النظرية العامة للإثبات

النظرية العامة للإثبات

النظرية العامة للإثبات

تمهيد

تعتبر مسألة الإثبات من أهم المواضيع التي نظمها المشرع الجزائري وذلك لارتباطها بتطبيق النصوص القانونية، فالقاضي حتى يتمكن من تطبيق النص الموضوعي على النزاع المطروح أمامه يجب أن يثبت لديه أولا صحة الوقائع المدعى بها، فالحق المطالب به أمام القضاء لا يحضى بالحماية ما لم يتمكن صاحبه من إثبات الواقعة التي أنشأته بالطرق التي حددها القانون سلفا وذلك تطبيقا لقاعدة البينة على من ادعى.

 تتعدد وتتنوع طرق ووسائل الإثبات ولكل دليل قيمته ومجاله وقد بينها المشرع في القانون المدني من المواد323 إلى 350 تحت عنوان إثبات الإلتزام، كما بين إجراءاتها الشكلية في المواد من 75 إلى 193 من قانون الإجراءات المدنية تحت عنوان وسائل الإثبات.

من خلال هذه المحاضرات نتطرق إلى الجانب الموضوعي والإجرائي لهذه الوسائل مخصصين مبحثا لكل وسيلة من هذه الوسائل.

المبحث الأول: طرق الإثبات التقليدية والحديثة

تمنع المجتمعات الحديثة اليوم على الشخص ان يقتضي حقه بنفسه تجنبا للفوضى في المجتمع وهو الغرض الأساسي من هذا المبدا، بحيث يتوجب على المدعي بحق من الحقوق، سواء قويا او ضعيفا، ان يلجأ الى السلطة القضائية للمطالبة بالحماية القانونية لهذا الحق ولا يتحقق له ذلك إلا اذا أقام الدليل على وجود ذلك الحق واثبت صحة الواقعة القانونية المدعي بها.

تتعدد وتتنوع طرق الإثبات تنقسم من حيث طبيعتها الى أدلة أصلية وهي الكتابة القرائن والشهادة وأخرى ثانوية وهي الإقرار واليمين ومن حيث حجيتها تنقسم الى أدلة مطلقة وهي الكتابة والإقرار وذات حجية نسبية وهي الإقرار والشهادة ويأخذ القانون الجزائري بكل هذه الطرق التقليدية علاوة على بعض الطرق الحديثة مثل الكتابة الالكترونية.

المطلب الأول: طرق الإثبات التقليدية

ظهرت على الساحة القانونية وسائل للإثبات اعتمدت منذ القدم في إثبات الحق وتتنوع بين الحجية المطلقة والنسبية.

الفرع الأول: الكتابة

تعد الكتابة سواء كانت عن طريق المحررات الرسمية أو العرفية أو في شكلها الحديث الالكتروني أوثق وأهم دليل في الإثبات.

الفقرة الأولى: المحررات الرسمية

تتميز الكتابة بمميزات و خصائص لا توجد في باقي الأدلة الأخرى، بحيث يشترط فيها الوضوح والمقروءية  و أن لا تكون قابلة للتحريف ومستقرة، تناول المشرع الجزائري موضوع الكتابة كدليل إثبات في الباب السادس المتعلق بإثبات الالتزام من الكتاب الثاني المعنون بالالتزامات والعقود من المواد 323 إلى 332 من القانون المـدني.

أولا: تعريف المحررات الرسمية

ا- من الناحية القانونية عرف المشرع الجزائري المحررات الرسمية في المادة 324 من القانون المدني "العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف او ضابط عمومي او شخص مكلف بخدمة عامة وما تم لديه او ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطة واختصاصه".

ب- من الناحية الفقهية عرفها الأستاذ السنهوري الذي يعرفها بأنها: "أوراق رسمية يقوم بتحريرها موظف عام مختص وفقا للأوضاع المقررة وهي كثيرة ومتنوعة منها الأوراق الرسمية المدنية كتلك التي تثبت العقود والتصرفات المدنية ومنها الأوراق الرسمية العامة كالقرارات الإدارية والقوانين والمعاهدات ومنها الأوراق الرسمية القضائية كعرائض الدعوى وأوراق المحضرين ومحاضر الجلسات والأحكام".

كما عرفها الأستاذ محمد زهدور بأنها: "الأوراق التي تحرر بمعرفة شخص ذي صفة رسمية أي موظف من موظفي الدولة أو شخص مكلف بخدمة عامة".

أما الأستاذ يحي بكوش فيعرفها بأنها: "الأوراق التي يقوم موظف عام مختص بتحريرها وفقا لأحكام قانونية وهي كثيرة ومتنوعة".

ثانيا: الشروط الواجب توافرها في المحررات الرسمية

بالاستناد إلى التعريفات الفقهية والقانونية للمحررات الرسمية يمكن إجمال شروط صحة المحررات الرسمية فيما يلي:

أ- صدور المحرر من موظف أو ضابط عمومي أو شخــص مكلف بخدمة عامة: يشترط القانون أن تصدر هذه المحررات من طرف الأشخاص الذين عددتهم المادة 324 من القانون المدني والتي ميزت ما بين ثلاثة أشخاص مخولين قانونا لتحرير هذه المحررات الرسمية وهذا التمييز لم يأتي هكذا عبثا و لكن له ما يبرره نظرا للاختلاف في المركز القانوني لكل فئة وبالتالي فان أي محرر غير صادر من طرف الأشخاص الذين عددتهم المادة المذكورة أعلاه لا يعتبر رسميا أما الأشخاص الذين عددتهم المادة 324 من القانون المدني هم:

- الموظف العام، يعرف القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية انه "كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبه في السلم الإداري". اما المادة الأولى من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته تعرف الموظف:  

-"كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية المحلية المنتخبة وسواء كان معينا أو منتخبا، دائما أو مؤقتا مدفوع الآجر، أو غير مدفوع الأجر بصرف النظر عن رتبته أو أقدميته.

- كل شخص أخر يتولى ولو مؤقتا، وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر، ويسهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها، أو أية مؤسسة تقدم خدمة عمومية.

- كل شخص أخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما. "فالموظف هو كل شخص تعينه الدولة للقيام بعمل من أعمالها ويتنوع الموظفون العموميون بتنوع السندات الرسمية التي يصدرونها، و يدخل في هذا المفهوم جميع موظفي الدولة بمختلف مصالحها المركزية والخارجية، الولايـة والبلديـة والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والمؤسسات العمومية والإدارات ذات الطابع العلمي والثقافي والمهـــني والمؤسسات العمومية ذات الطابع العلمــي والتكنولوجي.

- الضابط العمومي: هو كل شخص يعطي له القانون هذه الصفة ونذكر على سبيل المثال لا الحصر من يعتبر من الضباط العموميين الموثق، المحضر القضائي، المترجم، وحتى الموظف المكلف بالوظيفة القنصلية.

- الشخص المكلف بخدمة عامة: وهو كل شخص يشغل منصبا ما بمقتضى قرار إداري أو بمقتضى عقد سواء أكان مأجور أو غير مأجور، تابع لجهاز مركزي أو محلي أو هيئة عامة تابعة للدولة أو كان يعمل تحت سلطة جهاز إداري، ولعل أحسن مثال لنا في الخبراء الذين تنتدبهم المحكمة لإجراء خبرة فنية ويعد ما يقومون به من قبيل المحررات الرسمية.

أما المقصود بصدورها من أحد هؤلاء الأشخاص هو أن يكون المحرر صادرا بإسم الموظف أو موقعا من طرفه ولا يشترط أن يكون محررا بيده، ومعنى هذا الكلام أن ينسب المحرر لأحد هؤلاء الأشخاص.

ب- أن يتم تحرير المحرر في حدود سلطته و اختصاصه، فيجب ان يتم تحرير المحرر في حدود سلطة هذا الموظف العام أو الضابط العمومي أو الشخص المكلف بخدمة عامـة و في دائرة اختصاصه أي في حدود اختصاصه المكاني، الزماني والموضوعي.

ج- أن يتم تحرير المحرر وفق الأشكال التي حددها القانون، يحدد القانون للموظف أو الضابط العمومي أو المكلف بالخدمة العامة عند ممارسة مهامه مجموعة من الشكليات التي يجب مراعاتها تحت طائلة البطلان وبالتالي عدم إضفاء طابع الرسمية على الورقة المحررة التي لم تتم فيها مراعاة الأشكال القانونية وهذه الأوضاع والشكليات تختلف حسب نوع المحرر و لتبسيط الصورة سوف نتناول وعلى سبيل المثال الشروط المستلزمة في المحررات التوثيقية الصادرة من مكاتب التوثيق وهي:

- التأكد من شخصية أطراف العقد.   

- توقيع المحرر من قبل ذوي الشأن. 

- حضور شاهدين في العقــود الشكليــة.

- أن يـكون المحرر مكتوبا بــاللغة العربيــة وفي نص واحد.

- المصادقة على الإحالات في الهامش أو في أسفــل الصفحات.

- كتابة المبالغ والسنة والشهر و يوم التوقيع على العقد بالحروف.

- عدم تضمينها أي تحوير أو كتابة بين الأسطر او إضافة كلمات.

- المصـــادقة علـــى الإحــالات في الهـــامش.

د- ان يتم مراعاة الأوضاع القانونية في تحرير المحرر الرسمي، يجب على الموظف عند إصداره الورقة  الرسمية مراعاة الأوضاع والشروط والقواعد التي قررها القانون لإصدار مثل هذه الأوراق، مثل تحرير المحرر باللغة العربية وبخط واضح، وألا يشتمل على إضافة أو تحشير أو كشط ، وأن يشتمل على كافة البيانات اللازمة للدلالة على تاريخ التوثيق وشخص الموثق ومكان التوثيق وأشخاص ذوي الشأن وأسماء الشهود.

ثالثا: الآثار القانونية المترتبة عن تخلف شرط الرسمية

إذا صدر المحرر من غير موظف عام أو ضابط عمومـي أو شخص مكلف بخدمة عامة أو بسبب عزله أو عدم تعيينه اصلا أو لانعدام أهليتـــــه أو ولايته في ذلك فان المحرر يعتبر باطلا بطلانا مطلقا بقوة القانون و هنا البطلان يلحق كل العقد لان البطلان لا يتجزأ أما اذا لم يراعي الإجــراءات و الشروط القانونية المتطلبة فانه يجب التمييز مـا بين الأوضـــــاع و الإجراءات الجوهرية والإجراءات غير الجوهرية، فإذا تعلقت هذه البيانات بأوضاع جوهرية فان ما يرتب عنها هو بطلان المحرر الرسمي، أما إذا تعلقت بأوضاع غير جوهرية فانه لا يؤدي ذلك حتما إلى البطلان.

تعتبر من البيانات الجوهرية في القانون الجزائري على سبيل المثال لا الحصر ذكر اسـم الموثق تاريخ التوثيق أصحاب الشأن، تحديــد موضـوع المحرر، التوقيع، بالإضافة إلى ما تشترطه بعض المحررات الرسمية الأخرى كالأحكام القضائية مثلا أو المحررات الإدارية الرسمية.

أما البيانات غير الجوهرية فنذكر منها عدم ترقيم الصفحات، عدم تسطير الفراغات، عدم ذكر الإحالات أو الشطب عدم دفع الرسوم والحقوق أو عدم ذكر ساعة التحرير.

العقد الرسمي قد يتحول الى عقد عرفـــي طبقا لما ورد في القانون المدني: "يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو انعدام الشكل، كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف". أي أن تخلف شرط أو أكثر من شروط اكتساب المحرر الصفة الرسمية وان كان يجعله باطلا كمحرر رسمي إلا انه تبقى له قيمة المحرر العرفي متى كان موقعا من ذوي الشأن ما لم تكن الرسمية شرطا للانعقاد، أما إذا كان التصرف ملزما لجانب واحد فقط فانه لا يشترط إلا توقيع هذا الجانب بجميع افراده ويعد هذا الحكم  تطبيقا للقواعد العامة في التشريع الجزائري ذلك انه متى توافرت شروط المحرر العرفي من كتابة وتوقيع كان ذلك كاف لكي يعتبر محررا عرفيا.

الفقرة الثانية: المحـررات العرفية

نظم المشرع الجزائري المحررات العرفية في القانون المدني الجزائري في المواد من 329 إلى 332 وحصرها في الوسائل التالية: 

- الرسائل والبرقيات.

- الدفاتر التجارية.

- الدفاتر والأوراق المنزلية.

- التأشيرات ببراءة ذمة الدين. 

ونتطرق فيما يلي الى تعريف المحررات العرفية ،ثم إلى شروطها.

أولا: تعريف المحررات العرفية

أ – تعريف المحررات العرفية من الناحية القانونية، لم يعط المشرع الجزائري مفهوما خاصا للمحرر العرفي - الذي أطلق عليـــه اسم العقـــد العرفي.

ب- تعريف المحررات العرفية من الناحية الفقهية، عرف الفقه المحررات العرفية "أنها أوراق مكتوبة تصدر من أفراد بدون تدخل الموظف العام".

المحررات العرفية نوعان الأولى أعدت مقدما لتكون دليل إثبات لذلك فهي تحمل توقيعات الأطـراف والثانية غير معدة للإثبات كالرسائل او الدفاتر التجارية وهي عادة لا تحمل توقيعاتهم.

ثانيا: شروط المحررات العرفية

يشترط في المحرر العرفي انطوائه على الشروط التالية:

أ- الكتابة: يشترط في المحرر العرفي أن يكون متضمنا على كتابة تدل على الغرض الذي أعدت من اجلـــه ومنصبه على واقعة معينة يراد الإثبات بها، وليس لازما أن يتولـى الأطراف المتعاقـدون تحريرها بأنفسهم، بل يمكن أن يقـوم بذلك أي شخـص كان ولا يهم طريقة أو وسيلة أو أسلوب أو لغة الكتابة. كما لا يشترط فيها أن يحضر كتابتها شهود أو ذكر تاريخ ومكان تحريرها ولا يعيب المحرر العرفي وجود تحشير أو إضافات أو كشط.

ب- التوقيع: يعد التوقيع الشرط الأساسي والجوهري لوجود المحرر العرفي والمقصود بالتوقيع هو أن يضـع الشخص بخـط يـده على المحرر العرفـي لقبـه أو اسمه أو هما معـا أو كنيتـه أو أيـة كتابـة أخرى جرت عادتـه أن يدلل بها على هويتـه وهو يأخذ عدة أشكال فقد يكون عن طريق الإمضــاء أو بصمة الأصبع.

يلتزم الأطراف بالتوقيع حسب طبيعة الالتزام فان كان المحرر مثبتا لالتزام من جانب واحد فان هذا الجانب هو الملتزم بالتوقيع دون الأطراف الأخرى، وان كان المحرر مثبتا لعقد ملزم لجانبين كعقد الإيجار أو البيع فانه يجب توقيعه من الطرفين ولقد جرت العادة ان يكون التوقيع في نهاية الورقة تعبير بالموافقة على كل ما كتب على المحرر و لكن عدم وروده في هذه الحالة لا يعتبر عديم القيمة ، و في حالة ما إذا تمت الكتابة في عدة أوراق يمكن الاكتفاء بتوقيع الورقة الأخيرة شريطة ثبوت الاتصال الوثيق بين سائر أوراق المحرر و يخضع تقدير هذا الاتصال للقاضي و المشرع الجزائري لم يكن يعتد إلا بالإمضاء كشكل من أشكال التوقيع إلا انه وبموجب القانون رقم 05 -10 اقر بشكل جديد ألا وهو البصمة بالأصبع.

ثالثا: بعض حالات التوقيع الخاصة

تثير بعض الحالات من التوقيع اشكالات وهي كما يلي:  

- الحالة الأولى: التوقيع في حالة تعدد نسخ المحرر العرفي، يثار إشكال حول مدى الاعتداد بالتوقيع على الكربون؟ بالرجوع الى التشريع والاجتهاد القضائي الجزائري لا نجده تناول هذه المسألة، عكس القانون والقضاء المقارنين. 

- الحالة الثانية: التوقيع بالوكالة، يتم الرجوع إلى مضمون الوكالة نفسها فمتى كان سند الوكالة يسمح بذلك وجب على الوكيل أن يوقع بإمضائه هو أي باسمه مع ذكر صفته كوكيل أما إذا قام بالتوقيع باسم موكله أو قلد توقيعه يكون التوقيع باطلا.

- الحالة الثالثة: التوقيع على بياض قد يحدث أن يقوم احد الأطراف بالتوقيع على ورقة بيضاء ويترك مسألة ملئ البيانات للطرف الآخر بناءا على اتفاق مسبق بينهما فيقوم محرر هذه الورقة بتدوين بيانات غير التي اتفقـا عليها فإذا تمت هذه الكتابة على التوقيع كانت حجة على موقعها مادامت مستوفية لشــروط المحــرر العرفي و لكن للملتزم بها أن يدحض هذه الحجية ،كأن يثبت بان ما دون عليها مخالف لما ورد عليــه الاتفاق وجاء في احد الأحكام القضائية "ان توقيع المطعون ضده على الورقة على بياض ومن ثم حصول الطاعن على الورقة ممن سلمت إليه بطريقة ما، وإثباته فيها الإقرار المدعى بتزويره، فإن هذه الواقعة تعتبر تزويراً لا خيانة أمانة. ولا يشترط لاعتبار الواقعة تزويراً الحصول على الورقة الموقعة على بياض بطريق الاحتيال، بل يكفي الحصول عليها بأية طريقة كانت ويجوز إثبات التزوير المدعى به بطرق الإثبات كافة".

الفرع الثاني: شهادة الشهود

شهادة الشهود وسيلة من وسائل الإثبات القانونية في التصرفات القانونية التي لا تزيد قيمتها على 100.000 دج ما عدا المواد التجارية والمقصود منها أن يثبت المرء حقه أو يثبت ادعاءه في مجلس القضاء بأشخاص يسميهم للقاضي للإدلاء بالشهادة في نزاع ما.

الفقرة الأولى: تعريف الشهادة

- ا- تعريف الشهادة من الناحية اللغوية الشهادة: مشتقة من فعل شهد

• شهِد / شهِد بـ / شهِد على / شهِد لـ يشهد، شهادة ً، فهو شاهد، والمفعول مشْهود به

• شهِد الرَّجُلُ: حكم

شهِد لفلان على فلانٍ بكذا: أدىَّ ما عنده من الشَّهادة

على ذلك سمي الشاهد غي القران الكريم شهيدا اي عليما فقال سبحانه وتعالى (واستشهدوا شهيدين)

تعني أيضا الحضور والعلم ومنه قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)، أي من كان حاضرا في الشهر مقيما غير مسافر فليصم ما حضر وأقام فيه.

- ب- تعريف الشهادة من الناحية الاصطلاحية

1- تعريف الشهادة من الناحية القانونية، لم يعرف المشرع الشهادة

2- تعريف الشهادة من الناحية الفقهية، عرفت بانها "قيام الشاهد في مجلس القضاء بعد حلف اليمين بالأخبار عن واقعة حدثت من غيره ويترتب عليها حق لغير"، كما عرفت أيضا: "الشهادة هي التصريح الذي يدلي به شخص حول وقائع علم بها شخصيا، او الذي يدلي به خبير لإعطاء رأيه ". وهناك من يعرف الشهادة بتعريف أخر هو "إخبار الإنسان في مجلس القاضي بحق على غيره بغيره ولأنها خبر فهي تحتمل الصدق والكذب لكن يقوى احتمال اصدق على الكذب فيها لان الشاهد يحلف على صدق ما يقول و انه إنما يشهد بحق لغيره على غيره فليس له مصلحة في الكذب وإنما كان احتمال العكس لا ينتفي بها انتفاء تام" او هي  إقامة الدليل أمام القضاء بأقوال الشهود و تحليفهم.

الفقرة الثانية: شروط شهادة الشهود

اختلف الفقه حول أركان الشهادة بين قيامها على ركن واحد و هو الصيغة و بين تعدد أركانها إلى خمسة: الشاهد، المشهود له، المشهود عليه، المشهود به والصيغة.

أولا: الشروط الخاصة بالشاهد

يشترط جملة من الشروط الخاصة في الشاهد كي تقبل شهادته كما يلي:

أ- الأهلية: يجب توفر الأهلية في الشاهد وتحدد الأهلية بسن 19 سنة كاملة ولا يوجد مانع من شهادة القصر و يجوز سماعهم على سبيل الاستدلال ولا تقبل شهادة المجنون ولا المعتوه ولا المصاب بمرض عقلي أو بضعف عقلي ناتج عن مرض الشيخوخة، ولا يمكن قبول شهادة السكران الذي أفقده السكر تمييزه إلا إذا كان وقت أداء الشهادة مدركًا ومميزًا.

ب- حرية الاختيار: يجب أن يتمتعّ الشاهد في أدائه لشهادته بكامل الحرية؛ لأنّ أقوالا لشاهد التي يستند إليها القاضي كدليل في الإثبات يشترط أن تكون صادرة اختيارياً عنه دون إيقاعه تحت الضغط أو الإكراه أو التهديد.

ج- أن يكون الشاهد قد حصل على المعلومات التي يدلى بها أمام المحكمة بحواسه الخاصة: عن طريق السمع او المشاهدة وهو ما يسمى بالشهادة المباشرة وهي التي يمكن للمحكمة ان تعتمد عليها وربما تكون هناك شهادات غير مباشرة كالشهادة السماعية وهي ان يروي الشاهد الشهادة من شخص آخر شاهد الواقعة المراد الشهادة فيها وان الشهادة السماعية لا يؤخذ بها في القضايا المدنية.

د- الحياد: يجب أن يكون الشاهد محايداً، بمعنى ألّا تكون له أي مصلحة شخصية متعارضة مع الشهادة التي سيؤديها؛ لأنّ الأصل أن تكون شهادة الشاهد موضوعية بعيدة عن أدنى الشبهات، لكن إذ عرف القاضي أن الشاهد قد يدلي بشهادة لمصلحة شخصٍ ما طمعاً بمصلحة قد تتحقق له إثر هذه الشهادة يجب أن يرد الشاهد ولا يأخذ بالشهادة دليلًا في الدعوى.

-ه- يشترط في الشاهد ان لا ترد عليه احد موانع الرفض و هي :

1- صلة القرابـة: يرد على قاعدة سماع شهادة الشاهد الكامل الأهليــة استثناء حيث منع القانون من الاستماع إلى شهادات بعض الأشخاص و لو كانوا كاملي الأهلية و منهم شهادة احد الزوجين على الزوج الآخر.

2-عدم المنع من الشهادة، في حالة العقوبات التكميلية والتي تنص على الحرمان من ممارسة الحقوق المدنية.

3- المنع من الشهادة لأسباب قانونية: لا يجوز للموظفين او المكلفين بخدمة عامة إفشاء ما وصل إلى علمهم إثناء قيامهم بواجبهم من معلومات لم تنشر بالطرق القانوني ولم تأذن الجهة المختصة في إذاعتها ولو بعد تركهم العمل ومع ذلك فلهذه الجهة أن تأذن لها بالشهادة بناء على طلب المحكمة او احد الخصوم. كما نص القانون الأساسي للوظيف العمومي على ذلك.

ما يقال عن الموظفين العموميين يقال عن المحاميين والأطباء و الوكلاء اللذين وبواسطة ممارستهم لمهنتهم يصل علمهم إلى أشياء هي ربما تكون من الأسرار الشخصية للأشخاص اللذين وثقوا بهم بحكم وظيفتهم وسلموا لهم هذه الأسرار او اطلعوا عليها بحكم عملهم فهؤلاء كذلك لا يجوز لهم إفشاء هذه الأسرار والتقدم بها بأداء الشهادة عن المعلومات التي استحصلوا عليها بحكم ممارستهم لمهنتهم ولكن من الممكن أن يدلوا بهذه الشهادة إذا كان بناء على طلب من أفضى إليه بها هذه الشهادة أو كان ادعاء الشهادة يمنع ارتكاب جريمة فهؤلاء الأشخاص أعفاهم القانون من أداء الشهادة.

ثانيا: الشروط الخاصة بالصيغة

الصيغة او حلف اليمين حيث إنّ حلف اليمين من أهم شروط الشهادة في المحكمة، وذلك قبل أن يدُلي الشاهد بشهادته يجب أن تحلفه المحكمة يمينًا بأن يقول الحق دون زيادة أو نقصان وأن يتم تدوين ذلك في محضر المحكمة، وبالتالي لا تصحّ الشهادة إلا إذا كانت مسبوقة بيمين، وإن أدُت دون اليمين فيعدّ الإجراء باطلًا، ولا يجوز للقاضي أن يستند إليها؛ لأنّ الشهادة الغير مقرونة بيمين لا تعد دليلًا من أدلة الإثبات.

ثالثا: أداء الشهادة أمام القضاء

لا يتم سماع الشهود إلا بأذن من المحكمة وأمامها ولا يعتد بالشهادة التي تتم خارج القضاء ولو في مجلس تحكيمي وللمحكمة من تلقاء نفسها ان تستدعي للشهادة من ترى لزوما لسماع شهادته في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بالشهادة متى رأت في ذلك فائدة للوصول إلى الحقيقة.

رابعا: تحديد الوقائع المراد إثباتها في الشهادة

يجب أن تكون الواقعة معينة ومتنازعا فيها ومتعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وممكنا إثباتها مع جواز الاثبات في الشهادة.

خامسا: أداء الشهادة أمام الخصوم

يرى البعض من الفقه أن أداء الشهادة دون حضور الخصوم يجعلها باطلة لأنه من حق الخصم توجيه أسئلة. لذلك يجب ان تتم الشهادة بحضور الخصوم والا انعدمت من الغرض منها.

الفرع الثالث: القرائن

القرائن من وسائل الإثبات المقررة شرعاً وقانوناً من حيث الجملة وبما أن هذه القرائن وسائل متجددة ومتطورة فقد وجد في هذا العصر أنواع كثيرة من القرائن لم تكن معروفة قديماً وقد أثبتت الدراسات والبحوث العلمية دقتها وصواب نتائجها في الغالب.

الفقرة الأولى: تعريف القرائن

- ا- تعريف القرائن من الناحية اللغوية: القرائن جمع قرينة؛ وهي من الفعل قرن بمعني جمع، تقول قرنت بين الحج والعمرة، أي جمعت بينهما بإحرام واحد، وقرنت بين البعيرين؛ أي جمعت بينهما بحبل واحد، وكل ما يقرن به بين شيئين فهو القِران، لذا يقُال لعقد الزواج عقد القِران؛ لأنه يقرن به بين الزوج والزوجة من خلال هذه المعاني نستطيع القول إن القرينة تفيد معنى الجمع بين الأشياء ومعنى المصاحبة والملازمة.

ب- تعريف القرائن من الناحية الاصطلاحية: 

1- تعريف القرائن من الناحية القانونية: أورد المشرع الجزائري القرائن في الفصل الثالث من الباب السادس المتعلق بإثبات الإلتزام من القانون المدني لكنه لم يتعرض لتعريف القرائن عامة ولا لتعريف القرائن القانونية واكتفى بتحديد القوة الثبوتية التي منحها للقرينة القانونية وذلك من خلال المادة 337 منه التي جاء فيها "القرينة القانونية تغني منت قررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك".

2- تعريف القرائن من الناحية الفقهية: عرفها فقهاء الشريعة والقانون "كل أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً فتدل عليه". كما عرفت بأنها "لأمارة التي نص عليها الشارع، أو استنبطها أئمة الشريعة باجتهادهم، أو استنتجها القاضي من الحادثة وظروفها وما يكتنفها من أحوال". كما عرفت "تلك التي تقوم في عناصرها على حكم القانون الذي يختار واقعة معروفة ثابتة ليستنبط منها واقعة أخرى غير معروفة وغير ثابتة".

الفقرة الثانية: أسس القرائن

تقوم القرينة على جملة من العناصر على رأسها تحقق العنصر الغالب في الوقوع وعنصر الإقرار.

أولا: العنصر الغالب في الوقوع

تجتمع القرينة القانونية مع القرينة القضائية في أنهما تقومان على أساس الإفتراض المحض، الذي يجريه المشرع ليرجح فرضية من مجموع الفرضيات الممكنة ويختارها، لأنه يراها الأكثر ملائمة وانطباقا للواقع مع باقي الفرضيات، وذلك على أساس عنصر الكثرة الغالبة من الأحوال التي يراها الأرجح بأن تتحقق في الواقع، و لا يقيمها إلا إذا تأكد أنها تتحقق مع الوضع المعتاد، فلا يأخذ ثبوت واقعة من واقعة إلا إذا كانت الواقعتان تتلازمان في أغلب الأحوال، ومن ثم فإنه يستوحيها من طبيعة الأشياء وما جرت عليه عادات الناس وتقاليدهم في مختلف مجالات الحياة الإجتماعية والإقتصادية.

فقرينة الوفاء بالأجرة المنصوص عنها في المادة 499 من القانون المدني أقامها المشرع على أساس ما جرى به العمل بين الناس وخاصة المؤجرين للسكنات من حيث كيفية تعاملهم في قبض بدلات الإيجار من المستأجرين، فقد جرت العادة بين المؤجرين أنهم لا يقبضون بدل الإيجار من المستأجرين عن مدة ما قبل استيفائه لأجرة المدة التي سبقتها، أي يقبض الأجرة ويسلم وصل المخالصة لا على أساس المدة الأخيرة وإنما على أساس المدة التي لم يقبض بدل إيجارها، و متى كان للمستأجر وصل المخالصة على المدة اللاحقة إفترض فيه أنه قد تسلم مبلغ الأجرة السابقة و إن لم يقبضها حقيقة.

ثانيا: عنصر القرار

يقصد بعنصر القرار أن المشرع عندما يرجح ثبوت واقعة يستخلصها مما ثبت عنده بعد عملية بحث و استقصاء، فهو يزن واقعة محددة يرى فيها بناءا على الراجح و المألوف الغالب الوقوع أنها أكثر الحالات انطباقا مع الواقع بحيث يمكن الاستدلال من ثبوتها ثبوت واقعة أخرى مجهولة، والوصول إلى هذه النتيجة يستلزم عليه أن يحسم في عنصر الترجيح فيرجحه بناءا على ما ثبت في يقينه أنه أدق في الدلالة على الواقعة المجهولة.

الفقرة الثالثة: أنواع القرائن

القرينة كوسيلة من وسائل الإثبات تنقسم الى نوعين من القرائن وهما القرائن القانونية والقرائن القضائية.

أولا: القرائن القانونية

نص المشرع الجزائري على القرائن القانونية في المادة 337 من القانون المدني "فهي التي تعفي من تقررت لمصلحته من أية طريقة أخرى من طرق الإثبات فهي تعفي الخصم الذي تقررت لمصلحته من أي طريقة أخرى من طرق الإثبات وهناك نوعان من القرائن القانونية.

أ- القرائن القانونية غير قاطعة (بسيطة)

1- تعريفها: هي التي يجوز نقضها بالدليل العكسي فيحق لأطراف الخصومة إثبات عكس ما افترضه المشرع كما جاء في قرار محكمة النقض المصرية "تحرير دفتر التوفير باسم شخص قرينة قانونية غير قاطعة بسيطة على حيازة هذا الشخص للمال المودع ويلتزم القرين بكافة أوجه الإثبات".

2- أمثلة على القرائن القانونية غير القاطعة

المثال الاول: انعقاد عقد الزواج: وفق أحكام الشريعة الاسلامية يعتبر انعقاد عقد الزواج قرينة شرعية على أن المهر المعجل قد دفع، فإذا ادعت الزوجة أنه لم يدفع جاز لها اثبات ذلك.

المثال الثاني: حيازة المنقول: حيازة المنقول بحسن نية وبصورة علنية وهادئة وخالية من الالتباس حجة على ملكيته. فإذا ادعى شخص ملكية هذا المنقول الذي بيد غيره حسن النية جاز له اثبات ذلك بكافة طرق الإثبات.

المثال الثالث: قرينة العلاقة بين السبب والضرر.

ب- القرائن القانونية القاطعة:

1- تعريفها: هي التي تمتع بحجية مطلقة في الاثبات بحيث لا يجوز اثبات عكسها بوسائل الاثبات العادية.

2- أقسامها: تنقسم الى القرائن القانونية القاطعة الى قرائن متعلقة بالنظام العام وقرائن غير متعلقة به.

القسم الأول: القرائن القانونية القاطعة المتعلقة بالنظام العام

المثال الأول: - قرينة النسب المبنية على قاعدة الولد للفراش، فهذه القرينة في حقيقتها تنطوي على قاعدة موضوعية لا يجوز إثباتها بأي طرق كانت ولو بالإقرار أو اليمين الحاسمة.

المثال الثاني: قرينة "سن الرشد" كل من بلغ سن التاسعة عشر سنة يعتبر راشداً..." قرينة العلم بالقانون بعد نشره في الجريدة الرسمية, وبالتالي عدم جواز الاعتذار للجهل به.

القسم الثاني: القرائن القانونية القاطعة التي لا تتعلق بالنظام نذكر منها:

- المثال الاول: قرينة إنقضاء الإلتزام باستكمال مدة التقادم.

- المثال الثاني: واقعة تهدم البناء ولو جزئيا تفترض في الواقع أن المالك قد قصر في صيانته، أو تراخى في ترميمه، وهذه الواقعة تكفي وحدها للإستدلال على خطأ المالك الذي تقوم مسؤوليته.

المثال الثالث: قرينة الخطأ في مسؤولية متولي الرقـــابة.

المثال الرابع: قرينة التبرع في تصرفات المريض مرض الموت.

ثانيا: القرائن القضائية

ا- تعريف القرائن القضائية:

القرينة القضائية هي التي لم ينص عليها القانون ويستنبطها القاضي من ظروف و وقائع الدعوى ومستنداتها بما له من سلطة تقديرية.

ب- أمثلة على القرائن القضائية:

1- وجود سند الدين بيد المدين قرينة على ابراء ذمة المدين.

2- وجود توقيع المستلم على ايصال الاستلام قرينة على تسلمه المال.

3- دفع فاتورة خدمات لشهر معين قرينة على دفع الاشهر السابقة.

ثالثا: نطاق القرائن القضائية

لا يجوز الإثبات بالقرائن القضائية إلا في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود. وهي:

- التصرفات التجارية مهما بلغت قيمتها.

- اذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة.

- إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي.

- إذا كان العرف والعادة لا يقضيان بربط الالتزام بسند كتابي.

- إذا طعن في العقد بأنه ممنوع بمقتضى القانون أو مخالف للنظام العام.

الفرع الرابع: الإقرار

يعد الإقرار وسيلة من وسائل الإثبات، ويأخذ الإقرار صورتين، فإذا كان أمام القضاء فيسمى إقرار قضائي و إن كان خارج القضاء فيسمى إقرار غير قضائي.

ولقد اكتسب الإقرار دورا مميزا في مجال الإثبات القضائي، بالنظر لصفته التجريدية المتمثلة في عدم تصور أن يظلم الإنسان نفسه فيعترف أمام القضاء بحق للغير على نفسه.

فالإقرار يتصل بالحقيقة الواقعية، لأنه إخبار عن هذه الحقيقة من نفس الفاعل، فالصدق فيه مؤكد، ومن ثم فان حجيته تكون قاطعة في فض المنازعات والفصل بين المتخاصمين أمام القضاء.

الفقرة الأولى: تعريف الإقرار

أ- من الناحية اللغوية الإقرار مشتق من فعل قرَّر: يقرِّر، تقريرًا، فهو مقرِّر، والمفعول مقرَّر

قرَّر الشّخصُ أمرًا: اتخّذ قرارًا، صمَّ م بشِدةَّ قرَّرَ السَّفر: اتِخَّذ أمْر السَّفرِ 

قرَّر صحَّة التعبير: أقرَّ بجواز استعماله قرَّر الرأي: وضّحه وحقّقه

ب- من الناحية الاصطلاحية:

1- تعريف الاقرار من الناحية القانونية، عرفه المشرع في المادة 341 من القانون المدني بما يلي: "هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة".

2- تعريف الاقرار من الناحية الفقهية تعددت تعريفات فقهاء المذاهب للإقرار على النحو الأتي:

-تعريف الحنفية: هو إخبار عن ثبوت حق للغير على نفسه

- تعريف المالكية: هو خبر يوجب حكم صدقه على قائله فقط بلفظه أو بلفظ نائبه.

- تعريف الشافعية: اعتراف الإنسان بكل حق عليه بكل لفظ دال على الإقرار.

- تعريف الحنابلة: هو إظهار المكلف الرشيد المختار ما عليه لفظا أو كتابة، أو إشارة، أو على موكله، أو موليه، أو مورثه، بما يمكن صدقه فيه.

الفقرة الثانية: أنواع الإقرار

يمكن تصنيف الإقرار إلى نوعان اقرار قضائي و اقرار غير قضائي و يتربع عنهما حجية مختلفة في الاثبات.

أولا: الإقرار القضائي

الإقرار القضائي هو الذي يحصل أثناء نظر دعوى أمام القضاء متعلقا بإحدى وقائعها. ويتوقف عليه حل النزاع حلا جزئيا أو كليا، كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف الشخص بواقعة من شأنها أن تنتج آثار قانونية حيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات ويكون هذا الاعتراف خلال السير في الدعوى أمام محكمة قضائية سواء كانت مدنية أو تجارية أو سواء كانت تابعة لجهة القضاء المدني أو الإداري، ويشترط أن تكون المحكمة أو الهيئة القضائية التي تصدر الإقرار في مجلسها مختصة.

ثانيا: الإقرار غير القضائي

الإقرار غير القضائي هو الاقرار الذي يصدر في دعوى أخرى بين نفس الخصوم أو الذي يصدر أثناء تحقيق تجريه النيابة العامة أو تحقيق إداري، وقد يكون الإقرار شفاهة كما قد يكون كتابة ترد في رسالة أو في أي ورقة أخرى غير معدة لإثبات الواقعة محل النزاع، والإقرار غير القضائي إذا حدده المقر بالحدود التي كانت له تماما أمام القضاء وفي أثناء السير في الدعوى المتعلقة بموضوعه فان صفته الأولى تزيله ويصبح إقرارا قضائيا.

الفقرة الثالثة: وسائل الإقرار

الأصل في الإقرار أن يكون صراحة وباللفظ الدال عليه ، ولكن استثناءا من الأصل فقد أجاز العلماء صوراً أخرى للإقرار تسهيلاً للمعاملات واستقرارها و يكون الإقرار صراحة أو دلالة ويكون باللفظ أو الكتابة، و يكون بالإشارة المعهودة من الأخرس الذي لا يعرف الكتابة.

والإقرار الضمني لا يؤخذ به إلا في نطاق ضيق جداً في الدعاوى المدنية ومثالاً لذلك أورد السنهوري "في الحقوق التي تتقادم بسنة واحدة، كحقوق التجار والصناع والعمال والخدم يقوم التقادم على افتراض الوفاء، ومن ثم يجب على المدين أن يتمسك بالتقادم وأن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، فالامتناع عن التمسك بالتقادم يكون بمثابة إقرار ضمني بعدم الوفاء، كذلك دفع دعوى الدائن بأن الدين قد انقضى لسبب غير الوفاء، كالمقاصة أو الإبراء يكون بمثابة إقرار ضمني بأن الدين لم يوف ومن ثم إذا تبين أن الدفع بالمقاصة أو الإبراء غير صحيح لم يجز للمدين أن يلجأ بعد ذلك إلى الدفع بالوفاء" والاعتراف الضمني لا يمكن تصوره في المسائل الجنائية والذي يتطلب الاعتراف الصريح دون لبس أو غموض. 

الفرع الخامس: اليمين

اليمين هي من أقدم الوسائل المستعملة في الإثبات يستعملها الخصم كدليل في إثبات حقه المدعى به، فلا يجد بدًاً من ذلك إلا بالالتجاء إلى ضمير خصمه بتوجيهه اليمين إليه لحسم النزاع.

الفقرة الأولى: تعريف اليمين

• أ- من الناحية اللغوية اليمين هو القسم والحلف بالله على فعل أو عدم فعل شيء ما.

• ب- من الناحية الاصطلاحية:  

1- من الناحية القانونية لم يرد تعريف لليمين وقد نظمها المشرع الجزائري في المواد من 343-350 من القانون المدني و من المواد 189-193 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

2- من الناحية الفقهية عرف الفقهاء اليمين "صيغة تتضمن القسم بالله تعالى تأكيداً على صدق الإخبار بوقوع شيء أو عدم وقوعه، أو على العزم على ترك شيء أو فعله من قبل الغير أو النفس فهي استشهاد الخصم بالله على ما يقول او قيلت بصدد إيضاح معنى اليمين، ان اختلفت صورها او ألفاظها إلا انها تعطي المعنى نفسه من القول.

الفقرة الثانية: أنواع اليمين

هناك نوعين من اليمين، اليمين الحاسمة باعتبارها دليل قوي للإثبات واليمين المتممة كدليل محدود القوة في الإثبات.

أولا: اليمين الحاسمة

اليمين الحاسمة هي التي يوجهها احد الخصمين إلى الأخر كدليل قاطع في الدعوى عندما يفتقر للدليل على ادعائه واليمين الحاسمة حق الخصم يوجهها او يردها إلى خصمه متى شاء وفي أي وقت وفي أي دور من ادوار المحاكمة، وما سميت بهذا الاسم إلا لأنه بتوجيهها تنحسم الدعوى.

توجيه اليمين الحاسمة قاصر على الخصمين وليس للمحكمة توجيهها إلا بأذن من المدعي كما أنها عادة ما توجه الى المدعي عليه وليس للمدعي ويكون توجيهها قبل صدور الحكم وليس بعده ويتمتع القاضي بالسلطة التقديرية في رفض توجيه اليمين إذا كانت غير منتجة في النزاع لأي سبب فقط يجب عليه تسبيب رفضه.

ثانيا: اليمين المتممة

اليمين المتممة هي التي توجهها المحكمة من تلقاء نفسها إلى احد الخصمين توكيدا للأدلة التي قدمها حتى يبني حكمه في الدعوى، أي تعزيزا للأدلة المعروضة على المحكمة لاستظهار الحقيقة والبحث عنها عندما تكون الأوراق المتمسك بها غير كافية للإثبات وتعرف أيضا باليمين التكميلية.

تعد اليمين المتممة فهي طريقة تكميلية لتكوين اعتقاد القاضي فلا توجه إذا كانت الدعوى كاملة الحجة للإثبات ولا لتقوم مقام دليل معدوم، و إنما شرعت هذه اليمين لسد النقص الحاصل في مجموعة الأدلة  المعروضة على المحكمة، يوجهها القاضي للمدعي او المدعي عليه تكملة لأدلة الأول فيما يدعي او تعزيزا لدفع المدعي عليه، أي أن القانون لم يشترط لتوجيه اليمين المتممة إلا أن تكون الدعوى خالية من أي دليل وان يكون فيها مبدأ ثبوت يجعل الادعاء قريب الاحتمال وان كان لا يكفي بمجرده لتكوين دليل كامل فيكمله القاضي باليمين المتممة والطرف الموجه إليه تأديتها لا يمكنه النكول عنها.

الفرع السادس: المعاينة

تعد المعاينة دليل حاسم في الكثير من الدعاوى، لأهميتها في استنباط المحكمة لوقائع النزاع عن قرب وبصفة مباشرة. 

الفقرة الأولى: تعريف المعاينة

أ- تعريف المعاينة من الناحية اللغوية: معاينة: اسم معاينة: مصدر عاين مُعاينَة مصطلحات ما تعاينه المحكمة بنفسها، (قانونية).

ب- تعريف المعاينة من الناحية الاصطلاحية 

1- من الناحية القانونية، ام تعرف التشريعات المقصود بالمعاينة.

2- من الناحية الفقهية عرفت بأنها "المعاينة هي انتقال المحكمة لمشاهدة محل النزاع، أيا كانت طبيعته سواء أكان عقارا أم منقولا، وبصفة عامة كل ما يقع عليه النزع، مما يظن آن تكون معاينة مجدية." كما عرفت أيضاً بأنها " انتقال المحكمة لمعاينة الشيء المتنازع عليه، وانتقال المحكمة للمعاينة قد يكون من تلقاء نفسها وقد يكون بناء على طلب أحد الخصوم".

الفقرة الثانية: إجراءات المعاينة

يقدم طلب إثبات الحالة أي المعاينة بموجب أمر على عريضة الى الجهة القضائية المختصة وهو رئيس المحكمة ليفصل فيها في أجل أقصاه ثلاثة أيام وعند تأكده من صحة الطلب وعدم مساسه بحقوق الأطراف يأمر بتعيين محضر قضائي اسميا أي ذكر اسم و لقب المحضر القضائي وباستعمال عبارة "نأمر بتعيين أي محضر قضائي" مختص لدى اختصاص المجلس القضائي التي يقع فيها عنوان مكان حدوث الواقعة القانونية أو وجود الشيء ـأو حتى وجود الشخص المراد معاينة وجوده، بحيث يتم تعيين محضر قضائي لأداء مهمة محددة ،يتم فيها تحديد ما يجب على المحضر القضائي معاينته بصفة دقيقة، بحيث لا يحق للمحضر القضائي الخروج عن المهمة التي كلف بها، أي ان المحضر القضائي مقيدا بما جاء في منطوق الأمر وعدم تجاوزه.

الفرع السابع: الخبرة

تعتبر الخبرة القضائية وسيلة من وسائل الإثبات القانونية، حيث سمح المشرع الجزائري للقاضي بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية اللجوء للخبرة في المسائل الفنية التي تخرج عن المجال القانوني.

الفقرة الأولى: تعريف الخبرة

ا- تعريف الخبرة من الناحية اللغوية: خبر يخبرُ خُبْرًا وخِبْرة ً وخُبْرةً وخُبوُرًا وخِبْرًا و مخْبرةً، فهو خابِر وخبير، والمفعول مخْبور.

ب- تعريف الخبرة من الناحية الاصطلاحية:  

1- تعريف الخبرة من الناحية القانونية، عرف قانون الإجراءات المدنية والادارية لم يعرف الخبرة نص فقط على هدف الخبرة في المادة 125 بقوله "تهدف الخبرة إلى توضيح واقعة مادية تقنية أو علمية محضة للقاضي".

2- تعريف الخبرة من الناحية الفقهية يقصد بالخبرة "المهمة الموكولة من قبل المحكمة أو الهيئة القضائية إلى شخص أو إلى عدة أشخاص أصحاب إختصاص أو مهارة أو تجربة في مهنة ما أو فن أو صنعة أو علم لتحصل منهم على معلومات أو آراء أو دلائل إثبات لا يمكنلها أن تؤمنها بنفسها وتعتبرها ضرورية لتكوين قناعتها للفصل في نزاع معين".

فهي إستيضاح رأي أهل الخبرة في شأن إستظهار بعض جوانب الوقائع المادية التي يستعصى على قاضي الموضوع إدراكها بنفسه من مجرد مطالعة الأوراق والتي لا يجوز للقاضي أن يقضي في شأنها إستنادا لمعلوماته الشخصية وليس في أوراق الدعوى وأدلتها ما يعين القاضي على فهمها والتي يكون إستيضاحها جوهريا في تكوين قناعته في شأن موضوع النزاع.

وعموما الخبرة وسيلة من وسائل الإثبات وهي وسيلة إثبات استثنائية أو خاصة يتم اللجوء إليها في المسائل التي تخرج عن حدود علم وإدراك المحكمة، بحيث يتحدد نطاق الخبرة القضائي في المسائل الفنية والعلمية والتقنية فقط فلا يجوز إجراؤها في المسائل القانونية.

وللمحكمة لها أن تلجأ لإجراء الخبرة القضائية من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم متى اقتضت الحاجة لإجرائها، ويحق لأطراف الدعوى تقديم طلب لرد الخبير القضائي إذا وجد سبب من أسباب الرد المنصوص عليها في القانون.

بالإضافة إلى ذلك، هناك التزامات يجب على الخبير القضائي القيام بها مثل حلف اليمين القانونية بأن يؤدي عملة بأمانة وإخلاص، ودعوة الخصوم لحضور أعمال الخبرة استناداً لمبدأ المواجهة، وسماع أقوال الخصوم وملاحظاتهم أو أقوال من يمثلونهم قانوناً، والطلب من الخصوم تقديم الأوراق والمستندات الضرورية لتنفيذ المهمة، وتنظيم محضر بالأعمال التي قام بها مشتملاً على حضور الخصوم وأقوالهم، وإعداد تقرير الخبرة.

وبهذا نكون قد انتهينا من طرق الإثبات التقليدية لننتقل الى طرق الإثبات الحديثة.

المطلب الثاني: الطرق الحديثة للإثبات

تعد الكتابة من أهم وسائل الإثبات والكتابة إما تكون عادية أو إلكترونية، والكتابة الإلكترونية تتسم بأنها تتم على داعمة إلكترونية بواسطة جهاز الحاسب الآلي، وتتفق مع الكتابة العادية من حيث اعتبارها وسيلة للإثبات.

الفرع الأول: مفهوم المحررات الالكترونية

ظهر التوقيع الإلكتروني كمصطلح جديد نتيجة استخدام وسائل الاتصال الحديثة و الانترنت التي أحدثت ثورة هائلة في مجال المعلوماتية والاتصالات، انعكس على تعاملات الأفراد في إبرام العقود عبر هذه الوسائل حيث لا يجد التوقيع التقليدي بأشكاله المختلفة مجالا له أمام انتشار نظم المعالجة الإلكترونية، فبدأ الحديث عن الرقم السري لكي يقوم بهذه الوظيفة ثم ظهرت صور أخرى للتوقيع الإلكتروني ساهمت في انتشار التجارة الإلكترونية ولقد تولت التشريعات الدولية والداخلية مهمة تحديد مفهومه و شروطه وإذا استخدمت طريقة لتعيين هوية الشخص و التدليل عليه فان ذلك يعد توقيعا على رسالة البيانات، و عليه فان شرط التوقيع لازم للاعتداد بحجية الكتابة الالكترونية في الإثبات.

الفقرة الأولى: تعريف المحررات الالكترونية

يعد موضوع الإثبات عن طريق المحررات الالكترونية او في الشكل الالكتروني من المواضيع الحديثة التي كانت وليدة التطور العلمي والتكنولوجي الهائل الذي مس ميدان المعاملات الفردية ونظرا لذلك فقط كان لزاما على المشرع الجزائري تدارك ذلك شأنه شأن النظم المقارنة، فما هو تعريفها؟

أولا: المفهوم القانوني للمحررات الالكترونية

تناول القانون النموذجي بشأن التجارة الالكترونية الذي اعتمدته لجنة الأمم عرف المحررات الالكترونية مصطلح "تبادل البيانات الالكترونية انها" نقل المعلومات الكترونيا من حاسوب الى حاسوب آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين معلومات".

اما القانون المدني الجزائري فعرفها انها "ينتج الإثبات بالكتابة من تسلسل حروف أو أوصاف أو أرقام أو أي علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها وكذا طرق إرسالها".

كما عرفها المشرع المصري: "كل حروف أو أرقام أو رموز أو أي علامات أخر ىتثبت على دعامة الكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطي دلالة قابلة للإدراك". أما المقصود بالمحرر الالكتروني "رسالة تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج، أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كليا أو جزئيا بوسيلة الكترونية أو رقمية أو ضوئية أو بأية وسيلة أخرى مشابهة".

أما المشرع الفرنسي فنص :"يشمـل الإثبات بالكتابة كـل تدويــن للحـــروف أو العلامــات او الأرقام أو أي رمز أو إشارة أخرى ذات دلالة تعبيرية واضحة مفهومة أيا كانت الدعامة التي تستخدم في إنشائها أو الوسيط الذي تنتقل عبره". 

نستنتج من هذه النصوص أن المشرع الجزائري وعلى غرار غالبية التشريعات في النظم المقارنة تبنى مفهوما واسعا للإثبات عن طريق الكتابة إذ لم يبقى مقتصرا على المحررات الرسميـة والعرفية بالمفهوم التقليدي و المتجسد أساسا على الدعامة الورقية والمادية بل انتقل إلى تجسيد فكرة الإثبات عن طريق الكتابة في أي شكل كان ومهما كانت الدعامة التي تحتويه، ولو أن أحكامه في تشريعنا الداخلي لم تتضح بعد بسبب أن النصوص المتعلق بها جاءت مقررة لمبادئ عامة، إلا أن المؤكد هو أن المشرع الجزائري كرس مبدأ الفصل ما بين الكتابة و الدعامة التي تحتويه وفتح مجال الإثبات عن طريق الكتابة مهما كان شكلها مقرا بالكتابة الالكترونية كدليل إثبات كامل.

ثانيا: المفهوم الفقهي للمحررات الالكترونية

تعددت التعريفات الفقهية بالنسبة لتحديد مفهوم المحررات الالكترونية وفي هذا الصدد يرى الأستاذ عباس العبودي بأنها: "أسلوب للتعبير يتضمن تسطير وجمع الحروف والكلمات في شكل مادي ظاهر ويعبر اصطلاحا عن معنى مكتمل أو فكرة مترابطة صادرة عن الشخص الذي نسبت إليه"، إذا فهــي مجموعة من الحروف أو الرموز أو الأشكال أو أية وسيلة للتعبير تتضمن معنى مفيد يمكن أن يعكس إرادة الشخص الصادرة منه موجودة على دعامة الكترونية أو في شكل الكتروني وتختلف صفتها باختلاف شكلها و كذا الدعامة التي تحملها.

الفقرة الثانية: الشروط الواجب توافرها في المحررات الالكترونية

تناول المشرع الجزائري مسألــة المحررات في شكلها الالكتروني و حصر الشروط التي بتوافرها تعتبر الكتابة في الشكل الالكتروني كدليل إثبات كامل في ثلاثة شروط و هـي:

- أن تكون هنالك كتابــــة ذات معنـى.

- إمكانية التأكد و معرفة الشخص الذي أصدرها.

- حفظ المحرر الالكتروني بطريقة تضمن سلامتـه.

بالإضافة إلى شرط آخر لم ينص عليه المشرع الجزائري وهو شرط التوثيق.

اولا: وجود كتابة ذات معنى

تقضي المادة 323 مكرر من القانون المدني بانه :"ينتج الإثبات بالكتابة من تسلســـل حروف أو أوصـــــاف أو أرقام أو أي علامات أو رموز ذات معنى مفهوم مهما كانت الوسيلة التي تتضمنها و كذا طرق إرسالها".

ان المقصود بالكتابة الموجودة في المحرر الالكتروني والتي تكون على شكل معادلات خوارزمية تنفذ من خلال عمليات إدخال البيانات وإخراجها من خلال شاشة الحاسب و التي تتم من خلال تغذية الجهاز بهذه المعلومات عن طريق وحدات إدخال و التي تتبلور في لوحة المفاتيــح أو استرجاع المعلومات التي تتمثل في شاشة الحاسب أو طباعة هذه المحررات على الطابعـة أو الأقراص الممغنطة أو أي وسيلة من وسائل تخزين البيانات.

الكتابة حسب ما تضمنه التشريع الجزائري هي كل تسلسل لحروف أو أوصاف أو أرقام أو أية علامات أو رموز مهما كانت الدعامة و الوسيلة التي تحمل هذه الكتابة ،و لا يكفي ان تكون هنالك كتابة فقط بل لابد ان تكون هذه الكتابة ذات معنى مفهوم و هو شرط مألوف و لا حاجة لتقنينه لما كانت الدعامة التي ينتقل عليها المحرر دعامة مادية  أي ورقية ،أما لما يتعلق الامر بالكتابة في الشكل الالكتروني فالأمر مختلف كون الدعامة التي تحمله هي دعامة غير مادية و التدوين عليها يخضع لقواعد خاصة وهو ما يستلزم أن تكون ذات معنى ولو بعد ترجمتها كتابيا أو ظهورها على شاشة الحاسوب أو طباعة هذه المحررات على الطابعة أو الأقراص الممغنطة أو أي وسيلة من وسائل تخزين البيانات.

ثانيا: إمكانية التأكد ومعرفة هوية الشخص الذي أصدرها

إن انتساب المحرر لشخص معين لا يكون إلا بالتوقيع الالكتروني، فالتوقيع هو الذي يجعل من المحرر الالكتروني صادر من طرف الأشخاص.

الفرع الثاني: صور التوقيع الإلكتروني

تتعدد تلك الصور باختلاف الطريقة التي يتم بها هذا التوقيع ومدى الأمان و درجة الثقة في التقنية المستخدمة وتوجد عدة طرق كلها وليدة التطور التكنولوجي و لم يتولى التشريع تحديد هذه الصور لاستحالة حصرها بل حدد شروطها.

الفقرة الأولى: التوقيع الرقمي أو الكودي

عبارة عن رقم او رمز سري ينشئه صاحبه ثم يتم تشفيره بإحدى خوارزميات المفتاح العام و المفتاح الخاص ويعتبر التوقيع الرقمي من أهم الصور نظرا لما يتمتع به من قدرة فائقة على تحديد هوية أطراف العقد تحديدا دقيقا و مميزا كما يضمن عدم إمكانية التدخل على مضمون التوقيع أو مضمون المحرر الذي يرتبط به. 

ويقوم التوقيع الرقمي على استخراج مفتاح الترميز العمومي و الذي ينشأ مفتاحين لكنهما مرتبطين رياضيا مفتاح عام يسمح لكل شخص مهتم بالقيام بقراءة رسالة البيانات عبر الانترنت لكن دون أن يتمكن من إدخال أي تعديل عليها ومفتاح خاص لا يملكه إلا صاحب التوقيع الرقمي حيث لا يمكن لأي عميل أو تاجر إجراء أي تعديل على هذا الرقم بمعنى أنه يوضع التوقيع على رسالة البيانات (سواء كان محررا أو عقدا) ولهذا النوع من التوقيع الالكتروني تطبيقات في ميدان البنوك وكذا في ميدان المراسلات الالكترونية التي تتم ما بين الموردين والمصدرين.

الفقرة الثانية: التوقيع بالرقم السري والبطاقة الممغنطة

تعتبر هذه الصورة من صور التوقيع الإلكتروني الأكثر شيوعا في مجال المعاملات البنكية، إذ تتطلب أن يكون لدى الشخص حاسب آلي، أو أن يتصل جهازه بشبكة الأنترنت، لذا فإنها تستخدم بهدف قيام العميل بسحب المبالغ النقدية، والتي تحدد بمبلغ معين، عن طريق أجهزة الصراف الآلي بهدف سداد ثمن السلع والخدمات للمحال التجارية بإدخال البطاقة في جهاز مخصص لهذا الغرض، فهذه البطاقة يصدرها البنك أو المؤسسات الائتمانية لعملائها لغرض تخفيف الضغط عليها، إذ بدلا من ذهاب العميل إلى البنك لسحب المبالغ النقدية، فإنه يقوم بهذه العملية عن طريق الصراف لآلي بإتباع إجراءات معينة تتم الاتفاق عليها بينه وبين الجهة المصدرة للبطاقة.

الفقرة الثالثة: التوقيع باستخدام الخواص الذاتية -التوقيع البيومتري-

يعتمد في هذه الصورة على الخصائص الفيزيائية والطبيعية للأشخاص و مثال ذلك البصمة الشخصية بصمة قزحية العين البشرية التحقق من نبرة الصوت بصمة الشفاه خواص اليد البشرية التعرف على الوجه البشري التوقيع الشخصي الخواص مميزة لكل شخص، وهذه الوسيلة تسمى بالتوقيع "البيومتري" نظرا لارتباطها بالخصائص الذاتية للشخص و وفقا لهذه الطريقة يتم تخزين بصمة الشخص داخل الدائرة الإلكترونية للجهاز المراد التعامل معه بحيث لا يمكن أن يستجيب للشخص إلا بعد النطق بكلمات محددة أو بوضع البصمة أو المرور أمام الجهاز عندما يتأكد من عملية المطابقة الكاملة. يعتمد نظام التوقيع البيومتري على الصفات المميزة للإنسان وخصائصه الطبيعية والسلوكية التي تختلف من شخص لآخر، كبصمة الأصابع و بصمة شبكة العينين، ونبرة الصوت، ودرجة ضغط الدم والتعرف على الوجه البشري، وغيرها من الصفات الجسدية والسلوكية.

الفقرة الرابعة: التوقيع بالقلم الإلكتروني

التوقيع بالقلم الالكتروني هو صورة من صور التوقيع الالكتروني التي تتم باستخدام قلم خاص وهو القلم الالكتروني يوقع به علي شاشة الحاسوب علي اختلاف أشكاله طبقاً لمواكبة التطور التكنولوجي عن طريق برامج محددة لذلك ويكون ذلك عن طريق تسجيل الشخص توقيعه في البداية بأكثر من مرة و شكل , ثم يحفظ التوقيع علي البرنامج فهو بذلك خزن توقيعه بطريقة التشفير فيقوم البرنامج بمعالجة التوقيع وقياس خصائصه من حيث الشكل والحجم والدوائر والنقاط والالتواءات ودرجة الضغط علي القلم وغير ذلك مما قد يتوفر من تقنيات فنية للامان.

المبحث الثاني: حجية المحـررات و وسائـل دحضها

تناول المشرع حجية المحررات الرسمية والعرفية في شكلها التقليدي و كذلك في شكلها الحديث.

المطلب الأول: حجية المحررات الرسمية والعرفية

تختلف حجية المحررات العرفية عن حجية المحررات الرسمية المتميزة بالحجية المفترضة وبالصفة المطلقة.

الفرع الأول: حجية المحررات الرسمية

إن الحجية مفترضة في الورقة الرسمية متى كان مظهرها الخارجي سليما و لا ينبئ أنها غير ذلك، ولا يلزم من يتمسك بها ان يقيم الدليل على صحتها.

الفقرة الأولى: حجية المحرر الرسمي فيما بين الأطراف

تنص المادة 324 مكرر5 من القانون المدني: "أن العقد الرسمي يعتبر ما ورد فيه حجة حتى يثبت تزويره". كما تنص المـادة 324 مكرر 6: "يعتبر العقد الرسمي حجة لمحتوى الاتفاق المبرم بين الأطراف المتعاقدة و ورثتهم و ذوي الشأن. "كما" يعتبر العقد الرسمي حجة بين الأطراف حتى و لو لم يعبر فيه إلا ببيانات على سبيل الإشارة شريطة ان يكون لذلك علاقة مباشرة مع الأطراف".  

من خلال هذه النصوص يتضح جليا أن المحرر الرسمي حجة على الأطراف المتعاقدة وكذا خلفائهم العامين و ذوي الشأن أجمعين و في مواجهة الناس كافة وهذا ما أكده القانون والفقه والقضاء عنـدنا و بالتالي فما فائدة الحصر الذي جاءت به المادة 324 مكرر6 من القانون المدني. كما أن هذه الحجية تصدق على الغير كذلك، والغير الذي يحتج عليه بالمحرر الرسمي هو نفس الغير الذي تحتج عليه بالتصرف القانوني و الخلف الخاص، فالغير الذي يسري عليه هذا التصرف أو أحد خلف طرفي التصرف، هو وحده الذي يحتج عليه بالمحرر الرسمي المثبت لهذا التصرف، أما الغير الذي لا يسري عليه التصرف فلا يحتج عليه بالمحرر الرسمي المثبت له و مثال ذلك المشتري الذي يسبق إلى تسجيل و قيد عقده يفضل على المشتري الآخر لنفس العقار بعقد مقيد أو تم قيده متأخرا.

الفقرة الثانية: حجية المحرر الرسمي فيما يتعلق بالبيانات الواردة فيه

لابد في بادئ الأمر أن نفرق ما بين نوعين من البيانات، بيانات قام بها الموظف العام بنفســـه أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره و بيانات أخرى تتعلق بما قام به ذو الشأن خارج مجلس العقــد وفي غيبة الموظف وما قام به الموظف هنا ما هو إلا تدوين لبيانات بناءا على تصريحات الأطراف فإذا تعلق الأمر ببيانات قام بها الموظف في حدود اختصاصه و مهامه كالتأكد من شخصية المتعاقديـــن أو كتابة التاريخ أو توقيعه، أو البيانات التي حصلت في حضوره كأن قدم المشتري ثمن المبيع كاملا للبائع أو التعاقد أمامه سواء كانت هذه البيانات التي حررها سمعها أو رآها، فان هذه البيانات تكون لها حجيتها في الإثبات ولا يجوز دحضها إلا عن طريق الطعن بالتزوير.

أما إذا تعلق الأمر بالنوع الأخر من البيانات التي حررها الموظف بناءا على تصريحات الأطراف والتي تكون خارج مجلس العقد ولم يدركها الموظف بحواسه كان يثبت احد المتعاقدين انه يتمتع بكامل قواه العقلية او تربطهم علاقة قرابة، فهذه البيانات لا تكون لها حجية المحرر الرسمي لأنها تدخل في صميم عمله وبالتالي يمكن دحض حجيتها بإثبات عكسها بالطرق المقررة قانونا و تصريحات المتعاقدين المتصلة بموضوع العقد و تعتبر حجة عليهم وعلى خلفائهم حتى يثبت عكسها أما التصريحات التي لا علاقة لها مباشرة بموضوع العقد فلا يصلح السند الرسمي بالنسبة لها إلا كمبدأ ثبوت بالكتابة.

الفقرة الثالثة: حجية المحرر الرسمي بالنسبة للصور

الصـورة لا تحمـل توقيعـات الأطـراف و لكن تحمـل توقيـع الموثـق و ختمـه، و هي منقولـة عن الأصـل سواء كانـت خطيـة أو فوتوغرافيـة بواسطـة الموثـق و لكن رسميتهـا محـدودة في كونهـا صـورة لا في كونهـا أصـل. والمفروض أنهـا مطابقـة للأصـل مطابقـة تامـة بما ورد فيهـا من بيانـات ولا تعتبر رسمية ولا قيمة لها في الإثبات ما لم يقبلهـا الخصم صراحـة أو ضمنـا صورة المحرر الرسمـي التي لم تصدر عن الموظف المختص بإمضائـه يشهـد توقيعـه عليهـا بأنهـا مطابقـة للأصـل المحفوظ لديـه.

ولكن هنـا يثـار إشكـال كون أن القانون إشترط لقيـام هذه الحجيـة أن يكون أصل المحرر الرسمـي موجود للرجوع إليه عند الحاجـة و أن تكون الورقـة التي ينازع فيهـا ليست الأصل بل الصورة منـه. ولذلك نكون هنـا بصدد حالتيـن:

- الحالة الأولى: إذا كان أصل المحـرر الرسمي موجـود و كانت الصورة مطابقـة للأصل فانه للصورة حجيتها وتتولد قرينة قانونية غير أن هذه القرينـة غير قاطعـة وتبقى قائمـة ما دام لم ينكرهـا الخصم قابلـة للإثبات.

- الحالـة الثانية: حالة ما إذا كان أصل المحـرر الرسمي غير موجـود المشرع الجزائري وميـز بين ثلاث وضعيات فيما يتعلـق بحجيـة الصورة في حالة فقـدان أصل المحرر الرسمـي كما يلي:

الوضعية الأولـى: حجيـة الصورة الرسميـة الأصليـة المأخـوذة من الأصل وهي الصورة التي تنقـل مباشـرة من المحرر الرسمـي بواسطـة الضابط العمومي والتي تعطى لأصحـاب المصلحة أطـراف المحـرر الرسمـي مرة واحـدة فقـط. أو تكون صـور غير تنفيذيـة تنقـل من الأصل مباشـرة وتسمى صور أصليـة أولى Premiere Expedition إن جميـع هذه الصور تستفيـد من حجيـة الأصل المفقـود متى كان مظهرها الخارجي لا يـدع مجالا للشك في مطابقتهـا للأصل، أي بمعنـى أنهـا لا تستمـد الحجيـة من الأصل الغير الموجود بل منها ذاتهـا ما دام مظهرهـا سليمـا.

الوضعية الثانيـة: حجيـة الصور الرسميـة المأخـوذة من الصور الأصليـة. وهي صورة صـادرة عن الموظـف التي لم تنقـل عن الأصل مباشـرة بل نقلـت عن الصـورة الأصليـة المأخـوذة من الأصل.

لذلك لا يجوز أن تكون لها حجيـة أكبر من حجيـة الصور الأصليـة التي هي ليست إلا صورا منها بشرط أن تكون الصورة الأصليـة موجودة، ولذلك فإن حجيتهـا ليست مستمـدة من ذاتها بل هي تتمتع بقرينـة المطابقـة للصورة الأصليـة فإن حدث نزاع وجـب التأكيد من مدى مطابقتهـا لها متى كان مظهرها الخارجـي لا يسمح بالشـك في مطابقتهـا لها. فإن وجدت مطابقـة كان لها حجيـة الأصل وإن وجدت غير مطابقـة إستبعـدت هذه الصورة وإستبقيـت الصورة الأصليـة وهي التي تكون لها الحجيـة.

الوضعية الثالثـة: حجيـة صور الصـور المأخـوذة من الصور الأصليـة. وهي الصـور المأخـوذة عن الصور الأصليـة أي تعـد الصورة الثالثـة بالنسبـة للصورة الرسميـة الأصليـة، فاذا إحتـج بهـا و أنكـر أحد ذوي الشأن مطابقتها فإنه يمكن إجراء المضاهاة والمطابقـة على الصورة الرسميـة الأصليـة إن وجـدت و لا يجوز مطابقتها على الصورة الرسميـة وإذا كانت الصورة الرسميـة الأصليـة مفقودة لا تكون لها حجيـة و لا يعتـد بها إلا على سبيـ ل الاستئناس تبعـا للظروف.

الفرع الثاني: حجية المحررات العرفية

يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن كتبه او وقعه وحجة عليه ولا يصبح حجة على محرره إلا إذا أنكره صراحة.

الفقرة الأولى: عدم انكار المحرر العرفي

حجية المحرر العرفي متوقفة على عدم إنكاره. فإذا لم ينكر المنسوب إليه التوقيع أو الخط ذلك صراحة عد إقرارا ضمنيا ومتى كان كذلك فانه يصبح هذا المحرر في مواجهته كالمحرر الرسمي من حيث الحجية و لا يجوز له الإنكار بعد ذلك ولا يبقى بيده من اجل دحض حجيته إلا الطعن بالتزوير.

الفقرة الثانية: إنكار المحرر العرفي

في حالة ما إذا أنكر المنسوب إليه المحرر العرفي فان ذلك يؤدي إلى زوال حجيته مؤقتا وعلى من تمسك به أن يثبت انه لمن نسب إليه ويتم ذلك عن طريق إجراءات التحقيق.

الفقرة الثالثة: المحرر العرفي المصادق عليه

إذا كان هذا المحرر العرفي حاملا لتوقيع المنسوب إليه وكان مصادقا عليه من طرف موظف عمومي – البلدية مثلا – فان المصادقة على التوقيع يجعله رسميا وبالتالي فان دحض الحجية لا يجب أن يتم عن طريق دعوى الإنكار بل يجب أن يطعن فيه بالتزوير.

إذا تعلق الأمر بالورثة أو الخلف فان "ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار ويكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أن الخط أو الإمضاء او البصمة هو لمن تلقوا منه هذا الحق". ومعنى ذلك أن المشرع اقر للورثة او الخلف طريقة من اجل دفع حجية هذا المــحرر و تكون عن طريق الدفع بالجهالة وذلك بتأدية اليمين على أنهم لا يعلمون أن الخط او الإمضـــاء او البصمة هي لمن تلقوا عنه هذا الحق ،و يؤدي ذلك إلى سقوط حجية المحرر العرفي إلى أن يقوم من يحتج به بإثبات حجيته عن طريق إجراءات التحقيق، أما إذا لم يدفع الورثة بجهلهم فانه تثبت لها حجية كاملة ولا يبقى لهم من اجل استبعادها إلا الطعن بالتزوير.

الفقرة الرابعة: شروط تمسك الغير بالمحرر العرفي

الأصل أن الاعتراف بالخط او التوقيع الوارد في المحرر العرفي يجعله حجة على الكافة ولا يكون حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت.

يشترط في الغير الذي يتمسك بعدم الاحتجاج عليه بتاريخ المحرر العرفي لعدم ثبوته أن يكون سنده الشخصي ثابت التاريخ ويكون تاريخ العقد ثابتا ابتداءا..." من:

- يوم تسجيله: يقصد به التسجيل في مصلحة الطابع والتسجيل من اجل اقتضاء حقوق الدولة من الرسوم من ثبوت مضمونه في محرر رسمي: مفاد هذه الحالة هو أن يتم الإشـارة أو الإحالة أو النص في محرر رسمي على هذا المحرر ومثال ذلك أن يشير القاضي في حكمه أن المدعي قدم محرر عرفي يتضمن عقد إيجار التزم فيه المدعي عليه بدفع مبلغ 3000 دج شهريا فيعتبر تاريخ هذا الحكم هو التاريخ الثابت للمحرر العرفي.

- وفاة أحد ممن له على المحرر أثر معترف به: في هذه الحالة يفترض أن المحرر كان سابقا لتاريخ الوفاة وبالتالي يعد تاريخ الوفاة تاريخا ثابتا له. و يرى الفقه انه يضاف إلى حالة الوفاة حالات أخرى تكون فيها استحالة للكتابة أو للتوقيع أو البصم لعلـة في الجسـم كبتـر اليدين مثلا أو الأصبع.

- التأشير على المحرر من طرف موظف عام: وتتجسد هذه الحالة عندما يقوم الموظف العام بالتأشير على المحرر العرفي فيصير لتاريخ التأشير طابع الرسمية دونما البيانات الواردة في المحرر.

و ما يجب الإشارة إليه هو أن القانون لا يشترط ثبوت التاريخ إلا بالنسبة للمحررات العرفية المعدة للإثبات على الوقائع القانونية التي لا تقبل الإثبات بشهادة الشهود و ما يقوم مقامها.

الفرع الثالث: حجية المحررات الرسمية والعرفية حسب المفهوم الحديث

أورد المشرع الجزائري بموجب تعديل 2005 للقانون المدني أحكام عامة تتعلق بشكل جديد للإثبات عن طريق الكتابة مهما كانت الدعامة التي تحملها دعامة ورقية أو دعامة الكترونية.

الفقرة الأولى: حجية أصل المحرر الالكتروني

ان المشرع بإقراره الصريح للمحررات الالكترونية كدليل إثبات كامل موازنا في نفس الوقت بينها وبين المحررات في الشكل التقليدي و أمام افتقار تشريعنا الداخلي للأحكام التفصيلية و التوضيحية فيما يخص الحجية فان الأمر سيختلف فيما اذا اعتبرنا هذه المحررات الالكترونية محررات رسمية او عرفية. إلا ان الأكيد في هذا المقام ان المشرع ساوى ما بينهما و بالتالي فان الحجية ستكون بالتفصيل السابق إيضاحه عند التطرق إلى موضوع المحررات الرسمية و العرفية حسب المفهوم التقليدي و لو انه لكل شكل طبيعته ومميزاته الخاصة.

الفقرة الثانية: حجية الصور والمستخرجات الالكترونية

يقصد بصور المستخرجات الالكترونية الأوراق والمستندات المستخرجة من الحاسوب الآلي والتي تتضمن بيانات ومعلومات معينة يتم إدخالها وبرمجتها فيه واستخراجها عند اللزوم وكذلك الحال بالنسبة لأجهزة الفاكس والتلكس.

أمام عدم وجود نص ينظم حجية المستخرجات الالكترونية فإن لها من الحجية ما للدليل الكامل وفقـا لقواعد الإثبات طالما كانت مطابقة للأصل الذي يتعين ضمان سلامته من خلال منع وصول أحد الطرفين إليه دون علم أو موافقة الطرف الآخر وهذا ما أكده المشرع الجزائري.

المطلب الثاني: دحض حجية المحررات الرسمية والعرفية

اقر المشرع حجة المحررات الرسمية و العرفية على الكافة متى كانت هذه المحررات محررة طبقا للقانون و لا يمكن دحض هذه الحجية إلا عن طريق الطعن بالتزوير، أما المحررات العرفية فقد ربطها المشرع بشرط عدم إنكارها من الأطراف أو بعدم الدفع بالجهالة من طرف الورثة ولكل طــريق منها إجراءات معينة ، أما إذا تعلق الأمر  بالمحررات الرسمية و العرفية في شكلها الحديث فإن الأمر في التشريـع الجزائري ما يزال يشوبه الغموض.

الفرع الأول: دحض المحررات الرسمية والعرفية في شكلها التقليدي

المحررات الرسمية والعرفية ليستا على نفس الحال ذلك أن القانون رسم الطرق المقررة قانونا لدحض هذه الحجية فان كانت تتعلق بالمحررات الرسمية فان دعوى التزوير هي الكفيلة بدحض هذه الحجية، أما إذا تعلقت بالمحررات العرفية فان الوسيلة الكفيلة بذلك تكون إما بدعوى التزوير أو دعوى الإنكار والدفع بالجهالة من طرف الورثة.

الفقرة الاولى: دحض المحررات الرسمية

من المؤكد ان المحررات الرسمية حجة على الكافة متى تم تحريرها طبقا لما يقضي به القانون إلى حين إثبات تزويرها، وبذلك فان الوسيلة الوحيدة لدحض حجية المحرر الرسمي هي الطعن بالتزوير. و تمارس هذه الدعوى عن طريق دعوى فرعية طبقا لما اقره قانون الإجراءات المدنية.

أولا: دعوى التزوير

يقصد بالتزوير هو إحداث تغيير مخالف للحقيقة سواء كان فعلا أو قولا أو كتابة،  والتزوير نوعان إما مادي يأخذ شكل اصطناع محرر رسمي بصفة منفردة أو يكون على شكل تحريف و تغيير لمحرر موجود أصلا وذلك بالإضافة أو الحشو وإما تزوير معنوي لا يتضمن إضافات مادية و لكن هو تغيير للحقيقة بسوء نية أو دون ذلك، كأن يذكر مثلا تاريخ مخالف للتاريخ الحقيقي. هذا التغيير بقصد الغش وبالطرق التي عينها القانون من شانه ان يسبب ضرارا.

تعرض المشرع الجزائري الى دعوى التزوير الفرعية بواسطة دفع و يكون ذلك في حالة قيام دعوى الحق واستعمال المحرر الرسمي فيها والغاية المرجوة من هذه الدعوى هي استبعاد المحرر المطعون فيه من الدعوى الأصلية و إسقاط حجيته.

شهد الفقه عندنا جدلا كبيرا عن الجهة المختصة للنظر في هذه الدعوى بين من يعطي الاختصاص للمحكمة اعتمادا على نص المادتين 79و80 وبين من يعطي الاختصاص للمجلس اعتمادا على المواد 155 و ما بعدها من قانون الإجراءات المدنية التي تتعلق بدعوى التزوير الفرعية الواردة في الكتاب الثاني المتعلق بالإجراءات المتبعة أمام المجالس القضائية إلا أننا نرى أن هذا الجدل لم يبقى له محل كون قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد فصل الاختصاص للجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى الأصلية طبقا للمادتين 164 و كذا 180 من نفس القانون و بالتالي فإننا نرى ان الجهة المختصة بنظرها الى الجهة الناظرة في الدعوى الأصلية ذلك من الناحية العملية و كذا المنطقية. تخضع الدعوى لنفس أحكام رفع الدعاوى وهو حق مقرر لأطراف الخصومة.

اوجب القانون الحالي أن يودع المدعي بالتزوير قلم كتابة ضبط المحكمة مبلغا يحدده القاضي الأمر بالتحقيق وفي حالة عدم إيداعه في الوقت المحدد يستغنى عن الإجراء ثم بعد ذلك يقوم القاضي بإعطاء اجل للطرف الذي ابرز الوثيقة المدعى بتزويرها ما إذا كان يتمسك باستعمالها، فإذا قرر عدم استعمالها او سكت استبعدت الوثيقة ، أما إذا قرر التمسك بها فللمحكمة السلطة التقديرية في الفصل من عدمه في الدعوى متى كان الفصل فيها لا يتوقف على المستند المدعى بتزويره، وللمحكمة أن تأمر متى كانت الورقة المطعون فيها بالتزوير بأن يودعها بأمانة ضبط المحكمة خلال ثلاثة أيام فإذا لم يقدمها في هذا الأجل اعتبر بأنه قرر عدم استعمالها. وأما إذا كانت مودعة بمحفوظات عمومية فانه للرئيس الأمر بتسليمها للمحكمة، و بعد وضعها لدى المحكمة تقوم هذه الأخيرة بتحرير محضر بحالة الوثيقة و يتضمن الإشارة إلى كل أمر يتعلق بها، و يؤشر عليها الرئيس.

بعد هذا تنتقل المحكمة إلى مرحلة الأمر بالتحقيق والفصل في دعوى التزوير والذي عادة ما يقوم به القاضي الفاصل في الدعوى الأصلية ويكون ذلك بتطبيق القواعد المقررة للتحقيقات وهي إما عن طريق مضاهاة الخطوط او عن طريق شهــادة الشهود وإما عن طريق الخبرة أما الأوراق التي تقبل المقارنة هي على وجه الخصوص:

- العقود الرسمية التي تحمل الإمضـــاءات

- الخطوط والتوقيعات المعترف بها من الخصم

- الجزء من المستند الذي لا ينكــره الخصم

بعد القيام بإجراءات التحقيق تصدر الجهة القضائية حكمها سواء بصحة المحرر او بتزويره فإذا ما قضت بصحة المحرر أخذت به في الإثبات وحكمت على الخصم الذي أنكرها بغرامة مدنية، أما إذا حكم بتزويره فإنها قد تأمر بمحو أو إتلاف المحرر أو شطبه كليا أو شطب جزء منه أو الأمر بتصحيحـه أو إعادته إلى أصله الصحيح.

ثانيا: دعوى التزوير الأصلية

في ظل القانون الحالي لا وجود لدعوى تزوير أصلية، ولكن المشرع في نصوص قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد سار على درب التشريعات المقارنة بأن أورد نصا يقضي بإمكانية ان ترفع دعوى تزوير أصلية حيث جاء النص بما يلي: "يقام الادعاء بالتزوير بطلب فرعي او بدعوى أصلية".

ثالثا: مضاهاة الخطوط

ان عملية إجراء المضاهاة للخطوط تكون استنادا الى عناصر المقارنة التي توجد بحوزة القاضي وتتبع فيها الإجراءات التي سبق إيضاحها بالنسبة للدعوى التزوير الفرعية وفقا للقانون ولقد تضمن القانون الجديد غرامات مدنية اذا ثبت من مضاهاة الخطوط ان المحرر محل النزاع مكتوب او موقع من الخصم الذي أنكره فانه يحكم عليه بغرامة خمسة ألاف دينار إلى خمسين ألف دينار دون المساس بالتعويضات المدنية.

الفقرة الثانية: دحض حجية المحررات العرفية

إن حجية المحرر العرفي لا تتوقف على توافر شروطه فقط بل لابد ان لا ينكره الخصم او يدفع بجهالة الخط او الإمضاء او البصمة من طرف الورثة المتمسك في اتجاههم بالمحرر العرفي، وأمام هذا الأمر فانه م كان هذا الإنكار او الدفع بالجهالة فان المحرر العرفي يفقد حجيته الى حين القيام بالتحقيق والفصل في ذلك.

يوجد طريقين لإسقاط حجية المحرر العرفي، وهي إنكار الخط او التوقيع او الدفع بعدم التعرف عليه، وطريق آخر يعتبر من الدفوع الموضوعية وهو الطعن بالتزوير في المحرر العرفي، ولكل طريق إجراءاته وخصائصه وان كانت في كثير من الأحيان تتوحد وتتشابه.

اولا: الدفع بانكار الخط او التوقيع او البصمة والدفع بالجهالة

ينصب الإنكار إما على الخط او التوقيع او البصمة أما اذا كان هذا المحرر متمسكا به ضد أحد الورثة فانه يكفي الوارث أن يحلف يمينا بأنه لا يعلم ان الخـط او الإمضاء او البصمة هي لمن تلقى عنه الحق فإذا اقر بان الخط او الإمضاء او البصمة الموجودة على الورقة هو صحيح فانه لا يقبل منه بعد ذلك الطعن بالجهالة بل يجب عليه في هذه الحالة سلوك طريق الطعن بالتزوير في المحرر العرفي وهو نفس الأمر اذا تعلق بحالة المصادقة على الإمضاء او البصمة من طرف ضابط الحالة المدنية فانه لا تقبل دعوى الإنكار او الجهالة وإنما لابد من الطعن بالتزوير

في حالة ما اذا تعلق الأمر بورثة المحتج عليه بالمحرر العرفي فان المشرع اكتفى فقط بدفعهم بالجهالة أي عدم علمهم ان الخط او الإمضاء او البصمة هي لمورثهم مع أدائهم اليمين لدحض حجية لمحرر العرفي "من المقرر قانونا ان العقد العرفي يعتبر صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة اما ورثته او خلفه لا يطلب منهم ذلك و يكفي أن يحلفوا يمينا بانهم لا يعلمون ان الخط او الإمضاء هو لمن تلقوا منه هذا الحق ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون و لما كان الثابت – في قضية الحال – ان قضاة الاستئناف رفضوا طلب الورثة الخاص بأداء اليمين بحجة أنهم لم يطعنوا بالتزوير في العقد العرفي المنسوب إلى مورثهم اخطئوا بقضائهم كذلك في تطبيق القانون".

ثانيا: الادعاء بتزوير المحرر العرفي

إن التزوير هو تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي بينها القانون تغييرا من شأنه ان يسبب ضرر للغير الطعن بالتزوير فيه اتهام الى الخصم ولابد أن يكون الجواب صريحا لان السكوت يعتبر استبعاد للمحرر و تنازلا عن التمسك به كما ان الطعن بالتزوير في المحرر العرفي يمكن أن يكون ضد صحة التوقيع او البصمة او الخط كما يمكن أن يكون ضد بيانات المحرر العرفي وجاء في احد الاحكام "مجرد تغيير الحقيقة فى محرر عرفى بإحدى الطرق المنصوص عليها فى القانون يكفى لتوافر جريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه فى الوقت الذى وقع فيه تغيير الحقيقة ضرر للغير سواء أكان المزور عليه أم أى شخص آخر و لو كان هذا الضرر محتملاً، و تقدير ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان سائغاً، و هو ما لا يحتاج إلى تدليل خاص متى كانت مدونات الحكم تشهد على توافره".

للإشارة يختلف التزوير عن الطعن بالإنكار فهذا الأخير ينصب على الورقة العرفية فقط دون الرسمية وعلى صحة التوقيع وليس على ما ورد في موضوع المحرر العرفي ولا يطلب عليه اثبات ويترتب عليه سقوط حجية الورقة مؤقتا.

الفرع الثاني: دحض حجية المحررات الرسمية والعرفية في شكلها الحديث

 السؤال الذي تردد كثير هو عن كيفية حيازة المحرر الإليكتروني لصفة الرسمية دون وجود الشروط الشكلية المتعارف عليها للورقة الرسمية وأهمها "خاتم شعار الدولة ولاسيما كيفية إبطال محتواه؟ "، الإجابة على هذا التساؤل نجدها في بعض التشريعات المقننة للمعاملات الإليكترونية.

الفقرة الأولى: تطبيق القواعد العامة لدحض حجية المحررات الرسمية والعرفية في شكلها الحديث

جميع ما سبق القول به عن المحررات الرسمية الورقية يمكن توصيفه على المحررات الرسمية الإليكترونية، فإذا ما صدر المحرر الإليكتروني عن موظف عام مختص و وفق الأوضاع المقررة قانوناً فإنه يضحى حجة على الغير قد يعترف الشخص المنسوب إليه التوقيع بأن بصمة الختم الموقع بها على الورقة هي بصم ختمه لكنه ينكر بأنه هو الذي قام بالتوقيع بنفسه تماما كمن يقر بأن الرقم السري المستخدم في السحب هو رقمه وأن البطاقة هي بطاقته، لكنه ينكر حصول السحب منه شخصيا، وسبب المشكلة – في الحالتين – أن الرقم كالختم تماما يمكن أن ينفصل عنه، فكيف يمكن التأكد من الحقيقة؟

نص المشرع المصري على تطبيق القواعد العادية في إثبات صحة المحررات الالكترونية الرسمية والعرفية والتوقيع الالكتروني أي أنها لا تخضع الى قواعد خاصة. فجاءت المادة 17 كما يلي:  "...تسري في شأن إثبات صحة المحررات الالكترونية الرسمية و العرفية و التوقيع الالكتروني، فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون أو في لائحته التنفيذية الأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية".

أما في القانون الجزائري ما يزال يشوبه الغموض، و تبقى واقعة التأكد من صحة المحرر او التوقيع الالكتروني من الأمور العلمية الفنية التي تستلزم تدخل الفنيين والتقنيين في ميدان الإعلام الآلي وتكنولوجيات الاتصال نظرا لما تتسم به من تعقيـد و تركيب.

الفقرة الثانية: وسائل الطعن القانونية في التوقيع والمحرر الالكتروني

وفقاً لما استقرت عليه القوانين من أن للمحرر والتوقيع الالكتروني حجية في الإثبات مثلها مثل المحررات الورقية, فما يسرى على المحررات العادية من وسيله وطرق طعون بالتزوير والإنكار يسرى أيضا على المحررات والتوقعات الالكترونية.

وعليه يجوز الطعن في المحرر الالكتروني والتوقيع الالكتروني بكافة طرق الطعن المقررة في قانون الإثبات.

خلاصة الفصل الأول:

يعتبر موضوع الإثبات من بين المواضيع التي تستقطب اهتمام القانونين لما لهذه المسألة من أهمية بالغة وثقل كبير في ترجيح الكفة بين المتقاضين وتحكم القضاة في ممارسة العمل القضائي. 

المؤكد أن المشرع الجزائري لم يكن قبل تعديل 2005 للقانون المدني يعترف إلا بالمحررات الرسمية والعرفية حسب مفهومها التقليدي المجسد على الدعامة المادية الورقية، والتي تناولناها في بحثنا هذا من جوانب عدة مركزين بالأساس على مدى حجية المحررات والوسائل الكفيلة لدحض هذه الحجية. الا ان المشرع الجزائري و تماشيا مع التطورات التي مست ميدان الاتصال والتعاقد عن بعد جعله يورد تعديلا للقانون المدني مضمونه التوسع في اعتماد الكتابة كدليل إثبات غير حاصر إياها في شكل معيـن أو دعامة محددة، و لو أن ما يعاب على هذا التعديل هو اقتصاره على تقرير مبادئ عامة فقط ،الأمر الذي دفعنا في كثير من الأحيان إلى الاجتهاد الخاص من اجل تفسير النصوص القانونية والبحث عن إرادة المشرع مدعمين تحليلاتنا بالقوانين المقارنة.

المرجع:

  1. د. فرندي نبيل، طرق الإثبات والتنفيذ، مطبوعة مقدمة لطلبة السنة الثالثة قانون خاص، جامعة أكلي أولحاج البويرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، من ص 3 إلى ص39. 

google-playkhamsatmostaqltradent