مفهوم الأسرة

مفهوم الأسرة 

مفهوم الأسرة

المبحث الأول: مفهوم الأسرة

الأسرة كما هو معروف عند علماء الاجتماع هي جماعة اجتماعية بيولوجية نظامية تتكون من الزوجين والأبناء، وقد تكون الأسرة ممتدة أو نووية وهي في كلا الحالين تظل محكومة بقوانين وقيم وعادات وتقاليد تحكم أفرادها والعلاقات فيما بينهم، وتخضع هذه القوانين والعادات والتقاليد للتغير ضمن ظروف المتغيرات الاجتماعية والعالمية، ففي عصرنا جرت الكثير من التحولات الكونية التي فرضت حدوث تحولات كبيرة في المجتمع العربي ومن ثم في العلاقات الأسرية ولدى الأفراد بشكل عام. وترتكز قواعد العلاقات التواصلية الأسرية على وشائج متينة من الود والحب والإخلاص والتعلق والثقة المتبادلة، إنها مهمة لبناء أسرة قوية قادرة على لعب دور فعال في خلق شخصية أفرادها وتطبيعها بقيم ومثل حميدة، فلا شيء يعوّض العلاقات العاطفية المتسمة بالود والاحترام في الأسرة.

المطلب الأول: تعريف النظام الاسري

الأسرة لغة: ورد في لسان العرب "الأسرة: هي الدرع الحصين" وفي المعجم الوسيط معنى الأسرة لغويا: يعني القيد، يُقال: أسره أسرا وإسارا، قيدَّه وأسره؛ أخذه أسيرا، ومعناها أيضا: الدرع الحصينة وأهل الرجل وعشيرته والجماعة يربطها أمر مشترك، وجاء في القاموس المحيط: "وألأسرَةُ بالضم: الِّدراعُ الحَصينَةُ، من الرَّجُلِ الرَّهطُ ألأدنَونَ". 

قال ابن منظور: "أسرةُ الرجل: عشيرته ورهطهُ الأدنَونَ لأنه يتقوى بهم، والأسرة عشيرة الرجل وأهل بيته" وقد جاء في كتاب الله -عز وجل- ذِكر الأزواج والبنين والحفدة ،بمِعنى الأسرة، ومنه قِوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) أي أزواجا ليسكنوا إليها وجعل لهم من أزواجهم أولادا تقرُّبهم أعينهم ويخدمونهم ويقضون حوائجهم وينتفعون بهم من وجوه كثيرة"، كما أن لفظ الأسرة مشتق من الأسر وهو القيد أو الشد بالإسار، أي أنه يتضمن معنى الإحكام والقوة.

الأسرة اصطلاحا: قال ابن الأثير، "الأسرة عشيرة الرَّجل وأهل بيته؛ لأنه يتقوّى بهم".

وعرفها بعض علماء الاجتماع بأنها: "جماعة اجتماعية أساسية ودائمة ونظام اجتماعي رئيس، وهي ليست أساس وجود المجتمع فحسب، بل هي مصدر الأخلاق والدعامة الأولى لضبط السلوك والإطار الذي يتلقى منه الإنسان أول دروس الحياة الاجتماعية".  وأورد الدكتور فؤاد بن عبد الكريم عدة تعريفات للأسرة منها:

- "مؤسسة فطرية اجتماعية بين رجل وامرأة توفرت فيها الشروط الشرعية للاجتماع ،التزم كل منهما بما له وما عليه شرعا، أو شرطا، أو قانونا".

- "الجماعة الإنسانية المكونة من الزوج، والزوجة، وأولادهما غير المتزوجين، الذين يعيشون معهما في سكن واحد، وهو ما يعرف بالأسرة النواة".

- "المؤسسة الاجتماعية التي تنشأ من اقتران رجل وامرأة بعقد يرمي إلى إنشاء اللبنة التي تساهم في بناء المجتمع، وأهم أركانها: الزوج والزوجة والأولاد".

ومن بين التعاريف والمفاهيم التي يمكن الظفر بها ما ذكره الفقيه وهبة الزحيلي في كتابه (الأسرة المسلمة في العالم المعاصر). قال الأسرة في الاصطلاح الشرعي هي:

"الجماعة المعتبرة نواة المجتمع والتي تنشأ برابطة زوجية بين رجل وامرأة ثم يتفرع عنها الأولاد وتظل ذات صلة وثيقة بأصول الزوجين من أجداد وجدات وبالحواشي من إخوة وأخوات وبالقرابة القريبة من الأحفاد، أولاد الأولاد، والأسباط أولاد البنات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم"؛ وتقوم هذه الأسرة على مفهوم الحماية والنصرة وظهور رابطة التلاحم؛ القائمة على أساس العرق والدم والنسب والمصاهرة والرضاع".

المطلب الأول: مفهوم تنظيم الأسرة في الوثائق الدولية

للأسرة دور كبير، بل هو الدور الرئيس في تربية النشء والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه، ومع ذلك لم تعطها الوثائق الدولية الاهتمام اللائق بها، بل إن كثيرا من الوثائق المعنية بالمرأة خلت بنودها تماماً من أية إشارة للأسرة بمفهومها الطبيعي والفطري، وانما تناولت المرأة كفرد مقتطع من سياقه الاجتماعي، واللافت أن الوثائق التي ذكرت فيها الأسرة جاء ذكرها نادرا وهامشياً وفي سياقات تؤدي من خلال التطبيق إلى إضعاف الأسرة وهدمها، كأن ترد ضمن سياق المطالبة بتقليل النسل أو ضمن سياق تقييد صلاحية الآباء في توجيه وتربية الأبناء فيما أطلقت عليه الوثائق: "العنف في نطاق الأسرة"، أو أن يأتي المفهوم في سياق في منتهى الخطورة وهو ضرورة الاعتراف بوجود أشكال أخرى للأسرة.

ومن بين الوثائق التي أتت على ذكر الأسرة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (16/3) (الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة) إضافة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادة (10) تقر الدول الأطراف في هذا العهد بما يلي:

1. وجوب منح الأسرة التي تشكل الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وخصوصا لتكوين هذه الأسرة وطوال نهوضها بمسؤولية تعهد وتربية الأولاد الذين تعيلهم، ويجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه.

2. وجوب توفير حماية خاصة للأمهات خلال فترة معقولة قبل الوضع وبعده ،وينبغي منح الأمهات العاملات أثناء الفترة المذكورة إجازة مأجورة أو إجازة مصحوبة باستحقاقات ضمان اجتماعي كافية.

3. وجوب اتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين دون أي تمييز بسبب النسب أو غيره من الظروف، ومن الواجب حماية الأطفال والمراهقين من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، كما يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الأضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر أو إلحاق الأذى بنموهم الطبيعي، وعلى الدول أيضاً أن تفرض حدودا دنيا للسن يحظر القانون استخدام الصغار الذين لم يبلغوها في عمل مأجور ويعاقب عليه وفقا لأحكام القانون). 

أما المادة (23) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نصت على أن:

1. الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

2. يكون للرجل والمرأة، ابتداءً من بلوغ سن الزواج حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة.

3. لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.

4. تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم.    

كما أن المادة (33) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان نصت على أن:

1ـ الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع. والزواج بين الرجل والمرأة أساس تكوينها وللرجل والمرأة ابتداء من بلوغ سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة وفق شروط وأركان الزواج، ولا ينعقد الزواج إلا برضا الطرفين رضا كاملا لا إكراه فيه وينظم التشريع النافذ حقوق وواجبات الرجل والمرأة عند انعقاد الزواج وخلال قيامه ولدى انحلاله.

2- تكفل الدولة والمجتمع بحماية الأسرة وتقوية أواصرها وحماية الأفراد داخلها وحظر مختلف أشكال العنف واساءة المعاملة بين أعضائها وخصوصاً ضد المرأة والطفل. كما تكفل للأمومة والطفولة والشيخوخة وذوي الاحتياجات الخاصة الحماية والرعاية اللازمتين وتكفل أيضا للناشئين والشباب أكبر فرص التنمية البدنية والعقلية.

3- تتخذ الدول الأطراف كل التدابير التشريعية والإدارية والقضائية لضمان حماية الطفل وبقائه ونمائه ورفاهيته في جو من الحرية والكرامة واعتبار مصلحته الفضلى المعيار الأساسي لكل التدابير المتخذة بشأنه في جميع الأحوال وسواء كان معرضا للانحراف أو جانحا.                  

المبحث الثاني: مقـومات الأسرة

1- المقومات البنائية: 

تعد الأسرة أول خلية يتكون منها البنيان الاجتماعي وهى أكثر الظواهر الاجتماعية عمومية وانتشار فلا ترى مجتمع يخلو بطبيعته من النظام الأسرى لأنها أساس الاستقرار فى الحياة الاجتماعية، ويقصد بها تكامل وحدة الأسرة في كيانها وفي بنائها من حيث وجود من أطرافها الزوج والزوجة والأولاد في صورة مترابطة متماسكة كل يقوم بدوره ويؤدي رسالته وفقا للدور المخصص له ويعمل على أن يصل للهدف المنشود والذي يحقق الآمال التي تضعها الأسرة لنفسها ويصل بها إلى النجاح الذي تعمل من أجله، ومن ثم فإن التكامل البنائي في الأسرة يقوم على أساس وجود كل من الزوجين والأبناء في اطار مثلث يجمع أفرادها بين أضلاعه، واذا ما صارت الحياة الأسرية مع قصور أو نقض في كيانها البنائي من أي طرف من أطرافها في المثلث البنائي المعروف فإن هذا السير يمكن أن يحقق النجاح الجزئي أو بمعنى آخر حياة أسرية غير متكاملة. 

2- المقومات الاجتماعية: 

لا يمكن أن تنجح الحياة الأسرية إلا إذا شعر الزوجان بأهمية الدور الذي تلعبه العلاقات الاجتماعية التي يتبادلانها معا والتي يجب أن تقوم على أساس من الود المتبادل واستمرار كل منها في الوقوف إلى جانب الطرف الآخر ومساعدته بكل إخلاص والتجاوز عن الاختلافات العادية وعدم تجسيم الأمور حتى يتوفر للأسرة الاستقرار ومن ثم الاستمرار.

3- المقومات الصحية: 

تعتبر الأسرة الأداة البيولوجية التي تحقق انجاب النسل واستمرار حياة المجتمع ولا جدال في أن سلامة الأبوين الصحية تؤدي إلى نسل سليم. لذلك يجب اقناع المقبلين على الزواج بأن الوارثة الصالحة والاستعداد الجسمي السليم هو الأساس في الحياة الأسرية السعيدة ويؤكد كثير من العلماء أن ضعف النسل وانحطاط قدرته العقلية يرجع في كثير من الأحيان إلى عوامل وراثية ولهذا السبب ينصح بعدم زواج الأقارب خاصة من الدرجة الأولى اذ تنتقل إلى الذرية كل الصفات السيئة من الأصول القريبة وبعض الخصائص الضعيفة في الأصول البعيدة. وعندما يتعرض أحد أعضاء الأسرة للمرض تؤثر حالته الصحية على كل أعضاء البيت، ويضطرب نظام الحياة اليومية للأسرة كما يفرض المرض أعباء ومسئوليات اضافية على عاتق الأعضاء الأصحاء.  

4- المقومات النفسية: 

الحياة الزوجية فن دقيق يتطلب الاعداد والتوجيه السليم ويتطلب الزواج الموفق الصمود لأزمات الحياة وضغوطها وهذا يعتمد على مدى استعداد كل من الزوجين للتضحية في سبيل الاستقرار، والزواج يقوم على الأخذ والعطاء وتتخذ فيه القرارات المشتركة ويؤدي إلى تنمية نسق كامل من العادات والتصرفات وأساليب العمل المتبادلة، ولتوفير الاستقرار النفسي للأسرة يجب مراعاة الآتي: 

- انتماء الزوجين إلى ثقافة اجتماعية متماثلة.

- الخبرات النفسية للزوجين والجو النفسي للأسرة التي عاش فيها كل منهما فالشخص الذي يمر في طفولته بخبرات سارة وتوفر الحب والأمن غالبا ينجح في علاقاته الزوجية بخلاف ما يمر بخبرات سيئة.

- النضج الانفعالي مما يوفر للزوجين درجة من النضج تجعلهما يحتكمان إلى العقل والمنطق وتقبل ما تأتي به الحياة من مواقف.

- وجود أهداف عامة مشتركة يعمل الزوجان معا على تحقيقها فالتعاون العميق يوفر النجاح للزواج.  

5- المقومات الاقتصادية: 

وبالرغم من التطورات التي طرأت على نظم الأسرة فإنها لا تزال تؤدي وظائفها الاقتصادية بصورة تتلائم مع التغيرات المجتمعية.

وفي الأسرة الحديثة نجد كل فرد تقريبا يقوم بدور اقتصادي محدد فالأب يعمل لتوفير الدخل والأم تشاركه العمل بالإضافة إلى واجباتها المنزلية والأفراد في الأسر الريفية يعملون أعمالا بسيطة تدر دخلا بسيطا يساعد الأبوين وكلما كانت مطالب الأسرة واحتياجاتها متاحة في حدود دخلها كلما توفر لأفراد الأسرة الاستقرار حيث من مأكل وملبس ومسكن وترفيه مشبعة وعلى العكس فإن حالات الضيق الاقتصادي للأسرة تؤدي إلى التوتر والقلق وقد أثبتت الدراسات أن الأسباب الرئيسية للانحرافات الاجتماعية تنبع في الغالب عن الفقر والحاجة.

6- المقومات الدينية: 

لا تستطيع الأسرة أن تستقر بدون تمسكها بأصول النظام الديني الذي يحكم تجمعها فهو الدعامة الأولى.

وفي الأسرة يصبح حث الطفل وتوجيهه حتى يتلائم مع طبيعته وتكوينه مما يستلزم تدريب الطفل على الارتباط بالدين في كل تصرفاته اليومية حتى تنبت قيمه الأخلاقية التي يستطيع بها الاستمرار في حياته بطريقة سليمة. ومن أهم الوسائل التي تؤدي إلى زيادة التكامل والوحدة بين أعضاء الأسرة ممارسة الشعائر الدينية بطريقة جماعية. لأن هذه الممارسات الدينية تدعم الأسرة فكريا ومعنويا وتمنع الانحراف وينبغي أن تتجه المناقشات الأسرية والتصرفات نحو تأكيد الفضائل والتمسك بالقيم الروحية وبالتلقين والتطبيق حتى ينشأ الطفل بصورة طبيعية.

المبحث الثالث: خصـائص الأسـرة

أ- الأسرة ظاهرة ذات وجود عالمي، فقد وجدت في جميع المجتمعات، وفي كل مراحل النمو الاجتماعي، لهذا هي أكثر الظواهر الاجتماعية عموما وانتشارا، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية.

ب- تقوم الأسرة على أوضاع ومصطلحات يقرها المجتمع، فهي ليست من صنع الفرد، ولا هي خاضعة في تطورها لما يريده القادة والمشرعون أو يرتضيه لها منطق العقل الفردي، بل تنبعث من تلقاء نفسها عن العقل الجمعي واتجاهاته، وتخلقها طبيعة الاجتماع وظروف الحياة، وتتطور وفق نواميس ثابتة لا يستطيع الأفراد سبيلا إلى تغييرها أو تعديل ما تقضي به.

ج- تعتبر الأسرة الخلية الأولى للمجتمع، وهي الجماعة الإنسانية الأولى التي يتعامل معها الطفل، ويعيش فيها السنوات الأولى من عمره، والأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي بدأ فيها الطفل يتعرف على نفسه، وعلى الآخرين، ويعرف ما يجب القيام به، ويتلقى فيها الثواب والعقاب. 

د- الأسرة دائمة ومؤقتة في الوقت نفسه فهي دائمة من حيث كونها نظاما موجودا في كل مجتمع إنساني، وفي كل زمان ومكان، وهي مؤقتة لأنها لا تبقى إذا كنا نشير إلى أسرة معينة، بل إنها تبلغ درجة معينة من النمو في الزمن، ثم تنحل، وتنتهي بموت الزوجين، وزواج الأبناء، وتحل محلها أسر أخرى. 

هـ- الأسرة جماعة اجتماعية دائمة تتكون من أشخاص لهم رابطة تاريخية وتربطهم ببعض صلة الزواج، والدم، والتبني. 

و- الأسرة بوصفها نظاما للتفاعل الاجتماعي تؤثر وتتأثر بالمعايير والقيم والعادات الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع، وبالتالي يشترك أعضاء العائلة في ثقافة واحدة.

ز- تعتبر الأسرة الجماعة المرجعية وجماعة التوجيه والتأثير التي تحدد تصرفات أفرادها وتشكل حياتهم، فهي مصدر العادات والعرف والتقاليد وقواعد السلوك.

ح- غالبا ينتظم أفرادها في مكان واحد للمعيشة، ويكون بيتا واحدا، فالمكان المستقل للأسرة شرط لوجودها 

ط- تتميز الأسرة بأنها عامة ومنتشرة في سائر أنحاء المجتمع ومتكررة على مدار الزمن، وهي بهذا المعنى يمكن دراستها دراسة احصائية والتعبير عنها بالصور الكمية والمعادلات الرياضية والرسوم البيانية.  

وعليه يمكن القول أن للأسرة أهمية كبيرة كمؤسسة اجتماعية تلعب دورا في تحقيق أمن المجتمع، وهي أحد الأنظمة الاجتماعية الأساسية في التنشئة الاجتماعية التي يسند إليها الدور الأول في رعاية أفراد المجتمع وتربيتهم وتهيئتهم واعدادهم ليكونوا رجال المستقبل الأوفياء لتحمل الأمانة والمسؤولية التي تناط بهم وتقع على عاتقهم، ولذلك فإن أمن المجتمع لا يمكن أن يكون بمعزل عن الأسرة ولا بد إذا من قيام التعاون بين الأسرة والجهات الأمنية؛ وذلك من أجل الوقوف صفا واحدا ضد الجريمة والحد من السلوك الإجرامي في المجتمع، وبذلك تكون الأسرة قد قامت بدور شرطي المجتمع الأول في كبح الجريمة ونشر الفضيلة وتكون كمثابة صمام أمان. 

ونعني هنا بالأسرة التي ننشدها لتحقيق الأمن في المجتمع هي الأسرة الإسلامية المتمسكة بعقيدتها والمتفهمة لشريعتها والمتحضرة بأخلاقها ومعاملاتها والمتطلعة لتربية أبنائها على قيم ومبادئ سامية بعيدة عن الغلو والعنف قائمة على المحبة والتعاون والعطف والمودة، بحيث يقوم كل واحد بدوره المنوط به، وان بناء الأسرة التي ننشدها تكون وسيلة فعالة لتحقيق الأمن في المجتمع؛ لأن الأسرة هي المحضن الأول التي يتعلم فيها الأبناء القيم والمبادئ النبيلة من الآباء والتي تصبح سلوكا في حياتهم ينعكس على مجتمعهم بالخير، فيكون الأمن نابعا من داخل الفرد وليس مفروضا عليه من الخارج، وبذلك يصبح أهلاً لتحمل المسؤولية واتخاذ القرار ويكون شرطي المجتمع الأول، وان البناء السليم لأفراد الأسرة له الأثر الإيجابي الفعّال الذي ينعكس على أمن المجتمع وسلامته، ويؤدي إلى غرس قيم الرقابة الذاتية في نفس المسلم دون حاجته إلى رقابة خارجية.

المرجع:

  1. د. الطاهر ياكر، مطبوعة محاضرات حماية الاسرة في الاتفاقيات الدولية، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الجيلالي بونعامة – خميس مليانة، كلية الحقوق والعلوم السياسة، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، ص7 إلى ص16.

google-playkhamsatmostaqltradent