سريان قانون الإجراءات المدنية والإدارية

سريان قانون الإجراءات المدنية والإدارية

سريان قانون الإجراءات المدنية والإدارية
ثمة جملة من المسائل القانونية، تتعلق بمبدأ عدم الرجعية، والأثر الفوري للقانون الجديد.

المطلب الأول:  سريان قانون الإجراءات المدنية والإدارية من حيث الزمان

تخضع جميع القواعد القانونية، أكانت شكلية أم موضوعية، لقاعدة عدم سريانها بأثر رجعي وفقا للمبدأ المكرس بالمادة 02 من القانون المدني كأصل عام، واستثناء من ذلك فقواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية، قد يكون لها أثرا رجعيا، فتطبق على الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم في ظل القوانين القديمة، وتبرير ذلك يكمن في كون قواعد هذا القانون، وبعكس قواعد القوانين الموضوعية يكون لها أثرا فوريا، وفقا لمتطلبات المادة 07 من القانون المدني،وهو ما دعا بعض الفقهاء الفرنسيين إلى القول بأن لهذه القوانين أثرا رجعيا.

أولا: الأثر المستمر للقانون القديم :

يصادف مبدأ عدم رجعية القوانين الجديدة، مشكلات عملية متعددة ، بالنسبة للدعاوى التي تم الفصل فيها، وبالنسبة للإجراءات التي تمت في تلك الدعاوى،وبالنسبة للمهل القانونية، المنقضية قبل العمل بالقانون الجديد.

أ) بالنسبة للدعاوى المحكوم فيها :

1) مبدأ خضوع الدعوى للقانون القديم :

تبقى الدعاوى التي تم الفصل فيها بحكم خاضعة للقانون القديم، لأن الحكم في موضوعها، هو حكم تنتهي به الخصومة القضائية، قبل العمل بالقانون الجديد، وبالتالي فلا يسري عليها.

2) بالنسبة للإجراءات المتخذة والمكتملة :

لا يتوقف أعمال القاعدة المتقدمة عند الدعاوى المفصول فيها، بل يمتد للإجراءات التي اتخذت واكتملت بصورة صحيحة، قبل صدور القانون الجديد، لأن صحتها لا تتأثر بالأحكام التي يستحدثها القانون الجديد.

3) بالنسبة للمواعيد التي بدأت وانقضت:

أن المهل القانونية التي تكون قد بدأت وانقضت، قبل صدور القانون الجديد تظل مرتبة لكافة آثارها القانونية، ولا تتأثر بالأحكام الجديدة، التي جاء بها القانون الجديد، سواء تعلقت بإلغاء تلك المهل أو تعديلها.

4) بالنسبة لقاعدة عدم الرجعية:

أن تطبيق قاعدة عدم الرجعية بالنسبة لتنفيذ الأحكام، تتوقف على قابلية الحكم للتنفيذ الجبري، أو قابليته للنفاذ المعجل بقوة القانون، أو عدم قابليته لذلك ، فمتى كان الحكم قابلا للتنفيذ وفقا للقانون القديم، فانه يبقى متمتعا بتلك القوة التنفيذية، حتى ولو نص القانون الجديد على عدم قابليته للتنفيذ، ويبقى العكس صحيحا.

ب) بالنسبة للدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم:

1) بالنسبة للدعاوى المهياة للفصل فيها:

يتوقف تطبيق القانون القديم هنا على الدعوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها، لأن جميع الإجراءات التي تمت فيها، سواء من حيث نظرها ، أو من حيث إثباتها قد اكتملت، وتم الإعلان عن إقفال باب المرافعة فيها، وإدراجها في المداولة في ظل القانون القديم، وبذلك فان الحكم فيها يظل خاضعا لهذا القانون القديم.

2) بالنسبة للدعاوى غير المهياة للفصل فيها:

يبقى خضوع مثل هذه الدعاوى للقانون القديم، مرهونا بقيام بعض الشروط تتمثل في:
- أن يكون التأجيل للنطق بالحكم تم في ظل القانون القديم،وذلك قبل نفاذ القانون الجديد.
- أن تكون المواعيد المحددة لملاحظات الخصوم الختامية،قد انقضت قبل نفاذ القانون الجديد.
- أن يتم تقديم تلك الملاحظات في ظل القانون القديم.

ج) بالنسبة للإجراءات التي تمت في الدعوى:

تطبيقا لقاعدة عدم رجعية القانون الإجرائي، يميل الفقه القانوني إلى أن كل إجراء يكون قد تم في ظل قانون معين، فانه يأخذ الحكم الذي أوجبه هذا القانون بالصحة أو بالبطلان، ويظل خاضعا لأحكامه ، سواء كان هذا الإجراء مسبوقا بإجراء آخر، أو بميعاد من المواعيد القانونية، أو أن ثمة إجراء آخر يجب أن يتخلله  أو أن يكون لاحقا له، لأن العبرة تكمن في ترتيب الإجراء لأثره في ظل القانون الذي أقره.

د) بالنسبـــة للجــــزاءات :

يقتضي تطبيق مبدأ عدم رجعية القانون الإجرائي، وجوب توقيع الجزاء المقرر في القاعدة الإجرائية، وقت ارتكاب المخالفة، وهذا الحكم يعد بمثابة شرط أساسي لتوقيع الجزاء، لأنه من مقتضيات المنطق القانوني، لأن الخصم في الدعوى المخالف للإجراء،  يجب أن يكون  على بينة من الجزاء الذي يترتب على اقترافه لتلك المخالفة، وقت إقدامه على ارتكابها، وليس الجزاء الوارد في القانون الجديد الذي لم يكن يتوقعه وقتها.

ثانيا: السريان الفوري لقانون الإجراءات المدنية والإدارية:

أ) المبدأ العام:

طبقا للمادة 07 من القانون المدني ، فالنصوص الجديدة المتعلقة بالإجراءات تطبق حالا، وهو ما نعبر عنه بالسريان الفوري للقانون الإجرائي،ولم يستثن من تطبيق هذه القاعدة سوى النصوص المتعلقة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه فيما يخص المدة السابقة ، لأنها تظل خاضعة للنصوص القديمة، لذلك فأحكامه تطبق على الدعاوى القائمة أمام المحاكم، وعلى الإجراءات التي لم تكتمل بعد وقت نفاذه ، كما يطبق على الدعاوى التي لم ترفع، وعلى الإجراءات التي لم تتخذ بعد.

ب) بالنسبة:لقواعـد تعديـل الاختصـاص:

1) اقتصار التطبيق على الدعاوى المؤجلة:

قد يعدل القانون الجديد قاعدة من قواعد الاختصاص، فيمنع جهة قضائية أو محكمة من نظر دعوى معينة، ويمنح الاختصاص بشأنها إلى جهة من الجهات القضائية، وهنا تكون قواعد هذا القانون واجبة التطبيق الفوري على جميع الدعاوى القائمة، أي تلك التي لم يصدر فيها حكما منهيا للخصومة القضائية القائمة بشأنها، أو على الأقل كل الدعاوى القضائية، التي لم تقفل فيها باب المرافعة بعد،لأن الدعاوى التي تكون هذه المرافعة فيها قد أقفلت، إنما تكون قد رتبت للخصوم حقا مكتسبا في أن تنظر دعواهم أمام تلك الجهة القضائية دون غيرها.

2) وجوب احالة الدعوى:

يترتب عن الأثر الفوري للقانون الجديد المعدل للاختصاص، إحالة الدعوى من المحكمة المعروضة أمامها، إلى المحكمة الجديدة التي صارت هي المختصة بنظرها وفقا لقواعد القانون الجديد، بصفة إدارية من قبل المحكمة التي صارت غير مختصة، او بطلب من الخصوم.
أما بالنسبة لمضمون الإحالة، تنفيذا للقانون الجديد، فانه يعد شاملا للدعوى برمتها، وبحسبه فانه يعتد بكل الإجراءات الصحيحة وغير الصحيحة التي تمت فيها ، أي الاعتداد بكل آثارها القانونية وبالأحكام الفرعية التي صدرت فيها من قبل المحكمة الأصلية التي لم تعد مختصة بنظرها.

3) التطبيق النسبي لقواعد الإحالة:

يبقى تطبيق قواعد الإحالة نسبيا، لأن صدور قانون جديد يمنع جهة من الجهات القضائية من نظر دعوى، ويمنح الاختصاص بشأنها لجهة إدارية أو هيئة خاصة، أو يمنع تلك الجهة الإدارية أو الهيئة الخاصة من نظر الدعوى، ويمنحها لجهة من الجهات القضائية، إنما هو قانون يكون فوري النفاذ حتى بالنسبة للقضايا التي تكون فيها باب المرافعة قد أقفلت، ولم يصدر الحكم فيها بعد، لأن مثل هذا القانون، وان كان يمس بالحقوق المكتسبة للخصوم، فانه يمس في ذات الوقت بالاختصاص النوعي، وهو من النظام العام، لذلك تكون لهذه الأخيرة أسبقية التطبيق عن الأولى، لأن المحكمة المعروضة عليها الدعوى، لم تعد تملك الاختصاص، بل صارت تملك عوضا عن ذلك، الحكم بعدم قبول الدعوى، من حيث كون رافعها لم يعد يتمتع بسلطة اللجوء إليها للمطالبة بالحماية القانونية.

ج) قواعد تعديل المهل القانونية :

1) بالنسبة لقواعد تعديل المهل القائمة زيادة ونقصانا:

تظل المهل القانونية التي تكون قد بدأت وانقضت قبل صدور القانون الجديد مرتبة لكافة آثارها القانونية وفقا لأحكامه، ولا تتأثر بالأحكام الجديدة التي جاء بها القانون الجديد، وذلك احتراما لمبدأ سيادة القانون، لكن الأمر يختلف بالنسبة للقوانين المعدلة للمهل القائمة بالزيادة أو بالنقصان، أو الملغية لها، أو المستحدثة لمهل جديدة.
ذلك أنه ومن المستقر عليه في الفقه، أن العبرة في تحديد المهل القانونية، إنما تكون بالقانون الساري المفعول عند بداية هذه المهل، وعلى هذا الأساس فمتى صدر حكم قضائي في ظل سريان قانون قديم ، ينص على أن سريان ميعاد الطعن فيه يبدأ من تاريخ صدوره، فمهلة الطعن هنا تبقى خاضعة لهذا القانون القديم، حتى ولو صدر قانون جديد أثناء سريان تلك المهلة، قد عدل فيها بالزيادة أو بالنقصان، أو جعل سريانها يبدأ من تاريخ آخر، كأن يكون تاريخ تبليغ الحكم ، وليس تاريخ صدوره.
غير أن العمل بهذه القاعدة، لا يطبق إلا بالنسبة للقوانين الجديدة ، التي تعدل المهل القانونية بالزيادة أو بالنقصان، وذلك خلافا للقوانين التي تقضي بإلغاء المهل القائمة، فلا يعتد في هذه الحالة بالقانون القديم، متى انقضت المهلة المحددة في ظله أيا كان نوعها، بل أن النص الجديد يرتب كافة آثاره القانونية.
كما أن العمل بالقاعدة المعدلة للمهل، لا تطبق على القوانين التي تجعل بداية الميعاد من إجراء غير الإجراء المنصوص عليه في القانون القديم، لأن العبرة هنا تتوقف على التمييز بين ماذا كانت المهلة قد جرت في ظل القانون القديم، أم أنها لم تجر:
الحالة الأولى: التي تكون فيها المهلة قد جرت في ظل القانون القديم، فإنها تظل خاضعة له، ولا يسري عليها القانون الجديد.
الحالة الثانية: التي تكون فيها المهلة لم تجر في ظل القانون القديم ، فالمهلة التي جاء بها القانون الجديد هي التي تسري ابتداء من الإجراء الذي جاء به هذا القانون، وذلك بشرط اتخاذ الإجراء في       ظل سريانه.

2) بالنسبة للقواعد المستحدثة لأثار جديدة:

ان العمل بالقاعدة المعدلة للمهل القانونية، لا تطبق على القوانين الجديدة، التي تقضي باستحداث آثار جديدة عند احترام أو فوات المهل القانونية الواردة في القانون القديم، ذلك أنه وان كان الطعن بالنقض في الأحكام النهائية مثلا، يتم وطبقا للمادة235 من قانون الإجراءات المدنية وهي تقابل المادة 354من قانون الإجراءات المدنية والإدارية خلال مهلة شهرين من تاريخ تبليغ الحكم او القرار المطعون فيه، فانه يتم في الأحكام الصادرة بالوفاة، استنادا للمادة 32 من الأمر رقم 06/01 المؤرخ في 27/02/2006 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية،خلال مهلة شهر واحد ابتداء من تاريخ النطق بالحكم، تحت طائلة صيرورته باتا مرتبا لكافة آثاره القانونية.
وتطبيق مثل هذه القاعدة يبقى محصورا في القواعد المعدلة لمهل المرافعات ومهل السقوط التي تتخلل الإجراءات، والتي ينص القانون القديم على وجوب احترامها، وذلك خلافا للمهل القانونية المتعلقة بالتقادم المسقط بالقانون المدني منها، فان قواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية لا تطبق عليها ، بل تبقى خاضعة لأحكام القانون المدني، أو القانون الموضوعي الذي جاء بها.

د) السريان الفوري لقواعد تعديل طرق الطعن:

1) وضع المسألة في الفقه الفرنسي:

انقسم الفقه في فرنسا، منـذ01/01/1807تاريخ نفـاذ قانـون الإجـراءات المدنية الفرنسي الى ثلاث اتجاهات ، حول تحديد القانون الواجب التطبيق، بشأن قابلية أو عدم قابلية الحكم الصادر في الدعوى للطعن فيه، فيما إذا كان القانون النافذ بتاريخ تقديم الطلب القضائي، أو وقت صدور الحكم ، أو وقت سريان مواعيد الطعن.
الراي الاول : ذهب دعاته إلى الأخذ بالقانون النافذ عند تقديم الطلب القضائي، تعليلا منهم على أن الحقوق الإجرائية للخصوم، إنما تتحدد من تاريخ تقديم ذلك الطلب إلى الجهة القضائية المعنية، وهي مسألة تمكن المدعي من تفادي الأضرار الناجمة عن بطء إجراءات التقاضي، عند تطبيق أي قانون آخر، غير القانون النافذ بتاريخ تقديم الطلب القضائي إلى المحكمة.
الراي الثاني : ذهب أنصاره إلى الاعتداد بالقانون النافذ وقت صدور الحكم، لأن قابلية أو عدم قابلية         الحكم للطعن فيه، إنما هي عبارة عن وصف ملازم للحكم ، يمنحه القانون النافذ له وقت صدوره، وبالتالي فلا يصح أن يوصف بالوصف المخالف الذي منحه القانون الجديد لحكم مماثل.
الراي الثالث : ذهب إلى الاعتداد بالقانون النافذ وقت سريان ميعاد الطعن في الحكم، بدعوى وأن حقوق الخصوم لا تتخذ صورتها القطعية ، ولا يمكنهم اكتساب الوضع القانوني الذي منحه إياهم ذلك القانون ، إلا اعتبارا من الميعاد المقرر للطعن في الحكم.

2) تقدير هذه الاتجاهات الفقهية:

1) ان قابلية أو عدم قابلية الحكم للتنفيذ، وان كانت بالفعل عبارة عن وصف ملازم للحكم منذ تاريخ صدوره، فإن مواعيد الطعن فيه، تظل مرهونة بالقانون النافذ وقت النطق به.
2) أنه وعلى الرغم من أن الحكم القابل للتنفيذ، يوصف بأنه حكم تحضيري أو نهائي أو ابتدائي مشمول بالنفاذ المعجل ، وأن الحكم غير القابل للتنفيذ يوصف بأنه حكم تمهيدي أو ابتدائي فقط، فهي كلها أوصاف قد لا تتفق مع الوصف الذي يمنحه القانون الجديد لهذا الحكم أو ذاك، كوصف حكم في ظل القانون القديم بأنه ابتدائي، ووصفه في ظل القانون الجديد بأنه نهائي، والعكس صحيح، مما يؤدي إلى التعارض بين الوصفين الواردين في القانونين القديم والجديد.
 3) أن المركز الإجرائي للخصوم، لا يتوقـف تحديـده على الوصف المـلازم للحكم، بشأن قابليته أو عدم قابليته للطعن فيه، بل أنه يبقى غير مكتمل، إلا إذا أصبح الحكم قطعيا غير قابل لأي طريق من طرق الطعن، وهو ما لا يتقرر له إلا بتبليغه وانقضاء المواعيد المحددة للطعن فيه في ظل القانون النافذ وقت صدوره.

هـ) سريان قواعد تنظيم شروط قبول الدعوى وإجراءات الإثبات:

ثمة فرق بين القواعد المنظمة لشروط قبول الدعوى، والقواعد المنظمة لإجراءات الإثبات، حيث الأولى متصلة اتصالا مباشرا بالقواعد الإجرائية، فيما أن الثانية قد تتصل بهذه الأخيرة، وقد تتصل بالقواعد الموضوعية.

1) سريان القواعد المنظمة لشروط قبول الدعوى:

تقوم القواعد المنظمة لشروط قبول الدعوى على مبدأ عام، يفيد أنه متى رفعت الدعوى على وجه صحيح في ظل قانون نافذ، فلا يؤثر فيها أي تعديل قد يطرأ على شروط قبولها بتشريع لاحق.

2) سريان القواعد المنظمة لإجراءات الإثبات:

يفرق الفقه القانوني عادة في مسائل الإثبات، بين القواعد المتعلقة بطرق الإثبات، والأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بهذا الطريق أو ذاك، وكذلك الحال بالنسبة للشروط الواجب توافرها أو انعدامها لقبول الإثبات بهذه الوسيلة أو تلك، وتحديد القوة المستمدة من وسيلة الإثبات المتمسك بها من جهة، وبين القواعد الإجرائية الواجب مراعاتها، عند التمسك بإعمال أية وسيلة من وسائل الإثبات المختلفة من جهة أخرى، حيث القواعد الأولى تعد قواعد موضوعية، وبذلك فإنها تخضع للقانون الذي أنشئت في ظله وسيلة الإثبات، لأنها تمس بأصل الحق، فيما أن الثانية تعد قواعد إجرائية، من حيث كونها جاءت لتنظيم إجراءات الإثبات، وهي في معظمها ماسة بالنظام العام ، لأنها متصلة بنظام التقاضي، وعلى هذا الأساس فهي قواعد يجرى تطبيقها من وقت العمل بها، على جميع الدعاوى القائمة أمام القضاء.

المطلب الثاني: سريان قانون الإجراءات المدنية من حيث المكان

لا تثار مسألة سريان قانون الإجراءات المدنية والادارية من حيث المكان، إلا فيما يتعلق بالمنازعات المتصلة بالقانون الدولي الخاص، لتحديد الاختصاص الدولي لمحاكم دولة، إزاء الاختصاص الدولي لمحاكم دولة أخرى، وتحديد القانون الادرائي الواجب الإتباع عند الفصل في المنازعة من جهة، وإجراءات تنفيذ الحكم الصادر فيها من جهة أخرى، وهي مسألة يقوم حلها على معيارين:

أولا: المعيار الاقليمي:

 تقوم النصوص القانونية المتعلقة بهذه المسألة، على المبدأ العام السائد في فقه القانون الدولي الخاص، ومؤداه أن الولاية القضائية في الدولة، تقوم على أساس إقليمي، تتحدد دائرتها من خلال الربط بين المنازعة وولاية قضاء الدولة، وهي بهذا تأخذ بمعيار: موطن المدعى عليه، أو محل إقامته، أو موقع المال، أو محل مصدر الالتزام، أو محل تنفيذه. 

ثانيا: المعيار الشخصي:

 يعتد فقه القانون الدولي الخاص بمعيار شخصي، لبسط ولاية محاكم الدولة على المنازعة، يتمثل في النظر للمدعى عليه في الدعوى، فيما إذا حاملا لجنسية الدولة أم لا، وذلك بصرف النظر عما إذا كان محل إقامته أو موطنه بداخلها أم لا، لأن ولاية قضاء الدولة وان كانت إقليمية بالنظر للوطنيين والأجانب، فإنها تعد شخصية بالنسبة للوطنيين، من حيث كونهم يخضعون لولايتها، حتى ولو كانوا مقيمين داخل دولة أخرى، وهي احول نصت عليها المادتان41 و42 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث ينعقد الاختصاص الدولي للمحاكم الجزائرية جوازيا، للنظر في المنازعات الرامية إلى تنفيذ الالتزامات المتعاقد عليها، التي يكون أحد أطرفها أجنبيا، بصرف النظر عما إذا كانت تلك الالتزامات قد نشأت في الجزائر أو خارجها، وبصرف النظر أيضا عن مركز الأجنبي في الدعوى، فيما إذا كان مدعيا أو متدخلا أو مدعى عليه فيها.
google-playkhamsatmostaqltradent