تعريف الخطبة وشروطها وآثار العدول عنها

 نظم المشرع الجزائري في قانون الأسرة الخطبة وطبيعتها وآثار العدول عنها، فلابد من التطرق إلى مفهوم الخطبة (أولا)، ثم إلى آثار العدول عنها (ثانيا).

أولا: مفهوم الخطبة 

نتعرض في هذا الصدد إلى تعريف الخطبة وشروطها، ثم إلى طبيعتها القانونية. 

1- تعريف الخطبة وشروطها: 

أ- تعريف الخطبة: الخطبة بكسر الخاء هي التماس الزواج من امرأة معينة بتوجيه هذا الالتماس إليها أو إلى وليها، وبمعنى آخر هي طلب الرجل التزوج بامرأة معينة خالية من الموانع الشرعية. 

تعتبر الخطبة تبعا لذلك من مقدمات الزواج، ومفهومها عند عامة الناس في مجتمعنا هي الاتصال الأولي الذي يقوم به أهل الرجل قصد التعرف على المرأة وأهلها وطلب يدها باستعمال ألفاظ متعارف عليها، كأن يقول الرجل أو من ينوب عنه  "جئناكم قاصدين الحسب والنسب طالبين ابنتكم فلانة لابننا فلان" وقد تتم مرة أو أكثر، إذ غالبا ما يطلب أحد الأطراف مهلة للتفكير والتشاور، وحال الاتفاق بين الرجل وأهله وأهل المرأة، فإن ذلك يعتبر بمثابة إيجاب وقبول للمصاهرة، وقد أبيح للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته ويجلس معها في وجود محرم، ولم يُعرف المشرع الجزائري الخطبة بل اكتفى في المادة 5 المعدلة بالأمر رقم 05-02 المتعلق بقانون الأسرة بالنص على أن "الخطبة هي وعد بالزواج". 

وتبعا لذلك فإن الخطبة لا تكون زواجا فهي مجرد طلب الرجل التزوج امرأة، فلا يترتب عليها شيء من أحكام الزواج إذا لم يتحقق ركنه وشروطه، إذ يجوز لكل من الطرفين العدول عن الخطبة ولو كانت قد تأكدت بقبض المهر أو قبول الهدية، لأن ذلك لا يتعدى حدود الوعد بالزواج ولا يشكل عقدا رسميا له فيحق لهم العدول عنها، ولا يجوز إجبارهما على إتمام الزواج الرسمي دون رضائهما، وبالتالي فإن المستقر عليه في هذا الشأن: 

1- الخطبة ليست بعقد ملزم. 

2- مجرد العدول عن الخطبة ليس مبررا للتعويض. 

3- إذا اقترن بالعدول عن الخطبة أفعال ألحقت ضررا بأحد الطرفين جاز الحكم بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية. 

نلاحظ من جهة أخرى أنه مع التطور التكنولوجي وظهور ما يسمى بشبكة الإنترنت فإنه يمكن للخاطبين التعارف عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، وذلك باستعمال الحاسوب الآلي الموصول بشبكة المعلومات العالمية، أي على شبكة المواقع أو الويب، وكذا عن طريق الهاتف المحمول، كما قد يتم أيضا عن طريق البريد الإلكتروني وغيرها من الوسائط الإلكترونية. 

في الحقيقة لا يوجد أي نص قانوني يمنع استعمال هذه الوسائل الإلكترونية الحديثة، فالنصوص الآمرة بالرؤية في مجال الخطبة تشمل هذه الصورة المعاصرة، بشرط التأكد من هوية الشخص الذي يستخدم التراسل الالكتروني، ومع ذلك فهناك من يشترط في التعارف بين الخاطبين بأجهزة الاتصال الحديثة أن يكون يعلم الأهل وأن تكون النظم المعلوماتية آمنة حتى لا تستغل هذه الوسائل الإلكترونية استغلالا سيئا. 

ب- شروط صحة الخطبة: من أهم الشروط الواجبة توفرها لصحة الخطبة أن تكون المخطوبة ممن تحل شرعا للخاطب، فمن لا يصح زواجها لا تصح خطوبتها، وتبعا لذلك فلابد أن تكون المخطوبة خالية من الموانع الشرعية وسائر الموانع المؤبدة كالقرابة والمصاهرة والرضاع. 

كما لا يجوز خطبة من كانت في العدة من طلاق رجعي أو بائن، أو مات عنها زوجها وهاته تعتبر ممن تتوفر فيهم الموانع المؤقتة. وكذلك ألا تكون الفتاة مخطوبة من الغير، ويعتبر من بين شروط صحة الخطبة، إذ لا يحق الرجل التقدم لخطبة فتاة سبقه غيره لخطبتها، فلا يجوز له ذلك قبل فسخ الخطوبة، وذلك لقوله صلى ﷲ عليه وسلم: "لا يبع أحدكم على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب". 

2- الطبيعة القانونية للخطبة

لا تعتبر الخطبة عقدا ولا زواجا، ولا يترتب عليها شيء من الإلزام بإتمام العقد، انطلاقا من مبدأ الرضائية في الزواج، فالأمر لا يعدو أن يكون وعدا بالزواج وهذا ما أكدت عليه المادة 5/1 من قانون الأسرة، كما أجازت الفقرة الثانية من نفس المادة للطرفين العدول عن الخطبة، وبالتالي فإن مجرد الوعد لا ينشئ التزاما، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في أحد قراراتها، وهناك من يرى أيضا أن الخطبة من حيث أحكامها وآثارها هي "عقد تمهيدي" يهدف إلى التمهيد لعقد الزواج، وليس زواجا. 

لقد أكدت المادة 6/1 من قانون الأسرة على أن اقتران الفاتحة بالخطبة لا يعد زواجا ما لم يقترن بركن الرضا وتوفر شروط عقد الزواج المنصوص عليها قانونا، لكن بالرجوع إلى نفس المادة الفقرة الثانية، فإننا نلاحظ أن المشرع اعتبر أن اقتران الفاتحة بالخطبة بمجلس العقد يعتبر زواجا متى توافر ركن الرضا وشروط الزواج المنصوص عليها في المادة 9 مكرر من هذا القانون. 

يتبين لنا جليا ومن خلال الفقرة الثانية من نص المادة السادسة السالفة الذكر، أنه متى اقترنت الخطبة بالفاتحة أثناء مجلس العقد وتوفرت فيها الشروط المنصوص عليها في المادة 9 مكرر، ففي هذه الحالة تعتبر الخطبة زواجا صحيحا من الناحية الشرعية، لكنه غير مسجل من الناحية القانونية، ومن ثم يمكن اعتبار الخطبة المقترنة بالفاتحة بمجلس العقد بمثابة عقدا شرعيا يمكن إثباته وتصحيحه قانونا، وذلك بموجب حكم قضائي، ويخضع ذلك لتقدير قضاة الموضوع، وهذا ما أكدت عليه المحكمة العليا في أحد قراراتها إذ جاء فيها أنه  "متى كان الزواج العرفي متوافر على أركانه التامة والصحيحة، فإن القضاء بتصحيح هذا الزواج وتسجيله في الحالة المدنية وٕإلحاق نسب الأولاد بأبيهم يكون قضاءً موافقا للشرع والقانون". 

يتضح لنا من خلال كل ما سبق أن الفاتحة ليست من أركان الزواج وٕإنما هي من باب التبرك والدعاء، وهي كما هو متعارف عليه في المجتمعات الإسلامية قراءة سورة الفاتحة بعد أن تكون الخطبة قد تمت، فإذا صاحب إعلان الخطبة وقراءة الفاتحة إيجاب وقبول في حضور شاهدين عدلين وتم الاتفاق على الصداق بحضور الولي، وبالتالي توفر جميع شروط وأركان الزواج أصبح العقد نافذا شرعا ولم ينفذ قانونا، كونه لم يثبت في الوثيقة الرسمية التي يحررها الموثق أو ضابط الحالة المدنية طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 18 من قانون الأسرة، فالمشرع الجزائري لا يعترف بالزواج الشرعي الذي يعرف بالزواج العرفي، إلا إذا تم توثيقه وتسجيله في سجلات الحالة المدنية. 

لقد ذهب قضاء المحكمة العليا في أحد قراراته إلى أن "اقتران الخطبة مع الفاتحة في مجلس العقد لا يعد خطبة بل هو زواج صحيح لتوفر جميع أركانه بقراءة الفاتحة بعد الخطبة أو إقترانها مع الخطبة في مجمع أو مجلس يعد بمثابة زواج صحيح وينتج كافة آثاره ولا ينقص سوى الدخول وتسجيل العقد الإداري بالحالة المدنية للبلدية". 

ثانيا: آثار العدول عن الخطبة 

كما سبق القول بأن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج، وبالتالي فهي لا تتمتع بأية قوة إلزامية بالنسبة للطرفين ولو طالت مدة الخطبة، ومعنى ذلك أنه يجوز لكل من الخاطبين بسبب أو لآخر الرجوع أو العدول عن الخطبة فهما غير ملزمين بإتمام مشروع الزواج، وهذا كما نصت عليه المادة 5/2 من قانون الأسرة وأكدت عليه المحكمة العليا، وٕإذا انتهت الخطبة بالعدول عنها، فحينئذ يثور التساؤل فيما يتعلق بما يكون قد عجله الخاطب لمخطوبته من المهر، أو فيما يكون قد أهداه لها بسبب ما تجري به العادة والعرف.  

1- بالنسبة لحكم الصداق في حالة العدول

المهر أو الصداق شرط من شروط صحة الزواج وأكدت على ذلك المواد 9 مكرر و14 وما يليها من قانون الأسرة، وقد أجمع الفقهاء بإلزام المخطوبة برد ما أخذت من المهر على كل حال، سواء كان العدول عن الخطبة منها أو منه لأنها لا تستحق شيئا من المهر إلا بعقد الزواج، فإن كان ما أخذته قائما بعينه ردته للخاطب، وٕإن كان قد هلك ردت مثله وٕإن كان مثليا أو قيمته إن كان قيميا، أما المشرع الجزائري فقد سكت عن حالة ما إذا كان الخاطب قد دفع الصداق للمخطوبة إذ أشار فقط إلى الهدايا، وقد يكون السبب في ذلك كون الخطبة هي مجرد وعد بالزواج ومنه لا يتصور ان يدفع المهر في أول الأمر أثناء الخطوبة والتي هي مرحلة من مراحل التعارف. 

2- بالنسبة لحكم ما عجل من هدايا

إذا كان حكم ما قدم وعجل من مهر فقد تم الاجماع عليه من طرف الفقهاء، أما بالنسبة لما قد قدم من هدايا فهناك خلاف فيما إذا كان العدول عنها أو من الخاطب، أو فيما إذا اشترط هذا الأخير في الإهداء أن يتم الزواج أو لم يشترط ذلك. 

‌أ- بالنسبة للأحناف: فهم يرون أن الهدايا في مثل هذه الحالة تعتبر هدية فتأخذ أحكامها وقواعدها، منها أن للواهب حق الرجوع في هبته إلا إذا ملكت الهدية، أو تم استهلاكها أو تغير حالها بالزيادة، فإذا كانت الهدية عقدا من العقود وبقي على حاله بعد فسخ الخطوبة، كان للخاطب طلب الرجوع به وٕإن كان العدول من جانبه، أما إذا كانت المخطوبة قد باعته، أو فقد منها مثلا، أو كان طعام فأُكل، فليس للخاطب الحق في استرداد بدله أو قيمته. 

‌ب- بالنسبة للشافعية: يرى هؤلاء وجوب رد الهدايا مطلقا، سواءً كانت باقية أم هالكة لأنها في حكم المهر، وما دام الزواج لم يتم وجب ردها بعينها أو بقيمتها أو بمثلها، سواء كان العدول من جانب الخاطب أو المخطوبة. 

‌ج- بالنسبة للحنابلة: فهؤلاء يرون بعدم استرداد شيء من هذه الهدايا لأنها هبة عندهم والقبض يمنع الرجوع بالهبة، ويستوي في ذلك ما إذا كان العدول من جهة الخاطب أو المخطوبة، كون أن هذه الهدايا قد قدمت على سبيل التبرع. 

‌د- بالنسبة للمالكية: يذهب هؤلاء إلى القول بأنه إذا كان العدول من جانب الخاطب فلا يحق له أن يسترد شيئا من الهدية سواءً أكانت مثلية أم قيمية، وسواء كانت قائمة أم مستهلكة، أما إذا كان العدول من جانب المخطوبة فيحق للخاطب في هذه الحالة استرداد جميع الهدايا المقدمة لها سواء ما بقي على حاله أو ما كان قد هلك وحينئذ يرجع ببدل ما هلك، إلا إذا كان هناك عرف أو شرط يتنافى مع ذلك. 

3- موقف المشرع الجزائري بالنسبة للعدول عن الخطبة

أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري فقد سار في هذه المسألة على مذهب الإمام مالك وذلك في المادة 5 الفقرتين الرابعة والخامسة المعدلة بالأمر رقم 05-02 من قانون الأسرة، إذ أنه اعتبر الخطبة وعد بالزواج حتى وٕإن اقترنت بالفاتحة في مجلس العقد، إذ أجاز للطرفين العدول عن الخطبة، فلا يمكن إجبار أحد الطرفين على الزواج ولو كانت الخطبة قائمة، وقد نص المشرع الجزائري على حالة العدول من طرف الخاطب ومن طرف المخطوبة. 

ا- العدول عن الخطبة من طرف الخاطب: بالرجوع إلى نص المادة 5/4 المعدلة بالأمررقم 05- 02 من قانون الأسرة يتبين لنا أنه إذا كان العدول من الخاطب وجب عليه رد الأشياء التي أهدته إياها المخطوبة طوال فترة الخطوبة والتي لم تستهلك، أو تقديم تعويض بقيمتها دون تحديد طبيعة هذا التعويض إن كان نقدا أو عينيا، هذا بالنسبة للهدايا التي تلقاها الخاطب من المخطوبة، أما بخصوص الهدايا التي منحها هو إلى المخطوبة فلا يمكنه استرجاعها ولا المطالبة بتعويض قيمتها، وفي ذلك جاء في قرار المحكمة العليا ما يلي  "من المقرر شرعا وقانونا أنه لا يسترد الخاطب شيئا مما أهداه إن كان العدول منه، ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بتناقض الأسباب غير سديد يستوجب رفضه، ولما كان ثابتا في قضية الحال أن الطاعن تراجع عن إتمام إجراءات الزواج أو الدخول بالرغم من طلبه من طرف الزوجة، فإن قضاة الموضوع برفضهم طلب الطاعن لاسترجاع الهدايا طبقوا صحيح القانون، ومتى كان كذلك استوجب رفض الطعن". مع العلم أن المشرع الجزائري لم يشر إلى حالة تبرير الخاطب سبب عدوله عن الخطبة، مثلا كأن يكون عيب بالمخطوبة يحول دون إتمام إجراءات الزواج، إذ اكتفى المشرع بإقرار جواز العدول عن الخطبة من طرفه فقط. 

ب- العدول عن الخطبة من طرف المخطوبة: نصت على ذلك المادة 5/5 المعدلة بالأمر رقم 05-02 من قانون الأسرة إذ جاء فيها أنه "وٕإن كان العدول من المخطوبة، فعليها أن ترد للخاطب ما لم يستهلك من هدايا أو قيمته"، وتبعا لذلك فإذا تم العدول من طرف المخطوبة دون أن تبرر ذلك بأسباب جدية ودوافع العدول عن الخطبة، فهي لا ترد فقط للخاطب ما لم يستهلك من هدايا أو قيمتها، بل يمكن إلزامها أيضا بالتعويض، وهذا طبقا لنص المادة 5/3 خلافا لما كان عليه الأمر قبل تعديل هذا النص، إذ يلزم المخطوبة برد فقط ما لم يستهلك دون النص على رد قيمتها، وقد جاء في أحد قرارات المحكمة العليا على أنه  "من المقرر قانونا أنه يجب على المرأة المخطوبة عند عدولها عن إتمام الزواج أن تَرُد ما لم يستهلك من هدايا وغيرها، ولما لم يثبت في قضية الحال أن الطاعنة هي التي عدلت عن إتمام الزواج بدون مبرر شرعي أو قانوني، فإنه لا يمكن والحالة هذه تحميل المطعون ضده بالخسائر والأضرار المترتبة عن ذلك مما دفعه من هدايا وغيرها خاصة تلك التي قدمها للطاعنة بهدف إتمام الزواج، وقد أتاحت له المادة 5 من قانون الأسرة استعادة كل ما لم يستهلك من هدايا إذا عدلت المخطوبة عن الخطوبة". 

4- إمكانية التعويض عن الضرر المادي والمعنوي في حالة العدول

تعتبر الخطبة وعد بالزواج وبالتالي فللطرفين الحق في العدول عنها ولا يترتب على ذلك تعويض الطرف الآخر وهذا هو المبدأ، غير أن العدول التعسفي يوجب إلزام العادل عن الخطبة بالتعويض متى تسبب في خسارة للطرف الآخر، كون أن العدول عن الخطبة حق ولكن لا يجب التعسف في استعمال الحق، غير أن اقتران العدول عن الخطبة بأفعال ألحقت ضررا ماديا أو معنويا للطرف الآخر جاز الحكم بالتعويض، ويجب أن يكون الضرر محقق الوقوع وأن لا يكون افتراضيا أو احتماليا، أي أن الخسارة قد لحقت المدعي فعلا، أما إذا لم يكن لمن عدل عن الخطبة دخل في الأضرار الناتجة عن العدول فهذا لا يلزمه شيء من التعويض لأنه لم يتسبب بوقوعه. 

لقد نص المشرع الجزائري في المادة 5/2 من الأمر رقم 05-02 المعدل لقانون الأسرة على ما يلي "إذا ترتب عن العدول عن الخطبة ضرر مادي أو معنوي لأحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض"، فالتعويض المقصود في هذه المادة ليس الناتج عن العدول عن الخطبة بل عن الضرر الناجم عن العدول عن الخطبة على أساس المسؤولية التقصيرية وليس المسؤولية العقدية، باعتبار أن الخطبة ليست بعقد. 

ومن أمثلة الأضرار المادية التي قد تصاحب العدول عن الخطبة كأن يطالب الخاطب مخطوبته بالاستقالة من وظيفتها، أو شراء أثاث معين، أو كأن تطالب المخطوبة خطيبها أن تقوم بإعداد مسكن في مكان معين، فهذه كلها تكاليف تصاحب الخطبة، أما بالنسبة للأضرار المعنوية نذكر مثلا تأخير زواج المخطوبة مدة ارتباطها بالخطبة وتفويت لها فرصة أفضل أو أن تقوم المخطوبة بالتجريح والمساس بسمعة الخاطب بعد العدول، كلها أضرار تستوجب التعويض، وقد حسم المشرع الجزائري في مسألة التعويض عن الضرر المعنوي، إذا ظهرت للقاضي المبر ارت المقنعة، وهذا وفقا لنص المادة 5/3 من قانون الاسرة وكذا المادة 182 مكرر من القانون رقم 05- 10 المعدل للقانون المدني، وتقدير الضرر مسألة موضوعية تبقى من اختصاص وتقدير قاضي الموضوع، بأن يتناسب مقدار التعويض والضرر الذي لحق بالمضرور، وبصفة عامة فإن التعويض في حالة العدول عن الخطبة أساسه الفعل الضار وليس العقد، فيجوز إثباته بجميع الوسائل لأنه واقعة قانونية، ومع ذلك يجب أن يكون ذلك الضرر له علاقة بالخطأ الذي ارتكبه الخاطب الذي عدل عن الخطوبة. 

5- قواعد الاختصاص في دعاوى الخطبة

حدد المشرع الجزائري الجهة القضائية المختصة نوعيا بالنظر في الدعاوى المتعلقة بموضوع الخطبة، إذ نصت في المادة 423 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه "يختص قسم شؤون الأسرة على الخصوص بالنظر في الدعاوى الآتية: الدعاوى المتعلقة بالخطبة...". 

أما بالنسبة للاختصاص الإقليمي فقد حددت المادة 426 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بأنه تكون المحكمة مختصة إقليميا في موضوع العدول عن الخطبة لمكان وجود المدعى عليه، وهذا تكريسا للقاعدة العامة في الاختصاص الإقليمي المنصوص عليها في المادة 37 من نفس القانون، وبالتالي فإن جميع الدعاوى المتعلقة بالعدول عن الخطبة كاسترداد الهدايا والتعويض يعود اختصاص النظر فيها إقليميا إلى محكمة وجود موطن المدعى عليه. 

كما يسري نفس الحكم في حالة المنازعات المتعلقة بالصداق كتلك الدعاوى التي ترمي إلى استرداد الصداق بعد فسخ الخطوبة أو تحصيل مؤخره، فإن المحكمة المختصة في هذه الحالة هي التي يوجد بدائرة اختصاصها موطن المدعى عليه، وهذا ما اشارت إليه المادة 426/8 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

المرجع:

  1. د. ربيع زهية، إجراءات التقاضي في شؤون الأسرة، محاضرات موجهة لطلبة السنة الثانية ماستر، تخصص قانون أسرة، جامعة أكلي محند أولحاج – البويرة – كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية: 2020-2021، ص23 إلى ص33.

google-playkhamsatmostaqltradent