أنواع الأعمال التجارية

 أنواع الأعمال التجارية

نص المشرع الجزائري على أنواع مختلفة من الأعمال التجارية وردت في نصوص متفرقة من خلالها يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع وهي الأعمال التجارية بحسب الموضوع طبقا للمادة 02 قانون تجاري وهي تجارية بغض النظر عن القائم بها (المطلب الأول)، وأعمال أخرى وردت بالمادة 03 قانون تجاري وهي الأعمال التجارية بحسب الشكل (المطلب الثاني)، يضاف إليها أعمال في الأصل مدنية وتطبع بالصفة التجارية بتوفر شروط وتعرف بالأعمال التجارية بالتبعية (أو الشخصية) وقد تناولتها المادة 04 قانون تجاري (المطلب الثالث)، إلى جانب أعمال لم ترد في القانون ولكنها من تنظيم الفقه وهي الأعمال المختلطة (المطلب الرابع).

المطلب الأول: الأعمال التجارية بحسب الموضوع (أو بطبيعتها)

 عدّد المشرع الجزائري هذه الأعمال بنص المادة 02 قانون تجاري وهي مزيج غير متجانس من الأعمال لا يجمعها معيار واحد ووردت على سبيل المثال لا الحصر وتنقسم بدورها إلى نوعين من الأعمال منها ما يتم بشكل انفرادي (الفرع الأول)، ومنها ما لا يأخذ وصف التجارية إلا إذا تم في شكل مقاولة (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الأعمال التجارية المنفردة

اعتبر المشرع الجزائري مجموعة من الأعمال المنفردة أعمالا تجاريا بحسب موضوعها بغض النظر عن القائم بها ولو قام بها مرة واحدة وبتوفر شروط مقسمة إلى:

أولا- الشراء لأجل إعادة البيع: نصت عليه الفقرتين 01 و02 من المادة 02 قانون تجاري وهو من أكثر واهم الأعمال التجارية استعمالا وتظهر من خلاله فكرتا التداول والمضاربة وحتى يعتبر هذا العمل تجاريا لابدّ أن تتوفر فيه ثلاثة (03) شروط وهي:

1-الشراء: يجب أن تسبق عملية إعادة البيع، عملية الشراء، هذا يعني ضرورة الحصول على الشيء بمقابل سواء كان نقديا أو أي ثمن آخر كما هو الأمر في عقد المقايضة وبالتالي الحصول عليه مجانا لا يعدّ عملا تجاريا كالحصول عليه نتيجة الهبة أو الإرث أو الوصية ولذات السبب تخرج من هذه الدائرة أيضا الأعمال الزراعية والمهن الحرة والإنتاج لأنه لم تكن هناك عملية شراء سابقة عند بيع محصول زراعي أو نشاط فكري.

2- أن يرد الشراء على منقول أو عقار: من خلال الفقرتين السابقتين يتضح أن الشراء يرد على منقول أو عقار.

يقصد بالمنقول في هذا الموضع كل منقول مادي كالبضائع أو منقول معنوي كالذي يرد على الديون والسندات التجارية أو حتى على المحل التجاري أو براءة الاختراع...إلخ، ويمكن أن يكون هذا المنقول محل تحويل من أجل الزيادة في قيمته بغرض الحصول على أعلى قيمة ممكنة له كاقتناء مواد أولية وتحويلها إلى أجهزة أو مواد غذائية قابلة للاستعمال أو الاستهلاك أو شراء أشجار بغرض قطعها أو بيعها.

ويقصد بالعقار كل مال لا يمكن نقله من مكان إلى آخر دون أن يناله تلف أو يطرأ عليه تغيير في طبيعته وهذا الشراء لحق الملكية ليس لغرض شخصي ولكن لإعادة بيعه كشراء المباني أو الأراضي لإعادة بيعها على حالها أو إقامة أي أشغال عليها كتشييد عمارات ثم بيعها أو ترميمها وبالتالي تأجير عقار من أجل إعادة تأجيره لا يعدّ عملا تجاريا.

3- القصد من البيع تحقيق الربح: الغاية من شراء هذا المنقول أو العقار ليس للاحتفاظ به وإنما لإعادة بيعه وهذا تحقيقا للربح ويجب أن تتوفر نية البيع عند المشتري عند الشراء أي أن العملية تنطوي على المضاربة التي تضفي عليها الطابع التجاري وتميز بين العمل التجاري والعمل المدني، على أنّ تحقيق الربح مسألة شخصية ذاتية يتعين إثباتها بكافة الوسائل من قبل من يدعي بوجودها وتبقى للقاضي السلطة التقديرية في ذلك.

ثانيا: العمليات المصرفية والصرف والسمسرة والوساطة: وردت بالفقرتين 13 و14 من المادة 02 قانون التجاري ويقصد بها: 

1- العمليات المصرفية: تقوم البنوك وهي مؤسسات مالية بعمليات مختلفة في إطار تأدية وظيفتها تتمثل أساسا في تلقي الودائع النقدية وتسهيل سبل التمويل كما تقوم بإيداع النقود والأوراق المالية وتأجير الخزائن وفتح الحساب البنكي وتقديم القروض.

تعدّ البنوك مشروعا رأسماليا يهدف إلى تحقيق الربح وبالتالي جميع العمليات التي يقوم بها البنك في شكل مبادلات مع العملاء تعتبر من قبيل الأعمال التجارية.

2- عمليات الصرف: يعني بها استبدال مبلغ نقدي من عُملة معينة بما يعادله من عُملة أخرى لبلد معين والصرف نوعان: الصرف اليدوي (أو المحلي) إذ يقدم الصيرفي عملة معينة مقابل تسلم عملة أخرى في نفس المكان، والصرف المسحوب حيث يتسلم الصيرفي العملة على أن يقدم عملة بديلة في بلد أجنبي.

3- عملية السمسرة أو الوكالة بالعمولة: أعتبرت الفقرة 13 أعمال التوسط من قبيل الأعمال التجارية وهي السمسرة والوكالة بالعمولة.

يقصد بالسمسار كل شخص مهمته التقريب بين الأطراف لإبرام عقد أو صفقة ما دون أن يكون طرفا فيها لقاء أجر يحدد بنسبة معينة من الصفقة ويكتسب صفة التاجر على أساس انه يساهم في تداول الثروة.

أما الوكيل بالعمولة فهو شخص له نفس مهمة السمسار إلاّ أنه يختلف عنه في كونه يمثل أحد الطرفين أي وكيلا عن شخص أخر يعمل لحسابه هو الموكل لقاء عمولة متفق عليها تمثل أتعابه ويكون مسؤولا عن تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد باعتبار انه يبرم العقد باسمه الخاص لا باسم موكله عكس ما هو عليه الحال في الوكالة العادية التي تنصرف أثارها إلى الموكل وقد تناولته أيضا المادة 34 قانون تجاري.

4- عمليات التوسط لشراء وبيع العقارات أو المحلات التجارية والقيم العقارية: اعتبر

المشرع الجزائري هذا النوع من العمليات تجاريا طبقا للفقرة 14 إذا ما كان الغرض منها تحقيق الربح وهي شبيهة بعملية السمسرة حيث يتوسط الشخص من أجل شراء أو بيع العقارات أو المحلات التجارية هذه الأخيرة هي أعمال تجارية كذلك بحسب الشكل، أما القيم العقارية فيقصد بها الأسهم أو الحصص في الشركات العقارية.

ثالثا- المعاملات في مجال التجارة البحرية: جمعت الفقرة 16 بعض الأعمال المرتبطة بالتجارة البحرية وأضفت عليها الصفة التجارية بغض النظر عن القائم بها وهي كل بيع أو شراء لعتاد أو مؤن للسفن وكل اقتراض أو قرض بحري بالمغامرة (المخاطرة)، وكل عقود التأمين والعقود المتعلقة بالتجارة البحرية، وكل الاتفاقيات والاتفاقات المتعلقة بأجور الطاقم وإيجارهم، وكل الرحلات البحرية لأنها تتم بين محترفين في التجارة البحرية وتتطلب رؤوس أموال كبيرة.

الفرع الثاني: الأعمال التي تتم في شكل مقاولة

عددت المادة الثانية من التقنين التجاري طائفة من الأعمال لا تعدّ تجارية إلا إذا أنجزت في شكل مقاولة أو كما يسميها البعض مشروع (projet) وللمقاولة التجارية تعريف خاص بها وعناصر ملازمة لها إلى جانب تصنيفات لها.

أولا- تعريف وعناصر المقاولة: لم يرد أي نص قانوني عرّف المقاولة في التشريع التجاري رغم ورود تعريف لها في التشريع المدني تحديدا نص المادة 594 منه لكنه تعريف لا يتوافق مع المقصود من المقاولة التجارية، حيث يفهم من التعريف المدني أنّ المقاولة هي من العقود التي تنصب على العمل، وهو مضمون أضيق مقارنة بالمقاولة التجارية التي حاول الفقهاء إيجاد تعريف لها على سبيل المثال اعتبارها تنظيم مستقل يقوم بالتنسيق بين مجموعة من العوامل بغرض الإنتاج لبعض السلع أو الخدمات لتغطية السوق وتقوم المقاولة إذا على عنصرين هامين هما:

1- التنظيم: يقصد به مجموع الوسائل المادية والقانونية المتمثلة في توفير المعدّات والآلات وأماكن مخصصة لتأدية النشاط إلى جانب الطاقات البشرية من عمال بغرض تحقيق الربح إلى جانب تنظيم قانوني مسبق يكفل استمرارية العمل.

2- التكرار: لا يكفي مجرد توفير تنظيم محدد ولكن لابدّ أن يمارس النشاط بصفة متكررة أي اعتيادية على نحو متصل ومعتاد واتخاذه حرفة أي يصبح مصدرا للدخل والارتزاق بالنسبة لصاحب المقاولة.

ثانيا- تصنيفات المقاولة (أوتطبيقاتها): يمكن تقسيم المقاولات التي عدّدها المشرع في المادة الثانية إلى أصناف منها التأجير والتوسط والإنتاج والصناعة والبيوع بالإضافة إلى الخدمات على انه ليس تقسيما مطلقا لأنه يعتمد على طبيعة النشاط المنجز:

1- مقاولة الخدمات: وتضم

أ- مقاولة النقل والانتقال: نصت عليها الفقرة 08، وحتى يعتبر النقل عملا تجاريا لابدّ أن يتم في شكل مقاولة أي يخضع لتنظيم مسبق وتوفر الإمكانيات (مادية وبشرية) قصد الربح وهو ما ينطبق على النقل بجميع أنواعه من نقل بري (عبر الطرقات)، أو بواسطة السكك الحديدية وبالأخص النقل الجوي والبحري حيث يتم عبر شركات ضخمة في الغالب تأخذ شكل شركة مساهمة ويشمل نقل الأشخاص والبضائع والحيوانات (عدا سيارة الأجرة التي يقودها صاحبها)، وسواء كان النقل محليا أو دوليا على أن الفرق يكمن في القانون الواجب التطبيق في حالة النقل الدولي.

يقصد بمقاولة الانتقال حاجة شخص إلى محترف يقوم بنقل أمتعته وأجهزته في ظروف ملائمة دون أن تتعرض إلى الأضرار عندما يغير مقر سكناه أو عمله وهذا ما يفهم من النسخة الفرنسية لنص الفقرة أعلاه (Déménagement).

ب- مقاولة الملاهي العمومية أو الإنتاج الفكري: اعتبرت الفقرة 09 كل مقاولة تهدف إلى تقديم خدمة للجمهور بغرض تسليته والترفيه عنه لقاء آجر منها دور السينما وحدائق التسلية تجارية بالنسبة لصاحب المقاولة مادامت تهدف إلى تحقيق الربح.

أما مقاولة الإنتاج الفكري التي تستند بالدرجة الأولى إلى فكرة المضاربة على حقوق التأليف وتختص بها دور النشر التي تلعب دور الوسيط بين المؤلف والجمهور أو على حقوق الفنانين حيث يعدّ العمل بالنسبة لهم تجاريا ومدنيا بالنسبة للطرف الذي يقدم نشاطا فكريا.

جـ- مقاولة استغلال المخازن العمومية: يقصد بالمخازن العمومية تخصيص أماكن مجهزة لإيداع السلع والبضائع للحفاظ عليها لفترة معينة لقاء أجر يدفعه المستفيد من الخدمة وقد أوردتها الفقرة 11 من المادة 02، ويقدم للعملاء المودعين سندات بذلك هي سندات الخزن قابلة للتداول تمثل البضاعة المودعة طبقا لما تنص عليه المواد من 543 مكرر إلى 543 مكرر7 قانون تجاري.

2- مقاولة البيوع: يرد تحت هذا النوع من المقاولات ما يلي:

أ- مقاولة التوريد والخدمات: أوردها المشرع في الفقرة 06 ويقصد بالتوريد تعهد بمقتضاه يلتزم شخص هو المورد بتسليم عميله (أو زبونه) سلعا أو خدمات بصفة دورية ومنتظمة خلال فترة زمنية معينة كتوريد المأكولات إلى الإقامات الجامعية أو التزويد بالمياه أو الغاز... إلخ، فالتوريد هو سلسلة من عمليات الشراء لأجل إعادة البيع يمكن أن ينصب على الأشياء المادية أو على الأشياء المعنوية كالعمل مثلا (الاتفاق على إجراء عملية الصيانة الدورية للآلات)...، أما مقاولة الخدمات فتنصب على تقديم الخدمات مقابل مبلغ معين كاستغلال الفنادق والنوادي التي تقدم خدمات الراحة والتسلية.

ب- مقاولة بيع السلع بالمزاد العلني: ميّزت الفقرة 12 بين نوعين من البيوع حيث يعدّ عملا تجاريا بيع السلع الجديدة بالجملة عن طريق المزاد العلني وذلك في أمكنة مخصصة لهذا الغرض والمملوكة للغير، أو بيع بالتجزئة للأشياء المستعملة بشرط أن يكون البيع إراديا وليس تنفيذا لأمر الحجز أو أمر قضائي.

يمكن اعتبار هذه المقاولة من مقاولات التوسط أيضا ذلك أن الوسيط يتلقى أجرا هو عادة نسبة مئوية من المبيع لتقريبه بين البائع والمشتري.

جـ- مقاولة صنع أو شراء أو بيع أو إعادة بيع للسفن المخصصة للملاحة البحرية (الفقرة 15): يعتبر أي نشاط في المجال البحري تجاريا بصفة عامة إلا ما استثنى لذا فإن التعامل بالبيع أو الشراء أو إعادة بيع للسفن عملا تجاريا بالنسبة لصاحب المقاولة لأنه يتطلب إمكانيات هائلة وتحكم عال في التكنولوجيات وهذا دون التمييز بين أنواع السفن موضوع المقاولة سواء خصصت للإستغلال التجاري أو النزهة أوغيرها، وغالبا ما تقوم بصناعة السفن شركات كبرى محترفة في مجالها.

3- مقاولة الصناعات: يندرج ضمن هذا النوع من المقاولة عدة أنواع وهي:

أ‌- مقاولة الصناعات الإستخراجية: تشمل هذه المقاولة طبقا للفقرة 07 كل من مقاولة استخراج الثروات الباطنية كالبترول والمعادن، أو الثروات السطحية كاستغلال الأملاح والمياه المعدنية بالإضافة إلى مقالع الحجارة والرخام، وقد أضفي عليها الطابع التجاري على أساس أنها تعتمد على المضاربة والتداول.

ب‌- مقاولة الصناعات التحويلية والإنتاج والإصلاح: جمعت الفقرة 04 أنواعا من المقاولات تهدف إلى إشباع حاجات الإنسان واعتبرتها تجارية وهي تنصب على عملية الإنتاج أو التحويل الذي يقصد منه تغيير المواد الأولية إلى مواد جاهزة للاستعمال أو الاستهلاك كإنتاج المحاصيل الزراعية وتحويلها إلى منتج أخر (مثلا الزيتون وتحويله إلى زيت أو الفواكه وتحويلها إلى عصائر أو مربى)، وامتدّ تتجير (أي إعطاء الصفة التجارية) كذلك لمقاولة إصلاح المنتوجات المصنوعة.

جـ- مقاولة صنع سفن الملاحة البحرية: إن كانت واردة مع مقاولة البيوع إلا أنه إذا كان الغرض منها هو صناعة السفن بالدرجة الأولى فتعدّ مقاولة صناعية حتى وإن استتبعتها عملية بيع للسفن أو تأجيرها (كما سبق شرحها في الصفحة السابقة).

4- مقاولة البناء والحفر وتمهيد الأراضي (الإنتاج): نص المشرع الجزائري في الفقرة 05 على تجارية كل مقاولة تهدف إلى تشييد مختلف المباني التي تلبي حاجات الإنسان ولتحقيق الربح واشترط المشرع أن تتم في شكل منتظم على وجه الاحتراف لتكون في تعداد الأعمال التجارية، إلى جانب الأعمال الممهدة كتسطيح الأراضي، وحفر الآبار والسدود وشق الطرقات وكذا تهيئة المساحات الخضراء.

5- مقاولة التوسط (التأمين): حصر المشرع الجزائري مقاولة التوسط في مقاولة التأمين على خلاف العديد من التشريعات التي اعتبرت السمسرة والوكالة التجارية لا توصف بالتجارية إلا إذا تمت في شكل مقاولة (كالتشريع المصري)، ويقصد بالتأمين ذلك العقد الذي يلتزم به شخص هو المؤمن بتعويض شخص يسمى المؤمن له عما لحقه من ضرر نتيجة تحقق الخطر المؤمن ضده وذلك مقابل قسط أو اشتراك يدفعه المؤمن للمؤمن له وهذا النشاط يتطلب مجموعة من الإمكانيات والتنظيم المسبق لذلك فهو عمل تجاري وأشترط المشرع أن يتم في شكل مقاولة عملا بالفقرة 10 من المادة 02، دون أن ينطبق هذا الشرط على التأمين المرتبط بالتجارة البحرية عملا بالفقرة 18 من المادة أعلاه.

6- مقاولة التأجير (الفقرة 03): اعتبرت كل مقاولة غرضها تأجير العقارات أو المنقولات عملا تجاريا إذا تمت بشكل متكرر بغرض تحقيق الربح ومن أمثلتها تأجير العتاد للبناء أو تأجير السيارات على أساس أنها من المنقولات، وتأجير العقارات قد ينصب على تأجير الأراضي أو المباني أو المستودعات.

المطلب الثاني: الأعمال التجارية بحسب الشكل

عدّدت هذه الأعمال المادة الثالثة من القانون التجاري وقد وردت على سبيل الحصر لأنه لا يوجد معيار يستند إليه هي لكي تكيف بأنها عمل تجاري أم لا، ويجب أن تتوفر فيها جملة من الشروط بدون الاعتداد بالقائم بالعمل التجاري، ويسميها الفقهاء الفرنسيون بالأعمال التجارية بتحديد القانون، ونورد هذه الأعمال حسب ما جاء به المشرع الجزائري وهي: التعامل بالسفتجة (الفرع الأول)، والشركات التجارية (الفرع الثاني)، ووكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها (الفرع الثالث)، والعمليات المتعلقة بالمحلات التجارية (الفرع الرابع)، وأخيرا العقود المتعلقة بالتجارة البحرية (الفرع الخامس).

الفرع الأول: التعامل بالسفتجة

اعتبر المشرع الجزائري التعامل بالسفتجة عمل تجاري بحسب الشكل طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون التجاري، وتعرّف السفتجة (أو الكمبيالة أو سند السحب) بأنها نوع من أنواع الأوراق التجارية وهي محرر مكتوب وفقا لقواعد نصت عليها المادة 390 قانون تجاري تتضمن أمرا صادرا من شخص هو الساحب إلى شخص آخر هو المسحوب عليه بأن يدفع لأمر شخص ثالث هو المستفيد مبلغا معينا من النقود بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين، قابلة للتداول بالطرق التجارية (التظهير أو التسليم اليدوي).

يعتبر التوقيع على السفتجة عملا تجاريا مطلقا يكسب أي شخص صفة التاجر لمجرد التعامل بها حسب نص المادة 389 قانون تجاري ونفس الأثر بالنسبة لسند الأمر على عكس التعامل بالشيك وهو الأخر نوع من الأوراق التجارية تتحدد طبيعته تبعا للغرض الذي اصدر من اجله فإما أن يكون عملا تجاريا إذا صدر لأغراض تجارية أو مدنيا إذا صدر لشؤون مدنية.

تستخدم السفتجة كأداة للوفاء بالديون خاصة في التجارة الدولية، وكأداة للائتمان في التجارة الداخلية وذلك عن طريق تداولها بالتظهير.

الفرع الثاني: الشركات التجارية

اعتبر المشرع الجزائري أشكالا معينة من الشركات تجارية بغض النظر عن الهدف الذي تأسست من أجله سواء كان تجاريا أو مدنيا وهذا لتطبيق القانون التجاري عليها خاصة نظام الإفلاس من أجل حماية المتعامل مع مثل هذه الشركات، واستنادا إلى نص المادة 544 قانون تجاري التي تكمل الفقرة الثانية من المادة 02 قانون تجاري هذه الشركات هي "شركة التضامنSNC" أو "شركة التوصية SC" أو "شركة ذات المسؤولية المحدودة SARL" أو "شركة المساهمة SPA"، فهي شركات تجارية بحسب الشكل.

ورد تعريف للشركة عموما في المادة 416 قانون مدني التي تنص على ما يلي: "الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد، بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة، كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك".

الفرع الثالث: وكالات ومكاتب الأعمال مهما كان هدفها

نصت المادة 3 في فقرتها الثالثة على اعتبار كل وكالة أو مكاتب الأعمال تجارية بحسب الشكل وهذا بصرف النظر عن طبيعة النشاط الذي تقوم به تجاريا كان أو مدنيا والهدف من إضفاء الصفة التجارية عليها بحسب الشكل هو حماية المتعاملين معها بإخضاعها للقانون التجاري خاصة فيما يخص الإثبات ضدهم بكافة الوسائل وإمكانية تطبيق نظام الإفلاس، ومن أمثلة المكاتب أو الوكالات نجد تلك الخاصة بالإشهار أو السماسرة ووكالات التأمين أو مكاتب السياحة والأسفار، ومكاتب التخليص الجمركي... إلخ.

عموما فهذه الوكالات أو المكاتب تقدم خدمات متنوعة للجمهور مقابل أجر، ويخرج من دائرة التجارة أصحاب المهن الحرة مثل الأطباء والمحاسبين والمحامين وغيرهم ممن يخضعون لقانون خاص ينظمهم وينزع عنهم صفة التجارة.

الفرع الرابع: العمليات المتعلقة بالمحلات التجارية

يقصد بالمحل التجاري مجموع الأموال المادية والمعنوية التي يستخدمها التاجر في مباشرة نشاطه ويشمل بذلك البضائع والآلات وأثاث المحل التجاري وعنصر الاتصال بالعملاء والعلامات التجارية وبراءة الاختراع ...إلخ،

وتعدّ طبقا للفقرة الرابعة من المادة الثالثة مختلف العمليات القانونية الواردة على المحل التجاري من بيع أو رهن أو تأجير من قبيل الأعمال التجارية.

الفرع الخامس: العقود الواردة على التجارة البحرية والجوية

عملا بالفقرة الخامسة من المادة المذكورة أعلاه فإنّ كل العقود المتعلقة بالتجارة البحرية  والجوية تعتبر من الأعمال التجارية بحسب الشكل وهذا بغض النظر عما إذا كان أطراف العقد من التجّار أو من غير التجّار، ومثال ذلك عقود استئجار السفن أو الطائرات، والتأمين البحري أو الجوي، كما اشترط المشرع الجزائري ضرورة إفراغ مثل هذه المعاملات التي تنصب على التجارة البحرية أو الجوية في عقد مكتوب للإثبات.

يلاحظ ان هذه الفقرة تكرار لما جاءت به الفقرة 18 من المادة الثانية قانون تجاري في شقها المتعلق بالتجارة البحرية مما يفيد انه أعطى تكييف مزدوج لهذه الأعمال فهي أعمال تجارية بحسب الموضوع وبحسب الشكل في الوقت نفسه.

المطلب الثالث: الأعمال التجارية بالتبعية

تضمنت المادة 04 قانون تجاري نوع أخر من الأعمال من وضع القضاء والفقه الفرنسيين توسيعا لنطاق الأعمال التجارية هي الأعمال التجارية بالتبعية وهي أعمال مدنية أصلا لكنها تصبح تجارية بتوفر شروط معينة وفق أساس محدد، فما هو المقصود بالأعمال التجارية بالتبعية وأساسها؟ (الفرع الأول)، وما هي الشروط الواجب توفرها لاعتبارها أعمالا تجارية بالتبعية؟ (الفرع الثاني)، وما هو نطاق تطبيق نظرية التبعية؟ (الفرع الثالث).

الفرع الأول: المقصود بالأعمال التجارية بالتبعية وأساسها

نحدد بداية المقصود بهذا النوع من الأعمال، بعدها نبحث في الأساس المعتمد في ذلك.

أولا: المقصود بالأعمال التجارية بالتبعية: كما سبق ذكره فالأعمال التجارية بالتبعية هي أعمال في الأصل مدنية ولكن تتسم بالصفة التجارية إذا قام بها التاجر وتعلقت بشؤون تجارته وبمهنته وبالتالي فمصدر تجارية هذه الأعمال هو صفة القائم بها والغرض منها وليست بطبيعتها وهو ما نصت عليه المادة 4 من القانون التجاري كما يلي "يعد عملا تجاريا بالتبعية:

- الأعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره.

- الالتزامات بين التجار"

نستنج من نص المادة أنّ التبعية هي تبعية موضوعية تتعلق بارتباط عملين قانونيين تجعل من أحدهما تابعا للأخر وتكسبه صفته القانونية، وتبعية شخصية تخص الصلة بين العمل القانوني وحرفة القائم به فتطغى هذه الحرفة على العمل وتطبعه بطابعها وتكسبه صفتها.

ثانيا: أساس نظرية التبعية: توصل القضاء والفقه الفرنسيين إلى الاعتماد على أساسين في تتجير بعض الأعمال المدنية التي يقوم بها التاجر وهما: 

1- الأساس المنطقي: الغاية من هذه النظرية هو إخضاع جميع الأعمال التي تتبع التاجر سواء عمل أصلي أو تابع لقواعد واحدة تطبيقا للمبدأ المعمول به" الفرع يتبع الأصل في الحكم" وهو الأساس المنطقي.

2- الأساس القانوني: يقابل الأساس المنطقي حيث تستمد هذه النظرية شرعيتها من النصوص القانونية الموجودة في القانون التجاري تحديدا في نص المادة 04 قانون تجاري المذكورة أعلاه، ولا يمكن تعداد الأعمال التجارية بالتبعية أي أنها لا تحصى وتختلف باختلاف نوع التجارة وليس من الضروري أن تتم بين تاجرين فيكفي أن يكون أحدهما تاجرا حتى يعدّ العمل تجاريا بالنسبة إليه.

الفرع الثاني: الشروط الواجب توفرها في العمل التجاري بالتبعية

يشترط في العمل المدني أصلا أن يتوفر فيه شروطا حتى يعتبر عملا تجاريا بالتبعية وهي:

أولا- يجب أن تتوفر صفة التاجر: التاجر كما عرفته المادة الأولى من القانون التجاري بأنه كل شخص طبيعي تتوفر فيه الأهلية القانونية كاملة ويباشر عملا تجاريا بطبيعته أو حسب الشكل ويتخذه مهنة معتادة له وأن يمارس هذا النشاط لحسابه الخاص وعلى وجه الاستقلال، أيضا كل شخص معنوي أو اعتباري يمارس نشاطا تجاريا موضوعيا أو يتخذ أحد الأشكال التي نظمتها المادة 544 قانون تجاري ويتمتع بالشخصية المعنوية منذ قيده بالسجل التجاري.

ثانيا- تعلق العمل بممارسته لتجارته أو حاجات متجره: مفاد هذا الشرط أن التاجر إذا قام بعمل مدني لحاجات متجره وتجارته وليس لحاجاته الشخصية فإن هذا العمل يعتبر عملا تجاريا بالتبعية تطبيقا لقاعدة (الفرع يتبع الأصل) أي قرينة تجارية العمل، مثالها شراء تحف فنية قصد وضعها في المقهى وليس الاستعمال الشخصي بهدف جلب الزبائن، أو وضع لوحات إشهارية للتعريف بمنتوج معين.

ثالثا- نشأة العمل عن التزامات بين التجار: اعتبرت الفقرة الثانية من المادة الرابعة قانون تجاري صراحة جميع الالتزامات التي تنشأ فيما بين التجار مهما كان مصدرها سواء كان عقدي أو غير عقدي من قبيل الأعمال التجارية.

الفرع الثالث: نطاق تطبيق نظرية التبعية

يتسع نطاق تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية على جميع الأعمال التي يقوم بها التاجر لحاجات تجارته وتشمل بذلك جميع التزامات التاجر سواء أكان مصدرها عقديا أو غير عقدي.

أولا- تطبيق النظرية على الالتزامات التعاقدية: وفقا لنص المادة الرابعة من القانون التجاري فإن جميع العقود التي يبرمها التاجر لممارسة تجارته أو بمناسبتها تعتبر أعمالا تجارية تطبيقا لنظرية التبعية رغم كونها بحسب الأصل مدنية ومثال عن ذلك شراء التاجر للأثاث لتأثيث محله التجاري وإبرام عقود التأمين والتعاقد على توريد الكهرباء والماء للمحل التجاري أو المصنع، لكن هناك بعض العقود التي تثير صعوبات خاصة الكفالة والعقود الواردة على المحلات التجارية والعقارات.

1- عقد الكفالة: الأصل أن الكفالة عقد مدني لأنها من عقود التبرع وتنتفي عنها الصفة التجارية لأنها لا تهدف إلى المضاربة وتحقيق الربح وهذا ما قضت به المادة 644 قانون مدني لكن قد تكسب الصفة التجارية بالتبعية في الحالات التالية:

- كفالة أحد الموقعين على الورقة التجارية التي تسمى بالضمان الاحتياطي تعتبر عملا تجاريا.

- إذا صدرت الكفالة من أحد البنوك لفائدة أحد عملائها لأن عملية الضمان تدخل في وظائف البنوك.

- إذا قام بها الكفيل لمصلحة تجارته كأن يكفل التاجر أحد عملائه التجار ليدرأ عنه خطر الإفلاس ويحتفظ به كعميل.

2- شراء وبيع المحل التجاري: تعتبر عملية شراء المحل التجاري قصد بيعه أو تأجيره عملا تجاريا بطبيعته، غير أن شراء التاجر لمحل تجاري قصد استثماره هو عمل تجاري بالتبعية، وقد وقع خلاف في حالة شراء المحل التجاري من قبل شخص غير تاجر، فمن الفقه من رفض اعتباره عملا تجاريا بالتبعية لأن المشتري لم يكتسب بعد صفة التاجر، والرأي الراجح يرى أنه عمل تجاري بالتبعية لأن الشراء هو أول خطوة لاحتراف التجارة وبالتالي اكتساب الصفة التجارية، وبيع المحل التجاري عمل تجاري بالتبعية لأنه آخر ما يفعله التاجر على أنه لو تم اكتساب المحل بالهبة أو الميراث دون مزاولة نشاط تجاري فيه ثم تمّ ببيعة فهو عمل مدني لا تجاري.

لكن المشرع الجزائري لم يميز بين مثل هذه الأوضاع واعتبر أن أي تصرف يرد على المحل التجاري فهو عمل تجاري بحسب الشكل.

3- العقود المتعلقة بالعقارات: تعدّ العقود التي ترد على العقارات أعمالا مدنية أما إذا وردت في شكل مقاولة تجارية فهي تعتبر أعمالا تجارية بحسب الموضوع، أو وردت في شكل أعمال منفردة، فإذا كان شراء عقار من أجل البيع وتحقيق الربح فيعتبر عملا تجاريا أيضا، أما إذا كان الشراء للاستعمال الشخصي، فهو عمل مدني، لذا يجب التمييز بين العقود التي ترد على إنشاء التزامات عليه لحاجات تجارة التاجر كاستئجار عقار لمزاولة نشاطه التجاري أو التعاقد مع شركة التأمين للـتأمين ضد المخاطر التي يتعرض لها العقار أو فهي أعمال تجارية بالتبعية وفق التوجه الحديث للقضاء.

ثانيا- تطبيق النظرية على الالتزامات غير التعاقدية: تطبق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية على الالتزامات التعاقدية وأيضا غير التعاقدية التي تنشأ بمناسبة تأدية التاجر لنشاطه التجاري وبسبب هذا النشاط لأن نص المادة الرابعة من القانون التجاري جاء شاملا ومطلقا، وبالتالي يعتبر التزام التاجر بالتعويض عن الفعل غير المشروع الذي يقع بمناسبة نشاطه عملا تجاريا بالتبعية كالتعويض عن المنافسة غير المشروعة وأيضا التعويض عن الإثراء بلا سبب بشرط أن تكون علاقة بين هذا الإثراء والنشاط التجاري فيتوجب إرجاع ما اثري به دون وجه حق.

تعدّ من قبيل الأعمال التجارية بالتبعية كذلك دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لأنها ترتبط بنشاط تجاري على أساس أنه رب عمل ولا يقاس عليها دفع الحقوق الضريبة لأنها التزام قانوني لا يرتبط بالنشاط التجاري فحسب.

المطلب الرابع: الأعمال التجارية المختلطة

تعتبر الأعمال التجارية المختلطة في الأصل أعمالا تجارية بالنسبة لطرف وأعمالا مدنية بالنسبة للطرف الثاني في معاملة واحدة وهو ما يتضح أكثر من خلال تعريفها (الفرع الأول) وتثير هذه الأعمال خلافا حول القانون الواجب التطبيق في حالة وقوع نزاع بين الطرفين من جهة وتحديد الجهة القضائية المختصة من جهة أخرى (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تعريف العمل المختلط

قد يتم العمل بين شخصين ويعتبر بالنسبة لكل منهما عملا تجاريا موضوعيا أو شخصيا وهو عمل لا يثير أية صعوبة في تحديد القانون الواجب التطبيق كما لو باع صاحب المصنع السلع التي ينتجها إلى التاجر الوسيط.

كما أنه قد يقع العمل بين شخصين ويعتبر مدنيا بالنسبة لكل منهما كما لو باع مزارع محصوله لشخص من أجل تلبية حاجاته الخاصة.

قد يكون العمل أيضا بين شخصين يعتبر بالنسبة لأحدهما عملا تجاريا وبالنسبة لآخر مدنيا، وهذا النوع من الأعمال يسمى بالأعمال المختلطة نظرا لصفته المختلطة بالنسبة لأطرافه كعقود النشر التي تبرم بين الناشرين والمؤلفين.

لا تعدّ الأعمال المختلطة نوعا مستقلا من الأعمال التجارية فهي إما أعمال تجارية بحسب الموضوع أو بالتبعية بالنسبة لأحد الأطراف، أيضا لا تشترط أن تقع بين تاجر وغير تاجر فالعبرة ليست بصفة أطراف العمل بل بصفة العمل بالنسبة لكل من طرفيه، وهذا النوع من الأعمال يدفعنا إلى التساؤل عن النظام القانوني الذي يحكمها وما يترتب عليها من آثار.

الفرع الثاني: النظام القانوني الخاص بالأعمال المختلطة

أخذ الفقه والقضاء بنظام مزدوج مقتضاه تطبيق القواعد التجارية على الطرف الذي يعتبر العمل بالنسبة إليه تجاريا، وتطبيق القواعد المدنية على الطرف الذي يعدّ العمل مدنيا بالنسبة إليه فيترتب على هذه الازدواجية في تطبيق القواعد أثار هامة هي:

أولا- الاختصاص القضائي: سبق وأن شرحنا أن الاختصاص القضائي نوعان الاختصاص النوعي والاختصاص الإقليمي.

1- بالنسبة للاختصاص النوعي: لا تثار في الجزائر بشأنه أية مشكلة لعدم وجود قضاء تجاري مستقل عن القضاء المدني، أما في الدول التي يوجد بها قضاء تجاري مستقل كفرنسا فيؤول الاختصاص حسب صفة العمل بالنسبة للمدعي عليه، وعلى ذلك إذا كان العمل مدنيا فيرفع المدعي الدعوى أمام المحكمة المدنية، أما إذا كان العمل تجاريا فيحوز للمدعي أن يرفع دع واه أمام المحكمة التجارية على أن هذا الخيار ليس من النظام العام.

2- بالنسبة للاختصاص الإقليمي: القاعدة هي أن ترفع الدعوى في محكمة محل إقامة المدعي عليه إذا كان العمل مدنيا بالنسبة إليه أو إلى محكمة مكان إبرام العقد أو محكمة مكان تنفيذ العقد إذا كان العمل بالنسبة للمدعي عليه تجاريا إلى جانب إمكانية رفع الدعوى أمام محكمة محل إقامة هذا الأخير.

ثانيا- الإثبات وإجراءات التنفيذ:

1- الإثبات في المواد التجارية: يخضع الاثبات في المعاملات التجارية لمبدأ حرية الإثبات بينما في المواد المدنية فهو مقيد ويخضع للكتابة، وهنا يجب التفرقة بالنسبة للمركز القانوني لكل من الفريقين في الدعوى فإذا كان العقد أو الالتزام ذو صفة مدنية بالنسبة للمدعى عليه فلا يجوز للمدعي إثباته إلا بوسائل الإثبات المدنية، أما إذا كان تجاريا بالنسبة للمدعى عليه حينها نطبق طرق الإثبات التجارية، وعليه فإن صفة العمل المطلوب إثباته هو الذي يحدد طريقة الإثبات.

2- إجراءات التنفيذ: يجوز للطرف المدني في حالة عدم وفاء الطرف التجاري بدينه أن يطلب شهر إفلاسه، أمّا الطرف التجاري فلا يجوز له طلب التنفيذ في مواجهة الطرف المدني إلا بإتباع الطرق المقررة للتنفيذ على الديون المدنية.

ثالثا- الرهن والفائدة: لما كان من الصعب الفصل دائما بين الجانب التجاري والجانب المدني للعمل المختلط وهو الحال بالنسبة لإنشاء الرهن بين طرفين بشكل مختلط حيث يصعب تحديد القانون الواجب التطبيق من غير المنطقي تجزئة العمل الواحد فيخضع كل جزء إلى قواعد قانونية مختلفة، لهذا اعتمد على معيار صفة الدين المضمون بالنسبة للمدين وليست العبرة بصفة القائم بالعمل، وعليه إذا كان الدين المضمون بالرهن بالنسبة للمدين تجاريا خضع لقواعد القانون التجاري (لأنه رهن تجاري)، أما إذا كان هذا الرهن متعلقا بدين مدني بالنسبة للمدين اعتبر الرهن مدنيا وطبقت عليه قواعد القانون المدني ونفس المبدأ طبق بالنسبة لنظام الفوائد لمن يتعامل بها.

المرجع:

  1. د. شتوان حياة، محاضرات في مقياس القانون التجاري، موجهة لطلبة السنة الثانية نظام ل م د جذع مشترك – السداسي الثالث، جامعة آكلي محند أولحاج، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم القانون الخاص، الجزائر، السنة الجامعية 2020-2021، من الصفحة 36 إلى ص54.

google-playkhamsatmostaqltradent