البحث العلمي (تعريفه وخصائصه وأنواعه وأدواته)

البحث العلمي (تعريفه وخصائصه وأنواعه وأدواته)

البحث العلمي (تعريفه وخصائصه وأنواعه وأدواته)

إن البحث في مفهوم البحث العلمي يقودنا بالدرجة الأولى إلى الوقوف على تعريف المنهجية باعتبارها طريقة وأسلوب تفكير يرمي إلى ضبط وتنظيم إطار المعرفة القانونية لدى الباحث وهذا من اجل إنتاج عمل منطقي وسليم.

فمن الناحية اللغوية كلمة منهج (Méthode) تعني الأسلوب أو الطريقة أو النظام، أما مصطلح منهجية (Méthodologie) فتعني علم المناهج وهو العلم الذي يبحث في الطرق التي يستخدمها الباحث في بحثه من أجل الوصول إلى النتائج والحقائق. 

ومن التعاريف الفقهية للمنهجية أنها الطريقة التي يتبعها العقل لدراسة ومعالجة موضوع من أجل التوصل إلى نتائج معينة كما يقصد بها أيضا توظيف الإنسان عموما والباحث لقدراته وأساليبه الفكرية وإستخدامها بطريقة منظمة من أجل الوصول إلى نتائج معينة بأقل جهد وأقصر طريقة ممكنة. 

والمنهجية من الناحية القانونية هي الطريقة التي يتبعها العقل لمعالجة أو دراسة إشكالية أو سؤال قانوني ما من أجل الوقوف على نتائج معينة. 

أولا: تعريف البحث العلمي

سيتم الوقوف على المعنى اللغوي للبحث العلمي في بادئ الأمر ثم التفصيل في المعنى الإصطلاحي للبحث العلمي. 

1 – التعريف اللغوي للبحث العلمي

البحث العلمي كلمة مركبة من لفظين هما: البحث والعلم 

فالبحث لغة يراد به السؤال، التحري، التقصي والتفتيش عن الحقائق. 

أما كلمة العلم لغة فتعني المعرفة و الدراية و الإدراك للحقائق، فالعلم هو فرع من فروع المعرفة أو الدراسة الذي يهتم بتنسيق و ترسيخ الحقائق و المبادئ و المناهج و العلم أساسه المعرفة إلا أنه أوسع منها إلمام و إحاطة فالعلم يعني الإلمام بالحقائق الكلية أما المعرفة تعني الإلمام بالحقائق الجزئية البسيطة ، فالعلم ببساطة هو نشاط فكري إنساني منظم هادف لكسب المعرفة اعن طريق الكشف عن القوانين المتعلقة بالظواهر.

2- التعاريف الفقهية المختلفة للبحث العلمي

وردت العديد من التعاريف للبحث العلمي نذكر البعض منها: 

البحث العلمي هو مجموعة الجهود المنظمة التي يقوم بها الإنسان مستخدما الأسلوب العلمي وقواعد الطريقة في سعيه لاكتشاف الظواهر وتحديد العلاقات بين هذه الظواهر. 

كما يعرف البحث العلمي أنه عملية تجميع منظمة لكل المعلومات المتوفرة لدى الباحث عن موضوع معين وترتيبها بصورة جديدة تدعم المعلومات السابقة أو تصبح أكثر نقاء و وضوحا.

وفي تعريف آخر للبحث العلمي أنه نشاط علمي وتفكير منظم يقوم على أسس علمية ويسعى إلى كشف حقائق المشكلة المطروحة باستخدام مناهج علمية. 

فالبحث العلمي هو آداة لتحليل المعارف والمعلومات بهدف الوصول إلى حقائق معينة كما يعني الدراسة الدقيقة والمنظمة لظاهرة معينة باستخدام المنهج العلمي للوصول إلى حقائق للإستفادة منها والتحقق من صحتها. 

ورغم تعدد التعارف التي أوردها الفقهاء للبحث العلمي إلا أن جل التعاريف تتفق على أن البحث العلمي 

- هو عملية فكرية منظمة تنتهج أسلوبا أو منهجا معينا.

- هدف البحث العلمي هو زيادة الحقائق وتوسيع دائرة المعارف. 

- البحث العلمي يختبر المعارف والعلاقات التي يتم التوصل إليها. 

ثانيا: خصائص البحث العلمي

من خلال التعريف الفقهية المتعددة للبحث العلمي يمكن استنباط أهم خصائصه والمتمثلة في: 

1– البحث العلمي بحث منظم و دقيق:

 فهو نشاط عقلي منظم و دقيق إذ يتم اكتشاف النظريات والحقائق و القوانين نتيجة لجهود عقلية منظمة ، إذ يعتمد البحث العلمي على التحليل والإستنباط و القياس الدقيق في فهم و دراسة الظواهر و العلاقات مما يجعل النتائج البحثية المتوصل إليها ذات مصداقية. 

2 – البحث العلمي بحث متجدد و متطور:

غالبا ما تتوصل البحوث العلمية إلى نتائج جديدة وهي بذلك تقدم و تقترح حلول لمشكلات البحث ، كما قد يستعين باحثين آخرين بالنتائج المتوصل إليها و اعتمادها كمنطلق لبحوث أخرى، فالبحث العلمي إذن هو عملية موجهة لتحديث أو تعديل أو إثراء المعرفة الإنسانية.

3- البحث العلمي يتسم بالأصالة:

وغالبا ما يتم النظر إلى مسألة أصالة البحث بالنظر لزاويتين الأولى تتعلق بأصالة موضوع البحث والثاني تتعلق بأصالة وحداثة مراجع البحث. 

4- البحث العلمي بحث موضوعي

ويقصد بالموضوعية في هذا المجال عدم إنحياز و تعصب الباحث لأرائه و انتمائه السياسية أو الديني أن يتقبل الباحث النتائج المتوصل إليها رغم مخالفتها لأرائه و توجهاته الشخصية. 

ثالثا: أهمية البحث العلمي

سيتم التفصيل في أهمية البحث العلمي بالنظر لدوره بالنسبة للباحث من جهة وكذا أهميته بالنسبة للدول من جهة أخرى

1- أهمية البحث العلمي بالنسبة للباحث

  • اكتساب الباحث القدرة على الإستنباط ، التحليل و التفسير.
  • تزويد الطالب بالخبرات اللازمة التي تساعده على ترتيب و تنظيم أفكاره و عرضها وفقا لتسلسل منطقي.
  • تكوين الطالب في مجال إعداد البحوث القانونية واكتسابه تقنيات التحرير القانوني القائم على دقة و وضوح الأساليب المستعملة وحتمية استعمال اللغة و المصطلحات القانونية.
  • تساعد البحوث العلمية الباحث في تنمية قدراته والإلمام بأكبر قدر من المفاهيم والأسس والأساليب التي يقوم عليها البحث. 
  • إتساع وتنوع معلومات الباحث خصوصا في ميدان تخصصه وهذا كنتيجة لاطلاعه على المراجع المختلفة. 
  • تعود الباحث على معالجة المواضيع بوضوعية وحياد. 

2– أهمية البحث العلمي بالنسبة للدول

يعتبر البحث العلمي مفتاح لتنمية الشعوب و وسيلة لتقدم المجتمعات و تحقيق طموحاتها المادية و التعليمية، إذ يعود البحث العلمي بالكثير من المنافع على البشرية عامة خاصة في ظل الأوبئة التي انتشرت مؤخرا على غرار وباء كوفيد 19 و ما صاحبة من مشاكل على جميع الأصعدة الإقتصادية، المالية والصحية مما تطلب من الباحثين الإسراع في ايجاد حلول تحقق المنفعة العالمية. 

رابعا: أنواع البحوث العلمية

تتنوع البحوث العلمية وهذا بالنظر إلى المعايير المعتمد عليها في التصنيف و يمكن تقسيمها إلى:

1 – تقسيمات البحوث العلمية بالنظر إلى غرضها

تقسم البحوث العلمية من بالنظر إلى دوافع البحث وغرضه إلى بحوث نظرية وأخرى تطبيقية

* البحث العلمي النظري: ويرتكز هذا النوع من البحوث على الدراسة العلمية القائمة على أسس نظرية فقط بغض النظر عن الجانب التطبيقي العملي لموضوع الدراسة. 

وينتشر استخدام هذا النوع من البحوث في مجال العلوم الإنسانية النظرية على غرار علم التاريخ والأدب والفلسفة... 

* البحث العلمي التطبيقي: هذا النوع من البحوث يهدف إلى الوصول إلى معارف وحقائق وهذا انطلاقا من دراسات وفرضيات نظرية وهذا من أجل الوقوف على فاعليتها في التطبيق.

2- تقسيمات البحوث على أساس الإستعمال

* المقالة (البحوث)

يتسم هذا النوع من البحوث بقصر حجمها وعادة ما يتم إعدادها من طرف الطالب الجامعي في مرحلة الليسانس وهذا النوع من البحوث يساعد الطالب على الإحتكاك أكثر بالمراجع كما تمكنه من تنظيم وضبط أفكاره بطريقة منطقية سليمة. 

* مذكرة التخرج 

يتم إعداد مثل هذا النوع من البحوث عند نهاية الدراسة الجامعية (مرحلة الليسانس)، ويكون

هذا النوع من البحوث أكبر حجما وأكثر دقة من البحوث، و رغم أنه لا يشترط المثالية في مثل هذه البحوث لأن هدفها الأساسي هو تدريب الطالب على إعداد البحوث العلمية ومن ثم توسيع معارفه وتنظيم أفكاره بطريقة منطقية سليمة ترتكز على التفكير المنظم و التحليل.

* الرسالة أو بحث الماجستير

هو بحث متخصص أعلى درجة من بحث التخرج الغرض منه إضافة معارف جديدة و توسيع المكتسبات المعرفية للباحث، و لا يقتصر دور الباحث في هذا النوع من البحوث على مجرد الإقتباس بل ينبغي عليه إبراز قدراته في التحليل المنطقي و النقد مما يهيؤه لمواصلة مشوار البحث العلمي تحضيرا لبحث الدكتوراه.

* أطروحة الدكتوراه

هو أعلى بحث تخصصي يهدف إلى إضافة نتائج وحقائق أو اكتشاف نظريات جديدة، و ينبغي أن يكون ينصب بحث الدكتوراه على مضوع يتسم بالأصالة و الحداثة و أن يعمل الباحث على إبراز الجوانب الجديدة في موضوعه و دراسته بطريقة معمقة ترتكز على تحليل و تفسير منطقي  الأمر الذي ينتج عنه عمل بحثي موضوعي و جاد يعتمد عليه كمرجع علمي.

 3 – تقسيمات البحث العلمي بالنظر إلى النشاط

 تقسم البحوث العلمية من منظور هذه الزاوية إلى:

* البحوث الوصفية

هذا النوع من البحوث يقوم على أساس وصف ظواهر أو أحداث معينة و جمع الحقائق و المعلومات عنها، و لا تتوقف البحوث الوصفية أحيانا على الوصف فقط أو التشخيص الوصفي بل ينبغي تحديد صفات و خصائص هذه الظواهر كميا و نوعيا مما يسهل التعرف عليها فيما بعد ومقارنتها بباقي الظواهر أو الأحداث الأخرى.

* البحوث التجريبية

ترتكز الدراسة في مجال البحوث التجريبية على منهج البحث العلمي القائم على الملاحظة والفرضيات والتجربة إذ يتم البحث في المشكلات والظواهر على أساس المنهج التجريبي وهذا النوع من البحوث يستخدم عادة في مجال العلوم الطبيعية.

* البحث العلمي الإستكشافي أو الإستطلاعي

هذا النوع من البحوث يتعلق عادة بالظواهر والمواضيع الجديدة أو المستحدثة و التي تكون المعلومات والمعارف المتعلق بها قليلة.

* البحث الكامل

يهدف البحث الكامل إلى إيجاد حلول لمشكلات معينة أو دراسات علمية من أجل الوصول إلى نتائج ووضع القوانين أو تعديل نظريات.

* البحث التفسيري النقدي

يعمل البحث التفسيري على تكملة البحث الوصفي الذي هدفه الأساسي جمع المعلومات المتعلقة بالبحث في حين يهدف البحث التفسيري إلى الوصول إلى نتائج معتمدا على تفسير ونقد الأفكار لا الحقائق والظواهر.

* البحث التنقيبي الأستكشافي

يعتمد هذا البحث على اكتشاف حقيقة جزئية معينة ومحددة بواسطة إجراء عمليات الإختبارات والتجارب العلمية.

خامسا: أدوات البحث العلمي

أداوات البحث العلمي هي مجموعة الوسائل والأساليب التي يحصل من خلالها الباحث على المعلومات والحقائق المتعلقة بموضوع بحثه و تتنوع ادوات البحث العلمية بين الأدوات المكتوبة و بين الأدوات السمعية. 

1- المقابلة

تعتبر المقابلة وسيلة مهمة من وسائل الحصول على المعلومة وتتم عادة بين الباحث وشخص أو عدة أشخاص ممن يشغلون وظائف أو مكلفين بهام ذات صلة بموضوع الباحث، و قد يتحصل الباحث على المعلومات شفاهة كما يمكن إفادته ببعض المعلومات في شكل مكتوب، وتعتبر المقابلة من الوسائل المهمة لجمع المعلومات لأنها تنصب على حقائق ومعلومات مستقاة  من الجانب التطبيقي للموضوع وصادرة عن أهل الخبرة و التخصص.

وفي هذا الصدد يتعين على الباحث إختيار الشخص الذي يجري معه المقابلة بدقة وأن لا تكون مجرد مقابلات عشوائية. 

2- الملاحظة

تعتبر الملاحظة بجميع انواعها من الوسائل المهمة في الحصول على المعلومات وتتزايد أهميتها في الدراسات الإجتماعية والنفسية المتعلقة بالسلوك الإنساني.

3– العينة

يقصد بالعينة كطريقة للحصول على المعلومة إخضاع شريحة معينة من المجتمع يتم اختيارها وفقا لأسس وضوابط وضعها الباحث لتتماشى مع دراسته مثل دراسة أسباب جريمة السرقة المرتكبة من طرف القصر الجانجين، فالعينة من المجتمع التي اختارها الباحث هنا تخص القصر الجانحين.

4– الإستبيان

هذا النوع من الأدوات يمكن الباحث من الحصول على معلومات من أرض الواقع وهذا عن طريق إعداد ما يسمى باستمارة الإستبيان التي يضمنها الباحث جملة من الأسئلة التي تخدم موضوع بحثه ويقدمها للجمهور من أجل الإجابة عنها فإذا كانت إستمارة الإستبيان تخص شريحة عمرية معينة أو سكان منطقة ما فهنا نكون أما إستبيان مغلق أما إذا وجهت للجمهور عامة فنكون أما إستبيان مفتوح.

غير أن وسائل وأدوات الحصول على المعلومة لا تقتصر على الملاحظة، المقابلة، الإستبيان والعينة وإنما تتسع لتشمل المصادر والمراجع والتي سيتم التفصيل فيها لاحقا خلال المحور الثالث.

المرجع:

  1. أ. عديد أمينة، محاضرات في مقياس منهجية البحث العلمي، المركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف -ميلة- الجزائر، السنة الجامعية 2021/2022، ص2 إلى ص7. 

google-playkhamsatmostaqltradent