ذمة الشركة المالية

ذمة الشركة المالية

من أهم النتائج المترتبة على الشخصية المعنوية، هو اكتساب الشركة لذمة مالية مستقلة عن الذمم المالية للشركاء المكونين لها، فالشركة كونها شخصا قانونيا لا يمكن أن تفي بالتزاماتها وتقوم بأنشطتها بغير أن تكون لها ذمة مالية، ومن ثم لا يجوز للشركاء التصرف فيها، بل هي ملكا للشركة توضع لخدمة الغرض الذي أنشأت من أجله، ويدخل ضمن الذمة المالية للشركة رأس المال والموجودات، ولابد من توضيح المصطلحين، فمصطلح رأس المال هو الرقم المثبت في عقدها، وهو ثابت عادة، إلا إذا قامت الشركة بإجراءات تغييره، زيادة أو تخفيضا، أما الموجودات فتشمل جميع أموال الشركة، والأبنية والمعدات، وما استقطع من الأرباح لتكوين الاحتياطات، وتدخل ضمن الضمان العام للدائنين، ويتمثل ضمان الدائنين عادة كحد أدنى بمقدار رأس المال الاسمي، هذا ويترتب على أن للشركة ذمة مالية مستقلة ما يلي:
1- أن حق الشريك في مواجهة الشركة هو من طبيعة منقولة، بمعنى أن الحصة التي يقدمها الشريك للشركة تخرج عن ملكة وتصبح مملوكة للشركة كشخص معنوي، ولا يبقى له إلا مجرد نصيب في الأرباح وفي فائض التصفية المتبقية بعد انقضاء الشركة واستيفاء ديونها، وهذا النصيب يعتبر دينا في ذمة الشركة، وهو لا يعدو من أن يكون كأي دين آخر من طبيعة منقولة ولو كانت الحصة التي قدمها الشريك للشركة عقارا أو حتى إذا ما كانت جميع الحصص المقدمة من العقارات، ويبقى حق الشريك مقدم الحصة محتفظا بطبيعته المنقولة إلى أن تتم تصفية أموال الشركة، وعندئد تزول شخصية الشركة فيتخذ حق الشريك صفة منقولة أو عقارية تبعا لطبيعة النصيب الذي يحصل عليه في القسمة، هذا ويترتب على حصة الشريك في مواجهة الشركة من الأموال منقولة إمكان تداول هذه الحصة بطرق القانون التجاري السريعة دون الحاجة إلى استيفاء الإجراءات المقررة في القانون المدني، فلو كانت الحصة تمثل حقا عقاريا لا منقولا لما كان التصرف بها إلا بعد استيفاء إجراءات التسجيل، مع الإشارة بأن التشريع الجزائري انفرد عن التشريع الفرنسي والمشرق العربي والمغرب العربي من حيث أنه يتطلب الكتابة الرسمية لكي يستطيع الشريك أن يتنازل عن حصته في رأسمال الشركة إلى الغير.

2- تعتبر ذمة الشركة ضمانا لدائني الشركة وحدهم دون دائني الشركاء الشخصيين، كما أن ذمة الشريك هي الضمان العام لدائنيه الشخصيين دون دائني الشركة، وبالتالي لا يجوز لدائني الشريك التنفيذ على أموال الشركة ومن بينها حصة الشريك المدين لأن هذه الحصة انتقلت من ذمة الشريك إلى ذمة الشركة، وإنما لهم أن يتقاضوها من أرباح الشريك في الشركة وهذا ما نصت عليه المادة 436 من القانون المدني الجزائري بقولها: "إذا كان لأحد الشركاء دائنون شخصيون، فليس لهم أثناء قيام الشركة أن يتقاضوا ديونهم إلا من نصيب ذلك الشريك في الأرباح دون نصيبه في رأسمال الشركة، أما إذا انحلت الشركة وتمت التصفية، فيحق لدائني الشريك أن يتقاضوا ديونهم من نصيب مدينهم في رأس مال الشركة بعد طرح ديونها".
3- يترتب على استقلال ذمة الشركة عن ذمم الشركاء بأنه لا تجوز المقاصة بين دين للشركة ودين على أحد الشركاء، فإذا كان شخص واحد أجنبيا دائنا للشريك ومدين للشركة فليس له أن يتمسك في مواجهة الشركة بوقوع المقاصة بين الدين الذي عليه للشركة والدين الذي يكون له قبل أحد الشركاء مادامت ذمة الشركة مستقلة عن ذمة الشريك، ولأن المقاصة تقع عندما يوجد شخصان كلاهما دائن ومدين للآخر في وقت واحد، فيسقط أقل الدينين من الطرفين أما بالاتفاق أو بقوة القانون حسب توافر شروط يتطلبها القانون في حين نحن الآن وحسب المثال في مواجهة ثلاثة أشخاص الشركة والدائن الأجنبي والشريك في الشركة، بيد أنه إذا كان يمتنع على دائني الشركة أن ينفذوا على أموال الشركة فإن لدائن الشركة الحق في أن ينفذ على أموال الشريك الخاصة إذا كان الشريك يسأل عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة، كما هو الحال بالنسبة لجميع الشركاء في شركة التضامن، بحيث يتزاحموا دائنوا الشركة مع الدائنين الشخصيين للشركاء لاستيفاء مبلغ الدين من ذمة الشريك، أما إذا كان الشريك يسأل عن ديون الشركة مسؤولية محدودة كما هو الحال بالنسبة لجميع الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة فلا يجوز لدائني الشركة أن ينفذوا على أمواله الخاصة بل على أموال الشركة فحسب، فذمة الشريك في كلا هذين النوعين من الشركة تكون الضمان العام لدائنيه الشخصيين دون دائني الشركة.
4- إن إفلاس الشركة لا ينتج عنه كأصل عام إفلاس الشركاء، كما أن إفلاس الشريك لا يترتب عنه إفلاس الشركة، والسبب في ذلك راجع بالطبع أن لكل من الشركاء والشركة شخصيته وأمواله المستقلة، بمعنى أن الشركة تكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، إلا أن الأمر يختلف بين شركات المساهمة والمحدودة وبين شركات التضامنية والتوصية، فعند إفلاس الشركة من النوع الأول لا يمتد الإفلاس إلى الشركاء، لأن مسؤولية هؤلاء عن ديون الشركة محدودة بمقدار المساهمة برأس المال، أما إذا أفلست شركة من شركات التضامن أو التوصية فيتبع ذلك بالضرورة إفلاس الشركاء المتضامنين في الشركة بسبب مسؤولياتهم التضامنية عن ديون الشركة في أموالهم الخاصة، ويستتبع ذلك تعدد التفليسات فتوجد إلى جانب تفليسة الشركة تفليسة كل واحد من الشركاء المتضامنين، على أن كل تفليسة من التفليسات تعتبر مستقلة قائمة بذاتها، وتفليسة الشركة لا تضم سوى دائنيها دون الدائنين الشخصيين للشركاء، وأما تفليسة الشركاء فيتزاحم فيها دائني الشركة مع الدائنين الشخصيين للشركاء.

المرجع :

  1. أ.عمورة عمار، شرح القانون التجاري الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2016، من ص 151 إلى ص 153.
google-playkhamsatmostaqltradent