الجنسية الجزائرية الأصلية

الجنسية الجزائرية الأصلية

الجنسية الجزائرية الأصلية

أخذ المشرع الجزائري في قانون الجنسية بمعياري الجنسية الأصلية المعروفين في أغلب الأنظمة وهما الجنسية الأصلية بالنسب وهو ما يعرف بحق الدم كأصل عام (الفرع الأول)، والجنسية الأصلية بالولادة وهو ما يعرف بحق الإقليم في حالات ضيقة ومحددة (الفرع الثاني).

المطلب الأول: الجنسية الأصلية بالنسب

ورد في المادة السادسة من قانون الجنسية الجزائرية ما يلي: "يعتبر جزائريا الولد المولود من أب جزائري أو أم جزائرية".

الفرع الأول: ثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية على حق الدم من جهة الأب

بينت المادة السادسة من قانون الجنسية الجزائري بأن الجنسية الأصلية تثبت للولد المولود من أب جزائري، غير أن تطبيق هذا النص مرهون بتوافر شرطين وهما:

1- تمتع الأب بالجنسية الجزائرية وقت ميلاد الطفل

مبدئيا فإن الجنسية الجزائرية التي يعتد بها كأساس لنقل الجنسية من الأب إلى الإبن يمكن أن تكون جنسية أصلية أو مكتسبة مادام نص المادة السادسة جاء بصيغة عامة "أب جزائري" دون إشتراط أن تكون جنسية الأب أصلية، كما انه يكفي أن تكون للأب جنسية جزائرية ولو كان لديه جنسية أو جنسيات أجنبية أخرى، فبمجرد أن تكون للأب الجنسية الجزائرية تثبت مباشرة للإبن، وإن كان بإمكان هذا الإبن أن يولد متعددا للجنسيات بحسب ما إذا كانت قوانين الجنسية الأجنبية للدول الأخرى التي يحمل الأب جنسيتها تمنحه جنسيتها أم لا.

من جهة أخرى، فإن جزائرية الأب ينبغي أن تكون قائمة وقت ميلاد الطفل وفقط في هذه الحالة يمكن أن تثبت للطفل الجنسية الأصلية حتى لو كانت جنسية الأب وقت ثبوت الحمل أجنبية، فالعبرة دائما بلحظة الميلاد. وعليه، إذا كان الأب حاملا للجنسية الجزائرية وقت ثبوت الحمل وفقدها قبل ميلاد الإبن فلا تثبت الجنسية الجزائرية لهذا الأخير.

وتبقى الجنسية الجزائرية الأصلية ثابتة للإبن حتى لو توفي الأب قبل ميلاد الطفل، فالعبرة في هذه الحالة بالجنسية الجزائرية للأب وقت الوفاة، فوفاة الأب لا تنزع عنه الصفة الوطنية التي كانت ثابتة له عند موته. كما لا يلزم لثبوت هذه الجنسية ان تكون رابطة الزوجية قائمة لحظة الميلاد، إذ يكفي أن تكون كذلك لحظة الحمل ولا تأثير لاستمرارية هذه العلاقة الزوجية من عدمها فيما بعد على ثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية للإبن.

المادة السادسة سالفة الذكر ربطت ثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية بالإنحدار من أب جزائري دون أي شرط إضافي، ولهذا لا عبرة لمكان الميلاد ولا تأثير له في ثبوت هذه الجنسية للإبن، فيكون هذا الأخير جزائري أصيل سواء ولد بالجزائر أو في دولة أجنبية، وإن كان بالإمكان في هذه الحالة الأخيرة أن تثبت له إلى جانب الجنسية الجزائرية الأصلية، جنسية اجنبية أصلية أخرى بناءا على حق الإقليم إذا ما كان قانون جنسية تلك الدولة يؤسس الجنسية على حق الإقليم، وعليه قد يولد الإبن في هذه الحالة متعددا للجنسيات.

2- ثبوت نسب الإبن لأبيه

تعد البنوة الشرعية مسألة أولية لازمة لثبوت الجنسية، ولهذا يشترط لثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية للإبن أن يثبت نسبه إلى أب جزائري ثبوتا قانونيا وفقا لمقتضيات قانون الأسرة الجزائري.

ووفقا لأحكام قانون الأسرة الجزائري، تنص 41 على ما يلي: "ينسب الولد لأبيه متى كان هذا الزواج شرعيا وامكن الاتصال ولم ينفه بالطرق الشرعية"، كما يثبت نسب للإبن حتى في الزواج بإحدى المحرمات على أن عقد الزواج يفسخ قبل الدخول أو بعده، وفي جميع الحالات فإن الإقرار المنصوص عليه في المادة 40 من قانون الأسرة لثبوت النسب لا يمكنه إثبات نسب لأب ناجم عن علاقة غير شرعية.

وقد يحدث أن يتأخر إثبات نسب الإبن إلى وقت لاحق على الميلاد، فهل يعتبر المولود متمتعا بالجنسية الجزائرية منذ لحظة الميلاد او ابتداءا من تاريخ ثبوت النسب؟ هنا يمكن القول – على الرغم من عدم تنصيص المشرع الجزائري على ذلك – أنه يستوي ان يثبت النسب لحظة الميلاد أو في فترة تالية، مادام النسب يعد كاشفا للجنسية وليس منشئا لها، ومادام المشرع الجزائري لم يضع سنا معينة أو حدا لهذه السن لإثبات النسب. ومتى ثبت نسب الإبن لأبيه ثبوتا قانونيا ثبت معه للإبن الجنسية الجزائرية الأصلية إبتداءا من لحظة الميلاد، مع عدم الإضرار بمصالح الغير حسني النية. على ان بعض التشريعات المقارنة ربطت مسألة الإثبات اللاحق للنسب لاكتساب الجنسية بسقف زمني وهو سن الرشد، فإذا ثبت النسب بعد هذه السن، لن يكون له أثر في ثبوت الجنسية، وهذا الحل تبناه قانون الجنسية الفرنسي لسنة 1973 (المادة 29) وقانون الجنسية البرتغالي لسنة 1981.

الفرع الثاني: ثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية على حق الدم من جهة الام

كانت المادة السادسة من قانون الجنسية الجزائري قبل تعديل الأمر 70-86 بموجب الأمر 05-01 تتضمن حالتين للجنسية الجزائرية الأصلية بالنسب أو رابطة الدم من جهة الأم الجزائرية وهما:

- الولد المولود من ام جزائرية وأب مجهول.

- الولد المولود من أم جزائرية وأب عديم الجنسية.

- لكن المشرع الجزائري بعد التعديل الذي طرأ على المادة السادسة بموجب الأمر 05-01 أصبح يثبت الجنسية الجزائرية لكل من ينحدر من ام جزائرية دون أي شرط آخر، ولعل هذا التوجه من جانب المشرع الجزائري تؤازره مجموعة من الحجج والأسباب أهمها:

- معالجة مشكلة الأفراد المولودين من ام جزائرية وأب اجنبي غادر التراب الجزائري وترك الولد ولم يسعى إلى تسوية وضعية ابنه على جنسيته.

- احترام مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في نقل جنسيتهم على الأبناء دون أي تمييز، انسجاما مع مجمل اتفاقيات حقوق الإنسان التي صدقت عليها الجزائر منذ أواخر الثمانينيات.

وكما الأمر بالنسبة للشروط الواجب توافرها لثبوت الجنسية من أب جزائري، ينبغي أيضا أن تتوافر ذات الشروط في حالة الجنسية المنقولة من ام جزائرية، إذ ينبغي أن تكون الأم جزائرية لحظة الميلاد ولو لم تكن كذلك لحظة الحمل، ويستوي في ذلك كونها حاملة لجنسية جزائرية أصلية أو مكتسبة، فالمهم ان تكون جزائرية ولو كانت أيضا تحمل جنسية اجنبية أخرى.

ويكفي لحمل الجنسية الجزائرية الأصلية من جهة الام أن تكون الأم جزائرية بغض النظر عن كون الأب مجهول أو عديم الجنسية او صاحب جنسية او جنسيات اجنبية.

وبالنظر إلى صياغة المادة السادسة سالفة الذكر، فإن ربط ثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية بالإنحدار من أم جزائري لم يعلق على أي شرط إضافي، ولهذا لا عبرة لمكان الميلاد ولا تأثير له في ثبوت هذه الجنسية للإبن، فيكون الابن جزائري أصيل سواء ولد بالجزائر او في دولة أجنبية.

أما بالنسبة لمسألة ثبوت النسب للأم فهو مرتبط أساسا بثبوت الولادة بيولوجيا.

ومثل حالة الانتساب إلى الأب، يستوي ان يثبت النسب إلى الأم لحظة الميلاد أو في فترة تالية، مادام المشرع الجزائري لم يضع سنا معينة أو حدا لهذه السن لإثبات النسب، ومتى ثبت نسب الإبن لأمه ثبوتا قانونيا ثبتت معه الجنسية الجزائرية الأصلية للإبن إبتداءا من لحظة الميلاد، دون الإضرار بحقوق الغير حسني النية.

المطلب الثاني: الجنسية الجزائرية الأصلية بالميلاد على الإقليم الجزائري

الإقليم يحدده القانون الدولي العام فيدخل فيه الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية وما يتبع ذلك من سفن وطائرات وهو ما نصت عليه المادة الخامسة.

وبالرجوع إلى نص المادة 07 المعدلة بموجب الامر 05/01، فإنه يعتبر من الجنسية الجزائرية بالولادة في الجزائر:

- المولود في الجزائر من أبوين مجهولين (7/01).

- المولود في الجزائر من أب مجهول وأم مسماة دون بيانات أخرى تثبت جنسيتها (7/2).

والملاحظة الأولية التي يمكن إبداؤها بخصوص المادة السابعة المعدلة هو إلغاء الفقرة الثانية القديمة التي نص عليها الأمر 70/86 والتي كانت تنص على انه: "يعتبر من الجنسية الجزائرية بالولادة في الجزائر: ...2/ الولد المولود في الجزائر من أم جزائرية ومن أب أجنبي هو نفسه مولود في الجزائر إلا إذا رفض الجنسية في أجل مدته عام قبل بلوغه سن الرشد". إذ لم تعد لهذه الفقرة جدوى بعد تعديل المادة السادسة، فيكفي أن ينحدر الإبن من أم جزائرية لتثبت له الجنسية الجزائرية الأصلية دون أي شرط إضافي.

الفرع الأول: المولود في الجزائر من أبوين مجهولين

تفترض هذه الحالة أن يتم ولادة شخص على الإقليم الجزائري دون معرفة والديه، وهو ما يسمى باللقيط، وهنا يجب أن تشمل الجهالة والدي الابن حتى تثبت له الجنسية الجزائرية، وإذا عرف أحد والدي الطفل فإن الجنسية لا تثبت له وفقا لهذا النص، كما يجب أن تكون ولادة الطفل على الإقليم الجزائري، إذ أن الولادة في الإقليم المذكور تعتبر قرينة لولادته من أب أو أم جزائرية، إلا أنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس بكافة الطرق، فإذا ثبت أن الطفل ولد في إقليم آخر ثم نقل إلى الإقليم الجزائري فإنه يترتب على ذلك عدم ثبوت الجنسية الجزائرية له.

وإذا ما ثبت أن هذا المولود ينتسب إلى أجنبي أو أجنبية ومنحه قانون جنسيتهما جنسية تلك الدولة وذلك خلال فترة قصوره فإنه سوف يعد كأنه لم يكن جزائري منذ الولادة، ومبررات هذه الشروط واضحة تتمثل في الاستجابة لما يحبذه القانون الدولي في منح جنسية لكل شخص، فعدم الاعتداد بموقف القانون الأجنبي من جنسية المولود من أجنبي سوف يؤدي أحيانا إلى جعله عديم الجنسية.

الفرع الثاني: المولود في الجزائر من أب مجهول وأم مسماة في شهادة ميلاده دون ثبوت جنسيتها

المعني بهذه الحالة هو الولد المولود بالجزائر من أم معروف اسمها موجود في شهادة ميلاد الولد، ولكن جنسيتها غير مثبتة بينما أبوه مجهول.

ترتد مبررات إدراج هذه الفقرة الجديدة بموجب تعديل 2005 إلى بعض الحالات التي يتم فيها الوضع في مصحة للأمومة مثلا، وبحيث لا تقدم الأم المعلومات الصحيحة بشأن هويتها او تقدم وثائق مزورة لإثبات الهوية، وهنا نكون أمام حالة عرفت فيها الأم إسما ثم اختفت، وما دام الوضع كذلك فإن هذا الإبن لن يكون بإمكانه الاستفادة من حكم الفقرة الأولى من المادة السابعة والتي تشترط جهالة الأب والأم معا، وتجنبا لحالة إنعدام الجنسية في حالة هذا الابن تدخل المشرع الجزائري مانحا إياه الجنسية الجزائرية الأصلية.

المرجع:

  1. أ. بوجلال صلاح الدين، محاضرات في مادة الجنسية، جامعة سطيف 2، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، السنة الجامعية 2013/2014، الجزائر، ص10 إلى ص14. 
google-playkhamsatmostaqltradent