق السياسية أولا، ثم تطرقت إلى أنواع الحقوق السياسية ثانيا، وفي الأخير خصائص الحقوق السياسية ثالثا.

أولا- تعريف الحقوق السياسية: 

يقصد بالحقوق السياسية "مجموع الحقوق التي يقررها القانون للفرد باعتباره عضوا في جماعة سياسية ألا وهي الدولة، وبمقتضاها يتمكن من المشاركة في الحكم ،ويدخل تحت هذا النوع من الحقوق حق الترشح وحق الانتخاب وحق تولي الوظائف العامة وحق الحماية في الخارج". 

ثانيا- أنواع الحقوق السياسية:

تتمثل أنواع الحقوق السياسية في أن تهدف إلى السماح للأفراد في المشاركة في الحياة السياسية  والمشاركة في حكم الجماعة التي ينتمون إليها، ومن أهم هذه الحقوق الحق في الانتخاب أي حق الاختيار من يمثلوه في المجالس المختلفة، وحق الترشح والتقدم للهيئة الناخبة لاختياره نائبا عنهم في السلطات التشريعية أو السلطات المحلية، والى جانب هذه الحقوق الحق في تقلد الوظائف العامة في الدولة في حدود ما يقضي به القانون، كأن يكون موظفا في أحد المرافق العامة في دولته. 

ثالثا- خصائص الحقوق السياسية:

تتميز هذه الحقوق بأن ليس لها طابعا ماليا وبالتالي لا يجوز التنازل عنها، أو التصرف فيها أو اكتسابها بالتقادم أو انتقالها بالميراث، كما أن هذه الحقوق تخص المواطنين دون الأجانب، وفي بعض الحالات الاستثنائية قد يجيز القانون توظيف الأجانب في بعض الوظائف من شأنها تقديم خدمات عامة للمواطنين، فلا ينظر لهذه الحقوق على أنها ميزات أو مصالح يستأثر بها المواطنين بل إنها وظائف سياسية تمنح على سبيل التكليف وليست حقوقا، ويعود تنظيم هذه الحقوق للقانون الدستوري. 

الفرع الثالث: حقوق الأسرة

هذا النوع من الحقوق ينشأ عن مركز الفرد في محيط أسرته، فالبعض منها ينشأ عن العلاقة الزوجية وتنشأ بينهما حقوق متبادلة، والبعض الآخر تنشأ بين الآباء والأبناء، فهذه الحقوق تمنح سلطات وتضع وجبات في نفس الوقت، فتنقسم هذه الحقوق إلى حقوق الأسرة والحقوق المالية في نفس الوقت، كما تتميز بأنها غير مالية كذلك كونها غير قابلة للتصرف فيها، ولا يحق للدائنون الحجر عليها، ونتيجة لمركز بعض الأشخاص تنشئ لهم حقوق مالية كحق الأطفال في النفقة والأقارب في الميراث. 

أولا- تعريف حقوق الأسرة:

يقصد بحقوق الأسرة أنها "هي حقوق ناشئة عن كون الفرد عضوًا في أسرة معينة بسبب الزواج أو القرابة " ومن خلال هذا التعريف نستنتج أن مناط هذه الحقوق هو انتماء الشخص لهذه الأسرة ويختلف مركز الشخص وصفته في الأسرة، وهذه الحقوق تثبت للفرد باعتباره فردا داخل أسرة معينة، فالأسرة باعتبارها مجموعة أشخاص تربط بينهم صلة قرابة من نسب أو مصاهرة فإن مركز الشخص وسط أسرة يعطي له حق التمتع بحقوق وبالمقابل يفرض عليه واجبات، ومن خلال هذه العلاقة يترتب عنها أثار قانونية.

ثانيا- الآثار القانونية لحقوق الأسرة:

ونتيجة لهذه العلاقة ينتج عنها الآثار التالية:

- للزوج حقوق على زوجته في طاعتها له باعتباره رئيس العائلة وهو حق يقتصر عليه هو وحده فقط فلا يشاركه فيه أحد.

- كما للزوجة عليه حسن المعاملة واحترمها وهذه الحقوق والواجبات يتضمنها قانون الأسرة في الجزائر.

- حق الزوج في احترام الزوجة لوالديه وأقاربه.

- حق الزوج على الزوجة في إرضاع الأولاد عند الاستطاعة.

- حق الزوجة في الإنفاق عليها، وأن يكون أمينا عليها ويصون كرامتها. 

- حق الإرث بين الأزواج والفروع والأصول.  

- للزوج حق التأديب والعدل بين الزوجات، في حالة التعدد من حيث النفقة والمبيت، والحق في تربية الأولاد وتأديبهم، كما للزوجة الحق في زيارة أهلها في المواسم والمناسبات...الخ من الحقوق المتبادلة.

ثالثا- مميزات حقوق الأسرة:

تتميز هذه الحقوق بأنها يغلب عليها الطابع غير المالي، ويترتب على ذلك عدم جواز التصرف فيها أو الحجز عليها، ولا تسقط بالتقادم نتيجة عدم الاستعمال ولا تدخل في الذمة المالية ويقع باطلا بطلانا مطلقا أي تنازل عنها، كما أن هذه الحقوق لا تخول لصاحبها سلطات فحسب، بل تضع على عاتقهم العديد من الواجبات في نفس الوقت، فالأب مثلا له سلطة تأديب الأولاد، وعليه أيضا واجب تربيتهم والإنفاق عليهم، وهذه الحقوق لا تمنح من أجل تحقيق مصالح خاصة وانما تمنح من أجل مصلحة الأسرة كلها. 

المطلب الثاني: الحقوق المالية

الحقوق المالية أو الأموال محلها يكون دائما قابلا للتقويم بالنقود، كما تسمى أيضا بحقوق الذمة المالية لأنها تكون الجانب الإيجابي لها، الهدف منها الحصول على فائدة أو منفعة، لذا فهي تقبل التعامل فيها بين الأشخاص، يستطيع صاحب الحق التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات كالبيع وغيرها من التعاملات، ومحلها قد يكون شيئا معينا فيسمى حقا عينيا، وقد يكون القيام بعمل أو الامتناع عن عمل ناشئ عن علاقة ارتباط بين شخصين فينشأ ما يسمى بالحق الشخصي، ويمكن الحجر عليها للوفاء بديون صاحبها وهي ثلاثة أنواع.

وعليه وفي إطار هذا المطلب، تطرقت إلى الحقوق العينية الفرع الأول، ثم تناولت الحقوق الشخصية الفرع الثاني، وبعدها عالجت التفرقة بينهما الفرع الثالث، والأخير تعرضت للحقوق الذهنية الفرع الرابع.

الفرع الأول: الحقوق العينية

الحقوق العينية هي قدرات أو إمكانيات أو مزايا أو سلطات مباشرة يقررها القانون لشخص معين على شيء محدد بذاته، ويقصد بالسلطة المباشرة أن يكون الحق لصاحب الشيء في استعماله مباشرة دون حاجة إلى تدخل شخص آخر ليمكنه من استعمال حقه، فلا يوجد وسيط بين صاحب الحق والشيء موضوع الحق وتطلق على هذه الحقوق تسمية العينية لأنها متعلقة بالعين أو الشيء المادي.

وعليه تطرقت في هذا الفرع إلى تعريف الحقوق العينية أولا، ثم تناولت تقسيمات الحقوق العينية ثانيا.

أولا- تعريف الحقوق العينية:

الحق العيني يقصد به "هو ذلك الحق الذي يرد على شيء مادي ويخول صاحبه سلطة مباشرة على هذا الشيء تسمح له بالاستئثار بقيمة مالية فيه، ويكون لصاحب الحق أن يستعمل حقه على الشيء دون حاجة إلى مطالبة شخص بتمكينه من استعمال حقه".

وتنقسم الحقوق العينية إلى قسمين رئيسيين حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية

ثانيا- تقسيمات الحقوق العينية:

تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية، الحقوق الأصلية تقوم بذاتها دون حاجة إلى وجود حق آخر تتبعه، وحقوق عينية تبعية لا تقوم مستقلة بذاتها وانما تستند في وجودها لحق آخر تقوم لضمانه والوفاء به.

1- الحقوق العينية الأصلية:

هي الحقوق المستقلة لا تتبع حقا آخر أو تستند في وجودها إليه طالما أن المقصود منها هو تحقيق الاستفادة المستمدة من الشيء ذاته، بما يتلائم مع طبيعته، ويكون لصاحب الحق سلطة استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه، وفي هذه الحالة نكون أمام حق الملكية. 

أ- سلطات حق الملكية:

ويعتبر أقوى الحقوق العينية الأصلية وأوسعها مضمونا وسلطات إذ لصاحبه سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وكل السلطات المتصورة على شيء مادي من حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف فيه بكافة طرق التصرف القانونية والتي سأتناولها فيما يلي:

- حق الاستعمال ويرد على شيء مملوك للغير يخول لصاحبه استعمال الشيء بنفسه فيما أعد له للحصول على منفعة الشيء دون استغلاله أو التصرف فيه فإذا كان محل هذا الحق أرضا زراعية فحقه يقتصر على زراعتها بنفسه ولا يمكنه تأجيرها لغيره، بشرط عدم مجاوزة القيود التي يفرضها القانون.

- حق الاستغلال ويعني ذلك الحصول على ثمار الشيء، وتتمثل في الأداء المالي الذي يحصل عليه المالك مقابل إنشائه حق للغير يتعلق بالشيء، كالأجرة المستحقة لمالك المسكن مثلا مقابل تأجيره لمسكنه لشخص ما.

- حق التصرف يعني القيام بأي عمل يؤدي للقضاء عليه، أو أن يقوم بالانتقاص من سلطاته على الشيء كإنشاء حق ارتفاق، أو تصرف في حق ملكية بناء على عقد كبيع الشيء محل الحق.    

ب- الحقوق المتفرعة عن حق الملكية

- حق الانتفاع وهو حق عيني يكون بموجبه للشخص المنتفع أن يستعمل أو يستغل شيء مملوك للغير دون التصرف فيه، فالمنتفع له أن يستعمل الشيء في حدود ما أعد له، كما له كذلك الحصول على ثماره،  والى جانب ذلك يقع على عاتقه واجب المحافظة على الشيء وأن يبذل في ذلك عناية الرجل العادي، كما عليه كذلك أن يرد هذا الشيء عندما ينتهي حقه في الانتفاع.    

- وحق الاستعمال وحق السكنى يتقرر هو الآخر على شيء مملوك للغير بحيث يكون لصاحبه السكنى فقط إذ لا يخول لصاحبه سلطة استغلاله في أي غرض آخر غيره، وينقضي حق السكنى بما ينقضي به حق الانتفاع ولا يجوز التنازل عنهما للغير إلا بناءًا على اتفاق صريح في العقد. 

- حق الارتفاق يتقرر هذا الحق على عقارين مملوكين لشخصين مختلفين أحدهما خادم وهو المثقل بحق الارتفاق، والآخر مخدوم وهو من تقرر لصاحبه الارتفاق يترتب عليه إنقاص من المزايا التي تخولها حق الملكية للمالك في عقاره لفائدة العقار المخدوم من حيث استعماله واستغلاله، وأن حق الارتفاق مرتبط بالعقار مما يترتب عنه مبدئيا دوامه رغم تغير المالك.

- حق الحكر أستمد هذا الحق من الشريعة الإسلامية، يتقرر على أرض موقوفة يترتب لصاحبه حق البناء أو الغرس عليها مقابل أجر الإيجار الذي يدفع لمثل هذه الأرض لمدة طويلة فهي صورة للإيجار طويل المدة، ويهدف إلى إصلاح الأرض وتعميرها حيث يمتلك المحتكر سلطتي الاستعمال وينتقل إلى الورثة قبل انتهاء المدة.

2- الحقوق العينية التبعية:

المقصود بها أنها لا توجد لذاتها وانما مرتبطة ومعتمدة على حق آخر وتنشأ الحقوق العينية التبعية ضمانا بحق من الحقوق الشخصية، فالحق العيني التبعي لا ينشأ استقلالا وانما لضمان وتأمين الوفاء بحق الدائن ولهذا تسمى بالتأمينات العينية، ويعطي الحق العيني التبعي لصاحبه الحق في تتبع الشيء الضامن والتنفيذ عليه وتقدم باقي الدائنين في حالة التعدد، وتنقسم الحقوق العينية التبعية بحسب مصدرها إلى حق الرهن ويتقرر باتفاق الأطراف، حق الاختصاص ويتقرر بحكم من القضاء، وحق الامتياز يتقرر بنص القانون.

أ- حق الرهن:

الرهن هو نظام قانوني يوفر للدائن الراحة والاطمئنان في عملية الاقتراض وهو حق عيني تبعي ينشأ بموجب عقد رسمي أو عقد رضائي بين الدائن والمدين، بمقتضاه يلتزم الأول قبل الثاني بأن يقدم له شيئا عقارا أو منقولا ضمانا للوفاء بدينه، وهو نوعان رهن رسمي ورهن حيازي ويلجأ إليه في حالة إعسار المدين عن الدفع.

- الرهن الرسمي ويسمى أيضا بالرهن التأميني ومصدره الاتفاق، فهو عقد بين المدين الراهن والدائن المرتهن بمقتضاه يخصص الأول للثاني عقاراً له كضمان للوفاء بالدين، وهو عقد شكلي رسمي يقوم الموثق بإفراغه في ورقة رسمية ويتم تسجيله لدى المصالح المختصة، لا يتخلى فيه المدين الراهن عن ملكيته للعقار ولا عن حيازته له، ويكون للدائن المرتهن في حالة في حالة عدم استفاء دينه من المدين الراهن التنفيذ على العقار المرهون استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون. 

- الرهن الحيازي هو حق عيني تبعي وهو عقد بين المدين الراهن والدائن المرتهن يلتزم الأول أن يقدم للثاني عقاراً أو منقولا ضمانا للوفاء بالدين متخليا عن حيازتهما لا عن ملكيتهما للدائن المرتهن، فيتولى هذا الأخير حفظ الشيء المرهون وإدارته واستفاء حقه من غلته، وأن يتقدم على الدائنين العاديين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن الشيء في أي يد يكون، وهو عقد شكلي كما أنه يرد على العقار وعلى المنقول. 

ب- حق التخصيص: 

وهو حق عيني تبعي، يتقرر هذا الحق بأمر القضاء على عقار معين أو أكثر من عقارات المدين لفائدة الدائن ضمانا لأصل الدين والمصاريف.

ج- حق الامتياز:

يتقرر هذا الحق بنص القانون لحق معين مراعاة لصفة متقدما في المرتبة على سائر الحقوق و تنقسم بحسب محلها إلى نوعين:

- حقوق امتياز عامة وترد على جميع أموال المدين منقولات وعقارات، مثل امتياز أجرة العامل وكذلك المبالغ المستحقة لخزينة الدولة وقد نص عليها المشرع في التقنين المدني من حيث الترتيب في الاولوية.

- حقوق امتياز خاصة وترد على مال معين بالذات عقار أو منقول كامتياز بائع العقار ضمانا لحقه في الثمن، والمقاولون والمهندسون المعماريون ضمانا لحقهم في باقي أجورهم.

الفرع الثاني: الحقوق الشخصية (الحقوق الدائنية)

الحق الشخصي يقصد به بأنه "رابطة قانونية بين شخصين يلتزم بمقتضاها أحدهما وهو المدين في مواجهة الأخر وهو الدائن بأن يقوم بعمل أو الامتناع عن عمل معين ويسمى الحق الشخصي، ويسمى الحق الشخصي حقا إذا نظر إليه من ناحية الدائن، والتزاما أو دينًا إذا نظر إليه من جهة المدين" الحقوق الشخصية وتسمى أيضا بالحقوق الدائنية أو الالتزامات ذلك أنه إذا نظر إلى هذه الحقوق من زاوية صاحب الحق الدائن سميت حق الدائنية أما إذا نظر إليها من زاوية الملتزم بالحق المدين سميت الالتزام، فحق الدائن يقابله التزام على المدين فالدائن لا يمكنه الوصول إلى حقه العيني أي السلطة المباشرة عليه إلا عن طريق شخص آخر وهو المدين. فتناولت في هذا الفرع موضوع الحق الشخصي أولا، مصدر الحق الشخصي ثانيا.

أولا- موضوع الحق الشخصي:

إن موضوع الحق الشخصي إما أن يكون التزام المدين بالقيام بعمل إيجابي ومثال ذلك العامل بالعمل لمصلحة رب العمل والتزام المقاول بناء منزل لشخص معين، وقد يكون هذا العمل هو التزام المدين بعمل سلبي، أي الامتناع عن القيام بهذا العمل كان في إمكانه القيام به لولا هذا الالتزام بالامتناع، مثاله التزام تاجر مع آخر بعدم المتاجرة في صنف معين من السلع في مكان ولمدة محددين.

ثانيا- مصدر الحق الشخصي:

على عكس الحقوق العينية التي أوردها القانون على سبيل الحصر فإنه بالنسبة للحقوق الشخصية اكتفى ببيان مصادرها، أي أن الحقوق الشخصية لا يمكن حصرها حسب موضوعها ولكن تحصر بحسب المصدر أو السبب الذي تنشأ منه، وتتعدد صورها وذلك على خلاف الحقوق العينية، ولهذا نجد أن القانون قد حدد الحقوق العينية حصراً، بينما لم يفعل ذلك بالنسبة للحقوق الشخصية، واكتفى فقط ببيان مصادرها، وهو العقد، والإرادة المنفردة، والعمل غير المشروع، والإثراء بلا سبب، والقانون.    

1- العقد:

هو توافق إرادتين أو أكثر على إنشاء رابطة قانونية أو على تعديلها أو إنهائها، وللأفراد بمقتضاه إنشاء ما يشاؤو من الحقوق بشرط عدم مخالفة النظام العام والآداب العامة، وهو تلاقي إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين وللأفراد في هذا المجال سلطان واسع دون أي قيد عليهم في هذا الصدد كحق المشتري في تسلم الشيء المبيع وحق البائع في الثمن.

2- الإرادة المنفردة:

الإرادة المنفردة من مصادر الحق الشخصي حيث يجوز للفرد إنشاء حق شخصي في حالة الوعد بجائزة مثلا، فإذا ما وجه شخص إلى آخر وعدا بجائزة يعطيها عن عمل معين ،فإنه يلتزم بإعطائها لمن قام بهذا العمل، إذن فقد التزم بإرادته المنفردة بإعطاء هذه الجائزة لمن قام بهذا العمل وقد تكون كذلك في حالة الوصية التي يوصي بها المتوفى قبل وفاته، ومصدر هذا الحق هو إرادة الموصي المنفردة. 

3- العمل غير المشروع:

ينشئ العمل غير المشروع حقا شخصيا على أساس أن كل خطأ يسبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض، مثلا شخص يصدم بسيارته أحد المارة نتيجة الإفراط في السرعة ،فينجم عنها ضرراً لهذا الشخص فيستفيد هذا الأخير من حق التعويض، إن لمرتكب الفعل الضار في هذه الحالة مسؤولية تقصيره، تمييزا لها عن المسؤولية العقدية التي تنشأ عن الإخلال بالتزام كان مصدره عقدا من العقود أو يسمى كذلك الفعل الضار، الذي يؤدي إلى قيام مسؤولية فاعلة والى ترتيب حق للمضرور في مطالبة من ألحق به الضرر بالتعويض. 

4- الإثراء بلا سبب:

قد يثرى شخص في ذمته المالية على حساب الغير، ويرتب عليه القانون آثار، وهذا الفعل الذي يؤدي إثراء ذمة الغير يسمى الإثراء بلا سبب، والمقصود به إثراء الشخص على حساب شخص آخر دون أن يكون هناك سبب إثراء المثري، أي هو العمل على الاعتناء بذمة الغير بدون سبب قانوني، وفي هذه الحالة كل شخص أثري بدون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثري به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة. 

5- القانون:

نصت المادة 74 من قانون الأسرة الجزائري: "تجب نفقة الولد على الأب ما لم يكن له مال، فبالنسبة للذكور إلى سن الرشد والإناث إلى الدخول وتستمر في حالة إذ ما كان الولد عاجزا لآفة عقلية أو بدنية أو مزاولة للدراسة وتسقط بالاستغناء عنها بالكسب"، أي أن التزام الأب بالنفقة على أبنائه، أي حق الأبناء في النفقة من أبيهم من الحقوق الشخصية التي تنشأ مباشرة بمقتضى قاعدة قانونية.

الفرع الثالث: التميز بين الحق العيني والحق الشخص

يتميز الحق العيني عن الحق الشخصي فيما يلي:

- الحقوق الشخصية ليست واردة على سبيل الحصر، بينما الحقوق العينية حصرها القانون فلا يستطيع الأفراد أن يبتدعوا حقوقا عينية أخرى، بل ترك الحرية للأفراد في حدود النظام العام والآداب.

- الحق العيني وارد على أشياء مادية مما قد يكتسبه صاحبه بالتقادم وفق ما يقرره القانون لأن أساس التقادم المكسب هو الحيازة، والحيازة محلها الأشياء، بينما الحق الشخصي هو أمر معنوي فلا يكتسب بالتقادم لأن موضوعه عمل أو الامتناع عن عمل فلا تتصور حيازتها وبالتالي لا يمكن اكتسابها بالتقادم.

- الحق العيني يخول صاحبه ميزتا الأولوية والتتبع، لا يتمتع بها صاحب الحق الشخصي.

- لصاحب الحق العيني سلطة مباشرة على شيئ معين يستطيع الحصول على حقه دون تدخل من الغير، بينما في الحق الشخصي فهي غير مباشرة توجد واسطة بينه وبين الشيء هو المدين، أي أنه لا يصل إلى حقه إلا عن طريق تدخل المدين.

- الحق العيني يخول لصاحبه سلطة مباشرة على الشيء فالأصل فيه أن يبقى ما بقى الشيء ما لم يقرر القانون توقيفه لظرف ما، كحق الانتفاع أو انقضاء الحقوق العينية التبعية بانقضاء الالتزام الذي يقوم على الضمان العام، بينما الحق الشخصي محله القيام بعمل أو الامتناع عن عمل، فإنه يحد من حرية المدين، وعليه يقتضي أن يكون مؤقتا ولا يجوز تأبيده.

- المحل في الحق العيني يتركز في شيء معين محدد بذاته، إذ يخول صاحبه سلطة مباشرة على هذا الشيء، بينما محل الحق الشخصي هو عمل المدين وهو متعدد، قد يكون القيام بعمل كما قد يكون الإمتاع عن عمل أو إعطائه.

الفرع الرابع: الحقوق الذهنية

الحقوق الذهنية هي سلطات مخولة لشخص على شيء غير مادي سواء كان هذا الشيء فكرة ابتكرها أم اختراعا كشفه، وهي حقوق ترد على نتاج الذهن أو الفكر، وتنقسم هذه الحقوق إلى طائفتين، حقوق الملكية الأدبية وحقوق الملكية الصناعية. 

وعليه تناولت الحقوق الأدبية والذهنية أولا، ثم تطرقت الحقوق الملكية الصناعية ثانيا.  

أولا- الحقوق الذهنية:

تتميز هذه الحقوق بطابع خاص، ويرجع ذلك إلى تنوع صور المحل المعنوي الذي يرد عليه الحق الذهني، سواء كان تأليف أو اختراع علمي.

1- تعريف الحقوق الذهنية: 

يقصد بالحقوق الذهني أو المعنوي "بأنه قدرة يقررها ويحميها القانون لشخص على إنتاجه الفكري أو الذهني أو الفني أو أيا كان نوعه فيكون له الاحتفاظ بنسبة ذلك الإنتاج إليه دائما ويحتكر المنفعة المالية التي تنتج من استغلاله". 

هذا النوع من الحقوق له طابع معنوي وله طابع مالي في نفس الوقت، أي أنها ترد على أشياء معنوية من خلق الذهن ونتاج الفكر فيثبت لصاحب الحق الذهني أو الفكري أبوة هذا الإبداع أو الابتكار ونسبته إليه وحده، كما يعطيه أيضا الحق في استغلاله استغلالا ماليا يكفل له الحصول على ثمراته، ومن أمثلة الحقوق الذهنية قد تكون إنتاجا ذهنيا أو يكون في شكل حقوق التأليف لمؤلفي الكتب وحقوق الفنانين في مختلف المجالات العلمية والفنية، وكذلك حق مالي لورثته بعد وفاته.   

2- طبيعة الحقوق الذهنية:

الحقوق الذهنية ذات طبيعة مزدوجة، تشمل الجانب الأدبي وتشمل الجانب المالي. 

أ- جانب معنوي:

يتمثل في نسبة الحق إلى صاحبه باعتباره امتداد له وله في سبيل حماية حقه الأدبي كل ما يقرره القانون، ومن ثم شخصيته في أن ينسب مصنفه إليه بحيث يحمل اسمه ولا ينسب لغيره، ومن ينسب مصنف الغير له يعد متعديا على الحق الأصلي لصاحبه ويكون لهذا الأخير رد الاعتداء بالطريقة القانونية، كما له نشر مصنفه أو الامتناع عن نشره وعلى هذا الاعتبار لا يقوم بمال ولا يقبل التصرف فيه ولا الحجز عليه.

ب- الجانب المالي:

للحق المعنوي جانب مالي وهو الإفادة ماليا من ثمرة أفكاره، وهذا الجانب يعتبر حقا ماليا يخول لصاحبه أن يستأثر بالمنفعة المالية عن طريق نشر مصنفه باعتباره حقا ماليا، كما ينتقل هذا الحق من صاحبه بعد موته إلى ورثته.

ثانيا: حق الملكية الصناعية

ويهدف هذا الحق عمومًا إلى حماية رجال الصناعة والمخترعين لبراءة اختراعهم، وهي شهادة رسمية تمنح للمخترع عن كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي تمكنه من استغلال اختراعه ماليا، ويستأثر به دون غيره ويحتج به في مواجهة كافة الناس.

1- الرسوم والنماذج الصناعية: فالرسم الصناعي هو كل ترتيب للخطوط بألوان خاصة أو بدونها فتكون خاصة بصاحبها ومميزة لصناعته، أما النموذج فهو كل شكل مجسم يجعل الشيء مميزاً وصالحًا للاستعمال الصناعي ويحق لصاحب الرسم أو النموذج أن يتصرف فيه.

2- العلامة التجارية والصناعية: هي كل رمز أو إشارة يستخدمها الشخص لتمييز صناعة عن غيرها وقد يتم ذلك إما بالكلمات أو بالحروف، أو بالأرقام أو بالرسوم ، ويجوز لصاحب العلامة أن يتصرف فيها أو يتخلى عنها وهي قابلة للتحويل كليا أو جزئيا.

3- الاسم التجاري: هو الاسم الذي يتخذه التاجر للدلالة على منشأته التجارية، أو الصناعية لتمييزها عن غيرها من المنشآت، وهو وجوبي لأن القانون يلزم كل تاجر بأن يكون له اسم يميز محله عن غيره من المحلات.

المرجع:

  1. د. غنيمي طارق، نظرية الحق، مطبوعة مقدمة لطلبة السنة الأولى ليسانس، جامعة أكلي محند أولحاج- البويرة-، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر ، السنة الجامعية: 2020/2021، ص33 إلى48. 
google-playkhamsatmostaqltradent