تصنيف الشركات التجارية

تصنيف الشركات التجارية

تصنيف الشركات التجارية
نصت المادة 544 من القانون التجاري الجزائري بقولها: "يحدد الطابع التجاري لشركة إما بشكلها أو موضوعها.
تعد شركات بسبب شكلها مهما كان موضوعها: شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات التضامن".
وأضاف المرسوم التشريعي رقم 93-08 المؤرخ في 25 أبريل 1993 نوعا آخر من الشركات التجارية لم يتعرض له القانون التجاري الجزائري الصادر عام 1975، وهي شركات التوصية البسيطة، وشركات التوصية بالأسهم، وشركات المحاصة. وبهذا أصبح نص الفقرة2 من المادة 544 بعد تعديلها كالآتي:"تعد شركات التضامن وشركات التوصية والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات المساهمة، تجارية بحكم شكلها ومهما يكن موضوعها".
أما قانون الشركات الفرنسي الصادر عام 1966 فقد نص على شركة التضامن وشركة التوصية بنوعيها، أي شركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركة المساهمة، هذا ويمكن تقسيم هذه الشركات التجارية إلى قسمين رئيسين وهما: شركات الأشخاص وشركات الأموال.

المطلب الأول: شركات الأشخاص

تقوم شركات الأشخاص في تكوينها على شخصية شركائها نظرا للتعارف القائم بينهم وللثقة التي تربط بعضهم ببعض حيث يثق كل منهم في الآخر وفي قدرته و كفاءته على إنجاح مشروعهم التجاري المشترك، وتربطهم عادة رابطة القرابة أو الصداقة أو رابطة امتهان الأعمال التجارية، فتقوم الشركة أساسا على الاعتبار الشخصي في تأسيسها الذي يتم من قبل عدد قليل من الأشخاص و لذلك أطلق على هذا النوع من الشركات تسمية شركة الأشخاص، وعلى ذلك فإنه متى ما قام ما يهدد الثقة بين الشركاء ويهدم الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه هذه الشركات فإن الشركة قد تتعرض للحل.
ويشمل هذا النوع بالدرجة الأولى شركة التضامن، كما يشمل أيضا شركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة، ويترتب على هذا النوع من الشركات النتائج الآتية:
1- لا يجوز للشريك أن يتنازل عن حصته للغير إلا بإجماع الشركاء لأن المتنازل إليه قد لا يحظى بثقة الشركاء.
2- إن وفاة أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إفلاسه أو خروجه من الشركة أو منعه من مباشرة المهنة التجارية يترتب عليه انحلال الشركة كشخص معنوي ما لم يكن هناك شرط مخالف في القانون الأساسي للشركة، وذلك لأن الشركاء وثقوا بشخص الشريك، وقد لا تتعدى هذه الثقة إلى ورثته أو إلى ممثله القانوني، كما أن عزل المدير الشريك النظامي يؤدي أيضا كأصل عام إلى انقضاء الشركة.
3- يكتسب الشريك في شركة الأشخاص صفة التاجر الشريك، في شركة التضامن يكتسب صفة التاجر بمجرد انضمامه إلى الشركة، كذلك هو الحكم في شركة التوصية بنوعيها فيما يتعلق بالشركاء المتضامنين.
4- إذا حصل الغلط في شخص الشريك أي في صفة جوهرية فيه يترتب عليه بطلان الشركة بطلانا نسبيا.
شركة التضامن: في هذا النوع من الشركات يسأل الشركاء جميعا عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة، ولا يسأل الشريك قبل دائني الشركة فقط بقدر حصته في رأس مال الشركة و إنما يسأل أيضا عن هذه الديون في أمواله الخاصة، فضلا عن هذه المسئولية التضامنية المطلقة للشركاء عن ديون الشركة فإن هذه الشركة تتميز أيضا بدخول اسم شريك أو أكثر في عنوان الشركة، و بعدم قابلية حصة الشريك للتداول، و باكتساب جميع الشركاء فيها لصفة التاجر متى كان موضوع الشركة القيام بأعمال تجارية، وتناسب شركة التضامن المشروعات الاقتصادية الصغير التي لا تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة.
شركة التوصية البسيطة: وتتضمن نوعين من الشركاء: شركاء متضامنين يكتسبون صفة التاجر، ويسأل كل واحد منهم عن ديون الشركة مسؤولية شخصية تضامنية ومطلقة كما هو الحال بالنسبة للشركاء جميعا في شركة التضامن، ولهم الحق وحدهم دون الشركاء الموصين بالقيام بإدارة الشركة، وشركاء موصين، ويسأل كل واحد منهم عن ديون الشركة بقدر حصته في رأسمالها ولا يكتسبون صفة التاجر ولا يشاركون في إدارة الشركة.
شركة المحاصة: وهي شركة مستترة معدومة الشخصية المعنوية لا تخضع لإجراءات الشهر والنشر والتسجيل وليس لها اسما خاص بها أو موطن أو جنسية كما ليس لها رأس مال، فهي عقد لا ينشىء عنه شخص معنوي، ويترتب عليه ثمة حقوق والتزامات فيما بين الشركاء دون أن تظهر الشركة للغير كشخص  معنوي، بمعنى أن ليس لها وجود في الظاهر أو كيان قانوني أمام الغير، وتقتصر آثارها على الشركاء فقط وتنعقد بين شخصين أو أكثر للقيام بعمل واحد أو عدة أعمال يباشرها أحد الشركاء باسمه الخاص على أن تقسم الأرباح والخسائر بينه وبين باقي الشركاء، وبعد الانتهاء من العملية أو العمليات التي قامت من أجلها تنحل الشركة، كما تنقضي بوفاة أحد الشركاء أو الحجر عليه أو إفلاسه أو إعساره أو عند حدوث خلاف هام وخطير بينهم يمنعهم من الاستمرار بالشركة، وهي شركة تعتبر على أنها تجارية أو مدنية تبعا للغرض الذي قامت الشركة من أجله.

المطلب الثاني: شركات الأموال

لا تقوم شركات الأموال في تكوينها على الاعتبار الشخصي وإنما تقوم أساسا على الاعتبار المالي، بمعنى أن الشركة قوامها يتمثل في تقديم الحصص المكونة لرأس مالها المخصص للقيام بالمشروعات الاقتصادية الضخمة لهذا النوع من الشركات بصرف النظر عن شخصية الشريك وصفاته الذاتية، الأمر الذي يفسر لنا بأنه يحق لشركات الأموال إصدار أسهم قابلة للتداول، ولذا فإن هذه الشركات لا تتأثر بما قد يطرأ على شخص الشريك كوفاته أو إفلاسه أو الحجر عليه أو منعه من مباشرة التجارة أو عزل الشريك بصفته مديرا للشركة أو عضو من أعضاء مجلس الإدارة لا ينتج عنه انحلال الشركة، فبقاء الشركة ليس قيدا بحياة أو وفاة الشريك، وأن الغلط في صفة جوهرية في شخص الشريك لا يؤثر في بقاء الشركة كشخص معنوي، كما أنه يجوز للشريك التصرف في حصته دون حاجة إلى موافقة الشركاء عن طريق بيعه لأسهمه بالسوق، و تسمى الحصص في رأس مال هذه الشركات بالأسهم و لذا تسمى بشركات الأسهم ويسمى الشركاء فيها بالمساهمين الذين لا يسألون عن ديون الشركة إلا في حدود قيمة أسهمهم. وشركات الأموال لا تشمل سوى شركة المساهمة وهي أهم أنواع شركات الأموال على الإطلاق و شركة التوصية بالأسهم.
شركة المساهمة: وهي الشركة التي يقسم فيها رأس المال إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول بالطرق التجارية وتنتقل ملكيتها بالوفاة إلى الورثة، ويسمى الشركاء في هذه الشركة بالمساهمين الذين لا يسألون عن ديون الشركة إلا بقدر الحصة المقدمة إلى الشركة، أي بقدر الأسهم التي يمتلكونها في رأس مال الشركة، وهم ليسوا تجارا ولا تعنون الشركة باسم أحد الشركاء، ويناسب هذا النوع من الشركات المشروعات الاقتصادية الكبيرة التي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة.
شركة التوصية بالأسهم: وهي تشبه شركة المساهمة من حيث أن رأسمالها مقسم إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول بالطرق التجارية وتنتقل ملكيتها بوفاة صاحبها إلى ورثته، غير أنها تختلف عنها بوجود نوعين من الشركاء: شركاء متضامنين، وهم في ذاتي المركز القانوني للشركاء المتضامنين في شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة، وبالتالي فإن الشركة تعتبر بالنسبة إليهم شركة أشخاص، إذ يكتسبون جميعهم صفة التاجر ويسألون مسؤولية تضامنية وغير محددة عن جميع ديون الشركة، ولا تنتقل حصصهم بالوفاة ولا يجوز التنازل عنها للغير إلا إذا نص العقد التأسيسي للشركة على خلاف ذلك، وفي مقابل ذلك يستأثرون بالإدارة، كما أننا نجد إلى جانب الشركاء المتضامنين في هذا النوع من الشركات شركاء موصين لا يترتب على دخولهم في الشركة  اكتساب صفة التاجر ولا يسألون عن ديون الشركة إلا بقدر حصتهم في رأس مال الشركة التي تأخذ شكل الأسهم القابلة للتداول بالطرق التجارية، والانتقال بالوفاة للورثة، وذلك لأن شخصية الموصي لا اعتبار لها في شركة التوصية بالأسهم، إلا أن هؤلاء هم من حمالة الأسهم بمعنى أنهم موجودين في ذات المركز القانوني للشركاء المساهمين في شركة المساهمة، أو بمعنى آخر أن شركة التوصية بالأسهم هي عبارة عن شركة تضامن بالنسبة للشركاء المتضامنين وشركة مساهمة بالنسبة للشركاء حمالة الأسهم.
الشركة ذات الطبيعة المختلطة: وهي الشركة التي تقوم على الاعتبار المالي والاعتبار الشخصي في نفس الوقت، وبالتالي فهي تجمع بين خصائص شركات الأموال وشركات الأشخاص، ويشمل هذا النوع من الشركات الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
الشركة المسؤولية المحدودة: وهي مزيج من شركة الأشخاص وشركة الأموال، فهي تشبه شركة الأشخاص من حيث أن عدد الشركاء فيها قليل لا يجوز أن يفوق عن 20 شريكا في القانون التجاري الجزائري، ولا يجوز تأسيسها أو زيادة رأسمالها أو الاقتراض  لحسابها عن طريق الاكتتاب العام، ولا يجوز لها إصدار أسهم أو سندات قابلة للتداول، و لا يجوز إحالة حصص الشركاء إلى الأشخاص الأجانب عن الشركة إلا بموافقة أغلبية الشركاء التي تمثل أرباع رأسمال الشركة على الأقل، وهي تشبه شركات الأموال من حيث تحديد مسؤولية كل شريك فيها عن ديون الشركة بمقدار حصته في رأس مال، وعدم الانقضاء لأسباب متعلقة بالاعتبار الشخصي، ومن حيث نظام إدارتها و الرقابة عليها، ويناسب هذا النوع من الشركات المشروعات الاقتصادية الصغيرة و المتوسطة.

المرجع:


  1. أ.عمورة عمار، شرح القانون التجاري الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، 2016، من ص 183 إلى ص 187.
google-playkhamsatmostaqltradent