نشاط البلدية ومهامها

نشاط البلدية ومهامها

نشاط البلدية ومهامها

لما كانت الدولة في إطار ممارسة وظائفها وتسيير الشؤون العمومية للمواطنين، تسعى إلى تلبية حاجيات الأفراد وتحقيق التنمية في جميع المجالات، وبالتالي تحقيق المصلحة العامة، فإن البلدية أيضا، تلعب دوار في هذا الإطار، فالبلدية تعتبر هي الخلية الأساسية الإقليمية التي تتشكل منها الدولة، وهي قاعدة اللامركزية. وتمارس البلدية نشاطها في إطار نطاق اختصاصاتها المحددة بموجب القانون وبالتالي، تلعب دوار هاما في تسيير الشؤون العمومية المحلية، وتلبية حاجات المواطن المحلي.

وفي هذا السياق، نصت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 11-10، المتضمن قانون البلدية على ما يلي: "تساهم مع الدولة، بصفة خاصة في إدارة وتهيئة الإقليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمن وكذلك الحفاظ على الإطار المعيشي للمواطنين وتحسينه ولعل أهم شرط للقيام بهذه الأدوار هو أن تتأكد البلدية من وجود الموارد المالية الضرورية للتكفل بهذه المهام.

وتبعا لذلك يعتبر المجلس الشعبي البلدي هو الجهاز الأساسي في البلدية الذي يتولى القيام بهذه الصلاحيات و في هذا الإطار نصت الفقرة الثانية من المادة 16 من دستور الجزائر لسنة 2020 على ما يلي: "المجلس المنتخب هو الإطار الذي يعبر فيه الشعب على إرادته و يراقب عمل السلطات العمومية"، كما نصت المادة 19 منه على ما يلي: "يمثل المجلس المنتخب قاعدة اللامركزية ومكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية" ويقوم المجلس بهذه الصلاحيات عن طريق وسيلة هامة وهي المداولات ويبرز ذلك من خلال البرامج والمخططات التي يعدها المجلس الشعبي البلدي كالمخطط  البلدي للتنمية (P.C.D) وغيرها من البرامج يشارك فيها المجلس الشعبي البلدي الدولة، والتي تأتي لتنفيذ السياسة العامة للدولة في جميع الميادين.

وفي هذا الصدد ولتبيان نشاط هذا النشاط، لابد من التطرق إلى اختصاصات البلدية (المبحث الأول)، ثم المرافق العامة البلدية وأساليب تسييرها (المبحث الثاني)، وهذا على النحو التالي:

المبحث الأول: اختصاصات البلدية (صلاحيات)

تمارس البلدية اختصاصات في عدة ميادين من تسيير الشؤون المحلية لمواطني البلدية، وتتمثل في أهم الصلاحيات في مجال التهيئة والتعمير والهياكل القاعدة والتجهيز (المطلب الأول)، وصلاحيات في المجال الاقتصادي والاجتماعي والضبطي والمرفقي (المطلب الثاني) وهو ما سيتم تناوله فيما يلي:

المطلب الأول: صلاحيات في مجال تهيئة الإقليم والتنمية المستدامة والتعمير والتجهيز:

يقتضي ذلك تحديد صلاحيات البلدية في مجال تهيئة التعمير والتنمية المستدامة (أولا) ثم تحديد صلاحياتها في مجال التعمير والتجهيز (ثانيا)، وهذا على النحو التالي:

أولا- صلاحيات في مجال تهيئة الإقليم والتنمية المستدامة:

يمارس المجلس الشعبي البلدي صلاحيات هامة في مجال تهيئة الإقليم والتنمية المستدامة للإقليم وفي هذا الصدد، يقوم المجلس بإعداد البرامج السنوية والمتعددة السنوات الموافقة لعهدته ويصادق عليها و يسهر على تنفيذها تماشيا مع الصلاحيات المخولة له قانونا. حيث يشارك المجلس الشعبي البلدي في إجراءات إعداد عمليات تهيئة الإقليم والتنمية المستدامة وتنفيذها، وذلك في إطار المخطط الوطني للتهيئة و التنمية المستدامة للإقليم.

تجب الملاحظة، أن السياسية الوطنية لتهيئة الإقليم وتنميته تقوم بتسييره الدولة بالتنسيق والاتصال مع الجماعات المحلية (البلدية، و الولاية)، وهذا حسب اختصاصات كل منهما على ضوء ما نصت عليه المادة 2 من القانون رقم 01-20 المؤرخ في 12 ديسمبر سنة 2001، الذي يتعلق بتهيئة الإقليم و تنميته المستدامة.

و تبعا لذلك و لغرض المحافظة على تهيئة الإقليم و التنمية المستدامة و البيئة، يقوم المجلس الشعبي البلدي بالسهر على حماية الأراضي الفلاحية و المساحات الخضراء والتربة والموارد المائية والبيئة، وذلك في حالة إقامته لأي مشروع على مستوى إقليم الولاية. كما أن إقامة أي مشاريع في البلدية سواء تعلق الأمر بمشاريع الاستثمار والتجهيز أو المشاريع التي تندرج ضمن البرامج القطاعية للتنمية تخضع إلى الرأي المسبق للمجلس الشعبي البلدي.

ثانيا- صلاحيات في مجال التعمير والتجهيز:

أولت الدولة أهمية كبيرة للتعمير و الذي يتضمن وضع سياسة عامة تشمل تحديد القواعد العامة التي تستهدف تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتعمير وتكوين و تحويل المبنى في إطار التسيير الاقتصادي للأراضي والموازنة بين وظيفة السكن والفلاحة والصناعة وأيضا وقاية المحيط والأوساط الطبيعية و المناظر و التراث الثقافي و التاريخي و في هذا الإطار، فإن الدولة لا تقوم بهذه المهام بصفة منفردة، و إنما تتولى البلدية و الجماعات المحلية الأخرى أيضا المشاركة في إعداد و تنفيذ هذه السياسة العامة للدولة في مجال التهيئة والتعمير وذلك في حدود اختصاصها.

وتبعا لذلك نصت المادة 113 من القانون رقم 11-10، السالف الذكر، على أن تتزود البلدية بكل أدوات التعمير بعد المصادقة عليها بموجب مداولة المجلس الشعبي البلدي، وبالرجوع للقانون رقم 90-29، المتعلق بالتهيئة والتعمير، نجد أن أدوات التعمير تشكل من المخططات التوجيهية للتهيئة و التعمير و مخططات شغل الأراضي. و في هذا الصدد، ألزم المشرع موافقة المجلس الشعبي البلدي في حالة إنشاء أي مشروع يحتمل الإضرار بالبيئة والصحة العمومية على إقليم البلدية، ماعدا تلك المشاريع ذات المنفعة الوطنية التي تخضع للأحكام المتعلقة بحماية البيئة.

وفي نفس السياق حدد القانون رقم 11-10، مجموعة من الاختصاصات التي تتمتع بها في مجال التعمير والتجهيز، وتتمثل أهمها فيما يلي:

- السهر على المراقبة الدائمة لمطابقة عمليات البناء ذات العلاقة ببرامج التجهيز والسكن؛

- التأكد من احترام تخصيصات الأراضي وقواعد استعمالها؛

- السهر على احترام الأحكام في مجال مكافحة السكنات الهشة غير القانونية؛

- حماية التراث المعماري والمحافظة على التراث الثقافي وحمايته؛ و حماية الأملاك العقارية والثقافية والحفاظ على الانسجام الهندسي للتجمعات السكنية.

- السهر على الحفاظ علة الوعاء العقاري للبلدية ومنح الأولوية في تخصيص برامج البلدية المتعلقة بالتجهيزات العمومية والاستثمار الاقتصادي.

- المبادرة بالعمليات المرتبطة بتهيئة الهياكل والتجهيزات الخاصة بالشبكات التابعة لاختصاصاتها والعمليات المتعلقة بتسييرها وصيانتها، وبترقية برامج السكن وتوفير الشروط التحفيزية للترقية العقارية.

المطلب الثاني: في المجال الاقتصادي والمرفقي والضبط الإداري:

تمارس البلديات صلاحيات هامة في المجال الاقتصادي والمالي (أولا)، كما تمارس أيضا صلاحيات في المجال المرفقي والضبط الإداري (ثانيا)، وهو ما سيتم التطرق له فيما يلي:

أولا - في المجال المالي والاقتصادي:

تقوم البلدية عن طريق المجلس الشعبي البلدي بصلاحيات في المجال المالي، و ذلك من خلال الموافقة على ميزانية البلدية و الحساب الإداري وهذا ما أكدته المادة 180 من القانون رقم 11-10، وتنصب هذه الموافقة على الميزانية الأولية قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة المعنية أو على الميزانية الإضافية قبل 15 جوان من السنة المعنية، و تتم هذه المصادقة على الاعتمادات المالية مادة بمادة و باب بباب وفي هذا السياق، تتضمن ميزانية البلدية تقدير جميع الإيرادات والنفقات السنوية التي تمكنها من ضمان سير جميع المرافق والمصالح العمومية التابعة لها، وكذلك تنفيذ جميع البرامج المزمع القيام بها، وهذا ما أكده نص المادة 176 من قانون البلدية.

أما صلاحيات البلدية في المجال الاقتصادي، فتبرز من خلال مبادرة المجلس بكل عملية أو باتخاذ أي إجراء من أجل تحفيز وبعث التنمية نشاطات اقتصادية تتماشى مع قدرات البلدية ومخططاتها وبرامجها التنموية، لاسيما المخطط البلدي للتنمية (P.C.D). وفي هذا الإطار ومن أجل تحقيق هذا الهدف حث المشرع المجلس الشعبي البلدي على اتخاذ جميع التدابير والإجراءات التي من شأنها تشجيع الاستثمار و ترقيته.

غير أن ما يمكن ملاحظته من خلال هذه الصلاحيات، أن تطبيقها موقف على صدور نصوص تنظيمية تحدد كيفيات ممارستها حيث تم إحالة كيفيات تطبيق أحكام هذا النص إلى التنظيم، وهذا ما جاء في الفقرة الأخير من المادة 111 من القانون رقم 11-10، والتي نصت على ما يلي:

"تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم" وهو ما لم يصدر بعد، مما أدى الى تعطيل سريان هذا النص، وجعل وجوده حبرا على ورق أو محدود التطبيق. كما أن عدم منح صلاحيات واضحة للبلدية صلاحيات واضحة في القوانين الخاصة بالاستثمار جعل من صلاحيات البلدية في هذا المجال محدودة.

وتبرز صلاحيات البلدية في المجال الاقتصادي كذلك، من خلال منح المشرع لها إمكانية تسيير المصالح والمرافق العمومية للبلدية عن طريق إنشاء مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي وتجار ي أو عن طريق إبرام عقود واتفاقيات مع أشخاص معنوية عامة أو خاصة لتسيير مرافقها العمومية عن طريق ما يسمى بـ: "تفويض المرفق العمومي"، والذي يتخذ أشكال مختلفة كالامتياز والإيجار والتسيير والوكالة المحفزة.

غير أن ما يمكن ملاحظته هو أنه رغم هذه الأساليب والأدوات المتوفرة لتسيير مصالح البلديات، إلا أنها لا تدر على البلديات سوى بعض المداخيل المحدودة وفي بعض الأحيان مداخيل رمزية، ترجع إلى ضعف الرسوم والمقابل المادي الذي تجنيه منها، بسبب عدم تحيين النصوص القانونية والتنظيمية التي تتعلق بها، وضعف تفاوض مسيري البلدية في بعض الأحيان. وعدم مراقبتهم الكافية لكيفية تسيير هذه المرافق من طرف الخواص.

ثانيا- صلاحيات في المجال الاجتماعي والمرفقي والضبط الإداري:

لقد خول القانون رقم 11-10، المتضمن قانون البلدية صلاحيات هامة في المجال الاجتماعي و المرفقي (1) وفي مجال الضبط الإداري العام (2)، وهو ما سيتم تناوله فيما يلي:

1- في المجال الاجتماعي والمرفقي (المرافق العمومية المحلية):

تمارس البلدية نشاطات هامة في جميع ميادين التي تخص الحياة الاجتماعية للمواطن المحلي، لاسيما في ميدان التربية والحماية الاجتماعية والشباب والرياضة و الثقافة و الترفيه والسياحة وغيرها، وذلك من أجل تلبية حاجيات المواطن المحلي. وفي هذا الإطار نصت المادة 122 من القانون رقم 11-10، على هذه الصلاحيات، والتي تتمثل فيما يلي:

- انجاز مؤسسات التعليم الابتدائي طبقا للخريطة المدرسية الوطنية وضمان صيانتها؛

- انجاز وتسيير المطاعم المدرسية و السهر على ضمان توفير وسائل نقل التلاميذ و التأكد من ذلك؛

- اتخاذ التدابير الموجهة لترقية تفتح الطفولة الصغرى والرياض وحدائق الأطفال والتعليم التحضيري والتعليم الثقافي والفني؛

- المساهمة في انجاز الهياكل القاعدية البلدية الجوارية الموجهة للنشاطات الرياضية و الشباب والثقافة والتسلية؛ و تقديم مساعدتها للهياكل والأجهزة المكلفة بالشباب و الثقافة و الرياضة والتسلية؛

- المساهمة في تطوير الهياكل الأساسية الجوارية الموجهة لنشاطات التسلية ونشر الفن والقراءة العمومية والتنشيط الثقافي والحفاظ عليها وصيانتها؛

- اتخاذ كل تدبير يرمي الى توسيع قدراتها السياحية وتشجيع المتعاملين المعنيين باستغلالها؛

- تشجيع عمليات التمهين واستحداث مناصب شغل؛

- حصر الفئات الاجتماعية المحرومة أو الهشة أو المعوزة وتنظيم التكفل بها في إطار السياسيات العمومية الوطنية المقررة في مجال التضامن والحماية الاجتماعية؛

- المساهمة في صيانة المساجد والمدارس القرآنية المتواجدة على ترابها، وضمان المحافظة على الممتلكات الخاصة بالعبادة

- تشجيع ترقية الحركة الجمعوية في ميادين الشباب والثقافة والرياضة والتسلية وثقافة والنظافة والصحة ومساعدة الفئات الاجتماعية المحرومة، لاسيما منها ذوي الاحتياجات الخاصة.

- تتكفل البلدية بتهيئة المساحات الخضراء و وضع العتاد الحضري و المساهمة في صيانة فضاءات الترفيه و الشواطئ. وذلك في إطار تحسين المستوى المعيشي للمواطن.

2- في مجال الضبط الإداري العام (الأمن، الصحة، السكينة، البيئة):

تلعب البلدية دوار هاما في مجال الضبط الإداري العام بصوره المختلفة و في جميع المجالات، وفي هذا الصدد تسهر و تساهم البلدية، لا سيما عن طريق مكتب حفظ الصحة البلدي وبمساعدة المصالح التقنية للدولة على احترام النصوص القانونية و التنظيمية، لاسيما المسائل المتعلقة بالنظافة و حفظ الصحة و الطرقات وذلك في المجالات التالية:

- توزيع المياه الصالحة للشرب؛

- صرف المياه المستعملة ومعالجتها؛

- جمع النفايات الصلبة ونقلها ومعالجتها؛

- مكافحة نواقل الأمراض المتنقلة؛

- الحفاظ على صحة الأغذية والأماكن والمؤسسات المستقبلة للجمهور؛

- صيانة طرقات البلدية؛ وإشارات المرور والإنارة التابعة لها؛

- السهر على حماية التراث المعماري والمحافظة على التراث الثقافي وحمايته؛ وحماية الأملاك العقارية والثقافية وغيرها على ضوء النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها.

المبحث الثاني: المصالح (المرافق) العامة البلدية وأساليب تسييرها:

بغرض تلبية حاجيات المواطنين، أحدث قانون البلدية 11-10، المتضمن قانون البلدية مجموعة من المصالح أو المرافق العمومية البلدية، والتي تختلف باختلاف حجم البلديات وخصائصها، كما حدد الأساليب التي تدار بها هذه المرافق، ولتسليط الضوء على ذلك، لابد من التطرق إلى المرافق العمومية البلدية (المطلب الأول)، ثم أساليب تسيير المرافق العمومية البلدية (المطلب الثاني)، وهو ما سيتم تناوله على النحو التالي:

المطلب الأول: المرافق العامة البلدية

يقتضي تحديد المرافق العمومية البلدية، تناول تعريف المرافق العمومية البلدية (أولا)، ثم تحديد تعداد المرافق العمومية البلدية (ثانيا)، وهذا فيما يلي:

أولا- تعريف المرافق العمومية البلدية:

يقصد بالمرافق العمومية البلدية، تلك المصالح العمومية أو النشاطات التي تنجزها البلدية وتسعى من خلالها إلى تلبية حاجيات المواطنين المحليين وتحقيق المصلحة العامة.

ثانيا- تعداد المرافق العمومية البلدية:

لقد حددت المادة 149 من القانون رقم 11-10، أهم المصالح العمومية البلدية، والتي تتمثل فيما يلي:

- التزويد بالمياه الصالحة للشرب وصرف المياه المستعملة؛

- النفايات المنزلية والفضلات الأخرى؛

- صيانة الطرقات وإشارات المرور؛

- الإنارة العمومية؛

- الأسواق المغطاة والأسواق و الموازين العمومية؛

- الحظائر ومساحات التوقف؛

- المحاشر؛

- النقل الجماعي؛

- المذابح البلدية؛

- الخدمات الجنائزية و تهيئة المقابر و صيانتها بما فيها مقابر الشهداء؛

- الفضاءات الثقافية التابعة لأملاكها؛

- فضاءات الرياضة والتسلية التابعة لها؛

- المساحات الخضراء

تجب الملاحظة، أن عدد وحجم هذه المصالح حسب إمكانيات ووسائل واحتياجات كل بلدية.

المطلب الثاني: أساليب تسيير المرافق العمومية البلدية

لم يقم قانون البلدية لسنة 2011، بتحديد أساليب تسيير المرافق العمومية فقط، وإنما قام أيضا بتحديد أساليب تسيير هذه المصالح. وفي هذا السياق، نصت المادة 150 على ما يلي:" يمكن تسيير هذه المصالح مباشرة في شكل استغلال مباشر، أو في شكل مؤسسة عمومية بلدية أو عن طريق الامتياز أو التفويض" وفي نفس السياق نص المادة 5 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199 على إمكانية تسيير الجماعات الإقليمية، لاسيما الولاية والبلدية لمصالحها العمومية بأسلوب تفويض المرفق العمومي. ولتسليط الضوء على ذلك، لابد من التطرق الى تسيير البلدية لمصالحها بصفة عن طريق أسلوب الاستغلال المباشر والمؤسسة العمومية (أولا) وتسيير البلدية لمصالحها عن طريق أسلوب تفويض المرفق العمومي (ثانيا)، وهذا على النحو التالي:

أولا- تسيير مرافق البلدية عن طريق أسلوب الاستغلال المباشر والمؤسسة العمومية:

يقتضي تحديد ذلك، تسليط الضوء على أسلوب الاستغلال المباشر (1)، وكذلك على أسلوب المؤسسة العمومية (2)، وذلك فيما يلي:

1- أسلوب الاستغلال المباشر: يعني الاستغلال المباشر أن تتولى البلدية بنفسها إدارة المصالح العمومية وهو ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 151 من القانون رقم 11-10، والتي نصت على ما يلي: "يمكن البلدية أن تستغل مصالحها العمومية عن طريق الاستغلال المباشر". 

2- أسلوب المؤسسة العمومية: مفاد ذلك، أن تعهد البلدية تسيير مصالحها العمومية إلى هيئة تقوم بإنشائها تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، تسمى: "المؤسسة العمومية". وفي هذا الصدد، نصت المادة 153 من القانون رقم 11-10، على ما يلي: "يمكن البلدية أن تنشأ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية تسير مصالحها". وفي نفس السياق، يمكن أن تتخذ هذه المؤسسة العمومية شكلين هما المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري أو المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري.

ثانيا- تسيير المرافق العمومية البلدية عن طريق أسلوب تفويض المرفق العمومي

يقتضي التطرق الى تسيير المصالح العمومية البلدية عن طريق أسلوب تفويض المرفق العمومي، تسليط الضوء على تعريف أسلوب تفويض المرفق العمومي (1)، ثم تحديد أشكال تفويض المرفق العمومي (2)، وهذا على النحو التالي:

1- تعريف أسلوب تفويض المرفق العمومي:

نصت المادة 207 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247، المؤرخ في 16 سبتمبر 2015، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العمومي على ما يلي: "يمكن الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام المسؤول عن مرفق عمومي أن تقوم بتفويض تسييره إلى مفوض له، و يتم التكفل بأجر المفوض له بصفة أساسية من استغلال المرفق العمومي و تقوم السلطة المفوضة التي تتصرف لحساب شخص معنوي خاضع للقانون العام بتفويض تسيير المرفق العمومي بموجب اتفاقية".

كما عرفت المادة 4 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199، السالف الذكر تفويض المرفق العمومي المحلي بأنه: "يمكن الجماعات الإقليمية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري التابعة لها أن تفوض تسيير مرفق عام إلى شخص معنوي عام أو خاص خاضع للقانون الجزائري بموجب اتفاقية تفويض".

2- أشكال أسلوب تفويض المرفق العمومي:

يتخذ أسلوب تفويض المرفق العمومي حسب المادة 52 من المرسوم التنفيذي رقم 18-199، السالف الذكر، أربع (4) صور رئيسية هي:

أ- الامتياز: وهو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة للمفوض له إما انجاز منشات أو اقتناء ممتلكات ضرورية لإقامة المرفق العام واستغلاله، وإما تعهد له فقط استغلال المرفق العام.

ب- الإيجار: وهو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة للمفوض له تسيير وصيانة المرفق العام مقابل إتاوة سنوية يدفعها لها ويتصرف له المفوض له لحسابه مع تحمل كل المخاطر وتحت رقابة جزئية من السلطة المفوضة.

ج- الوكالة المحفزة: وهو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة للمفوض له تسيير المرفق العام أو تسييره وصيانته.

د- عقد التسيير: وهو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة للمفوض له تسيير المرفق العام أو تسييره وصيانته بدون خطر يتحمله المفوض له.

المرجع:

  1. د. طيبون حكيم، مطبوعة بعنوان محاضرات في قانون البلدية، ألقيت على طلبة السنة الأولى ماستر – تخصص قانون إدارة وتسيير الجماعات المحلية، جامعة الجيلالي بونعامة – خميس مليانة – كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، ص45 إلى ص55.

google-playkhamsatmostaqltradent